إسلام ويب

شرح سنن أبي داود [444]للشيخ : عبد المحسن العباد

  •  التفريغ النصي الكامل
  • من ملك ذا رحم أو قريباً من أقربائه فإنه يعتق عليه بمجرد ملكه له، ومن وطئ أمة فحملت منه لم يجز له بيعها، وإن ولدت له أصبحت أم ولد له تعتق بعد موت سيدها، ومن دبر غلاماً ثم احتاج إلى المال جاز له بيعه؛ لأنه وصية، والوصية يجوز تغييرها أو إلغاؤها.

    1.   

    ما جاء فيمن ملك ذا رحم محرم

    شرح حديث (من ملك ذا رحم محرم فهو حر)

    قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب فيمن ملك ذا رحم محرم.

    حدثنا مسلم بن إبراهيم وموسى بن إسماعيل قالا: حدثنا حماد بن سلمة عن قتادة عن الحسن عن سمرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم.

    وقال موسى في موضع آخر: عن سمرة بن جندب رضي الله عنه فيما يحسب حماد ، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (من ملك ذا رحم محرم فهو حر) ].

    قال الإمام أبو داود السجستاني رحمه الله تعالى: [ باب فيمن ملك ذا رحم محرم ]، أي: فإنه يكون حراً بملكه إياه، وذلك بأن يملك قريبه أو من كان ذا رحم محرم.

    وضابط ذي الرحم المحروم أن يفترض أحدهما أنثى فلا يجوز للآخر أن يتزوجها لوجود المحرمية فيما بينهما.

    فكل من ملك ذا رحم محرم فإنه يعتق عليه بذلك، فلا يكون الملك في حق من يكون من محارمه وأقاربه.

    وبعض أهل العلم قيد ذلك بالآباء والأبناء، ولكن الذي ورد في الحديث هو ما كان بهذا الوصف، فكل من كان كذلك فإنه بمجرد ملكه إياه يكون حراً ويعتق عليه، وذلك لأن مقتضى الملك أن يكون عبداً له وتكون منافعه له، فذو الرحم المحرم لا يليق في حقه إذلاله، وأن يكون بمنزلة المملوكين الذين يباعون ويشترون ويستخدمون، بل بمجرد ملكه إياه يعتق عليه.

    وقد أورد أبو داود حديث سمرة بن جندب رضي الله تعالى عنه: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (من ملك ذا رحم محرم فهو حر)، يعني: ذلك الذي يملكه ممن هو بهذا الوصف يكون حراً بمجرد ملكه إياه ويعتق، ولا تبقى العبودية إذا ملكه من هو من محارمه.

    والحديث جاء عن الحسن عن سمرة مرفوعاً وجاء موقوفاً، ولكنه جاء من وجه آخر عن عبد الله بن عمر وهو يشهد لذلك، فيكون الحكم الذي دل عليه حديث سمرة معتبراً صحيحاً، وأن من ملك ذا رحم محرم فإنه يعتق عليه ويكون حراً، ولا يبقى رقيقاً لمن هو من محارمه.

    تراجم رجال إسناد حديث (من ملك ذا رحم محرم فهو حر)

    قوله: [ حدثنا مسلم بن إبراهيم ].

    مسلم بن إبراهيم الفراهيدي ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

    [ وموسى بن إسماعيل ].

    موسى بن إسماعيل التبوذكي البصري ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

    [ حدثنا حماد بن سلمة ].

    حماد بن سلمة بن دينار البصري ، ثقة، أخرج له البخاري تعليقاً ومسلم وأصحاب السنن.

    [ عن قتادة ].

    قتادة بن دعامة السدوسي البصري ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

    [ عن الحسن ].

    الحسن بن أبي الحسن البصري ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

    [ عن سمرة ].

    سمرة بن جندب رضي الله تعالى عنه صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.

    [ وقال موسى في موضع آخر: عن سمرة بن جندب فيما يحسب حماد ].

    يعني: أنه ظن.

    قال أبو داود : [ روى محمد بن بكر البرساني عن حماد بن سلمة عن قتادة ، وعاصم عن الحسن عن سمرة عن النبي صلى الله عليه وسلم مثل ذلك الحديث ].

    أورد أبو داود رحمه الله طرقاً معلقة فيها بيان وجود ذلك عن الحسن عن سمرة كما تقدم.

    [ محمد بن بكر البرساني ].

    محمد بن بكر البرساني صدوق قد يخطئ، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

    [ عن حماد عن قتادة ، وعاصم عن الحسن ].

    حماد وقتادة مر ذكرهما، وأما عاصم ففي ترجمة الحسن بن أبي الحسن ما وجدت أحداً اسمه عاصم يروي عنه، ولا أدري هل هو عاصم بن أبي النجود أو عاصم بن سليمان الأحول ، وهؤلاء كما هو معلوم من رجال الكتب الستة، ولكنه ما ذكر في الرواة عن الحسن بن أبي الحسن من اسمه عاصم.

    قال أبو داود : [ ولم يحدث ذلك الحديث إلا حماد بن سلمة ، وقد شك فيه ].

    أي قال: فيما أحسب، كما مضى.

    شرح حديث (من ملك ذا رحم محرم فهو حر) من طريق ثانية وتراجم رجال إسناده

    قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا محمد بن سليمان الأنباري حدثنا عبد الوهاب عن سعيد عن قتادة أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: من ملك ذا رحم محرم فهو حر ].

    أورد أبو داود هذا الأثر عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه قال: [من ملك ذا رحم محرم فهو حر]، وهذا أثر موقوف على عن عمر ، وفيه انقطاع؛ لأن قتادة لم يدرك عمر بن الخطاب رضي الله عنه.

    قوله: [ حدثنا محمد بن سليمان الأنباري ].

    محمد بن سليمان الأنباري ، صدوق أخرج له أبو داود .

    [ حدثنا عبد الوهاب ].

    عبد الوهاب بن عبد المجيد الثقفي ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

    وفي بعض طرق هذا الحديث ذكروا عبد الوهاب بن عطاء الخفاف ، وهو صدوق ربما أخطأ، أخرج له البخاري في خلق أفعال العباد ومسلم وأصحاب السنن.

    [ عن سعيد عن قتادة ].

    سعيد بن أبي عروبة ، وهو ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة، وقتادة مر ذكره، وعمر بن الخطاب هو أمير المؤمنين وثاني الخلفاء الراشدين الهادين المهديين، صاحب المناقب الجمة، والفضائل الكثيرة، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.

    شرح حديث (من ملك ذا رحم محرم فهو حر) من طريق ثالثة وتراجم رجال إسناده

    قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا محمد بن سليمان حدثنا عبد الوهاب عن سعيد عن قتادة عن الحسن قال: من ملك ذا رحم محرم فهو حر ].

    أورد أبو داود هذا الأثر وهو موقوف على الحسن : [ من ملك ذا رحم محرم فهو حر ].

    قوله: [ حدثنا محمد بن سليمان حدثنا عبد الوهاب عن سعيد عن قتادة عن الحسن ].

    وقد مر ذكر هؤلاء جميعاً.

    شرح حديث (من ملك ذا رحم محرم فهو حر) من طريق رابعة وتراجم رجال إسناده

    قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة حدثنا أبو أسامة عن سعيد عن قتادة عن جابر بن زيد والحسن مثله ].

    أورد أبو داود الأثر عن جابر بن زيد ، وهو أبو الشعثاء ، وعن الحسن مثل ما تقدم، أي: موقوف عليهما.

    قوله: [ حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة ].

    هو عبد الله بن محمد ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا الترمذي .

    [ حدثنا أبو أسامة ].

    أبو أسامة هو حماد بن أسامة ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

    [ عن سعيد عن قتادة عن جابر بن زيد ].

    سعيد وقتادة مر ذكرهما، وجابر بن زيد هو أبو الشعثاء ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

    الحسن مثله ].

    وقد مر ذكره.

    [ قال أبو داود : سعيد أحفظ من حماد ].

    يعني: في روايته عن قتادة ، فهناك حماد يروى عن قتادة ، وهنا سعيد يروي عن قتادة ، وسعيد إنما جاء به موقوفاً على الحسن وعلى الحسن وجابر بن زيد .

    والخلاصة: أن من ملك ذا رحم مثل أم زوجته فإنها تعتق عليه؛ لأنها من محارمه، وكذلك إذا ملكت المرأة أبا زوجها؛ لأنه من محارمها، وكذلك زوجة الأب إن كان الأب كافراً، وإن كان الكافر لا يكون تحته مسلمة، لكن يبدو أن الحكم عام؛ لأنه قال: (ذا رحم محرم)، فما دام أبوه قد عقد عليها وهو زوجها ولو كان ذلك في حال الكفر؛ لأنه لا يقال: إنها تحل لابنه.

    وقوله: (ذا رحم محرم) يخرج به ابن العم وابن العمة؛ لأنهما ليسا من ذوي المحارم.

    1.   

    ما جاء في عتق أمهات الأولاد

    شرح حديث (... أعتقوها فإذا سمعتم برقيق...)

    قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب في عتق أمهات الأولاد.

    حدثنا عبد الله بن محمد النفيلي حدثنا محمد بن سلمة عن محمد بن إسحاق عن خطاب بن صالح مولى الأنصار عن أمه عن سلامة بنت معقل رضي الله عنها -امرأة من خارجة قيس عيلان- قالت: قدم بي عمي في الجاهلية فباعني من الحباب بن عمرو أخي أبي اليسر بن عمرو ، فولدت له عبد الرحمن بن الحباب ، ثم هلك، فقالت امرأته: الآن والله تباعين في دينه، فأتيت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فقلت: (يا رسول الله! إني امرأة من خارجة قيس عيلان، قدم بي عمي المدينة في الجاهلية فباعني من الحباب بن عمرو أخي أبي اليسر بن عمرو ، فولدت له عبد الرحمن بن الحباب ، فقالت امرأته: الآن والله تباعين في دينه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من ولي الحباب ؟ قيل: أخوه أبو اليسر بن عمرو ، فبعث إليه، فقال: أعتقوها، فإذا سمعتم برقيق قدم علي فائتوني أعوضكم منها، قالت: فأعتقوني، وقدم على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم رقيق فعوضهم مني غلاماً) ].

    أورد أبو داود باب في عتق أمهات الأولاد وأمهات الأولاد من الإماء اللاتي يحصل وطؤهن ثم تلد إحداهن لسيدها ولداً وهي أمة، فيقال لها: أم ولد.

    وأمهات الأولاد اختلف العلماء في حكم بيعهن: هل يبعن أو لا يبعن؟ فمن العلماء من قال بجواز بيعهن، وأنهن مثل الإماء، ومنهم من قال: إن أمهات الأولاد لا يبعن، وإنما يبقين مع السادة حتى يموتوا، حتى يموت، وإذا ماتوا فإنهن يعتقن بمجرد موتهم، وقد وردت الأحاديث في بيعهن وعدم بيعهن، وقد كان الصحابة رضي الله عنهم وأرضاهم عندما يقسم عليهم السبي كانوا بحاجة إلى غشيان الإماء، ولكنهم كانوا يعزلون، وذلك من أجل ألا يحملن؛ لأنهن إذا حملن لم يتمكنوا من التصرف فيهن، لأنهن يصرن أمهات أولاد، وأمهات الأولاد لا يبعن ولا يستفيد الإنسان منهن من حيث البيع والشراء والإهداء والهبة وما إلى ذلك، وإنما تبقى وتعتق بعد موته، فكانوا إذا جامعوهن عزلوا لئلا يحملن؛ لأنهن يصرن به أمهات أولاد فلا يتمكنون من الاستفادة منهن بالتصرف، فالخلاف حاصل في هذه المسألة: فمنهم من أجاز البيع ومنهم من لم يجزه.

    وقد أورد أبو داود جملة من الأحاديث في ذلك، منها: حديث: سلامة بنت معقل ، فقد قدم بها عمها في الجاهلية وباعها على رجل يقال له الحباب أخو أبي اليسر ، وولدت له ابناً اسمه عبد الرحمن ، ومعنى ذلك: أنها صارت أم ولد، ثم إنه مات عنها، والحكم في أمهات الأولاد أنهن يعتقن، فقالت امرأته: لتباعين في دين عليه، أي: أنه كان عليه دين وأنت مملوكة له، فأنت تباعين وقيمتك تدفع ثمناً لسداد الدين الذي عليه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من ولي الحباب ؟ قالوا: أخوه أبو اليسر ، فجاء إليه وأخبره وقال: أعتقوها وأعوضكم عنها من الفيء الذي سيأتي، فلما جاءه سبي أعطاهم مكانها غلاماًً.

    وهذا فيه: عدم بيع أمهات الأولاد، وفيه أيضاً ما يدل على أنه قد حصل التعويض، وحصول التعويض يشعر بأن الحكم فيه شيء من ناحية أنه ليس هناك مجرد عتق لوجود التعويض، وقيل: إن هذا إكرام من الرسول صلى الله عليه وسلم.

    والحديث ضعيف غير ثابت؛ لأن في إسناده امرأة مجهولة لا يعرف حالها، وابنها الذي يروي عنها مقبول، وهو خطاب بن صالح فالحديث غير صحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم.

    تراجم رجال إسناد حديث (... أعتقوها فإذا سمعتم برقيق...)

    قوله: [ حدثنا عبد الله بن محمد النفيلي ].

    عبد الله بن محمد النفيلي ثقة، أخرج حديثه البخاري وأصحاب السنن.

    [ حدثنا محمد بن سلمة ].

    محمد بن سلمة الباهلي الحراني ، وهو ثقة أخرج حديثه البخاري في جزء القراءة ومسلم وأصحاب السنن، وهذا في طبقة شيوخ شيوخ أبي داود ؛ وأبو داود يروي عن اثنين يمسى بمحمد بن سلمة: أحدهما في طبقة شيوخه، والثاني في طبقة شيوخ شيوخه، فإذا جاء محمد بن سلمة شيخ لـأبي داود فالمراد به المرادي المصري ، وإذا جاء محمد بن سلمة في طبقة شيوخ شيوخه يروي عنه أبو داود بواسطة فيراد به الحراني الباهلي ، وهذا في طبقة شيوخ شيوخه، فهو الحراني الباهلي ، وهو -كما قلت- ثقة أخرج حديثه البخاري في جزء القراءة ومسلم وأصحاب السنن.

    [ عن محمد بن إسحاق ].

    محمد بن إسحاق المدني ، صدوق أخرج حديثه البخاري تعليقاً ومسلم وأصحاب السنن.

    [ عن خطاب بن صالح ].

    خطاب بن صالح مقبول، أخرج له أبو داود .

    [ عن أمه ].

    وهي لا تعرف، أخرج لها أبو داود .

    [ عن سلامة بنت معقل ].

    سلامة بنت معقل صحابية أخرج لها أبو داود .

    شرح حديث (بعنا أمهات الأولاد على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم...)

    قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا موسى بن إسماعيل حدثنا حماد عن قيس عن عطاء عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما أنه قال: (بعنا أمهات الأولاد على عهد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وأبي بكر رضي الله عنه، فلما كان عمر رضي الله عنه نهانا فانتهينا) ].

    أورد حديث جابر قال: (بعنا أمهات الأولاد على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر الصديق ، فلما كان عمر نهانا فانتهينا)، وهذا قيل فيه: لعل الأمر كان سائغاً في زمن النبي صلى الله عليه وسلم، ثم حصل النهي عنه ولكنه لم ينتشر لقلته وندرته، ولكون عهد أبي بكر كان قصيراً ومدته وجيزة؛ لأنها سنتان وأشهر، ولما جاء زمن عمر رضي الله عنه حصل ذلك، فنهاهم عمر رضي الله تعالى عنه عن ذلك؛ لأنه قد جاء شيء يدل عليه، فانتهوا عن ذلك الذي كانوا يفعلونه من قبل.

    تراجم رجال إسناد حديث (بعنا أمهات الأولاد على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم...)

    قوله: [ حدثنا موسى بن إسماعيل حدثنا حماد عن قيس ].

    قيس هو قيس بن سعد المكي وهو ثقة أخرج حديثه البخاري تعليقاً ومسلم وأبو داود والنسائي وابن ماجة .

    [ عن عطاء ].

    عطاء بن أبي رباح المكي ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

    [ عن جابر ].

    جابر بن عبد الله الأنصاري رضي الله عنهما، صحابي ابن صحابي، وهو أحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم.

    أحكام أمهات الأولاد

    الراجح في المسألة: أن أمهات الأولاد لا يبعن، ويدل لذلك أيضاً الحديث الذي أشرت إليه، وهو أنهم كانوا يعزلون من أجل ألا تحمل، ولو كان الأمران سيان ما احتاجوا إلى العزل، لكنهم كانوا يعزلون من أجل ألا تكون أم ولد، وهذا هو سبب العزل كما في حديث جابر : (كنا نعزل والقرآن ينزل، لو كان شيء ينهى عنه لنهانا عنه القرآن)، فكانوا يعزلون لئلا تحمل الإماء فيكن أمهات أولاد، وهذا قد جاء في بعض الأحاديث في السبي أنهم قسم عليهم السبي فكانوا يطئونهن ويعزلون؛ لئلا يحصل الحمل، فقوله: (كنا نعزل والقرآن ينزل) يدل على جواز العزل، وهم إنما فعلوا أمراً جائزاً، والرسول صلى الله عليه وسلم لم ينه عن العزل، وإنما أخبر أن العزل لا يرد شيئاً قدره الله؛ لأن الله إذا قدر الولد فإنه يحصل الحمل ولو وجد العزل، فقد تندفق نقطة وقطرة يكون بها الحمل من غير اختيار الإنسان، وقد جاء في صحيح مسلم في نفس أحاديث العزل: (ليس من كل المني يكون الولد)، معناه: أن الولد يكون بشيء يسير جداً قد يفوت ويتسرب فيكون منه الولد، ومعناه: أن الحمل قد يكون مع وجود عزل، بل إن شيئاً يسيراً جداً قد يحصل به فوات الحرص ويحصل به الحمل بإذن الله.

    ولا تعتق الأمة بمجرد أن تلد لسيدها، بل تبقى في ملكه، وليس له أن يبيعها وهو يستمتع بها، وإذا مات عتقت عليه، ولا تعتق في الحال؛ ولو عتقت في الحال لم يبق مجال للبيع، ولكن كون هناك فترة موجودة بين ولادتها وبين موت سيدها فإنها لا تباع في هذه الفترة، وتعتق بموته.

    ولا يجوز بيع الأمة وهي حامل، وأولاد الإماء تبع للإماء في الرق، فإذا كانت الأمة رقيقة فإن يكون ولدها يكون رقيقاً، إلا في بعض الأحوال المستثناة وهي: إذا تزوج الإنسان الحر أمة واشترط أن يكون ولده حراً، فهنا لا يكون تابعاً لها، فالحر يجوز له أن يتزوج الأمة إذا عجز عن الحرة ولم يستطع الطول الذي يتزوج به الحرة، ولكنه إذا اشترط حرية ولده فإن الولد يكون حراً.

    وأما من حملت منه فهي أم ولد له، وليس له أن يبيعها، ومعنى أنه يبعها أن يبيع ولده؛ لأن الذي في بطنها ولد له، ولكن الكلام في ما إذا كانت متزوجة وقد حملت، فإن الذي يملكها يبيعها، ومعلوم أن ولدها إنما هو تابع لها في الرق إلا فيما استثني.

    وهناك مسألة أخرى وهي: مسألة الغرر، وهذه ذكروها في مباحث الفرائض فيما يتعلق بموانع الإرث، وهي: الرق والقتل واختلاف الدين.

    وقد ورد في سنن النسائي : (كنا نبيع سرارينا أمهات الأولاد والنبي صلى الله عليه وسلم حي لا يرى بذلك بأساً)، وهذا يجاب عليه بما مر عن جابر : أنهم كانوا يفعلون ذلك في حياة الرسول صلى الله عليه وسلم ولكنه نسخ، فقد جاء عن عمر أنه نهاهم عنه فيما بعد.

    1.   

    ما جاء في بيع المدبر

    شرح حديث (أن رجلاً أعتق غلاماً عن دبر منه ولم يكن له مال غيره...)

    قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب في بيع المدبر.

    حدثنا أحمد بن حنبل حدثنا هشيم عن عبد الملك بن أبي سليمان عن عطاء وإسماعيل بن أبي خالد عن سلمة بن كهيل عن عطاء عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما: (أن رجلاً أعتق غلاماً له عن دبر منه ولم يكن له مال غيره، فأمر به النبي صلى الله عليه وآله وسلم فبيع بسبعمائة أو بتسعمائة) ].

    أورد أبو داود رحمه الله: [ باب في بيع المدبر ]، والمدبر: هو الذي يعلق السيد عتقه على وفاته، فيقول: إنه حر بعد وفاته، ويوصي أو يكتب ذلك.

    وقيل له: مدبر؛ لأن العتق علق على الموت، والموت دبر الحياة، أي: بعد الحياة، فالعتق لم يكن ناجزاً وإنما كان معلقاً بالموت، فلهذا قيل له: المدبر، والتدبير: هو العتق بعد الموت، والعتق بعد الموت يعتبر وصية، وللإنسان أن يرجع في هذه الوصية وأن يبقيها، ولكنها تحسب من الثلث، ويكون هذا الذي أعتق عن دبر بعد الموت من جملة الثلث.

    وفي هذا الحديث: (أن رجلاً أعتق غلاماً له عن دبر بعد الموت ولم يكن له مال غيره، وكان بحاجة إلى مال، فالرسول باعه وأعطاه إياه، وقال: أنفقه على نفسك فأنت أولى به ما دمت فقيراً) فقيمته تنفقها على نفسك وتستفيد منها، وإذا علق الإنسان ذلك على الموت وهو بحاجة فإنه يبيع ذلك الغلام ويستفيد منه؛ لأن هذا من جملة الوصية، والوصية يمكن تغييرها، ويمكن الرجوع عنها، ويمكن تركها.

    تراجم رجال إسناد حديث (أن رجلاً أعتق غلاماً عن دبر منه ولم يكن له مال غيره...)

    قوله: [ حدثنا أحمد بن حنبل ].

    أحمد بن محمد بن حنبل الشيباني الإمام، ثقة فقيه أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.

    [ حدثنا هشيم ].

    هشيم بن بشير الواسطي ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

    [ عن عبد الملك بن أبي سليمان ].

    عبد الملك بن أبي سليمان ، وهو صدوق له أوهام، أخرج حديثه البخاري تعليقاً ومسلم وأصحاب السنن.

    [ عن عطاء ].

    عطاء بن أبي رباح ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

    [ وإسماعيل بن أبي خالد ].

    إسماعيل بن أبي خالد ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

    [ عن سلمة بن كهيل ].

    سلمة بن كهيل ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

    [ عن عطاء عن جابر ].

    وجابر هو ابن عبد الله مر ذكره.

    شرح حديث (...أنت أحق بثمنه والله أغنى عنه)

    قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا جعفر بن المسافر حدثنا بشر بن بكر أخبرنا الأوزاعي حدثني عطاء بن أبي رباح حدثني جابر بن عبد الله بهذا، زاد: وقال -يعني النبي صلى الله عليه وآله وسلم-: (أنت أحق بثمنه، والله أغنى عنه) ].

    أورد أبو داود حديث جابر من طريق أخرى وفيه: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (أنت أحق بثمنه، والله أغنى عنه) المقصود: أن الإنسان يعتق وهو قادر متمكن، وأما أن يكون الإنسان بحاجة وهو فقير فهو أولى به.

    ولو مات حسبت قيمة العبد من ثلث التركة كما سيأتي، ولكنه باعه وهو حي، وأعطاه قيمته وتخلص منه، ولم يقره على ذلك، بل باعه وأعطاه إياه، فدل هذا على جواز بيع المدبر؛ لأنه محتاج إليه.

    تراجم رجال إسناد حديث (... أنت أحق بثمنه، والله أغنى عنه)

    قوله: [ حدثنا جعفر بن المسافر ].

    جعفر بن المسافر، صدوق ربما أخطأ، أخرج له أبو داود والنسائي وابن ماجة .

    [ حدثنا بشر بن بكر ].

    بشر بن بكر ثقة، أخرج له البخاري وأبو داود والنسائي وابن ماجة .

    [ أخبرنا الأوزاعي ].

    هو عبد الرحمن بن عمرو الأوزاعي ، ثقة فقيه، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

    [ عن عطاء بن أبي رباح حدثني جابر ].

    عطاء بن أبي رباح وجابر مر ذكرهما.

    شرح حديث (... إذا كان أحدكم فقيراً فليبدأ بنفسه...)

    قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا أحمد بن حنبل حدثنا إسماعيل بن إبراهيم حدثنا أيوب عن أبي الزبير عن جابر رضي الله عنه: (أن رجلاً من الأنصار يقال له: مذكور ، أعتق غلاماً له يقال له يعقوب عن دبر، ولم يكن له مال غيره، فدعا به رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: من يشتريه؟ فاشتراه نعيم بن عبد الله بن النحام رضي الله عنه بثمانمائة درهم، فدفعها إليه، ثم قال: إذا كان أحدكم فقيراً فليبدأ بنفسه، فإن كان فيها فضل فعلى عياله، فإن كان فيها فضل فعلى ذي قرابته، أو قال: على ذي رحمه، فإن كان فضلاً فهاهنا وهاهنا) ].

    أورد أبو داود حديث جابر رضي الله عنه (أن رجلاً من الأنصار يقال له أبو مذكور ) أعتق عبداً له عن دبر، ولم يكن له مال غيره، فالرسول صلى الله عليه وسلم باعه بثمانمائة درهم وأعطاه إياها، وقال: (إذا كان أحدكم فقيراً فليبدأ بنفسه، ثم على من يعول، ثم يفرق هاهنا وهاهنا إذا كان زائد).

    تراجم رجال إسناد حديث (... إذا كان أحدكم فقيراً فليبدأ بنفسه...)

    قوله: [ حدثنا أحمد بن حنبل حدثنا إسماعيل بن إبراهيم ].

    إسماعيل بن إبراهيم بن علية ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

    [ حدثنا أيوب ].

    أيوب بن أبي تميمة السختياني ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

    [ عن أبي الزبير ].

    أبو الزبير هو محمد بن مسلم بن تدرس المكي ، صدوق، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

    [ عن جابر ].

    جابر مر ذكره.

    1.   

    الأسئلة

    حكم عتق العبد إذا أسلم وحسن إسلامه

    السؤال: هل يجب إعتاق العبد إذا أسلم وحسن إسلامه؟

    الجواب: الاسترقاق سببه الكفر، فقد يبقى العبد على كفره وقد يسلم، فأما عن الوجوب فلا يجب عتق العبد ولو أسلم، ولكن -كما هو معلوم- أن الشريعة جاءت بالترغيب في العتق وتسهيل الوصول إليه، وجاء ذكر الكفارات في ذلك، وأن الإعتاق مقدم في كثير من الكفارات.

    حكم الزواج بالأمة الموطوءة حال العتق

    السؤال: إذا أعتق الحر أمة وقد وطئها قبل ذلك ثم أعتقها، فهل يجوز له أن يطأها أو لا بد من أن يعقد عقد نكاح لأنها صارت حرة؟

    الجواب: إذا أعتقها ملكت نفسها، وإذا قبلت الزواج به فله أن يعقد عليها.

    درجة رواية الضحاك عن ابن عباس في التفسير

    السؤال: ما درجة رواية الضحاك عن ابن عباس رضي الله عنهما في التفسير؟

    الجواب: لا أذكر، لكنني ذكرت في الفوائد المنتقاة، بعض الطرق عن ابن عباس في التفسير.

    حكم العزل

    السؤال: ما حكم العزل؟

    الجواب: العزل جائز؛ لحديث: (كنا نعزل والقرآن ينزل، ولو كان شيء ينهى عنه لنهانا عنه القرآن)، ولكنه لا يعزل عن الحرة إلا بإذنها وبموافقتها.

    حكم الرجوع في الصدقة

    السؤال: هل في الحديث الأخير الرجوع في الصدقة؟

    الجواب: الحديث فيه الإقرار بأن الإنسان يتصدق على نفسه أولاً؛ فلا يوسع على غيره ويضيق على نفسه، فهو ومن يعول أولى.

    صورة عتق الأب

    السؤال: كيف ينزل حديث: (من يشتري أباه فيعتقه)، كما جاء في الحديث؛ فهل بمجرد الشراء يكون حراً؟

    الجواب: نعم، بمجرد دخوله في ملكه يكون حراً.

    كيفية بيع الذهب

    السؤال: ما هي كيفية بيع الذهب؟

    الجواب: إذا بيع ذهب بذهب فلا بد من التساوي، ولا بد من التقابض، ولا بد من التماثل في الوزن، ولو كان أحدهما جيداً والثاني رديئاً، فلا بد من التقابض في الحال، وأما إن باع الذهب بفضة أو بعملة من العمل فلا بد من التقابض، والتفاضل سائغ؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: (فإذا اختلفت هذه الأجناس فبيعوا كيف شئتم إذا كان يداً بيد)، وقوله: (إذا كان يداً بيد) يريد به التقابض، فالحاصل: أنه إن كان بيع ذهب بذهب فلا بد من التماثل والتقابض، وإن كان ذهب بغيره فلا بد من التقابض، والتفاضل لا بأس به.

    شرح حديث (رأيت ربي في أحسن صورة)

    السؤال: قول النبي صلى الله عليه وسلم: (رأيت ربي في أحسن صورة)، هل يدل على أنه كان في اليقظة؟

    الجواب: هذا الحديث في المنام، وأما اليقظة فلم ير النبي صلى الله عليه وسلم ربه، وفي ليلة المعراج سئل رسول الله عليه الصلاة والسلام: هل رأيت ربك؟ فلم يقل: نعم رأيته، ولو حصلت الرؤية لأخبر بها رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولكن جاء عنه ما يدل على عدم الرؤية، لأنه قال: (رأيت نوراً)، وقال: (نور أنى أراه؟!)، يعني: كيف أراه وقد منعني النور من رؤيته، ورؤية الله عز وجل ادخرها الله عز وجل في الدار الآخرة لتكون أكمل نعيم يكون لأهل دار النعيم، ولم يشأ أن يرى في الدنيا؛ لأنه لو رئي في الدنيا لصار نعيم الآخرة في الدنيا قبل الآخرة، وقد جاء في صحيح مسلم عن النبي عليه الصلاة والسلام أنه قال: (إنكم لن تروا ربكم حتى تموتوا)، فالله شاء ألا يرى في الدنيا؛ لأن رؤية الله أكمل نعيم في الجنة، ولو حصلت الرؤية في الدنيا لكان نعيم الجنة جاء في الدنيا، ولهذا (لما صلى النبي صلى الله عليه وسلم بالناس صلاة الكسوف عرضت عليه الجنة والنار، فمد يده ليتناول عنقوداً من العنب من العناقيد المتدلية وهو يصلي، فلم يأخذ شيئاً، ولما فرغ من الصلاة قالوا: يا رسول الله! رأيناك مددت يدك كأنك تتناول شيئاً -فهم رأوا يده ممدودة إلى شيء وما رأوا ذلك الشيء الممدودة إليه يده صلى الله عليه وسلم، فقال: عرضت علي الجنة فرأيت عناقيد متدلية، فمددت يدي لآخذ عنقوداً، ولو أخذت منه لأكلتم ما بقيت الدنيا)، يعني: ولو أخذت منه عنقوداً لأكلتم من هذا العنقود إلى نهاية الدنيا، وهذا يبين عظم نعيم الجنة وعظم شأنه، وأن الله تعالى شاء ألا يأتي نعيم الجنة في الدنيا؛ حتى يتميز من يؤمن بالغيب ومن لا يؤمن بالغيب، فالذي يؤمن بالغيب ويصدق ذلك يجده في المستقبل، والذي لا يؤمن إلا بالمشاهدة والمعاينة لا يجده، فشاء الله تعالى ألا يشاهد نعيم الجنة في الدنيا حتى يتميز من يؤمن بالغيب ومن لا يؤمن بالغيب.

    حكم مكاتبة أم الولد

    السؤال: هل تجوز مكاتبة أم الولد؟

    الجواب: الذي يبدو أنه جائز؛ لأن هذا سبيل إلى المبادرة بعتقها.

    عتق الأمة بحملها وإن أسقطت

    السؤال: قال ابن القيم : والمحفوظ في رواية سفيان الثوري عن أبيه عن عكرمة عن عمر أنه قال في أم الولد: أعتقها ولدها وإن كان سقطاً، فما معنى ذلك؟

    الجواب: هذا يدل على أن السقط حكمه حكم المولود.

    زيارة القبر النبوي والسلام عليه عند الحجرة

    السؤال: هل هناك فرق بين زيارة القبر النبوي وبين السلام عليه عند الحجرة؟

    الجواب: زيارة القبر النبوي والسلام عليه عند الحجرة شيء واحد، فكونه يسلم عليه عند الحجرة هو نفس الزيارة، فهو يزور القبر ويسلم عند الحجرة، فلا فرق بين الشيئين المسئول عنهما.

    حكم تعبئة الكتب في كراتين السيجارة

    السؤال: هل يجوز شراء الكراتين التي تعبأ فيها علب السيجارة من المحلات التي تبيع هذه السيجارة حتى توضع فيها الكتب عند إرسالها إلى البلاد الأخرى؟

    الجواب: لا ينبغي أن تعبأ الكتب في كراتين السجاير، بل إن الإنسان إذا استعملها فإنه يتهم بأنه مورد سجاير، ويقولون عنه: إن معه دخاناً، وليس معه إلا كتب، ولكن المصيبة جاءت من الغلاف، فالإنسان لا ينبغي له أن يستعمل هذا الشيء، ولا تعبأ الكتب في أوعية الدخان.

    حكم ذبح الأضحية عن الميت

    السؤال: هل يجوز أن أضحى عن الميت، أو أتصدق عنه فقط؟

    الجواب: الأضحية جائزة، ولكن الأولى أن تكون من الحي عن نفسه وعن أمواته، وكونها تكون على الميت فقط لا نعلم دليلاً خاصاً بهذا، ولكن أن يكون تبعاً وأن الإنسان يضحي عن أحيائه وأمواته فإنه ينفعهم ذلك، وإن ضحى نرجو ألا يكون فيه محذور، لأن هذا من جملة الصدقة.

    حكم الدبلة في الأعراس

    السؤال: عند الزواج توجد عندنا عادة منتشرة وهي: أنه إذ يشترط على من يريد أن يتزوج أن يأتي بخاتم يعرف بـ(الدبلة) فهل هذا يجوز؟

    الجواب: على الخاطب أن يبين السنة ويقول: إن هذا أمر منكر ومحدث، ونحن مسلمون، والمسلمون يستسلمون لما جاء عن الله وعن رسوله صلى الله عليه وسلم، والرسول نهى عن التشبه بالكفار، وهذا من تقاليد الكفار، فيقنعهم بأن هذا غير سائغ، وأنه لا يفعل ذلك، فإن اقتنعوا وإلا فإنه يبحث عن أناس يتبعون السنة ولا يصرون على الأخذ بالبدعة.

    جواز مخالفة الوصية إن كانت للمضارة

    السؤال: إذا أوصى أحد بألا يباع عبده إن هو مات، وكان أهله فقراء في حاجة إلى بيعه، فهل يباع ويخالفون الوصية؟

    الجواب: ليس له ذلك، كيف يقول: لا يعتق أبداً؟ فالعتق مطلوب، وهو يملك ذلك في حياته، وأما بعد وفاته فليس له دخل.

    عدد ركعات صلاة التراويح

    السؤال: إذا وجدنا مسجدين الأول تصلى فيه صلاة التراويح إحدى وعشرين ركعة، وأكثر الناس يصلون فيه، ولكن يوجد فيه بعض الأفعال البدعية مثل الصلاة على النبي وعلى الخلفاء الراشدين بصوت مرتفع، والثاني: تصلى فيه إحدى عشرة ركعة، ولكن لا يصلي فيه إلا عدد قليل من المسلمين، ففي أيهما نصلي؟

    الجواب: أما قضية الصلاة إحدى وعشرين ركعة فمعلوم ليس هناك مانع يمنع منها، بل هي سائغة وجائزة؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: (صلاة الليل مثنى مثنى، فإذا خشي أحدكم الصبح أتى بركعة توتر له ما مضى)، فهذا يدلنا على أن الأمر في ذلك واسع، ولم يأت عن النبي صلى الله عليه وسلم شيء يقيد بإحدى عشرة ولا بثلاث عشرة، نعم هو فعل هذا ولكنه لم يقل: إنه لا يجوز الزيادة على ذلك، بل هذا الحديث يدل على جواز الزيادة، وهو قوله صلى الله عليه وسلم: (صلاة الليل مثنى مثنى، فإذا خشي أحدكم الصبح أتى بركعة توتر ما مضى).

    أما عن فعل الصلاة على النبي وعلى الخلفاء الراشدين بصوت مرتفع والمأمومون يجيبون بالصلاة عليهم؛ فلا شك أن هذا من الأمور المبتدعة، والواجب قبل كل شيء هو تنبيههم على هذا الشيء، وأنه لا يقال مثل هذا، فأما الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم فإن الإنسان يصلي عليه صلوات الله وسلامه وبركاته عليه بينه وبين نفسه، وأما أن يكون هناك أمور مبتدعة مثل هذا فالواجب هو تنبيههم، ولا شك أن المسجد الذي يصلى فيه وهو خال من البدع لا شك أنه الأولى، لكن إذا كان المسجد الذي يصلى فيه إحدى وعشرين ليس فيه أشياء محذورة والجماعة فيه كثيرة، فيكون مع هؤلاء الذين يصلون، ولا يقال: إن صلاة إحدى وعشرين ركعة خلاف السنة، بل هي من السنة، وهي داخلة فيما هو سائغ وجائز.

    أفضلية صلاة المرأة في بيتها

    السؤال: أيهما أفضل للمرأة: أن تصلي التراويح في بيتها منفردة، أو في مسجد جماعة؟

    الجواب: صلاة المرأة في بيتها أفضل في جميع الأحوال، في الفرائض والنوافل، وإن صلت في المسجد سواء فريضة أو تراويح فذلك جائز.

    وكذلك بالنسبة لليلة القدر؛ فهي في العشر الأواخر لكن ليست معلومة التحديد، والإنسان الذي يجتهد في العشر الأواخر يكون متحرياً لها، فإذا جاءت فهو على عمل صالح.

    فصلاة المرأة في بيتها أفضل في جميع الأحوال، سواء في العشر الأواخر أو قبلها أو بعدها، وإن جاءت المسجد في العشر أو في رمضان أو في سائر الشهور فإن ذلك جائز.

    حكم تناول المرأة لحبوب منع الحمل

    السؤال: متى يجوز للمرأة أن تتناول حبوب منع الحمل؟

    الجواب: إذا كانت المرأة مريضة والحمل يلحقها بها مضرة، أو أن الأولاد يتوالون فلا تستطيع القيام بهم، فلها أن تعمل شيئاً يؤخر الحمل ولا يقطعه، وأما قطع الحمل أصلاً فلا يجوز، ولكن كونها تحتاج إلى ذلك من أجل مرض فيها، أو من أجل توالي الأولاد وعدم قدرتها على القيام بهم؛ فإن لها أن تفعل ذلك مدة يسيرة.

    حكم استخدام كراتين السجارة

    السؤال: بالنسبة لكراتين الدخان إذا أزيلت الدعاية من على ظاهرها هل يمكن استخدامها؟

    الجواب: إذا أمكن أن تزال فلا بأس، لكن ما أدري هل يمكن أن تزال أو أنه تبقى الآثار والعلامة بينة، والذين يستعملون الدخان يعرفون أوعية الدخان، وننبه إلى أنه لا يصح أن يشتريها الإنسان أصلاً، لكن إذا وحدها وأراد أن يعبئها أي شيء وقد ذهبت الدعاية منها فلا بأس بذلك إن شاء الله، لكن إذا بقيت فيها علامات، أو أن أصحاب الدخان يعرفونها فما ينبغي للإنسان أنه يفعل هذا الشيء، وأما عن الشراء فلا؛ لأن هذا من التعاون على الإثم والعدوان؛ لأن ذاك يبيع الدخان ويبيع كراتين الدخان.

    حكم الذبح عن الميت وجمع الأقارب لذلك

    السؤال: هل يجوز ذبح ذبيحة في رمضان عن الميت وجمع الأقارب عليها، وتسمى (الذكيرة) عند العوام؟

    الجواب: يمكن أن يتصدق عن الميت بلحم أو بأي شيء، وأما جمع الأقارب عليها فلا حاجة إليه؛ لأن الناس إذا أرادوا أن ينفعوا الأموات فإنهم يعطونها للفقراء والمساكين، ولا يأكلونها هم ثم يقولون: هذه عن الأموات، فهم يأكلون كل يوم، فالصدقة تكون للفقراء والمساكين ولا تكون لهم هم.

    حكم الغُسل من المني إن خرج بغير دفق

    السؤال: خروج المني من غير دفق ولا لذة هل يوجب الغسل؟

    الجواب: المعروف أن المني يخرج بدفق ولذة، ولعل هذا الخارج ليس بمني.

    رد النبي عليه الصلاة والسلام السلام على من سلم عليه

    السؤال: حديث: (ما من أحد يسلم علي إلا رد الله علي روحي)، هل فيه دلالة على حياته في قبره باستمرار؛ لأنه لا يخلو وقت من السلام عليه؟

    الجواب: أمور الغيب لا يعلمها إلا الله عز وجل، والإنسان يصدق بكل ما جاء من أمور الغيب، ولا يقاس ذلك على ما هو معلوم ومدرك في أمور الحياة الدنيا؛ لأن أمور الآخرة والبرزخ تختلف عن الحياة الدنيا، فعلى الإنسان أن يصدق بالغيب، فالرسول صلى الله عليه وسلم حي في قبره حياة برزخية أكمل من حياة الشهداء التي أخبر الله عنها في القرآن بقوله: وَلا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ [آل عمران:169]، بل إن المخلوقين من أصحاب القبور أحياء في قبورهم حياة برزخية ينعمون أو يعذبون، فالموفق منعم والمخذول معذب، والله تعالى أخبر عن النعيم وعن العذاب كما في القرآن: النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا غُدُوًّا وَعَشِيًّا وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذَابِ [غافر:46]، وهذا في عذاب القبر والحاصل لآل فرعون قبل يوم البعث والنشور، وفي حديث البراء بن عازب أنه يفتح -لمن وفقه الله- باب إلى الجنة فيأتيه من روحها ونعيمها، ويفتح لغيره باب إلى النار فيأتيه من حرها وسمومها.

    حكم التصدق عن الدائن إذا لم يعثر عليه

    السؤال: أقرضني شخص مبلغاً من المال وذهب عني فلم أجده ولا أعرف مكانه في البلدة، وأريد أن أخرج عنه صدقة، فهل يجوز أن أعطيها لمن هو محتاج من أرحامي؟

    الجواب: إذا تمكنت من الوصول إلى هذا الشخص الذي هو صاحب الحق فعليك أن تدفعها إليه، وأما إذا يئست منه ولم تتمكن من معرفته فتصدق بها عنه، وأعطها لمن هو مستحق لها.

    ثبوت التحريم بالرضاع

    السؤال: أرضعت امرأة في الستين من عمرها ابن ابنها، وكان زوجها قد توفي، فهو لبن ليس له صاحب، وقد بلغت المرأة من الكبر عتياً، فهل تثبت بهذه الرضاعة أي نوع من أنواع المحرمات؟

    الجواب: إذا حصل الرضاع ووجد وكان محرماً فإنه يعتبر.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3086718746

    عدد مرات الحفظ

    767943181