حدثنا مسدد بن مسرهد حدثنا يحيى عن ابن أبي عروبة عن قتادة عن الحسن عن سمرة عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال: (على اليد ما أخذت حتى تؤدي)، ثم إن الحسن نسي فقال: هو أمينك لا ضمان عليه ].
يقول الإمام أبو داود السجستاني رحمه الله تعالى: [باب في تضمين العارية].
العارية هي: العين التي ينتفع بها، وبعد الانتفاع بها ترد على صاحبها.
وهل تضمن إذا فقدت، أو لا تضمن؟
من العلماء من قال: إنها تضمن؛ لأنها في حوزته فعليه أن يؤديها أو يؤدي مثلها إن كان لها مثل، أو قيمتها إذا لم يكن لها مثل.
ومن العلماء من قال: إن يده يد أمان وليس عليه ضمان إلا أن يفرط كالذي تكون عنده الوديعة.
والإمام أبو داود رحمه الله أورد حديث سمرة بن جندب رضي الله تعالى عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (على اليد ما أخذت حتى تؤدي)، أي: أن هذا لازم عليها، وأنه حق متعين على صاحب اليد الذي عليه أداؤه وإرجاعه، وإذا لم يؤده فإنه يؤدي نظيره ومثيله إذا كان له مثيل أو قيمته إذا لم يكن له مثل.
وقد جاء في بعض الأحاديث التي سيذكرها أبو داود ما يدل على الضمان، وذلك في قصة الأدرع التي استعارها رسول الله عليه الصلاة والسلام، ولما فقد بعضها قال النبي صلى الله عليه وسلم لصاحبها: (أنا أغرم لك، فقال: لا)، فدل هذا على أنها مؤداة؛ فإن كانت موجودة فبعينها، وإن كانت قد تلفت فإنه يؤدي مثلها، وإن لم يكن لها مثل فإنه يؤدي قيمتها.
وحديث سمرة بن جندب رضي الله عنه هو من طريق الحسن بن أبي الحسن البصري ، والمعروف عند العلماء أن في رواية الحسن عن سمرة ثلاثة أقوال، ولكن المشهور: أن الثابت من رواية الحسن عن سمرة هو حديث العقيقة؛ لأنه هو الذي صرح فيه بالسماع، أما غيره فإن الأصل أنه مدلس ولا يقبل إلا ما صرح فيه بالسماع، والذي ثبت تصريحه بالسماع فيه هو حديث العقيقة، وغير هذا مما رواه الحسن عن سمرة يكون من قبيل غير الثابت؛ لأنه روى بالعنعنة وليس سماعه ثابتاً إلا في حديث العقيقة وحده.
قوله: [(على اليد ما أخذت حتى تؤدي)].
يعني: أنه شيء لازم لها ومتحتم عليها أن تؤديه.
قوله: [ ثم إن الحسن نسي فقال: هو أمينك لا ضمان عليه ].
أي أنه ليس بلازم أن يؤدي، وليس بضامن على كل حال، لكن على القول بأن يد المستعير هي مثل يد الأمين المستودع، وهو لا يضمن إلا إذا فرط، فإذا لم يفرط فإنه لا ضمان عليه، وعلى هذا القول فإنه ليس هناك تنافٍ بين قوله: (أمينك لا ضمان عليه)، وبين قوله: (على اليد ما أخذت حتى تؤدي)، على اعتبار أن يده يد أمانة وأن عليها أن تؤديه حيث لم يحصل هناك تفريط، أما إذا حصل تفريط فإن الضمان لازم على كل حال.
هو مسدد بن مسرهد البصري، وهو ثقة، أخرج له البخاري وأبو داود والترمذي والنسائي .
[ حدثنا يحيى ].
هو يحيى بن سعيد القطان البصري، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن ابن أبي عروبة ].
ابن أبي عروبة هو سعيد بن أبي عروبة، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن قتادة ].
هو قتادة بن دعامة السدوسي البصري، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن الحسن ].
هو الحسن بن أبي الحسن البصري، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن سمرة ].
هو سمرة بن جندب رضي الله عنه، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
و ابن أبي عروبة مختلط لكنه من أثبت الناس في قتادة ، وأيضاً قتادة مدلس وروى بالعنعنة، كما أن المشهور في رواية الحسن أنه ما سمع إلا حديث العقيقة.
أورد أبو داود حديث صفوان بن أمية رضي الله عنه: (أن النبي صلى الله عليه وسلم استعار منه أدرعاً فقال: أغصب يا محمد! قال: لا بل عارية مضمونة)، وكان ذلك في حال كفره، ثم قال له: إن ما في قلبي الآن يختلف عما كان في قلبي من قبل، يعني أنه بعد أن أسلم اختلف وضعه عما كان عليه من قبل.
هو الحسن بن محمد الزعفراني، وهو ثقة، أخرج له البخاري وأصحاب السنن.
[ وسلمة بن شبيب ].
سلمة بن شبيب ثقة، أخرج له مسلم وأصحاب السنن.
[ حدثنا يزيد بن هارون ].
هو يزيد بن هارون الواسطي، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ حدثنا شريك ].
هو شريك بن عبد الله النخعي الكوفي القاضي، وهو صدوق اختلط، وهو يخطئ كثيراً، أخرج حديثه البخاري تعليقاً ومسلم وأصحاب السنن.
[ عن عبد العزيز بن رفيع ].
أبوه عبد العزيز بن رفيع ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن أمية بن صفوان بن أمية ].
أمية بن صفوان بن أمية مقبول، أخرج له البخاري في الأدب المفرد وأبو داود والترمذي والنسائي .
[ عن أبيه ].
أبوه صفوان رضي الله عنه، وهو صحابي أخرج له البخاري تعليقاً ومسلم وأصحاب السنن.
[ قال أبو داود : وهذه رواية يزيد ببغداد، وفي روايته بواسط تغير على غير هذا ].
أي: يزيد بن هارون الواسطي في روايته بواسط تغير عن روايته ببغداد.
قال أبو داود : وكان أعاره قبل أن يسلم ثم أسلم ].
أورد أبو داود حديث صفوان بن أمية من طريق أخرى وهو مثل الذي قبله، إلا أن فيه أنه قال له: (هل نغرم لك؟) وقد مر أنه قال: (عارية مضمونة)، فقال: لا؛ لأن في قلبي الآن ما لم يكن في قلبي من قبل، يعني: أنه الآن أسلم والذي في قلبه الآن بعد أن أسلم يختلف عن الذي كان في قلبه قبل أن يسلم، ولعل قوله: (غصباً) يعني: أن هذا قاله قبل أن يسلم.
أبو بكر بن أبي شيبة هو عبد الله بن محمد، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا الترمذي .
[ حدثنا جرير ].
هو جرير بن عبد الحميد الضبي الكوفي، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن عبد العزيز بن رفيع].
عبد العزيز بن رفيع مر ذكره.
[ عن أناس من آل عبد الله بن صفوان ].
وهم مجهولون مبهمون وهو مرسل؛ لأنهم يحكون عن الشيء الذي حصل في زمنه صلى الله عليه وسلم، ولكن الأحاديث يشد بعضها بعضاً فيما يتعلق بقصة صفوان .
أورده من طريق أخرى وهو مثل الذي قبله.
قوله: [ حدثنا مسدد حدثنا أبو الأحوص ].
أبو الأحوص هو سلام بن سليم الحنفي، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ حدثنا عبد العزيز بن رفيع عن عطاء ].
عطاء بن أبي رباح المكي ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
أورد أبو داود حديث أبي أمامة صدي بن عجلان الباهلي رضي الله عنه، وهو مشتمل على عدة أمور منها ما يتعلق بالعارية، وهذا هو محل الشاهد من إيراد الحديث، وقد قال عليه الصلاة والسلام: (إن الله قد أعطى كل ذي حق حقه فلا وصية لوارث)؛ لأن الله قسم المواريث، كما قال الله عز وجل: يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنثَيَيْنِ [النساء:11]، فذكر في الآية الأولى من سورة النساء عمودي النسب الآباء والأمهات والأولاد والبنات. وذكر في الآية الثانية الذين يرثون بالفرض فقط ولا يكون لهم نصيب في التعصيب، وهم الأزواج والزوجات والإخوة لأم، وذكر في آخر سورة النساء الذين يرثون بالفرض والتعصيب، وهم الإخوة الأشقاء والإخوة لأب، فالأخوات يرثن بالفرض إذا كن وحدهن، وإذا كان معهن غيرهن من إخوانهن فإنه لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنثَيَيْنِ.
قوله: [(إن الله قد أعطى كل ذي حق حقه)] يعني: بما بينه في كتابه من المواريث، وكذلك ما بينته السنة مع الكتاب في بيان أحكام المواريث.
قوله: [(فلا وصية لوارث)] أي: كما كان موجوداً من قبل، كما قال الله عز وجل: كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ إِنْ تَرَكَ خَيْرًا الْوَصِيَّةُ لِلْوَالِدَيْنِ وَالأَقْرَبِينَ [البقرة:180]، فإنه لا وصية لوارث، وهذا مما جاء نسخه في السنة؛ لأن قوله: كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ إِنْ تَرَكَ خَيْرًا الْوَصِيَّةُ هذا جاء في القرآن نسخ بقوله صلى الله عليه وسلم: (لا وصية لوارث).
قوله: [(ولا تنفق المرأة شيئاً من بيتها إلا بإذن زوجها، فقيل: يا رسول الله! ولا الطعام؟ قال: ذلك أفضل أموالنا)].
يعني: لا تنفق الزوجة من ماله ولا من موجودات البيت التي هي ملك للزوج، ولا الطعام الذي هو أفضل الأموال، وهذا يختلف عما كان موجوداً من قبل، فليس لها أن تخرج شيئاً مما في البيت من الطعام أو غيره من مال زوجها إلا بإذنه، سواءً بإذن معين أو مطلق، فإذا أذن لها إذناً معيناً بأن تخرج كذا وكذا تفعل، وإن أذن لها إذناً مطلقاً بأنها تخرج ما مقداره كذا وكذا فلها أن تفعل ذلك.
قوله: [(العارية مؤداة)]، يعني: أنها ترجع وتعاد إلى صاحبها الذي أعارها.
قوله: [(والمنحة مردودة)]، يعني: المنيحة التي يعطيها الإنسان لفقير مثل شاة ليحلبها وليستفيد من حليبها ودرها فإنه يردها إلى صاحبها؛ لأنه أعطاه المنفعة ولم يعطه العين، فالعين للمالك والمنفعة للممنوح، فهو يستفيد منها في حال وجود المنفعة، ثم يردها إلى صاحبها.
قوله: [(والدين مقضي)]، يعني: أنه لازم ومتعين قضاؤه.
قوله: [(والزعيم غارم)] وهو الضامن، فمن ضمن حقاً لإنسان على إنسان فإنه يلزمه، يعني: إذا لم يسدد المضمون عنه يسدد الضامن وهو الغارم أو الزعيم، ولهذا جاء في القرآن: وَلِمَنْ جَاءَ بِهِ حِمْلُ بَعِيرٍ وَأَنَا بِهِ زَعِيمٌ [يوسف:72]، يعني: أنا ضامن له.
عبد الوهاب بن نجدة الحوطي ثقة، أخرج له أبو داود والنسائي .
[ حدثنا ابن عياش ].
ابن عياش هو إسماعيل بن عياش، وهو صدوق في روايته عن أهل بلده مخلط في رواية غيرهم، وهو هنا يروي عن واحد من أهل بلده وهو شرحبيل بن مسلم ؛ لأنه شامي وشرحبيل شامي كذلك، وأخرج لـابن عياش البخاري في رفع اليدين وأصحاب السنن.
[ عن شرحبيل بن مسلم ].
صدوق فيه لين أخرج حديثه أبو داود والترمذي وابن ماجة .
[ عن أبي أمامة ].
هو أبو أمامة صدي بن عجلان الباهلي رضي الله عنه صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
قال أبو داود : حبان خال هلال الرأي ].
أورد أبو داود حديث يعلى بن أمية رضي الله عنه: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إذا أتتك رسلي فأعطهم ثلاثين درعاً وثلاثين بعيراً فقال: يا رسول الله! أعارية مضمونة، أو عارية مؤداة؟ قال: بل مؤداة).
معناه: أنه يحافظ عليها ويرجعها.
وسواء قيل: هي مضمونة أو مؤداة، فإنها تؤدى وتضمن بمثلها إلا أن يعفو صاحبها عن القول بأن اليد يد ضمان.
وسؤال يعلى : (أعارية مضمونة أو مؤداة)، يفيد التفريق عنده: تضمنها لي أو تؤديها، لكن معناه: أنها عندما تستهلك يؤتى ببدالها، أو أنه يحافظ عليها وترجع بعينها.
إبراهيم بن المستمر العصفري صدوق يغرب، أخرج له أبو داود والترمذي في الشمائل والنسائي وابن ماجة .
[ حدثنا حبان بن هلال ].
حبان بن هلال ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ حدثنا همام ].
هو همام بن يحيى العوذي، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن قتادة عن عطاء بن أبي رباح عن صفوان بن يعلى ].
صفوان بن يعلى ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن أبيه ].
أبوه يعلى بن أمية رضي الله عنه، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
وهذه غير القصة السابقة؛ لأن هذه فيها إبل.
[ قال أبو داود : حبان خال هلال الرأي ].
هذا تعريف بـحبان هذا، وأنه خال شخص يقال له: هلال الرأي .
حدثنا مسدد حدثنا يحيى ح وحدثنا محمد بن المثنى حدثنا خالد عن حميد عن أنس: (أن رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم كان عند بعض نسائه فأرسلت إحدى أمهات المؤمنين مع خادمها قصعة فيها طعام، قال: فضربت بيدها فكسرت القصعة) -قال ابن المثنى :-فأخذ النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم الكسرتين، فضم إحداهما إلى الأخرى فجعل يجمع فيها الطعام ويقول: غارت أمكم -زاد
أورد أبو داود باباً فيمن أفسد شيئاً يغرم مثله.
يعني: إذا أتلف شيئاً يغرم مثله، وأورد فيه حديث أنس رضي الله عنه: (أن النبي صلى الله عليه وسلم كان عند إحدى زوجاته فأرسلت إليه إحدى زوجاته بطعام في قصعة، فلما جاء الخادم بها ضربت صاحبة البيت الذي هو عندها القصعة فكسرتها، فضم النبي صلى الله عليه وسلم الكسرتين إلى بعضهما وجعل ينقل الطعام ويجعله فيهما ويقول: غارت أمكم)، يعني: أن هذا الذي حصل كان بسبب الغيرة بينها وبين الزوجة الأخرى، ثم إنه أتي بالقصعة السليمة التي في بيت زوجته التي كسرت القصعة وحبس الغلام عنده، ثم أعطاه القصعة السليمة، وأبقى القصعة المكسورة عند الكاسرة، فأرسل هذه عوضاً عن هذه، ومحل الشاهد: أن هذا الذي أتلف أخذ مكانه شيئاً صحيحاً أعطاه لمن أتلف له، وهذا يدل على أنه يضمن الشيء الذي أفسده بمثله.
وقيل: إن هذا الذي حصل في هذا الحديث من قبيل أن البيتين للرسول صلى الله عليه وسلم، وأنه هو المتصرف فيهما، وأنه أخرج شيئاً من بيت إلى بيت، وسليم بدل مكسور، وأن الكل إنما هو للنبي صلى الله عليه وسلم، فهو تعويض منه وليس من الكاسرة، لكن الحكم: أن من أتلف شيئاً لغيره فإنه يكون مضموناً ولو لم يكن متعمداً، مثلما يحصل في قتل الخطأ ففيه الدية ولو كان خطأً، وكذلك الإنسان إذا أفسد شيئاً لغيره ولو كان مخطئاً فإنه يضمنه.
قوله: [(فأرسلت إحدى أمهات المؤمنين مع خادمها قصعة فيها طعام قال: فضربت بيدها فكسرت القصعة) يعني: التي أهدي الطعام إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو في بيتها.
قوله: [ قال ابن المثنى : (فأخذ النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم الكسرتين فضم إحداهما إلى الأخرى، فجعل يجمع فيها الطعام، ويقول: غارت أمكم) ].
هذا من رواية أحد شيخي أبي داود وهو محمد بن المثنى .
قوله: [ زاد ابن المثنى : (كلوا فأكلوا حتى جاءت قصعتها التي في بيتها) ثم رجعنا إلى لفظ حديث مسدد ].
يمكن أنهما بنفس اللفظ؛ لأنه قال: رجعنا إلى لفظ مسدد ، يعني: كأن هذا لفظ محمد بن المثنى و(كلوا) هذه ليست عند مسدد ولكن عنده هذا الذي عند محمد بن المثنى ولكن بلفظ آخر، معناه: أنه متفق معه في المعنى، ولكن هذه الزيادة ليست عند مسدد، وإنما هي عند محمد بن المثنى، وأما الذي قبل ذلك فهو عندهما.
والقصة لا يفهم منها أن النبي صلى الله عليه وسلم كان فقط مع إحدى زوجاته بل الرسول معه ضيوف في بيتها ولهذا خاطبهم فقال: (غارت أمكم).
قوله: [(فأكلوا حتى جاءت قصعتها التي في بيتها)].
يعني: قصعة الكاسرة التي كان عندها في بيتها.
قوله: [ ثم رجعنا إلى لفظ حديث مسدد قال: (كلوا، وحبس الرسول والقصعة حتى فرغوا، فدفع القصعة الصحيحة إلى الرسول وحبس المكسورة في بيته) ].
يعني: حبس الرسول وقال له: انتظر، فلما فرغوا من الأكل وأتوا بالقصعة السليمة أعطاه القصعة السليمة ليرجع بها إلى التي أرسلتها، وأبقى القصعة المكسورة في بيت الكاسرة فتكون لها.
محمد بن المثنى العنزي الملقب بـالزمن ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة، وهو شيخ لأصحاب الكتب الستة.
[ حدثنا خالد ].
هو خالد بن الحارث، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن حميد ].
هو حميد بن أبي حميد الطويل، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن أنس ].
أنس رضي الله عنه صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم وخادمه، وأحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم.
وهذا من الرباعيات لأن بين أبي داود وبين الرسول صلى الله عليه وسلم فيه أربعة أشخاص، ولكنه من طريقين إحداها فيها مسدد عن يحيى بن سعيد ، والطريق الثانية فيها: ابن المثنى عن خالد ، وكل منهما يروي عن حميد عن أنس ويعتبر الحديث رباعياً.
أورد أبو داود حديث عائشة رضي الله عنها: (أن
وقوله: (طعام بطعام) للإشارة على أنه لو حصل إتلاف طعام على أحد فإنه يغرم له، ويكون هذا من زيادة البيان والإيضاح، وأن الحكم عام في الذي حصل وفي الذي لم يحصل، ويكون هذا من الزيادة في الجواب، ويكون مثل قوله: (هو الطهور ماؤه الحل ميتته)؛ لأنهم سألوا عن الوضوء من ماء البحر فالرسول أجابهم وزاد، وهنا ذكر شيئاً يتعلق بالقصة والذي حصل به الضمان، وزاد شيئاً ليبين أن هذا حكم عام، وأن كل من أتلف شيئاً فإنه يضمنه، فيكون ذكر الطعام مع أنه ما حصل طعام بطعام، وما حصل تعويض بطعام؛ لأن الطعام أكل، ولكن للإشارة إلى أن الحكم واحد، وأن من أتلف شيئاً فعليه أن يضمن مثله.
قوله: [ (ما رأيت صانعاً طعاماً مثل
قوله: [ (صنعت لرسول الله صلى الله عليه وسلم طعاماً فبعثت به فأخذني أفكل) ] أفكل معناه: رعشة من الغيرة، فحصل ما حصل من كسر الإناء.
سفيان بن سعيد بن مسروق الثوري ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ حدثني فليت العامري ].
فليت صدوق أخرج له أبو داود والنسائي .
[ عن جسرة بنت دجاجة ].
وهي مقبولة، أخرج لها أبو داود والنسائي وابن ماجة .
[ قالت: عائشة ].
عائشة رضي الله عنها أم المؤمنين الصديقة بنت الصديق ، وهي واحدة من سبعة أشخاص عرفوا بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم، والألباني ضعف الحديث، ولكنه بمعنى الحديث السابق.
حدثنا أحمد بن محمد بن ثابت المروزي حدثنا عبد الرزاق قال: أخبرنا معمر عن الزهري عن حرام بن محيصة عن أبيه: (أن ناقة
أورد أبو داود باباً في المواشي تتلف شيئاً كيف يكون الحكم؟ وهل يكون مضموناً أو غير مضمون؟
جاء في حديث محيصة بن مسعود في قصة ناقة البراء بن عازب أن النبي صلى الله عليه وسلم لما رفع إليه أمرها قال: (على أهل المواشي أن يحفظوها في الليل، وعلى أهل الزرع أن يحفظوه في النهار)، ومعنى ذلك: أنه إذا قصر هؤلاء فهم مفرطون، وإذا قصر هؤلاء فهم مفرطون؛ وذلك أن المواشي عادة يسرح بها أهلها في النهار، وإذا جاءوا في الليل ردوها إلى مراحها وحضائرها، فلو أهملوها وتركوها كانوا مفرطين فيضمن أصحاب المواشي؛ لأنهم تركوها في الليل وكان عليهم أن يحفظوها، وأما في النهار فأهل الزروع هم الذين يحفظونها ويكونون عندها يشاهدونها ويعاينونها، وغالباً أن مواشيهم تكون معهم؛ لأن المواشي يسرح بها في النهار للرعي وتعود في الليل، فالنبي صلى الله عليه وسلم قضى بأن على أهل المواشي أن يحفظوا مواشيهم بالليل، وعلى أهل الزروع أن يحفظوا زروعهم في النهار، ومن حصل منه تقصير فهو من جنى على نفسه.
أحمد بن محمد بن ثابت المروزي هو ابن شبويه، وهو ثقة، أخرج حديثه أبو داود .
[ حدثنا عبد الرزاق ].
هو عبد الرزاق بن همام الصنعاني اليماني ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ أخبرنا معمر ].
هو معمر بن راشد الأزدي البصري ثم اليماني، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن الزهري ].
هو محمد بن مسلم بن عبيد الله بن شهاب الزهري، وهو ثقة فقيه، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن حرام بن محيصة ].
هو حرام بن سعد بن محيصة، وهو ثقة، أخرج له أصحاب السنن.
[ عن أبيه ].
وهو محيصة جده وهو صحابي، أخرج له أصحاب السنن.
أورد أبو داود حديث البراء رضي الله عنه وهو مثل الذي قبله من حديث محيصة في قصة ناقة البراء .
قوله: [(كانت لي ناقة ضارية)].
ضارية: قيل هي التي اعتادت أن تأتي لأماكن الناس والأماكن القريبة فتأكل منها.
ولو أن شخصاً له مواشي مثل الأبقار والأغنام وحوله مزارع لأشخاص آخرين، فلصاحب المواشي أن يترك ماشيته في النهار ترعى كيف تشاء؛ بدليل أن عليه الحفظ بالليل فقط، أما في النهار فحفظ الزروع والثمار على أصحابها بدليل هذا الحديث.
هو محمود بن خالد الدمشقي، وهو ثقة، أخرج له أبو داود والنسائي وابن ماجة .
[ حدثنا الفريابي ].
الفريابي هو محمد بن يوسف الفريابي، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن الأوزاعي ].
الأوزاعي هو عبد الرحمن بن عمرو الأوزاعي، وهو ثقة فقيه، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن الزهري عن حرام بن محيصة عن البراء بن عازب ].
وقد مر ذكرهم، والبراء بن عازب رضي الله تعالى عنهما صحابي أخرج له أصحاب الكتب الستة، وعلى هذا فـحرام يروي عن جده محيصة ويروي عن البراء بن عازب .
كتاب البيوع والإجارات كتاب واحد بدأ في أوله بكتاب البيوع والإجارات، وذكر في آخره آخر كتاب البيوع والإجارات، وجاء في أثنائه كتاب الإجارة، مع أن أكثر الذي جاء بعد كتاب الإجارة هو في البيوع، وقد ختم الكتاب بذكر أمور ليست من البيوع ولكنها تابعة للبيوع مثل التضمين، وإعطاء الأولاد، وعدم التمييز بينهم وما إلى ذلك، فهذه أمور ألحقت بالكتاب وليست منه، وأما كثير من الأبواب التي بعد قوله: كتاب الإجارة هي ليست في الإجارة وإنما هي في البيع، ولهذا ذكر كتاب البيوع والإجارات في الأول واستمراره إلى الآخر هو الذي يكون مطابقاً للواقع.
على كل كون الكتابين كتاب واحد مثلما ذكر في الأول هو المطابق للواقع؛ لأن أكثر الأحاديث بعد قوله: كتاب الإجارة في البيوع وليست في الإجارة.
الجواب: نعم إذا كان قد أفسده؛ لأن الأمين يضمن إذا كان متعدياً أو مفرطاً، وإنما لا يضمن إذا لم يفرط.
الجواب: ما دام أنه ولده فهو ولي أمره، والصغير أو المجنون إذا حصل منه إتلاف لغيره فإن الضامن له والمسئول عنه وليه.
أما إذا كان الولد مسئولاً عن نفسه وولي أمر نفسه فالذي يضمن الولد، والمتلف له يطالب الولد لا الوالد.
الجواب: الخادم هو الذي يضمن عن نفسه؛ لأن الخادم أجير وله أجرة فيضمن من ماله.
أما إذا كان عبداً فإن جنايته في رقبته.
الجواب: نعم عليك الضمان؛ لأنك أنت المسئول، وأنت تطالب الذي أتلف، وصاحب العارية يطالبك.
الجواب: نعم عليك الضمان.
الجواب: ليس بلازم؛ لأن الاستواء هو العلو، لكن كلمة جسم هذه من عبارات أهل الكلام المذموم، وهي من الألفاظ التي فيها إجمال، فإذا أريد بالجسم أن الله تعالى يشبه خلقه، وأنه له جسماً كأجسام الخلق، فالله منزه عن ذلك: لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ [الشورى:11]، وإن أريد به وجود ذات مستقلة قائمة بنفسها مباينة للخلق، فالله تعالى كذلك، وإذا لم يكن كذلك فإنه يكون العدم، كما قال بعض أهل العلم عن الذين ينفون الصفات بأنهم يصفون الله بالعدم، مثلما قال ابن عبد البر في كتابه التمهيد: إن الذين ينفون الصفات يصفون المثبتة بأنهم مشبهة؛ لأنهم لا يتصورون الإثبات إلا مع تشبيه، ثم قال ابن عبد البر : وهم عند من أقر بها نافون للمعبود، أي: أن الذين يقرون بالصفات ويثبتونها لله عز وجل يعتبرون الذين ينفونها نافون للمعبود؛ لأنه لا يتصور وجود ذات مجردة من جميع الصفات. هذا كلام ابن عبد البر في كتاب التمهيد.
والذهبي رحمه الله في كتابه العلو نقل كلام ابن عبد البر في التمهيد وعلق عليه بقوله: قلت: صدق والله، يعني: صدق ابن عبد البر في كلامه هذا، ثم ذكر عن حماد بن زيد مثلاً يوضح هذا الذي قاله ابن عبد البر بأنهم نافون للمعبود، وحماد بن زيد يأتي كثيراً في طبقة شيوخ أصحاب الكتب الستة، ولم يدركوه جميعاً وإنما يروون عنه بواسطة.
يقول الذهبي قلت: صدق والله، فإن الجهمية مثلهم كما قال حماد بن زيد : إن جماعة قالوا: في دارنا نخلة، فقيل: لها سعف؟ قالوا: لا ما لها سعف، قالوا: لها خوص؟ قالوا: لا ما لها خوص، قالوا: ألها ساق؟ قالوا: ما لها ساق، وكل صفة من صفات النخل يسألونهم عنها يقولون: لا ما توجد في نخلتنا هذه الصفة، قيل: إذاً ما في داركم نخلة، ما دام أن جميع صفات النخل لا توجد فيها، فليس لها سعف ولا خوص ولا ساق، وكل ما توصف به النخلة منفي عنها إذاً ليس هناك نخلة، فالذي يقول: الله ليس بسميع ولا بصير ولا ولا... إلى آخره، النتيجة أنه لا وجود له، وهذا معنى كلام ابن عبد البر رحمة الله عليه: أنهم عند من يثبت الصفات نافون للمعبود، ولهذا يقول أيضاً بعض أهل العلم: إن المعطل يعبد عدماً، يعني: لا وجود لمعبوده، والمشبه يعبد صنماً.
الجواب: بلى هناك شبه: وَدَاوُدَ وَسُلَيْمَانَ إِذْ يَحْكُمَانِ فِي الْحَرْثِ [الأنبياء:78].
الجواب: أولاً ابن رشد هما اثنان: ابن رشد الحفيد وابن رشد الجد، ابن رشد الحفيد هو محمد بن أحمد بن محمد بن أحمد يطابق اسمه اسم جده، واسم أبي جده اسم أبيه وكل منهما قرطبي وكل منهما قاضٍ، وكل منهما يقال له: ابن رشد، فاحتاجوا إلى أن يقولوا: ابن رشد الحفيد وابن رشد الجد، حتى يميزوا بينهما؛ لأنه متفق معه في اسمه واسم أبيه وبلده وبكنيته.. فاضطروا إلى أن يميزوا بينهما فيقولوا: الحفيد والجد، والجد هو المشهور عند المالكية بـ: مقدمات ابن رشد، وأما الحفيد فهو فيلسوف، وابن تيمية ذكره وذكر أشياء مما أخذ عليه في العقيدة.
وقد ذكر شيخ الإسلام ابن رشد في عدة مواضع من كتبه في درء تعارض العقل والنقل، وفي الصفدية، وفي شرح الأصفهانية، وكما يمكن الرجوع إلى الكتب التي تفهرس كتب شيخ الإسلام ، إذ يمكن أن يوقف على مواضع ذكره في تلك الكتب.
وأما الجد فهو فقيه معروف، والمشهور عند المالكية عقيدته، ولا أعرف عنها شيئاً.
الجواب: في حديث هند امرأة أبي سفيان قالت: (إن
أما قضية الصدقة فلا تتصدق من بيته إلا بإذنه، أما إذا كانت تعلم منه أنه لا يمانع حتى ولو لم يأذن فلا بأس، وإذا كان شحيحاً فلابد أن تستشيره، وتكون على معرفة بإذنه أو عدم إذنه.
الجواب: يأتي ببدله.
الجواب: لا يصح؛ لأن الآية فيها وصية، والحديث يقول: (لا وصية...)، ولا يوجد إلا هذا المثال المشهور، فعندما يمثلون يمثلون به.
من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر