حدثنا عبد الله بن محمد النفيلي حدثنا محمد بن سلمة عن محمد بن إسحاق حدثني رجل من أهل الشام يقال له: أبو منظور ، عن عمه أنه قال: حدثني عمي عن عامر الرامي أخي الخضر ، رضي الله عنه -قال أبو داود : قال النفيلي : هو الخضر ولكن كذا قال- قال: (إني لببلادنا إذ رُفعت لنا رايات وألوية، فقلت: ما هذا؟ قالوا: هذا لواء رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فأتيته وهو تحت شجرة قد بُسط له كساء وهو جالس عليه، وقد اجتمع إليه أصحابه، فجلست إليهم، فذكر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم الأسقام فقال: إن المؤمن إذا أصابه السقم ثم أعفاه الله منه كان كفارة لما مضى من ذنوبه، وموعظة له فيما يستقبل، وإن المنافق إذا مرض ثم أعفي كان كالبعير عقله أهله ثم أرسلوه، فلم يدر لم عقلوه ولم يدر لم أرسلوه، فقال رجل ممن حوله: يا رسول الله! وما الأسقام؟ والله! ما مرضت قط! فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: قم عنا فلست منا، فبينا نحن عنده إذ أقبل رجل عليه كساء، وفي يده شيء قد التفّ عليه، فقال: يا رسول الله! إني لما رأيتك أقبلتُ إليك، فمررت بغيضة شجر فسمعت فيها أصوات فراخ طائر، فأخذتهن فوضعتهن في كسائي، فجاءت أمهن فاستدارت على رأسي، فكشفت لها عنهن فوقعت عليهن معهن، فلففتهن بكسائي، فهن أولاء معي، قال: ضعهن عنك، فوضعتهن وأبت أمهن إلا لزومهن، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لأصحابه: أتعجبون لِرُحم أم الأفراخ فراخها؟ قالوا: نعم يا رسول الله! قال: فوالذي بعثني بالحق! لله أرحم بعباده من أم الأفراخ بفراخها، ارجع بهن حتى تضعهن من حيث أخذتهن وأمهن معهن، فرجع بهن) ].
ثم ذكر أبو داود كتاب الجنائز، والمشهور عند العلماء أنهم يضعونه في آخر كتاب الصلاة؛ لاشتماله على صلاة الجنازة، فغلبوا جانب الصلاة على الأمور الأخرى في الجنائز من التكفين والدفن والتغسيل، فيضعون كتاب الجنائز بجميع أحكامه من صلاة وغيرها في آخر كتاب الصلاة، وأما أبو داود رحمه الله فقد وضعه هنا بعد كتب كثيرة من كتب المعاملات، فلا أدري وجه تأخيره ووضعه في هذا المكان، وهو خلاف المشهور عند العلماء.
والجنائز: جمع جنازة، والمقصود به الميت، سواءً كان ذكراً أو أنثى.
ثم أورد أبو داود باب: الأمراض المكفرة للذنوب، ومعلومٌ أن الأمراض والأسقام والبلاء التي تصيب الإنسان إذا صبر عليها واحتسب فإنها من أسباب تكفير الذنوب كما جاء في أحاديث كثيرة ثابتة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومنها: (عجباً لأمر المؤمن! إن أمره كله له خير، إن إصابته ضراء صبر فكان خيراً له، وإن أصابته سراء شكر فكان خيراً له، وليس ذلك لأحدٍ إلا للمؤمن)، وهناك أحاديث كثيرة وردت في هذا تدل على أن الأمراض والأسقام يكفر الله تعالى بها الذنوب والخطايا، ولكن لا يكون هذا إلا مع الصبر والاحتساب.
ثم أورد أبو داود هنا حديثاً ضعيفاً عن عامر الرامي رضي الله تعالى عنه ذكر فيه قصة وهي: أنه كان ببلده فرأى ألوية ورايات، فسأل عنها فأخبر بأنها رايات رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم أخبر أن رجلاً مر بغيضة وفيها أفراخ طائر فحمل هذه الأفراخ، وأن أم هذه الأفراخ لحقته فكشف لها عن أولادها فنزلت معهن، ثم حدث بالحديث الذي فيه ذكر الأمراض.
قوله: (إذ رفعت لنا رايات وألوية) الرايات والألوية قيل: هما بمعنى واحد، وقيل: إن أحدهما أظهر وأعم من الآخر.
قوله: (إن المؤمن إذا أصابه السقم ثم أعفاه الله) يعني: شفاه الله منه، (كان كفارة لما مضى من ذنوبه، وموعظة له فيما يستقبل) أي: من الزمان، ومعنى ذلك أنه يستفيد من ذلك في المستقبل، ويستفيد من ذلك في الماضي، فيستفيد في الماضي بأنه يكفر ما مضى من ذنوبه، ويستفيد مستقبلاً بأن يعتبر ويتعظ، ويكون ذلك حافزاً له إلى أن يعمل صالحاً، وأن يبتعد عن المحرمات.
[ (وإن المنافق إذا مرض ثم أعفي كان كالبعير عقله أهله ثم أرسلوه، فلم يدر لم عقلوه، ولم يدر لم أرسلوه) ].
أي: أن المنافق على خلاف المؤمن، فإذا أصابه المرض ثم شفي منه فإنه لا يحرك فيه ساكناً، ولا يلتفت إليه، ولا يعتبر ولا يتعظ به، ويكون كالبعير الذي عقله أهله ثم أطلقوه، فلا يدر لماذا عقلوه، ولا لماذا أطلقوه، أي: أنه لا يستفيد من ذلك في تكفير الذنوب، ولا يتعظ ويعتبر في المستقبل، فهو باقٍ في غيه وضلاله ونفاقه.
قوله: [ فقال رجل ممن حوله: يا رسول الله! وما الأسقام والله ما مرضت قط؟! فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (قم عنا فلست منا) أي: لست من أهل طريقتنا الذين تحصل لهم تلك الأسقام، فإن فيها التكفير والعبرة والموعظة.
والحديث -كما عرفنا- غير صحيح.
قوله: [ فبينما نحن عنده إذا أقبل رجل عليه كساء، وفي يده شيء قد التفَّ عليه، فقال: يا رسول الله! إني لما رأيتك أقبلت عليك، فمررت بغيضة شجر ]، الغيضة: هي الشجر الملتف.
عبد الله بن محمد النفيلي ثقة أخرج له البخاري وأصحاب السنن.
[ حدثنا محمد بن سلمة ].
هو محمد بن سلمة الباهلي الحراني ، وهو ثقة أخرج له البخاري في (جزء القراءة) ومسلم وأصحاب السنن.
[ عن محمد بن إسحاق حدثني رجل من أهل الشام يقال له: أبو منظور ].
محمد بن إسحاق مر ذكره، والرجل من الشام الذي يقال له: أبو منظور مجهول، أخرج له أبو داود .
[ حدثني عمي ].
إذن ففي الحديث واسطتان مبهمتان فهو غير صحيح.
[ عن عامر الرام ].
وهو صحابي أخرج له أبو داود ، وليس له إلا هذا الحديث.
وبعض فقرات هذا الحديث لها شواهد تشهد لها، فمسألة أن الأمراض والأسقام تكفر الذنوب لها شواهد كثيرة، منها: حديث صهيب : (عجباً لأمر المؤمن! إن أمره كله له خير، إن إصابته ضراء صبر فكان خيراً له) أي: الأسقام وغيرها من الضرر.
وقوله في آخره: (لله أرحم) ثابت، فكون الله أرحم بعباده من المخلوق هذا شيء ثابت في الحديث الصحيح في قصة المرأة التي أخذت طفلها فألصقته بصدرها ترضعه، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: (أترون هذه طارحة ولدها في النار؟! قالوا: لا، قال: لله أشد رحمة من هذه بولدها).
ثم أورد أبو داود حديث رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم يقال له اللجلاج أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (إن العبد إذا كانت له منزلة عند الله عز وجل لم يبلغها بعمله ابتلاه الله في جسده، أو في ماله، أو في ولده، ثم صبّره على ذلك حتى يبلغ هذه المنزلة) يعني: أن من أسباب رفعة درجته، وعلو منزلته: أن يُبتلى فيصبر، وهذا من علامات السعادة: أن يشكر عند السراء، وأن يصبر عند الضراء، وهو مثل الذي تقدم في كونه يبتلى فيصبر، وهناك أحاديث كثيرة في كون الإنسان ترفع درجته بسبب الأمراض والأسقام وتكفر ذنوبه إذا صبر على ذلك فيرفعه الله تعالى بذلك درجات، ويحط عنه الخطايا والسيئات.
وهذا الحديث صححه الألباني، وفيه بعض المجاهيل كما ذكر ذلك الحافظ ابن حجر فلعل له شواهد.
إبراهيم بن مهدي المصيصي مقبول أخرج له أبو داود .
[ حدثنا أبي المليح ].
هو أبو المليح الحسن بن عمر الرقي ، وهو ثقة، أخرج له البخاري في (الأدب المفرد) وأبو داود والنسائي وابن ماجة .
[ عن محمد بن خالد ].
محمد بن خالد مجهول، أخرج له أبو داود .
[ قال أبو داود : قال إبراهيم المهدي : السلمي عن أبيه ].
يعني أبو داود : أن إبراهيم المهدي -وهو الشيخ الثاني لـأبي داود - نسب محمد بن خالد ، فقال: السلمي ، وأما الشيخ الأول وهو عبد الله النفيلي فإنه قال: محمد بن خالد فقط، ولم يقل: السلمي .
[ عن أبيه ].
أبوه مجهول، أخرج له أبو داود .
[ عن جده ].
جده لم يسم، ويقال: إنه اللجلاج ، وهو صحابي أخرج له أبو داود .
ولعل وجه إيراد هذا الباب في أول كتاب الجنائز: أن الأمراض هي مقدمة الموت، فهي سبب من أسبابه، وتكون سابقة عليه.
حدثنا محمد بن عيسى ومسدد المعنى، قالا: حدثنا هشيم عن العوام بن حوشب عن إبراهيم بن عبد الرحمن السكسكي عن أبي بردة عن أبي موسى رضي الله عنه أنه قال: سمعت النبي صلى الله عليه وآله وسلم غير مرة ولا مرتين يقول: (إذا كان العبد يعمل عملاً صالحاً فشغله عنه مرض أو سفر كُتب له كصالح ما كان يعمل وهو صحيح مقيم) ].
ثم أورد أبو داود هذه الترجمة: إذا كان الرجل يعمل عملاً صالحاً فشغله عنه مرض أو سفر، أي: أنه يؤجر على ذلك العمل؛ لأنه إنما تركه من أجل السفر أو المرض، فيكتب له ما كان يعمل وهو صحيح مقيم.
وأورد أبو داود حديث أبي موسى الأشعري رضي الله عنه قال: سمعت النبي صلى الله عليه وآله وسلم غير مره ولا مرتين، أي: أنه سمعه منه مراراً.
وهذا الحديث أورده البخاري في كتاب الجهاد، في باب: إذا مرض العبد أو سافر كُتب له ما كان يعمل وهو صحيح مقيم، وهذا من فضل الله عز وجل وكرمه وإحسانه، فالإنسان إذا كان ملازماً للعبادة، ثم حال بينه وبينها مرض فلم يأت بها، فإن الله تعالى يثيبه في حال مرضه مثلما كان يثيبه في حال صحته، وكذلك إذا انشغل عنها بسفر فإن الله تعالى يثيبه في حال سفره مثلما كان يثيبه في حال إقامته.
وقد جاء في سياق البخاري : أن أبا بردة حدث به بسببٍ، فقال أبو بردة : اصطحبت أنا ويزيد بن أبي كبشة ، فكان يزيد يصوم في السفر، فقلت له: أفطر، فإني سمعت أبا موسى يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إذا مرض العبد أو سافر كتب له ما كان يعمل وهو صحيح مقيم).
هو محمد بن عيسى الطباع وهو ثقة أخرج له البخاري تعليقاً وأبو داود والترمذي في (الشمائل) والنسائي وابن ماجة .
مسدد مر ذكره، وهشيم هو ابن بشير الواسطي ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن العوام بن حوشب ].
العوام بن حوشب ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن إبراهيم بن عبد الرحمن السكسكي ].
وهو صدوق ضعيف الحفظ، أخرج له البخاري وأبو داود والنسائي .
[ عن أبي بردة ].
هو أبو بردة بن أبي موسى الأشعري ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن أبيه ].
وهو أبو موسى : عبد الله بن قيس الأشعري ، صحابي أخرج له أصحاب الكتب الستة.
حدثنا سهل بن بكار عن أبي عوانة عن عبد الملك بن عمير عن أم العلاء رضي الله عنها أنها قالت: (عادني رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وأنا مريضة، فقال: أبشري يا
ثم أود أبو داود باب: عيادة النساء، أي: أن هذا من عيادة المريض، وعيادة المريض مستحبة ومشروعة سواء كان المريض من الرجال أو من النساء، فالنساء تزور النساء والرجال يزورون الرجال، وإذا كان هناك محرمية فلا بأس أن تزور النساءُ الرجالَ، وأن يعود الرجال المريضات من النساء ويدعون لهن إذا كان هناك، وإنما المحذور إذا ترتب عليه فتنة وكان هناك خلوة.
وأخرج أبو داود حديث أم العلاء قالت: (عادني رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وأنا مريضة، فقال: أبشري يا
سهل بن بكار ثقة ربما وهم، أخرج له البخاري وأبو داود والنسائي .
[ عن أبي عوانة ].
هو أبو عوانة وضاح بن عبد الله اليشكري، وهو ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن عبد الملك بن عمير ].
عبد الملك بن عمير ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن أم العلاء ].
قال أبو داود : وهذا لفظ ابن بشار قال: حدثنا ابن أبي مليكة ].
ثم أورد أبو داود حديث عائشة رضي الله عنها أنها قالت: (قلت: يا رسول الله! إني لأعلم أشد أية في القرآن؟ قال: أية آية يا
قوله: (فقال: أما علمتي يا
قوله: (إنما ذلكم العرض) يعني: العرض على الله عز وجل، وأما العذاب فإنما يكون عند المناقشة، فإذا نوقش الإنسان على كل شيء ولم يتجاوز له عن شيء فإنه يستحق العذاب ولابد إلا أن يعفو الله عز وجل عنه ويصفح، فحينئذٍ يسلم من العذاب بفضل الله عز وجل ومغفرته.
وآخر هذا الحديث قوله: (إنما ذلك العرض، ومن نوقش الحساب عذب) متفق عليه.
ولا أدري ما وجه إدخال حديث عائشة هذا في باب عيادة المريض.
مسدد ثقة أخرج له البخاري وأبو داود والترمذي والنسائي ، ويحيى هو ابن سعيد القطان ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ ح وحدثنا محمد بن بشار ].
محمد بن بشار ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ حدثنا عثمان بن عمر ].
عثمان بن عمر ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ قال أبو داود : وهذا لفظ ابن بشار ].
قوله: وهذا لفظ ابن بشار ، يعني: الشيخ الثاني.
[ عن أبي عامر الخزاز ].
هو أبو عامر الخزاز صالح بن رستم ، وهو صدوق كثير الخطأ، أخرج له البخاري تعليقاً ومسلم وأصحاب السنن.
[ عن ابن أبي مليكة ].
هو عبد الله بن عبيد الله بن أبي مليكة، وهو ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عائشة ].
عائشة هي أم المؤمنين رضي الله عنها وأرضاها الصديقة بنت الصديق، وهي واحدة من سبعة أشخاص عرفوا بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم.
[ قال أبو داود وهذا لفظ ابن بشار ، قال: حدثنا ابن أبي مليكة ].
يعني: أنه ساقه على لفظ مسدد ، وفيه: عن ابن أبي مليكة ، وأما لفظ ابن بشار ففيه قال: حدثنا ابن أبي مليكة .
حدثنا عبد العزيز بن يحيى حدثنا محمد بن سلمة عن محمد بن إسحاق عن الزهري عن عروة عن أسامة بن زيد رضي الله عنهما أنه قال: (خرج رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يعود
أورد أبو داود باب: العيادة، أي: عيادة المريض، وأورد حديث أسامة بن زيد رضي الله تعالى عنهما قال: (خرج رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يعود
قوله: (فلما دخل عليه -أي: رسول الله صلى الله عليه وسلم- عرف فيه الموت، فقال: قد كنت أنهاك عن حب يهود) أي: عن حب اليهود.
قوله: (فقال: قد أبغضهم
قوله: (فلما مات أتاه ابنه، فقال: يا رسول الله! إن
عبد العزيز بن يحيى صدوق ربما وهم، أخرج له أبو داود والنسائي .
[ حدثنا محمد بن سلمة عن محمد بن إسحاق عن الزهري ].
محمد بن سلمة وابن إسحاق مر ذكرهما، والزهري هو: محمد بن مسلم بن عبيد الله بن شهاب ، وهو ثقة فقيه، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن عروة ].
هو عروة بن الزبير بن العوام ثقة فقيه، أحد فقهاء المدينة السبعة في عصر التابعين، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن أسامة بن زيد ].
أسامة بن زيد رضي الله تعالى عنهما صحابي بن صحابي، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
حدثنا سليمان بن حرب حدثنا حماد -يعني: ابن زيد - عن ثابت عن أنس رضي الله عنه أن غلاماً من اليهود كان مرض، فأتاه النبي صلى الله عليه وآله وسلم يعوده فقعد عند رأسه، فقال له: (أسلم، فنظر إلى أبيه وهو عند رأسه، فقال له أبوه: أطع أبا القاسم، فأسلم، فقام النبي صلى الله عليه وآله وسلم وهو يقول الحمد لله الذي أنقذه بي من النار) ].
أورد أبو داود باب عيادة الذمي، أي: الكافر الذي له ذمة وعهد، وعيادة الذمي أو الكافر إذا كانت فيها مصلحة وفائدة كأن يدعى إلى الإسلام ويرغَّب فيه، فإن ذلك أمرٌ مطلوب، وأما إذا لم يترتب عليها مصلحة، ولا يكون من ورائها فائدة؛ فلا يعاد.
أورد أبو داود حديث أنس بن مالك رضي الله عنه (أن غلاماً من اليهود مرض، فأتاه الرسول صلى الله عليه وسلم يعوده، فقعد رسول الله صلى الله عليه وسلم عند رأسه وقال له: أسلم) يعني: دعاه إلى الإسلام، وهذا يدل على أن الزيارة إذا كانت من أجل دعوته إلى الإسلام، وأنه يرجى من ورائها المصلحة والفائدة، فإن ذلك سائغ، ويشبه هذا مجيئه صلى الله عليه وسلم إلى عمه أبي طالب في مرض موته، فقال له: (يا عم! قل: لا إله إلا الله، كلمة أحاج لك بها عند الله)، وكان عنده رجلان على ملة عبد المطلب ، فذكّراه بدين عبد المطلب ، وأن يبقى على ما كان عليه آباؤه، فكان آخر ما قال: هو على ملة عبد المطلب ، ولم يقل: لا إله إلا الله كما طلب منه ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم.
فالحاصل أن زيارة الكافر إذا كانت من أجل دعوته إلى الإسلام، ورُجيَ في ذلك المصلحة فلا بأس بها، وأما إذا كانت لغير ذلك، أو لم يظنّ من ورائها مصلحة فلا يُزار.
وقوله: (الحمد لله الذي أنقذه بي من النار) يعني: أن الله تعالى أنقذه من دخول النار والخلود بسبب إسلامه.
وهذا الحديث يدل على أن الإسلام يعرض على الصغير، فقد يسلم ويحسن إسلامه ولو كان صغيراً، وأن ذلك ليس مقصوراً على الكبار.
سليمان بن حرب ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ حدثنا حماد ].
هو حماد بن زيد وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن ثابت ].
هو ثابت بن أسلم البناني ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن أنس بن مالك ].
أنس بن مالك رضي الله عنه خادم رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم.
وهذا الإسناد من الرباعيات، وهي أعلى الأسانيد عند أبي داود ، والله تعالى أعلم.
الجواب: ينبغي للإنسان ألا يدخل في مثل هذا، وأن ينزه نفسه عن مثل ذلك؛ لأن فيها شبهة.
الجواب: إذا كان على هذا المال علامة إسلامية فهو من أموال المسلمين، وإذا كان هذا المال قديماً جداً فهو ركاز، وإذا كان في بلاد المسلمين وليس فيه شيء يدل على قدمه فإنه يعتبر من قبيل اللقطة.
الجواب: لا نعلم لهذا أصلاً.
الجواب: ما الذي يدريك أن فيها كثيراً من الذهب؟ وإذا تؤكد أن فيها ذهباً وأمكن نبشها والحصول عليه فلا بأس بذلك، لكن من الخطأ أن يذهب الإنسان وينبش القبور كلها بحثاً عن الذهب ظناً وتوهماً.
وأما الأموال الآن فقد صارت أوراقاً، وإذا دفنت هذه الأوراق فإن الأرض ستأكلها.
الجواب: لا، لا تنبش القبور لغير مصلحة، وأما نبشها لرؤية العذاب فهذا غير صحيح، فإنه وإن فعل ذلك فلن يجد عذاباً كما هو مألوف ومعروف في هذه الحياة الدنيا، وربما إن لم يجد ذلك أدى به الأمر إلى إنكار عذاب القبر، ومع أنه وإن لم يره فالمعذب معذب والمنعم منعم وإن لم تر نعيماً ولا عذاباً، لأن أمور البرزخ أمور غيبية وليست كأمور الدنيا وأحوالها، فعلى الإنسان أن يؤمن ويصدق بالغيب، وليعلم أن كل من يستحق العذاب فهو معذب، وأن كل من يستحق النعيم فهو منعم.
الجواب: إذا تطاول العهد فلا تصل عليه، ولكن ادعوا له ويكفي.
الجواب: لا ينبغي أن يوصف بهذا الوصف.
الجواب: الذي يبدوا أنه ليس لها ذلك؛ لأنه جاء في الحديث أنها: (ناقصة عقل ودين، وأن من نقصان دينها أنها لا تصلي) ،فهذا يدل على أن النقص حاصل لها، ولم يأتِ شيء يدل على أنه يكتب لها أجر عملها في حال حيضها، فهذا نقص يحصل لها دون الرجال.
الجواب: ينبغي أن تحرص على الدراسة في الشريعة، وأن تسعى لإقناع أبيك وإرضائه، وتجمع بين مصلحتيك.
الجواب: لم أطلع عليه، ولكني أعرف أن رأي الألباني رحمه الله تعالى هو القول بكشف الوجه والكفين، وهو مخطئ في ذلك، والله يغفر له ويتجاوز عنا وعنه، والحق هو وجوب تغطية المرأة وجهها وكفيها، ومعلوم أن الوجه هو محل زينة المرأة، والشريعة جاءت بإرخاء الثياب حتى تُغطي القدمين، بل وتجر مقدار شبر على الأرض فمن باب أولى أن تأمر بتغطية الوجه؛ لأنه محل الفتنة، ففيه المحاسن والجمال، فالشيخ الألباني رحمة الله عليه نعتقد أنه قد أخطأ في هذا، وأن الصواب مع غيره، وكنت أقول: إن هذا الذي كان الشيخ الألباني رحمه الله يعتني به ويحرص عليه لو كان حقاً فإنه يكون من الحق الذي ينبغي إخفائه، ولو كان يرى أن تغطية الوجه والكقين ليست بواجبة فإنه ينبغي له أن يسكت، ويترك الناس على ما هم عليه من الحرص على السلامة، والبعد عن التكشف، والوقوع في أمور لا تنبعي، فنسأل الله تعالى يغفر له، وأن يتجاوز عنا وعنه.
حدثنا أحمد بن حنبل حدثنا عبد الرحمن بن مهدي عن سفيان عن محمد بن المنكدر عن جابر رضي الله عنه أنه قال: (كان النبي صلى الله عليه وآله وسلم يعودني ليس براكب بغل ولا بِرْذَوْن).
قال الإمام أبو داود السجستاني رحمه الله تعالى: باب في المشي في العيادة، أي: أن يعود المريض ماشياً، والعيادة جاءت السنة بها مشياً وركوباً، وهذا الحديث الذي أورده أبو داود رحمه الله عن جابر : (أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يعوده ليس براكب بغلاً ولا برذون) يدل على العيادة مشياً، وجاء في الصحيح أن النبي صلى الله عليه وسلم عاد سعد بن عبادة راكباً على حمار، فدل هذا على أن عيادة المريض تكون بالذهاب ركوباً أو مشياً، وكل ذلك جاءت به السنة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وقوله: (ليس براكب بغلاً ولا برذون) البغل: هو الحيوان الذي يتولد بين الحمار والفرس، وأما البرذون فهو نوع من أنواع الخيل، وليس من الخيل العربي الأصيل، وإنما هو من غير ذلك، فيقال: إنه من خيل التُرك، أي: أنه ليس من خيل العرب، وهو أقل جودة من الخيل العربي.
وقوله: (كان يعودني) تدل (كان) في الأصل على التكرار، ومعنى ذلك أنها تكررت عيادته، وقد تأتي (كان) لغير التكرار، كما في قول عائشة رضي الله عنها: (كنت أطيب رسول الله صلى الله عليه وسلم لإحرامه قبل أن يحرم، ولحله قبل أن يطوف بالبيت)، فإن قولها: (ولحله قبل أن يطوف بالبيت) لم يحصل إلا مرة واحدة؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يحج إلا مرة واحدة، ومع ذلك جاء التعبير (بكان)، إذاً فهي في الغالب تدل على التكرار، وقد تأتي لغير التكرار.
هو أحمد بن محمد بن حنبل الشيباني الإمام المحدث الفقيه، أحد أصحاب المذاهب الأربعة المشهورة من مذاهب أهل السنة، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
[ حدثنا عبد الرحمن بن مهدي ].
عبد الرحمن بن مهدي البصري ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن سفيان ].
هو سفيان بن سعيد بن مسروق الثوري ثقة فقيه وصف بأنه أمير المؤمنين في الحديث، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
[ عن محمد بن المنكدر ].
محمد بن المنكدر ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن جابر ].
جابر بن عبد الله الأنصاري رضي الله تعالى عنهما الصحابي الجليل، وهو صحابي ابن صحابي، وأحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم.
حدثنا محمد بن عوف الطائي حدثنا الربيع بن روح بن خليد حدثنا محمد بن خالد حدثنا الفضل بن دلهم الواسطي عن ثابت البناني عن أنس بن مالك رضي الله عنه أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (من توضأ فأحسن الوضوء، وعاد أخاه المسلم محتسباً بُوعِد من جهنم مسيرة سبعين خريفاً)، قلت: يا أبا حمزة ! وما الخريف؟ قال: العام.
قال أبو داود : والذي تفرد به البصريون منه: العيادة وهو متوضئ ].
ثم أورد أبو داود هذه الترجمة وهي: باب في فضل العيادة على وضوء، أي: أن الإنسان يعود المريض وهو متوضئ، ولعل ذلك أن الزائر إذا دعا للمريض فإنه يدعو له على طهارة، فيكون ذلك أكمل، وقيل: لأن العيادة قربة وعبادة، فإذا فُعلت على طهارة فإنها تكون أكمل وأتم.
وأورد أبو داود رحمه الله حديث أنس بن مالك رضي الله عنه أن قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من توضأ فأحسن الوضوء، وعاد أخاه المسلم محتسباً بُوْعِد من جهنم مسيرة سبعين خريفاً).
قوله: (من توضأ فأحسن الوضوء، وزار أخاه محتسباً) أي: محتسباً الأجر من الله عز وجل، (بوعد بينه وبين جهنم سبعين خريفاً، قيل: وما الخريف؟ قال: العام) أي: سبعين سنة، وهذه مسافة طويلة.
وهذا الحديث يدل على فضل العيادة على وضوء إذا كان ذلك احتساباً للأجر من الله تعالى، فعلى الزائر أن يكون محتسباً يرجو الثواب من الله عز وجل، وليس المقصود من ذلك المجاملة أو رد جميل سابق بدون أن تكون هناك نية، فإن الأعمال لابد فيها من النيات، كما قال عليه الصلاة والسلام: (إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل أمرٍ ما نوى).
وحديث أنس بن مالك هذا في إسناده رجل لين الحديث، فهو إذن ضعيف، إلا أن فضل العيادة والزيارة ثابت في أحاديث كثيرة في الصحيحين وغيرهما، وأما ذكر الوضوء في العيادة فلا يثبت، فإنه لم يأت إلا في هذا الحديث، وقد ذكرنا أن هذا الحديث ضعيف؛ لأن في سنده الفضل بن دلهم ، وهو لين الحديث.
محمد بن عوف الطائي ثقة أخرج له أبو داود والنسائي في (مسند علي ).
[ حدثنا الربيع بن الروح بن خليد ].
الربيع بن الروح بن خليد ثقة أخرج له أبو داود والنسائي .
[ حدثنا محمد بن خالد ].
محمد بن خالد الوهبي وهو صدوق أخرج له أبو داود والنسائي وابن ماجة .
[ حدثنا الفضل بن دلهم الواسطي ].
الفضل بن دلهم الواسطي البصري لين الحديث، أخرج له أبو داود والترمذي وابن ماجة .
[ عن ثابت البناني ].
هو ثابت بن أسلم البناني، وهو ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن أنس بن مالك ].
أنس بن مالك رضي الله عنه صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم وخادمه، وأحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم.
[ قال أبو داود : والذي تفرد به البصريون منه: العيادة وهو متوضأ ] أي: أن يعود مريضاً وهو على وضوء، فهذا تفرد به البصريون، والبصريون هم أنس وثابت والفضل بن دلهم ، ومعلوم أن ثابت بن أسلم البناني ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة، وهو حجة، ولكن الآفة فيه من الفضل بن دلهم الواسطي البصري ، فهو علّة هذا الحديث.
وقال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا عثمان بن أبي شيبة حدثنا أبو معاوية حدثنا الأعمش عن الحكم عن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن علي رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم بمعناه، لم يذكر الخريف.
قال أبو داود : رواه منصور عن الحكم كما رواه شعبة ].
ثم أورد أبو داود حديثين عن علي رضي الله عنه، أحدهما موقوف والآخر مرفوع وكل منهما صحيح، والموقوف له حكم المرفوع؛ لأنه لا يقال من قبل الرأي، فيكون حكمه حكم الرفع، إذن فقد جاء مرفوعاً صراحة ومرفوعاً حكماً.
قوله: (ما من رجل يعود مريضاً ممسياً إلا وخرج مع سبعون ألف ملك يستغفرون له حتى يصبح) يعني: أن هؤلاء يستغفرون له بالليل كله حتى يصبح، وذلك من حين يخرج ممسياً إلى أن يصبح؛ لقيامه بهذا العمل العظيم، وهو: عيادة المريض، وهذا يدل على فضل عيادة المريض، وعلى الترغيب فيها.
قوله: (وكان له خريفٌ في الجنة) الخريف: هو البستان، أي: يكون له بستان في الجنة.
قوله: (ومن عاد مريضاً مصبحاً خرج معه سبعون ألف ملك يستغفرون له حتى يمسي، وكان له خريفٌ في الجنة) أي: أنه إن عاده في الليل خرج معه سبعون ألف ملك يستغفرون له حتى الصباح، وله خريف في الجنة، وإن عاده في الصباح فإنه يخرج معه سبعون ألفاً من الملائكة يستغفرون له حتى يمسي، وكان له خريفٌ في الجنة.
هو محمد بن كثير العبدي ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ أخبرنا شعبة ].
هو شعبة بن الحجاج الواسطي ثم البصري ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن الحكم ].
هو الحكم بن عتيبة الكندي ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن عبد الله بن نافع ].
عبد الله بن نافع صدوق أخرج له أبو داود والنسائي في (مسند علي ).
[ عن علي ].
علي بن أبي طالب رضي الله عنه، أمير المؤمنين، ورابع الخلفاء الراشدين الهادين المهديين، صاحب المناقب الجمة، والفضائل الكثيرة، رضي الله تعالى وأرضاه، وحديثه عند أصحاب الكتب الستة.
وقوله: [ حدثنا عثمان بن أبي شيبة ].
عثمان بن أبي شيبة، ثقة أخرج له أصحاب الكتب إلا الترمذي والنسائي ، فإنما أخرج له في (عمل اليوم والليلة).
[ حدثنا أبو معاوية ].
هو أبو معاوية محمد بن الخازم الضرير وهو ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن الأعمش ].
هو سليمان بن مهران الكاهلي الكوفي، وهو ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن الحكم عن عبد الرحمن بن أبي ليلى ].
الحكم مر ذكره.
و عبد الرحمن بن أبي ليلى ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن علي عن النبي صلى الله عليه وسلم بمعناه ].
أي: بمعنى الحديث المتقدم.
[ لم يذكر الخريف ].
أي: أنّ الخريف إنما جاء في الموقوف، ولم يأت في المرفوع.
[ قال أبو داود : رواه منصور عن الحكم كما رواه شعبة ] أي: موقوفاً، وعلى كلٍ فالحديث -كما عرفنا- ليس للرأي فيه مجال، فهو في حكم المرفوع.
ثم ذكر الحديث من طريق أخرى، وفيها: أن أبا موسى جاء الحسن بن علي بن أبي طالب يعوده، ثم ذكر بمعنى حديث شعبة الأول الذي جاء موقوفاً عن علي.
عثمان بن أبي شيبة مر ذكره.
[ حدثنا جرير ].
هو جرير بن عبد الحميد الضبي الكوفي ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن منصور ].
هو منصور بن معتمر الكوفي ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن الحكم عن أبي جعفر عبد الله بن نافع ].
الحكم وأبو جعفر عبد الله بن نافع مر ذكرهما.
عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه صاحب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، واسمه عبد الله بن قيس ، وهو صحابي أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ قال أبو داود : وساق معنى حديث شعبة ] أي: الطريق الأولى التي جاءت عن علي .
[ قال أبو داود : أُسند هذا عن علي عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم من غير وجه صحيح ] يعني: من وجوه أخرى متعددة وكلها صحيحة، وقد ذكر هنا واحداً منها، وهي طريق عبد الرحمن بن أبي ليلى عن علي عن النبي صلى الله عليه وسلم، وذكر هنا أنه جاء من طرق أخرى مرفوعة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهي مع تعددها صحيحة ثابتة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وهذا الحديث ليس فيه شيء يدل على مطابقة الترجمة فيما يتعلق بفضل الوضوء، فالتنصيص على ذكر الوضوء لم يأتِ إلا في حديث أنس الذي سبق، وهو لا يصح، وبقاء الإنسان دائماً على طهارة شيء طيب.
وهذا الحديث من مسند الحسن بن علي كما هو المتبادر؛ لأن المزور هو الذي يذكر فضل الزيارة وليس الزائر.
وقد ذكر هذا الحديث من مسند الحسن بن علي الشيخ الألباني رحمه الله تعالى في (الصحيحة) برقم (1367).
حدثنا عثمان بن أبي شيبة حدثنا عبد الله بن نمير عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت: لما أصيب سعد بن معاذ رضي الله عنه يوم الخندق رماه رجل في الأكحل، فضرب عليه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم خيمة في المسجد؛ ليعوده من قريب ].
ثم أورد أبو داود باباً في العيادة مراراً، أي: أن العيادة تتكرر، وأورد فيه حديث عائشة : (أن
وهذا الحديث يدلنا أيضاً على أنه يجوز اتخاذ المسجد سكناً للحاجة في فترة من الزمان كما فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم مع سعد بن معاذ رضي الله عنه.
قوله: [ لما أصيب سعد بن معاذ يوم الخندق رما رجل في الأكحل ]، يوم الخندق هو يوم الأحزاب، وقد كان ذلك في السنة الخامسة، والأكحل: هو عرق في الذراع.
عبد الله بن النمير ثقة أخرجه أصحاب الكتب الستة.
[ عن هشام بن عروة ].
هشام بن عروة ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن أبيه ].
أبوه هو عروة بن الزبير ثقة فقيه، وهو من فقهاء المدينة السبعة في عصر التابعين، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن عائشة ].
عائشة هي أم المؤمنين رضي الله عنها وأرضاها، الصديقة بنت الصديق، وهي واحدة من سبعة أشخاص عرفوا بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم.
حدثنا عبد الله بن محمد بن النفيلي حدثنا حجاج بن محمد عن يونس بن أبي إسحاق عن أبيه عن زيد بن أرقم رضي الله عنه، قال: (عادني رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم من وجع كان بعيني) ].
ثم أورد أبو داود هذه الترجمة: باب العيادة من الرمد، وهو: وجع العين، وهذا يدل على أن العيادة تكون من أي مرض وليس بلازم أن يكون مخوفاً، أو أن يكون مرضاً خطيراً، فالإنسان قد يبقى في بيته مع أن المرض ليس مخوفاً، فتشرع عيادته وزيارته، فليس الأمر خاصاً بالمرض الشديد، أو بالمرض الخطير، أو بالمرض المخوف، وإنما يكون ذلك في مختلف الأمراض ولو كانت سهلة، وهذا هو الذي ترجم له المصنف، وأورد الحديث فيه.
وأورد أبو داود حديث زيد بن أرقم قال: (عادني رسول الله عليه وسلم من وجع كان بعيني)، وهو دال على ما ترجم له، ودال على أن مختلف الأمراض يعاد المريض فيها، وقال بعض أهل العلم: إن عيادة العيادة من الرمد ليست كغيرها، وعللوا ذلك: بأن الرجل الذي فيه رمد إذا زاره الناس فإنهم ينظرون في بيته وهو لا يراهم.
قال ابن القيم رحمه الله: وهذا غير صحيح؛ لأن الأعمى يزار إذا مرض مع أنه لا يرى، وكذلك زار الرسول صلى الله عليه وسلم جابراً وهو مغمىً عليه وليس له شعور ولا إحساس، فالحديث والسنة ثبتت في ذلك، فلا يصار إلى هذه التعاليل والاحتمالات بعد ثبوت السنة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
عبد الله بن محمد النفيلي ثقة أخرج له البخاري وأصحاب السنن.
[ حدثنا حجاج بن محمد ].
هو عن حجاج بن محمد المصيصي الأعور ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن يونس بن أبي إسحاق ].
يونس بن أبي إسحاق صدوق يهم قليلاً، أخرج له البخاري في (جزء القراءة) ومسلم وأصحاب السنن.
[ عن أبي إسحاق ].
هو أبو إسحاق السبيعي عمرو بن عبد الله الهمداني، وهو ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن زيد بن أرقم ].
زيد بن أرقم رضي الله عنه صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وحديثه أخرج له أصحاب الكتب الستة.
من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر