حدثنا سعيد بن منصور حدثنا أبو معشر عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : (لا تقطعوا اللحم بالسكين؛ فإنه من صنيع الأعاجم، وانهسوه فإنه أهنأ وأمرأ) .
قال أبو داود: وليس هو بالقوي . ]
يقول المصنف رحمه الله تعالى: [ باب في أكل اللحم] هذه التراجم التي مرت في كتاب الأطعمة هي من آداب الطعام، وابتداءً من هذا الباب فهو يتعلق بموضوع أصل الكتاب الذي هو كتاب الأطعمة.
وبدأ باللحم؛ لأن اللحم له تميزه في الأطعمة؛ ولأن الأطعمة في الغالب إنما يراد بها الذبائح، بخلاف الأشياء التي هي من الحبوب والزروع وما إلى ذلك، فهذه وإن كانت من الأطعمة، إلا أن التي لها أحكاماً تخصها هي الذبائح واللحم.
ولهذا جاء في القرآن إحلال طعام أهل الكتاب لنا؛ والمقصود من ذلك الذبائح، فليس المقصود من ذلك الحبوب؛ لأن تلك لا إشكال فيها وهي تحل من كل من جاءت منه، حتى من المجوس ومن عبدة الأوثان؛ لأنه لا تعلق فيها بذكر الله عز وجل، الذي هو مطلوب في الذبائح.
أورد أبو داود حديث أم المؤمنين عائشة رضي الله تعالى عنها وأرضاها: [ (لا تقطعوا اللحم بالسكين، فإنه من صنيع الأعاجم، وانهسوه فإنه أهنأ وأمرأ) ]
النهس: هو الأخذ والقطع بأطراف الأسنان.
والحديث ضعيف؛ لأنه من رواية أبي معشر نجيح المدني وهو ضعيف، وقد جاء الحديث في جواز قطع اللحم بالسكين، كما ثبت عن النبي عليه الصلاة والسلام (أنه كان يحتز اللحم بالسكين) يعني: كان يقطعه بالسكين، ومعلوم أن السكين إذا احتيج إليها لكون اللحم ليس بنضيج، وكونه نيئاً لم يستو تماماً، وكان قطعه باليد فيه صعوبة، فإنه يقطع بالسكين، وكذلك إذا كان حاراً والأيدي يصعب عليها أن تمسه وهو شديد الحرارة، فإنه أيضاً يقطع بالسكين.
فالحاصل أن قطعه بالسكين للحاجة إليه لا بأس به، وقد جاءت السنة بذلك عن رسول الله عليه الصلاة والسلام، وأما هذا الحديث الذي فيه النهي عن قطع اللحم بالسكين، فإنه حديث ضعيف غير ثابت عن النبي عليه الصلاة والسلام.
سعيد بن منصور ثقة ، أخرج له أصحاب الكتب الستة .
[ حدثنا أبو معشر ].
هو نجيح المدني وهو ضعيف، أخرج له أصحاب السنن.
[ عن هشام بن عروة ]
وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة .
[ عن أبيه ]
هو عروة بن الزبير بن العوام ثقة فقيه، أحد فقهاء المدينة السبعة في عصر التابعين، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن عائشة ].
هي أم المؤمنين عائشة خالته رضي الله تعالى عنها وأرضاها، الصديقة بنت الصديق ، وهي واحدة من سبعة أشخاص عرفوا بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم.
[ قال أبو داود : وليس هو بالقوي ]
يعني: الحديث ليس بالقوي، وهو ضعيف.
قال أبو داود عثمان لم يسمع من صفوان، وهو مرسل ].
أورد أبو داود حديث صفوان بن أمية رضي الله عنه قال: [ (كنت آكل مع النبي صلى الله عليه وآله وسلم فآخذ اللحم بيدي من العظم) ]
يعني: أنه كان يستخرج اللحم الذي على العظم بيده، ثم يضعه في فمه، فالرسول صلى الله عليه وسلم أرشده إلى أن ينهس أو يأخذ اللحم الذي على العظم بأسنانه، ومعلوم أن هذا فيما إذا كان اللحم الذي على العظم قليل، وكان سيستنفذه ويأكله، وليس معنى ذلك أنه ينهسه ثم يتركه، وإنما يأخذ منه على قدر ما يستفيد منه، ولا يأخذ شيئاً أكثر من حاجته ثم يلقيه فلا يستفاد منه؛ لأنه إذا استعمله بفيه ونهس منه استقذره الناس.
قوله: [ (أدن العظم من فيك فإنه أهنأ وأمرأ) ]
يعني: قرب العظم من فيك وانهس اللحم الذي عليه، والنهس: هو الأخذ بأطراف الأسنان، بخلاف النهش، فإنه التمكن بالأسنان.
قوله: [ (فإنه أهنأ) ] يعني: هنيئاً. قوله: [ (وأمرأ) ] يعني: أنه سائغ محمود العاقبة.
هو محمد بن عيسى الطباع ثقة، أخرج حديثه البخاري تعليقاً، وأبو داود والترمذي في الشمائل والنسائي وابن ماجة .
[ حدثنا ابن علية ]
هو إسماعيل بن إبراهيم بن مقسم المشهور بـابن علية ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن عبد الرحمن بن إسحاق ]
عبد الرحمن بن إسحاق وهو صدوق، أخرج له البخاري في الأدب المفرد، ومسلم وأصحاب السنن.
[ عن عبد الرحمن بن معاوية ].
عبد الرحمن بن معاوية وهو صدوق سيئ الحفظ، أخرج له أبو داود وابن ماجة.
[ عن عثمان بن أبي سليمان ]
عثمان بن أبي سليمان ثقة، أخرج له البخاري تعليقاً، ومسلم وأبو داود والترمذي في الشمائل، والنسائي وابن ماجة.
[ عن صفوان بن أمية ]
صفوان بن أمية رضي الله عنه، أخرج حديثه البخاري تعليقاً، ومسلم وأصحاب السنن.
وقوله هنا: (وهو مرسل)، هذا في المعنى العام للمرسل.
فرواية الراوي عمن عاصره ولم يسمع منه هو المرسل الخفي.
والمرسل المشهور عند المحدثين: ما قال فيه التابعي قال رسول الله صلى الله عليه وسلم كذا.
وهذا الذي معنا من كون عثمان لم يسمع من صفوان هو من قبيل الانقطاع وعدم الاتصال، والإرسال بهذا المعنى يأتي في جميع طبقات الإسناد، وهذا هو المرسل بالمعنى العام الذي هو الانقطاع، ولهذا قال: يرسل عن فلان، أو أرسل عن فلان، وليس المقصود أنه أضاف الحديث للرسول عليه الصلاة والسلام.
وما فيه من كون الرسول صلى الله عليه وسلم أرشد إلى النهس، هذا جاء عنه عليه الصلاة والسلام أنه كان يعجبه أن ينهس اللحم الذي على العظم، وكان يفعل ذلك صلوات الله وسلامه وبركاته عليه.
أورد أبو داود حديث عبد الله بن مسعود : [ (كان أحب العراق إلى رسول الله عراق الشاة) ] والعراق قيل: إنه جمع عرق، والعرق: هو العظم الذي عليه بقية لحم.
وقد كان عليه الصلاة والسلام يأخذ ذراع الشاة وعليه بعض اللحم فيأكل منه، ومعلوم أن أخذه عليه الصلاة والسلام إنما هو للشيء الذي يحتاج إليه، فالذي ينبغي أن يأخذ الآكل من العظم على قدر حاجته، لا أن يأخذ قطعة كبيرة ويأكل منها قليلاً ثم ينزك ما بقي منها ويلقيه.
إذاً: فالحديث الذي مر والذي فيه إرشاد النبي صلى الله عليه وسلم إلى أنه ينهس من اللحم الذي على العظم، يشهد له حديث ابن مسعود هذا الذي معنا، والذي فيه أنه صلى الله عليه وسلم كان أحب العراق إليه عراق الشاة، أي: العظم الذي عليه بقية اللحم.
والعراق هو العظم الذي عليه بقية اللحم، وقد جاء في الحديث: (أثقل الصلاة على المنافقين صلاة العشاء وصلاة الفجر، ولو يعلمون ما فيهما لأتوهما ولو حبواً ، ثم قال عليه الصلاة والسلام: والذي نفسي بيده لو يعلم أحدهم أنه يجد عرقاً سميناً، أو مرماتين حسنتين لشهد العشاء)، يعني: لو يعلم المنافق أن في المسجد لحماً يوزع أو يؤكل ولو كان ذلك اللحم يسيراً؛ لجاء إلى العشاء من أجل أن يحصل على ذلك اللحم؛ لأنه يريد الدنيا ولا يريد الآخرة.
هو هارون بن عبد الله الحمال البغدادي ثقة، أخرج له مسلم وأصحاب السنن.
[ حدثنا أبو داود ].
هو سليمان بن داود الطيالسي ثقة، أخرج له البخاري تعليقاً، ومسلم وأصحاب السنن.
[ عن زهير ].
هو زهير بن معاوية ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن أبي إسحاق ].
هو عمرو بن عبد الله الهمداني السبيعي ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن سعد بن عياض ].
سعد بن عياض صدوق، أخرج له البخاري تعليقاً، وأبو داود والترمذي في الشمائل والنسائي .
[ عن عبد الله بن مسعود ].
هو عبد الله بن مسعود الهذلي رضي الله عنه صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
وسماع زهير من أبي إسحاق فيه نظر، لكن هذا الحديث والحديث الذي قبله كل واحد منهما شاهد للآخر.
والمتابعات تكون إذا كان الصحابي واحداً، والشواهد إذا كان الصحابي مختلفاً.
إذاً: هذا من الشواهد؛ لأن الاتفاق نسبي، أي أن الاختلاف في أوله، أما الباقي فكله متفق عليه، ومعلوم أن الكلام الذي فيه إنما هو في كونه قال فيه: وهو مرسل.
أورد أبو داود حديث ابن مسعود من طريق أخرى وفيه ذكر الذراع، والذراع هو الذي يكون فوق الأكارع، وهو الذي عليه لحم كثير، بخلاف الكراع فإنه ليس عليه شيء من اللحم.
قوله: [ (كان النبي صلى الله عليه وسلم يعجبه الذراع قال: وسم في الذراع) ]
يعني: أن السم وضع له في الذراع؛ لأنها كانت تعجبه، فوضعوه في الشيء الذي يعجبه.
قوله: [ (وكان يرى أن اليهود هم سموه) ]
يعني: أن اليهود هم الذين سموه .
قوله: [ حدثنا محمد بن بشار ]
محمد بن بشار الملقب بـبندار ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة، بل هو شيخ لأصحاب الكتب الستة.
قوله: [ حدثنا أبو داود بهذا الإسناد ]
أبو داود مر ذكره
الجواب: لا شك أن ما كان أحب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ينبغي أن يكون محبوباً للمسلم، كما جاء عن أنس أنه قال: (فما أحببت الدباء إلا يومئذٍ) أي: لما رأى النبي صلى الله عليه وسلم يحب الدباء ويحرص عليه، فأحبها أنس وكان يحرص عليها، ولا شك أن المرء يثاب على ذلك، ولكل امرئ ما نوى.
الجواب: ليس هناك خير وأفضل من نبينا محمد عليه الصلاة والسلام الذي كان هذا فعله وهذا إرشاده، فقد نهس بنفسه وأرشد غيره إلى ذلك، ومعلوم أن الخير كل الخير في السير على منواله، ومعلوم أن أخذ اللحم من العظم الذي عليه شيء قليل منه لا بأس به إذا اختص به الآكل، أما لو أن إنساناً أخذ عظماً كثير اللحم ونهس منه قليلاً ثم ترك باقيه، فإن النفوس لا تقبله، وإن رماه في الأرض أتلفه على الناس، لكن يأخذ اللحم الخفيف الذي على العظم، بحيث يستوعبه الإنسان ويستنفده، وقد كان شيخنا الشيخ عبد العزيز بن باز رحمة الله عليه يحرص على أن ينهس من العظم.
الجواب: هو نفس القصة هذه، التي حصل فيها السم، فهو عندما نهس من الذراع نهسة تكلم الذراع وأخبره بأنه مسموم .
حدثنا القعنبي عن مالك عن إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة أنه سمع أنس بن مالك رضي الله عنه يقول: (إن خياطاً دعا رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم لطعام صنعه، قال
يقول المصنف رحمه الله: [باب في أكل الدباء ] والدباء هو القرع ، وقد مر بنا قريباً الأوعية التي كان ينتبذ بها، وأن الرسول صلى الله عليه وسلم نهى عن الدباء، وعرفنا فيما مضى أنهم كانوا ينقرون النخل ويستخرجون اللب الذي في وسطه، ثم ينبذون فيه الأنبذة.
فالدباء هو القرع، والنبي صلى الله عليه وسلم كان يحبه، وقد روى أنس بن مالك رضي الله عنه: أن النبي صلى الله عليه وسلم دعاه خياط لطعام صنعه له، فذهب معه أنس .
وذهاب أنس مع النبي صلى الله عليه وسلم إما لكونه كان خادمه، أو لكونه تابعاً للنبي صلى الله عليه وسلم، وصاحب الطعام يعجبه أن يحضر النبي صلى الله عليه وسلم ومن يحضر معه.
فقدم لهم خبزاً من شعير ومرقاً فيه دباء وقديد، وكان عليه الصلاة والسلام يتطلب الدباء من جوانب الصحفة، أي: من الجهة التي تليه، فلما رآه أنس يأخذ من اليمين والشمال في الجهة التي تليه من الجوانب علم بأنه يعجبه.
وقد جاء عند البخاري وفيه زيادة: (فجعلت ألقيه إلى جانبه) يعني: أن أنساً كان يأخذ الدباء ويلقيه في جانب النبي صلى الله عليه وسلم؛ لأنه رأى الرسول صلى الله عليه وسلم يأخذ من جوانب الصحفة، فعلم بأنه يعجبه.
قوله: [ (فلم أزل أحب الدباء بعد يومئذ) ] يعني: أنه عندما رأى النبي صلى الله عليه وسلم يعجبه الدباء صار يعجبه هو أيضاً.
والقديد هو اللحم الذي قد جعل عليه ملح، ويبس في الشمس وادخر؛ لأنهم كانوا يدخرون اللحوم بهذه الطريقة.
والقد هو القطع بالطول حتى يصير مثل الحبل، ثم ينشرونه على الحبال حتى ييبس، وإذا صار يابساً جمعوه في كيس، ثم يستخرجون منه عند الحاجة، فيطبخونه ويأكلونه.
هو عبد الله بن مسلمة القعنبي ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة إلا ابن ماجة.
[ عن مالك ]
هو مالك بن أنس إمام دار الهجرة، محدث فقيه أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة ]
إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة هو ابن أخي أنس بن مالك لأمه؛ لأن عبد الله بن أبي طلحة أخو أنس بن مالك لأمه، فـأنس عم لـإسحاق من جهة الأم؛ لأن أبا طلحة تزوج أم سليم ، وأتت له بأولاد ومنهم عبد الله ، ومن أولاد عبد الله إسحاق .
فإذاً أنس هو عمه لأمه، فهو يروي عن عمه لأمه أنس بن مالك رضي الله عنه.
وإسحاق ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ أنه سمع أنس بن مالك ]
أنس بن مالك رضي الله عنه الصحابي الجليل، وهو أحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم.
وهذا الإسناد من الرباعيات التي هي أعلى الأسانيد عنده أبي داود .
الجواب: ما أعلم فرقاً بينهما؛ لأن الدباء أنواع وليس نوعاً واحداً، ويقال له: اليقطين، كما في قوله تعالى: وَأَنْبَتْنَا عَلَيْهِ شَجَرَةً مِنْ يَقْطِينٍ [الصافات:146] فاليقطين من فئة الدباء والقرع.
وكل نوع من الدباء يقال له قرع، لكنه ليس على هيئة واحدة وعلى شكل واحد.
الجواب: إذا كان صاحب الطعام يفرح بمجيئه فإنه لا بأس بذلك، وإلا فإنه يستأذن كما فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم في بعض المناسبات، فإنه استأذن لبعض من كان معه ممن لم يُدْعَ.
الجواب: قوله: (من حوالي الصحفة) يعني: الجوانب التي تليه؛ وفعل النبي صلى الله عليه وسلم ذلك لأن عددهم قليل، وليس هناك أحد مشارك غير أنس ، ولا ندري هل أكل صاحب الطعام معهما أم لا؟ لكن إذا كان المدعوون قليلين وأخذ من الجوانب التي تليه فلا بأس، وأما إن كانوا كثيرين ومتراصين، فكل يأخذ من جهته ولا يتعدى إلى جهة غيره.
حدثنا محمد بن حسان السمتي حدثنا المبارك بن سعيد عن عمر بن سعيد عن رجل من أهل البصرة عن عكرمة عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: (كان أحب الطعام إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم الثريد من الخبز، والثريد من الحيس).
قال أبو داود: وهو ضعيف ].
أورد أبو داود هذا الحديث عن عبد الله بن عباس رضي الله تعالى عنهما قال: [ (كان أحب الطعام إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم الثريد من الخبز، والثريد من الحيس) ].
والثريد هو اللحم مع الخبز، أي: أن الخبز يفت حتى يكون قطعاً صغيرة، ثم يطبخ ويكون معه اللحم، فهذا هو الثريد الذي هو من خير الأطعمة.
والحديث الذي أورده أبو داود هنا ضعيف، ولكنه قد جاء ما يدل على تفضيل الثريد على غيره، كما في قوله صلى الله عليه وسلم : (فضل
محمد بن حسان السمتي هو صدوق لين الحديث، وحديثه أخرجه أبو داود .
[ حدثنا المبارك بن سعيد ].
هو المبارك بن سعيد بن مسروق الثوري وهو صدوق، أخرج له أبو داود والترمذي والنسائي.
[ عن عمر بن سعيد ]
عمر بن سعيد وهو ثقة، أخرج له مسلم وأبو داود والنسائي.
[ عن رجل من أهل البصرة عن عكرمة ]
الرجل الذي من أهل البصرة مبهم.
وعكرمة مولى ابن عباس ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن ابن عباس ]
هو عبد الله بن عباس بن عبد المطلب ابن عم النبي صلى الله عليه وسلم، وأحد العبادلة الأربعة من الصحابة، وأحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم.
حدثنا عبد الله بن محمد النفيلي حدثنا زهير حدثنا سماك بن حرب حدثني قبيصة بن هلب عن أبيه رضي الله عنه قال: (سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وسأله رجل فقال: إن من الطعام طعاماً أتحرج منه فقال: لا يتحلجنَّ في صدرك شيء ضارعت فيه النصرانية) ]
قال المصنف رحمه الله: [ باب في كراهية التقذر للطعام ] يعني: كون المرء يقذر بعض الأطعمة أو يتقذر منها أو يتحرج منها، وهي مما أحل الله، وذلك إذا كانت النفس لا تعافها، أما إذا كانت النفس تعاف ذلك، فقد قال عز وجل: لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلاَّ وُسْعَهَا [البقرة:286]، فلا يلزم الإنسان يأكل الشيء الذي يكرهه ولا تميل إليه نفسه؛ لأن من الناس من إذا أكل شيئاً لا تريده نفسه يتقيأ؛ لأنه لا يرتاح له، فليس كل طعام تشتهيه النفوس وترغب فيه؛ لأن النفوس متفاوتة، وقد مر بنا وكذلك سيأتي أن الرسول صلى الله عليه وسلم عافت نفسه أكل الضب، وأكله خالد بن الوليد رضي الله عنه بين يديه؛ لكن الذي أورده أبو داود ليس من قبيل أن النفس تعافه، أو لا تقبله.
أورد أبو داود حديث هلب الطائي رضي الله عنه قال: [ (سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم، وسأله رجل فقال: إن من الطعام طعاماً أتحرج منه) ] يعني: كونه من المباح والحلال.
فقال: [ (لا يتحلجن في صدرك شيء ضارعت فيه النصرانية) ] يعني: لا يكون في نفسك ضيق أو حرج منه؛ لأنك إن فعلت ذلك ضارعت فيه النصرانية وشابهتهم وما ثلتهم في تشددهم وفي تعنتهم، وكما قال الله عز وجل: وَرَهْبَانِيَّةً ابْتَدَعُوهَا [الحديد:27] .
عبد الله بن محمد النفيلي ثقة، أخرج له البخاري وأصحاب السنن.
[ حدثنا زهير حدثنا سماك بن حرب ]
سماك بن حرب صدوق، أخرج له البخاري تعليقاً، ومسلم وأصحاب السنن.
[ حدثني قبيصة بن هلب ]
وهو مقبول، أخرج له أبو داود والترمذي وابن ماجة .
[ عن أبيه ].
هلب رضي الله عنه وهو صحابي، أخرج له أبو داود والترمذي وابن ماجة .
حدثنا عثمان بن أبي شيبة حدثنا عبدة عن محمد بن إسحاق عن ابن أبي نجيح عن مجاهد عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: (نهى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عن أكل الجلالة وألبانها) . ]
يقول المصنف رحمه الله: [ باب النهي عن أكل الجلالة وألبانها ] الجلالة هي الدابة مباحة اللحم، وهي التي تأكل العذرة، والعذرة هي النجاسات، فالرسول صلى الله عليه وسلم نهى عن أكلها وعن ألبانها، ولكنها تحبس وتعلف علفاً طيباً، وإذا طاب لحمها فإنها تؤكل.
أورد أبو داود حديث ابن عمر: [ (نهى رسول الله صلى الله صلى الله عليه وسلم عن أكل الجلالة وألبانها) ] وذلك لأنها أكلت النجاسة، ويكون فيها هذا القذر، وهذا فيما إذا كان أكثر طعامها ذلك الشيء، وأما إذا كان طعامها طيباً، ولكنه حصل أن أكلت شيئاً قذراً، وهو شيء قليل مغمور في ذلك الطعام الطيب، فإن ذلك لا يؤثر، ولا يقال لها: جلالة.
عثمان بن أبي شيبة ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة إلا الترمذي وإلا النسائي فأخرج له في عمل اليوم والليلة.
[ حدثنا عبدة ]
هو عبدة بن سليمان ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة .
[ عن محمد بن إسحاق ]
هو محمد بن إسحاق المدني صدوق، أخرج له البخاري تعليقاً، ومسلم وأصحاب السنن.
[ عن ابن أبي نجيح ]
هو عبد الله بن أبي نجيح هو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن مجاهد ]
هو مجاهد بن جبر المكي ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن ابن عمر ] .
هو عبد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله عنهما الصحابي الجليل، وأحد العبادلة الأربعة من الصحابة، وأحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم.
وعنعنة ابن إسحاق لا تضر ؛ لأن الحديث جاء من طرق أخرى.
أورد أبو داود حديث ابن عباس: [ (أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن لبن الجلالة) ]، يعني: أن اللحم واللبن كليهما سواء في النهي.
قوله: [ حدثنا ابن المثنى ]
هو محمد بن المثنى أبو موسى الزمن ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة، بل هو شيخ لأصحاب الكتب الستة.
[ حدثني أبو عامر ].
هو عبد الملك بن عمرو العقدي وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ حدثنا هشام ].
هو هشام بن أبي عبد الله الدستوائي ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن قتادة ]
هو قتادة بن دعامة السدوسي البصري ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
أورد أبو داود حديث ابن عمر: [ (نهى رسول الله عن الجلالة في الإبل أن يركب عليها، أو يشرب من ألبانها) ] وهذا فيه النهي عن ركوب الجلالة وشرب لبنها، واللحم قد سبق أن مر ما يتعلق به.
ووجه النهي عن ركوب الجلالة أن العرق يصيب الإنسان عندما يتصبب من جلدها.
ومن العلماء من قال: ليس النهي للتحريم بل هو للكراهة؛ وذلك لكونها أكلت هذه المادة النجسة.
فالنهي عن الركوب هو من أجل العرق؛ لأن الحمر الأهلية تركب وهي مع ذلك لا تؤكل.
أحمد بن أبي سريج ثقة، أخرج له البخاري وأبو داود والنسائي.
[ أخبرني عبد الله بن جهم ].
وهو صدوق، أخرج له أبو داود .
[ حدثنا عمرو بن أبي قيس ]
وهو صدوق له أوهام، أخرج حديثه البخاري تعليقاً، وأصحاب السنن.
[ عن أيوب السختياني ]
هو أيوب بن أبي تميمة السختياني ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن نافع ]
هو نافع مولى ابن عمر وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن ابن عمر ]
وقد مر ذكره.
أما الدجاج فعذرته طاهرة، فلا يضره أن يأكل منها؛ لأن كل ما يؤكل لحمه فروثه وبوله طاهر، وإنما النجاسة في عذرة الإنسان، وعذرة الدواب التي لا يؤكل لحمها.
أما عن مدة حبس الجلالة حتى يطيب لحمها فتترك ثلاثة أيام ثم تؤكل، وقيل: تترك مدة حتى يطمئن إلى طيب لحمها، ويقول الخطابي : فكره ذلك أبو حنيفة وأصحابه، والشافعي وأحمد بن حنبل، وقالوا: لا تؤكل حتى تحبس أياماً، وتعلف علفاً غيرها، فإذا طاب لحمها فلا بأس بأكله.
وقد روي في حديث: (أن البقر تعلف أربعين يوماً، ثم يؤكل لحمها ) ، وكان ابن عمر رضي الله عنه يحبس الدجاجة ثلاثاً ثم يذبحها.
وقال إسحاق بن رهوايه : لا بأس أن يؤكل لحمها بعد أن يغسل غسلاً جيداً، وكان الحسن البصري لا يرى بأساً بأكل لحوم الجلالة، وكذلك قال مالك بن أنس.
من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر