حدثنا أحمد بن سعيد الهمداني وأحمد بن السرح قالا: أخبرنا ابن وهب أخبرني مالك بن أنس عن عبد الله بن أبي بكر أن أباه أخبره أن عبد الله بن عمرو بن عثمان بن عفان أخبره أن عبد الرحمن بن أبي عمرة الأنصاري أخبره أن زيد بن خالد الجهني أخبره أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: (ألا أخبركم بخير الشهداء؟ الذي يأتي بشهادته أو يخبر بشهادته قبل أن يُسألها)شك عبد الله بن أبي بكر أيتهما قال.
قال أبو داود : قال مالك : الذي يخبر بشهادته ولا يعلم بها الذي هي له. قال الهمداني : ويرفعها إلى السلطان، قال ابن السرح : أو يأتي بها الإمام، والإخبار في حديث الهمداني قال ابن السرح : ابن أبي عمرة ، ولم يقل: عبد الرحمن ].
يقول الإمام أبو داود السجستاني رحمه الله تعالى: [ باب في الشهادات ]، والمقصود من ذلك الشهادات التي يبنى عليها الحكم في القضاء؛ لأنه عند وجود المتخاصمين فإن المدعي يطلب منه البينة، والبينة من أوضحها الشهادات، والأحكام فيما يتعلق بالشهادات جاءت الشريعة فيها على تفصيل: فمنها ما لا يكفي فيها إلا أربعة شهود، وذلك فيما يتعلق بالزنا، ومنها ما يكتفى فيها بشاهدين، ومنها ما يكتفى فيها بشاهد ويمين، ومنها ما يكتفى فيها بشاهد واحد.
وقد ألف ابن القيم رحمه الله فيما يتعلق بذلك كتاباً واسعاً اسمه: (الطرق الحكمية)، وأورد فيه أوجه الحكم التي يحكم بها القاضي، وذكر أصناف الشهود، وما يلزم من شهود في كل شيء، وهو كتاب نفيس وكتاب واسع، ومن أحسن ما كتب فيما يتعلق بطرق الحكم التي يحكم بها القاضي.
ومعلوم أن المدعي عليه البينة، والبينة من أوضحها الشهادة، والمدعى عليه عليه اليمين، فإذا لم يأت المدعي بشهود فإن المدعى عليه إذا حلف تبرأ ساحته ويخلى سبيله.
أورد أبو داود رحمه الله حديث زيد بن خالد الجهني رضي الله تعالى عنه: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (ألا أخبركم بخير الشهداء؟ الذي يأتي بشهادته قبل أن يسألها) وذلك فيما إذا كان الشاهد عنده شهادة والذي له الحق لا يعلم بهذا الشاهد ولا يعلم أن عنده شهادة، فهو يأتي بشهادته في هذه المسألة، وهذا هو المقصود من كونه وصف بأنه خير الشهداء، أما إذا كان المشهود له يعلم بها، فإن على الذي عنده شهادة أن ينتظر حتى يأتيه صاحب الحق ويطلب منه الإدلاء بشهادته.
إذاً: الممدوح هو الذي يأتي بالشهادة التي لا يكون صاحب الحق عنده علم بها، حيث أن حقه يضيع لو لم تظهر هذه الشهادة، فيكون هذا الشاهد عنده علم يفصل به في الموضوع، ويثبت به الحق لمن له الحق، وهذا هو الذي مدح وأثني عليه ووصف بأنه خير الشهداء.
قوله: [ قال: (ألا أخبركم بخير الشهداء؟ الذي يأتي بشهادته أو يخبر بشهادته قبل أن يسألها) ].
يعني: هذا فيه شك من الراوي، هل قال: (يأتي بشهادته) أو قال: (يخبر بشهادته).
أما قوله صلى الله عليه وسلم: (يأتي أقوام فيحلفون ولا يستحلفون ويشهدون ولا يستشهدون)، فهذا ذم؛ لأنه على غير هذه الطريقة التي جاءت في هذا الحديث، يعني: كون المرء عنده شهادة والمشهود له لا يدري فيأتي ليفصل بين هذا وهذا ويظهر الحق لمن له الحق هذا هو الممدوح، وأما أولئك الذين لا يبالون بالشهادة ويتسرعون فيها، فتجد الواحد منهم تسبق شهادته يمينه ويمينه شهادته، وقد يكون أيضاً في نفسه شيء على من يشهد عليه؛ بسبب عداوة أو ما إلى ذلك، فهذا هو المذموم.
[ قال أبو داود : قال مالك : الذي يخبر بشهادته ولا يعلم بها الذي هي له ].
يعني: هذا تفسير أو توضيح لهذا الممدوح، وهو الذي يخبر بشهادته وليس عند الذي له الشهادة علم بها.
قوله: [ قال الهمداني : ويرفعها إلى السلطان ].
يعني: يدلي بشهادته عند السلطان -أي: القاضي- ليحكم لصاحب الحق.
قوله: [ قال ابن السرح : أو يأتي بها الإمام ].
يعني: مثل الأولى إلا أنها اختلفت العبارة.
قوله: [ والإخبار في حديث الهمداني ].
يعني: هذا الإسناد الذي هو موجود وفيه الإخبار، هو لفظ الهمداني الذي هو أحد مشايخ شيخي أبي داود ، وأما الشيخ الثاني فعنده عنعنة.
قوله: [ قال ابن السرح : ابن أبي عمرة ولم يقل: عبد الرحمن ].
يعني: أن السياق الذي فيه عبد الرحمن بن أبي عمرة هو سياق الهمداني ، حيث قال: عبد الرحمن بن أبي عمرة وأما ابن السرح فقد قال: ابن أبي عمرة دون أن يقول: عبد الرحمن .
أحمد بن سعيد الهمداني صدوق، أخرج له أبو داود .
[ وأحمد بن السرح ].
هو أحمد بن عمرو بن السرح المصري، وهو ثقة، أخرج حديثه مسلم وأبو داود والنسائي وابن ماجة .
[ أخبرنا ابن وهب ].
هو عبد الله بن وهب المصري، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ أخبرني مالك بن أنس ].
مالك بن أنس إمام دار الهجرة المحدث الفقيه، أحد أصحاب المذاهب الأربعة المشهورة من مذاهب أهل السنة، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
[ عن عبد الله بن أبي بكر ].
هو عبد الله بن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ أن أباه أخبره ].
هو أبو بكر بن محمد بن عمرو بن حزم، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ أن عبد الله بن عمرو بن عثمان بن عفان ].
عبد الله بن عمرو بن عثمان بن عفان، وهو ثقة، أخرج له مسلم وأبو داود والترمذي والنسائي .
[ أن عبد الرحمن بن أبي عمرة ].
عبد الرحمن بن أبي عمرة يقال: ولد في عهد النبي صلى الله عليه وسلم، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن زيد بن خالد الجهني ].
زيد بن خالد الجهني رضي الله عنه صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
حدثنا أحمد بن يونس حدثنا زهير حدثنا عمارة بن غزية عن يحيى بن راشد قال: جلسنا لـعبد الله بن عمر فخرج إلينا فجلس فقال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول: (من حالت شفاعته دون حد من حدود الله فقد ضاد الله، ومن خاصم في باطل وهو يعلمه لم يزل في سخط الله حتى ينزع عنه، ومن قال في مؤمن ما ليس فيه أسكنه الله ردغة الخبال حتى يخرج مما قال) ].
أورد أبو داود هذه الترجمة وهي: [ باب فيمن يعين على خصومة من غير أن يعلم أمرها ].
معنى هذا: أن من يخاصم أو ينوب عن أحد في خصومة، فإنه لا يدخل في النيابة إلا وهو يعلم أن ذلك الشخص محق، أما إذا دخل وهو يعلم أن ذلك الشخص مبطل فإنه يكون من المتعاونين على الإثم والعدوان، وفيه هذا الوعيد الشديد الذي جاء في هذا الحديث.
أورد أبو داود حديث عبد الله بن عمر رضي الله تعالى عنهما قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من حالت شفاعته دون حد من حدود الله فقد ضاد الله) يعني: أن من شفع في ترك إقامة الحد وسعى في ذلك فيكون مضاداً لله؛ لأنه حال بين تلك العقوبة التي أوجبها الله عز وجل، وقد جاء في السنة ما يدل على المنع من الشفاعة في الحدود، وأنها إذا وصلت للسلطان فإنه لا يشفع فيها، وقد جاء في ذلك أحاديث، وهذا الحديث يدل أيضاً على خطورة ذلك، وأن في ذلك مضادة لله سبحانه وتعالى.
قوله: [ (ومن خاصم في باطل وهو يعلمه لم يزل في سخط الله حتى ينزع عنه) ].
وهذا هو محل الشاهد للترجمة، يعني: أنه دخل في خصومة يعلم أن صاحبها مبطل، وسواء كان هو المباشر والخصم أو أنه وكيل عن الخصم، فيكون كل منهما متوعد بهذا الوعيد حتى يترك هذا الباطل الذي دخل فيه.
والمحامي لابد أن يعرف أن هذا المدعي الذي سينيبه على حق، وأنه ليس مبطلاً، فإن عرف أنه مبطل فلا يجوز له أن ينوب عنه؛ لأن هذا من التعاون على الإثم والعدوان، وأيضاً من أكل أموال الناس بالباطل.
قوله: [ (ومن قال في مؤمن ما ليس فيه أسكنه الله ردغة الخبال حتى يخرج مما قال)].
يعني: أنه مستحق أن يسكن ردغة الخبال، وردغة الخبال جاء في بعض الأحاديث: (أنها عصارة أهل النار).
أحمد بن يونس ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ حدثنا زهير ].
هو زهير بن معاوية ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ حدثنا عمارة بن غزية ].
عمارة بن غزية لا بأس به، وهي بمعنى صدوق، أخرج حديثه البخاري تعليقاً ومسلم وأصحاب السنن.
[ عن يحيى بن راشد ].
يحيى بن راشد ثقة، أخرج له أبو داود .
[ جلسنا لـعبد الله بن عمر ].
هو عبد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنهما الصحابي الجليل، أحد العبادلة الأربعة من الصحابة، وأحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم.
أورد أبو داود الحديث من طريق أخرى وقال: إنها بمعناه وفيه: (ومن أعان على خصومة بظلم، فقد باء بغضب من الله عز وجل).
وهذا مثل الذي قبله، وفيه وعيد لمن أعان على خصومة بظلم، يعني: أنه ساعد الخصم الظالم، كأن ينوب عنه أو يشهد له شهادة زور، أو غير ذلك من الأشياء التي فيها إعانة للظالم في الخصومة من أجل الوصول إلى شيء لا يستحقه، فإن من فعل ذلك فإنه يبوء بغضب من الله.
والحديث في إسناده من هو متكلم فيه، ولكنه شبيه بالذي قبله.
علي بن الحسين بن إبراهيم صدوق، أخرج له أبو داود وابن ماجة .
[ حدثنا عمر بن يونس ].
عمر بن يونس ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ حدثنا عاصم بن محمد بن زيد العمري ].
عاصم بن محمد بن زيد العمري ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ حدثني المثنى بن يزيد ].
المثنى بن يزيد مجهول، أخرج له أبو داود والنسائي .
[ عن مطر الوراق ].
مطر الوراق صدوق كثير الخطأ، أخرج له البخاري تعليقاً ومسلم وأصحاب السنن.
[ عن نافع ].
هو نافع مولى ابن عمر، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن ابن عمر ].
ابن عمر رضي الله تعالى عنهما وقد مر ذكره.
حدثنا يحيى بن موسى البلخي حدثنا محمد بن عبيد حدثني سفيان -يعني العصفري - عن أبيه عن حبيب بن النعمان الأسدي عن خريم بن فاتك قال: (صلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم صلاة الصبح، فلما انصرف قام قائماً فقال: عدلت شهادة الزور بالإشراك بالله، ثلاث مرار، ثم قرأ: فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الأَوْثَانِ وَاجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّورِ * حُنَفَاءَ لِلَّهِ غَيْرَ مُشْرِكِينَ بِهِ [الحج:30-31]) ].
أورد أبو داود هذه الترجمة: [ باب في شهادة الزور ]، والزور هو الكذب، وكون الإنسان يشهد زوراً يعني: شهادة بخبر غير مطابق للواقع؛ لأن الشهادة التي تكون حقاً وصادقة هي التي تطابق الواقع، وأما هذه فهي غير مطابقة للواقع؛ لأنها زور وكذب، ولأن الواقع شيء والشهادة شيء آخر.
أورد أبو داود حديث خريم بن فاتك رضي الله تعالى عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (عدلت شهادة الزور بالإشراك بالله عز وجل ثلاث مرار، ثم قرأ: فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الأَوْثَانِ وَاجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّورِ [الحج:30]).
والحديث في إسناده من هو متكلم فيه، ولكنه من ناحية كون شهادة الزور ذكرت مع الإشراك بالله فنعم ذكرت مع الإشراك بالله، وكونها قرنت مع هذا الأمر الخطير الذي هو أظلم الظلم وأبطل الباطل وأعظم الذنوب الذي هو الإشراك بالله عز وجل فهذا يدل على خطورة الأمر، وقد جاء في حديث متفق عليه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (ألا أخبركم بأكبر الكبائر؟ الإشراك بالله، وعقوق الوالدين، وكان متكئاً فجلس فقال: ألا وقول الزور، ألا وشهادة الزور، فما زال يكررها حتى قلنا: ليته سكت)، وقد جمع بينهما رسول الله صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث كما جمع بينهما الله عز وجل في هذه الآية الكريمة، فهي من حيث اقترانها بالشرك هذا صحيح، ولكن إذا أريد أن شهادة الزور مساوية للشرك بالله فهذا غير صحيح، بل الشرك بالله لا يساويه شيء، وكل ذنب دون الشرك فهو تحت مشيئة الله، وأما الشرك فإنه الذنب الذي لا يغفر، كما قال الله عز وجل: إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ [النساء:116].
يحيى بن موسى البلخي ثقة، أخرج له البخاري وأبو داود والترمذي والنسائي .
[ حدثنا محمد بن عبيد ].
هو محمد بن عبيد الطنافسي، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
وإذا جاء محمد بن عبيد غير منسوب وهو من طبقة شيوخ شيوخ أبي داود فالمراد به الطنافسي كما هنا، وإذا جاء محمد بن عبيد في طبقة شيوخ أبي داود فالمراد به واحد من اثنين وهما: محمد بن عبيد بن حساب ومحمد بن عبيد المحاربي ؛ لأن هذين الاثنين من شيوخ أبي داود ، ويأتي ذكرهما بدون هذا التمييز الذي يميز بينهما: ابن حساب أو المحاربي .
[ حدثني سفيان -يعني العصفري- ].
سفيان العصفري ثقة، أخرج له البخاري وأصحاب السنن.
[ عن أبيه ].
وهو مقبول أخرج له أبو داود وابن ماجة .
[ عن حبيب بن النعمان الأسدي ].
حبيب بن النعمان الأسدي مقبول، أخرج له أبو داود وابن ماجة .
[ عن خريم بن فاتك ].
خريم بن فاتك رضي الله عنه، وحديثه أخرجه أصحاب السنن.
والحديث فيه هذان المقبولان: زياد العصفري وحبيب بن النعمان الأسدي .
حدثنا حفص بن عمر حدثنا محمد بن راشد حدثنا سليمان بن موسى عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده: (أن رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم رد شهادة الخائن والخائنة، وذي الغمر على أخيه، ورد شهادة القانع لأهل البيت وأجازها لغيرهم).
قال أبو داود : الغمر: الحنة والشحناء، والقانع: الأجير التابع مثل الأجير الخاص ].
أورد أبو داود هذه الترجمة: [ باب من ترد شهادته ]، من ترد شهادته هو غير العدل المعروف بفسق أو فجور.
أورد أبو داود حديث عبد الله بن عمرو رضي الله تعالى عنهما قال: (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رد شهادة الخائن والخائنة) والمقصود بالخائن هنا الفاسق؛ لأن الفسق ومعصية الله عز وجل وعدم الالتزام بما جاء عن الله وعن رسوله خيانة، وليس المقصود بالخيانة الخيانة في المال فقط، وإنما المقصود ما هو أعم من ذلك، كما قال الله عز وجل: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَخُونُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَمَانَاتِكُمْ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ [الأنفال:27]، ومعلوم أن الأمانة هي كل ما ائتمن الله الناس عليه من الحقوق التي هي لله عز وجل، أو الحقوق التي للناس.
وكونه نص على الأنثى مع الذكر في قوله: (الخائن والخائنة) زيادة في الإيضاح والبيان، كما في قوله: السارق والسارقة الزانية والزاني مع أن الحكم واحد، وأحياناً يأتي ذكر الرجال والنساء تبع لهم، وأحياناً يأتي التنصيص على النساء والرجال، كما يأتي كثيراً في القرآن ذكر النساء والرجال والذكور والإناث من المسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات والقانتين والقانتات وغير ذلك.
قوله: [ (وذي الغمر على أخيه) ].
يعني: ذو الحقد والبغضاء على أخيه، والأخوة إما أن تكون أخوة الإسلام وأخوة الدين، أو أخوة النسب، وتوجد عداوة فتكون أعم، ولكن ليس المقصود هنا أخوة النسب بل الأخوة في الإسلام، فيكون سببه عداوة من أجل أمور دنيوية، وقد يحمله الحقد والبغضاء على أن يشهد زوراً أو يكذب ويفجر في شهادته.
قوله: [ (ورد شهادة القانع لأهل البيت وأجازها لغيرهم) ].
يعني: ترد شهادة الشخص الذي هو تابع لأهل البيت، أو الذي هو ملازم لأهل البيت، أو الأجير لأهل البيت؛ لأنه متهم في شهادته، أولاً: من ناحية المحاباة. ثانياً: من أجل أنه يحصل له منهم إما إحسان أو أجرة.
كذلك من كان مثل هذا الشخص الملازم ومن كان يشبهه فإنه يكون متهماً في ذلك؛ لأنه سيجر إلى نفسه منفعة، وشهادة الوالد لولده، أو شهادة الولد للوالد، أو شهادة الزوجة للزوج كلها من هذا القبيل.
كذلك الأشياء التي لا يشهد فيها إلا القرابات، مثل شهادة الأخ لأخيه، فهذه المسألة كما هو معلوم فيها خلاف بين أهل العلم ليست متفقاً عليها، ولكن الحديث هنا ذكر القانع؛ لأن له علاقة بأهل البيت، وبذلك يكون متهماً.
حفص بن عمر ثقة، أخرج حديثه البخاري وأبو داود والنسائي .
[ حدثنا محمد بن راشد ].
محمد بن راشد صدوق يهم، أخرج له أصحاب السنن.
[ حدثنا سليمان بن موسى ].
سليمان بن موسى صدوق في حديثه بعض لين، أخرج له مسلم في المقدمة وأصحاب السنن.
[ عن عمرو بن شعيب ].
هو عمرو بن شعيب بن محمد بن عبد الله بن عمرو، صدوق، أخرج حديثه البخاري في جزء القراءة وأصحاب السنن.
[ عن أبيه ].
هو شعيب بن محمد، وهو صدوق، أخرج حديثه البخاري في الأدب المفرد وجزء القراءة وأصحاب السنن.
[ عن جده ].
هو عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله تعالى عنهما وهو صحابي جليل، أحد العبادلة الأربعة من الصحابة، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
وهذا مثل الذي قبله، إلا أن فيه زيادة الزاني والزانية، والزنا نوع من أنواع الخيانة والعياذ بالله، وهي من أعظم الخيانة وأعظم والفواحش.
محمد بن خلف بن طارق الداري مقبول، أخرج له أبو داود .
[ حدثنا زيد بن يحيى بن عبيد الخزاعي ].
زيد بن يحيى بن عبيد الخزاعي ثقة، أخرج له أبو داود والنسائي وابن ماجة .
[ حدثنا سعيد بن عبد العزيز ].
هو سعيد بن عبد العزيز الدمشقي، وهو ثقة، أخرج له البخاري في الأدب المفرد ومسلم وأصحاب السنن.
[ عن سليمان بن موسى بإسناده ].
مر ذكره.
الجواب: لا، لا ترد شهادته؛ لأن بغضه في الله يحول بينه وبين أن يشهد شهادة زور، وإنما ترد شهادة الذي يكون بغضه من أجل الدنيا، والحقد عليه من أجل الدنيا، ولهذا شهادة المسلمين على الكفار مع وجود العداوة بينهم وبينهم مقبولة؛ لأن البغض ديني وليس دنيوياً، وغالباً أن الحزازات في الدنيا تكون مع ضعف الدين.
الجواب: هذا يرجع للقاضي؛ لأنه قد يكون المدعى عليه مثله، فإذا اعترض عليه يقال: أنت مثله، وكما هو معلوم فشهادة الفاسق على الفاسق قد تقبل، وإذا اعترض يقال: أنت مثله فكيف ترد شهادته، أو تعترض على شهادته وأنت من جنسه؟ لكن إذا كان الشخص سليماً وليس فيه هذا العيب، وقدح في شهادته فإن له حق القدح، فكونه يعتبر أو لا يعتبر هذا يرجع إلى القاضي.
الجواب: إذا كان من أجل أنه يؤكل، ومن أجل أنه يبيعه، فهذا ليس فيه بأس، أما إذا كان من أجل اللعب به واللهو به فهذا سفه ولهو.
حدثنا أحمد بن سعيد الهمداني أخبرنا ابن وهب أخبرني يحيى بن أيوب ونافع بن يزيد عن ابن الهاد عن محمد بن عمرو بن عطاء عن عطاء بن يسار عن أبي هريرة أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول: (لا تجوز شهادة بدوي على صاحب قرية) ].
أورد أبو داود باب شهادة البدوي على أهل الأمصار.
والبدوي: هو ساكن البادية الذي ينتقل من مكان إلى مكان، وليس ثابتاً ومستقراً في بلد وفي مكان، يعني: هو الذي يتبع العشب والرعي ويتبع الأمطار، فتجده يكون شهراً في بلد وشهراً في بلد آخر مع مواشيه وهكذا، وإنما ردت شهادته؛ لأن الغالب على الأعراب أن فيهم الجفاء والجهل، وعدم الإتيان بالشهادات على وجهها، فمن أجل ذلك جاء ما يدل على عدم قبول الشهادة، لكن إذا كان البدوي عنده معرفة وليس عنده الجهل وعدم البصيرة، وأنه يؤدي الشهادة على وجهها فإنه يكون كغيره من الحاضرة، ولا يقال: إن كل أهل البادية يكونون جهلاء، لكن الغالب عليهم الجهل، والغالب عليهم الجفاء، والغالب عليهم عدم البصيرة وعدم الإتيان بالشهادة على وجهها، ولهذا الله ذكر في القرآن الأعراب وبين شدة ما عندهم من الكفر في حال الكفر، وما عندهم من الجهل، وأنهم يمتازون على غيرهم في ذلك، كما قال الله عز وجل: الأَعْرَابُ أَشَدُّ كُفْرًا وَنِفَاقًا وَأَجْدَرُ أَلَّا يَعْلَمُوا حُدُودَ مَا أَنزَلَ اللَّهُ [التوبة:97].
أورد أبو داود حديث أبي هريرة قال: (لا تجوز شهادة بدوي على صاحب قرية) وأصحاب القرية: هم سكان القرى والمدن.
أحمد بن سعيد الهمداني وابن وهب مر ذكرهما، ويحيى بن أيوب صدوق ربما أخطأ، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ ونافع بن يزيد ].
نافع بن يزيد ثقة، أخرج له البخاري تعليقاً ومسلم وأبو داود والنسائي وابن ماجة .
[ عن ابن الهاد ].
هو يزيد بن عبد الله بن الهاد، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن محمد بن عمرو بن عطاء ].
ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن عطاء بن يسار ].
عطاء بن يسار ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن أبي هريرة ].
هو عبد الرحمن بن صخر الدوسي رضي الله عنه، وهو أكثر الصحابة حديثاً.
حدثنا سليمان بن حرب حدثنا حماد بن زيد عن أيوب عن ابن أبي مليكة قال: حدثني عقبة بن الحارث وحدثنيه صاحب لي عنه وأنا لحديث صاحبي أحفظ، قال: (تزوجت
أورد أبو داود باب الشهادة في الرضاع.
يعني: أنه يكفي في ذلك امرأة واحدة؛ لأن هذا من الأمور التي تحصل من النساء فهن اللاتي يرضعن، فتقبل شهادة الواحدة في ذلك، وفي هذا خلاف بين أهل العلم، منهم من قال: إن الأصل أنه لا يقبل إلا ما يكفي في الشهادة وهو شهادة رجل وامرأتين، ومنهم من قال: إنها تكفي شهادة المرأة الواحدة في الأمور التي لا تعرف إلا من طريق النساء، مثل هذا الذي جاء في حديث عقبة بن الحارث : أنه تزوج امرأة فجاءت امرأة سوداء وقالت: إنها أرضعتهما، أي: أرضعت عقبة بن الحارث وهذه التي تزوجها، فجاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم يخبره بذلك وقال: (إنها كاذبة، فقال عليه الصلاة والسلام: وما يدريك؟ دعها) أي: اترك هذه الزوجة التي شهدت تلك المرأة بأنها أرضعتكما.
والحديث واضح الدلالة في الاكتفاء بشهادة امرأة واحدة.
سليمان بن حرب ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ حدثنا حماد بن زيد ].
هو حماد بن زيد بن درهم، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن أيوب ].
هو أيوب بن أبي تميمة السختياني، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن ابن أبي مليكة ].
هو عبد الله بن عبيد الله بن أبي مليكة ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن عقبة بن الحارث ].
عقبة بن الحارث رضي الله عنه، أخرج له البخاري وأبو داود والترمذي والنسائي .
قوله: [ وحدثنيه صاحب لي عنه، وأنا لحديث صاحبي أحفظ ].
وهذا ذكره في الإسناد الذي بعده، وهو عبيد بن أبي مريم .
ذكر طريقاً أخرى للحديث.
قوله: [ حدثنا أحمد بن أبي شعيب الحراني ].
أحمد بن أبي شعيب الحراني ثقة، أخرج له البخاري وأبو داود والترمذي والنسائي .
[ حدثنا الحارث بن عمير البصري ].
الحارث بن عمير البصري وثقه الجمهور وفي أحاديثه مناكير، أخرج له البخاري تعليقاً وأصحاب السنن.
[ ح وحدثنا عثمان بن أبي شيبة ].
عثمان بن أبي شيبة ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة إلا الترمذي .
[ حدثنا إسماعيل بن علية ].
هو إسماعيل بن إبراهيم بن مقسم الأسدي المشهور بـابن علية، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ كلاهما عن أيوب عن ابن أبي مليكة عن عبيد بن أبي مريم عن عقبة بن الحارث ].
وقد مر ذكرهم، وعبيد بن أبي مريم مقبول، أخرج له البخاري وأبو داود والترمذي والنسائي .
[ قال أبو داود : نظر حماد بن زيد إلى الحارث بن عمير فقال: هذا من ثقات أصحاب أيوب ].
يعني: هذا مدح له مع أنه زميل له، وكلاهما يروي عن أيوب .
حدثنا زياد بن أيوب حدثنا هشيم أخبرنا زكريا عن الشعبي : (أن رجلاً من المسلمين حضرته الوفاة بدقوقاء هذه، ولم يجد أحداً من المسلمين يشهده على وصيته، فأشهد رجلين من أهل الكتاب فقدما الكوفة، فأتيا
أورد أبو داود باب شهادة أهل الذمة وفي الوصية في السفر.
والمقصود أن المسلمين إنما يستشهدون المسلمين ولا يستشهدون الكفار، ولكن إذا حصل هناك ضرورة، وهي خاصة في هذا الموضع الذي جاء في هذا الحديث، وهو أن يكون المسلم في بلد وحده وليس معه أحد من المسلمين يشهده ويوصيه، وأشرف على الهلاك، واحتاج إلى أن يخبر أحداً من أهل الكتاب بأن هذا ماله، وأن له كذا وكذا، وعليه كذا وكذا، وأنه يؤدي هذا المال إلى أهله، فإن ذلك سائغ للضرورة، والضرورة تقدر بقدرها، كما أن الإنسان عندما يضطر إلى أكل الميتة يأكل منها بقدر الحاجة، فكذلك هنا إذا احتيج إلى أن يشهد الكفار فيما يتعلق بالوصية؛ لأن هناك ضرورة حيث أشرف على الموت، وماله موجود معه ويريد أن يعطيه أحداً من الكفار حتى يتولى إيصاله إلى أهله، فإن ذلك معتبر، وقد جاء بذلك القرآن والسنة.
أورد أبو داود حديث أبي موسى الأشعري رضي الله عنه أن الشعبي قال: (أن رجلاً من المسلمين حضرته الوفاة بدقوقاء هذه) .
ودقوقاء بلد بين بغداد وإربل.
قوله: [ (ولم يجد أحداً من المسلمين يشهده على وصيته) ].
الأصل أن الذي يشهد على ذلك مسلمون لا كفار، ولكن إذا كان هناك ضرورة مثل هذه الصورة ومثل هذه الحالة فقد جاءت السنة مبينة جواز ذلك.
قوله: [ (فأشهد رجلين من أهل الكتاب فقدما الكوفة) ].
يعني: هذان الرجلان قدما الكوفة بعدما مات هذا الذي أشهدهما وأعطاهما ماله ووصيته.
قوله: [ (فأتيا
يعني: هذه حادثة لا يعلم أنها وقعت إلا في زمن الرسول صلى الله عليه وسلم في الحديث الذي سيأتي في قصة السهمي وهذه الحادثة وقعت بعد تلك الحادثة، يعني: كونه احتيج إلى شهادة كفار في السفر.
قوله: [ (فأحلفهما بعد العصر بالله ما خانا ولا كذبا ولا بدلا ولا كتما ولا غيرا) ].
فأحلفهما بالله بعد العصر، يعني: كما أن الشهادة تغلظ في المكان فكذلك تغلظ في الزمان، وهذا مما جاء في أن التغليظ في الشهادة يكون بعد العصر، وقد جاء أيضاً ما يدل على ذلك في غير هذا الحديث.
فهو أحلفهما أنهما ما كتما ولا بدلا ولا غيرا هذا الذي أعطاهما إياه، وأنهما أدياه كما أعطاهما دون تغيير ولا تبديل ولا نقص ولا أخذ شيء منه، وجاء في القرآن أنه إذا حصل ارتياب وحصل شك في صدقهم فإنهم يحلفون، قال عز وجل: فَيُقْسِمَانِ بِاللَّهِ إِنِ ارْتَبْتُمْ [المائدة:106] الآية.
وهذا ليس خاصاً بأهل الكتاب، وإنما يدخل معهم كل الكفار؛ لأن هذه ضرورة مثل أكل الميتة.
يعني: إذا ما وجد الميت مسلمين فليس له إلا أن يوصي كافراً سواءً كان ذمياً أو غير ذمي، لكن من ناحية التحليف بالله عز وجل بالنسبة للوثنيين الذين لا يقرون بوجود الله عز وجل فهؤلاء تحليفهم بالله معناه أنه من ناحية الشهادة وكونهم يحصل وصية لهم، هذه ضرورة لابد منها، ومعلوم أن الكفار الوثنيين فيهم من يعترف بوجود الله مثل كفار قريش فهم مقرون ومعترفون بتوحيد الربوبية، ومقرون بأن الله هو الخالق الرازق المحيي المميت، فمثل هؤلاء الذين يعترفون بوجود الله يمكن أن يحلفوا.
زياد بن أيوب ثقة، أخرج حديثه البخاري وأبو داود والترمذي والنسائي .
[ حدثنا هشيم ].
هو هشيم بن بشير الواسطي ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ أخبرنا زكريا ].
هو زكريا بن أبي زائدة، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن الشعبي ].
هو عامر بن شراحيل الشعبي، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ فأتيا أبا موسى الأشعري ].
هو عبد الله بن قيس الأشعري رضي الله عنه، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
يقول الشيخ الألباني رحمه الله تعالى: إن صح سماع الشعبي لهذا الحديث من أبي موسى فالحديث صحيح.
أورد أبو داود حديث عبد الله بن عباس رضي الله تعالى عنهما: أن رجلاً من بني سهم كان في سفر ومعه تميم بن أوس الداري وكان نصرانياً قبل أن يسلم، وكذلك عدي بن بداء كان أيضاً نصرانياً فمات وأنهما قدما بتركته، ولكنهما أخذا منها جاماً من فضة مخوصاً بالذهب، يعني: أنه مزركش أو على شكل خوص النخل.
فـ تميم وعدي باعا الجام في مكة واقتسما ثمنه وأتيا بالباقي، ووجد الجام بمكة، فسئل من كان عندهم فقالوا: اشتريناه من تميم الداري ومن عدي بن بداء ، فالرسول صلى الله عليه وسلم كان قد استحلفهما ثم لما تبين أنهما خائنان وأنهما استحقا إثماً، حلف اثنان من قرابة السهمي وأحدهما عمرو بن العاص أن شهادتهما أحق من شهادتهما، يعني: أحق من شهادة تميم وعدي وأن الجام إنما هو لصاحبهما.
وبعد أن تبين أن تميماً وعدياً هما اللذان باعا الجام ونزلت هذه الآية آية المائدة: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا شَهَادَةُ بَيْنِكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ حِينَ الْوَصِيَّةِ اثْنَانِ ذَوَا عَدْلٍ مِنْكُمْ أَوْ آخَرَانِ مِنْ غَيْرِكُمْ إِنْ أَنْتُمْ ضَرَبْتُمْ فِي الأَرْضِ فَأَصَابَتْكُمْ مُصِيبَةُ الْمَوْتِ تَحْبِسُونَهُمَا مِنْ بَعْدِ الصَّلاةِ فَيُقْسِمَانِ بِاللَّهِ إِنِ ارْتَبْتُمْ لا نَشْتَرِي بِهِ ثَمَنًا وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى وَلا نَكْتُمُ شَهَادَةَ اللَّهِ إِنَّا إِذًا لَمِنَ الآثِمِينَ * فَإِنْ عُثِرَ عَلَى أَنَّهُمَا اسْتَحَقَّا إِثْمًا [المائدة:106-107] يعني: أنهما خانا، فإنه يحلف اثنان من قرابة صاحب التركة، فالرسول صلى الله عليه وسلم حكم به لقرابته.
قوله: [ (خرج رجل من بني سهم مع
يعني: وكانا نصرانيين، أما عدي بن بداء فمات نصرانياًً، وأما تميم الداري فقد أسلم، وهو الذي روى عن الرسول صلى الله عليه وسلم أحاديث منها حديث: (الدين النصيحة، قالوا: لمن يارسول الله؟ قال: لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم) أخرجه مسلم في صحيحه.
قوله: [ (فمات
ومعلوم أن الإشهاد وأن الوصية تكون لمسلم، والله عز وجل قال: اثْنَانِ ذَوَا عَدْلٍ مِنْكُمْ [المائدة:106] أي: من المسلمين، أَوْ آخَرَانِ مِنْ غَيْرِكُمْ [المائدة:106] يعني: إذا لم يوجد من المسلمين فمن الكفار.
قوله: [ (فلما قدما بتركته فقدوا جام فضة مخوصاً بالذهب) ].
يعني: أهله فقدوا الجام وكانوا يعرفون أن عنده هذا الجام الذي هو كأس من فضة مخوص، يعني: أنه على شكل خوص النخل.
قوله: [ (فأحلفهما رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم وجد الجام بمكة) ].
فأحلفهما رسول الله صلى الله عليه وسلم، وبعد ذلك وجد الجام، فكانا كاذبين في شهادتهما وحلفهما.
قوله: [ (فقالوا: اشتريناه من
يعني: أن الذين كانوا في مكة أخبروا بأنه دخل عليهما تميم وعدي فباعا منهم هذا الجام الذي كان للسهمي .
هو الحسن بن علي الحلواني، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة إلا النسائي .
[ حدثنا يحيى بن آدم ].
هو يحيى بن آدم الكوفي، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ حدثنا ابن أبي زائدة ].
هو يحيى بن أبي زائدة ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن محمد بن أبي القاسم ].
محمد بن أبي القاسم ثقة، أخرج له البخاري تعليقاً وأبو داود والترمذي .
[ عن عبد الملك بن سعيد بن جبير ].
عبد الملك بن سعيد بن جبير لا بأس به، أخرج له البخاري وأبو داود والترمذي .
[ عن أبيه ].
هو سعيد بن جبير، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن ابن عباس ].
هو عبد الله بن عباس وقد مر ذكره.
الجواب: يصلى عليه.
الجواب: المسلم أولى من الكتابي، كما قال الله: ذَوَا عَدْلٍ مِنْكُمْ هَدْيًا [المائدة:95] ومعلوم أن المسلم أولى من الكافر حتى ولو كان المسلم فاسقاً.
الجواب: الشهادة تكون للمسلمين، إذا كان هناك مسلمون فلا يجوز له أن يشهد الكفار.
الجواب: نعم، تصح شهادة البدوي على البدوي.
الجواب: يأتون بغيرهم من المأمونين الثقات العدول، لكن لو وقع فإنه يصح، ولكن الكلام عند الاختيار، فنقول: يختار أناساً فيهم سلامة، ولا يقال: إن العقد باطل.
الجواب: هذا نكاح شبهة، والولد ولده.
من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر