قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب في أكل لحوم الخيل.
حدثنا سليمان بن حرب حدثنا حماد عن عمرو بن دينار عن محمد بن علي عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال: (نهانا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يوم خبير عن لحوم الحمر، وأذن لنا في لحوم الخيل) ]
يقول المصنف رحمه الله: [ باب في أكل لحوم الخيل ] يعني: أن ذلك سائغ مباح، وقد جاءت الأحاديث في ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم، وجاءت أحاديث في عدم أكلها، ولكن الصحيح هو الأحاديث التي جاءت في أكلها، فإنها ثابتة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومنها حديث جابر بن عبد الله الأنصاري رضي الله عنهما: [ (نهانا رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم خبير عن لحوم الحمر، وأذن لنا في لحوم الخيل) ] أي: أن الحمر الأهلية لا يجوز أكل لحمها، وأن الخيل يجوز أكل لحمها، وأنه مباح لا بأس به.
ومن العلماء من قال بعدم أكلها؛ لأنه جاء ذكرها في القرآن مقرونةً بالبغال والحمير، قال: وَالْخَيْلَ وَالْبِغَالَ وَالْحَمِيرَ لِتَرْكَبُوهَا وَزِينَةً وَيَخْلُقُ مَا لا تَعْلَمُونَ [النحل:8] فجمع بينها وبين البغال والحمير، والبغال والحمير يحرم أكلها. لكنه إنما ذكر في الآية الركوب، وأنه يكون لهذه ولهذه، وليس فيها تعرض للحم، وقد جاءت أحاديث صحيحة تدل على حل لحوم الخيل وحرمة لحوم الحمر الأهلية، أما الحمر الوحشية فأكلها حلال.
قوله: [ حدثنا سليمان بن حرب ]
سليمان بن حرب ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ حدثنا حماد ]
هو حماد بن زيد ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن عمرو بن دينار ]
هو عمرو بن دينار المكي ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن محمد بن علي ]
هو محمد بن علي بن الحسين الباقر وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن جابر بن عبد الله ]
جابر بن عبد الله الأنصاري رضي الله تعالى عنهما، وقد مر ذكره.
قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا موسى بن إسماعيل حدثنا حماد عن أبي الزبير عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال: (ذبحنا يوم خبير الخيل والبغال والحمير، فنهانا رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم عن البغال والحمير، ولم ينهنا عن الخيل) ]
أورد أبو داود حديث جابر ؛ أنهم ذبحوا يوم خبير الخيل والبغال والحمير، فنهاهم النبي صلى الله عليه وسلم عن البغال والحمير ولم ينههم عن الخيل، فدل على تحريم البغال والحمير وعلى إباحة الخيل.
قوله: [ حدثنا موسى بن إسماعيل ]
موسى بن إسماعيل التبوذكي ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ حدثنا حماد ].
هو حماد بن سلمة ثقة، أخرج له البخاري تعليقاً، ومسلم وأصحاب السنن.
[عن أبي الزبير ]
هو محمد بن مسلم بن تدرس المكي صدوق، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن جابر بن عبد الله ]
جابر رضي الله عنه وقد مر ذكره.
وهذا من الرباعيات التي هي أعلى الأسانيد عند أبي داود.
قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا سعيد بن شبيب وحيوة بن شريح الحمصي قال حيوة: حدثنا بقية عن ثور بن يزيد عن صالح بن يحيى بن المقدام بن معد يكرب عن أبيه عن جده عن خالد بن الوليد رضي الله عنه: (أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم نهى عن أكل لحوم الخيل والبغال والحمير، زاد
قال أبو داود: لا بأس بلحوم الخيل، وليس العمل عليه.
قال أبو داود: وهذا منسوخ؛ قد أكل لحوم الخيل جماعة من أصحاب النبي صلى الله عليه وآله وسلم، منهم: ابن الزبير وفضالة بن عبيد، وأنس بن مالك، وأسماء بنت أبي بكر رضي الله عنهم، وسويد بن غفلة، وعلقمة، وكانت قريش في عهد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم تذبحها . ]
أورد أبو داود حديث خالد بن الوليد رضي الله عنه: [ (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن أكل لحوم الخيل والبغال والحمير) ]
هذا فيه إلحاق الخيل بالبغال والحمير، لكن الحديث ضعيف غير ثابت عن النبي صلى الله عليه وسلم، وقد جاء الإذن في لحوم الخيل كما سبق أن مر في الأحاديث الصحيحة، وأما هذا فهو حديث غير صحيح.
زاد حيوة : [ (وكل ذي ناب من السباع) ]
هذا ثابت، فكل ذي مخلب من الطير وناب من السباع، قد جاء ما يدل على تحريم لحومها، وكذلك الخيل والبغال جاء ما يدل على تحريم لحومها، وإنما الإشكال فيما يتعلق بالخيل، فالأحاديث التي مرت تدل على جواز أكل لحوم الخيل وأنه لا بأس به، وهذا الحديث يدل على عدم الأكل ولكنه حديث ضعيف.
[ قال أبو داود: وهو قول مالك ]
يعني: تحريمها .
[ قال أبو داود: لا بأس بلحوم الخيل، وليس العمل عليه ]
يعني: وليس العمل على هذا الحديث الذي فيه النهي عن لحوم الخيل، والصواب أنه لا بأس بلحوم الخيل.
[ قال أبو داود: وهذا منسوخ، قد أكل لحوم الخيل جماعة من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ]
يعني: إذا كان الحديث ثابتاً فقد أكلها جماعة من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، ولحديث: (ذبحنا يوم خيبر الخيل ...) .
وقد جاء أكل لحوم الخيل عن عدد من الصحابة، وذكر أربعة من الصحابة واثنين من التابعين، وهم: ابن الزبير، وفضالة بن عبيد، وأنس بن مالك، وأسماء بنت أبي بكر، وسويد بن غفلة ، وعلقمة .
قوله: [ حدثنا سعيد بن شبيب ].
وهو صدوق، أخرج له أبو داود والنسائي .
[ وحيوة بن شريح الحمصي ]
حيوة بن شريح الحمصي ثقة، أخرج له البخاري وأبو داود والترمذي وابن ماجة.
هو بقية بن الوليد وهو صدوق، أخرج حديثه البخاري تعليقاً ، ومسلم وأصحاب السنن، وهو يدلس.
[ عن ثور بن يزيد ]
ثور بن يزيد ثقة، أخرج له البخاري وأصحاب السنن.
[ عن صالح بن يحيى بن المقدام بن معد يكرب ]
وهو لين الحديث، أخرج له أبو داود والنسائي وابن ماجة.
[ عن أبيه ]
وهو مستور؛ أي مجهول الحال، أخرج له أبو داود والنسائي وابن ماجة.
[ عن جده ]
هو المقدام بن معد يكرب رضي الله تعالى عنه، وهو صحابي، أخرج له البخاري وأصحاب السنن.
[ عن خالد بن الوليد ]
خالد بن الوليد رضي الله عنه صحابي، أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا الترمذي .
قوله: [ منهم: ابن الزبير ]
هو عبد الله بن الزبير رضي الله عنهما، وهو أول مولود ولد بعد الهجرة؛ لأنه ولد في قباء أول ما قدموا إلى المدينة، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
[ وفضالة بن عبيد ]
فضالة بن عبيد صحابي، أخرج له البخاري في الأدب المفرد، ومسلم وأصحاب السنن.
[ وأنس بن مالك ]
أنس بن مالك: مر ذكره.
[ وأسماء بنت أبي بكر ]
أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنها، أخرج لها أصحاب الكتب الستة.
[ وسويد بن غفلة ]
سويد بن غفلة تابعي مخضرم، وقيل: إنه قدم المدينة في اليوم الذي دفن فيه الرسول صلى الله عليه وسلم، وهو من المخضرمين، قيل: إنه عاش مائة وثلاثين سنة، وذكر في ترجمته أنه كان يصلي بالناس التراويح في رمضان وعمره مائة وعشرون سنة، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ وعلقمة ]
هو علقمة بن قيس النخعي ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ وكانت قريش في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم تذبحها ]
يعني: أن هذا كان موجوداً في الجاهلية، وأقره الإسلام.
قال المنصف رحمه الله تعالى: [ باب في أكل الأرنب.
حدثنا موسى بن إسماعيل حدثنا حماد عن هشام بن زيد عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: (كنت غلاماً حزورا وصدت أرنباً فشويتها، فبعث معي
يقول المصنف رحمه الله أورد أبو داود باباً: في أكل الأرنب.
الأرنب هي من الصيد.
أورد أبو داود حديث أنس قال: [ (كنت غلاماً حزورا) ]، أي: أنه كان ماهراً حاذقاً، ولهذا صاد هذه الأرنب.
فأرسل عجزها أبو طلحة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقبلها، والعجز: هو المؤخر الذي فيه الوركان والرجلان.
قوله: [ (فشويتها) ]
يعني: أنضجت الأرنب عن طريق الشواء.
قوله:[ (فبعث معي
وأبو طلحة هو زوج أم سليم التي هي أم أنس رضي الله عنهم.
قوله: [ (فأتيت بها النبي صلى الله عليه وسلم فقبلها) ]
أي: فقبل هذه الهدية.
قوله: [ حدثنا موسى بن إسماعيل حدثنا حماد عن هشام بن زيد ]
هشام بن زيد ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن أنس بن مالك ]
أنس بن مالك رضي الله عنه، وقد مر ذكره.
وهذا الإسناد رباعي، وهو من أعلى الأسانيد عند أبي داود .
قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا يحيى بن خلف حدثنا روح بن عبادة حدثنا محمد بن خالد قال: سمعت أبي خالد بن الحويرث يقول: (إن
أورد أبو داود حديث عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما أنه جاءه رجل قد اصطاد أرنباً فقال له: ما تقول؟ قال: إن النبي صلى الله عليه وسلم أتي بأرنب فلم يأكلها ولم ينه عن أكلها، وزعم أنها تحيض، وهذا فيه أن الرسول صلى الله عليه وسلم لم يأكلها ولم ينه عن أكلها، والحديث الذي مر فيه أنه قبلها، أي: الهدية التي أهداها له أبو طلحة ، والحديث الثاني الذي فيه أنه لم يأكلها ولم ينه عنها حديث ضعيف غير ثابت عن النبي عليه الصلاة والسلام.
فالحديث الثابت هو الأول الذي فيه أنه قبلها صلى الله عليه وسلم.
قوله: [ حدثنا يحيى بن خلف ]
يحيى بن خلف صدوق، أخرج له مسلم وأبو داود والترمذي وابن ماجة .
[ حدثنا روح بن عبادة ]
روح بن عبادة ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ حدثنا محمد بن خالد ]
وهو مستور، يعني مجهول الحال، أخرج له أبو داود .
[ قال: سمعت أبي خالد بن الحويرث ].
خالد بن الحويرث مقبول، أخرج له أبو داود .
[ يقول: إن عبد الله بن عمرو ]
هو عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما، الصحابي الجليل، أحد العبادلة الأربعة من الصحابة، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
في الحديث هذان الشخصان، وهما: محمد بن خالد ، وهو مجهول الحال، وأبوه: مقبول، فالحديث غير ثابت عن النبي عليه الصلاة والسلام.
السؤال: قوله: (وزعم أنها تحيض) أي الأرنب كما في حديث ابن عمرو ، فما مدى صحة حيض الأرنب؟
الجواب: لا أدري من قاله، ولعله عبد الله بن عمرو ، لكن ما أدري هل الأرنب تحيض أو لا تحيض؟
السؤال: هل ورد في فضل ليلة النصف من شعبان فضل خاص؟
الجواب: م يثبت في فضلها شيء يخصها، وشيخنا الشيخ عبد العزيز بن باز رحمة الله عليه كتب في ذلك مقالاً طبع مع مقالات أخرى بعنوان: (التحذير من البدع) وهي تتعلق بليلة النصف من شعبان، وليلة الإسراء والمعراج، وكذلك المولد، وكذلك الرؤيا التي زعم خادم الحجرة المسمى بالشيخ أحمد أنه رآها.
السؤال: ما مدى صحة الاستدلال بكون الحديث ليس عليه العمل كما قال أبو داود في حديث خالد الذي فيه تحريم الخيل؟
الجواب: إذا كان الحديث ضعيفاً فليس هناك إشكال؛ لأنه مثل ما قال أبو داود هنا: وليس العمل عليه، يعني: هذا الحديث ضعيف، وإنما العمل على الحديث الصحيح الذي فيه جواز أكل لحوم الخيل.
السؤال: شرح بعض العلماء قوله: (يتتبع الدباء من حوالي الصحفة) فقال: إن هذا الطعام كان خاصاً له، وله أن يأكل من أي جهة شاء، فما تعليقكم؟
الجواب: لقد كان معه أنس بن مالك يؤاكله، وحتى لو كان الطعام يخص الإنسان وحده، فإنه يأكل من جهته، ويترك الباقي دون أن يمسه.
السؤال: جاء في الترجمة كراهية تقذر الطعام، فهل هذه الكراهة للتحريم؟
الجواب: الذي يبدو أنه يتفاوت؛ فهناك أشياء تكون واضحة، وأشياء فيها خفاء، فإذا كان المقصود بالتقذر للواضحات أنه يعافها وهي مباحة، فهذا شيء يعذر فيه الإنسان، وأما إذا كان شيئاً مباحاً وشيئاً حلالاً، ثم يتقذره من جهة أنه يذمه ويعيبه، فهذا يختلف عن الشيء الذي فيه خفاء.
السؤال: رجل يريد أن يفتح محلاً (للإنترنت) فهل يجوز له ذلك، مع العلم بأن (الإنترنت) يستخدم في الخير والشر؟
الجواب: ما دام يستعمل في الخير والشر فيمكن أن يجيء ناس فيستعملونه في الشر، ويكون من باب التعاون على الإثم والعدوان.
السؤال: الماء النجس إذا عولج بمواد فأصبح مثل الماء الطاهر من حيث الصفات، فما حكمه؟
الجواب: في هذا الزمان يقولون: إنه يكون طيباً ويكون طاهراً إذا حصل شيء يجعله يتحلل ويتحول إلى شيء آخر، ولكن الشيء المعروف أن أصله نجاسة فإن النفوس لا تقبله.
السؤال: من يجمع القراء لقراءة القرآن عن الميت بأجرة أو بدون أجرة، هل يستفيد الميت من هذا الفعل؟
الجواب: كل ذلك غير مشروع، لا يجمعهم لا بأجرة ولا بغير أجرة؛ لأن هذا عمل غير صحيح، والأعمال التي تصل إلى الأموات ينبغي أن يقتصر فيها على ما ورد في السنة عن النبي صلى الله عليه وسلم، وذلك مثل الصدقة عنه، والدعاء له، والحج والعمرة.
السؤال: هل يقاس على الجلالة النبات إذا سمد بسماد نجس، أو سقي بماء المجاري مثلاً؟
الجواب: نعم، مياه المجاري كله نجس، لكن كونه يسمد بشيء نجس ثم بعد ذلك يأتيه الماء مرة بعد أخرى حتى يتغير السماد ويذهب، فهو ليس مثل النجاسة التي يسقى بها دائماً وأبداً.
السؤال: هل يجوز الاقتداء بكل ما ورد عنه صلى الله عليه وسلم، كمثل الخاتم والعمامة والإزار، أم هناك تفصيل؟
الجواب: معلوم أن الرسول صلى الله عليه وسلم لم يستعمل الخاتم إلا لما قيل له إن الكفار لا يقبلون الكتاب إلا إذا كان مختوماً؛ فاتخذه، فالذي يحتاج إليه مثل ما احتاج إليه النبي صلى الله عليه وسلم له أن يفعل ذلك.
أما مسألة العمامة ومسألة اللباس فالأمر في ذلك واسع، والمهم ألا يخرج الإنسان عن الهيئة التي يكون عليها أهل البلد إذا كانت صحيحة؛ لأنه إذا خالف أهل بلده فقد يساء به الظن.
من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر