[ باب في إقطاع الأرضين.
حدثنا عمرو بن مرزوق أخبرنا شعبة عن سماك عن علقمة بن وائل عن أبيه رضي الله عنه: (أن النبي صلى الله عليه وسلم أقطعه أرضاً بحضرموت) ].
أورد أبو داود هذه الترجمة (باب في إقطاع الأرضين) يعني: إعطاء الإمام بعض رعيته قطعة من الأرض يقطعها إياه، وهذا يسمى إقطاع الأرض، وهو خاص بالأرضين، ولا يكون في الأشياء المنقولة، وقد جاء في ذلك أحاديث تدل على وقوعه من رسول الله صلى الله عليه وسلم.
أورد أبو داود حديث وائل بن حجر قال: (أقطعني رسول الله صلى الله عليه وسلم أرضاً بحضرموت) أي: أعطاه أرضاً بحضرموت، وهو يدل على ما ترجم له المصنف من ثبوت الإقطاع؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم أقطعه هذه الأرض من أرض اليمن في حضرموت.
عمرو بن مرزوق ثقة له أوهام، أخرج له البخاري وأبو داود .
[ أخبرنا شعبة ].
شعبة بن الحجاج الواسطي ثم البصري ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن سماك ].
سماك بن حرب وهو صدوق، أخرج له البخاري تعليقاً ومسلم وأصحاب السنن.
[ عن علقمة بن وائل ].
علقمة بن وائل بن حجر وهو صدوق، أخرج له البخاري في رفع اليدين ومسلم وأصحاب السنن.
[ عن أبيه ].
وائل بن حجر رضي الله تعالى عنه، وهو صحابي، أخرج حديثه البخاري في جزء القراءة ومسلم وأصحاب السنن.
و علقمة سمع من أبيه بخلاف أخيه عبد الجبار فإنه لم يسمع من أبيه، والحافظ ذكر في التقريب أن علقمة لم يسمع من أبيه، ولكن الصحيح أنه قد سمع منه، فقد روى عنه مسلم في صحيحه حديثاً أو حديثين، ومسلم يشترط الصحة في الأسانيد، وقد صرح البخاري في تاريخه أنه سمع من أبيه، وفي سنن الترمذي تصريحه بالسماع من أبيه.
أورد المصنف الحديث من طريق أخرى، وقال: إسناده مثله يعني: مثل الطريق الأولى.
قوله: [ حدثنا حفص بن عمر ].
حفص بن عمر ثقة، أخرج له البخاري وأبو داود والنسائي .
[ حدثنا جامع بن مطر ].
جامع بن مطر وهو صدوق، أخرج له البخاري في رفع اليدين وأبو داود والنسائي .
[ عن علقمة بن وائل بإسناده مثله ].
يعني: علقمة بن وائل عن أبيه.
وهذا الإسناد من الرباعيات التي هي عند أبي داود أعلى الأسانيد.
أورد أبو داود حديث عمرو بن حريث رضي الله عنه أنه خط له داراً في المدينة بقوس، يعني: قطعة من الأرض خطها له بقوس، والقوس من آلات الخط التي يخط بها، لبيان المقدار الذي أعطاه إياه، والمقصود بالدار قطعة من الأرض، وليست داراً مبنية، وإنما هي قطعة أرض يبني عليها داراً في المدينة.
مسدد بن مسرهد ثقة، أخرج له البخاري وأبو داود والترمذي والنسائي .
[ حدثنا عبد الله بن داود ].
عبد الله بن داود الخريبي وهو ثقة، أخرج له البخاري وأصحاب السنن.
[ عن فطر ].
فطر بن خليفة وهو صدوق، أخرج له البخاري وأصحاب السنن.
[ عن أبيه ].
وهو لين الحديث، أخرج له أبو داود .
[ عن عمرو بن حريث ].
عمرو بن حريث رضي الله عنه، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
والحديث ضعيف، في إسناده رجل لين الحديث.
أورد أبو داود هذا الحديث المرسل عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن عن غير واحد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أقطع بلال بن الحارث المزني معادن القبلية، وهذا اسم مكان، وهي من ناحية الفرع بين مكة والمدينة.
قوله: [ فتلك المعادن لا يؤخذ منها إلا الزكاة إلا اليوم ].
إعطاؤه معادن القبلية جاء في عدة أحاديث، وهذا المقدار من الحديث صحيح، ولكن كونه لا يؤخذ منها إلا الزكاة إلى اليوم ما جاء إلا من هذا الطريق المرسلة، وعلى هذا فإنها يؤخذ منها الخمس وهو ما يخرج من الزكاة والمعادن، وأما الزكاة فمقدارها ربع العشر.
عبد الله بن مسلمة القعنبي ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا ابن ماجة .
[ عن مالك ].
مالك بن أنس إمام دار الهجرة المحدث الفقيه، أحد أصحاب المذاهب الأربعة المشهورة من مذاهب أهل السنة، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
[ عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن ].
ربيعة بن أبي عبد الرحمن وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن غير واحد ].
هؤلاء مجهولون.
أورد أبو داود حديث عمرو بن عوف المزني : (أن النبي صلى الله عليه وسلم أقطع
قوله: [ وحيث يصلح الزرع من قدس ].
هو اسم جبل، فالمعنى: المكان الذي يصلح فيه الزراعة على ظهره وأعلاه.
قوله: [ ولم يعطه حق مسلم ].
يعني: الذي أعطاه شيئاً ليس مملوكاً لمسلم؛ لأن ما كان مملوكاً لمسلم فهو له، ولا يتصرف فيه الإمام ولا غير الإمام.
العباس بن محمد بن حاتم الدوري ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب السنن.
[ وغيره ].
لم يسمهم.
[ حدثنا الحسين بن محمد ].
الحسين بن محمد وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ أخبرنا أبو أويس ].
هو عبد الله بن عبد الله بن أويس الأصبحي وهو صدوق يهم، أخرج له مسلم وأصحاب السنن.
[ حدثني كثير بن عبد الله بن عمرو بن عوف المزني ].
كثير بن عبد الله بن عمرو ضعيف، أخرج له البخاري في جزء القراءة وأبو داود والترمذي وابن ماجة .
[ عن أبيه ].
عبد الله بن عمرو ، وهو مقبول، أخرج له البخاري في جزء القراءة وأبو داود والترمذي وابن ماجة .
[ عن جده ].
عمرو بن عوف المزني ، وهو صحابي، أخرج له البخاري تعليقاً وأبو داود والترمذي وابن ماجة .
الطريق الأولى فيها كثير وأبوه، كثير : ضعيف، وأبوه: مقبول، وهذه الطريق الأخرى يصح بها الحديث، وهي من حديث ابن عباس .
وقوله: قال: أبو أويس : وحدثني ثور بن زيد يعني: أن أبا أويس رواه من الطريق التي فيها كثير وأبوه، ومن طريق أخرى صالحة ومستقيمة.
وثور بن زيد ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
وعكرمة هو مولى ابن عباس ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
و ابن عباس رضي الله تعالى عنهما هو ابن عم النبي صلى الله عليه وسلم، وأحد العبادلة الأربعة من الصحابة، وأحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم.
قوله: [ وجرسها وذات النصب ] هذه أسماء لأماكن.
قوله: [ حدثنا محمد بن النضر ].
هو صدوق، أخرج له أبو داود والنسائي .
[ سمعت الحنيني ].
هو إسحاق بن إبراهيم ضعيف، أخرج له أبو داود وابن ماجة .
[ قال: قرأته غير مرة -يعني: كتاب قطيعة النبي صلى الله عليه وسلم- ].
يعني أنه رأى الكتاب، وقرأه غير مرة.
ثم أتى المصنف بالطريقة الثانية التي فيها غير واحد، قال أبو داود : [ وحدثنا غير واحد عن حسين بن محمد قال: أخبرنا أبو أويس قال: حدثني كثير بن عبد الله عن أبيه عن جده ].
وقد مر ذكرهم.
[ قال أبو أويس : وحدثني ثور بن زيد عن عكرمة عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم مثله.
زاد ابن النضر : وكتب أبي بن كعب رضي الله عنه ].
هذا الطريق فيه زيادة بيان أن الذي تولى الكتابة هو أبي بن كعب .
أورد أبو داود حديث أبيض بن حمال رضي الله تعالى عنه -وكان من أهل مأرب- أنه استقطع النبي عليه الصلاة والسلام ملحاً في ذلك المكان، فأعطاه النبي صلى الله عليه وسلم إياه، ثم قيل له: إن هذا الذي أعطيته إياه الماء العد، معناه أنه سهل وقريب التناول، وأن الاستفادة منه كالاستفادة من الماء، لا يحتاج إلى تعب ولا مشقة، يعني: ليس هو في جوف الأرض يحتاج إلى تعب، وإنما هو بارز، وكل إنسان يستفيد منه، والشيء الذي يكون لا تعب فيه ولا مشقة، ويكون في متناول الناس؛ لا يقطع، وإنما يترك ليستفيد منه من يستفيد، أما إذا كان يحتاج إلى جهد، ويحتاج إلى عمل، ويحتاج إلى حفر الأرض والاستخراج منها، فيجوز حينئذٍ الإقطاع؛ لأنه إذا لم يوجد من يقوم بإخراجه يبقى في جوف الأرض، وأما إذا كان على ظهرها والناس يستفيدون منه، فإنه لا يقطع، ولهذا لما أقطعه النبي صلى الله عليه وسلم وقيل له: إنه الماء العد، يعني: كالماء العد، سهل التناول، ويستفيد منه العامة، فلا يختص به واحد دون آخر؛ أخذه منه، لأن إقطاعه إياه كان على أساس أن فيه تعباً ومشقة، ولما تبين له أنه سهل التناول، وأن الناس يأخذون منه كالماء العد، أخذه منه، فإنه لا يصلح أن يقطع مثل ذلك، بل يبقى لعموم الناس كالماء الذي يستفيد الناس منه ويشربون منه جميعاً، فذلك الملح يبقى يأخذون منه حاجاتهم بدون تعب وبدون مشقة.
قوله: [ وسأله عما يحمى من الأراك ].
الأراك هو الشجر الذي يتخذ منه السواك، فقال: (ما لم تنله خفاف) أي: أخفاف الإبل، ومعنى ذلك أنه يحمى ما يكون في مكان بعيد، وأما ما يكون قريباً من العمران، والإبل تحتاج إلى أن تذهب إليه وترعى، فإنه لا يحمى ولا يقطع، ولا يختص به أحد، بل يكون للجميع، وإنما الذي يمكن الاختصاص به الأماكن البعيدة، أما الذي تناله أخفاف الإبل إذا سرحت، فإن هذا لا يحمى، ولا تمنع منه أي ماشية، لأن البلد يكون لها حمى حولها، ولا يختص به أحد، بل يكون عاماً لسائر المواشي في ذلك البلد، وهذا معنى قوله: (ما لم تنله أخفاف الإبل).
قتيبة بن سعيد ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ ومحمد بن المتوكل العسقلاني ].
محمد بن المتوكل العسقلاني صدوق له أوهام كثيرة، أخرج له أبو داود .
[ أن محمد بن يحيى بن قيس المأربي ].
محمد بن يحيى بن قيس المأربي وهو لين الحديث، أخرج له أبو داود والترمذي والنسائي .
[ أخبرني أبي ].
وهو ثقة، أخرج له أبو داود والترمذي والنسائي .
[ عن ثمامة بن شراحيل ].
ثمامة بن شراحيل وهو مقبول، أخرج له أبو داود والترمذي والنسائي .
[ عن سمي بن قيس ].
سمي بن قيس وهو مجهول، أخرج له أبو داود والترمذي والنسائي .
[ عن شمير ].
وهو مقبول، أخرج له أبو داود والترمذي والنسائي .
[ عن أبيض بن حمال ].
أبيض بن حمال رضي الله عنه، وحديثه أخرجه أصحاب السنن الأربعة.
هذا أثر مقطوع، وهو تفسير لما لم تنله أخفاف الإبل.
هارون بن عبد الله الحمال ثقة، أخرج له مسلم وأصحاب السنن.
[ قال محمد بن الحسن المخزومي ].
يعني: أنه لا يحمى الأراك؛ لأنه يحتاج إليه الناس، فلا يختص به أحد دون أحد، فقال: أراكةً في حظاري؟ يعني: هل أحمي شجرة من شجر الأراك الذي في حظاري؟ يعني: في المكان الذي عملت حظيرة عليه، وحائطاً على المكان الذي أعطيته، ولهذا فسره فرج بعد ذلك بقوله: الأرض التي أحيطت مثل الحظيرة، كما قال الله: فَكَانُوا كَهَشِيمِ الْمُحْتَظِرِ [القمر:31]، فالذي يبنى عليه سور أو بناء من الخشب أو غيره يعتبر حظيرة مثل حظيرة الغنم، والمقصود بالحظار السور والحائط الذي جعله محيطاً بالأرض.
فقال النبي عليه الصلاة والسلام: (لا حمى في الأراك)
يعني: وإن كانت موجودة فيها، فإن الأراك لا يحمى.
محمد بن أحمد القرشي سبق أن مر أنه يحتمل ثلاثة أشخاص، وكل منهم صدوق، أخرج له أبو داود والترمذي .
[ حدثنا عبد الله بن الزبير ].
عبد الله بن الزبير هو الحميدي المكي ثقة، أخرج له البخاري ومسلم في المقدمة وأبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجة في التفسير.
[ حدثنا فرج بن سعيد ].
فرج بن سعيد وهو صدوق، أخرج له أبو داود وابن ماجة .
[ حدثني عمي ثابت بن سعيد ].
ثابت بن سعيد وهو مقبول، أخرج له أبو داود والنسائي وابن ماجة .
[ عن أبيه ].
هو سعيد بن أبيض بن حمال مقبول، أخرج له أبو داود والنسائي وابن ماجة .
[ عن جده عن أبيض ].
(عن) هذه مقحمة، والصواب: عن جده أبيض ، وقد مر ذكره.
شرحنا عدداً من الأحاديث فيما يتعلق بهذه الترجمة، وهي: إقطاع الأرضين، وبقي بعض الأحاديث، ومنها حديث صخر رضي الله تعالى عنه الطويل، الذي فيه: أن الرسول صلى الله عليه وسلم غزا ثقيفاً وحاصرهم، ثم رجع دون أن تفتح عليه، وأن صخراً هذا -وهو من الأحمسيين- عاهد الله عز وجل أن يحاصرهم حتى ينزلوا على حكم رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأنهم نزلوا على حكم رسول الله صلى الله عليه وسلم، فكتب صخر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يخبره بهذا، فالنبي صلى الله عليه وسلم دعا لقومه -أي: للأحمسيين- لخيلهم ورجالهم، أي: الفرسان والراجلين. وجاء المغيرة بن شعبة رضي الله عنه وهو من ثقيف وقال: إن عمته أخذها صخر ، فالنبي صلى الله عليه وسلم طلب منه أن يعيد عمته إليه. وفيه أن جماعة من بني سليم هربوا عن ماء لهم، فطلب صخر من النبي صلى الله عليه وسلم أن ينزل عليه، فمكنه رسول الله صلى الله عليه وسلم من ذلك، ولما أسلمت بنو سليم جاءوا إلى صخر وطلبوا منه أن يسلم لهم ماءهم فأبى، فجاءوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال عليه الصلاة والسلام له: (إن القوم إذا أسلموا أحرزوا دماءهم وأموالهم)، وطلب منه أن يعطيهم ذلك الماء، وقال: إنه رأى وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم يتغير حمرة حياءً من كونه رد هذا الماء إلى أهله، وأخذه من صخر ، وكذلك رد الجارية التي هي عمة المغيرة بن شعبة ، وأعطاها للمغيرة بن شعبة .
هذا الحديث الطويل حديث ضعيف لم يثبت؛ لأن في سنده من لا يحتج بحديثه، أو لا يعول على حديثه، ومحل الشاهد منه ذكر هذا الماء الذي لبني سليم، وأن النبي صلى الله عليه وسلم أعطاه لـصخر هذا، والأصل أن الكفار إذا هربوا وغنم المسلمون ديارهم وأموالهم، فإنها تكون فيئاً، والفيء لو أسلم صاحبه لا يلزم إرجاعه إليه، ولكنه إن أرجع إليه من أجل ترغيبه في الإسلام، فإنه لا بأس بذلك، ولعل الرسول صلى الله عليه وسلم فعل هذا مع هؤلاء القوم من بني سليم من أجل ترغيبهم في الإسلام، ولعل النبي صلى الله عليه وسلم استطاب نفس صخر هذا، وأن نفسه طابت بذلك، كما حصل من رسول الله صلى الله عليه وسلم في سبي هوازن لما قسمهم، فقد جاء وفدهم مسلمين، وطلبوا رد السبي، والنبي صلى الله عليه وسلم أبلغ أصحابه بأنه يريد أن يرد عليهم سبيهم، وأن من طابت نفسه أن يتنازل عن حقه فذاك، ومن لم تطب نفسه فإن النبي صلى الله عليه وسلم سيعوضه من أول شيء يفيئه الله عز وجل على رسوله صلى الله عليه وسلم، وعلى هذا فلو كان هذا الحديث ثابتاً فهو محمول على ذلك، وأن الرسول صلى الله عليه وسلم استطاب نفس صخر ، وأعاد الماء إليهم من أجل ترغيبهم في الإسلام، وكذلك فيما يتعلق برد الجارية إلى المغيرة بن شعبة ، فلعله استطاب نفس صخر ، وأن يكون هذا من جنس ما حصل في قصة سبي هوازن أو يكون الأمر يرجع إلى حكم رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ لأنهم نزلوا على حكمه كما جاء في الحديث، فيكون النبي صلى الله عليه وسلم رأى أن ترد هذه الجارية على من طلبها، وهو المغيرة بن شعبة .
والحاصل أن الحديث الطويل أورد من أجل قصة الماء، وكونه أعطاه لـصخر ، وهذا هو المناسب لباب الإقطاع، ولكن الحديث كما عرفنا في إسناده ضعف.
عمر بن الخطاب أبو حفص صدوق، أخرج له أبو داود .
[ حدثنا الفريابي ].
هو محمد بن يوسف الفريابي ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ حدثنا أبان قال عمر : هو ابن عبد الله بن أبي حازم ].
أبان بن عبد الله بن أبي حازم وهو صدوق في حفظه لين، أخرج له أصحاب السنن.
[ حدثني عثمان بن أبي حازم ].
عثمان بن أبي حازم وهو مقبول، أخرج له أبو داود .
[ عن أبيه ].
هو أبو حازم ، وهو مستور، أخرج له أبو داود ، ومستور بمعنى: مجهول الحال.
[ عن جده صخر ].
صخر رضي الله عنه، وحديثه أخرجه أبو داود .
الحديث ضعيف ففيه مجهول الحال وهو أبو حازم ، وأيضاً فيه عثمان بن أبي حازم مقبول.
راوي هذا الحديث هو الربيع بن سبرة ، جد سبرة بن عبد العزيز بن الربيع بن سبرة، فالذي يظهر من الإسناد أن الجد هو الربيع ، والربيع تابعي من الطبقة الثالثة، وعلى هذا فيكون الحديث مرسلاً، ولكن الحديث هو عن سبرة بن معبد الذي هو أبو الربيع ، والربيع يروي عن أبيه، فيكون الحديث -كما في تحفة الأشراف- عن سبرة بن معبد الجهني ، وعلى هذا فإن سبرة بن عبد العزيز بن الربيع بن سبرة يروي عن أبيه عن جده، وجده يروي عن أبيه، أي: جده الربيع يروي عن أبيه سبرة ، فهو متصل على هذا، وهو من مسند سبرة بن معبد الجهني .
قوله: [ أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم نزل في موضع المسجد تحت دومة ] يعني: نزل تحت شجرة، ولعل المقصود بالمسجد المكان الذي صلوا فيه، وأنه كان تحت شجرة، وليس المراد دومة الجندل، فإنها لم تكن في طريقهم إلى تبوك.
قوله: [ فأقام ثلاثاً ثم خرج إلى تبوك، وإن جهينة لحقوه بالرحبة، فقال لهم: من أهل ذي المروة؟ ] أي: أقام ثلاثاً ثم إنه ذهب إلى تبوك، ولحقه جماعة من جهينة، وهم بنو رفاعة، فكانوا في مكان يقال له: المروة، فقال من أهل ذي المروة؟ فقالوا: رفاعة، فأقطعهم إياها، فمنهم من أمسك، ومنهم من باع، وهذا هو محل الشاهد من الترجمة، وهو كونه أقطعهم تلك القرية التي كانوا فيها، ومنهم من باع، ومنهم من أمسك أي: منهم من باعها، ومنهم من أمسكها وعملها، أي: بناها وسكنها، فهو يدل على ما ترجم به المصنف من الإقطاع، وفي التقريب في ترجمة سبرة بن معبد قال: وكان يسكن في ذي المروة، يعني: في هذا المكان الذي جاء ذكره في هذا الحديث، وهو المكان الذي أقطعهم إياهم رسول الله صلى الله عليه وسلم.
قوله: [ ثم سألت أباه عبد العزيز عن هذا الحديث فحدثني ببعضه ولم يحدثني به ].
يعني: أن ابن وهب الذي روى عن سبرة بن عبد العزيز بن الربيع بن سبرة ؛ لقي أباه عبد العزيز ، فسأله عن الحديث فحدثه ببعضه، فحصل له علو، لأنه حصله نازلاً وكان كاملاً، ثم لقي عبد العزيز والد سبرة ، فصار إسناده الثاني عالياً، لأنه سقط منه رجل، وهو سبرة بن عبد العزيز ، إلا أن الطريق النازلة أكمل وأتم، والطريق العالية أقل؛ لأن عبد العزيز بن الربيع حدثه ببعض ما حدثه به سبرة بن عبد العزيز .
سليمان بن داود المهري المصري ثقة، أخرج له أبو داود والنسائي .
[ أخبرنا ابن وهب ].
عبد الله بن وهب المصري ثقة فقيه، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ حدثني سبرة بن عبد العزيز بن الربيع ].
سبرة بن عبد العزيز بن الربيع صدوق ليس به بأس، وكلمة ليس به بأس بمعنى صدوق، أخرج له أبو داود .
[ عن أبيه ].
هو عبد العزيز بن الربيع بن سبرة وهو صدوق ربما غلط؛ أخرج له أبو داود .
[ عن جده ].
جده هو الربيع بن سبرة ، وهو ثقة، أخرج له مسلم وأصحاب السنن.
[ عن سبرة بن معبد ].
أورد أبو داود هذا الحديث عن أسماء بنت أبي بكر أن النبي صلى الله عليه وسلم أقطع الزبير نخلاً، قالوا: والنخل من الأشياء الظاهرة التي منفعتها حاصلة، وهو من جنس الملح أو المعادن الظاهرة التي لا تقطع، وإنما تكون منفعتها عامة، قيل: ولعله أعطاه إياه من سهم الخمس.
حسين بن علي الجعفي العجلي وهو صدوق يخطئ كثيراً، أخرج له أبو داود والترمذي .
[ حدثنا يحيى ].
يحيى بن آدم الكوفي ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ حدثنا أبو بكر بن عياش ].
أبو بكر بن عياش وهو ثقة، أخرج له البخاري ومسلم في المقدمة وأصحاب السنن.
[ عن هشام بن عروة ].
هشام بن عروة ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن أبيه ].
عروة بن الزبير بن العوام ثقة فقيه، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن أسماء ].
أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنها، وحديثها أخرجه أصحاب الكتب الستة.
أورد أبو داود حديث قيلة بنت مخرمة رضي الله عنها أنها قالت: تقدم صاحبها حريث بن حسان ، فبايع رسول الله صلى الله عليه وسلم على الإسلام عليه وعلى قومه ثم قال: يا رسول الله! اكتب بيننا وبين بني تميم بالدهناء ألا يجاوزها إلينا منهم أحد إلا مسافر أو مجاوز فتكلمت قيلة وقالت: إنه ما سألك الأرض السوية، يعني: ما سألك أرضاً عادية تحتاج إلى أن يستفاد منها بالحرث أو بالإحياء، وإنما سألك أرضاً يشترك فيها الناس، وهي مرعى لبني تميم، وهم يستفيدون منها، فالرسول صلى الله عليه وسلم أمر الغلام بالإمساك عن الكتابة؛ لأنها أرض مشتركة بين الناس، ويستفيد منها عموم الناس، وهو سأله أرضاً فأمر أن يكتب له، ولما عرف أنها مشاعة بين الناس من ناحية أن الجمال ترعى فيها، وتكون فيها كأنها مقيدة لا تعدوها ولا تتجاوزها؛ لأنها تأخذ حاجتها منها؛ أمر بالإمساك عن ذلك الإقطاع.
وقول قيلة : فلما رأيته قد أمر له بها شخص بي أي: فزعت وهالني الأمر؛ لأن هذه الأرض مرعى قومها، ويستفيد منها بنو تميم وغير بني تميم، ثم تعطى لشخص واحد من الناس يختص بها!
قالت: [ (وهي وطني وداري، فقلت: يا رسول الله! إنه لم يسألك السوية من الأرض إذ سألك) ] يعني: ما سألك أرضاً تصلح أن تعطى؛ لأنها يمكن أن تحيا وأن يستفاد منها؛ لكونها من الأراضي العادية التي ليست مراعي، وليست محل اشتراك بين الناس.
قالت: [ (إنما هذه الدهناء عندك مقيد الجمل) ]. يعني: الجمل فيها يكون كأنه مقيد، لا يتحرك منها ولا يتعداها؛ لأن بغيته موجودة فيها، والجمل المقيد لا يعدو ولا يبرح المكان، والمعنى: أن بغيته موجودة فيها، يأكل من المرعى، ولا يحتاج إلى أن يقطع مسافة من أجل أن يحصل رعياً.
قالت: [ (ومرعى الغنم ونساء بني تميم وأبناؤها وراء ذلك) ] يعني: أنهم يستفيدون منها وينتفعون منها كما ينتفع غيرهم.
قوله: [ (فقال: أمسك يا غلام! صدقت المسكينة) ] أمسك يا غلام! يعني: عن الكتابة.
قوله: [ (المسلم أخو المسلم يسعهما الماء والشجر) ].
يعني: الماء والشجر يشترك فيه المسلمون، والشجر هو الرعي.
قوله: [ (ويتعاونان على الفتان) ].
ويتعاونان على الفتان وهو إما أن يكون الشيطان أو الفتان جمع فاتن ككاهن وكهان، وهم من يحصل منهم ضرر، أي: يتعاونون عليهم.
حفص بن عمر ثقة، أخرج له البخاري وأبو داود والنسائي .
[ وموسى بن إسماعيل ].
موسى بن إسماعيل التبوذكي ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ حدثنا عبد الله بن حسان العنبري ].
عبد الله بن حسان العنبري وهو مقبول، أخرج له البخاري في الأدب المفرد وأبو داود والترمذي .
صفية ودحيبة كل منهما مقبولة، وأخرج لهما البخاري في الأدب المفرد وأبو داود والترمذي .
[ عن قيلة ].
وهي صحابية، أخرج لها البخاري في الأدب المفرد والبخاري والترمذي .
هذا الحديث غير صحيح؛ ففيه مقبول ومقبولتان.
الذي يظهر أن (ما) موصولة وليست ماء، يعني: من سبق إلى شيء لم يسبقه غيره، يعني فتكون موصولة، هذا هو الأظهر من حيث أنهم صاروا يتعادون ويتخاطون الأرض؛ لأنه لو كان ماء فليس فيه خط، فالخط إنما يكون في الأرض، فهم صاروا يتعادون إلى الأرض، يعني: كل يسبق إليها ليحمي له قطعة، فيخط برجله أو بآلة، ويحدد قطعة يحوزها ويتميز بها.
ويمكن أن يكون المقصود بالحديث -كما ذكر في عون المعبود- أنه إذا سبق إلى ماء وحمل منه أو إلى حطب وحمل منه أو إلى نبات وحمل منه؛ فإنه يحوز ذلك الذي أخذه، والباقي يبقى مشاعاً بين الناس.
وهذا الحديث ليس فيه من الثقات إلا الصحابي وشيخ أبي داود محمد بن بشار ، والباقون كلهم متكلم فيهم.
وإذا كان المقصود أنه يسبق إلى شيء مباح مثل نبات أو ماء أو حطب فحازه، فإنه يملكه بحوزه إياه؛ لأن الإنسان إذا احتطب حطباً صار ملكاً له، وقبل أن يحتطب فالحطب مشاع، والماء مشاع، وإذا أخذ ماءً بقربته أو بسيارته فإنه يملكه ويتصرف فيه، وكذلك النبات إذا أخذه من الأرض فإنه يملكه، فإذا كان هذا هو المقصود فهو معنى صحيح ومستقيم، وليس فيه إشكال، وأما إذا كان المعنى أن يبسط على الأرض، ويملك الأرض بهذا الخط، وكل إنسان يخط برجله؛ فهذا غير مستقيم؛ لأن التملك لا يحصل بالخط بالرجل، ولا بد من إحيائه كما سيأتي في إحياء الموات.
محمد بن بشار هو الملقب بـبندار البصري ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ حدثني عبد الحميد بن عبد الواحد ].
عبد الحميد بن عبد الواحد مقبول، أخرج له أبو داود .
[ حدثتني أم جنوب بنت نميلة ].
أم جنوب بنت نميلة لا يعرف حالها، أخرج لها أبو داود .
[ عن أمها سويدة بنت جابر ].
سويدة بنت جابر لا يعرف حالها، أخرج لها أبو داود .
[ عن أمها عقيلة بنت أسمر ].
عقيلة بنت أسمر لا يعرف حالها، أخرج لها أبو داود .
[ عن أبيها أسمر ].
أسمر ، وهو صحابي، أخرج له أبو داود .
وكل هؤلاء الرواة أخرج لهم أبو داود ما عدا محمد بن بشار ، وكل من بين شيخ أبي داود وبين الصحابي متكلم فيهم.
أورد أبو داود حديث ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم أعطى الزبير حضر فرسه، يعني: المقدار الذي يعدو فيه الفرس حتى يقف، ثم إنه بعدما وقف رمى بالسوط، فقال: (أعطوه من حيث بلغ السوط) يعني: هذه المسافة وزيادة رمية السوط على هذا العدو الذي حصل من الفرس حيث وقف وانتهى، وهذا من باب الإقطاع، ولكن الحديث غير صحيح؛ لأن فيه عبد الله بن عمر بن حفص العمري المكبر ، وهو ضعيف.
أحمد بن حنبل الشيباني الإمام المحدث الفقيه، أحد أصحاب المذاهب الأربعة المشهورة من مذاهب أهل السنة، وحيث أخرجه أصحاب الكتب الستة.
[ حدثنا حماد بن خالد ].
حماد بن خالد وهو ثقة، أخرج له مسلم وأصحاب السنن.
[ عن عبد الله بن عمر ].
عبد الله بن عمر بن حفص بن عاصم العمري المكبر، وهو ضعيف، أخرج له مسلم وأصحاب السنن.
[ عن نافع ].
نافع مولى ابن عمر ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن ابن عمر ].
عبد الله بن عمر رضي الله تعالى عنهما، وهو صحابي جليل، أحد العبادلة الأربعة من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، وأحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم.
من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر