حدثنا محمد بن كثير أخبرنا سفيان عن عبد الملك بن عمير حدثنا عبد الرحمن بن أبي بكرة عن أبيه أنه كتب إلى ابنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (لا يقضي الحكم بين اثنين وهو غضبان) ].
أورد أبو داود باب: القاضي يقضي وهو غضبان.
أي: أنه لا يجوز له ذلك، وإنما يقضي في حال راحته وهدوئه، وعدم وجود ما يشوش فكره وباله؛ لأنه إذا غضب وقضى حال غضبه فإن الغضب يصرفه عن الإدراك والتأمل، وكذلك مثله مما يشابهه بأن يكون في حال جوع شديد أو يكون عنده مرض يؤلمه، فإنه يكون مشغولاً بالألم الذي ربما يؤثر عليه، أو غير ذلك من الأشياء التي تقاس على الغضب.
الحاصل أن القاضي إنما يقضي في حال هدوئه وراحته لا في حال كونه مشوشاً من غضب أو غيره.
أورد أبو داود حديث أبي بكرة رضي الله تعالى عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (لا يقضي الحكم بين اثنين وهو غضبان).
مر ذكرهما.
[ عن عبد الملك بن عمير ].
عبد الملك بن عمير ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ حدثنا عبد الرحمن بن أبي بكرة ].
عبد الرحمن بن أبي بكرة ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن أبيه ].
هو نفيع بن الحارث رضي الله عنه، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
حدثنا أحمد بن محمد المروزي حدثني علي بن حسين عن أبيه عن يزيد النحوي عن عكرمة عن ابن عباس قال: فَإِنْ جَاءُوكَ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ أَوْ أَعْرِضْ عَنْهُمْ [المائدة:42] فنسخت قال: فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ [المائدة:48] ].
أورد أبو داود باب الحكم بين أهل الذمة.
يعني: أن أهل الذمة إذا ترافعوا إلى القاضي فإنه يحكم بينهم بحكم الإسلام، ولا ينظر إلى ما عندهم وإلى ما بأيديهم؛ لأن الشريعة الإسلامية ناسخة لجميع الشرائع، والحكم إنما هو بها دون غيرها، ولا يحكم بشيء سواها.
أورد أبو داود أثر ابن عباس رضي الله تعالى عنهما وهو قول الله عز وجل: [ فَإِنْ جَاءُوكَ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ أَوْ أَعْرِضْ عَنْهُمْ [المائدة:42] ] يعني: كان هناك تخيير بين أن يحكم بين أهل الذمة أو يعرض عنهم، وأنه إن حكم يحكم بينهم بالقسط، ثم قال: إن ذلك نسخ بقوله: [ فاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ [المائدة:48] ] يعني: أنه عندما يأتون للتخاصم فإنه يحكم بينهم وليس مخيراً بين أن يحكم ولا يحكم.
والظاهر أنه إذا ترافع أهل الذمة إلى القاضي المسلم فإنه يحكم بينهم.
هو أحمد بن محمد بن ثابت المروزي وهو ابن شبويه، وهو ثقة، أخرج له أبو داود.
[ حدثني علي بن حسين ].
هو علي بن حسين بن واقد، وهو صدوق يهم، أخرج له البخاري في الأدب المفرد ومسلم في المقدمة وأصحاب السنن.
[ عن أبيه ].
أبوه ثقة له أوهام، أخرج له البخاري تعليقاً ومسلم وأصحاب السنن.
[ عن يزيد النحوي ].
هو يزيد بن أبي سعيد النحوي، وهو ثقة، أخرج له البخاري في الأدب المفرد وأصحاب السنن.
[ عن عكرمة ].
هو عكرمة مولى ابن عباس، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن ابن عباس ].
هو عبد الله بن عباس بن عبد المطلب ابن عم النبي صلى الله عليه وسلم، وأحد العبادلة الأربعة من الصحابة، وأحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم.
أورد أبو داود حديث ابن عباس وفيه:
لما نزلت: فَإِنْ جَاءُوكَ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ أَوْ أَعْرِضْ عَنْهُمْ [المائدة:42]، وَإِنْ حَكَمْتَ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِالْقِسْطِ [المائدة:42]، فكان بنو النضير إذا قتلوا أحداً من بني قريظة دفعوا لهم نصف الدية، وإذا كان العكس فإنهم يدفعون الدية كاملة، فكان هناك فرق بين القبيلتين، وأن القتيل من هذه القبيلة يكون ديته نصف الدية، وإذا كان من هذه القبيلة يكون الدية كاملة، فالرسول صلى الله عليه وسلم عندما حكم بينهم سوى بينهم وجعل الدية واحدة، وأنه لا فرق بين قبيلة وقبيلة.
عبد الله بن محمد النفيلي ثقة، أخرج له البخاري وأصحاب السنن.
[ حدثنا محمد بن سلمة ].
هو محمد بن سلمة الحراني، وهو ثقة، أخرج له البخاري في جزء القراءة ومسلم وأصحاب السنن.
[ عن محمد بن إسحاق ].
هو محمد بن إسحاق المدني وهو صدوق، أخرج له البخاري تعليقاً ومسلم وأصحاب السنن.
[ عن داود بن الحصين ].
داود بن الحصين ثقة إلا في عكرمة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
وهنا فائدة: يقول ابن عدي : إن حديث داود بن الحصين على ضربين: إذا حدث عنه ثقة فحديثه صحيح، وإذا روى عنه غير الثقة كـابن أبي حبيبة وإبراهيم بن أبي يحيى فحديثه ضعيف، فالحمل على من روى عنه عن عكرمة وليس عنه هو.
وهذا تفصيل جيد.
[ عن عكرمة ].
عكرمة ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن ابن عباس ].
مر ذكره.
الجواب: نعم إذا كانوا تحت ولاية المسلمين فإنهم يلزمون كما يلزم المسلمون، لكنهم قد يأتون من بلادهم، ويتحاكمون ويرجعون فلا يكون عليهم سلطة، أما إذا كانوا تحت ولاية المسلمين فإنهم يلزمون بالحكم كما يلزم المسلم، وإلا فما فائدة الحكم؟
وإلزامهم بحكم الإسلام إذا تقاضوا وتحاكموا إلى القاضي المسلم وحكم بينهم، فالحكم نافذ إذا طلب المقضي له أن ينفذ الحكم.
كذلك إذا كانوا يسكنون في بلاد الإسلام، فإنهم يلزمون بأحكام الإسلام، لكونهم في بلاد مسلمة، وذلك إذا كان هناك مقاضاة ولا يكون لهم قضاة، ولكن إذا اصطلحوا فيما بينهم وحلوا مشاكلهم فيما بينهم دون أن يرجعوا إلينا فلسنا ملزمين بالبحث عنهم ومتابعتهم، حتى المسلمين أنفسهم إذا لم يأتوا إلى القاضي فلا يبحث عنهم ولا يتابعوا.
حدثنا حفص بن عمر عن شعبة عن أبي عون عن الحارث بن عمرو ابن أخي المغيرة بن شعبة عن أناس من أهل حمص من أصحاب معاذ بن جبل: (أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لما أراد أن يبعث
قوله: [ باب اجتهاد الرأي في القضاء ].
يعني: حيث لا يوجد دليل من كتاب ولا سنة فإنه يجتهد في إلحاق النظير بالنظير، يعني: بالقياس أو بلفظ عام، أو قاعدة عامة من قواعد الشريعة، والمقصود من ذلك أنه يجتهد بالرأي بأن يقيس، أو يعتبره ضمن قاعدة من قواعد الشريعة، أو ضمن عموم من عمومات الكتاب والسنة التي يندرج تحتها ذلك الشيء أو تلك النازلة أو تلك الواقعة التي حصلت فيها الخصومة، وليس المقصود من ذلك أنه يعمل بالرأي المجرد دون أن يكون هناك سعي واجتهاد ووصول إلى الحكم بشيء بني عليه الاجتهاد إما قياس أو غير ذلك.
أورد أبو داود حديث معاذ رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم لما بعث معاذاً إلى اليمن قال له: [ (كيف تقضي إذا عرض لك قضاء؟ قال: بكتاب الله، قال: فإن لم تجد في كتاب الله؟ قال: فبسنة رسول الله، قال: فإن لم تجد قال: أجتهد رأي ولا آلو) يعني: أجتهد رأيي ولا أقصر في الاجتهاد والبحث عن الحق، وإلحاق النظير بالنظير. فضرب رسول الله صلى الله عليه وسلم على صدره وقال: (الحمد لله الذي وفق رسولَ رسولِ الله لما يرضي رسول الله صلى الله عليه وسلم) والحديث فيه ثلاث علل: أولاً: أن فيه إرسالاً؛ لأن أصحاب معاذ هم الذين يحكون القصة، ثانياً: أنهم مبهمون، ثالثاً: أن الحارث بن عمرو الذي يروي عن هؤلاء هو أيضاً مجهول.
ففيه هذه العلل، ولهذا ضعفه الشيخ الألباني ، ولكن بعض أهل العلم صححه أو حسنه، ومنهم ابن كثير في أول تفسير سورة الفاتحة، وكذلك الشوكاني حسنه وقال: إن ابن كثير جمع فيه جزءاً وقال: كذلك أيضاً أبو الفضل بن طاهر المقدسي جمع فيه جزءاً.
وقد وجدت آثار عن عدد من الصحابة تدل على ما دل عليه، وهي مطابقة له تماماً، وذلك عن عمر بن الخطاب وعن عبد الله بن مسعود وهما في سنن النسائي في باب الحكم باتفاق أهل العلم؛ لأن فيهما زيادة: (بم تحكم؟ قال: بكتاب الله، قال: فإن لم تجد؟ قال: فبسنة رسول الله، قال: فإن لم تجد؟ قال: فما قضى به الصالحون) يعني: بما اتفق عليه أهل العلم وهو الإجماع، قال: (فإن لم تجد؟ قال: أجتهد رأيي).
وكأن الألباني استنكره من ناحية المعنى، يعني: أن الكتاب والسنة شيء واحد، وأن كلاهما وحي، وأن هذا التفصيل فيه نظر.
والمقصود من ذلك أن الإنسان عندما يبحث في الأدلة يبحث في القرآن أولاً ثم يبحث في السنة، وكل منهما من ناحية الحكم والتعويل واحد؛ لأن السنة متعبد بها كما يتعبد بالقرآن من حيث العمل، وعليه أن يصير إلى ما يجد من دليل من كتاب الله عز وجل أو سنة رسوله صلى الله عليه وسلم، وإذا لم يحصل شيئاً من ذلك، ووجد إجماعاً أو حكاية إجماع واتفاق العلماء على ذلك فإنه يأخذ به، وإن لم يكن شيئاً من هذا ولا هذا فإنه يجتهد رأيه، وذلك بإلحاق النظير بالنظير، وإلحاق الشبيه بالشبيه، أو بإدخاله تحت قاعدة عامة، أو إدراجه تحت لفظ عام، أو ما إلى ذلك من الطرق التي يمكن أن يصار إليها؛ لأن الشريعة مستوعبة لكل شيء، وهذا الاستيعاب ليس بألفاظها؛ لأنه ليس كل قضية لابد أن يوجد فيها نص، ولكن هذا يكون بعموماتها وبقواعدها بقياس الشبيه بالشبيه والنظير بالنظير وهكذا، ولهذا كل نازلة تنزل بالناس ولم يعرف لها مثيل فيما مضى فإنه إذا تؤمل في نصوص الكتاب والسنة وفي قواعد الشريعة وفي عمومات النصوص وفي القياس وما إلى ذلك فإنه يمكن إيجاد الحل لها؛ لأن الشريعة صالحة لكل زمان ومكان وهي مستوعبة لكل شيء.
وأيضاً ذكر صاحب عون المعبود: أن البيهقي في كتابه السنن لما ذكر هذا الحديث الذي معنا ذكر بعد ذلك أربعة آثار: أثر عمر وأثر ابن مسعود وأثر زيد بن ثابت وأثر ابن عباس.
والحديث الذي أنكره الألباني هو هذا الحديث الذي معنا حديث معاذ، أما الآثار فليس فيها إشكال.
لكن كما هو معلوم أن العلماء عندما يأتون بالأدلة يذكرون أولاً أدلة الكتاب ثم أدلة السنة كما يأتي في كثير من المسائل، يعني: عندما يريد المستدل أن يستدل، يقول: وهذه المسألة دل عليها الكتاب والسنة والإجماع والقياس أو المعقول، أما الكتاب فقول الله عز وجل كذا، وأما السنة فقول الرسول صلى الله عليه وسلم كذا، وأما الإجماع فقد حكى فلان الإجماع، وأما القياس فكذا وكذا، أو المعقول فكذا وكذا.
حفص بن عمر ثقة، أخرج له البخاري وأبو داود والنسائي.
[ عن شعبة ].
هو شعبة بن الحجاج الواسطي، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن أبي عون ].
هو محمد بن عبيد الله الثقفي، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا ابن ماجة .
[ عن الحارث بن عمرو ].
الحارث بن عمرو مجهول، أخرج له أبو داود والترمذي.
[ عن أناس من أهل حمص من أصحاب معاذ بن جبل ].
مبهمون لا يعرفون، فيكون الحديث مرسلاً.
وهذا مثل الذي قبله إلا أنه هنا منتهٍ إلى معاذاً ، وأن معاذ هو الذي حدث بذلك، وفي الحديث الأول أن أصحاب معاذ يروون عن النبي صلى الله عليه وسلم قصة بعث معاذ إلى اليمن.
قوله: [ حدثنا مسدد ].
هو مسدد بن مسرهد البصري، وهو ثقة، أخرج حديثه البخاري وأبو داود والترمذي والنسائي.
[ حدثنا يحيى ].
هو يحيى بن سعيد القطان، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن شعبة ].
مر ذكره.
[ حدثني أبو عون عن الحارث بن عمرو عن ناس من أصحاب معاذ عن معاذ بن جبل ].
معاذ بن جبل رضي الله عنه صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
حدثنا سليمان بن داود المهري أخبرنا ابن وهب أخبرني سليمان بن بلال ح وحدثنا أحمد بن عبد الواحد الدمشقي حدثنا مروان -يعني ابن محمد - حدثنا سليمان بن بلال أو عبد العزيز بن محمد شك الشيخ عن كثير بن زيد عن الوليد بن رباح عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (الصلح جائز بين المسلمين)، زاد أحمد: (إلا صلحاً أحل حراماً أو حرم حلالاً). وزاد سليمان بن داود : وقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (المسلمون على شروطهم) ].
أورد أبو داود باباً في الصلح، والصلح يكون في أمور كثيرة، يكون بين الزوجين، ويكون بين المسلمين والكفار، ويكون في الخصومات بين الناس، والذي يأتي في المعاملات هو الذي يتعلق بالخصومات بين الناس.
والصلح: هو أن يرضى الطرفان ويتفقا على إنهاء الخصومة فيما بينهما دون أن يكون هناك قضاء ملزم؛ لأن القضاء إلزام لأحد الطرفين، والحكم لواحد على الآخر، وأما الصلح فهو اتفاق فيما بينهما بحيث يكون الخصمان مطمئنين إلى هذا الذي وافقا عليه، أما إذا كان في المسألة حكم وبت في القضية، فأحد الخصمين يكون مستحقاً والآخر ليس له شيء.
إذاً: الصلح يكون بالتراضي وبالاتفاق فيما بين الطرفين، والحق لا يعدوهما، فلهما أن يتصالحا بدون أن يصل الأمر إلى القاضي، وإذا ذهبا إلى القاضي ورأى الإصلاح بينهما، واتفقا على الإصلاح فلا بأس بذلك، ولكن لو أصر أحدهما على الحكم فإن على القاضي أن يحكم، ولا يلزمهما الصلح إذا لم يتفقا عليه.
أورد أبو داود حديث أبي هريرة : (الصلح جائز بين المسلمين، إلا صلحاً أحل حراماً أو حرم حلالاً) فإذا كان الصلح على أمر محرم وعلى أمر غير سائغ ويترتب عليه محظور فلا يجوز، وإنما يجوز في أمور سائغة، وفي شيء لا محظور فيه ولا مانع منه.
قوله: [(المسلمون على شروطهم)].
يعني: إذا كانت تلك الشروط مطابقة للكتاب وللسنة، أما إذا كانت تلك الشروط باطلة ومخالفة للحق فإنه لا عبرة بها ولا قيمة لها.
سليمان بن داود المهري مر ذكره.
[ أخبرنا ابن وهب ].
مر ذكره.
[ أخبرني سليمان بن بلال ].
سليمان بن بلال ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ ح وحدثنا أحمد بن عبد الواحد الدمشقي ].
أحمد بن عبد الواحد الدمشقي صدوق، أخرج له أبو داود والنسائي.
[ حدثنا مروان -يعني ابن محمد - ].
مروان بن محمد ثقة، أخرج له مسلم وأصحاب السنن.
[ حدثنا سليمان بن بلال أو عبد العزيز بن محمد شك الشيخ ].
هو عبد العزيز بن محمد الدراوردي صدوق، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ شك الشيخ ].
قيل: إن الشيخ المقصود هو أبو داود، والذي قال ذلك من دون أبي داود.
[ عن كثير بن زيد ].
كثير بن زيد صدوق يخطئ، أخرج له البخاري في جزء القراءة وأبو داود والترمذي وابن ماجة.
[ عن الوليد بن رباح ].
الوليد بن رباح صدوق، أخرج له البخاري تعليقاً وأبو داود والترمذي وابن ماجة.
[ عن أبي هريرة ].
هو عبد الرحمن بن صخر الدوسي رضي الله عنه صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأكثر أصحابه حديثاً على الإطلاق.
أورد أبو داود حديث كعب بن مالك رضي الله عنه: (أنه كان يتقاضى ديناً على
وهذا فيه صلح؛ لأنهما اتفقا على أن هذا يسقط شيئاً من الدين الذي كانا يختصمان عليه وهو شيء مؤجل، وأنه يكون هناك حط من الدين ووضيعة منه، ولكن على أن يكون هناك تسديد في الحال؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (قم فاقضه)؛ لأنه لو لم يقضه لحصل للدائن شيئان: الوضيعة والمطل.
إذاً: كونه أسقط شيئاً من الدين الذي له على خصمه، فهذا يدل على ما ترجم له المصنف من الصلح، ويدل على أنه إذا حصل اتفاق أو صلح على أنه يسقط عنه شيئاً من الدين الذي هو في ذمته فإنه يعطيه الذي اتفقا عليه من بعد الحط وبعد الوضيعة.
وفيه دليل على جواز التقاضي في المسجد، وأن الإنسان إذا كان له حق على إنسان وأعطاه إياه في المسجد أن ذلك لا بأس به، وإنما الذي لا يجوز هو البيع والشراء، وأما كونه بيعاً حاصلاً وشراءً حاصلاً من قبل فلا يضر؛ لأن القضية هي قضية تسديد دين، وذلك لا بأس به لهذا الحديث.
هو أحمد بن صالح المصري، وهو ثقة، أخرج حديثه البخاري وأبو داود والترمذي في الشمائل.
[ حدثنا ابن وهب أخبرني يونس عن ابن شهاب أخبرني عبد الله بن كعب بن مالك ].
ابن وهب ويونس وابن شهاب مر ذكرهم، وعبد الله بن كعب بن مالك ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة إلا الترمذي.
[ أن كعب بن مالك ].
كعب بن مالك رضي الله عنه صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
الجواب: نعم، هذا حقهما ويستريح القاضي، مثلما قال الشاعر:
لو أنصف الناس استراح القاضي
وجنح الجميع للتراضي
وليس ذلك مثل الشفاعات في الحدود إذا وصلت للقاضي.
الجواب: التقاضي في المسجد ليس فيه بأس؛ لأن حديث كعب بن مالك هذا يدل عليه، والبيع كما هو معلوم غير التقاضي، يعني: إذا طلب رجل من آخر ديناً فأخرج النقود وأعطاه إياها فهذا ليس من قبيل البيع والشراء.
الجواب: نعم يدل على أن رفع الصوت للحاجة سائغ، لكن كونه يترك وتغض الأصوات في المسجد لا شك أن هذا هو الذي ينبغي.
الجواب: يجوز.
الجواب: الإنسان الذي يعلم أنه مبطل لا يجوز له أن يخاصم بنفسه ولا بمن ينوب عنه، أما الإنسان إذا كان يرى أنه محق فله أن يخاصم بنفسه أو بمن ينوب عنه، وحتى المحامي إذا عرف أن الإنسان مبطل لا يجوز له أن ينوب عنه.
واتخاذ مهنة المحاماة وكون الإنسان فرغ نفسه للنيابة في الخصومات أو في غيرها ليس فيه بأس، لكن الواجب عليه ألا يدخل في شيء إلا بعد أن يدرسه ويعرف أن الشخص الذي ينوب عنه غير مبطل؛ لأن بعض الأشخاص يكون مبطلاً.
الجواب: أولاً: الآيات هي في المنافقين، والضمير في قوله: وَلَوْ أَنَّهُمْ عائد على المنافقين؛ لأن سياق الآيات في المنافقين، يقول الله عز وجل: أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُوا بِمَا أُنزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنزِلَ مِنْ قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحَاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُوا أَنْ يَكْفُرُوا بِهِ وَيُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُضِلَّهُمْ ضَلالًا بَعِيدًا * وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا إِلَى مَا أَنزَلَ اللَّهُ وَإِلَى الرَّسُولِ رَأَيْتَ الْمُنَافِقِينَ يَصُدُّونَ عَنْكَ صُدُودًا * فَكَيْفَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ ثُمَّ جَاءُوكَ يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ إِنْ أَرَدْنَا إِلَّا إِحْسَانًا وَتَوْفِيقًا * أُوْلَئِكَ الَّذِينَ يَعْلَمُ اللَّهُ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ وَعِظْهُمْ وَقُلْ لَهُمْ فِي أَنفُسِهِمْ قَوْلًا بَلِيغًا * وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا لِيُطَاعَ بِإِذْنِ اللَّهِ وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذْ ظَلَمُوا أَنفُسَهُمْ جَاءُوكَ فَاسْتَغْفَرُوا اللَّهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ لَوَجَدُوا اللَّهَ تَوَّابًا رَحِيمًا [النساء:60-64]، ومعلوم أن هذا إنما هو في حياته صلى الله عليه وسلم، وكونهم يأتون إليه ويتوبون ويطلبون منه أن يستغفر لهم إنما يكون ذلك في حياته عليه الصلاة والسلام، وأما بعد وفاته عليه الصلاة والسلام فلم ينقل عن أحد من أصحابه الكرام رضي الله عنهم وأرضاهم أنه جاء إليه عند قبره وطلب منه أن يستغفر له، وإنما كانوا يأتون إليه في حياته صلى الله عليه وسلم فكانوا إذا حصل جدب وقحط يطلبون منه الدعاء أن يغيثهم الله فيغيثهم الله، فلما توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم وحصل الجدب في زمن عمر طلب من العباس أن يدعو وقال: (اللهم إنا كنا إذا أجدبنا توسلنا إليك بنبينا فتسقينا، وإنا نتوسل إليك بعم نبينا فاسقنا فيسقون). فلو كان الأمر جائزاً وأنه لا فرق بين الحياة ولا بين الممات لما تركوا الذهاب إليه ولطلبوا منه كما كانوا يطلبون منه في الحياة، فلما عدلوا عن ذلك وصاروا إلى الطلب من الأحياء، واختار عمر رضي الله عنه أقرب قريب لرسول الله صلى الله عليه وسلم وهو عمه العباس بن عبد المطلب وقوله: (بعم نبينا) يفيد وجه اختيار العباس وهي عمومته للنبي صلى الله عليه وسلم؛ لأنه ما قال: وإنا نتوسل إليك بـالعباس ؛ لأن المقصود هو عمومته للنبي صلى الله عليه وسلم وقرابته منه.
وكذلك أيضاً جاء في صحيح البخاري في كتاب المرضى: عن عائشة رضي الله عنها قالت: (وا رأساه قال: ذاك لو كان وأنا حي فأستغفر لك وأدعو لك) يعني: لو مت قبلي دعوت لك واستغفرت لك، فقوله هذا الكلام يبين بأن دعاءه واستغفاره إنما هو في حال حياته صلى الله عليه وسلم، ولو كان ليس هناك فرق بين الحياة والموت لما كان هناك حاجة إلى أن يقول هذا الكلام؛ لأنه سواءً سبقها بالموت أو سبقته بالموت فإنه يستغفر لها، هذا إذا كان الأمر أنه لا فرق بين الحياة والموت لكنه قال: (لو كان ذاك وأنا حي دعوت لك واستغفرت لك)، وهذا جاء في صحيح البخاري في كتاب المرضى: باب قول المريض: وا رأساه، وهو يدل على أن استغفار النبي صلى الله عليه وسلم إنما هو في حياته، وبعد وفاته قد عرفنا في الحديث أنه عندما يذاد أناس عن الحوض يقال له: (إنك لا تدري ما أحدثوا بعدك).
أما قصة العتبي التي أوردها ابن كثير ولم يتعقبها بشيء لا يعول عليها؛ لأنها قصة منام، والمنامات ليست بعبرة ولا يعول عليها، هذا لو ثبتت فكيف وثبوتها فيه شك وفيه نظر.
الجواب: هذا من التطير، وهو التشاؤم، والطيرة هي: أن الطير إذا طار إلى اليمين تفاءلوا، وإذا طار إلى اليسار تشاءموا، فقوله: خير يا طير! هذا فيه شيء من التطير.
الجواب: إذا كان معناه: حسن الحظ، فلا بأس، وأما إذا كان الطالع له معنى آخر سيئ يراد غير ذلك فلا وجه له.
من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر