حدثنا يحيى بن معين حدثنا حفص عن الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة رضي الله عنه أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (من أقال مسلماً أقال الله عثرته) ].
يقول الإمام أبو داود السجستاني رحمه الله تعالى: باب في فضل الإقالة، أي: الإقالة في البيع، بأن يندم المشتري بعد أن يلزم البيع، فيرغب إلى البائع أن يقيله، بمعنى أنه يترك البيع بحيث ترجع إلى هذا نقوده، وذاك يأخذ سلعته، أو العكس: بأن يكون البائع هو الذي ندم، فيطلب من المشتري الإقالة بحيث يرد عليه النقود ويأخذ منه السلعة التي باعها عليه، هذه هي الإقالة.
ومعناها أن البيع لزم واحتيج إلى الفسخ بموافقة الطرفين؛ لأن أحد الطرفين لا يملك الفسخ بمفرده بعد أن يلزم البيع، فإذا ندم أحدهما وطلب من الآخر أن يعفيه من هذا البيع وأن يعود الأمر إلى ما كان عليه قبل البيع.
وقد ورد في فضلها والترغيب فيها هذا الحديث عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي عليه الصلاة والسلام قال: (من أقال مسلماً أقال الله عثرته) أي: من أقال مسلماً بيعته لكونه ندم على البيع -سواء كان البائع أو المشتري- وطلب من الآخر أن يلغي البيع ويرجع السلعة إلى البائع والثمن إلى المشتري، فإن هذا فيه فضل؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (أقال الله عثرته) أي: يوم القيامة.
وهذا الحديث فيه بيان أن الجزاء من جنس العمل؛ لأن العمل إقالة البيع، والجزاء إقالة العثرة يوم القيامة، وهو التجاوز عن الذنوب، فهو من الأدلة الدالة على أن الجزاء من جنس العمل، وهو مثل قوله صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح: (من نفس عن مسلم كربة من كرب الدنيا نفس الله عنه بها كربة من كرب يوم القيامة، ومن ستر مسلماً ستره الله في الدنيا والآخرة، ومن يسر على مسلم يسر الله عليه في الدنيا والآخرة، ومن سلك طريقاً يلتمس فيه علماً سهل الله له به طريقاً إلى الجنة).
يحيى بن معين ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ حدثنا حفص ].
حفص بن غياث ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن الأعمش ].
هو سليمان بن مهران الكاهلي ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن أبي صالح ].
هو ذكوان السمان مشهور بكنيته أبي صالح ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن أبي هريرة ].
هو عبد الرحمن بن صخر الدوسي صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو أحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي عليه الصلاة والسلام، بل هو أكثر السبعة حديثاً على الإطلاق رضي الله عنه وأرضاه.
حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة عن يحيى بن زكريا عن محمد بن عمرو عن أبي سلمة عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (من باع بيعتين في بيعة فله أوكسهما أو الربا) ].
أورد أبو داود هذه الترجمة: باب من باع بيعتين في بيعة، والمقصود ببيعتين في بيعة أن تكون عنده سلعة فيبيعها بالنقد بثمن ويبيعها بالأجل بثمن زائد على الثمن الحال، فيأخذ السلعة دون أن يحدد هل أخذها بالحال أو المؤجل، فإنه في هذه الحالة له الثمن الأقل، وإن أخذ الأكثر فإنه يكون قد أخذ ربا؛ لأنه ما دخل على بينة، وإنما دخل في أمر مبهم بين أن يكون حالاً أو يكون مؤجلاً، أما لو دخل على أنه حال أو دخل على أنه مؤجل فإن هذا ليس من قبيل البيعتين في بيعة.
فلو اتفق معه على أنه سيأخذ السلعة بالتأجيل بزيادة في الثمن فلا بأس، ولو قال: أنا سآخذه معجلاً بالثمن الأقل فلا بأس، وإنما الذي فيه بأس أن يذكر له البائع هذا السعر وهذا السعر ثم يأخذه المشتري دون اتفاق على أحد الأمرين، فله أوكسهما، أي: أقلهما، وهو سعر الحال، أو الربا إن أخذ الثاني؛ لأنه ما دخل على بينة.
وقد ذكر الشوكاني في نيل الأوطار عند شرح هذا الحديث في باب بيعتين في بيعة، أن الحكم الذي فيه المنع هو ما كان على الإبهام، أما لو اتفقا على التأجيل ولو كان السعر زائداً من أجل التأجيل فإنه لا بأس بذلك، وذكر أنه لا يعلم خلافاً في ذلك إلا عن جماعة من أهل البيت منهم علي بن الحسين رحمة الله عليه، وقد ذكر الشوكاني في شرح هذا الحديث أنه ألف في ذلك رسالة خاصة ذكر فيها الأدلة على جواز هذا، وسماها شفاء العليل فيما جاء في زيادة الثمن من أجل التأجيل.
أبو بكر بن أبي شيبة هو عبد الله بن محمد ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا الترمذي .
[ عن يحيى بن زكريا ].
يحيى بن زكريا بن أبي زائدة ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن محمد بن عمرو ].
محمد بن عمرو بن علقمة بن وقاص الليثي وهو صدوق له أوهام، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن أبي سلمة ].
أبو سلمة بن عبد الرحمن بن عوف ، وهو ثقة فقيه، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن أبي هريرة ].
قد مر ذكره في الإسناد الذي قبل هذا.
حدثنا سليمان بن داود المهري أخبرنا ابن وهب أخبرني حيوة بن شريح ح وحدثنا جعفر بن مسافر التنيسي حدثنا عبد الله بن يحيى البرلسي حدثنا حيوة بن شريح عن إسحاق أبي عبد الرحمن -قال سليمان : - عن أبي عبد الرحمن الخراساني أن عطاء الخراساني حدثه أن نافعاً حدثه عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول: (إذا تبايعتم بالعينة، وأخذتم أذناب البقر، ورضيتم بالزرع، وتركتم الجهاد؛ سلط الله عليكم ذلاً لا ينزعه حتى ترجعوا إلى دينكم).
قال أبو داود : الإخبار لـجعفر ، وهذا لفظه ].
أورد أبو داود : (باب في العينة)، والعينة: هي أن يبيع الإنسان سلعة بثمن مؤجل ثم يشتريها بائعها بسعر أقل معجلاً، فتكون النتيجة أن العين رجعت إلى صاحبها وبقيت ذمة المشتري مشغولة بالزيادة، فقيل لها عينة؛ لأن عين العين المشتراة رجعت إلى صاحبها وبقيت الذمة مشغولة بما اشتراها به المشتري أول مرة، بمعنى أنه باعها مثلاً: بألف ريال لمدة سنة ثم إنه اشتراها ممن اشتراها بثمانمائة ريال، فالسلعة رجعت لصاحبها الأول، وبقيت الذمة مشغولة بمائتين.
أورد أبو داود حديث ابن عمر رضي الله عنهما مرفوعاً: (إذا تبايعتم بالعينة واتبعتم أذناب البقر ورضيتم بالزرع وتركتم الجهاد في سبيل الله، سلط الله عليكم ذلاً لا يرفعه عنكم حتى ترجعوا إلى دينكم)، والمقصود من ذلك أنهم ركنوا إلى الدنيا، واشتغلوا بالبيع المحرم -الذي هو العينة- وتركوا الجهاد في سبيل الله وأعرضوا عن الآخرة والاشتغال لها، وذلك لكونهم يحرصون على الدنيا وتحصيلها بأي طريق، فهذا هو المذموم، وليس معنى ذلك أن الاشتغال بالزراعة محرم، وكذلك الأخذ بأذناب البقر بمعنى كونهم يستنبطون عليها الماء ويستفيدون منها، فهذا غير محرم، ولكن المذموم أن يكون همهم الدنيا، وأنهم يأخذون الدنيا ولو بطريق الحرام، ويعرضون عن الجهاد في سبيل الله؛ فإن هذا من أسباب الذل والهوان للمسلمين.
وهذا الحديث إسناده صحيح، وهو يدل على تحريم بيع العينة، وكثير من الناس اليوم يتعاملون بها، وبعضهم يعلم بحرمتها ولا يترك التعامل بها!
ولو أن شخصاً اشترى سلعة بألف ريال مؤجلة ثم باعها إلى بائع آخر بتسعمائة ريال معجلة، هذه المعاملة لا بأس بها، وتسمى مسألة التورق.
فبيع العينة أن يبيعها على من اشتراها منه، وأما التورق فهو أن يبيعها على شخص آخر.
سليمان بن داود المهري المصري ثقة، أخرج له أبو داود والنسائي .
[ أخبرنا ابن وهب ].
عبد الله بن وهب المصري وهو ثقة فقيه، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ أخبرني حيوة بن شريح ].
حيوة بن شريح المصري ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة، ويوجد حيوة بن شريح آخر شامي في طبقة متأخرة، وكل منهما ثقة.
[ قال: ح وحدثنا جعفر بن مسافر التنيسي ].
صدوق ربما أخطأ، أخرج له أبو داود والنسائي وابن ماجة .
[ حدثنا عبد الله بن يحيى البرلسي ].
عبد الله بن يحيى البرلسي لا بأس به، بمعنى صدوق، أخرج له البخاري وأبو داود .
[ حدثنا حيوة بن شريح عن إسحاق أبي عبد الرحمن ].
إسحاق أبو عبد الرحمن الخراساني فيه ضعف، أخرج له أبو داود وابن ماجة .
[ وقال سليمان : عن أبي عبد الرحمن الخراساني ].
يعني أن سليمان -وهو الشيخ الأول- قال: عن أبي عبد الرحمن الخراساني ، وما قال: عن إسحاق أبي عبد الرحمن .
[ عن عطاء الخراساني ].
صدوق يهم كثيراً، أخرج له مسلم وأصحاب السنن.
[ عن نافع ].
نافع مولى ابن عمر ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن عبد الله بن عمر ] .
الصحابي الجليل رضي الله عنهما، أحد العبادلة الأربعة من الصحابة، وأحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم.
[ قال أبو داود : الإخبار لـجعفر، وهذا لفظه ].
(الإخبار لـجعفر) يعني: الشيخ الثاني، (وهذا لفظه) أي: سياقه، ولهذا أشار أبو داود في أثناء الإسناد إلى لفظ سليمان فيما يتعلق بـإسحاق أبي عبد الرحمن الذي هو أبو عبد الرحمن الخراساني ، ولم يقل: إسحاق ؛ لأنه ساقه على لفظ جعفر ، ولم يسقه على لفظ سليمان ، ثم أشار إلى الاختلاف بين جعفر وبين سليمان .
والمقصود بالإخبار: أن رواية سليمان ليس فيها إخبار، وعطاء الخراساني مدلس، ومعنى هذا أن أحد شيخي أبي داود جاء من طريقه التصريح بالإخبار .
حدثنا عبد الله بن محمد النفيلي قال: حدثنا سفيان عن ابن أبي نجيح عن عبيد الله بن كثير عن أبي المنهال عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال: (قدم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم المدينة، وهم يسلفون في التمر السنة والسنتين والثلاث، فقال رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم: من أسلف في تمر فليسلف في كيل معلوم ووزن معلوم إلى أجل معلوم) ].
أورد أبو داود باباً في السلف، والسلف: هو عكس بيع التأجيل؛ لأنه تعجيل الثمن وتأجيل المثمن، وبيع التأجيل: تعجيل المثمن وتأجيل الثمن.
ومثال السلف أن يقدم رجل نقوداً لآخر مقابل تمر إلى وقت الجذاذ من هذا النخل أو من نخل مطلق صفته كذا وكيله كذا.
ويقال للسلف: السلم، والسلم لغة أهل العراق، والسلف لغة أهل الحجاز، وقيل: العكس، ولكن الصحيح أن السلف لغة أهل الحجاز، والسلم لغة أهل العراق؛ ولهذا تجد في كتب الحنابلة السلم، وفي كتب المالكية السلف، ويوضح أن لغة أهل الحجاز هي السلف هذا الحديث: (قدم المدينة وهو يسلفون)، وما قال: يسلمون، والمدينة في الحجاز، وأهل العراق يعبرون بالسلم كالحنابلة والحنفية، وأما المالكية فيعبرون بالسلف.
كان أهل المدينة يسلفون في التمر؛ لأن المدينة بلد التمر، وقوتهم التمر، فالرسول صلى الله عليه وسلم قال: (من أسلف فليسلف في كيل معلوم أو وزن معلوم إلى أجل معلوم) يعني: لا بد أن يعرف مقدار المسلف فيه الذي هو في الذمة، فإن كان مكيلاً فيكون كيله معلوماً، وإن كان موزوناً فيكون وزنه معلوماً، ومثله لو كان معدوداً أو مذروعاً فيكون بأذرع معلومة أو بعدد معلوم، فالرسول صلى الله عليه وسلم ذكر الكيل والوزن ليبين أن الحكم في المكيلات يكون بمعرفة الكيل، وفي الموزونات يكون بمعرفة الوزن، وهكذا في المعدودات بمعرفة العد، والمذروعات بمعرفة الذرع، وهكذا.
قوله: (السنة والسنتين والثلاث) معناه: أن الرجل يدفع الثمن نقوداً مقابل تمر موصوف في الذمة مقداره كذا، وكيله كذا، يستلمه بعد سنة أو سنتين أو ثلاث، وهذا سائغ جاءت به السنة عن رسول الله صلوات الله وسلامه وبركاته عليه، لكنه لابد أن يكون منضبطاً بتحديد الكيل وتحديد الأجل، فلا يكون الأجل مطلقاً، بل لابد أن يكون محدداً إما بسنة أو سنتين أو ثلاث، وهكذا.
عبد الله بن محمد النفيلي ثقة، أخرج له البخاري وأصحاب السنن.
[ حدثنا سفيان ].
سفيان بن عيينة ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن ابن أبي نجيح ].
هو عبد الله بن أبي نجيح ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن عبد الله بن كثير ].
عبد الله بن كثير ، وهو صدوق، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن أبي المنهال ].
هو عبد الرحمن بن مطعم وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن ابن عباس ].
عبد الله بن عباس بن عبد المطلب ابن عم النبي صلى الله عليه وسلم، وأحد العبادلة الأربعة من الصحابة، وأحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم.
أورد أبو داود حديث ابن أبي أوفى رضي الله تعالى عنه، وفيه أنهم كانوا يسلفون في الحنطة والشعير والتمر والزبيب، وزاد ابن كثير : إلى قوم ما هو عندهم، يعني في وقت العقد ما هو موجود، ولكن يغلب على الظن وجوده في وقت الوفاء، وهذا فيه بيان أن السلف يكون بالتمر وغيره، وعبد الله بن أبي أوفى قال: يسلفون، وهذا يبين أن السلف لغة أهل الحجاز.
حفص بن عمر ثقة، أخرج له البخاري وأبو داود والنسائي .
[ حدثنا شعبة ].
شعبة بن الحجاج الواسطي ثم البصري ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ ح وحدثنا ابن كثير ].
هو محمد بن كثير العبدي وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ أخبرنا شعبة أخبرني محمد أو عبد الله بن مجالد ].
الصواب أنه ابن أبي مجالد وهو ثقة، أخرج له البخاري وأبو داود والنسائي وابن ماجة .
[ عن ابن أبي أوفى ].
عبد الله بن أبي أوفى رضي الله عنه، وهو صحابي أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ وسألت ابن أبزى ].
هو عبد الرحمن بن أبزى ، وهو صحابي، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
قال أبو داود : الصواب: ابن أبي المجالد ، وشعبة أخطأ فيه ].
أورد أبو داود الحديث من طريق أخرى، وهو مثل الذي قبله.
قوله: [ حدثنا محمد بن بشار ].
محمد بن بشار الملقب بندار البصري ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة، بل هو شيخ لأصحاب الكتب الستة.
[ حدثنا يحيى ].
يحيى بن سعيد القطان البصري ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ وابن مهدي ].
ابن مهدي هو عبد الرحمن بن مهدي ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
و يحيى بن سعيد القطان ، وعبد الرحمن بن مهدي من رجال الجرح والتعديل، والذهبي رحمه الله في كتاب من يعتمد قولها في الجرح والتعديل وذكر: أن يحيى وعبد الرحمن إذا اجتمعا على تضعيف شخص لا يكاد يندمل جرحه، معناه: أنهما مصيبان، وكونهما يتفقان على جرح شخص يعني أنه مجروح.
[ حدثنا شعبة عن عبد الله بن أبي المجالد وقال عبد الرحمن : عن ابن أبي المجالد ].
شعبة تقدم، وعبد الله بن أبي المجالد ثقة، أخرج له أبو داود والنسائي وابن ماجة .
[ قال أبو داود : الصواب ابن أبي المجالد وشعبة أخطأ ].
يعني في الأول قال: ابن المجالد . وصوابه ابن أبي المجالد .
إذاً: لابد من التحديد وإلا فسوف يبقى الإبهام والإشكال.
ومما يذكر: الفرق بين بيع السلم والنهي عن بيع السنين، مع الاشتراك في أن الثمن غير موجود: أن السلم بيع موصوف في الذمة، وأما بيع السنين فهو بيع ثمر نخلات معينة قد تنتج وقد لا تنتج.
فالسلم شيء موصوف وثابت في الذمة، فما أسلف في نخلات معينة بأن قال: ما تنتجه هذه النخلة، وإنما يقول: في ذمتي عند حول السنة الفلانية كذا من التمر، أو كذا من البر، أو كذا من الشعير.
فالفرق بين السلم وبيع السنين: أنه باعه ثمرة هذا النخل بعد سنتين، وقد لا يحصل بعد سنتين، وأما السلم فهو مقدار من المكيال يكون في ذمته إن كان عنده نخل أوفى من نخله، وإن لم يكن عنده نخل أوفى من خارج النخل؛ لأنه شيء موصوف في الذمة، فيتعلق بالذمة، وليس متعلقاً بأعيان أو بثمرات نخلات معينة.
أورد أبو داود حديث ابن أبي أوفى ، وأنهم غزوا مع الرسول صلى الله عليه وسلم الشام عزوة تبوك؛ لأن الرسول ما غزا من الشام إلا تبوك في السنة التاسعة.
(فكان يأتينا أنباط من أنباط الشام).
أنباط الشام، قيل: إنهم العرب الذين دخلوا في العجم، فنسوا لغتهم، وعرفوا لغة العجم، وقيل: إنهم من نصارى العرب، دخلوا مع العجم.
(كنا نسلفهم في البر والزيت سعراً معلوماً وأجلاً معلوماً)، فقيل: (ممن له ذلك؟).
يعني: ممن له ذلك الشيء المسلف فيه، قال: ما كنا نسألهم، يعني: أنه شيء يكون في الذمة، ولا يلزم أن يكون موجوداً وقت العقد، ولكنه عند حلول الأجل حيث يكون غالباً وجوده، فإنه يجوز فيه السلم.
محمد بن المصفى صدوق له أوهام، أخرج له أبو داود والنسائي وابن ماجة.
[ حدثنا أبو المغيرة ].
أبو المغيرة هو عبد القدوس بن حجاج ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ حدثنا عبد الملك بن أبي غنية ].
عبد الملك بن أبي غنية ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
وهو هنا منسوب إلى جده عبد الغني .
[ حدثنا أبو إسحاق ].
أبو إسحاق الشيباني سليمان بن فيروز الشيباني ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن عبد الله بن أبي أوفى ].
عبد الله بن أبي أوفى رضي الله عنه وهو صحابي مر ذكره.
لو أن الوقت المحدد جاء ولم يخرج التمر، أو أصابته جائحة، فيصح الإتيان بتمر مزرعة أخرى غير المتفق عليه؛ لأن هذا شيء في ذمته، والمهم أن يأتي بتمر.
حدثنا محمد بن كثير أخبرنا سفيان عن أبي إسحاق عن رجل نجراني عن ابن عمر رضي الله عنهما: (أن رجلاً أسلف رجلاً في نخل فلم تخرج تلك السنة شيئاً فاختصما إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم، فقال: بم تستحل ماله؟ اردد عليه ماله، ثم قال: لا تسلفوا في النخل حتى يبدو صلاحه) ].
أورد أبو داود باباً في السلم بثمرة بعينها، يعني: بنخل معين، أو نخلة أو نخلات معينة إذا كانت نخلات معينة وهي قليلة جداً، كنخلة ونخلتين، فهذا لا يصلح، ولكن إن كان في بستان كبير فلا بأس، والموصوف في الذمة لابد منه، إن أتى به وإلا أتى بغيره، أو رد عليه القيمة.
أورد أبو داود حديث (أن رجلاً أسلف رجلاً في نخل فلم تخرج تلك السنة شيئاً).
يعني: لم يخرج ذلك النخل شيئاً. (فاختصما إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: بم تستحل ماله؟).
يعني: النقود التي أخذتها منه، لأن صاحب النخل لم يخرج نخله ثمراً، وقد وصلته النقود المعجلة فبأي شيء يستحلها.
قوله: (اردد عليه ماله).
يعني: النقود التي أعطاها إياك، وإن أعطاه شيئاً مقابله ينطبق عليه الوصف فلا بأس.
ثم قال: (لا تسلفوا في النخل حتى يبدو صلاحه).
وهذا الحديث ضعيف؛ لأن الناس يسلفون السنة والسنتين كما مر في الحديث السابق فكيف لا يسلف حتى يبدو صلاحه؟ فإذا بدا صلاحه جاز بيعه؛ لأنه قد طاب وبدأت الاستفادة منه، والحديث الذي سبق فيه جواز السلم السنة والسنتين والرسول أقرهم على ذلك، وقال: (من أسلف فليسلف في كيل معلوم، أو وزن معلوم، إلى أجل معلوم). وهذا الحديث غير صحيح؛ لأنه ورد في طريقه رجل مجهول مبهم، فالحديث لم يصح، فما جاء فيه من ذكر أنه لا يكون له السلف حتى يبدو صلاحه غير صحيح، وهو مخالف للحديث الصحيح الذي سبق أن مر.
قوله في الترجمة: (باب في السلم بثمرة بعينها).
يعني: ثمر نخل بعينه،المهم أن يكون له ثمر ينطبق عليه الشروط التي جرت بينهم.
إذاً: في شجرة معينة لا يجوز؛ لأنها قد لا تثمر، لكن كونه بستاناً كبيراً فيه عشرات أو مئات النخل، فلا بأس؛ لأنه في الغالب يوجد فيه، لكن النخلة والنخلتين أو الثلاث قليلة قد لا تنتج.
محمد بن كثير مر ذكره.
[ أخبرنا سفيان ].
سفيان هو سفيان بن سعيد بن مسروق الثوري ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن أبي إسحاق ].
أبو إسحاق السبيعي عمرو بن عبد الله الهمداني ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن رجل نجراني ].
رجل نجراني مبهم.
[ عن ابن عمر ].
ابن عمر مر ذكره.
أما بيع العرايا فهو بيع يكون الثمن فيه تمراً والمثمن تمراً على رءوس النخل، وأما السلم فالثمن فيه دراهم، وأما في العرايا فهو تمر، فصار فيه محذور من جهة أن فيه بيع الشيء بمثله بدون تقابض، وهذا لا يجوز، فلا بد من التماثل والتقابض، لكنه رخص في العرايا لحاجة الناس وبحدود معينة، وأما الذي السلم فليس له دخل في العرايا؛ لأن هذا قدم ثمناً وليس تمراً، وإنما قدم نقوداً والمبيع شيء موصوف في الذمة، هذا شيء وهذا شيء.
كما أن السلم ليس مستثنى من أصل مثل العرايا التي أبيحت للحاجة.
حدثنا محمد بن عيسى حدثنا أبو بدر عن زياد بن خيثمة عن سعد -يعني: الطائي - عن عطية بن سعد عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (من أسلف في شيء فلا يصرفه إلى غيره) ].
أورد أبو داود هذه الترجمة وهي: باب السلف يحول، يعني: يحول إلى غيره من الثمر، فبدلاً من أن يكون تمراً يحوله إلى بر أو ما إلى ذلك، فهذا هو المقصود بالترجمة، ومعناه أن الذي في الذمة هو الذي يلزم، وأنه لا يحول إلى غيره.
والحديث ضعيف، وقد سبق أن مر بنا حديث الذي كان يبيع التمر بالدراهم، ثم يأخذ بالدنانير بدل الدراهم، فالنبي صلى الله عليه وسلم قال: لا بأس إذا كان بسعر يومها وحصل التقابض، يعني: بين الذهب والفضة.
وهذه المسألة الحديث الوارد فيها ضعيف وكونه يحوله إلى غيره هذا فيه خلاف بين أهل العلم، منهم من أجازه، ومنهم من منعه، ولكن إذا كان في أمر لا محذور فيه ولا شبهة ولا ريبة فلا بأس بأن يحوله مثلاً إلى شيء آخر لا يكون فيه ربا، ولا يكون من قبيل الربا الذي يلزم فيه التماثل والتقابض.
ومن أمثلة الربويات: التمر يحول إلى بر؛ ففيه شبهة، لأن فيه قبض، فهذا في الذمة وهذا سلم، فالتمر والبر بينهما ربا من حيث التقابض، لا من حيث التفاوت.
محمد بن عيسى الطباع ثقة، أخرج حديثه البخاري تعليقاً وأبو داود والترمذي في الشمائل والنسائي وابن ماجة .
[ حدثنا أبو بدر ].
أبو بدر هو شجاع بن الوليد صدوق له أوهام، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن زياد بن خيثمة ].
زياد بن خيثمة ثقة، أخرج له مسلم وأصحاب السنن.
سعد الطائي لا بأس به، أخرج له البخاري وأبو داود والترمذي وابن ماجة .
[ عن عطية بن سعد ].
عطية بن سعد العوفي صدوق يخطئ كثيراً وهذا علة الحديث عطية العوفي فهو يدلس وروى بالعنعنة، أخرج له البخاري في الأدب المفرد وأبو داود والترمذي وابن ماجة .
[ عن أبي سعيد الخدري ].
أبو سعيد الخدري هو سعد بن مالك بن سنان الخدري رضي الله عنه صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو أحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم.
الجواب: ما دام أن الثمن نقوداً فلا يلزم فيها التقابض، والنقود لا يلزم فيها التقابض أبداً؛ لأنه لو كان لا بيع إلا بالنقود وبالتقابض ما وجد بيع إلا في حاضر، ويجوز تعجيل الثمن وتأجيل المثمن وهو السلم، ويجوز تعجيل المثمن وتأجيل الثمن وهو بيع التقسيط والتأجيل، والمحذور إنما هو في الأشياء التي يجري فيها الربا، وأما بالنسبة للذهب والفضة فهي أثمان الأشياء.
الجواب: أن يكون عليه تمر، فاتفق مع المشتري على أن يعطيه مكانه سيارة.
الجواب: نهى الرسول عن بيعتين في بيعة، وهذا شرعنا، وأما هناك فقد ذكر فيه ثمان حجج، وأما الباقي فقد كان تبرعاً، فإذاً لا توجد بيعتان في بيعة، والاتفاق كان على ثمان، والباقي كان أمره إلى موسى عليه الصلاة والسلام.
الجواب: دخول الربا كونه حصل الاتفاق على شيء غير معين؛ لأنه دائر بين هذا وهذا، فهو إما أن يأخذ الأقل فيكون البيع صحيحاً، وإما أن يأخذ الثاني فيكون محرماً.
والربا كأنه جاء بين سعر حاضر وسعر غائب، فالسعر الحاضر هو المعتبر، وما زاد عليه يكون رباً.
الجواب: لا بأس إذا باعها عليه بأكثر؛ لأن المحذور ألا تبقى ذمة المشتري مشغولة، وأما الآن فليست مشغولة، ولهذا قالوا: (بأقل)، أما لو كان بأكثر فهذه خارجة عن المحذور.
الجواب: يبدأ بالاستغفار، والتكبير يأتي في الآخر: سبحان الله، والحمد لله، والله أكبر.
الجواب: يجتهد في المستقبل، ثم إذا كان الانحراف يسيراً فلا يؤثر؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (ما بين المشرق والمغرب قبلة).
أما اتجاه القبلة فإذا كانت البوصلة سليمة عمل بها، لكن ينظر أهل الخبرة والمعرفة في تحديد القبلة مثل الجهات المسئولة، هذا إذا كان المقصود النافلة، وأما الفريضة فيجب عليه أن يصليها في المسجد.
من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر