حدثنا أبو الوليد الطيالسي حدثنا همام عن قتادة عن النضر بن أنس عن بشير بن نهيك عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: (العمرى جائزة) ].
يقول الإمام أبو داود السجستاني رحمه الله تعالى: [ باب في العمرى ].
العمرى هي: عطية مضافة إلى العمر والحياة، يقول: أعطيتك هذه الدار مدة عمرك أو مدة حياتك، أو ما بقيت، أو ما عشت، أو ما إلى ذلك من الألفاظ التي تدل عليها، وقيل لها عمرى؛ لأنها مأخوذة من العمر، وهو أن يقول: مدة عمرك أو ما عشت.
وجاءت أحاديث تدل على اعتبارها وثبوتها، وأنها إذا حصلت فإنها معتبرة وثابتة، وفيها تفصيل جاء بيان بعضه في بعض الأحاديث التي ستأتي، وهو أنه إذا قال: أعطيتك لك ولعقبك، فإن هذه شأنها شأن ماله الذي يجري فيه الميراث؛ بحيث أنه ينتفع به في حياته ولو بقي بعد وفاته فإنه يكون لعقبه ويورث، وقد يكون مطلقاً بأن يقول: ما عشت أو ما حييت؛ فإن هذا يكون مثل الذي قبله؛ لما جاء من أحاديث مطلقة عن الرسول صلى الله عليه وسلم أنه أثبت ذلك، وأقر كون شأنه شأن الميراث.
والحالة الثالثة: أن يقول: هي لك ما عشت، فإذا مت فإنها تعود إلي أو إلى ورثتي، ففي هذه الحالة فيها خلاف، فمنهم من قال: إن هذا الشرط لا يعتبر، وشأنها شأن الأشياء المطلقة التي لا قيد فيها. ومنهم من قال: إنه معتبر، وأنه بمثابة العارية التي يستفاد منها وترد في الوقت الذي يحدد إذا كان الأمر يحتاج إلى تحديد.
وعلى هذا فالعمرى سائغة وثابتة، وإن قيد بأنها له ولعقبه، فالأمر واضح ولا إشكال فيه، وإن سكت عن ذكر العقب فالأحاديث جاءت بأنها تكون أيضاً كذلك شأنها شأن الميراث، وإن جاء التقييد فهذا فيه خلاف بين أهل العلم، والذي يظهر أنه معتبر ويكون من قبيل العارية، وأنه إذا قال: ترجع إليَّ بعد وفاتك فإنها تكون بمثابة العارية.
أورد أبو داود حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (العمرى جائزة)، أي: أنها سائغة ومشروعة وأنه لا مانع منها.
أبو الوليد الطيالسي هو هشام بن عبد الملك الطيالسي ، وهذه ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ حدثنا همام ].
هو همام بن يحيى العوذي ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن قتادة ].
هو قتادة بن دعامة السدوسي البصري ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن النضر بن أنس ].
النضر بن أنس ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن بشير بن نهيك ].
بشير بن نهيك ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن أبي هريرة ].
هو أبو هريرة عبد الرحمن بن صخر الدوسي رضي الله عنه، صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأكثر أصحابه حديثاً على الإطلاق، وهذا الإسناد كل رجاله ممن خرج لهم أصحاب الكتب الستة.
أورد أبو داود الحديث من طريق سمرة بن جندب ، وهو من رواية الحسن عن سمرة ، ورواية الحسن عن سمرة معروف أن الثابت منها حديث العقيقة وغيره فيه خلاف، والأظهر عدم ثبوت ما يأتي من هذه الطريق إلا إذا وجد لها شواهد، والحديث الأول شاهد لها، فإذاً العبرة بالحديث السابق الذي لا إشكال فيه، وهذا الإسناد الذي فيه إشكال جاء ما يؤيده ويدل عليه، فهو ثابت بالإسناد الذي قبله، ولو لم يأت ولم يثبت إلا من هذه الطريق فهذا الحكم شأنه شأن الأحاديث الأخرى التي في ثبوتها نظر، ولكن حديث أبي هريرة المتقدم بمعناه وهو دال على ما دل عليه، فيكون هذا الذي جاء عن سمرة ثابتاً بحديث أبي هريرة .
قوله: [ حدثنا أبو الوليد عن همام عن قتادة عن الحسن ].
الحسن بن أبي الحسن البصري ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن سمرة ].
هو سمرة بن جندب رضي الله عنه صحابي أخرج له أصحاب الكتب الستة.
أورد أبو داود حديث جابر رضي الله عنه أن النبي عليه الصلاة والسلام قال: (العمرى لمن وهبت له) وهذا مطلق ليس فيه ذكر العقب، فيدل على أنها هبة، وأنها تكون لمن وهبت له، وشأنها شأن سائر أمواله، بمعنى: أنه ينتفع بها ويرثها ورثته من بعده.
قوله: [ حدثنا موسى بن إسماعيل ].
هو موسى بن إسماعيل التبوذكي البصري ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ حدثنا أبان ].
هو أبان بن يزيد العطار وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا ابن ماجة .
[ عن يحيى ].
هو يحيى بن أبي كثير اليمامي ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن أبي سلمة ].
هو أبو سلمة بن عبد الرحمن بن عوف المدني ، وهو ثقة فقيه، أخرج أصحاب الكتب الستة.
[ عن جابر ].
هو جابر بن عبد الله رضي الله تعالى عنهما صحابي ابن صحابي، وهو أحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم.
أورد أبو داود حديث جابر رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (من أعمر عمرى فهي له ولعقبه)، وهذا يدل على أنه إذا كان اللفظ مطلقاً وأنه أعمر عمرى فإنها تكون له ولعقبه، وإن لم ينص على ذكر العقب؛ وقوله: (من أعمر عمرى فتكون له ولعقبه)، معناه: شأنها شأن الميراث، وأنها شأن المملوك الذي ملكه الإنسان بمجرد كونه وهب له، فهذا يدلنا على أن ما كان مطلقاً من العمرى فإن شأنه شأن المال الذي يجري فيه الميراث، وأنها تكون للموهوب ولعقبه من بعده.
قوله: [ حدثنا مؤمل بن الفضل الحراني ].
مؤمل بن الفضل الحراني صدوق، أخرج له أبو داود والنسائي .
[ حدثنا محمد بن شعيب ].
هو محمد بن شعيب بن شابور ، وهو صدوق، أخرج له أصحاب السنن.
[ أخبرني الأوزاعي ].
الأوزاعي هو عبد الرحمن بن عمرو الأوزاعي ، وهو ثقة فقيه، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن الزهري ].
هو محمد بن مسلم بن عبيد الله بن شهاب الزهري ، وهو ثقة فقيه، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن عروة ].
هو عروة بن الزبير بن العوام ، وهو ثقة فقيه، أحد فقهاء المدينة السبعة في عصر التابعين، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن جابر ].
هو جابر بن عبد الله رضي الله تعالى عنهما وقد مر ذكره.
أورد أبو داود الحديث من طريق أخرى وقال: إنه بمعنى الذي قبله.
قوله: [ حدثنا أحمد بن أبي الحواري ].
أحمد بن أبي الحواري ثقة، أخرج له أبو داود وابن ماجة .
[ حدثنا الوليد ].
هو الوليد بن مسلم الدمشقي ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن الأوزاعي عن الزهري عن أبي سلمة وعروة عن جابر ].
وقد مر ذكرهم.
[ قال أبو داود : وهكذا رواه الليث بن سعد عن الزهري عن أبي سلمة عن جابر ].
الليث بن سعد ثقة فقيه، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
حدثنا محمد بن يحيى بن فارس ومحمد بن المثنى قالا: حدثنا بشر بن عمر حدثنا مالك -يعني ابن أنس - عن ابن شهاب عن أبي سلمة عن جابر بن عبد الله أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: (أيما رجل أعمر عمرى له ولعقبه فإنها للذي يعطاها لا ترجع إلى الذي أعطاها؛ لأنه أعطى عطاءً وقعت فيه المواريث) ].
أورد أبو داود باب من قال فيه: ولعقبه، أي: في العمرى، ولعقبه يعني: قال: لك ولعقبك، أو له ولعقبه، يعني: أنها مقيدة وليست مطلقة، فإنها تكون له ولعقبه، بل إنه لو لم يقل: ولعقبه فإنها تكون له كما جاء في الأحاديث المطلقة، وهذا ليس فيه إشكال والأمر فيه في غاية الوضوح؛ لأنه أعطى عطاءً تجري فيه المواريث، ويكون مثل المال الخاص الذي يكون للإنسان ويرثه عقبه من بعده، فتكون هذه المسألة من أوضح ما يكون فيما يتعلق بكونها تنتقل للمواريث؛ فإذاً شأنها شأن الأموال التي تحصل للإنسان، ويكون مالكاً لها، ويجري فيها ما يجري في سائر أمواله.
قوله: [ (أيما رجل أعمر عمرى له ولعقبه فإنها للذي يعطاها لا ترجع للذي أعطاها؛ لأنه أعطى عطاءً وقعت فيه المواريث) ].
لأنه قال: (له ولعقبه)، فجاء على وجه تجري فيه المواريث حيث نص على العقب.
هو محمد بن يحيى بن فارس الذهلي ، وهو ثقة، أخرج له البخاري وأصحاب السنن.
[ ومحمد بن المثنى ].
محمد بن المثنى هو أبو موسى العنزي الملقب بـالزمن ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة، بل هو شيخ لأصحاب الكتب الستة.
[ حدثنا بشر بن عمر ].
بشر بن عمر ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
مالك بن أنس إمام دار الهجرة المحدث الفقيه، وأحد أصحاب المذاهب الأربعة المشهورة من مذاهب أهل السنة، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
[ عن ابن شهاب عن أبي سلمة عن جابر بن عبد الله ].
وقد مر ذكرهم.
أورد أبو داود الحديث من طريق أخرى، وأحال على الذي قبله وأنه بإسناده ومعناه.
قوله: [ حدثنا حجاج بن أبي يعقوب ].
حجاج بن أبي يعقوب ثقة، أخرج له مسلم وأبو داود .
[ حدثنا يعقوب ].
هو يعقوب بن إبراهيم السعدي ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ حدثنا أبي ].
هو إبراهيم بن سعد ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن صالح ].
هو صالح بن كيسان ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن ابن شهاب ].
ابن شهاب هو محمد بن مسلم مر ذكره.
[ قال أبو داود : وكذلك رواه عقيل عن ابن شهاب ويزيد بن أبي حبيب عن ابن شهاب ، واختلف على الأوزاعي في لفظه عن ابن شهاب ، ورواه فليح بن سليمان مثل حديث مالك ].
ثم ذكر طرقاً أخرى للحديث: [ قال أبو داود : وكذلك رواه عقيل عن ابن شهاب ].
هو عقيل بن خالد بن عقيل المصري ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ ويزيد بن أبي حبيب ].
هو يزيد بن أبي حبيب المصري ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ اختلف على الأوزاعي في لفظه عن ابن شهاب ورواه فليح بن سليمان ].
فليح بن سليمان صدوق كثير الخطأ، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
أورد أبو داود حديث جابر بن عبد الله رضي الله عنه من طريق أخرى، وفيه: (إنما العمرى التي أجازها رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يقول: هي لك ولعقبك فإذا قال: هي لك ما عشت فإنها ترجع إلى صاحبها)، وهذا مخالف لما تقدم من أنها تجري فيها المواريث.
لكن الكلام على قوله: (فأما إذا قال: هي لك ما عشت فإنها ترجع إلى صحابها) لأنه سبق ذكر أن شأنها شأن المواريث؛ فلو قال: إنها ترجع إلي فلا شك أنها ترجع، وإذا أطلق فقد سبقت الأحاديث بأنها شأن الميراث.
قوله: [ (ما عشت) ] هي بمعنى: عمرك، ومثلها في المعنى: ما بقيت، أو عمرك، أو مدة حياتك، هذه هي العمرى فلا ترجع إليه؛ لأنه جاء في حديث جابر : (من أعمر عمرى فهي له ولعقبه يرثها من يرثه من عقبه) الدلالة على أنها تكون له، وكلمة: عمرى هي نفسها: ما عشت؛ إذ لا فرق بين ما عشت وبين عمرى؛ لأن العمرى معناها مدة عمرك.
لكن إذا قال: فإذا مت ترجع إلي، ونص على أنها ترجع، فهي ترجع، وفيه خلاف فمنهم من قال: إن الشرط لا يعتبر.
ولا يقال: إن قوله: لك ما عشت، وقوله: لك حتى إذا مت رجعت متقارب المعنى؛ لأنه عندما قال: إذا مت رجعت إلي، هذا نص على رجوعها إليه، وأما إذا قال: ما عشت، فنفس الحديث الذي مر أن العمرى له ولعقبه وأنه يجري فيها الميراث.
والمسألة هذه فيها خلاف والتي بعدها فيها خلاف، والمتفق عليه منها هي الأولى: (هي لك ولعقبك)، ولا خلاف فيها.
وقول جابر : (إنما العمرى التي أجازها رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يقول: هي لك ولعقبك، فأما إذا قال: هي لك ما عشت فإنها ترجع إلى صحابها)، هذا تفسير منه وأما صاحب عون المعبود فقد أشار إلى اجتهاده فقال: قال في فتح الودود وهو شرح لسنن أبي داود ، لـأبي الحسن السندي في خمس مجلدات قال: هذا اجتهاد من جابر بن عبد الله ، ولعله أخذه من مفهوم حديث: (أيما رجل أعمر عمرة له ولعقبه)، والمفهوم لا يعارض المنطوق، ولا حجة في الاجتهاد فلا يخص به الأحاديث المطلقة. انتهى.
هو أحمد بن محمد بن حنبل الشيباني الإمام المحدث الفقيه، أحد أصحاب المذاهب الأربعة المشهورة من مذاهب أهل السنة، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
[ حدثنا عبد الرزاق ].
هو عبد الرزاق بن همام الصنعاني اليماني ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ أخبرنا معمر ].
هو معمر بن راشد الأزدي البصري ثم اليماني، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن الزهري عن أبي سلمة عن جابر ].
وقد مر ذكر الثلاثة.
أورد أبو داود حديث جابر : (لا ترقبوا ولا تعمروا، فمن أرقب شيئاً فهو له ولورثته)، والرقبى كما سيأتي في أثر مجاهد بن جبر : أنه يعطيه العين فيقول: إن مت قبلك فهي لك وإن مت قبلي فإنها ترجع إلي، وقيل لها: رقبى؛ لأن كل واحد يرقب موت الآخر وينتظره حتى تصير له، فإن مات الواهب المعطي فإنها تكون للمْرقَب، وإن مات المرقب فإنها ترجع للمْرقِب أي: الواهب.
قوله: [ (لا ترقبوا ولا تعمروا) ] المقصود من هذا ما جاء ذكره في بعض الأحاديث: (أمسكوا أموالكم) ومعناه: أن الإنسان إذا أراد أن يعطي عطاءً فليكن مما ليس له علاقة بالعمر أو بالحياة، ويمسك ماله ويجري فيه ما يجري في أمواله، ولا يأتي به على هذه الطريقة، والنهي عنه لا يدل على تحريمه بل إذا وجد فإنه يصح ويثبت، وأن الأولى هو عدم الإرقاب وعدم الإعمار. (فمن أرقب شيئاً أو أعمره فهو لورثته).
هو إسحاق بن إسماعيل الطالقاني وهو ثقة، أخرج له أبو داود .
[ حدثنا سفيان ].
هو سفيان بن عيينة المكي ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن ابن جريج ].
هو عبد الملك بن عبد العزيز بن جريج المكي ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
عطاء بن أبي رباح المكي ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
و جابر رضي الله عنه مر ذكره.
أورد أبو داود حديث جابر في قصة الابن الذي أعطى أمه حديقة، ولما ماتت قال: إنها لي؛ لأنه إنما أعطاها مدة حياتها، لكن إخوته الذين يريدون أن يرثوا هذه الحديقة خاصموا في ذلك، وعارضوا الكلام الذي قاله، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (هي لها حياتها وموتها) لأنه إن أعطاها إياها عطية فليس لها علاقة في العمرى فهي ثابتة وانتهت من حين حصل الإعطاء، وإذا ماتت فشأنها شأن الميراث، وإن أعطاها إياها على أنها عمرى وأنها لها ما عاشت وهي مطلقة فقد عرفنا أن شأنها شأن الميراث، فقال: إنما هي صدقة، قال: (ذلك أبعد لك) يعني: ما دام أنها صدقة فقد ملكتها في الحال، ولا علاقة لها بالعمرى، وهي أبعد من أن ترجع إلى هذا الذي يريد أن ترجع إليه.
والحديث ضعفه الألباني ، ولا أدري ما وجه التضعيف، ولعله بسبب حبيب بن أبي ثابت فهو مدلس، والحديث معناه متفق مع الأحاديث الأخرى ولا يخالفها؛ لأنها إن كانت عطية فالعطية ثابتة في الحال وليس لها علاقة بمدة الحياة، وإن كان المقصود أنها مدة حياتها فهي من قبيل العمرى التي شأنها شأن الميراث، وإن كانت من قبيل الصدقة فهي أعظم وأثبت من قضية العمرى المقيدة بمدة حياتها، فمعناه صحيح ومتفق مع الأحاديث الأخرى التي تتعلق بالعمرى.
عثمان بن أبي شيبة ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا الترمذي وإلا النسائي فقد أخرج له في عمل اليوم والليلة.
[ حدثنا معاوية بن هشام ].
معاوية بن هشام صدوق له أوهام، أخرج له البخاري في الأدب المفرد ومسلم وأصحاب السنن.
[ حدثنا سفيان ].
سفيان هو الثوري ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن حبيب -يعني ابن أبي ثابت - ].
حبيب بن أبي ثابت ثقة، يدلس ويرسل، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
[ عن حميد الأعرج ].
حميد الأعرج ليس به بأس، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن طارق المكي ].
طارق المكي وثقه أبو زرعة ، أخرج له مسلم وأبو داود .
[ عن جابر بن عبد الله ].
جابر بن عبد الله رضي الله تعالى عنهما وقد مر ذكره.
حدثنا أحمد بن حنبل حدثنا هشيم أخبرنا داود عن أبي الزبير عن جابر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (العمرى جائزة لأهلها، والرقبى جائزة لأهلها) ].
أورد أبو داود هذه الترجمة: باب في الرقبى، والرقبى على وزن العمرى، والعمرى تتعلق بالعمر، والرقبى تتعلق بعمر واحد منهما إما الواهب أو الموهوب له؛ لأنه يقول: هذه لك إن مت قبلك فهي لك، وشأنها شأن أموالك، وإن مت قبلي فإنها ترجع إلي، وقيل لها: رقبى؛ لأن كل واحد منهما يرقب وينتظر موت الآخر حتى يحصل على ذلك الشيء الذي وقع بينهما الاتفاق عليه، وهذا التفسير سيأتي عن مجاهد بن جبر في آخر الباب.
وهي مثل العمرى من حيث أنها له ولعقبه يرثها إذا مات الواهب قبله، أما إن مات الموهوب له قبل الواهب فإنها ترجع للواهب.
أحمد بن حنبل مر ذكره.
[ حدثنا هشيم ].
هو هشيم بن بشير الواسطي ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ أخبرنا داود ].
هو داود بن أبي هند ، وهو ثقة، أخرج له البخاري تعليقاً ومسلم وأصحاب السنن.
[ عن أبي الزبير ].
هو أبو الزبير محمد بن مسلم بن تدرس المكي ، وهو صدوق، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن جابر ].
جابر مر ذكره.
أورد أبو داود حديث زيد بن ثابت رضي الله عنه قال: (من أعمر شيئاً فهو لمعمره محياه ومماته)، يعني: من وهب شيئاً لشخص مدة عمره فهو لمعمره حياته ومماته معناه: أنه يجري فيه الميراث، ويكون له في حياته، وبعد وفاته يورث لمن بعده كما مر في الأحاديث السابقة المطلقة التي فيها أن العمرى تكون له ولعقبه من بعده.
قوله: [ (ولا ترقبوا فمن أرقب شيئاً فهو سبيله) ].
يعني: سبيل وطريقة الميراث.
قوله: [ حدثنا عبد الله بن محمد النفيلي ].
عبد الله بن محمد النفيلي ثقة، أخرج له البخاري وأصحاب السنن.
[ قرأت على معقل ].
هو معقل بن عبيد الله الجزري ، وهو صدوق يخطئ، أخرج له مسلم وأبو داود والنسائي .
[ عن عمرو بن دينار ].
هو عمرو بن دينار المكي ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن طاوس ].
هو طاوس بن كيسان ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن حجر ].
هو حجر بن قيس ، وهو ثقة، أخرج له أبو داود والنسائي وابن ماجة .
[ عن زيد بن ثابت ].
زيد بن ثابت رضي الله تعالى عنه صحابي، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
قوله: [ هو للآخر مني ومنك ]، يعني: إن مت قبلك يكون لك، وإن مت قبلي يكون لي، ولهذا كل واحد منهم يرقب الآخر حتى يكون له ذلك؛ فمن من مات أولاً يكون للمتأخر منهما وهذا تفسير من مجاهد للرقبى والعمرى.
قوله: [ حدثنا عبد الله بن الجراح ].
عبد الله بن الجراح صدوق يخطئ، أخرج له أبو داود والنسائي في مسند مالك وابن ماجة .
[ عن عبيد الله بن موسى ].
عبيد الله بن موسى ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن عثمان بن الأسود ].
عثمان بن الأسود ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن مجاهد ].
هو مجاهد بن جبر المكي ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
الجواب: لا ليست بوقف ولكنها هبة، سواء كانت أرضاً يزرعها أو داراً يسكنها.
الجواب: يجوز.
الجواب: الواهب أولى بها.
الجواب: لا ليست بمنزلة الوصية؛ لأنها منحة في الحياة، وليست بعد الموت.
الجواب: الأحاديث جاءت بأن الألفاظ المطلقة تكون له ولعقبه، وفي الحديث قال: (أنا أعطيتها ما عشت، قال: إنها لا ترجع إليك).
الجواب: ليس له ذلك.
الجواب: الهبة ناجزة بأن يعطيه هذه الدار، ويقول: خذها الآن، والعمرى نوع من الهبة ولكنها مقيدة.
الجواب: نعم، يرث مما أعطاه كتلك المرأة قال لها: (وجب أجرك وردها عليك الميراث)، حديث ورد أنها تصدقت بكذا وكذا (وجب أجرك، وردها عليك الميراث)؛ لأن المتصدق عليه ملك فإذا مات يرثه.
الجواب: في هذه الحالة تعتبر عارية لمدة ثلاث سنوات.
الجواب: جاء في الأحاديث ما يدل على أن مثل ذلك له ولعقبه.
الجواب: قوله: (لا ترقبوا) نهي وإشارة إلى أن الإنسان يمسك ماله ولا يخرجه بهذه الطريقة، ولكنه إذا أرقب فإن الرقبى ثابتة.
الجواب: العمرى يقول فيها: هي لك ما عشت، أو لك ولعقبك، وأما الرقبى فكما جاء تفسيرها عن مجاهد تقول: هي للآخر منا موتاً، إن أنا مت قبلك فهي لك، وإن مت قبلي فإنها ترجع إلي.
ولابد من التلفظ، أما مجرد النية فهي في القلوب ولا يدرى عنها فلا يثبت بها حكم، لحديث: (إن الله تجاوز لأمتي ما حدثت به أنفسها ما لم تتكلم أو تعمل)، فالإنسان عندما ينوي أن يتصدق له أن يرجع، والنية لا يثبت بها شيء، ولو نوى أن يطلق دون أن ينطق فما يثبت طلاق، وكذلك لو نوى أن يعتق وما تلفظ فلا يعتبر قد أعتق.
كما أن العمرى والرقبى تكون للزوجة أيضاً، وما دام أنها متعلقة بحياته فلا علاقة لها بتقييدها بأنها زوجة، أو إذا أعطاها لامرأة غير زوجته فإن الأمر متعلق بأنها عطية يجري فيها الميراث.
الجواب: نعم، جاء ما يدل على أنها تطير بالأجنحة، وذلك فيما جاء في قصة جعفر بن أبي طالب رضي الله عنه وأنه لما قطعت يداه في غزوة مؤتة عوضه الله تعالى بهما جناحين يطير بهما مع الملائكة، وقد جاء في صحيح البخاري في كتاب المناقب: أن عبد الله بن عمر كان إذا لقي عبد الله بن جعفر قال: السلام عليك يا ابن ذي الجناحين ، والحافظ ابن حجر في شرحه قال: لعله يشير إلى كذا، وذكر حديثاً عند الطبراني في الكبير وقال: إنه بإسناد صحيح، وقال النبي صلى الله عليه وسلم لـعبد الله بن جعفر : (هنيئاً لك أباً يطير بجناحين في السماء مع الملائكة)، وذكر أحاديث أخرى ومنها حديث ابن عباس وقال: إنه بإسناد جيد أنه قال: (أبوك له جناحان يطير بهما مع جبريل وميكائيل)، فهذا يدل على أن للملائكة أجنحة يطيرون بها.
الجواب: جائزة يعني: ثابتة وغير محرمة، ولا شك أنها هبة ولكنها مقيدة إذ ليست كالهبة المطلقة التي ناوله إياها، أو قال: هذه هبة لك، ثم خرجت منه في الحال، ولا تقييد لها بأمر مستقبل.
الجواب: نعم يجوز؛ لأنه ملك للإنسان.
الجواب: إذا قال: هي لك وليست لعقبك وترجع إلي، فهذا مثل التقييد بكونها ترجع إلي.
الجواب: لا؛ لأنها ملك للمعمر، إلا على ما استكتبا القيد، وهي للمعمر على كل حال سواء كانت يجري فيها الميراث أو أنها مقيدة بأنها ترجع إليه، ومعناه مثلما جاء في الرهن أنه يركب ويحلب، فكذلك إذا استفاد منها فإن الغنم له والغرم عليه، لكن إذا تلفت من أصلها فإنها تتلف على حساب مالكها.
وبالنسبة للرقبى فمحتمل أن تعود إذا مات المرقب إليه، لكن على كل يصير مثلما قلنا: مقابل الانتفاع يكون الغرم.
الجواب: المسألة عامة وليس فيها تمييز بين شيء وشيء، فهي ما أعطت المدرسات إلا من أجل أنهن مدرسات، وأما الطالبات فلا بأس من التهادي بينهن، وأما المدرسات فلا يهدى إليهن شيء من الطالبات.
الجواب: (إن الله طيب لا يقبل إلا طيباً)، والأموال إن كانت غير نظيفة وغير نزيهة أو محرمة، فإن التخلص منها يكون بصرفها في أمور ممتهنة كتعبيد الطرق وبناء الحمامات، وما أشبه ذلك.
الجواب: الذي يظهر أنه لا يجوز؛ لأنه لم يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم في ذلك شيء، والجمع إنما جاء بين الظهر والعصر، وأما مع الجمعة فإنه لم يثبت في ذلك شيء، ولهذا لا يصلح أن يجمع بين الجمعة وبين العصر.
الجواب: هذا فيه تفصيل، فإذا كان هؤلاء الذين جاءوا -الجماعة الثانية- متعمدين لأن يصلوا وحدهم ولا يريدون أن يصلوا وراء الإمام فهذا لا يجوز، وإن كانوا جاءوا ليصلوا ولكن الذي حصل أن الصلاة فاتتهم، فلهم أن يصلوا جماعة ثانية ولا بأس بذلك، والنبي صلى الله عليه وسلم لما جاء رجل مفرد قال: (من يتصدق على هذا فيصلي معه؟)، أراد النبي صلى الله عليه وسلم أن توجد له الصلاة عن طريق الصدقة، فإذا جاءوا اثنين أو ثلاثة ولا يحتاجون إلى صدقة فلا يقال لهم: كل واحد يذهب يصلي في بيته؛ لأنكم جئتم ثلاثة، ولو جاء واحد يقال له: ابحث عن واحد يتصدق معك، هذا ما يحتاج إلى صدقة، فإذا كان النبي صلى الله عليه وسلم أراد أن توجد الجماعة الثانية ولو عن طريق الصدقة فحصولها بدون صدقة أولى.
الجواب: لا بأس به إن شاء الله، ولكن لو كان هذا للفقراء والمساكين فهو أحسن.
الجواب: الذي له جناحان هو جعفر بن أبي طالب رضي الله عنه يطير بهما مع الملائكة، والملائكة قال الله عز وجل عنهم: جَاعِلِ الْمَلائِكَةِ رُسُلًا أُولِي أَجْنِحَةٍ مَثْنَى وَثُلاثَ وَرُبَاعَ يَزِيدُ فِي الْخَلْقِ مَا يَشَاءُ [فاطر:1]، وجاءت السنة بأن جبريل له ستمائة جناح، فالجناحان هما لـجعفر بن أبي طالب رضي الله عنه يطير بهما مع الملائكة، ولا يشكل عليه ما جاء في صفة جبريل عليه السلام أن له ستمائة جناح، لأن النبي قال عن جعفر إنه يطير بجناحين، يعني: له جناحان وهما بدل اليدين، وجاء في الحديث نفسه: (عوضه الله عن يديه)، وهو نفس الحديث الذي قال عنه ابن حجر : بإسناد جيد.
الجواب: الذي يبدو أنه لا فرق بين الهدية من الولد أو من الوالد؛ لأن النتيجة واحدة، ولكن كونه يقيم وليمة وتكون عامة وهم يحضرون تبعاً فلا بأس.
الجواب: لا تفعل ما دامت المسألة فيها محاباة، وإن تصدقت فلا يكن قصدك أن يراعيك.
الجواب: لا يدخل في رفع العلم رفع القرآن، فذاك يوم من الأيام لا يكون القرآن في المصاحف ولا في الصدور منه شيء، وأما رفع العلم فمعناه كثرة الجهل، وقلة العلماء، وقبض العلم بقبض العلماء.
الجواب: كونه يكتب عليها اسم المهدى إليه لكي يستعملها كأن يكون ختماً فيه اسمه أو قلماً عليه اسمه فلا بأس، أما اسم شخص من الناس كل من يراه يقول: هذا ما شاء الله أهداه إليك فلان ونحن ما أهدى لنا فلا يفعل.
الجواب: احضر مجالس العلم، واسع إلى أن يحضر والدك معك.
الجواب: لا يصح أن يقال هذا الكلام أبداً، ولا يضاف الظلم إلى الله مطلقاً.
الجواب: هذه هبة مؤقتة بمدة دراسته في الجامعة.
الجواب: لا بأس وليس عليك شيء.
الجواب: لا يجوز له أن يدفع الرشوة وإنما عليه أن يرفع الأمر إلى من يوقف هذا المرتشي عند حده، ويحول بينه وبين كونه لا يؤدي حقوق الناس إلا إذا أعطوه رشوة، لكن لو لم يوجد من ينصفه؛ وسوف يضيع عليه حقه، أو يحصل له تعطيل وحبس لمصالحه إلا أن يعطي فهذا ليس فيه بأس؛ لأن كونه يعطي شيئاً من أجل أن يحصل على ماله كله أحسن من كونه يضيع عليه ماله كله، أو يحصل له مضرة كبيرة لأنه لم يعط، أما إذا وجد سبيلاً إلى أن يوقف هذا المرتشي أو هذا الظالم عند حده فلا يجوز له ذلك؛ لأن مثل هذا يجرئ هؤلاء المرتشين إلى أن تكون معاملتهم للناس بهذه الطريقة، إما أن يرشوه أو أن يضيع عليهم مصالحهم.
الجواب: نعم؛ لأنه لما دخل في الحمامات خرج من المسجد، فإذا خرج منها ودخل في المسجد فإنه يصلي، ثم أيضاً من سنن الوضوء أن يصلي ركعتين بعده غير تحية المسجد، فالحاصل أنه يصلي ركعتين؛ لأن الحمامات ليست بمسجد، لكن الساحة مسجد، فإذا دخل الحمامات وخرج منها خرج من غير المسجد إلى المسجد.
الجواب: لا يقال هذا؛ لأن مد الرجلين إلى القبلة ليس فيه عدم تعظيم لشعائر الله عز وجل، والإنسان كما هو معلوم إذا كان مستلقياً أو كان مريضاً فإنه يحتاج إلى أن يمد رجليه للقبلة، وعندما يصلي وهو مستلق يكون بهذه الطريقة، ولا يقال: إن هذا من عدم التعظيم، ولعل الذي ينوي عدم التعظيم هذا هو من جاء بالنية السيئة.
الجواب: لا بأس؛ لأن المقيت من أسماء الله. والمتعالي كذلك كما قال: وهو الْكَبِيرُ الْمُتَعَالِ [الرعد:9].
الجواب: أولاد الابن لا يرثون، فكونه يعطيهم أو يوصي لهم لأنهم لا يرثون فلا بأس بذلك؛ ولأن الوصية تكون مشروعة لغير الوارث، فإن أعطاهم لفقرهم وضعفهم فلا بأس، وقد عرفنا أنه لو كان أولاده فيهم أغنياء وفقراء فله أن يعطي الفقير من أجل أن يأكل لا من أجل أن يملكه عمارة، أو ما له قيمة، ولا يعطي الأغنياء مثلما يعطي الفقير لفقره.
من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر