قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب في لبس الشهرة.
حدثنا محمد بن عيسى حدثنا أبو عوانة ح. وحدثنا محمد -يعني: ابن عيسى - عن شريك عن عثمان بن أبي زرعة عن المهاجر الشامي عن ابن عمر رضي الله عنهما -قال في حديث شريك: يرفعه- قال: (من لبس ثوب شهرة ألبسه الله يوم القيامة ثوباً مثله، زاد عن
والمراد بالشهرة الشيء الذي يشتهر به الإنسان ويتميز به على غيره، وقد يدعو إلى الكبر بكونه غالياً وباهظ الثمن ونفيساً، فيكون مع ذلك تعاظم وتكبر وترفع على الناس، وقد يكون شيئاً يلفت الأنظار، في لباسه المتميز الذي يخالف لباس أهل بلده ويخالف لباس قومه.
وأورد رحمه الله تعالى حديث عبد الله بن عمر رضي الله تعالى عنهما مرفوعاً: [ (من لبس ثوب شهرة ألبسه الله يوم القيامة مثله يعني: شيئاً يشتهر به، ولكنه في الذم وفي السوء.
[ زاد عن أبي عوانة : (ثم تلهب فيه النار) ].
يعني: هذا الثوب الذي يشتهر به، تلهب فيه النار، أي: أنه يعذب بهذا الثوب أو بمثل هذا الثوب الذي لبسه وحصل منه التكبر، ولهذا جاء في بعض الروايات: (ثوب مذلة) ومعناه: أنه كما أنه حصل منه التكبر؛ فإنه يحصل له في الآخرة إذلال مقابل ذلك، وهو أنه يلبس ثوب مذلة، فيكون فيه إذلال له، وفيه أيضاً تعذيبه به، حيث جاء في هذه الرواية أنها: (تلهب فيه النار).
وثوب الشهرة قد يكون بقصد وهو داخل في الوعيد، وقد يكون بغير قصد وهذا يخشى عليه أن يكون داخلاً في الوعيد أيضاً، علاوة على أنه قد يتهم في عقله بلبسته تلك.
قوله: [ حدثنا محمد بن عيسى ].
محمد بن عيسى الطباع ، ثقة أخرج له البخاري تعليقاً وأبو داود والترمذي في الشمائل والنسائي وابن ماجة .
[ عن أبي عوانة ].
أبو عوانة الوضاح بن عبد الله اليشكري ، ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ ح وحدثنا محمد يعني ابن عيسى ].
الذي هو الشيخ الأول.
[ عن شريك ].؟
شريك بن عبد الله النخعي الكوفي القاضي، صدوق يخطئ كثيراً، تغير حفظه لأنه ولي القضاء، وحديثه أخرجه البخاري تعليقاً ومسلم وأصحاب السنن.
[ عن عثمان بن أبي زرعة ].
عثمان بن أبي زرعة ثقة، أخرج له البخاري وأصحاب السنن.
[ عن المهاجر الشامي ].
المهاجر الشامي وهو المهاجر بن عمرو مقبول أخرج له أبو داود والنسائي وابن ماجة .
[ عن ابن عمر ].
هو عبد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنهما، الصحابي الجليل، أحد العبادلة الأربعة من الصحابة، وأحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم.
[ قال في حديث شريك : يرفعه ].
كأنه -على هذا- ليس فيه ذكر الرفع أنه من الطريق الأولى، وكأنه موقوف على ابن عمر ، وأما شريك في الطريقة الثانية فقال فيه: (يرفعه)، يعني: يرفعه ابن عمر إلى النبي صلى الله عليه وسلم؛ لأن كلمة (يرفعه) تعادل (قال رسول الله صلى الله عليه وسلم)، أو (سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم).
[ زاد عن أبي عوانة : (ثم تلهب فيه النار) ].
يعني زاد في الطريق الأولى: (ثم تلهب في النار) وليست هذه الزيادة في طريق شريك ، وإنما هي في طريق أبي عوانة التي هي الطريق الأولى.
والإسناد فيه مقال، والألباني صححه.
شريك مقرون وأبو عوانة ثقة، ولكن فيه المهاجر الشامي مقبول على عادة الحافظ، ومعناه أنه يقبل في المتابعات، وهذا الحديث من طريق واحدة.
قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا مسدد قال حدثنا أبو عوانة قال: (ثوب مذلة) ].
هذا شيخ ثالث لـأبي داود في الحديث، وهو مسدد بن مسرهد ثقة، أخرج له البخاري وأبو داود والترمذي والنسائي .
[ حدثنا أبو عوانة ].
مر ذكره في الطريق الأولى.
قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا عثمان بن أبي شيبة حدثنا أبو النضر حدثنا عبد الرحمن بن ثابت حدثنا حسان بن عطية عن أبي منيب الجرشي عن ابن عمر رضي الله عنهما أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من تشبه بقوم فهو منهم) ].
أورد أبو داود حديث ابن عمر رضي الله تعالى عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (من تشبه بقوم فهو منهم) وهذا ذم لمن يتشبه بالكفار؛ لأن التشبه في الظاهر قد يؤدي إلى ميل في الداخل وفي الباطن.
والمقصود من ذلك التشبه في الشيء الذي هو من خصائصهم، والشيء الذي هو من ميزاتهم، وأما الأشياء التي هي مطلوبة في الإسلام مثل: إعداد العدة، والعناية بالأمور النافعة، فهذا شيء مطلوب، ولكن الشيء المحظور والممنوع هو الذي يكون في أمور اللباس أو الهيئة أو ما إلى ذلك.
وقوله: (من تشبه بقوم فهو منهم) ذم شديد في حق من يكون كذلك.
ووضع هذا الحديث تحت باب لبس الشهرة، يعني أن المصنف يرى أن لبس الكفار يعتبر لبس شهرة، وهذا ممكن، فالإنسان إذا كان أهل بلده يلبسون لباساً ما من ألبسة المسلمين، ثم يظهر عليهم بلباس آخر سواء كان للكفار أو لغير الكفار فهو لبس شهرة، لبسه لبسة يجمع بين أمرين سيئين:
أحدهما: أنه لباس كفار.
والآخر: كونه غريباً على الناس، وفيه الشهرة عند الناس، فجمع بذلك بين مصيبتين.
قوله: [ حدثنا عثمان بن أبي شيبة ].
عثمان بن أبي شيبة ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا الترمذي وإلا النسائي فأخرج له في عمل اليوم والليلة.
[ حدثنا أبو النضر عن عبد الرحمن بن ثابت ].
عبد الرحمن بن ثابت بن ثوبان ، صدوق يخطئ أخرج له البخاري في الأدب المفرد، وأصحاب السنن.
[ عن حسان بن عطية ].
حسان بن عطية ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن أبي منيب الجرشي].
أبو منيب الجرشي ثقة أخرج له أبو داود .
[ عن ابن عمر ].
ابن عمر رضي الله عنه، وقد مر ذكره.
السؤال: ما حكم من يلبس لبساً على السنة لكنه غير مشتهر، مثلاً: يلبس عمامة، والآن المشتهر عند الناس الغترة أو (الشماغ)، أو يقصر ثوبه إلى نصف الساقين، وهذا غير معروف في مجتمعه؟!
الجواب: الشيء الذي ورد في السنة لا يقال: إنه لباس شهرة.
السؤال: ما حكم لبس القميص في بلد أوروبي، والمعهود عندهم لبس البنطال ونحوه؟
الجواب: لبس القميص (الثوب) شيء طيب، وهذا هو الذي ينبغي؛ لأن الأوروبيين إذا جاءوا إلينا يحتفظون بلباسهم، فلماذا نرى المسلمين إذا ذهبوا هناك يتجردون من لباسهم، ويلبسون لباس الكفار؟!
السؤال: ما حكم من يلبس غير لبس بلده ويتميز عنهم بلبس ما؟!
الجواب: إذا كان أهل بلده يلبسون لباساً معيناً، ثم ظهر عليهم بلباس غريب، فقد يتهمونه في عقله، ويقولون: لعله حصل له شيء.
السؤال: قال شيخ الإسلام ابن تيمية في ثوب الشهرة: هو المترفع الخارج عن العادة، أو المنخفض الخارج عن العادة؟! والسؤال: قد علمنا ما معنى قوله (المترفع)، فما معنى قوله (المنخفض)؟!
الجواب: معناه أن الناس يدعون الزهد، ويأتون بألبسة وضيعة رديئة مقطعة من أجل إظهار الزهد، هذا هو المقصود.
السؤال: هل لبس البنطلون في مثل هذه البلاد يقال له لبس شهرة؟
الجواب: البنطلون -كما هو معلوم- الأصل فيه أنه لباس الكفار، وأعني بذلك اللباس الذي يكون على قدر الأعضاء ويصف حجم ما تحته، وليس فيه سعة، هذا هو لباسهم، ومع كثرة من يلبسونه لا يقال إنه لباس شهرة، ولكن يقال: إنه ليس من لباس أهل الإسلام.
السؤال: هل يشترط في التشبه القصد والنية؟ ولو فعل فعلاً من أفعال الكفار دون قصد فهل يقال: هذا تشبه، وإن لم يقصده؟
الجواب: إذا كان المتشبه جاهلاً فيبدو أنه يحتاج إلى تعليم، وقد يكون ممن إذا نبه تنبه، بخلاف الإنسان الذي يتعمد فأمره واضح، لكن الجاهل إذا نبه وبقي على ما هو عليه فحكمه -عند ذلك- حكم الذي كان عارفاً وتعمد التشبه.
قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب في لبس الصوف والشعر.
حدثنا يزيد بن خالد بن يزيد بن عبد الله بن موهب الرملي وحسين بن علي قالا: حدثنا ابن أبي زائدة عن أبيه عن مصعب بن شيبة عن صفية بنت شيبة عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت: (خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم وعليه مرط مرحل من شعر أسود) ].
أورد الإمام أبو داود السجستاني رحمه الله تعالى: باباً في لباس الصوف والشعر.
والصوف: هو الذي يؤخذ من الضأن، والشعر يؤخذ من المعز، لأن الضأن يكون لها أشعار والمعز يكون لها صوف، والأوبار تكون في الإبل، قال تعالى: وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمْ مِنْ بُيُوتِكُمْ سَكَنًا وَجَعَلَ لَكُمْ مِنْ جُلُودِ الأَنْعَامِ بُيُوتًا تَسْتَخِفُّونَهَا يَوْمَ ظَعْنِكُمْ وَيَوْمَ إِقَامَتِكُمْ وَمِنْ أَصْوَافِهَا وَأَوْبَارِهَا وَأَشْعَارِهَا أَثَاثًا وَمَتَاعًا إِلَى حِينٍ [النحل:80]؛ فعطف الشعر على الصوف هنا من عطف المغايرة، وليس من عطف المرادفة، والصوف يكون من الضأن، والشعر يكون من الماعز.
والمقصود من ذلك لبسها مع ما فيها من خشونة، وأنها من الألبسة التي أنعم الله تعالى بها على عباده.
وقد أورد أبو داود حديث عائشة رضي الله عنها (أن النبي صلى الله عليه وسلم خرج وعليه مرط مرحل من شعر أسود).
والمرط هو الكساء.
والمرحل: معناه أن عليه صورة الرحل الذي يوضع على البعير.
وهذا المرط مصنوع ومنسوج من شعر أسود؛ وهذا يدل على إباحة، لبس ذلك لأن النبي صلى الله عليه وسلم قد لبسه.
قوله: [ حدثنا يزيد بن خالد بن يزيد بن عبد الله بن موهب الرملي ].
ثقة أخرج له أبو داود والنسائي وابن ماجة .
[ وحسين بن علي ].
حسين بن علي محتمل أن يكون العجلي وهو صدوق يخطئ كثيراً، أخرج له أبو داود والترمذي، ويحتمل أن يكون الأحمر وهو مقبول، أخرج له أبو داود والنسائي.
وكلاهما يروي عن ابن أبي زائدة وذُكر أن الذهبي يقول: إن الأحمر لم يدرك ابن أبي زائدة فيتعين أن يكون العجلي ونقله عنه الحافظ في تهذيب التهذيب، والمزي يرى أنه محتمل فكلاهما من شيوخ أبي داود .
وأياً كان فهو مقرون بـيزيد بن خالد، وتقدم أنه ثقة فيكون الاعتماد عليه في السند.
[ حدثنا ابن أبي زائدة ].
ابن أبي زائدة هو يحيى بن زكريا بن أبي زائدة ، ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن أبيه].
هو زكريا ، ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن مصعب بن شيبة ].
مصعب بن شيبة لين الحديث، أخرج له مسلم وأصحاب السنن.
[ عن صفية بنت شيبة ].
صفية بنت شيبة لها رؤية حديثها أخرجه أصحاب الكتب الستة.
[ عن عائشة ].
عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها وأرضاها الصديقة بنت الصديق ، وهي واحدة من سبعة أشخاص عرفوا بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم.
قال المصنف رحمه الله تعالى: [ وقال حسين: حدثنا يحيى بن زكريا حدثنا إبراهيم بن العلاء الزبيدي حدثنا إسماعيل بن عياش عن عقيل بن مدرك عن لقمان بن عامر عن عتبة بن عبد السلمي قال: (استكسيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فكساني خيشتين، فلقد رأيتني وأنا أكسى أصحابي) ].
[ (وأنا أكسى أصحابي) ] أكسى: أفعل تفضيل، يعني: أحسنهم كسوة, وأغبطهم في الكسوة.
(استكسيت) يعني: طلبت منه أن يعطني كسوة.
[ (فكساني خيشتين) ] والخيشة معلوم أنها مصنوعة من شعر، وهذا محل الشاهد.
قوله: [ وقال حسين].
هو حسين بن علي المتقدم في حديث عائشة السابق، وفيه خلاف تقدم.
[ حدثنا يحيى بن زكريا ].
هو ابن أبي زائدة تقدم في الحديث السابق.
[ حدثنا إبراهيم بن العلاء الزبيدي].
إبراهيم بن العلاء مستقيم الحديث، أخرج له أبو داود .
[ حدثنا إسماعيل بن عياش ].
إسماعيل بن عياش صدوق في روايته عن أهل بلده ومخلط في غيرهم.
[ عن عقيل بن مدرك].
عقيل بن مدرك، مقبول أخرج له أبو داود .
[ عن لقمان بن عامر].
عن لقمان بن عامر صدوق أخرج أبو داود والنسائي وابن ماجة في التفسير.
[ عن عتبة بن عبد السلمي].
عتبة بن عبد السلمي صحابي أخرج له أبو داود وابن ماجة .
قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا عمرو بن عون حدثنا أبو عوانة عن قتادة عن أبي بردة قال: قال لي أبي: (يا بني! لو رأيتنا ونحن مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد أصابتنا السماء؛ حسبت أن ريحنا ريح الضأن) ].
أورد أبو داود حديث أبي موسى الأشعري رضي الله عنه أنه قال: (لو رأيتنا ونحن مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد أصابتنا السماء يعني: المطر، وكان عليهم ثياب من شعر، فلما ابتلت صارت رائحتها رائحة الضأن، لأن لباسهم من صوف الضأن.
[ حسبت أن ريحنا ريح الضأن ] لأن هذا الصوف الذي تبلل ظهرت رائحته، وهي رائحة الضأن، وهذا دال على لبس أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم الصوف والشعر، وهم مع رسول الله عليه الصلاة والسلام.
قوله: [ حدثنا عمرو بن عون ].
عمرو بن عون ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ حدثنا أبو عوانة ].
أبو عوانة هو: الوضاح بن عبد الله اليشكري ، ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن قتادة].
قتادة بن دعامة السدوسي البصريثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن أبي بردة ].
أبو بردة بن أبي موسى الأشعري ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن أبيه ].
هو أبو موسى الأشعري واسمه: عبد الله بن قيس رضي الله تعالى عنه، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب لبس الرفيع من الثياب.
حدثنا عمرو بن عون أخبرنا عمارة بن زاذان عن ثابت عن أنس بن مالك رضي الله عنه: (أن ملك ذي يزن أهدى إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم حلة أخذها بثلاثة وثلاثين بعيراً -أو ثلاثة وثلاثين ناقة- فقبلها) ].
أورد أبو داود باب لبس الرفيع من الثياب.
الرفيع من الثياب ما له شأن وقيمة، وهو غال ونفيس.
قوله: [ أن ملك ذي يزن أهدى إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم حلة أخذها بثلاثة وثلاثين بعيراً ].
معناه أنها غالية، وهي تعادل ثلث الدية، لأن الدية مائة بعير، وثلاثة وثلاثون تعتبر ثلثها.
والحلة هي الإزار والرداء، وقد أهداها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقبلها؛ لكن الحديث غير صحيح.
قوله: [ حدثنا عمرو بن عون أخبرنا عمارة بن زاذان ].
عمارة بن زاذان صدوق كثير الخطأ، أخرج له البخاري في الأدب المفرد وأبو داود والترمذي وابن ماجة .
[ عن ثابت ].
ثابت بن أسلم البناني ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن أنس].
أنس بن مالك رضي الله عنه خادم رسول الله صلى الله عليه وسلم وأحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم، وهذا الإسناد رباعي من أعلى الأسانيد عند أبي داود .
قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا موسى بن إسماعيل حدثنا حماد عن علي بن زيد عن إسحاق بن عبد الله بن الحارث : (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم اشترى حلة ببضعة وعشرين قلوصاً فأهداها إلى ملك ذي يزن) ].
أورد أبو داود حديثاً مرسلاً عن إسحاق بن عبد الله بن الحارث (أن النبي صلى الله عليه وسلم اشترى حلة ببضعة وعشرين قلوصاً).
هذه الرواية عكس السابقة، لأن السابقة كان المهدى إليه فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهنا المهدي رسول الله عليه الصلاة والسلام.
والقلوص: اسم للناقة، والجمع: القلاص، والقلائص.
[ فأهدها إلى ذي يزين].
يعني: هذه الرواية بعكس السابقة، وهذا الحديث أيضاً ضعيف، من جهة أن فيه علي بن زيد بن جدعان وهو ضعيف، ومن جهة أنه فيه إرسالاً.
قوله: [ حدثنا موسى بن إسماعيل ].
موسى بن إسماعيل التبوذكي ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة
[ حدثنا حماد ].
حماد بن سلمة بن دينار البصري ثقة، أخرج له البخاري تعليقاً ومسلم وأصحاب السنن.
[ عن علي بن زيد ].
علي بن زيد بن جدعان ضعيف، أخرج له البخاري في الأدب المفرد ومسلم وأصحاب السنن.
[ عن إسحاق بن عبد الله بن الحارث ].
إسحاق بن عبد الله بن الحارث ثقة أخرج له أبو داود .
والحديث مرسل كما تقدم.
السؤال: ما حكم اللبس المرتفع، وشراء الملابس الغالية الثمن؟
الجواب: شراء الأشياء الغالية ليس بجيد؛ لأن هذا ليس ببعيد عن لباس الشهرة الذي نهى عنه النبي صلى الله عليه وسلم.
وإذا كان من الممكن أن يشتري بقيمته مجموعة مما يحصل به المقصود، ولا تقع به شهرة ولا يتسبب عنه كبر أو ترفع فهو أفضل.
قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب لباس الغليظ.
حدثنا موسى بن إسماعيل حدثنا حماد ح. وحدثنا موسى حدثنا سليمان -يعني ابن المغيرة - المعنى عن حميد بن هلال عن أبي بردة قال: (دخلت على
أورد أبو داود باب لبس الغليظ من الثياب، والغليظ: هو السميك الذي فيه سماكة وكثافة، بحيث يعدل عدة أشياء إذا جمع بعضها إلى بعض، هذا هو الغليظ، وهذا الوصف من ناحية سماكته.
أورد رحمه الله تعالى حديث عائشة رضي الله عنها من طريق أبي بردة قال: (أخرجت لنا
والإزار: هو الذي يوضع على نصف الجسد الأسفل.
[ (وكساء من التي يسمونها الملبدة) ].
معناه أنه ملبد لسماكته، وقد يكون ذلك لكونه محشواً وكلمة (ملبدة) تشير إلى السماكة.
[ (فأقسمت بالله أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قبض في هذين الثوبين) ].
تعني: أن هذا من آخر لباس لبسه رسول الله صلوات الله وسلامه وبركاته عليه.
قوله: [ حدثنا موسى بن إسماعيل حدثنا حماد ].
مر ذكرهما.
[ ح وحدثنا موسى حدثنا سليمان -يعني ابن المغيرة - ].
سليمان بن المغيرة ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ المعنى عن حميد بن هلال ].
حميد بن هلال ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
قبض صلى الله عليه وسلم في ثوبين، ولم يجرد من ثيابه أي: أنه لما مات خرجت روحه وعليه تلك الثياب، وبعد ذلك غسل في ثيابه، ولم يجرد صلوات الله وسلامة وبركاته عليه، ثم كفن في ثياب غيرها.
قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا إبراهيم بن خالد أبو ثور الكلبي حدثنا عمر بن يونس بن القاسم اليمامي حدثنا عكرمة بن عمار حدثنا أبو زميل حدثني عبد الله بن عباس رضي الله عنهما قال: (لما خرجت الحرورية أتيت
قال أبو داود : اسم أبي زميل : سماك بن الوليد الحنفي ].
أورد أبو داود حديث ابن عباس رضي الله تعالى عنهما أنه لما خرجت الحرورية في زمن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال لـابن عباس: اذهب إليهم، يعني: بين لهم خطأهم، فلبس أحسن حلل اليمن، وذهب إليهم، فقالوا: مرحباً يا ابن عباس! ما هذه الحلة؟! فقال: إني رأيت على رسول الله صلى الله عليه وسلم أحسن ما يكون من الحلل).
أي: أن هذا الذي علي من الألبسة هو اقتداء برسول الله عليه الصلاة والسلام، لأني رأيته وقد لبس أحسن ما يكون من الحلل صلوات الله وسلامه وبركاته عليه، يعني أحسن ما يكون في جودتها ونفاسته، وليس معنى ذلك غلاها وكونها باهظة الأثمان، ولكن من ناحية جمالها وحسنها.
والحرورية الذين خرجوا على علي رضي الله عنه وقاتلهم، وجاءت الأحاديث الكثيرة في شأنهم وقتالهم.
ولا أدري ما وجه إيراد هذا الحديث في باب لباس الغليظ، هل المقصود به أن هذا النوع من شأنه أن يكون غليظاً! فالحديث يدل على أنه شيء جميل نفيس، وأنه من أحسن ما يلبس، ومن أنفس ما يلبس.
[ وكان ابن عباس رجلاً جميلاً جهيراً ].
جهيراً معناه حسن الهيئة، وليس المقصود به ما يتعلق بالصوت، فالذي يتعلق بالصوت هو جهوري الصوت.
وقد ذهب رضي الله عنه لمناظرتهم وقد تعمد رضي الله عنه أن يلبس أحسن الثياب، مثلما كان النبي صلى الله عليه وسلم يفعل عندما يلتقي بالوفود، فقد كان يلبس أحسن ما يجد، ويتجمل للوفود، فلعل هذا هو الذي أراد.
قوله: [ حدثنا إبراهيم بن خالد أبو ثور الكلبي].
إبراهيم بن خالد أبو ثور الكلبي ثقة، أخرج له أبو داود وابن ماجة .
[ حدثنا عمر بن يونس بن القاسم اليمامي ].
عمر بن يونس بن القاسم اليمامي ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ حدثنا عكرمة بن عمار ].
عكرمة بن عمار صدوق يغلط أخرج له البخاري تعليقاً ومسلم وأصحاب السنن.
[ حدثنا أبو زميل ].
أبو زميل سماك بن الوليد الحنفي ليس به بأس بمعنى: صدوق، أخرج له البخاري في الأدب المفرد ومسلم وأصحاب السنن.
[ حدثني عبد الله بن عباس ].
عبد الله بن عباس بن عبد المطلب ابن عم النبي صلى الله عليه وسلم، وأحد العبادلة الأربعة من الصحابة، وهم عبد الله بن عباس ، وعبد الله بن عمر ، وعبد الله بن عمرو ، وعبد الله بن الزبير ، وأحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم وهم: أبو هريرة ، وابن عمر ، وابن عباس ، وأبو سعيد ، وأنس ، وجابر ، وعائشة رضي الله عنهم وعن الصحابة أجمعين.
من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر