حدثنا مسدد حدثنا يحيى ح وحدثنا مسدد قال: حدثنا سفيان المعنى عن ابن عجلان عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لا تنتفوا الشيب ما من مسلم يشيب شيبة في الإسلام إلا كانت له نوراً يوم القيامة) وقال في حديث يحيى : (إلا كتب الله له بها حسنة، وحط عنه بها خطيئة) ].
أورد أبو داود هذه الترجمة في نتف الشيب، يعني: أنه لا ينتف بل يترك.
ونتفه يكون عندما يبدأ يخالط السواد، فتؤخذ الشعرة البيضاء فتنتف حتى يبقى أسود ليس معه أبيض، وهذا يكون عند بدايته، رغبة في إبقاء الشعر أسود، وأنه ليس فيه شيب، وليس فيه بياض، فالنتف يكون في مثل هذه الحالات من أجل أن يبقى الشعر الأسود ليس معه بياض، وليس معه شيب.
وأورد أبو داود حديث عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله تعالى عنهما: أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: (لا تنتفوا الشيب، ما من مسلم يشيب شيبة في الإسلام إلا كانت له نوراً يوم القيامة)، وفي حديث يحيى : (إلا كتب الله له بها حسنة).
فقوله: (لا تنتفوا الشيب) بين السبب في ذلك فقال: (ما من مسلم يشيب شيبة في الإسلام إلا كانت له نوراً يوم القيامة) وهذا لفظ أحد الرواة، واللفظ الثاني: (إلا كتب الله له بها حسنة، وحط عنه بها خطيئة)، فهذا يدل على منع أو تحريم نتف الشيب، وأن الإنسان يبقي شعره ويتركه ولا يتعرض له.
مسدد مر ذكره ويحيى بن سعيد القطان ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ ح وحدثنا مسدد قال: حدثنا سفيان المعنى عن ابن عجلان ].
سفيان بن عينية ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
و ابن عجلان هو محمد بن عجلان المدني صدوق، أخرج له البخاري تعليقاً ومسلم وأصحاب السنن.
[ عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده ].
عمرو بن شعيب هو عمرو بن شعيب بن محمد بن عبد الله بن عمرو بن العاص ، وهو صدوق أخرج حديثه البخاري في جزء القراءة وأصحاب السنن.
وأبوه هو شعيب بن محمد وهو صدوق أخرج حديثه البخاري في جزء القراءة والأدب المفرد وأصحاب السنن، وهو يروي عن جده عبد الله بن عمرو بن العاص ، وقد صح سماعه منه، وليست روايته عن أبيه محمد الذي هو جد عمرو ، فإنه يكون بذلك مرسلاً، وغير متصل.
ولكن شعيب بن محمد روى عن جده عبد الله بن عمرو بن العاص ، وعبد الله بن عمرو بن العاص صحابي ابن صحابي، أحد العبادلة الأربعة من الصحابة، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
والأصل أن الإنسان لا يتعرض لشعره، سواء حصل التغير والشيب بمرض أو بغير مرض.
حدثنا مسدد حدثنا سفيان عن الزهري عن أبي سلمة وسليمان بن يسار عن أبي هريرة رضي الله عنه يبلغ به النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إن اليهود والنصارى لا يصبغون فخالفوهم) ].
أورد أبو داود هذه الترجمة بعنوان: باب في الخضاب.
والخضاب: هو تغيير الشيب بغير السواد، فالسواد لا يجوز، ويجوز بغيره سواء كان حمرة أو صفرة أو كدرة، -لون بين السواد والحمرة، أو بين السواد والصفرة- المهم أن يكون الشعر الظاهر غير أسود على أي صفة كان، سواء كانت صبغته حمرة أو صفرة أو كدرة، وتكون الكدرة بالكتم وهي بين السواد والحمرة؛ لأنه ليس أحمر خالصاً، ولا أسود خالصاً، وإنما هو بينهما.
فالحاصل: أن الخضاب جاءت به السنة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولكنه بغير السواد، كما سيأتي في الأحاديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وقد أورد أبو داود حديث أبي هريرة أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: (إن اليهود والنصارى لا يصبغون فخالفوهم)، أي: لا يصبغون شيبهم وشعرهم الأبيض، سواء كان ذلك للرأس أو للحية.
وقوله: (فخالفوهم)، يعني: فاصبغوا ولا تكونوا مثلهم.
وأبو سلمة بن عبد الرحمن بن عوف ثقة، وأحد فقهاء المدينة السبعة في عصر التابعين على أحد الأقوال الثالثة في السابع منهم.
[ وسليمان بن يسار ].
سليمان بن يسار ثقة، وهو أحد فقهاء المدينة السبعة في عصر التابعين، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
[ عن أبي هريرة ].
أبو هريرة قد مر ذكره.
أورد أبو داود حديث جابر بن عبد الله رضي الله تعالى عنهما قال: (أتي بـأبي قحافة -وهو والد أبي بكر الصديق رضي الله تعالى عنهم- ورأسه ولحيته كالثغامة بياضاً).
والثغامة: نبت أبيض يشبه به الشيب.
فقال النبي صلى الله عليه وسلم: (غيروا هذا وجنبوه السواد).
يعني: غيروا هذا الشيب وجنبوه السواد، فدل هذا على تغيير الشيب، لكن بغير السواد، وذلك أن السواد فيه تدليس، وفيه إيهام بأن الإنسان شاب وهو ليس بشاب.
أحمد بن عمرو بن السرح ثقة، أخرج حديثه مسلم وأبو داود والنسائي وابن ماجة .
[ وأحمد بن سعيد الهمداني ].
أحمد بن سعيد الهمداني صدوق، أخرج له أبو داود .
[ قالا: حدثنا ابن وهب ].
ابن وهب هو عبد الله بن وهب المصري ثقة فقيه، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ قال: أخبرني ابن جريج ].
عبد الملك بن عبد العزيز بن جريج المكي ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن أبي الزبير عن جابر بن عبد الله ].
أبو الزبير وجابر قد مر ذكرهما.
وأبو قحافة هو والد أبي بكر رضي الله عنه، خليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقد أكرم الله أبا بكر بأن أسلم أبواه وأولاده، فظفر بحصول الإسلام لأصوله وفروعه.
وأبو قحافة اسمه عثمان ، وأبو بكر اسمه عبد الله ، وقد اشتهر رضي الله عنه بكنيته، فلا يكاد يعرف باسمه، وأبوه كذلك اشتهر بكنيته، فلا يكاد يعرف باسمه، وأبو بكر بن أبي قحافة هو عبد الله بن عثمان التيمي رضي الله تعالى عنه وأرضاه. وأبو بكر كنية له، وليس له ولد اسمه بكر، وكذلك عمر رضي الله عنه كنيته أبو حفص وليس له ولد اسمه حفص، فأحياناً تحصل الكنى وتشتهر دون أن يكون هناك ولد يسمى به، وقد يكون سبب ذلك أنه يكنى بكنية وهو صغير، ثم لا يسمي أحداً من أولاده بهذا الاسم الذي تكنى به، واشتهر به، فتبقى تلك الكنية التي نشأت معه من حال صغره، وتستمر معه في حال كبره، وإن لم يكن له ولد بهذا الاسم.
أورد أبو داود حديث أبي ذر رضي الله تعالى عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إن أحسن ما غير به هذا الشيب الحناء والكتم)، والحناء معروف، والكتم: هو نبت لونه بين الحمرة والسواد.
الحسن بن علي الحلواني ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا النسائي .
[ حدثنا عبد الرزاق ].
عبد الرزاق بن همام الصنعاني اليماني ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ حدثنا معمر ].
معمر بن راشد الأزدي البصري ثم اليماني ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن سعيد الجريري ].
سعيد بن إياس الجريري ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن عبد الله بن بريدة ].
عبد الله بن بريدة بن الحصيب ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن أبي الأسود الديلي ].
أبو الأسود الديلي هو ظالم بن عمرو ، وهو ثقة مخضرم، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن أبي ذر ].
أبو ذر هو جندب بن جنادة رضي الله عنه، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
أورد أبو داود حديث أبي رمثة رضي الله عنه قال: (انطلقت مع أبي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وإذا هو ذو وفرة بها ردع حناء -يعني: بها صبغ بالحناء- وعليه بردان أخضران) يعني: هذا وصف للباسه، ووصف لشعره، وأنه كان قد صبغ شعره بالحناء.
وقوله: [ (فإذا هو ذو وفرة بها ردع حناء) ].
يحتمل أن يكون المقصود به اللحية، ويحتمل أن يكون المقصود به الرأس.
أحمد بن يونس ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ حدثنا عبيد الله يعني: ابن إياد ].
عبيد الله بن إياد صدوق أخرج له البخاري في الأدب المفرد ومسلم وأبو داود والترمذي والنسائي .
[ قال: حدثنا إياد ].
إياد بن لقيط ثقة، أخرج له البخاري في الأدب المفرد ومسلم وأبو داود والترمذي والنسائي .
[ عن أبي رمثة ].
أبو رمثة رضي الله عنه صحابي، وحديثه أخرجه أبو داود والترمذي والنسائي .
أورد أبو داود الحديث من طريق أخرى وفيها أنه قال: (أرني هذا الذي في ظهرك؛ فإني رجل طبيب. فقال: الله الطبيب)، يعني: أن الله تعالى هو الشافي، وهو المعافي، وهو الذي يشفي الأمراض.
ثم قال له: (بل أنت رجل رفيق)، ولا أدري ما المقصود بكلمة (رفيق)، هل هو نسبة إلى الرفق، أو إلى المرافقة أو غير ذلك؟
ثم قال له: (طبيبها الذي خلقها) يعني: أن الله تعالى هو الذي بيده شفاء كل مرض؛ لأنه هو خالق الداء والدواء، وكل شيء هو من خلق الله عز وجل، ومن إيجاده، فما شاء الله كان، وما لم يشأ لم يكن.
وقوله: (الله الطبيب) الذي يبدو أن هذا الاسم مما يطلق على الله عز وجل، لكن لا يقال: إن من أسماء الله الطبيب، كما لا يقال: من أسماء الله المسعر.
محمد بن العلاء بن كريب أبو كريب ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ حدثنا ابن إدريس ].
ابن إدريس هو عبد الله بن إدريس ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ قال: سمعت ابن أبجر ].
ابن أبجر هو عبد الملك بن سعيد بن حيان وهو ثقة، أخرج له مسلم وأبو داود والترمذي والنسائي.
[ عن إياد بن لقيط عن أبي رمثة ].
إياد بن لقيط وأبو رمثة قد مر ذكرهما.
محل الشاهد هو قوله: وكان قد لطخ لحيته بالحناء، وهنا قال: (لحيته)، وهناك قال: (وفرة)، وهذا يبين أن المقصود بالوفرة: اللحية، وقد يكون المقصود الرأس، وأن يكون حصل هذا وهذا، وعبر في بعض الروايات بالوفرة عن الرأس، وعبر في بعضها عن اللحية، وقد تكون الصيغتان واللفظان يرجعان إلى اللحية.
قوله: (لا تجن عليه) قيل: إن المراد بذلك أنك لا تذنب ذنباً يلحق ابنك مذمته، أو يؤخذ به، وهذا يعني أنهم كانوا يؤاخذون الوالد بالولد، أو الولد بالوالد، فيكون الإنسان إذا أحسن إلى نفسه فقد أحسن إلى غيره، وإذا حصل منه ذنب فقد ينتقل الضرر منه إلى غيره.
ابن بشار هو محمد بن بشار الملقب بندار البصري ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة، وهو شيخ لأصحاب الكتب الستة.
[ حدثنا عبد الرحمن ].
عبد الرحمن بن مهدي البصري ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ حدثنا سفيان ].
سفيان بن سعيد بن مسروق الثوري ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن إياد بن لقيط عن أبي رمثة ].
إياد بن لقيط وأبو رمثة قد مر ذكرهما.
أورد أبو داود حديث أنس بن مالك رضي الله عنه أنه سئل عن خضاب النبي صلى الله عليه وسلم؛ فقال: إنه لم يخضب، ولكن خضب أبو بكر وعمر رضي الله تعالى عنهما.
وهذا يخالف ما تقدم من جهة أن النبي صلى الله عليه وسلم خضب، وأنه كان عليه الحناء في لحيته أو وفرته، وقيل في الجمع بينهما: إن أنساً نافٍ وغيره مثبت، والمثبت مقدم على النافي.
وقيل: إنه يحتمل أنه لم يحصل منه أن يشيب شعره كله حتى يحتاج إلى أن يصبغ.
وقوله: (وأبو بكر وعمر كانا يصبغان) يعني: أنهما احتاجا إلى ذلك؛ لكونه حصل البياض في شعرهما بكثرة، أو أن شعرهما صار أبيض فحصل منهما التغيير.
الحاصل: أن هذا فيه نفي، والذي تقدم فيه إثبات، والإثبات مقدم على النفي، ويحتمل أنه لم يحصل منه، أو أنه لم يكن يبلغ إلى حد أن شعره كان أبيض يحتاج إلى أن يغيره، كما احتاج أبو بكر وعمر إلى تغييره؛ لأن شعرهما تغير إلى البياض، ومعلوم أن النبي صلى الله عليه وسلم ما شاب منه إلا شعرات قليلة، وأكثر شعره كان أسود والذي ابيض منه قليل، فلعل أنساً رضي الله عنه لم يطلع على ذلك الشيب لقلته، وغيره اطلع عليه.
محمد بن عبيد بن حساب الغبري ثقة، أخرج له مسلم وأبو داود والنسائي .
[ حدثنا حماد ].
حماد هو ابن زيد ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
ثابت بن أسلم البناني ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
وأنس رضي الله عنه قد مر ذكره.
وهذا السند من الرباعيات، وهي من أعلى الأسانيد عند أبي داود رحمه الله.
حدثنا عبد الرحيم بن مطرف أبو سفيان قال: حدثنا عمرو بن محمد حدثنا ابن أبي رواد عن نافع عن ابن عمر رضي الله عنهما: (أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يلبس النعال السبتية، ويصفر لحيته بالورس والزعفران)، وكان ابن عمر رضي الله عنهما يفعل ذلك ].
أورد أبو داود باب ما جاء في خضاب الصفرة، يعني: الخضاب بشيء لونه أصفر، ومعلوم أن قول الرسول صلى الله عليه وسلم: (غيروا هذا الشيب وجنبوه السواد) يدل على التغيير بأي لون غير السواد، لقوله: (غيروا هذا وجنبوه السواد) وهذا معناه: أنه يغير بكل شيء غير السواد، فالصفرة والحمرة وغيرها يمكن أن يغير بها، ولكن الممنوع منه هو اللون الأسود الذي يشعر بأن صاحبه لا يزال شاباً.
وأورد أبو داود حديث ابن عمر رضي الله عنهما قال: (كان النبي صلى الله عليه وسلم يلبس النعال السبتية) والسبتية: هي النعال من الجلد المدبوغ الذي أزيل شعره.
قال: (ويصفر لحيته بالورس والزعفران) يعني: يغيرها، وقد مر أن الزعفران لا يستعمله الإنسان وأنه قد جاء النهي عنه من رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهذا مخالف لما تقدم من الأحاديث، ولا أدري ما وجه الجمع بينها، ويبعد كونه حصل منه؛ لأن الشيب إنما كان في آخر أيامه وليس في أول الأمر، فلا أدري ما وجه ما جاء في هذا الحديث من جهة تغييره بالزعفران، وقد ثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه نهى عن التزعفر، وأن الإنسان لا يتطيب بزعفران، ومعلوم أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يحب الطيب ويرغب فيه، فالمخالفة بينه وبين ما تقدم واضحة، ولا أدري ما وجه الجمع بين هذا الحديث وبين ما تقدم من الأحاديث المانعة.
عبد الرحيم بن مطرف أبو سفيان ثقة أخرج له أبو داود والنسائي .
[ قال: حدثنا عمرو بن محمد ].
عمرو بن محمد العنقزي ثقة، أخرج له البخاري تعليقاً ومسلم وأصحاب السنن.
[ حدثنا ابن أبي رواد ].
عبد العزيز بن أبي رواد صدوق ربما وهم، أخرج له البخاري تعليقاً وأصحاب السنن.
يقول صاحب العون: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن التزعفر للرجال، وهو دليل لـأبي حنيفة والشافعي ومن تبعهما في تحريم استعمال الرجل الزعفران في ثوبه وبدنه، ولهما أحاديث أخر صحيحة، ومذهب المالكية أن الممنوع إنما هو استعماله في البدن، دون الثوب، ودليلهم حديث أبي موسى المتقدم؛ فإن مفهومه أن ماعدا الجسد لا يتناوله الوعيد.
فإن قلت: قد ثبت في الصحيحين من حديث أنس أن عبد الرحمن بن عوف جاء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وبه أثر صفرة، فسأله رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبره أنه تزوج امرأة، وفي روية: (عليه ردع زعفران)، فهذا الحديث يدل على جواز التزعفر، فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم ينكر على عبد الرحمن بن عوف ، فكيف التوفيق؟ قلت: أشار البخاري إلى الجمع بأن حديث عبد الرحمن للمتزوج وأحاديث النهي لغيره.
وأيضاً قد يكون مما علق به من امرأته؛ لأن النساء تستعمل هذا الطيب الذي هو الزعفران؛ لأنه ممنوع منه الرجال دون النساء، فيمكن أن يكون علق به شيء من امرأته، ولم يكن متطيباً به.
هذا ما ذكره الحافظ ورجحه النووي ، وأما البخاري فإنه ترجم عليه بقوله: (باب الصفرة للمتزوج).
أورد أبو داود رحمة الله عليه حديث ابن عباس : (مر على النبي صلى الله عليه وسلم رجل قد خضب بالحناء فقال: ما أحسن هذا! ثم مر آخر قد خضب بالحناء والكتم فقال: هذا أحسن من هذا، ثم مر ثالث قد خضب بالصفرة فقال: هذا أحسن من هذا كله)، وهذا فيه ترتيب هذه الألوان؛ لأن أحسن هذه الألوان الثلاثة: الصفرة، ثم الكتم، ثم يليه الحناء؛ ولكن الحديث ضعيف؛ لأن في إسناده رجلاً مجهولاً.
عثمان بن أبي شيبة ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة إلا الترمذي وإلا النسائي فقد أخرج له في عمل اليوم والليلة.
[ حدثنا إسحاق بن منصور ].
إسحاق بن منصور السلولي صدوق، أخرج له أصحاب الكتب الستة، وهناك إسحاق بن منصور في طبقة متأخرة، وهذا في طبقة متقدمة، والذي في الطبقة المتقدمة هو إسحاق بن منصور السلولي ، وأما ذاك فهو إسحاق بن منصور الكوسج ، فهما متفقان في الأسماء، وأسماء الآباء، ولكنهما مختلفان في الطبقات فـالسلولي متقدم على الكوسج .
[ حدثنا محمد بن طلحة ].
محمد بن طلحة صدوق له أوهام، أخرج أصحاب الكتب الستة إلا النسائي فأخرج له في مسند علي .
[ عن حميد بن وهب ].
حميد بن وهب لين الحديث، أخرج له أبو داود وابن ماجة .
[ عن ابن طاوس عن طاوس عن ابن عباس ].
عبد الله بن طاوس ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة، وأبوه طاوس بن كيسان ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة، وعبد الله بن عباس رضي الله تعالى عنهما صحابي وقد مر ذكره.
والحديث آفته وعلته حميد بن وهب .
حدثنا أبو توبة حدثنا عبيد الله عن عبد الكريم الجزري عن سعيد بن جبير عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (يكون قوم يخضبون في آخر الزمان بالسواد كحواصل الحمام لا يريحون رائحة الجنة) ].
أورد الإمام أبو داود السجستاني رحمه الله تعالى هذه الترجمة بعنوان: باب في خضاب بالسواد، والخضاب سبق أن ذكرنا أنه يكون بغير السواد، وقد مر الحديث في قصة أبي قحافة ، وهو قول النبي صلى الله عليه وسلم: (غيروا هذا بشيء وجنبوه السواد)، وهذا فيه الأمر بتجنب السواد عند الخضاب.
أورد أبو داود هنا حديث ابن عباس رضي الله تعالى عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (يكون أناس في آخر الزمان يخضبون بالسواد كحواصل الحمام لا يريحون رائحة الجنة)، وهذا فيه ترهيب من الخضاب بالسواد، وأن الرسول صلى الله عليه وسلم أخبر بأن هذا سيكون، وذم الذين يكونون كذلك، وذكر أنهم متوعدون بهذا الوعيد، وهذا دليل على تحريم الخضاب بالسواد.
وقوله: (كحواصل الحمام) حواصل الحمام سود، يعني: أن شكل الذي يفعلونه في شعرهم كشأن السواد الذي يكون على حواصلها، والحواصل هي مكان اجتماع الطعام فيها، فإنه في الغالب يكون أسود.
وقوله: (لا يريحون رائحة الجنة) يعني: لا يجدون ريحها.
أبو توبة الربيع بن نافع ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا الترمذي .
[ حدثنا عبيد الله].
عبيد الله هو ابن عمرو الرقي ثقة ربما وهم، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن عبد الكريم الجزري ].
عبد الكريم الجزري ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن سعيد بن جبير ].
سعيد بن جبير ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن ابن عباس ].
هو عبد الله بن عباس بن عبد المطلب ابن عم النبي صلى الله عليه وسلم، وأحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم.
ذكر بعض أهل العلم حالات يستثنى فيها تحريم الخضاب بالسواد، منها: في حال الجهاد؛ لأن في ذلك إظهار القوة للأعداء، ويكون من جملة الخدعة في الحرب، فمن غير شيبه بالسواد يظهر أمام الكفار بمظهر القوة، ومظهر الجلد، فيكون في ذلك مصلحة، وهذا من قبيل المكيدة في الحرب، ومعلوم أن اتخاذ ما يغيظ الأعداء ويرهبهم بإظهار القوة والجلد؛ لا بأس به، ولا مانع منه، وقد جاء في الحديث أن الرسول صلى الله عليه وسلم وأصحابه لما قدموا مكة في عمرة القضية في السنة السابعة، كان الكفار قد جلسوا أمام الكعبة من جهة الحجر، وقالوا: إنه يقدم عليكم قوم قد وهنتهم حمى يثرب، فالرسول صلى الله عليه وسلم أمر أصحابه إذا كانوا بين الركنين أن يروحوا على أنفسهم ويمشون، وفي غير هذا الموضع حيث لا تكون الكعبة حاجزة بينهم وبين الكفار يرملون، فيظهرون الجلد، ويظهرون أنهم بخلاف الذي قاله الكفار من كونهم قد وهنتهم حمى يثرب، وهذا الذي عمله الرسول صلى الله عليه وسلم من أمرهم بأن يسرعوا فيه خدعة، وفيه إغاظة للعدو، وهكذا من غير الشيب بالسواد من أجل إغاظة العدو، ومن أجل النكاية به، ومن باب الخدعة في الحرب، فلا بأس به.
وكذلك يستدل بما جاء من جواز الخيلاء في الحرب، كقوله صلى الله عليه وسلم: (إن هذه مشية يبغضها الله، إلا في مثل هذا).
أجاب بعضهم عن هذا الحديث: بأنه في أشراط الساعة، فلا يلزم منه التحريم، لاسيما وأن الخضاب بالسواد حصل من بعض الصحابة، كما ذكره ابن الجوزي ، والجواب: لعله لم يبلغهم الحديث، وكونه من أشراط الساعة ومما يكون في آخر الزمان لا يدل على كونه سائغاً، ولكنه إخبار من الصادق المصدوق عن أمر سيكون، ولا يعني الإخبار بالشيء أنه سيكون أنه سائغ؛ لأن نفس الحديث جاء فيه الوعيد.
حدثنا مسدد حدثنا عبد الوارث بن سعيد عن محمد بن جحادة عن حميد الشامي عن سليمان المنبهي عن ثوبان رضي الله عنه مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا سافر كان آخر عهده بإنسان من أهله
أورد أبو داود هذه الترجمة بعنوان: باب ما جاء في الانتفاع بالعاج، والعاج: قيل إن المراد به ما يتخذ من عظم الفيل، أو من سمك يكون في البحر، يتخذ للتزين، هذا هو المقصود، وفيما يتعلق بالسمك، وما يؤخذ منه ليس فيه إشكال، وإنما الإشكال والخلاف في الذي يكون من الفيل، ففي ذلك خلاف بين أهل العلم، فمنهم من قال بأنه سائغ، وقال: إن العظم ليس كاللحم حتى يكون ممنوعاً منه، وإنه لا تحل فيه الحياة، كما تحل في اللحم، ومنهم من قال: إن العظم كاللحم وإنه لا يستعمل شيء من الحيوان المحرم الذي لا يحل أكله؛ لأن مذكاه كميتته، ولا فرق بين كونه مذكى أو كونه مات حتف أنفه.
فاتخاذ ذلك من السمك كما قال بعض أهل العلم: لا إشكال فيه، واتخاذه من الحيوان الذي هو الفيل فيه إشكال وخلاف بين أهل العلم.
وقد أورد أبو داود حديث ثوبان مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي فيه أن النبي عليه الصلاة والسلام كان إذا أراد أن يسافر يكون آخر من يفارقه ابنته فاطمة رضي الله عنها، وإذا قدم تكون أول من يلقاه، وأنه جاء إليها وقد علقت ستراً على الباب، وجعلت قلبين من فضة على الحسن والحسين ، فلما رأى ذلك النبي صلى الله عليه وسلم رجع؛ فظنت أنه فعل ذلك من أجل الستر، فهتكته، وقيل: إن هذا الستر لعله كان زينة، أو أنه كان فيه صور وتماثيل.
وأما الستر إذا كان لحاجة على الباب وعلى الفرجة فإن ذلك لا بأس به، ولا مانع منه، فهتكت الستر وقطعت القلبين، وجعلته بأيديهما، فذهبا وهما يبكيان لكونه قطع ذلك الذي كان لهما، فالرسول صلى الله عليه وسلم أخذه منهما وأعطاه ثوبان وقال: أعطه لجماعة من الناس، وقال: إنه لا يحل أن يرى أهل بيته أو أقربائه عجلت لهم طبيباتهم في حياتهم الدنيا، وأمر ثوبان بأن يشتري لـفاطمة فقال (اشتر لـ
وأما العصب فقد قال أبو موسى المديني في المجموع المغيث: العاج: عظم ظهر السلحفاة البحرية، ثم قال عن العصْب: بالتسكين، أو العصَب، يحتمل عندي أن الرواية إنما هي العصَب بفتح الصاد، وهو: أطناب مفاصل الحيوانات.
يعني: العصب الذي يربط المفاصل.
قال: [ ثم ذكر لي بعض أهل اليمن أن العصب سن دابة بحرية تسمى فرس فرعون يتخذ منها الخرز، يكون أبيض ويتخذ منها غير الخرز أيضاً كنصاب السكين وغيره.
والقلبان هما: سوران أو عقدان من فضة كانا معلقين عليهما للتجمل.
وقوله: (وقد علقت مسحاً أو ستراً على بابها). هذا هو الذي هتكته، وهذا التعليق يحتمل أن يكون من أجل الزينة، وأن فيه شيئاً من التزين، أو أنه كان فيه صور تماثيل، فيكون الإنكار من أجله لا من أجل اتخاذ شيء يستر، فإنه يتخذ عندما يكون هناك حاجة إلى وضع شيء على الباب من أجل أن يحجب الرؤية عمن يكون في الداخل، ومن يكون في الخارج، وفي نفس الوقت يدخل معه الهواء الذي لا يكون مع إغلاق الباب.
والحديث ليس بصحيح، بل ضعيف؛ لأن فيه رجلين متكلماً فيهما، والتعليل الذي جاء في الحديث أنه أحب ألا يكون حصل لأهل بيته تعجيل الطيبات في هذه الحياة الدنيا، ولهذا أرسله إلى أهل البيت من أجل أن يستفيدوا منه، وغيرهما بسوارين من عاج هو لأن كونه من عظام السمك غير كونه من الفضة، وهذا أهون من هذا وأخف من هذا.
مسدد بن مسرهد ثقة، أخرج له البخاري وأبو داود والترمذي والنسائي .
[ حدثنا عبد الوارث بن سعيد ].
عبد الوارث بن سعيد العنبري ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن محمد بن جحادة ].
محمد بن جحادة ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن حميد الشامي ].
حميد الشامي مجهول، أخرج له أبو داود وابن ماجة في التفسير.
[ عن سليمان المنبهي ].
سليمان المنبهي مجهول، أخرج له أبو داود وابن ماجة في التفسير.
[ عن ثوبان ].
ثوبان مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وحديثه أخرجه البخاري في الأدب المفرد، ومسلم وأصحاب السنن. والحديث فيه مجهولان.
الجواب: إذا كانت من حيوانات مباحة فليس فيها إشكال، أي: أنها إذا كانت من حيوانات مباحة فهي سائغة، وأما إذا لم يعرف حالها فالتورع ألا يقدم على شيء إلا ببينة.
الجواب: هذا ليس بواضح، والأحاديث التي مرت فيها الوعيد، فلا يصح أن يقال: إنها محمولة على الكراهة.
الجواب: ليس مباحاً؛ لأن الأحاديث التي جاءت عامة وليست خاصة بالحج، ولهذا سبق أن مر أن الراوي قال: (وهم محرمون؟ قال: لا، القوم مقيمون).
الجواب: نعم، لا يشترط أن يعم الشيب جميع اللحية، لكن بعض أهل العلم قال: الرسول صلى الله عليه وسلم ما كان يغير شيبه، وإنما كان تغير بعض شعراته من أثر كثرة الطيب الذي كان يجري على لحيته، فمن آثار كثرة تطيبه صلى الله عليه وسلم تغيرت تلك الشعرات القليلة من شعر لحيته صلى الله عليه وسلم.
الجواب: الإعلان مطلقاً بأن كل ميت يعلن عنه في المساجد بأنه توفي هذا غير صحيح، ومعلوم أن الجنائز يصلى عليها في مساجد معينة، فالإمام لا يعلن بمكبر الصوت، إنما يخبر الناس بأي وسيلة: أن في المسجد الفلاني جنازة، ولا يحتاج أن يسمى شخصاً، وإنما يقول: في المسجد الفلاني جنازة ويركب سيارته ويذهب يصلي مع الناس؛ لأنه في نفس الوقت، وأولئك أيضاً يكون من عادتهم أن يتأخروا قليلاً، فهذا يبدو أنه لا بأس به؛ لأن فيه تكثيراً للمصلين، وتكثير الشفعاء للميت.
وأما أن يعلن عن كل ميت، وأنه يحتاج الناس إلى أن يسافروا أو يذهبوا من بلد إلى بلد، فهذا ليس له وجه، لكن بالنسبة للبلد يبدو أنه لا بأس به، فكون الإمام يقول: إن المسجد الفلاني فيه جنازة يصلى عليها، وبعد الصلاة يذهبون ويدركون تلك الجنازة ويصلون عليها، هذا يبدو أنه لا بأس به؛ لأنه ليس نعياً، وإنما هو تنبيه إلى المشاركة في تحصيل هذا الأجر، من الصلاة عليه، ومن اتباع جنازته، فالذي يبدو أن مثل هذا لا بأس به، وأما قضية الإعلان عن كل ميت في كل مسجد، أو أنه يحتاج إلى أن يسافر، وتحبس الجنائز من أجل أن يحضر الناس لكل ميت؛ فهذا لا وجه له.
الجواب: هذه الصور مما ابتلي به الناس، وبعض المعلبات عليها صور، فمثل هذا مما عمت به البلوى، فلا بأس ببيعها.
الجواب: هذا الحديث ثابت؛ ولكن فيه خلاف بين أهل العلم فمنهم من قال: إنه منسوخ، ومنهم من قال: إنه باقٍ غير منسوخ، والأحاديث في ذلك صحيحة ثابتة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
الجواب: أنت تقوم للصلاة على الجنازة، ولا تقوم من أجل أن الميت مر؛ لأن القيام هو من أجل مرور الميت، وأما هذا فمن أجل الصلاة، فقول القائل: الصلاة على الميت، معناه: قوموا للصلاة عليه، وتنبيه إلى أنه يوجد ميت أو أموات، المطلوب أن يصلى عليهم وأن يقوم الناس للصلاة عليهم، فهذا غير القيام الذي جاء في الحديث عند مرور الجنازة، وأنه إذا مرت يقوم الإنسان.
الجواب: الإنسان إذا قنت قبل الركوع فإنه يقنت بعد القراءة، ثم يكبر للركوع، والقنوت ليس له تكبير.
الجواب: إذا كنت متحققاً بأنك أخذت منه مائة زائدة، فتصدق بها عنه.
الجواب: لا؛ لأن هذا فيه شبهة.
والعكس من باب أولى، فالأب يأخذ من مال ابنه ولا يحتاج إلى سرقة، ولكن الولد يمكن أن يسرق، وأما الأب فيأخذ بدون حاجة إلى سرقة؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: (أنت ومالك لأبيك).
الجواب: الذي يبدو أنه يجوز؛ لأن الحرام لا يحرم الحلال.
الجواب: نعم، يدخل فيه؛ لأن كون هذا الإنسان باقياً عند رجل ثم يأتي إنسان ويقول: أنا أعطيك زيادة، فمعنى هذا أنه لن يستقر عامل عند أحد.
من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر