حدثنا عبد الله بن محمد النفيلي حدثنا ابن المبارك عن موسى بن عقبة عن سالم عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: (أكثر ما كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يحلف بهذه اليمين: لا، ومقلب القلوب!) ].
أورد الإمام أبو داود السجستاني رحمه الله تعالى هذه الترجمة بعنوان: [ باب ما جاء في يمين النبي صلى الله عليه وسلم ما كانت ]. أي: في قسم النبي صلى الله عليه وسلم كيف كان يقسم؟ وما هي الصيغة التي كان يأتي بها؟ وما هو اللفظ الذي كان يأتي به في حلفه صلى الله عليه وسلم؟
وقد أورد أبو داود حديث ابن عمر رضي الله تعالى عنهما أنه قال: كانت أكثر يمين النبي صلى الله عليه وسلم: لا، ومقلب القلوب! يعني: أن أكثر ما كان يحلف به النبي صلى الله عليه وسلم وأكثر ما كان يتلفظ به عليه الصلاة والسلام حالفاً هو اللفظ: (لا، ومقلب القلوب!) فهذا اللفظ أكثر ما كان يستعمله النبي صلى الله عليه وسلم.
وفي ذكر تقليب القلوب تعظيم لله عز وجل، وأنه هو الذي يقلب القلوب كيف يشاء، فيحولها من الضعف إلى القوة ومن القوة إلى الضعف، ومن الإيمان إلى الكفر ومن الكفر إلى الإيمان، فهو الذي يتصرف كيف يشاء، وهو الذي يقلبها كيف يشاء. وكلمة (لا) يقصد بها نفي شيء ثم الحلف بعد ذلك، وقد تأتي اليمين بدون أن يسبقها (لا)، ولكن إذا كانت على نفي فإنه تتقدم كلمة (لا) على الحلف، كما مر في لغو اليمين: لا والله، وبلى والله.
عبد الله بن محمد النفيلي ثقة أخرج له البخاري وأصحاب السنن.
[ حدثنا ابن المبارك ].
هو عبد الله بن المبارك المروزي ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن موسى بن عقبة ].
هو موسى بن عقبة المدني ، وهو ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن سالم ].
هو سالم بن عبد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنهما، وهو رحمه الله ثقة فقيه من فقهاء المدينة السبعة في عصر التابعين على أحد الأقوال الثلاثة في السابع منهم، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
[ عن ابن عمر ].
هو عبد الله بن عمر رضي الله تعالى عنهما، الصحابي الجليل أحد العبادلة الأربعة من الصحابة، وأحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم.
أورد أبو داود حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه: (أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا اجتهد في اليمين قال: والذي نفس أبي القاسم بيده!) يعني: أنه كان إذا اجتهد في اليمين فإنه يأتي بهذه الصيغة، وقد كان عليه الصلاة والسلام كثيراً ما يحلف بقوله: (والذي نفسي بيده!) كما جاء في الأحاديث عن النبي صلى الله عليه وسلم، أي: أنه يحلف بهذا الحلف مؤكداً الشيء الذي يريد تأكيده بأن يقول: (والذي نفسي بيده)، أو (والذي نفس محمد بيده)، وهنا قال أبو سعيد : إنه كان إذا اجتهد في اليمين يعني: اهتم بها يأتي بها بهذه الصيغة التي هي قوله: (والذي نفس أبي القاسم بيده!) صلى الله عليه وسلم.
والحديث ضعفه الشيخ الألباني ؛ لأن فيه من هو متكلم فيهم.
هو أحمد بن محمد بن حنبل الشيباني الإمام الفقيه المحدث أحد أصحاب المذاهب الأربعة المشهورة من مذاهب أهل السنة، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
[ حدثنا وكيع ].
هو وكيع بن الجراح الرؤاسي الكوفي ، وهو ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ حدثنا عكرمة بن عمار ].
عكرمة بن عمار صدوق يغلط، أخرج له البخاري تعليقاً ومسلم وأصحاب السنن.
[ عن عاصم بن شميخ ].
عاصم بن شميخ وثقه العجلي وأخرج له أبو داود .
[ عن أبي سعيد الخدري ].
أبو سعيد الخدري رضي الله عنه هو سعد بن مالك بن سنان الخدري صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو أحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم.
أورد أبو داود حديث أبي هريرة قال: (كانت يمين رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا حلف يقول: لا، وأستغفر الله) وهذا في الحقيقة ليس فيه حلف؛ لأن لفظ: (أستغفر الله) ليس بيمين.
والحديث ضعيف ضعفه الشيخ الألباني ؛ لأن فيه من هو متكلم فيه، ولفظه ليس متفقاً مع القسم ومع اليمين؛ لأن القسم والحلف إنما هو بالله وبأسمائه وصفاته على توكيد شيء، وهذا ليس بحلف، وليس فيه إلا الاستغفار.
محمد بن عبد العزيز بن أبي رزمة ثقة أخرج له البخاري وأصحاب السنن.
[ أخبرني زيد بن حباب ].
زيد بن الحباب صدوق، أخرج له البخاري في جزء القراءة ومسلم وأصحاب السنن.
[ أخبرني محمد بن هلال ].
هو محمد بن هلال بن أبي هلال ، وهو صدوق أخرج له البخاري في الأدب المفرد وأبو داود والنسائي وابن ماجة .
[حدثني أبي ].
أبوه هو هلال بن أبي هلال، وهو مقبول أخرج له البخاري في الأدب المفرد وأبو داود والنسائي وابن ماجة .
[ أنه سمع أبا هريرة ].
هو أبو هريرة عبد الرحمن بن صخر الدوسي، صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي عليه الصلاة والسلام، بل هو أكثر السبعة حديثاً على الإطلاق رضي الله عنه وأرضاه.
أورد أبو داود حديث لقيط بن عامر بن صبرة رضي الله عنه أنه قدم وافداً على النبي صلى الله عليه وسلم، وذكر حديثاً طويلاً وفيه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (لعمر إلهك) وهذا حلف، والمقصود بالعمر: الحياة، وقد جاء ذلك في القرآن الكريم في قوله تعالى: لَعَمْرُكَ إِنَّهُمْ لَفِي سَكْرَتِهِمْ يَعْمَهُونَ [الحجر:72] وهذا من الله عز وجل، وقد قال بعض أهل العلم: إن هذا يمين، وقال بعضهم: إنه ليس بيمين، والأقرب أنه ليس بيمين؛ لأنه استعمله الرسول عليه الصلاة والسلام واستعمله الصحابة واستعمله من بعدهم، فكان الواحد منهم يقول: لعمري، ومعلوم أنه قد جاء في الأحاديث النهي عن الحلف بغير الله عز وجل، فكون الصحابة يقولون هذا الكلام لا يعتبر حلفاً، وإنما هو من ألفاظ تأكيد الكلام مثل: لا جرم ، وحقاً، وغير ذلك من العبارات التي يؤتى بها لتأكيد الكلام من غير أن تكون قسماً.
فمما يوضح أنها غير قسم أنه قد جاء عن الرسول صلى الله عليه وسلم أنه قال: (لعمري) وجاء عن الصحابة مثل عائشة أنها قالت: (لعمري) وجاء عن جماعة من سلف هذه الأمة من بعد الصحابة أنهم كانوا يستعملونها ويقول أحدهم: لعمري.
إذاً: هذه اللفظة من ألفاظ التأكيد وليست من ألفاظ القسم، وللشيخ حماد الأنصاري رحمه الله بحث في هذه الكلمة منشور في مجلة الجامعة حول لفظة: (لعمري)، وقد بين النقول عن العلماء أنها ليست بقسم، وأنها من ألفاظ تأكيد الكلام.
هو الحسن بن علي الحلواني ، وهو ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا النسائي .
[ حدثنا إبراهيم بن حمزة ].
هو إبراهيم بن حمزة الزبيري ، وهو صدوق أخرج له البخاري والنسائي في عمل اليوم والليلة.
[ حدثنا عبد الملك بن عياش السمعي الأنصاري ].
عبد الملك بن عياش السمعي ويقال له: عبد الرحمن مقبول أخرج له أبو داود .
[ عن دلهم بن الأسود بن حاجب بن عامر بن المنتفق العقيلي ].
دلهم بن الأسود مقبول أخرج له أبو داود .
[ عن أبيه ].
أبوه مقبول أخرج له أبو داود .
[ عن عمه لقيط بن عامر ].
لقيط بن عامر رضي الله عنه صحابي، أخرج له البخاري في الأدب المفرد وأصحاب السنن.
قوله: [ قال دلهم : وحدثنيه أيضاً الأسود بن عبد الله عن عاصم بن لقيط ].
الأسود بن عبد الله تقدم ذكره.
وعاصم بن لقيط ثقة أخرج له أبو داود .
[ أن لقيط بن عامر ].
لقيط بن عامر تقدم ذكره.
والحديث ضعيف، ومع ذلك كما ذكرنا أن الأقرب -والله أعلم- أن هذه ليست من ألفاظ القسم وإنما هي من ألفاظ تأكيد الكلام، والسلف كانوا يستعملونها، وقد جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (لعمري من أكل برقية باطلاً فقد أكلت برقية حقاً)، وعائشة رضي الله عنها قالت : (لعمري ما أتم الله حج من لم يطف بين الصفا والمروة)، وكذلك جاء عن جماعة من العلماء المتقدمين والمتأخرين أن الواحد منهم كان يقول: لعمري.
وفي تحفة الأشراف زيادة (عن أبيه) في الإسناد الأول فيكون: عن دلهم بن الأسود بن عبد الله عن أبيه، ثم بعد ذلك عن عمه لقيط .
وهذا لا يؤثر؛ لأن كلمة (عم) تطلق على أخي الرجل وأيضاً تطلق على عم أبيه، فعم الأب يقال له: عم.
فإذا كانت الزيادة ثابتة فيصير العم هو أخو الأب، وأما بدونها فيكون عم الرجل هو عمه كما هو معلوم.
وإذا ثبتت هذه الزيادة فإن الحديث يزداد ضعفاً؛ لأن عبد الله بن حاجب قال عنه الحافظ : مجهول.
حدثنا أحمد بن حنبل حدثنا سفيان عن الزهري عن عبيد الله بن عبد الله عن ابن عباس رضي الله عنهما (أن
قوله: [ باب في القسم ] أي: في لفظ القسم [ هل يكون يميناً ] أي: بدون أن يكون معها (بالله)؛ لأنه لو قال: بالله أو أقسمت بالله فهو يمين سواء قال قبلها: أقسمت أو لم يقل، فلو قال: بالله ما حصل كذا وكذا، أو أقسمت بالله ما حصل كذا وكذا، أو أقسمت بالله لأفعلن كذا وكذا، أو بالله لأفعلن كذا وكذا، فهذا هو يمين ما دام أن كلمة (بالله) التي هي القسم موجودة، لكن الكلام على أقسمت بدون (بالله)، كأن يقول: أقسمت أن أفعل كذا وكذا، أو أقسمت أن تفعل كذا وكذا، فهل تكون يميناً أو لا تكون يميناً؟
من أهل العلم من قال: إنها تكون يميناً، ومنهم من قال: لا تكون يميناً؛ لأنه لم يحصل الإقسام بالله عز وجل فلا تكون قسماً.
وقد أورد أبو داود حديث ابن عباس : (أن
وهذا في قصة الرؤيا التي رآها رجل فأتى بها وعرضها على النبي صلى الله عليه وسلم في مجلس فيه أبو بكر، فطلب أبو بكر رضي الله عنه من النبي صلى الله عليه وسلم أن يأذن له أن يعبرها، فأذن له فعبرها، فقال: (أصبت بعضاً وأخطأت بعضاً. فقال: أقسمت لتخبرنني بما أخطأت، فقال: لا تقسم) فهو لم يقل: أقسمت بالله، وإنما قال: أقسمت، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: (لا تقسم)، فمن أهل العلم من قال: إنها تكون قسماً بالنية. ومنهم من قال: إنها لا تكون قسماً.
والذي يظهر: أنها ليست بقسم، وإنما هي مجرد كلمة لا تعد قسماً، ومثلها كلمة (حلفت عليك)، فإنها من جنس أقسمت؛ لأنه لم يأت بعدها: بالله.
أحمد بن حنبل مر ذكره، وسفيان هو ابن عيينة المكي، وهو ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة، وهو الذي أدركه الإمام أحمد وأما الثوري فإنه لم يدركه؛ لأن الإمام أحمد ولد بعد وفاته بأربع سنوات أو ثلاث؛ فإن الإمام أحمد توفي سنة (241هـ) وعمره سبع وسبعون سنة، والثوري توفي سنة (161هـ)، فالإمام أحمد إنما يروي عن سفيان بن عيينة الذي أدركه وكانت وفاته سنة (197 أو 198 هـ) أو قريباً من ذلك، فـابن عيينة هو الذي أدركه وهو شيخه وهو الذي روى عنه، وأما الثوري فإنه لم يدركه، ولهذا إذا روى الإمام أحمد عن سفيان غير منسوب كما هنا فهو ابن عيينة ؛ لأنه شيخه، وأما الثوري فإنه ليس شيخاً له ولم يدركه.
[ عن الزهري ].
أيضاً الذي يروي عن الزهري هو ابن عيينة ، فـابن عيينة هو المعروف بالرواية عن الزهري ، والزهري هو محمد بن مسلم بن عبيد الله، وهو ثقة فقيه أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن عبيد الله بن عبد الله ].
هو عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود، وهو ثقة فقيه أحد فقهاء المدينة السبعة في عصر التابعين أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن ابن عباس ].
هو عبد الله بن عباس بن عبد المطلب، ابن عم النبي عليه الصلاة والسلام، وأحد العبادلة الأربعة من الصحابة الكرام رضي الله عنهم وأرضاهم، وهو أحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي عليه الصلاة والسلام.
وهذا مثل الذي قبله، إلا أن فيه أن القصة هي قصة رؤيا، وأنه حصل تعبيرها من أبي بكر ، وأن النبي عليه الصلاة والسلام قال له: (أصبت بعضاً وأخطأت بعضاً) وأنه قال: (أقسمت عليك بأبي أنت يا رسول الله! لتخبرني)، وقوله: (بأبي) ليس قسماً، وإنما هو تفدية، أي: أنت مفدي بأبي أن تخبرني، فمثل هذا إذا جاء فهو من قبيل التفدية لا من قبيل الحلف، والرسول صلى الله عليه وسلم قال له: (لا تقسم).
هو محمد بن يحيى بن فارس الذهلي، وهو ثقة أخرج له البخاري وأصحاب السنن.
[ حدثنا عبد الرزاق ].
هو عبد الرزاق بن همام الصنعاني اليماني، وهو ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[قال ابن يحيى : وكتبته من كتابه قال: أخبرنا معمر ].
هو معمر بن راشد الأزدي البصري ثم اليماني، وهو ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن الزهري عن عبيد الله عن ابن عباس ].
أورد أبو داود الحديث من طريق أخرى عن ابن عباس وقال إنه لم يذكر القسم، أي: أنه لم يقل: أقسمت، وزاد فيه: (ولم يخبره)، كنص على أنه لم يخبره بالذي أراده أبو بكر حين طلب منه أن يخبره بما أخطأ فيه.
ففي بعض الروايات السابقة أنه قال: أقسمت عليك لتخبرني، أي: بالذي أخطأت فيه، ولكن الرسول صلى الله عليه وسلم لم يخبره، وفي اللفظ المتقدم قال: (لا تقسم) ومعلوم أن الإخبار لم يقع ولم يأت شيء يدل على وقوعه، ولعل في الإخبار به شيئاً من المضرة، فمن أجل ذلك لم يخبر به النبي صلى الله عليه وسلم؛ لأن الرجل الذي رأى الرؤيا قال: رأيت ظلة ينطف منها السمن والعسل، فأرى الناس يتكففون بأيديهم فمنهم المستقل والمستكثر، ورأيت سبباً واصلاً من السماء إلى الأرض، فأراك يا رسول الله أخذت به فعلوت به ثم أخذ به رجل آخر فعلا به … إلى آخره فلم يخبره الرسول صلى الله عليه وسلم بما أخطأ وإنما قال: (لا تقسم).
محمد بن كثير العبدي ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ أخبرنا سليمان بن كثير ].
هو سليمان بن كثير العبدي ، وهو لا بأس به في غير الزهري أخرج له أصحاب الكتب الستة.
حدثنا مؤمل بن هشام حدثنا إسماعيل عن الجريري عن أبي عثمان أو عن أبي السليل عنه عن عبد الرحمن بن أبي بكر رضي الله عنهما قال: (نزل بنا أضياف لنا، قال: وكان
أورد أبو داود حديث عبد الرحمن بن أبي بكر رضي الله عنه: أن أبا بكر كان له أضياف وأنه طلب منه أن يقدم لهم قراهم وأن يقدم لهم ضيافتهم، وكان مشغولاً مع النبي عليه الصلاة والسلام، فلما قدم لهم الطعام امتنعوا من أكله حتى يحضر أبو بكر وحلفوا على ذلك، فلما جاء أبو بكر قال: هل قدمتم القراء للأضياف؟ قال: إنهم حلفوا ألا يأكلوا حتى تحضر، فسألهم فقالوا: نعم. فقال: ما منعكم؟ قالوا: مكانك، أي: أنهم يريدون أن يأكلوا معه وأن يكون أكلهم معه لا أن يكون بدون حضوره، فحلف ألا يطعمه، وحلفوا هم ألا يطعموه، فكل أحد حلف ألا يأكل حتى يأكل الآخر، فلما حلف وحلفوا بعده قال: ما رأيت في الشر كالليلة قط، لأجل هذا الذي حصل؛ لأن هذا حلف ألا يأكل وهم حلفوا ألا يأكلوا، وكل واحد أثر على صاحبه في حلفه ألا يأكل، ثم قال: قربوه وبدأ بالأكل، فحنث في حلفه رضي الله تعالى عنه وأرضاه ثم أكلوا، قال: فأخبرت أنه أصبح فغدا على النبي صلى الله عليه وسلم فأخبره فقال: (أنت أبرهم وأصدقهم) أي: أنه قد أحسن.
لكن هذه القصة ليس فيها ذكر شيء يتعلق بالكفارة، والأصل هو وجوب الكفارة، فمن حلف ألا يفعل ثم فعل فإنه يكفر، ولا شك أن صنيع أبي بكر حينما ترك يمينه وأتى الذي هو خير هو الأولى والأفضل وهو قد حنث وهم لم يحنثوا، والكفارة الأصل أنها لازمة على من كان كذلك، وليس في الحديث شيء يدل على حصول الكفارة منه، ولكن جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (من حلف على يمين فرأى غيرها خيراً منها فليكفر عن يمينه وليأت الذي هو خير) وأبو بكر أتى الذي هو خير ولا شك أنه كفر عن يمينه.
مؤمل بن هشام ثقة أخرج له البخاري وأبو داود والنسائي .
[ حدثنا إسماعيل ].
هو إسماعيل بن إبراهيم بن علية ، وهو ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن الجريري ].
هو سعيد بن إياس وهو ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن أبي عثمان ].
هو أبو عثمان النهدي عبد الرحمن بن مل ، وهو ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ أو عن أبي السليل عنه ].
هو أبو السليل ضريب بن نقير ، وهو ثقة أخرج له مسلم وأصحاب السنن.
[ عن عبد الرحمن بن أبي بكر ].
عبد الرحمن بن أبي بكر الصديق رضي الله تعالى عنهما صحابي، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
وقول أبي بكر رضي الله عنه: (ما رأيت في الشر كالليلة قط) ليس من باب سب الدهر، وإنما فيه أن ذلك الذي حصل في تلك الليلة ليس شيئاً طيباً.
وقوله صلى الله عليه وسلم لـأبي بكر : (بل أنت أبرهم وأصدقهم) ليس فيه أنه لم يحنث في يمينه، بل إنه رضي الله عنه حنث في يمينه، ولكنه أتى الذي هو خير، وكونه أتى الذي هو خير معناه: أنه حصل منه البر، وليس المقصود أنه أبرهم بيمينه، ولكن المقصود: أنه من أهل البر وأهل الصدق، فهو حنث في يمينه لأنه حلف ألا يأكل ثم أكل، لكن هذا مدح له في البر والصدق.
أورد أبو داود حديث عبد الرحمن بن أبي بكر من طريق أخرى، وهو مثل الذي قبله وزاد عن سالم أنه قال: (لم يبلغني كفارة)، أي: أنه ما بلغه أنه كفَّر، وهذا لا يدل على أنه لم يكفر، فإن الأصل هو التكفير؛ لقوله عليه الصلاة والسلام: (من حلف على يمين فرأى غيرها خيراً منها فليكفر عن يمينه وليأت الذي هو خير).
هو محمد بن المثنى العنزي أبو موسى الملقب بـالزمن ، وهو ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة بل هو شيخ لأصحاب الكتب الستة.
[ حدثنا سالم بن نوح ].
سالم بن نوح صدوق له أوهام، أخرج حديثه البخاري في الأدب المفرد ومسلم وأبو داود والترمذي والنسائي .
[ وعبد الأعلى ].
هو عبد الأعلى بن عبد الأعلى ، وهو ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن الجريري عن أبي عثمان عن عبد الرحمن بن أبي بكر ].
الجريري وأبو عثمان وعبد الرحمن بن أبي بكر قد مر ذكرهم.
وهذا فيه الرواية بالجزم عن أبي عثمان وليس مثل الذي قبله: عن أبي عثمان أو عن أبي السليل عنه.
من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر