حدثنا مسدد ووهب بن بيان وعثمان بن أبي شيبة وابن أبي خلف قالوا: حدثنا سفيان عن الزهري عن عبيد الله بن عبد الله عن ابن عباس رضي الله عنهما -قال مسدد ووهب : عن ميمونة رضي الله عنها أنها قالت-: (أهدي لمولاة لنا شاة من الصدقة فماتت فمر بها النبي صلى الله عليه وسلم فقال: ألا دبغتم إهابها واستنفعتم به؟! قالوا: يا رسول الله! إنها ميتة! قال: إنما حرم أكلها) ].
قوله: [ باب في أهب الميتة ] الأهب: جمع إهاب، وهو الجلد، والمقصود من هذه الترجمة أن الأهب تستعمل في اللباس وتستعمل في الفراش، وأن الميتات يمكن أن يستفاد من جلودها، وإن كان قد حرم أكلها، وذلك بدبغها والاستفادة منها بعد الدبغ، فالترجمة فيها التنبيه إلى الانتفاع بأهب الميتة بعد دبغها، والأهب التي ينتفع بها فيما يتعلق بالميتات اختلف العلماء فيها:
فمنهم من رأى أنه لا ينتفع بأهب الميتة، لا بدبغ ولا بغيره.
ومنهم من رأى أنه ينتفع بأهب الميتات مطلقاً من جميع الحيوانات.
ومنهم من قال: إنما ينتفع بأهب الميتات التي يؤكل لحمها كبهيمة الأنعام مثلاً، فإن هذه هي التي ينتفع بجلودها بعد دبغها، تدبغ وينتفع بجلودها، وأما غيرها فإنها لا تدبغ ولا ينتفع بجلودها، أي: مما لا يؤكل لحمه.
ففي المسألة أقوال عديدة منها هذه الثلاثة، وأظهرها هو أن الإباحة مقصورة على ما هو مأكول اللحم، أي: الذي تطهره الذكاة، وأما الأشياء التي لا تطهرها الذكاة فهي ميتة سواء ذكيت أو لم تذك، فإنه لا ينتفع بجلودها، لا بدبغ ولا بغيره.
وعلى هذا فإن السنة دلت على الانتفاع بجلود الميتة بعد الدبغ وذلك إنما هو فيما يؤكل لحمه أي: مما تنفع فيه الذكاة، أما من كانت لا تنفع فيها الذكاة من السباع والحمير والكلاب وغيرها فإن هذه لا ينتفع بجلودها لا بدبغ ولا بغيره؛ لأن المذكى منها والميت على حد سواء،
وقد أورد أبو داود حديث ميمونة وحديث ابن عباس رضي الله عنهما أن ميمونة قالت: (أهديت لمولاة لنا شاة من الصدقة فماتت فمر بها النبي صلى الله عليه وسلم فقال: ألا دبغتم إهابها واستنفعتم به؟!).
يعني: أرادوا أن يؤكدوا ويبينوا الشيء الذي منعهم من أن ينتفعوا بها وهو أنها ميتة، والله تعالى قال: حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ [المائدة:3]، فقال عليه الصلاة والسلام: (إنما حرم من الميتة أكلها) فدل هذا على أن الدباغ يطهر الجلد من الميتة التي هي مأكولة اللحم، وأن الانتفاع بها بعد الدبغ -أي: بالجلود- أن ذلك سائغ ومباح، ولا بأس به، وهذا -كما قلت- إنما هو في حق مأكول اللحم، والرسول صلى الله عليه وسلم قال ذلك في حق شاة وهي من بهيمة الأنعام وهي مأكولة اللحم، وأُبيح الانتفاع بجلدها بعد الدبغ.
وفي هذا دليل على أن السنة تفسر القرآن وتوضحه وتشرحه؛ وذلك أنه قد جاء في القرآن: حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ [المائدة:3]، فيدخل في ذلك كل ما يتعلق بها؛ لكن جاءت السنة ببيان أن الجلد يمكن أن يستفاد منه بعد الدبغ وأنه ينتفع به، ولكن هذا فيما هو مأكول اللحم؛ لأن ما لا يؤكل لحمه كله حرام مذكى أو غير مذكى.
وقول ميمونة رضي الله عنها: (أهدي لمولاة لنا شاة من الصدقة)، يعني: يحتمل أن يكون قولها: (أهدي لمولاة لنا) أنها أُعطيت لمن يستحقها ومن استحقها أهداها، ومعلوم أن من يستحق الصدقة إذا ملكها يتصرف فيها كيف يشاء، فله أن يهديها وله أن يبيعها، وله أن يأكلها، وله أن ينتفع بها.
ويحتمل أن يكون المراد: أنها أُعطيت شاة من الصدقة، على أنها من مصارفها.
ومعلومٌ أن الرسول صلى الله عليه وسلم وبني هاشم وذريته وزوجاته، لا تحل لهم الصدقة، بل تحرم عليهم الصدقة؛ لكن موالي زوجات الرسول صلى الله عليه وسلم تحل لهم الصدقة، فزوجات رسول الله لا تحل لهن الصدقة؛ لأنهن تابعات له صلى الله عليه وسلم وهن محبوسات عليه، وهن زوجاته في الدنيا والآخرة، والصدقة لا تحل لهن، وقد جاء تفسير الآل بأنهم الأزواج والذرية، فأزواج رسول الله صلى الله عليه وسلم هن من أهل بيته ولا تحل لهن الصدقة، لكن مواليهن تحل لهم الصدقة، بخلاف بني هاشم فإن مواليهم حكمهم كحكمهم لا تحل لهم الصدقة.
قالوا: والفرق بين موالي زوجاته وموالي بني هاشم: أن موالي بني هاشم فرع عن أصل، وأما موالي زوجات الرسول صلى الله عليه وسلم فهم فرع عن فرع؛ ولهذا تحل لهم الصدقة، هذا إذا كان المقصود أنها أعطيت من الصدقة.
ومعلوم أن المُتَصَدَّق عليه سواء كان مولى أو غيره وهو فقير، إذا تصدق أو وهب أو أعطى أو باع ما وصل إليه عن طريق الصدقة، فإن ذلك يحل لمن وصل إليه ولو كان أصله صدقة، وإنما الذي لا يجوز أن يصل إلى من لا تحل له الصدقة وهو صدقة، أما أن يصل إليه على سبيل الهبة أو على سبيل البيع ممن حلت له الصدقة، فإن ذلك لا يؤثر؛ لأنها لم تصل وهي صدقة، وإنما وصلت وهي هدية، أو وصلت وهي مبيعة.
قوله: [ قالت: أهدي لمولاة لنا شاة من الصدقة فماتت فمر بها النبي صلى الله عليه وسلم فقال: (ألا دبغتم إهابها واستمتعتم به؟ قالوا: يا رسول الله إنها ميتة قال: إنما حرم أكلها) ].
وهذا بيان من الرسول الكريم صلى الله عليه سلم أن التحريم الذي جاء في الآية: حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ [المائدة:3]، لا يشمل الجلد بعد الدبغ، وإنما يشمل أكل الميتة، وأما الجلد بعد الدبغ فإنه يحل الانتفاع به، ويجوز الانتفاع به كما جاء بذلك الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكما قلت إن السنة مبينة للقرآن وشارحة له، ومفصلة له؛ وذلك أن الرسول صلى الله عليه وسلم بيّن في هذا الحديث أن الذي يحرم هو أكلها، أي الذي جاء في القرآن، وأن مما يدخل تحت أجزاء الميتة جلدها، وقد استثني في السنة في هذا الحديث عن رسول الله صلوات الله وسلامه وبركاته عليه.
مسدد بن مسرهد البصري ثقة، أخرج حديثه البخاري وأبو داود والترمذي والنسائي .
[ ووهب بن بيان ].
وهب بن بيان ثقة، أخرج له أبو داود والنسائي .
[ وعثمان بن أبي شيبة ].
عثمان بن أبي شيبة ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا الترمذي ، والنسائي أخرج له في عمل اليوم والليلة.
[ وابن أبي خلف ].
هو: محمد بن أحمد بن أبي خلف وهو ثقة، أخرج له مسلم وأبو داود .
[ قالوا: حدثنا سفيان ].
هو سفيان بن عيينة المكي ، وهو ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة، وهنا سفيان مهمل غير منسوب، وشيخه الزهري ، وإذا جاء سفيان غير منسوب يروي عن الزهري ، فهو يحمل على سفيان بن عيينة ، ولا يحمل على الثوري .
[ عن الزهري ].
هو: محمد بن مسلم بن عبيد الله بن شهاب الزهري ، ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن عبيد الله ].
عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود ثقة، وهو أحد فقهاء المدينة السبعة في عصر التابعين، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن ابن عباس ].
هو عبد الله بن عباس بن عبد المطلب ابن عم النبي صلى الله عليه وسلم، وأحد العبادلة الأربعة من الصحابة، وأحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم.
[ قال مسدد ووهب : عن ميمونة ].
يعني عن ابن عباس عن ميمونة ، بزيادة ميمونة ، فتكون من رواية ابن عباس عن خالته ميمونة .
وميمونة هي: أم المؤمنين ميمونة بنت الحارث الهلالية ، أخرج حديثها أصحاب الكتب الستة، وهي خالة ابن عباس ؛ لأن ابن عباس أمه لبابة بنت الحارث أم الفضل الهلالية.
ذكر الحديث عن ابن عباس ولم يذكر ميمونة يعني: أنه من حديث ابن عباس وفيه: (ألا انتفعتم بإهابها) ولم يذكر الدباغ، وهذا الذي جاء في بعض الروايات مطلقاً يحمل على المقيد الذي فيه ذكر الدباغ.
يزيد بن زريع ، ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن معمر ].
معمر بن راشد الأزدي البصري ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
وهذا القول عن الزهري وعن غيره مقتضاه أن الجلد أو الإهاب ينتفع به على كل حال دُبغ أو لم يُدبغ، ولكن ما جاء في بعض الروايات من بيان الدبغ، وأنه يُطهر بالماء والقرظ يدل على أن الانتفاع بالجلد إنما يكون بعد دبغه، لا بدون الدبغ، وفيه خلاف بين أهل العلم، والزهري ممن يرى أنه ينتفع بالجلد مطلقاً دُبغ أو لم يدبغ.
محمد بن يحيى بن فارس الذهلي ثقة، أخرج له البخاري وأصحاب السنن.
[ عن عبد الرزاق ].
عبد الرزاق بن همام الصنعاني اليماني ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
عن معمر عن الزهري ، وهو أثر مقطوع، يعني: ينتهي إسناده إلى الزهري .
والمتن الذي ينتهي إسناده إلى التابعي أو من دون التابعي يقال له: المقطوع.
وأما الذي ينتهي إلى صحابي فيقال له: الموقوف.
والذي ينتهي إلى الرسول صلى الله عليه وسلم يقال له: المرفوع.
غير المنقطع.
فالمنقطع: من صفات الأسانيد، والمقطوع: من صفات المتون؛ وهنا متن انتهى سنده إلى من دون الصحابي فقيل له: مقطوع.
ثم ذكر أن الذين رووا عن الزهري منهم من ذكر الدباغ، ومنهم من لم يذكر الدباغ، والزهري لا يعتبر الدباغ كما مر في الأثر الذي قبل هذا ، فذكر بعض أصحاب الزهري الذين رووا عنه أنهم لم يذكروا الدباغ، وذكر أيضاً الذين ذكروا الدباغ.
والمعتبر هو الدباغ، ومن حفظ حجة على من لم يحفظ.
[ قال أبو داود : لم يذكر الأوزاعي ].
الأوزاعي : هو عبد الرحمن بن عمرو الأوزاعي ، ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ ويونس ].
يونس بن يزيد ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ وعقيل ].
عقيل بن خالد بن عقيل ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[وذكره الزبيدي ].
الزبيدي : هو محمد بن الوليد ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا الترمذي .
[ وسعيد بن عبد العزيز ].
سعيد بن عبد العزيز ثقة، أخرج له البخاري في الأدب المفرد ومسلم وأصحاب السنن.
[ وحفص بن الوليد ].
حفص بن الوليد صدوق، أخرج له النسائي .
[ ذكروا الدباغ ].
ذكروا الدباغ، أي: أن هؤلاء ذكروا الدباغ في حديث الزهري .
أورد أبو داود حديث ابن عباس من طريق أخرى: (إذا دبغ الإهاب فقد طهر)، وهذا يفيد أن تطهير الدباغ، يعني: تطهير الجلد يكون بالدباغ، وأن الإهاب يطهره الدباغ، ويدل على ما دلت عليه الأحاديث السابقة التي فيها ذكر الدباغ، واعتبار الدباغ يطهر جلد الميتة.
محمد بن كثير ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن سفيان ].
هو سفيان بن سعيد مسروق الثوري ، ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن زيد بن أسلم ].
زيد بن أسلم ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن عبد الرحمن بن وعلة ].
عبد الرحمن بن وعلة صدوق، أخرج له مسلم وأصحاب السنن.
[ عن ابن عباس ].
ابن عباس رضي الله تعالى عنهما قد مر، وهذا طريق غير طريق الزهري ، وفيه ذكر الدباغ، والذي مر عن الزهري أن من الرواة عنه من ذكر الدباغ، ومنهم من لم يذكره، وهذه الطريق التي ليست من طريق الزهري تقوي ما جاء في ذكر الدباغ واعتبار الدباغ.
أورد أبو داود حديث عائشة رضي الله عنها: (أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بأن يستمتع بجلود الميتة إذا دبغت) ، وهذا يدل على ما دل عليه ما تقدم من الانتفاع بجلود الميتات بعد دبغها.
ومعنى الأمر هنا: الإذن، أي: أذن لهم أن يستعملوه ولهم ألا يستعملوه، وإذا استعملوه فهو سائغ، وإذا لم يستعملوه فهو سائغ.
عبد الله بن مسلمة القعنبي ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا ابن ماجة .
[ عن مالك ].
مالك بن أنس إمام دار الهجرة ثقة فقيه، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن يزيد بن عبد الله بن قسيط ].
يزيد بن عبد الله بن قسيط ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن محمد بن عبد الرحمن بن ثوبان ].
محمد بن عبد الرحمن بن ثوبان ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن أمه ].
وهي مقبولة أخرج لها أبو داود والنسائي وابن ماجة .
[ عن عائشة ].
عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها وأرضاها الصديقة بنت الصديق ، وهي واحدة من سبعة أشخاص عُرفوا بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم.
و الألباني يضعف هذا الإسناد، ولعله من أجل هذه المرأة المقبولة؛ لكن الحديث مثل الأحاديث السابقة وأكثر ما فيه ذكر الأمر، والأمر لا يدل هنا على وجوب ولا استحباب، وغاية مدلوله أنه للإذن باستعمالها وإباحتها.
أورد أبو داود حديث سلمة بن المحبق رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم رأى في غزوة تبوك قربة معلقة فيها ماء (فسأل الماء) يعني: طلب الشرب، فقيل: (إنها ميتة)، يعني: أن هذا جلد ميتة، فقال: (دباغها طهورها) يعني: الدباغ مطهر للميتة، ولجلد الميتة فهو مثل ما تقدم في الأحاديث السابقة الدالة على ذكر الدباغ، وأنه يطهر جلود الميتات.
حفص بن عمر ثقة، أخرج له البخاري وأبو داود والنسائي .
[ وموسى بن إسماعيل ].
موسى بن إسماعيل التبوذكي ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن همام ].
همّام بن يحيى العوذي ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن قتادة ].
قتادة بن دعامة السدوسي البصري ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن الحسن ].
هو: الحسن بن أبي الحسن ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن جون بن قتادة].
جون بن قتادة مقبول، أخرج له أبو داود والنسائي .
[ عن سلمة بن المحبق ].
سلمة بن المحبق رضي الله عنه، صحابي أخرج له أبو داود والنسائي وابن ماجة .
أورد أبو داود حديث ميمونة رضي الله تعالى عنها أن امرأة جاءتها -وهي: العالية بنت سبيع ، وكانت لها غنم ترعاها في أحد- فحصل فيها الموت فقالت: (هلا انتفعت بأُهُبها؟ فقالت: أو يحل ذلك؟! فقال: مر على رسول الله صلى الله عليه وسلم رجال من قريش يجرون شاة كالحمار)، يعني: إما أنهم يجرونها كجر الحمار لإبعادها والتخلص منها، أنها كالحمار في ضخامتها، فالرسول صلى الله عليه وسلم قال: (لو أخذتم إهابها، قالوا: إنها ميتة، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يطهرها الماء والقرظ) يعني: الدباغ، والقرظ: هو شجر تدبغ به الجلود.
وقوله: (الماء والقرظ)، يدل على أن التطهير إنما يكون بالماء، وأنه لا يكون بغيره؛ لأنه قال: (الماء والقرظ).
ويحتمل أن القرظ والماء يجمعان، ويحصل الدبغ بهما، أو أن المقصود أنه يدبغ بالقرظ ثم بعد ذلك يغسل بالماء لتذهب الآثار التي بقيت على الجلد بسبب دبغه فيكون نظيفاً صالحاً للاستعمال.
أحمد بن صالح المصري ثقة، أخرج له البخاري وأبو داود والترمذي في شمائله.
[ حدثنا ابن وهب ].
عبد الله بن وهب المصري ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ أخبرني عمرو -يعني ابن الحارث - ].
عمرو بن الحارث المصري ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن كثير بن فرقد ].
كثير بن فرقد وهو ثقة أخرج له البخاري وأبو داود والنسائي .
[ عن عبد الله بن مالك بن حذافة] .
عبد الله بن مالك بن حذافة مقبول، أخرج له أبو داود والنسائي .
[ عن أمه العالية بنت سبيع ].
وثقها العجلي ، وأخرج لها أبو داود والنسائي .
[ عن ميمونة ].
هي ميمونة أم المؤمنين وقد مر ذكرها.
حدثنا حفص بن عمر حدثنا شعبة عن الحكم عن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن عبد الله بن عكيم قال: (قرئ علينا كتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم بأرض جُهينة وأنا غلام شاب: أن لا تستمتعوا من الميتة بإهاب ولا عصب) ].
أورد أبو داود : باب من روى أن لا ينتفع بإهاب الميتة.
لما ذكر في الباب السابق الأحاديث التي فيها الانتفاع بإهاب الميتة؛ ذكر بعد ذلك الرواية التي فيها أنه لا ينتفع بإهاب الميتة، وتكون بذلك معارضة لما تقدم من الأحاديث، والحديث فيه كلام من حيث الثبوت؛ ولكن على فرض أنه ثابت فإنه يجمع بينه وبين ما تقدم من جهة أنه يحمل على ما كان بدون دبغ، وأن الأحاديث السابقة التي جاءت في طهارة جلود الميتة بالدبغ تحمل على ما إذا حصل الدبغ.
فإذاً لا ينتفع بجلود الميتة إذا كانت غير مدبوغة، وأما إذا دُبغت فإنه يُنتفع بها، فبعض أهل العلم وفق وجمع بين الأحاديث، ومنهم من رجح، الأحاديث السابقة عن ابن عباس وعن ميمونة وغيرهما، وبعضها في الصحيحين، ومنها ما هو في غيرهما، وقد جاءت من طرق متعددة، وهي تدل على ثبوت الانتفاع بأُهب الميتات، فتكون مقدَّمة على غيرها؛ ولكن إذا ثبت هذا الحديث الذي فيه ذكر عدم الانتفاع، فإنه يجمع بينه وبين ما تقدم بأن يحمل على ما كان بغير دبغ، وما كان في غيره من الأحاديث السابقة تحمل على ما دبغ.
شعبة بن الحجاج الواسطي ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن الحكم ].
الحكم بن عتيبة الكندي ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن عبد الرحمن بن أبي ليلى ].
عبد الرحمن بن أبي ليلى ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن عبد الله بن عكيم].
عبد الله بن عكيم مخضرم، أخرج له مسلم وأصحاب السنن.
قال أبو داود : قال النضر بن شميل يسمى إهاباً ما لم يدبغ، فإذا دبغ لا يقال له: إهاب، إنما يسمى شناً وقربة ].
أورد أبو داود حديث عبد الله بن عكيم من طريق أخرى، وهو مثل الذي قبله، وفيه تفسير النضر بن شميل أنه يقال للجلد: إهاب ما لم يدبغ، وهذا فيه إشارة إلى الجمع؛ لأن معناه: أنه لا ينتفع بإهاب غير مدبوغ؛ لأنه إذا دبغ صار له اسم آخر هو شن أو قربة أو سقاء.
ولكن من حيث الإطلاق يطلق الإهاب على الجلد مطلقاً؛ لكنه جاء أنه بعد الدبغ، وبعد دبغه أن له اسماً آخر، ويقال له: شن، والشن القربة القديمة، ويقال له: سقاء.
محمد بن إسماعيل مولى بني هاشم يحتمل أن يكون: هو محمد بن إسماعيل بن أبي سمينة وهو ثقة أخرج له البخاري وأبو داود وإلا فهو مقبول أو مجهول؛ لأن المقبول: هو الذي يُعرف، وحديثه يحتاج إلى اعتضاد؛ ولكن ما أدري: هل هو مقبول أو مجهول.
[ حدثنا الثقفي ].
هو عبد الوهاب بن عبد المجيد الثقفي ، ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن خالد ].
خالد بن مهران الحذاء ثقة ، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن الحكم بن عتيبة : أنه انطلق مع أناس إلى عبد الله بن عكيم].
الحكم بن عتيبة مرّ ذكره.
[ قال أبو داود : قال النضر بن شميل ].
النضر بن شميل ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
والحديث ظاهره الإرسال؛ لأنه ما ذكر الواسطة، أما الذين صححوه فقالوا: إن هذا إخبار عن كتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأن ذلك الكتاب بلغ رجلاً مخضرماً من جهينة، وهو عبد الله بن عكيم؛ ولهذا فإن بعض الذين ضعفوا هذا الحديث قالوا: إنه غير متصل، ومنهم من جاء بعلل أخرى، ومنهم من قال: -كما ذكرت- من ناحية الإطلاق اللغوي، وأنه ما ذكر الدبغ فيكون الحمل على ما لم يدبغ.
من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر