حدثنا أحمد بن حنبل حدثنا معتمر قال: سمعت محمد بن فضاء يحدث عن أبيه عن علقمة بن عبد الله عن أبيه رضي الله عنه أنه قال: (نهى رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم أن تكسر سكة المسلمين الجائزة بينهم إلا من بأس) ].
يقول الإمام أبو داود السجستاني رحمه الله تعالى: باب كسر الدراهم.
المقصود بكسر الدراهم: عمل شيء في الدراهم لا يحصل معه الاستفادة منها، وذلك بأن تكسر فتكون قطعتين فلا يستفاد منها على هذه الصورة، هذا هو المقصود بالكسر، أي أن يقرض منها شيئاً، أو يجعل الدرهم قطعتين، فإنه في هذه الحالة لا يستفاد منه.
ومنه أيضاً تحويل الدراهم إلى زينة وإلى حلي، فيحصل بذلك ضرر على الناس؛ لأن الفضة والذهب تحول من كونها عملة ونقداً إلى كونها حلياً؛ فيترتب على ذلك مضرة بالناس.
أورد أبو داود رحمه الله حديثاً ضعيفاً لم يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم، وهو عن عبد الله بن سنان رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم: (نهى أن تكسر سكة المسلمين إلا من بأس) والسكة المقصود بها: النقد.
وقوله: (إلا من بأس)، يعني: إذا حصل فيها شيء من التلف يقتضي أن تكسر، أو حصل فيها اعوجاج أو شيء يخرجها عن هيئتها التي هي عليها، ولا يمكن الانتفاع بها على تلك الصورة؛ فيمكن أنها تكسر ثم تسك من جديد أو تحول إلى حلي.
ولم تكن في عهد النبي صلى الله عليه وسلم سكة خاصة للمسلمين، والمقصود السكة التي يتعامل بها المسلمون وإن كانت من غيرهم، وبعدما وجدت السكة للمسلمين فإن الحكم -لو كان ثابتاً- يشملها.
والأوراق النقدية لا يجوز أن يعبث بها ويرسم أو يكتب عليها بحيث تشوه صورتها، ويترتب على ذلك أن الناس لا يقبلونها.
أحمد بن محمد بن حنبل الشيباني الإمام المحدث الفقيه، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ حدثنا معتمر ].
معتمر بن سليمان بن طرخان التيمي ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ سمعت محمد بن فضاء ].
محمد بن فضاء ، وهو ضعيف، أخرج له أبو داود والترمذي وابن ماجة .
[ عن أبيه ].
وهو فضاء بن خالد وهو مجهول، أخرج له أبو داود والترمذي وابن ماجة .
[ عن علقمة بن عبد الله ].
علقمة بن عبد الله بن سنان ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب السنن.
[ عن أبيه ].
حدثنا محمد بن عثمان الدمشقي أن سليمان بن بلال حدثهم قال: حدثني العلاء بن عبد الرحمن عن أبيه عن أبي هريرة رضي الله عنه: (أن رجلاً جاء فقال: يا رسول الله! سعِّر، فقال: بل أدعو، ثم جاءه رجل، فقال: يا رسول الله! سعِّر، فقال: بل الله يخفض ويرفع، وإني لأرجو أن ألقى الله وليس لأحد عندي مظلمة) ].
أورد أبو داود باب التسعير، والتسعير: هو تحديد السعر، بحيث يقال: لا يباع بأكثر من كذا، ويلزم أن يكون البيع بهذا السعر، هذا هو التسعير، وقد نهى عنه النبي صلى الله عليه وسلم، فهو حرام، ولما طلب منه ذلك قال: (بل أدعو) يعني: بأن تحصل الأرزاق وتكثر ولا يحتاج الناس إلى تسعير، فلما روجع قال: (إني لأرجو أن ألقى الله وليس لأحد عندي مظلمة)، وهذا يفيد بأن التسعير من الظلم، فقد يكون صاحب البضاعة اشتراها بثمن غال ثم يلزم بأن يبيعها بسعر رخيص، فيكون في ذلك ظلم عليه؛ لأنه اشترى بثمن غال ثم ألزم بأن يبيع بسعر رخيص، ولكن إذا تواطأ التجار على رفع الأسعار فإنهم لا يمكنون من ذلك؛ لأن هذا تعاون على الإثم والعدوان وتعاون على الظلم، فحينئذٍ تتدخل الدولة فتسعر دفعاً للظلم.
قوله: [ (أن رجلاً جاء فقال: يارسول الله! سعِّر، فقال: بل أدعو) ].
يعني: يدعو الله أن يبسط لهم الرزق ويكثر الخير.
قوله: (ثم جاءه رجل، فقال: يارسول الله! سعر، فقال: بل الله يخفض ويرفع) ].
يعني: يحصل منه بسط الرزق ويحصل منه تضييق الرزق، يبسط الرزق لمن يشاء، ويقدر على من يشاء، بمعنى: يضيق، فالتقدير هو التضييق والتقليل.
محمد بن عثمان الدمشقي ثقة، أخرج له أبو داود وابن ماجة .
[ عن سليمان بن بلال ].
هو أبو جماهر سليمان بن بلال ، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ حدثني العلاء بن عبد الرحمن ].
العلاء بن عبد الرحمن صدوق ربما يهم، أخرج له البخاري في جزء القراءة ومسلم وأصحاب السنن.
[ عن أبيه ].
هو عبد الرحمن بن يعقوب الحرقي ، وهو ثقة، أخرج له البخاري في جزء القراءة ومسلم وأصحاب السنن.
[ عن أبي هريرة ].
أبو هريرة عبد الرحمن بن صخر الدوسي صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأكثر أصحابه حديثاً.
هذا الحديث مثل الذي قبله، وفيه أن هذا إلى الله عز وجل، فهو الذي يخفض ويرفع ويبسط ويضيق، وهذه من أفعال الله عز وجل يفعل ما يشاء ويحكم ما يريد سبحانه وتعالى، وهو الذي يأتي بالخير ويأتي بالنعم، وإذا شاء أن تقل فكل ذلك يرجع إلى مشيئة الله سبحانه وتعالى.
ولو ألزم التجار بسعر معين، فقد تكون السلع دخلت عليهم بأثمان غالية، فإذا ألزم التاجر أن يبيع بأقل مما اشترى فهذا يعني أنه ألزم بالخسارة، وفي ذلك ظلم له.
قوله: [ (إن الله هو المسعر القابض الباسط الرزاق) ].
هذه من أفعال الله عز وجل، والقابض الباسط متقابلان، أي: تضييق الرزق وتوسيعه.
والمسعر يعني أن الله هو الذي بيده كل شيء، وهو الذي يحصل منه كثرة الرزق بأيدي الناس ولا يحتاجون إلى طلب تسعير، وقد يحصل خلاف ذلك فيحتاج الناس إلى التسعير، لكن التسعير فيه ظلم للناس كما عرفنا، لكن لا يقال: إن من أسماء الله المسعر؛ لأن هذا من أفعال الله عز وجل، فالنبي صلى الله عليه وسلم يخبر عن الله بهذه الأشياء، ولا يقال: إن هذا من أسماء الله.
والقابض الباسط متقابلان، قال الله: يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ وَيَقْدِرُ [الشورى:12]، فكل منهما مرتبط بالآخر.
والله هو النافع الضار لكن لا يقال: من أسماء الله النافع الضار، فالله عز وجل يوصف بأنه نافع وضار، أعني: يخبر عنه بأنه نافع ضار، لكن لا يقال: إن من أسمائه النافع الضار.
والرزاق جاء في القرآن في قوله تعالى: إن الله هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ [الذاريات:58]، وأما الرازق فجاء في هذا الحديث، وهو إخبار عن أفعال الله سبحانه وتعالى، لكن لا أدري هل جاء اسم الرازق في غير هذا الحديث؟
عثمان بن أبي شيبة ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا الترمذي وإلا النسائي فقد أخرج له في عمل اليوم والليلة.
[ حدثنا عفان ].
عفان بن مسلم الصفار ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ حدثنا حماد بن سلمة ].
حماد بن سلمة ثقة، أخرج له البخاري تعليقاً ومسلم وأصحاب السنن.
[ أخبرنا ثابت ].
ثابت بن أسلم البناني ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن أنس ].
أنس بن مالك رضي الله عنه خادم رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم.
قتادة بن دعامة السدوسي البصري ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة، وحميد بن أبي حميد الطويل ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
حدثنا أحمد بن محمد بن حنبل حدثنا سفيان بن عيينة عن العلاء عن أبيه عن أبي هريرة : (أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم مر برجل يبيع طعاماً، فسأله: كيف تبيع؟ فأخبره، فأوحي إليه أن أدخل يدك فيه، فأدخل يده فيه، فإذا هو مبلول، فقال رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم: ليس منا من غش) ].
أورد أبو داود باباً في النهي عن الغش، والغش هو الشيء فيه عيب فيخفيه البائع ويبيعه على أساس أن ظاهره السلامة، ولكنه من الداخل على عكس الذي يراه الناس، مثل أن تكون الأطعمة التي تباع ظاهرها جميل، ولكن إذا قلبت ونكست وجد أسفلها يختلف عن أعلاها، فهذا من الغش، والواجب أن يكون أسفل الشيء وأعلاه على حد سواء.
والغش حرام لا يجوز؛ لأن فيه إضراراً بالناس، وأكلاً لأموالهم بالباطل.
أورد أبو داود حديث أبي هريرة رضي الله عنه: (أن النبي صلى الله عليه وسلم مر على رجل يبيع طعاماً فقال: كيف تبيع؟ فأخبره، فأوحي إليه أن أدخل يدك في الطعام فأدخل يده فإذا هو مبلول) يعني: أن الأعلى سليم والداخل مبلول، فالنبي صلى الله عليه وسلم قال: (ليس منا من غش)، وهذا من أحاديث الوعيد الدالة على خطورة هذا الأمر، وأنه أمر ليس بالهين، والمعنى: أنه ليس على منهجنا وعلى طريقتنا وعلى ما يلزم من الاتباع لما نحن عليه، بل هذا مخالف؛ لأن الذي عليه النبي صلى الله عليه وسلم هو ألا يكون هناك غش، وأن يكون ظاهر ما يباع وباطنه على حد سواء، ولا يكون الظاهر سليماً والباطن سيئاً وأخفي من أجل الغش والخديعة للناس؛ فإن ذلك حرام لا يجوز.
وفي بعض الألفاظ أنه قال: (ألا جعلته فوق الطعام حتى يراه الناس) يعني: هذا الذي فيه بلل؛ لأن من الناس من قد يشتري الشيء الذي فيه نقص بسعر أقل، فالسعر يختلف، وليس كل الناس يأخذ هذا الرديء، فقد يكون بعض الناس لا يريد إلا الجيد، لكن من يعرف أنه رديء فإنه يشتريه بثمن يماثل الرديء، فهذا لا بأس به.
سفيان بن عيينة المكي ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن العلاء عن أبيه عن أبي هريرة ].
مر ذكرهم.
أورد المصنف أثراً عن سفيان الثوري أنه كان يكره هذا التفسير بأن يقال: (ليس منا) معناه: ليس مثلنا، وكان يحب أن يبقى الحديث على ظاهره، وهكذا أحاديث الوعيد التي فيها الزجر، حتى يحصل للناس منها رهبة وخوف؛ لأن الأمر خطير، فإذا أبقيت على ما هي عليه خاف الناس، فيكون في ذلك زجر لهم.
قوله: [ حدثنا الحسن بن الصباح ].
الحسن بن الصباح البزاز صدوق يهم، أخرج له البخاري وأبو داود والترمذي والنسائي .
[ عن علي ].
علي بن عبد الله المديني وهو ثقة، أخرج له البخاري وأبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجة في التفسير.
[ عن يحيى ].
يحيى بن سعيد القطان ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن سفيان ].
سفيان هو الثوري كما ذكره المزي ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة، وإن كان سفيان بن عيينة فهو أيضاً ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة.
حدثنا عبد الله بن مسلمة عن مالك عن نافع عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما: (أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: المتبايعان كل واحد منهما بالخيار على صاحبه ما لم يفترقا، إلا بيع الخيار) ].
أورد أبو داود باباً في خيار المتابعين، والخيار هو كون كل واحد من المتبايعين أو أحدهما له حق الاختيار في مدة معينة، إما وقت المجلس، أو المكان الذي تم فيه البيع، أو يشترط أحدهما أو كل منهما الخيار لمدة ثلاثة أيام أو أربعة أيام أو خمسة أيام.
وخيار الشرط وخيار المجلس كل منهما صحيح وثابت، وإذا اتفقا على إمضاء البيع في المجلس واختارا عدم ثبوت خيار المجلس فلهما ذلك.
وإما إذا تم البيع وحصل السكوت وليس هناك اتفاق على إسقاط خيار المجلس فإنه يثبت لهما الخيار إلى أن يتفرقا بالأبدان، وينفض الاجتماع الذي كانا فيه، وهذا هو التفرق بالأبدان، وهو الذي دل الدليل على أنه هو المقصود.
وبعض أهل العلم يقول: إن المقصود التفرق بالكلام، فإذا تم البيع في المجلس ثم صار هناك كلام آخر ليس له علاقة بالبيع؛ فهذا تفرق، ولا خيار لهما في المجلس. ولكن هذا غير صحيح، فالتفرق المراد به بالأبدان، وسيأتي ما يدل عليه، وأنه لو طال الجلوس ولو لمدة يوم وليلة وما تفرقوا فإن خيار المجلس ثابت لهما ما داما جالسين لم يحصل بينهما الفراق.
أورد أبو داود حديث ابن عمر رضي الله تعالى عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (المتبايعان كل واحد منهما بالخيار على صاحبه ما لم يفترقا، إلا بيع الخيار) ما لم يفترقا، أي بأبدانهما، بأن ينفض الاجتماع وكل يذهب إلى جهته، وعند ذلك يستقر البيع، وأما قبل أن يحصل انفضاض المجلس فكل واحد منهما له أن يترك البيع، وكذلك لو انفض المجلس وقد اشترطا أن يكون لهما الخيار مدة ثلاثة أيام مثلاً، فإنه يعتبر الشرط، ويتم البيع عند انتهاء مدة الشرط، وإذا اتفقا في المجلس على إسقاط خيار المجلس بأن قال أحدهما للآخر: اختر أن البيع قد تم، فإنه يعتبر، ويدل عليه قوله: (إلا بيع الخيار)، فإنه يحتمل أن يكون كل واحد منهما يقول لصاحبه: اختر، ويحتمل أنه إذا حصل بينهما اتفاق على أن الخيار يمتد بعد المجلس إلى مدة ثلاثة أيام أو خمسة أيام أو أربعة أيام فإن الأمر يكون على حسب ما يتفقان عليه.
وقد شرع الخيار لأن الإنسان قد يحصل له في المجلس شيء من الندم أو عدم الارتياح للعقد، فيكون بإمكانه أن يتخلص من هذا البيع ما دام في المجلس.
أما إذا تفرقا ثم ندم فقد تم البيع فلا رجوع، ولكن يستحب للآخر أن يقيله، ولا يلزمه ذلك.
أما إذا تبين في السلعة وجود عيب كان موجوداً من قبل، وليس طارئاً، فهذا يسمى خيار العيب وهو غير خيار الشرط وخيار المجلس.
وبعض التجار يكتب في محله: البضاعة لا ترد ولا تستبدل، وهذا هو الأصل، إلا إذا كان في السلعة عيب فيلزمه إرجاعها، وإلا فقد تم البيع بمجرد تفرقهم ، لكن إذا وافق البائع على الرد أو الاستبدال فله ذلك، وإن لم يوافق فلا يلزم بذلك.
والبيع والشراء من خلال الهاتف جائز، ويعتبر انتهاء المكالمة تفرقاً بالأبدان، فلهما خيار المجلس مدة المكالمة، وبعد انتهائها ينتهي خيار المجلس.
عبد الله بن مسلمة القعنبي ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا ابن ماجة .
[ عن مالك ].
مالك بن أنس إمام دار الهجرة، المحدث الفقيه أحد أصحاب المذاهب الأربعة المشهورة من مذاهب أهل السنة، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
[ عن نافع ].
نافع مولى ابن عمر ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن عبد الله بن عمر ].
هو الصحابي الجليل أحد العبادلة الأربعة من الصحابة، وأحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم.
أورد أبو داود الحديث من طريق أخرى بمعناه وفيه: (أو يقول لصاحبه اختر) يعني: نريد أن ننهي الاتفاق وألا نبقي بالخيار، وهذا كما لو كانوا في سفينة أو كانوا في مكان يطول فيه جلوسهم واجتماعهم أو كانوا مسافرين والسفر متصل فيما بينهم، فإذا خير أحدهما صاحبه أو اتفقا على إمضاء البيع في المجلس فإنه يمضي، وينتهي خيار المجلس.
أما أن يقول للمشتري: اشتر السلعة لكن ليس لك خيار فهذا لا يصح، فالخيار لا يلغى، ولكن إذا مضى وقت ثم اتفقا على إسقاط الاستمرار فلا بأس، أما كونه عند البيع يقول له: ليس هناك خيار، فلا؛ لأن هذا لا يحصل به المقصود من خيار المجلس، وهو إعطاء الفرصة للشخص؛ لأنه قد يندم بعد دقائق فيكون عنده مجال لفسخ العقد.
موسى بن إسماعيل التبوذكي البصري ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
حماد بن سلمة ثقة، أخرج له البخاري تعليقاً ومسلم وأصحاب السنن.
وأيوب السختياني ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
مر ذكرهما.
أورد المصنف حديث عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما أن المتبايعان بالخيار ما لم يتفرقا إلا أن تكون صفقة خيار، يعني سواء اتفقا على خيار شرط لعدة أيام أو اتفقا على إنهاء الخيار الذي يكون في المجلس كما مر آنفاً.
قوله: [ (ولا يحل له أن يفارقه خشية أن يستقيله) ] أي: خشية أن يفسخ العقد، فيفارقه من أجل أن ينهي مدة الخيار، وهذا قيل إنه ليس على سبيل التحريم وإنما هو على سبيل الكراهة، ولو أنه فارقه من أجل أن يتم البيع صح البيع ولكنه خلاف الأولى، والإنسان يغادر المجلس عندما ينتهي من المجلس.
قتيبة بن سعيد بن جميل بن طريف البغلاني ، وبغلان قرية من قرى بلخ، وهو ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ حدثنا الليث ].
الليث بن سعد المصري ثقة فقيه، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن ابن عجلان ].
هو محمد بن عجلان المدني صدوق، أخرج له البخاري تعليقاً ومسلم وأصحاب السنن، ويقال في ترجمة ابن عجلان : حملت به أمه أربع سنين.
[ عن عمرو بن شعيب ].
عمرو بن شعيب وهو صدوق، أخرج له البخاري في جزء القراءة وأصحاب السنن.
[ عن أبيه ].
هو شعيب بن محمد بن عبد الله بن عمرو وهو صدوق، أخرج له البخاري في الأدب المفرد وجزء القراءة وأصحاب السنن.
[ عن عبد الله بن عمرو بن العاص ].
عبد الله بن عمرو بن العاص الصحابي الجليل أحد العبادلة الأربعة من الصحابة، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة، وهذا الإسناد فيه بيان أن الجد هو عبد الله بن عمرو ؛ لأنه أحياناً يأتي عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده، وهنا صرح بالجد وأنه عبد الله بن عمرو وليس محمداً جد عمرو وأبا شعيب ؛ لأنه لو كان محمداً لكان الحديث مرسلاً؛ لأن محمداً ليس بصحابي.
فـشعيب سمع من جده عبد الله بن عمرو .
أورد أبو داود حديث أبي برزة الأسلمي رضي الله تعالى عنه، وفيه قصة عن أبي الوضيء قال: غزونا غزوة لنا فباع رجل فرساً بغلام، وعند الرحيل أراد صاحب الفرس الذي بالغلام أن يركب على الفرس، فجعل يسرجه ليستخدمه ويركب عليه، فجاء المشتري الذي دفع العبد في مقابل الفرس وأراد أن يأخذ الفرس، فأبى أن يسلمه إياه، فاتفقا على أن يتحاكما إلى أبي برزة الأسلمي رضي الله عنه، فجاءا إليه وهو في ناحية المعسكر فقال: أترضيان أن أقضي بينكما بقضاء رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فقالا: نعم، فقال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (البيعان بالخيار ما لم يفترقا) وما أراكما قد افترقتما، يعني: أن مدة الخيار باقية لصاحب الفرس، فله أن يأخذ فرسه؛ لأنه لا زال في مدة الخيار، وكونهما يصليان مثلاً في المجلس لا يؤثر، وهذا يبين أن مدة خيار المجلس قد تطول ما لم يحصل الافتراق.
وفيه دليل على أنه إذا حصل التحاكم إلى شخص صاحب علم ليقضي بين المتخاصمين، فإن ذلك يصح، ولا يلزم أن يكون قاضياً منصوباً من جهة الإمام، فإنهما إذا تراضيا على أن يحكما شخصاً وهو صاحب علم وعنده معرفة ورضيا بحكمه، فإن ذلك صحيح، وقصة أبي برزة رضي الله تعالى عنه دليل على ذلك، ويلزمهما قضاؤه إذا تراضيا عليه.
مسدد بن مسرهد البصري ثقة، أخرج له البخاري وأبو داود والترمذي والنسائي .
[ حدثنا حماد ].
حماد بن زيد ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن جميل بن مرة ].
جميل بن مرة ، وهو ثقة، أخرج له أبو داود والنسائي في مسند علي وابن ماجة .
[ عن أبي الوضيء ].
هو عباد بن نسيب ، وهو ثقة، أخرج له أبو داود والنسائي في مسند علي وابن ماجة .
[ عن أبي برزة ].
أبو برزة الأسلمي نضلة بن عبيد رضي الله عنه وهو صحابي، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
أورد أبو داود حديث أبي هريرة رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (لا يفترقن اثنان إلا عن تراض) يعني: إذا بقيا في المجلس حتى انتهى المجلس وهما باقيان على البيع وراغبان فيه، فمعناه أن كل واحد منهما في هذه الفترة رضي بما حصل له من الشراء أو البيع.
قوله: [ كان أبو زرعة إذا بايع رجلاً خيره، قال: ثم يقول: خيرني ].
بمعنى أن كل واحد منهما اختار مضي البيع وتمام البيع.
محمد بن حاتم الجرجرائي ثقة، أخرج له أبو داود والنسائي .
[ قال: مروان الفزاري أخبرنا ].
مروان الفزاري وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
وقوله: قال: مروان أخبرنا، هذا من تقديم الاسم على الصيغة، فبدل أن يقول: أخبرنا مروان قال: مروان أخبرنا، وهذه الصيغة يستعملها بعض المحدثين، فبدل أن يقول: (أخبرنا مروان) يقول: (مروان أخبرنا)، يعني: بدل أن يكون فعل وفاعل يكون مبتدأ وخبره جملة فعلية بعده.
[ عن يحيى بن أيوب ].
يحيى بن أيوب بن أبي زرعة بن عمرو بن جرير وهو لا بأس به بمعنى صدوق، أخرج له البخاري تعليقاً وأبو داود والترمذي .
[ عن أبي زرعة ].
وهو جده، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن أبي هريرة ].
مر ذكره.
أورد أبو داود حديث حكيم بن حزام رضي الله عنه مرفوعاً: (البيعان بالخيار ما لم يفترقا)، وهذا يتعلق بخيار المجلس.
وبعد ذلك ذكر ما يتعلق بحسن المعاملة والصدق وعدم الكذب وعدم إخفاء العيوب فقال: (فإن صدقا وبينا بورك لهما في بيعهما، وإن كتما وكذبا محقت بركة بيعهما)، قوله: (صدقا) يعني: في بيعهما ولم يخفيا العيوب، (وإن كتما) يعني: حصل كتمان العيوب.
وهذا الحديث يفيد بأن الصدق والمعاملة الطيبة سبب لحصول البركة، وأن عكس ذلك من كتمان العيب ومن الكذب سبب في محق البركة.
هو هشام بن عبد الملك ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ حدثنا شعبة ].
شعبة بن الحجاج الواسطي ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن قتادة ].
قتادة بن دعامة السدوسي البصري ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن أبي الخليل ].
أبو الخليل هو صالح بن أبي مريم ، وثقه ابن معين والنسائي ، وأخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن عبد الله بن الحارث ].
عبد الله بن الحارث بن نوفل ، قيل: له رؤية، وقيل: إنه من ثقات التابعين، واتفقوا على توثيقه، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن حكيم بن حزام ].
حكيم بن حزام رضي الله عنه، صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
سعيد بن أبي عروبة ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
وحماد هو ابن سلمة ثقة، أخرج له البخاري تعليقاً ومسلم وأصحاب السنن.
وهمام بن يحيى العوذي ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
قوله: [ فقال: (حتى يتفرقا أو يختارا) ثلاث مرات ].
يعني: أنه يمكن أن يتم البيع قبل التفرق، وذلك بأن يحصل الاختيار.
وقوله: (ثلاث مرار) كأنه كررها ثلاث مرات.
وقد جاء عن الإمام الشافعي رحمه الله أنه قال: أجمع المسلمون على أن من استبانت له سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يكن له أن يدعها لقول أحد.
والناس بالنسبة للعلماء -سواء الأئمة الأربعة أو غيرهم- على ثلاثة أصناف طرفان ووسط:
فمنهم من يتعصب ويغلو، ومنهم من يجفو، ومنهم من يتوسط ويعتدل.
فالذين يغلون لا يعدلون عن قول الإمام حتى ولو وجد حديث عن النبي صلى الله عليه وسلم بخلافه، وقالوا: لو كان صحيحاً لعلمه الإمام ولا يخفى على الإمام! وهذا غلو وتعصب، فلا أحد يقول: إنه لا يخفى على الإمام شيء من سنة الرسول صلى الله عليه وسلم بحيث تكون جميع أقواله وأفعاله وتقريراته صلى الله عليه وسلم محصورة عند شخص من الناس، ولا يفوته منها شيء، هذا لا يقال في حق أحد.
ومن الناس من يجفو فيقول: لا نرجع إلى كلام العلماء، بل نحن رجال وهم رجال!
والتوسط بينهما أن يرجع الإنسان إلى كلامهم ويرجع إلى ما كتبوه ودونوه، ويترحم عليهم، ويدعو لهم، ويستفيد من علمهم، ويستعين بهم في الوصول إلى الحق.
قال ابن القيم رحمه الله في كتاب الروح: العلماء يُحترمون ويُوقرون ويرجع إلى علمهم للاستفادة منهم، ويستعان بهم في الوصول إلى الحق، فإذا وصل إلى الحق اكتفى الإنسان به عن غيره.
ثم ضرب لذلك مثلاً فقال: مثل النجوم يهتدى بها في البر إلى جهة القبلة في الظلام وفي الفلوات، لكنه إذا وصل إلى الكعبة ورآها فإنه لا يحتاج إلى أن ينظر في النجوم ليهتدي إلى القبلة؛ لأنه وصل إلى الكعبة ورآها، لكنه عندما يكون بحاجة إلى الاستفادة من النجوم يستفيد منها، وكذلك الإنسان يستفيد من العلماء ما دام أن الحق ما تبين له، وما وقف على الدليل الواضح في المسألة، فيرجع إلى كلام العلماء ويستفيد من علمهم وهذا هو العدل والإنصاف، وهذا هو الذي يريده الأئمة، وهو الذي أوصى به الأئمة، وهو أنه إذا وجد الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم فإنه يصار إليه ولا يصار إلى أقوالهم؛ لأن السلامة والعصمة إنما هي في كلام الرسول صلى الله عليه وسلم وفيما جاء عن الرسول كتاباً أو سنة، ففيهما السلامة والنجاة، وأما العلماء فهم يخطئون ويصيبون، ولا يعدمون الأجر أو الأجرين، من اجتهد منهم وأصاب الحق فإنه يحصل أجرين، أجراً من أجل اجتهاده وأجراً من أجل إصابته، ومن اجتهد وأخطأ فإنه يحصل أجراً على اجتهاده وخطؤه مغفور.
إذاً: المجتهدون لا يعدمون أجراً أو أجرين، وكل مجتهد له نصيب من الأجر، ولا يقال: كل مجتهد مصيب، فالحق واحد.
ولهذا قسم النبي صلى الله عليه وسلم المجتهدين إلى قسمين فقال: (إذا حكم الحاكم فاجتهد فأصاب فله أجران، وإن حكم فاجتهد وأخطأ فله أجر واحد)، فالنبي صلى الله عليه وسلم ما جعل كل مجتهد مصيباً للحق، بل الحق يصيبه من يصيبه، ويخطئه من يخطئه، لكن لكل مجتهد نصيب من الأجر.
الجواب: لا يقال هذا، فقد كان الناس قبل أن يوجد الأئمة الأربعة على خير وعلم أيضاً، والأئمة الأربعة رحمة الله عليهم اجتهدوا، وهم دائرون بين أجر وأجرين، ولا يجوز لأحد أن يتعصب لأحد منهم أو يلتزم بمذهب معين، اللهم إلا أن يكون عامياً لا يعرف الحق بنفسه، ولا يجد من يدله على الحق، فهذا معذور، فكونه يأخذ بقول واحد من الأئمة الأربعة إذا لم يجد من يبين له الحق لا بأس به، والتقليد عند الضرورة إليه سائغ وهو اتباع قول القائل من غير معرفة دليله، وهذا جائز عند الضرورة، كشخص ليس عنده قدرة على الاجتهاد، ولم يجد من يبين له الحق، فعليه أن يتقي الله ما استطاع، ولا بأس بالتقليد له، وأما كون الإنسان يعرف الحق أو يكون قد عرف الحق ثم لا يأخذ به تعصباً لبعض الأئمة فهذا غلط، فكيف يترك الحق بعد أن عرف الدليل؟
الجواب: من جهة الثمن، فقد يكون فيه تزييف، وقد يكون الثمن ليس نقداً، بل كل من البائع والمشتري يعطي الآخر سلعة، فكل واحد قد يكون عنده غش ويكتم العيب.
الجواب: هي حصول الفائدة من السلعة، وأن الله يبارك في أكلها، وإذا نزعت البركة فقد يأكلها ولا يحصل له بركة في أكلها.
الجواب: إذا تم الأمر بدون كتابة، فإنه يتم البيع أو الإجارة بدون كتابة.
الجواب: نعم.
الجواب: الحكمة من عدم تحديد السعر هي دفع الظلم؛ ولذا قال صلى الله عليه وسلم: (إني لأرجو أن ألقى الله وليس لأحد عندي مظلمة).
الجواب: لا بأس به؛ لأن مصادر الدواء معروفه، والحاجة له ماسة، وليس مثل الطعام والأشياء التي يحتاج إليها الناس دائماً، فلو ترك الأمر لهم فقد يرفعونها أضعافاً مضاعفة.
والآن توجد منتجات غذائية يسعرها المصنع ويكتب عليها قيمتها، بحيث إن الناس يعرفون أن هذه المنتجات سعرها كذا، وهذا التسعير ليس من الدولة، بل صاحب المصنع هو الذي يحدد السعر، فلا بأس به.
وإذا سعرت الدولة بعض الأدوية، فيجوز أن تباع برخص من أجل أن يجذب الزبائن.
الجواب: فيه خلاف بين أهل العلم في هذا الزمان، وأكثر المشايخ يقولون: هذا غير سائغ، ولا شك أن تركه أولى للإنسان.
من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر