حدثنا عبد الله بن مسلمة عن مالك عن نافع عن ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (من ابتاع طعاماً فلا يبعه حتى يستوفيه) ].
أورد أبو داود هذه الترجمة: باب في بيع الطعام قبل أن يستوفى، أي: يكال أو يحمل إذا كان صبرة أو كوماً من الطعام بدون كيل فإنه يحمله صاحبه وينقله من مكان البائع إلى مكانه، وقد جاء في ذلك أحاديث كثيرة تدل على أن الإنسان يحوز الشيء الذي يشتريه، وأكثر الأحاديث التي وردت في الطعام وردت على لفظ العموم، ومعناها: أن الإنسان لا يبيع شيئاً وهو عند البائع إلا بعد أن يدخل في ملكه ويقبضه، ولا يبيعه وهو في حوزة البائع قبل أن يقبضه.
والأمر ليس خاصاً بالطعام بل يعم غيره، وهذا فيما إذا كان المبيع في ملك ومكان البائع فيحول إلى مكان المشتري، لكن إذا باع البائع في مكان مشاع مشترك مثل أسواق الخضار والثمار حيث الناس يأتون بالبضائع ويجمعونها، ثم يبيع ويأخذ الثمن ويمشي، فهذا لا يحتاج إلى تحويل لأن الأرض ليست ملكاً للبائع، وإنما هي مشاعة مشتركة فيأخذ البائع نقوده ويمشي، ويبقى الذي اشتراه في مكان هو للناس جميعاً ليس خاصاً بأحد، وإنما الكلام في دكان البائع أو مستودعه أو مخزنه فإنه لا يبيعه على أحد إلا بعد أن يحوزه، أما مثل هذا فحيازته تخليته مثل حيازة العمارة والعقار إنما هو بالتخلية بينه وبينه.
(من ابتاع طعاماً فلا يبعه حتى يستوفيه) أي: ولا يبعه على شخص آخر حتى يستوفيه سواء كان يكال أو لا يكال.
بالنسبة للعقار إذا حصل اتفاق بين الناس بشهود أو بغير شهود يصح، لكن لما كثر الاختلاف بين الناس صارت الأمور تحتاج إلى توثيق، وإلى كتابات العدل وفي المحاكم حتى تثبت هذه الحقوق وحتى لا يحصل اختلاف أو شجار ونزاع بين الناس، والبيع يصح ولو لم يكن موثقاً إذا حصل شهود.
عبد الله بن مسلمة القعنبي أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا ابن ماجة .
[ عن مالك ].
مالك بن أنس إمام دار الهجرة المحدث الفقيه ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن نافع ].
نافع مولى ابن عمر ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن ابن عمر ].
هو عبد الله بن عمر رضي الله عنهما الصحابي الجليل، وأحد العبادلة الأربعة من الصحابة، وأحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم.
هذا الإسناد رباعي، وهو من أعلى الأسانيد عند أبي داود .
وهذا مثل الذي قبله أنه إذا بيع لابد أن ينقل، وأنه يكال إذا كان يكال، وهذا في الحديث السابق، وأما هنا فقد قال: فإنه ينقل من مكان البائع إلى مكان آخر للمشتري أو يودعه عند أحد، المهم أن يخرجه من مكان البائع.
قوله: [ حدثنا عبد الله بن مسلمة عن مالك ].
مر في الذي قبله.
وهذا مثل الذي قبله.
قوله: [ حدثنا أحمد بن حنبل ].
أحمد بن محمد الشيباني الإمام ثقة فقيه أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن يحيى ].
يحيى بن سعيد القطان ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن عبيد الله ].
عبيد الله بن عمر العمري المصغر ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة.
وقد مر ذكرهما.
وستأتي الحكمة من ذلك النهي فيما بعد.
أورد أبو داود حديث ابن عمر من طريق أخرى، وهو مثل ما تقدم.
قوله: [ حدثنا أحمد بن صالح حدثنا ابن وهب حدثنا عمرو ].
عمرو هو عمرو بن حارث المصري ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن المنذر بن عبيد المديني ].
المنذر بن عبيد المديني مقبول أخرج له أبو داود والنسائي .
[أن القاسم بن محمد ].
القاسم بن محمد بن أبي بكر الصديق ثقة فقيه، أحد فقهاء المدينة السبعة في عصر التابعين، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
[ عن عبد الله بن عمر ]
عبد الله بن عمر مر ذكره.
والحديث فيه رجل مقبول لا يؤثر؛ لأنه مثل الحديث الأول، ومثل الأحاديث الأخرى التي هي بمعناه فهو ليس مستقلاً برواية الحديث، وإنما هو مشابه للطرق الأخرى التي هي بمعناه، ولا سيما أول حديث في الباب؛ فهو مطابق له.
وهذا مثل الذي قبله، إلا أنه فيه بيان حكمة التحريم، وقال: ألا تراهم يتبايعون بالذهب والطعام مرجى، معناه: أن السلعة تبقى في مكانها، ويكون البيع بالذهب، وهذه الحركة إنما هي بالنقود، وأما الطعام فتروح وتغدو عليه عدة بيعات وهو في مكانه، وصارت القضية كأنها قضية بيع نقود بنقود مع التفاضل؛ لأن السلعة باقية في مكانها وتجري عدة بيعات والسلعة ما تحركت، فأصبحت المسألة بيع نقود بنقود مع التفاضل.
أبو بكر بن أبي شيبة ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا ابن ماجة ، وعثمان أخوه مر ذكره.
[ حدثنا وكيع ].
وكيع مر ذكره.
[ عن سفيان ].
سفيان هو سفيان بن سعيد بن مسروق الثوري ، إذا جاء وكيع يروي عن سفيان فالمراد به الثوري ، وهو ثقة فقيه وصف بأنه أمير المؤمنين في الحديث، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
[ عن ابن طاوس ].
هو عبد الله بن طاوس ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن أبيه ].
طاوس بن كيسان ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن ابن عباس ].
ابن عباس مر ذكره.
أما إذا كان المكان مشاعاً فلا إشكال؛ فإن الإنسان يأخذ النقود ويترك السلعة ويقبضها صاحبها، ثم يأتي الثاني ويبيعها للثالث، ويأخذ النقود، والثالث يبيعها للرابع، المهم أن السلعة مسلمة، ولا يسلم الشيء إلا بعد قبضه.
فإذا حصل القبض وكل أخذ حقه فلا يوجد أي محذور لأن هذا سائغ، وأما ذلك فلا يسوغ إلا إذا نقل، فإذا أعطاه ثمنه ونقله إليه جاز له أن يبيعه، ومن قبل النقل لا يجوز له البيع، وعليه أن ينتقل من مكان المشتري الأول لأي مكان آخر.
كذلك السيارات يحدث أنها تباع في نفس المكان بل بدون أن تركب عليها اللوحات، يحرج عليها ثم تملك ثم تباع في نفس المكان، لكن لابد من نقل كل شيء؛ إذ النقل ليس خاصاً بالطعام في الحديث، وسيأتي ما يدل على أن الأمر أعم وأوسع في حديث زيد بن ثابت وحديث حكيم بن حزام، والمعنى الذي في الكيل موجود في كل شيء، ولهذا جاء عن ابن عباس أنه يقاس غير الطعام عليه، والأحاديث دالة على العموم.
أورد أبو داود حديث ابن عباس ، وهو مثل ما تقدم، وفيه قول ابن عباس أن كل شيء مثل الطعام في الحكم، وأن غيره يقاس عليه، والقياس صحيح، ولكن قد جاءت أحاديث تدل على العموم في الطعام وغير الطعام، فحديث جابر : (من باع شيئاً فلا يبعه حتى يستوفيه) وحديث زيد بن ثابت أعم من أن يكون طعاماً أو غير طعام.
مسدد ثقة أخرج له البخاري وأبو داود والترمذي والنسائي.
و سليمان بن حرب ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ حدثنا حماد ].
حماد هو ابن زيد ، وإذا جاء مسدد أو سليمان بن حرب يروي عن حماد غير منسوب فالمراد به حماد بن زيد ، وإذا جاء موسى بن إسماعيل يروي عن حماد غير منسوب فالمراد حماد بن سلمة .
[ ح وحدثنا مسدد حدثنا أبو عوانة ].
أبو عوانة الوضاح بن عبد الله اليشكري ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ وهذا لفظ مسدد عن عمرو بن دينار ].
عمرو بن دينار ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة.
وقد مر ذكرهما.
أورد أبو داود حديث ابن عمر أنه قال: (رأيت الناس يضربون إذا ابتاعوا الطعام جزافاً) يعني لا يبيعه إلا بعد أن يبلغه إلى رحله، بمعنى: أنه يحمله وينقله، وفي هذا الإشارة إلى أن المحتسب والمسئول عن مثل هذا يؤدب الناس، ولو كان ذلك بالضرب حتى يحملوه وينقلوه من مكان البائع إلى رحل المشتري أو إلى مكان آخر، ولا يلزم أن يؤديه إلى رحله؛ لكن المهم أن يقبضه وينقله من مكان البيع.
الحسن بن علي الحلواني ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا النسائي .
[ حدثنا عبد الرزاق ].
عبد الرزاق بن همام الصنعاني اليماني ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ حدثنا معمر ].
هو معمر بن راشد الأزدي البصري ثم اليماني ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن الزهري ].
هو محمد بن مسلم بن عبيدالله بن شهاب الزهري ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن سالم ].
سالم بن عبد الله بن عمر وهو ثقة فقيه أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن عبد الله بن عمر ].
وقد مر ذكره.
أورد أبو داود حديث زيد بن ثابت رضي الله عنه الذي فيه العموم، وأن النبي صلى الله عليه وسلم نهى أن تبتاع السلع حتى يحوزها التجار -يعني: الذين اشتروا- إلى رحالهم، ولا يبيعونها في مكانها عند البائع، فهذا يفيد العموم، وأن الأمر لا يختص بالطعام، وأنه في عموم السلع سواء كانت سيارات أو حديداً أو غير ذلك.
محمد بن عوف الطائي ثقة أخرج له أبو داود والنسائي في مسند علي .
[ حدثنا أحمد بن خالد الوهبي ].
أحمد بن خالد الوهبي صدوق أخرج له البخاري في جزء القراءة وأصحاب السنن.
[حدثنا محمد بن إسحاق ].
محمد بن إسحاق المدني صدوق أخرج له البخاري تعليقاً ومسلم وأصحاب السنن.
[ عن أبي الزناد ].
أبو الزناد مر ذكره واسمه عبد الله بن ذكوان .
[ عن عبيد بن حنين ].
عبيد بن حنين ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن ابن عمر ]
ابن عمر مر ذكره.
ربما تكون الحكمة في النهي عن البيع قبل الحيازة ألا يحصل النزاع فيما لو حصل تلف للبضاعة.
الجواب: كونه يوجد في أشياء بنسبة قليلة أو ضئيلة لا يؤثر ولا يمنع منه.
الجواب: حرام استعماله في الشرب، وأما أن يستعمل في الشيء الذي يستفاد منه فلا بأس، وهناك أشياء قد تستعمل في التغرية ويستفيدون منها، فكونها تستعمل وقد تسكر لا يقال: إنها حرام بل يجوز استعمالها في الشيء الذي وضعت من أجله، لكن لا يجوز استعمالها في الشيء الذي فيه مضرة.
الجواب: لا يجوز للمسلم أن يبيع الخمر والخنزير على أحد لا مسلم ولا كافر.
الجواب: لا ينبغي هذا؛ لأن هذا مع مرور الزمان يفتتن بها، ويعتقد فيها أمور محذورة ومحرمة كما حصل في الشرك الذي حصل في الأمم السابقة باتخاذ الصور وإبقائها، ثم طال الأمد فعبدوها.
الجواب: الميتة لا تباع، لكن إذا كان الإنسان عنده ميتة وأراد آخر أن يأخذ جلدها يمكنه من ذلك، أما الميتة فإنها لا تباع، ولو كان من أجل أن يأخذ جلدها لأن الجلد أبيح استعماله بعد دبغه، فإذا أخذها الإنسان واستعمل جلدها ودبغه فلا بأس، وأما كونه يبيع الميتة من أجل جلدها فلا.
الجواب: تعتبر من الصور المحرمة التي لا يجوز استعمالها وتعاطيها.
الجواب: الحمار حرم الله أكله، ولكن أباح الله ركوبه واستعماله، فيباح بيعه وثمنه، واستعماله فيما أبيح وشرع استعماله فيه، وأما بيعه لذبحه وأكله فهو حرام، فهو محرم الأكل، ولكنه مباح الاستعمال، وإباحته إنما هي لركوبه واستعماله والحمل عليه، لا من أجل أكله.
الجواب: لا يجوز بيع الخنزير.
الجواب: هناك حيل جائزة، وابن القيم ذكر كثيراً منها في إعلام الموقعين، ومنها الحيلة التي حصلت من يوسف عليه السلام للحصول على أخيه كما ذكرها الله في القرآن، وكذلك أيوب عليه السلام عندما أمره الله أن يضرب زوجته بضغث فيه مائة شمراخ ليبر قسمه.
الجواب: البائع إذا ملك السلعة أو العقار ودخل في ملكه وكان المشتري بالخيار -أي أن للمشتري أن يشتري من هذا البائع أو لا يشتري- ليس معناه أنه ملزم بالبيع بالكلام الذي جرى من قبل، فإذا كان البائع اشترى السلعة ودخلت في ملكه والذي يريد أن يشتريها ليس ملزماً فله أن يشتري وإلا فلا.
الجواب: لا يصح البيع، والعقد باطل.
الجواب: المكان هنا ليس ملكاً لأحد، وإنما هو مكان مشاع توضع فيه البضائع ويبيعها البائعون ثم يقبضون أثمانها ويذهبون وتبقى في ذلك المكان العام؛ لأن هذا المكان ليس خاصاً بأحد فلا ينقلها إلى مكان؛ لأن النقل يجب إذا كان المكان ملكاً للبائع، وهذا مكان عام.
أما العلة التي ذكرها ابن عباس فعلى اعتبار أنه ما قبض، وأما هذا فقد قبض.
المهم هو النقل إن كان المكان خاصاً، أما إن كان عاماً فلا، والسوق ليس مكاناً لأحد حتى ينقل أو يحاز، وإنما البائع جاء لمكان مشاع كل يبيع فيه، ثم أخذ نقوده مقابل بضاعته ومشى، وذاك حل محله، ويمكن أن يأتي آخر فيأخذ النقود ويسلمه البضاعة، فإذا كان المكان مبذولاً لكل من يريد فالنقل ليس مطلوباً.
الجواب: لعله ليس مكاناً مشاعاً كأن يكون دكاكين.
الجواب: المشتري لابد أن يحوزها ويخرجها من مكان الشراء.
الجواب: الورقة ليس لها قيمة والكلام عن البضاعة.
الجواب: قوله: (في السوق) ليس معناه أنه في مكان مشاع؛ لأن السوق فيه دكان ونحوه.
الجواب: الحراج مكان مملوك وكذا المعارض مملوكة، والمقصود أن يأخذها من مكان البيع إلى رحله أو إلى مستودعه.
الجواب: إن كان يريد الطلاق فإنه يكون طلاقاً وإن كان يريد أن يحلف عليها بذلك فعليه كفارة يمين كما جاء في القرآن في أول سورة التحريم: يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ تَبْتَغِي مَرْضَاةَ أَزْوَاجِكَ التحريم:1] ثم قال: قَدْ فَرَضَ اللَّهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمَانِكُمْ التحريم:2].
الجواب: على الإنسان أن يحافظ على حقوق الناس، وألا يعتدي عليها، ولو كان هو نفسه صاحب هذا الشأن فهل يوافق أن يعمل له هذا العمل؟ معلوم أنه لا يوافق، والرسول صلى الله عليه وسلم يقول في حديث عبد الله بن عمرو بن العاص الذي في صحيح مسلم ، وهو ضمن حديث طويل: (فمن أحب أن يزحزح عن النار ويدخل الجنة فلتأته منيته وهو يؤمن بالله واليوم الآخر، وليأت إلى الناس الذي يحب أن يؤتى إليه) يعني: يعامل الناس كما يحب أن يعامله به الناس.
الجواب: الإنسان لا يبيع شيئاً كهذا، أما كونه يواعد أو يقول: أنا أريد هذا الشيء اجعلوا عندي خبراً حتى لا يفوتني إذا وجد؛ فلا بأس، أما أن يتم البيع على شيء لم يوجد فلا.
حدثنا عبد الله بن مسلمة عن مالك عن عبد الله بن دينار عن ابن عمر : (أن رجلاً ذكر لرسول الله صلى الله عليه وسلم أنه يخدع في البيع، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا بايعت فقل: لا خلابة، فكان الرجل إذا بايع يقول: لا خلابة) ].
يقول الإمام أبو داود السجستاني رحمه الله تعالى: (باب في الرجل يقول عند البيع لا خلابة) أي: لا خديعة.
والمقصود من ذلك: أن الشخص قد لا توجد عنده خبرة أو معرفة أو فطنة في البيع، وأنه قد يخدع ويزاد عليه في السعر، وقد يكون عنده شيء من الغفلة، فهو عندما يذكر شيئاً يدل على حاله يجعل البائع على حذر من أن يقع في أمر لا يصلح ولا ينبغي، وأنه إن حصل منه خديعة فإنه سيترتب على ذلك رجوع المبيع إليه، وعدم بقاء البيع على ما هو عليه، هذا هو المقصود من الترجمة ومما جاء تحتها.
وقد أورد أبو داود حديث ابن عمر رضي الله تعالى عنهما: أن رجلاً جاء الى النبي صلى الله عليه وسلم وقال بأنه يخدع في البيع، فقال له: إذا بايعت فقل: لا خلابة، يعني: لا خديعة، فكان الرجل إذا بايع يقول: لا خلابة. ويترتب على ذلك أن البائع يعرف وضع المشتري، وأنه إن حصل له شيء فيه ظلم أو غبن كبير فإن الأمر سيعود إلى ما كان، بحيث ترجع السلعة إلى بائعها ولا يستفيد من ذلك البيع شيئاً.
ثم (لا خلابة) هي التي جاءت في الحديث، وقد لا يفهم معناها عند الناس في كل زمان وفي كل وقت، لكن تقال الكلمة التي تؤدي معناها من قبل مثل ذلك الرجل، أي: يقول هذا الذي جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم أو ما يؤدي نفس المعنى مما يتعارف عليه الناس ويفهمه الناس، بأن يقول: أنا وضعي كذا فلا تخدعني، وإذا حصل بيع وترتب على ذلك غبن كبير فإن من حقي أن أرجع بسبب الغبن.
عبد الله بن مسلمة القعنبي ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا ابن ماجة .
[ عن مالك ].
مالك بن أنس إمام دار الهجرة المحدث الفقيه أحد أصحاب المذاهب الأربعة المشهورة من مذاهب أهل السنة أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن عبد الله بن دينار ].
عبد الله بن دينار ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن ابن عمر ].
عبد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنهما الصحابي الجليل أحد العبادلة الأربعة من الصحابة، وأحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم، وهذا الإسناد رباعي من أعلى الأسانيد عند أبي داود .
أورد أبو داود حديث أنس بن مالك رضي الله تعالى عنه في قصة رجل كان في عقدته ضعفاً، قيل معناه: إن في لسانه ضعفاً، وفي عقله ضعفاً، ولكنه ما وصل إلى حد أنه لا يعقل، بل هو يعقل لكن عنده شيء من الخلل في عقله ولسانه، فجاء أولياؤه أو أقاربه وقالوا: (احجر عليه) أي: امنعه من التصرف في البيع والشراء، فسأله، فقال له إنه لا يستطيع أن يصبر على البيع، فقد اعتاد البيع وألفه، وهو لا يصبر عنه.
فقال له: إذا كان الأمر كذلك فعندما تبيع فقل: هاء وهاء ولا خلابة، يعني: ادفع الثمن وخذ السلعة أو العكس، وقل: لا خلابة، كما في الحديث السابق الذي فيه إشارة إلى حال الإنسان وإلى ضعفه، وأنه إذا ترتب على ذلك خديعة فإن من حقه أن يعود على من خدعه مع ضعفه وعدم قدرته وتمكنه من أن يعرف ما هو أصلح وأنفع لنفسه.
محمد بن عبد الله الأرزي ثقة يهم أخرج له مسلم وأبو داود .
[ وإبراهيم بن خالد أبو ثور ].
إبراهيم بن خالد أبو ثور ثقة أخرج له أبو داود وابن ماجة .
[ حدثنا عبد الوهاب قال محمد : عبد الوهاب بن عطاء ].
عبد الوهاب بن عطاء صدوق ربما أخطأ أخرجه البخاري في خلق أفعال العباد ومسلم وأصحاب السنن.
سعيد بن أبي عروبة ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة.
و قتادة بن دعامة البصري ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن أنس بن مالك ].
رضي الله عنه خادم رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم.
يعني قال في روايته: (عن سعيد)؛ لأن الأول قال: أخبرنا سعيد.
وإسناد الحديث كما هو معلوم فيه من هو صدوق، ولكن هو بمعنى الحديث السابق الذي فيه (لا خلابة) المتفق عليه من حديث ابن عمر .
وكما هو معلوم فإنه كلمة (لا خلابة) يقولها للبائع، لأن المقصود أن من يعامله يعرف حاله حتى لا يقع معه في أمر محذور، ثم يترتب عليه أن يعاد إليه البيع، كما أن الرسول صلى الله عليه وسلم أرشد إلى هذا اللفظ الذي يعرفونه، ولكن الناس إذا كانوا لا يعرفون مثل هذا اللفظ وأتوا بشيء يؤدي معناه حصل المقصود، أو يقول: أنا لا توجد عندي خبرة فلا تخدعني أو يقول: لا خديعة، أو: لا تخدعني أنا هذا شأني وهذا حالي.
من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر