حدثنا محمد بن كثير أخبرنا سفيان عن سلمة بن كهيل عن عيسى بن عاصم عن زر بن حبيش عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: (الطيرة شرك، الطيرة شرك (ثلاثاً)، وما منا إلا ولكن الله يذهبه بالتوكل) ].
أورد أبو داود هذه الترجمة وهي: باب في الطيرة، والطيرة هي حصول التشاؤم والتفاؤل، فالإنسان قد يقدم على شيء أو يحجم عنه بسبب هذا التطير.
وأورد أبو داود حديث ابن مسعود أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (الطيرة شرك، الطيرة شرك) ثم قال ابن مسعود : وما منا إلا، ولكن الله يذهبه بالتوكل، يعني: لا يسلم أحد أن يقع في ذهنه شيء من هذا، لكنه لا يكون بالتعويل على زجر الطير، أو الخط في الأرض أو ما إلى ذلك، فإن هذا محرم لا يسوغ، ولكنه قد ينقدح في ذهن الإنسان شيء مما يكون فيه مسرة أو مما يكون فيه مضرة، ولكن المسلم يعتمد على الله، ويضيف الأمور إلى الله عز وجل، ويتوكل عليه سبحانه وتعالى؛ فيزول ما ينقدح في ذهنه من الشيء الذي لا يريده ويبغضه، وذلك باعتماده على الله وتوكله عليه، وهذا الذي قد يعرض للإنسان ليس من قبيل التطير الذي ورد في الشرع بيان حرمته، من كون الإنسان يقدم أو يحجم بناءً على ما حصل له من زجر طير أو من رؤية شيء يسره أو يسوءه، فإن هذا لا يجوز للإنسان أن يبني عليه الإقدام أو الإحجام، وإنما يأخذ بالأسباب المشروعة، ويتوكل على الله سبحانه وتعالى، وما قدره الله وقضاه فلابد وأن يكون، فإن ما شاء الله كان، وما لم يشأ لم يكن.
محمد بن كثير العبدي ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ أخبرنا سفيان ].
هو سفيان بن سعيد بن مسروق الثوري ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن سلمة بن كهيل ].
سلمة بن كهيل ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن عيسى بن عاصم ].
عيسى بن عاصم وهو ثقة، أخرج له البخاري في الأدب المفرد وأبو داود والترمذي وابن ماجة .
[ عن زر بن حبيش ]
زر بن حبيش ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن عبد الله بن مسعود ].
عبد الله بن مسعود الهذلي صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
قال معمر : قال الزهري : فحدثني رجل عن أبي هريرة أنه سمع النبي صلى الله عليه وآله وسلم يقول: لا يوردن ممرض على مصح، قال: فراجعه الرجل فقال: أليس قد حدثتنا أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: (لا عدوى ولا صفر ولا هامة؟!) قال: لم أحدثكموه.
قال الزهري : قال أبو سلمة : قد حدث به، وما سمعت أبا هريرة رضي الله عنه نسي حديثاً قط غيره ].
أورد أبو داود حديث أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (لا عدوى ولا طيرة ولا هامة ولا صفر)، فالعدوى المنفية هي اعتقاد أن الأمراض تنتقل بالاختلاط، وأنها معدية بطبعها، وهذا منفي بلا شك؛ لكن مخالطة المريض للصحيح قد يكون سبباً لانتقال المرض، ولكن ليس بلازم أن يكون ذلك، فقد يوجد السبب ويتخلف المسبب بإذن الله عز وجل، فاعتقاد أن العدوى حاصلة بالطبع وأنها شيء لازم، باطل وليس بصحيح، وأما اعتقاد أن مخالطة المريض للصحيح قد يجعله الله سبباً في انتقال العدوى فهذا صحيح، وقد يوجد الاتصال ولا توجد العدوى، ويبقى المريض مرضه فيه، ويسلم الصحيح من مرض المريض، فالأمر يرجع إلى مشيئة الله وإرادته، فإن شاء أن يعدي المريض أعدى، وإن شاء ألا يعدي لم يعد، لكن الأخذ بالأسباب مطلوب، وقد جاء في قصة عمر لما ذهب إلى الشام وقت الطاعون، فاستشار الصحابة في دخول الشام فاختلفوا، فمنهم من يقول: اقدم، ومنهم من يقول: لا تقدم، وانتهى أمره أنه لا يقدم، وبعد ذلك جاء عبد الرحمن بن عوف وأخبرهم بحديث: (إذا سمعتم به بأرض فلا تقدموا عليه، وإذا وقع بأرض وأنتم بها فلا تخرجوا فراراً منه)، وجاء في الحديث: (فر من المجذوم فرارك من الأسد) وفي الحديث الآخر: (لا يورد ممرض على مصح)، ولا تعارض بين الأحاديث؛ لأن المنفي غير المثبت، فالمنفي هو اعتقاد أن الأمراض مؤثرة بطبعها، والمثبت هو الأخذ بالأسباب والوقاية، وعدم التعرض لشيء قد يحصل بسببه شيء من المضرة، وقد يتخلف الضرر مع وجود الاتصال والاحتكاك بالمريض؛ ولهذا لما قال النبي صلى الله عليه وسلم هذا الكلام قال رجل: ما شأن الإبل تكون في الرمل كالظباء -يعني في صحتها، وقوتها، ونشاطها، وسرعة انتقالها وتحركها- ثم يكون معها البعير الأجرب فيحصل لها الجرب؟! فالنبي صلى الله عليه وسلم أجاب بجواب عظيم فقال: (فمن أعدى الأول؟!) يعني: أول بعير حصل له الجرب من الذي أعداه؟! فهو ما كان أجرب، ولكن الجرب حصل بتقدير الله عز وجل، بدون أن يكون هناك اتصال بين مريض وصحيح، وهذا يبين أن الأمور كلها ترجع إلى الله عز وجل، فالذي جعل البعير الأول يجرب بدون مخالطة بعير مريض هو الذي يجعل البعير إذا خالط الصحيح يمرض وقد لا يمرض؛ لأن الأمر كله يرجع إلى مشيئة الله سبحانه وتعالى، والأمر كله يرجع إلى الله سبحانه وتعالى، وكل شيء بيده سبحانه وتعالى.
قوله: [ (لا عدوى ولا طيرة ولا هامة) ] هذا هو محل الشاهد، فالتطير هو الإقدام والإحجام بناءً على التشاؤم، والهامة فسرت بأنها نوع من الطير يسمى البومة، فقد كانوا يتشاءمون منه إذا وقع على البيت، ويعتبرون هذا نذير بلاء يحل بأهل البيت، وهذه الأمور كلها من أعمال الجاهلية، ولا يؤثر إلا ما جعله الله مؤثراً.
قوله: [ (ولا صفر) ] فسر بأنه داء يكون في البطن، وهي ديدان معدية ومؤذية في البطن، وفسر بأن المراد به الشهر، وأنهم كانوا يتشاءمون بشهر صفر، أو أنهم كانوا يستحلون الأشهر الحرم، فينسئون المحرم إلى صفر، فيحلون ما حرم الله، ويحرمون ما أحل الله، فيجعلون المحرم حلالاً فيتقاتلون فيه، ويجعلون صفر الذي ليس شهراً حراماً، والتفسير المناسب للمقام هو أنه مرض كانوا يتشاءمون منه.
قوله: [ (لا يوردن ممرض على مصح) ].
يعني: حتى لا يحصل بسبب ذلك شيء، فيترتب على ذلك تشوش الذهن، واعتقاد أن مجرد الاتصال يكون سبباً في المرض، مع أنه قد يحصل التخلف، فالأمر كله راجع إلى مشيئة الله وإرادته، وليس الأمر متعلقاً بالاختلاط، فقد يوجد السبب ولا يوجد المسبب كالزواج، فالإنسان إذا أراد الولد فإنه يتزوج، فهذا هو الطريق المؤدي إلى الولد، وإذا وجد الزواج فقد يوجد الولد وقد لا يوجد، فالإنسان يأخذ بالطريق المشروع، وإذا قدر الله شيئاً فإنه لا يقع إلا ما قدره الله، وإذا شاء الله ألا يحصل ذلك الشيء الذي حصل سببه فإن الأمر كله يرجع إلى الله سبحانه وتعالى.
قوله: [ قال معمر: قال الزهري : فحدثني رجل عن أبي هريرة رضي الله عنه أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (لا يوردن ممرض على مصح)، قال: فراجعه الرجل فقال: أليس قد حدثتنا أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال: (لا عدوى ولا صفر ولا هامة) قال: لم أحدثكموه، قال الزهري : قال أبو سلمة : قد حدث به، وما سمعت أبا هريرة رضي الله عنه نسي حديثاً قط غيره ].
هذا ثناء على أبي هريرة بكمال حفظه رضي الله عنه؛ لأنه مع كثرة محفوظه وكثرة أحاديثه يقول عنه أبو سلمة بن عبد الرحمن بن عوف -وهو من أكثر الراوين عنه- ما علمت أن أبا هريرة نسي حديثاً قط إلا هذا الحديث، أي: مع كثرة حديثه لم ينس إلا حديثاً واحداً، فهذا دال على كمال حفظه وعلمه رضي الله تعالى عنه وأرضاه.
محمد بن المتوكل العسقلاني صدوق له أوهام كثيرة، أخرج له أبو داود .
[ والحسن بن علي ].
الحسن بن علي الحلواني ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا النسائي ، وهو قرين لـمحمد بن المتوكل ، ولو لم يوجد ابن المتوكل فيكفي الحسن بن علي .
[ حدثنا عبد الرزاق ].
عبد الرزاق بن همام الصنعاني اليماني ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ أخبرنا معمر ].
معمر بن راشد الأزدي البصري ثم اليماني ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن الزهري ].
محمد بن مسلم بن عبيد الله بن شهاب الزهري ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن أبي سلمة ].
أبو سلمة بن عبد الرحمن بن عوف المدني ثقة فقيه، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن أبي هريرة ].
أبو هريرة وقد مر ذكره رضي الله عنه.
أورد أبو داود حديث أبي هريرة من طريق أخرى، وقد تقدم ذكر معنى العدوى والهامة، والنوء هو النجم، يعني: لا تعولوا على النجوم، ولا تعتقدوا أن لها تأثيراً، بل التدبير من الله وحده، فهو الذي يتصرف في الكون كيف يشاء، والمخلوقات لا تصرف لها في شيء دون الله عز وجل، ولكن قد يجعل الله الشيء يحصل في وقت من الأوقات كحصول المطر في الشتاء والربيع، ولكن لا يضاف ذلك إلى تلك الأوقات، بل المطر بمشيئة الله وإرادته وبفضله ورحمته، فلا يكون الإنسان غافلاً عن إضافة الأشياء إليه، وهو الذي كل شيء بيده، وكل نعمة وفضل منه سبحانه وتعالى.
عبد العزيز بن محمد الدراوردي صدوق، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن العلاء ].
العلاء بن عبد الرحمن الحرقي وهو صدوق، أخرج حديثه البخاري في جزء القراءة ومسلم وأصحاب السنن.
[ عن أبيه ].
وهو ثقة، أخرج له البخاري في جزء القراءة ومسلم وأصحاب السنن.
[ عن أبي هريرة ].
مر ذكره.
أورد المصنف حديث أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (لا غول)، والمقصود بالغول: الجن التي تظهر في الفلاة ويستوحش منها الناس، فهي لا تؤثر إلا بإذن الله عز وجل وبقدرته ومشيئته وإرادته.
ثقة، أخرج له أبو داود والنسائي .
[ أن سعيد بن الحكم حدثهم ].
سعيد بن الحكم المصري ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ أخبرنا يحيى بن أيوب ].
يحيى بن أيوب صدوق وربما أخطأ، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ حدثني ابن عجلان ].
محمد بن عجلان المدني ، صدوق، أخرج حديثه البخاري تعليقاً ومسلم وأصحاب السنن.
[ حدثني القعقاع بن حكيم ].
القعقاع بن حكيم ثقة، أخرج له البخاري في الأدب المفرد ومسلم وأصحاب السنن.
[ وعبيد الله بن مقسم ].
عبيد الله بن مقسم ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا الترمذي .
[ وزيد بن أسلم ].
زيد بن أسلم ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن أبي صالح ].
ذكوان السمان ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن أبي هريرة ].
مر ذكره.
ذكر المصنف هذا الأثر عن مالك أنه سئل عن معنى: (لا صفر)، فقال: إن أهل الجاهلية كانوا يحلون صفر عاماً ويحرمونه عاماً، يعني: أنهم في سنة من السنوات يجعلون الشهر الحرام هو المحرم مع ذي القعدة وذي الحجة، فيكون صفر حلالاً، وعاماً ينسئون، يعني: إذا أرادوا أن يقاتلوا في المحرم فيؤخرون المحرم ويجعلون صفر مكانه، فإذا جاء صفر امتنعوا عن القتال، وأباحوا لأنفسهم أن يقاتلوا في المحرم، وهذا هو النسيء الذي هو زيادة في الكفر.
قوله: [ قرئ على الحارث بن مسكين ].
الحارث بن مسكين ثقة، أخرج حديثه أبو داود والنسائي .
[ أخبركم أشهب ].
أشهب بن عبد العزيز وهو ثقة، أخرج له أبو داود والنسائي .
[ سئل مالك ].
مر ذكره.
قال محمد: وقد سمعنا من يقول: هو وجع يأخذ في البطن، فكانوا يقولون: هو يعدي، فقال: (لا صفر) ].
أورد أبو داود هذا الأثر الذي فيه بيان معنى الهامة، وأنها شيء كانوا يعتقدونه في الجاهلية، فيعتقدون أن من مات يخرج من قبره طائر، وأنهم كانوا يتشاءمون من صفر، أو أنه داء يكون في البطن يعدي.
محمد بن المصفى صدوق له أوهام، أخرج له أبو داود والنسائي وابن ماجة .
[ حدثنا بقية ].
بقية بن الوليد صدوق، أخرج حديثه البخاري تعليقاً ومسلم وأصحاب السنن.
[ عن محمد بن راشد ].
محمد بن راشد صدوق يهم، أخرج له أصحاب السنن.
أورد أبو داود حديث أنس بن مالك رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (لا عدوى ولا طيرة، ويعجبني الفأل الصالح، والفأل الصالح: الكلمة الحسنة) أي أنه كان من هديه صلى الله عليه وسلم أنه يسر بالكلام الجميل وبالاسم الحسن، وقد جاء في صلح الحديبية أنه كلما جاء أحد كفار قريش فإنهم يذكرونه بما هو معروف به من الشدة أو الغلظة، ولما جاء سهيل بن عمرو قال النبي صلى الله عليه وسلم: (سهل أمرنا) أي: أنه أخذ ذلك من اسم سهيل ، وهو الذي تم إبرام الصلح بين رسول الله صلى الله عليه وسلم وبينه نيابة عن المشركين، فصلح الحديبية كان على يديه، فتحقق قول النبي صلى الله عليه وسلم عندما رآه: (سهل أمرنا).
مسلم بن إبراهيم الفراهيدي ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ حدثنا هشام ].
هشام الدستوائي ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن قتادة ].
قتادة بن دعامة السدوسي البصري ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن أنس ].
أنس بن مالك رضي الله عنه صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وخادمه، وأحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم.
وهذا الإسناد رباعي وهو من أعلى الأسانيد عند أبي داود .
أورد أبو داود حديث أبي هريرة : (أن النبي صلى الله عليه وسلم سمع كلمة فأعجبته، فقال: أخذنا فألك من فيك) يعني: هذا الذي تكلم بهذه الكلمة، وهذا مثل الحديث الذي قبله أنه كان يعجبه الفأل الحسن، وهي الكلمة الطيبة.
موسى بن إسماعيل مر ذكره، ووهيب بن خالد ثقة، أخرج له أصحاب الكتبة الستة.
[ عن سهيل ].
سهيل بن أبي صالح صدوق، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن رجل عن أبي هريرة ].
هذا الرجل مبهم، ولكن جاء أنه أبوه أبو صالح السمان ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
أورد أبو داود هذا الأثر في تفسير الصفر والهامة.
قوله: [ وليست بهامة الإنسان ]: هامة الإنسان رأسه، فبين أن الهامة التي تصرخ هي دابة.
يحيى بن خلف صدوق، أخرج له مسلم وأبو داود وابن ماجة.
[ حدثنا أبو عاصم ].
هو الضحاك بن مخلد أبو عاصم النبيل ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ حدثنا ابن جريج ].
عبد الملك بن عبد العزيز بن جريج المكي ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن عطاء ].
عطاء بن أبي رباح وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
هذا الحديث من جملة الأحاديث المتعلقة بالطيرة، قوله: (ذكرت الطيرة عند النبي صلى الله عليه وسلم فقال: أحسنها الفأل) الفأل: هو الشيء الذي يتفاءل به ويحصل السرور به، مثل الكلمة الطيبة الحسنة يسمعها الإنسان، والنبي صلى الله عليه وسلم كان يسر عندما يسمع الاسم الحسن، وقد ذكرنا أنه في صلح الحديبية لما أقبل سهيل بن عمرو قال عليه الصلاة والسلام: (سهل أمرنا) وأخذه من لفظة سهيل.
قوله: (ولا ترد مسلماً) يعني: أن الإنسان لا يكون إقدامه وإحجامه مبنياً على التطير، بل يمضي إلى الشيء الذي أراده معتمداً على الله ومتوكلاً عليه، ويحجم عن الشيء الذي لا يريده -إذا رأى المصلحة في الإحجام- متوكلاً على الله، ولا يكون التطير هو الذي يبعثه على ذلك.
وفي هذا الحديث أن من وجد شيئاً من ذلك يقول: (اللهم! لا يأتي بالحسنات إلا أنت، ولا يدفع السيئات إلا أنت، ولا حول ولا قوة إلا بك)، لكن هذا الحديث في إسناده ضعف، فراوي الحديث مختلف في صحبته، وفيه أيضاً حبيب بن أبي ثابت وهو مدلس ويرسل، وقد روى هنا بالعنعنة.
أحمد بن محمد بن حنبل الشيباني الإمام الفقيه المحدث، أحد أصحاب المذاهب الأربعة المشهورة من مذاهب أهل السنة، وحديثه أخرجه أصحاب الكتبة الستة.
[ وأبو بكر بن أبي شيبة ].
هو عبد الله بن محمد ثقة، أخرج له أصحاب الكتبة الستة إلا الترمذي ، وهو أكثر الشيوخ الذين خرج عنهم مسلم في صحيحه، ولم يخرج في صحيحه عن شخص كما خرج عن أبي بكر بن أبي شيبة ، إذ بلغت الأحاديث التي رواها عنه ألفاً وخمسمائة حديث.
[ حدثنا وكيع ].
وكيع بن الجراح الرؤاسي الكوفي ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ سفيان ].
سفيان بن سعيد بن مسروق الثوري ثقة فقيه، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن حبيب بن أبي ثابت ].
حبيب بن أبي ثابت ثقة يرسل ويدلس، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
[عن عروة بن عامر ].
عروة بن عامر رضي الله عنه مختلف في صحبته، أخرج له أصحاب السنن.
أورد أبو داود حديث بريدة بن الحصيب رضي الله عنه، وهو يدل على استحباب اختيار الأسماء الحسنة في كل شيء سواء بالنسبة للأولاد من الذكور والبنات، وكذلك أسماء الأماكن، فيختار الأسماء الحسنة ويبتعد عن الأسماء السيئة.
مسلم بن إبراهيم الفراهيدي ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ حدثنا هشام ].
هشام الدستوائي ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن قتادة ].
قتادة بن دعامة السدوسي البصري ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن عبد الله بن بريدة ].
عبد الله بن بريدة ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن أبيه ].
بريدة بن الحصيب الأسلمي رضي الله عنه وهو صحابي، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
أورد أبو داود حديث سعد بن مالك رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (لا عدوى ولا طيرة ولا هامة ولا صفر، وإن تكن الطيرة في شيء ففي المرأة والدار والفرس).
تقدم شرح أوله، وقوله: (وإن تكن الطيرة في شيء ففي المرأة والدار والفرس) يعني: إن كان هناك شؤم فإن ذلك يكون في هذه الأمور الثلاثة، وذلك لملازمتها للإنسان، فقد لا يطمئن الإنسان لداره أو لفرسه أو لامرأته، بل يبقى مشوش الفكر، والتخلص من ذلك وعدم الإبقاء عليه مما ينبغي؛ لأنها ليست من الأشياء التي تطرأ وتذهب ولا ارتباط لها بالإنسان، بل هي مرتبطة به بصفة دائمة، وهذا يدل على أن من حصل له شيء من ذلك في هذه الثلاث فإنه يتخلص منه؛ لعدم انشراح صدره لها وعدم اطمئنانه بها.
موسى بن إسماعيل التبوذكي البصري ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[حدثنا أبان ].
أبان بن يزيد العطار ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا ابن ماجة .
[حدثني يحيى ].
يحيى بن أبي كثير اليمامي ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن الحضرمي بن لاحق ].
الحضرمي بن لاحق لا بأس -أي: صدوق-، أخرج له أبو داود والنسائي .
[ عن سعيد بن المسيب ].
سعيد بن المسيب ثقة فقيه، أحد فقهاء المدينة السبعة في عصر التابعين، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن سعد بن مالك ].
هو سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأحد العشرة المبشرين بالجنة، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
أورد أبو داود حديث عبد الله بن عمر رضي الله تعالى عنهما مرفوعاً: (الشؤم في الدار والمرأة والفرس)، وهو مثل الحديث الذي قبله إلا أن الذي قبله فيه: (إن يكن الشؤم)، والشيخ الألباني تكلم على هذا الحديث وقال عنه: شاذ، والمحفوظ: (إن يكن الشؤم)، وهذا الحديث فيه الجزم بحصول الشؤم في هذه الأشياء الثلاثة، وأما ذاك فأخبر أنه إن يكن الشؤم حاصل فإنه يكون في هذه الأشياء الثلاثة.
وذكر الخطابي أن شؤم الدار ضيقها وسوء جوارها، وشؤم الفرس ألا يغزى عليها، وشؤم المرأة ألا تلد، وهذا من التفسيرات، وليس المعنى محصوراً في ذلك، فضيق البيت يجعل الإنسان غير مرتاح، وكذا الفرس التي لا يستفاد منها في الجهاد في سبيل الله، وكذا المرأة التي لا تلد، فهذا مما يجعل في النفس انقباض من هذه الأشياء، لكن لا يقال: إن الشؤم محصور فيها لهذا المعنى فقط.
عبد الله بن مسلمة بن قعنب القعنبي ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا ابن ماجة .
[حدثنا مالك ].
مالك بن أنس إمام دار الهجرة المحدث الفقيه، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن ابن شهاب ].
محمد بن مسلم بن عبيد الله بن شهاب ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن حمزة وسالم ابني عبد الله ].
حمزة وسالم ابنا عبد الله بن عمر ثقتان، أخرج لهما أصحاب الكتب الستة.
[ عن عبد الله بن عمر ].
عبد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنهما الصحابي الجليل، أحد العبادلة الأربعة من الصحابة، وأحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم.
أورد أبو داود أثراً عن مالك في تفسير الشؤم في الدار فقال: كم من دار سكنها قوم فهلكوا، ثم سكنها قوم فهلكوا! وهذا الشيء يجعل النفس لا تنشرح ولا ترتاح لسكنى تلك الدار.
قوله: [ قرئ على الحارث بن مسكين وأنا شاهد ].
الحارث بن مسكين ثقة، أخرج له أبو داود والنسائي .
وابن القاسم هو عبد الرحمن بن القاسم ثقة، أخرج له البخاري وأبو داود في المراسيل والنسائي .
أتى أبو داود بهذا الخبر الذي أضافه إلى عمر بلا إسناد أنه قال: حصير في البيت خير من امرأة لا تلد، وهذا فيه الإشارة إلى ما تقدم من أن شؤم المرأة أنها لا تلد، لكن لا نعلم ثبوت هذا عن عمر، وهذا الأثر معلق بلا إسناد.
أورد أبو داود هذا الحديث عن فروة بن مسيك رضي الله تعالى عنه أنه قال: (إن لنا أرضاً فيها ريفنا وميرتنا) الريف: المزارع، قوله: (وميرتنا) أي: قوتنا وطعامنا، فالميرة هي الطعام.
قوله: (دعها عنك؛ فإن من القرف التلف)، القرف: مقاربة الشيء الذي يترتب عليه التأثر والتضرر، وقد يؤدي ذلك إلى التلف لكونه يقارب الوباء ويكون قريباً منه.
والحديث في إسناده رجل مبهم غير مسمى، والراوي عنه فيه كلام، فالحديث غير صحيح.
مخلد بن خالد ثقة، أخرج له مسلم وأبو داود .
[ وعباس العنبري ].
عباس بن عبد العظيم العنبري ثقة، أخرج له البخاري تعليقاً ومسلم وأصحاب السنن.
[ حدثنا عبد الرزاق ].
عبد الرزاق بن همام الصنعاني اليماني ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ أخبرنا معمر ].
معمر بن راشد الأزدي البصري ثم اليماني ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن يحيى بن عبد الله بن بحير ].
يحيى بن عبد الله بن بحير وهو مستور، أخرج له أبو داود .
[ أخبرني من سمع فروة بن مسيك ].
فهنا رجل مبهم بين يحيى وبين فروة بن مسيك، وفروة بن مسيك رضي الله عنه صحابي، أخرج له أبو داود والترمذي .
قوله: (دعوها ذميمة) يعني: دعوا الدار الثانية الذي حصل فيها قلة عددكم وأموالكم، وفيه الإشارة إلى الشؤم في الدار.
الحسن بن يحيى صدوق، أخرج له أبو داود .
[حدثنا بشر بن عمر ].
بشر بن عمر ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن عكرمة بن عمار ].
عكرمة بن عمار وهو صدوق يغلط، أخرج له البخاري تعليقاً ومسلم وأصحاب السنن.
[ عن إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة ].
إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن أنس بن مالك ].
أنس بن مالك صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم.
أورد أبو داود حديث جابر رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم أخذ يد مجذوم ووضعها معه في القصعة وقال: (كل ثقة بالله وتوكلاً عليه)، وهذا يدل أن الجذام والوباء لا ينتقل إلى الصحيح من حيث الطبع بمقاربة هذا لهذا، وإنما يرجع إلى الله سبحانه وتعالى، فقد يوجد السبب ويتخلف المسبب، والحديث في إسناده رجل ضعيف فهو غير صحيح.
عثمان بن أبي شيبة ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا الترمذي وإلا النسائي فقد أخرج له في عمل اليوم والليلة.
[ حدثنا يونس بن محمد ].
يونس بن محمد ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ حدثنا مفضل بن فضالة ].
مفضل بن فضالة ضعيف، أخرج له أبو داود والترمذي وابن ماجة .
[ عن حبيب بن الشهيد ].
حبيب بن الشهيد ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن محمد بن المنكدر ].
محمد بن المنكدر ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن جابر ].
جابر بن عبد الله الأنصاري رضي الله تعالى عنهما صحابي، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر