باب ما جاء في اتخاذ الخاتم.
حدثنا عبد الرحيم بن مطرف الرؤاسي حدثنا عيسى عن سعيد عن قتادة عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: (أراد رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم أن يكتب إلى بعض الأعاجم، فقيل له: إنهم لا يقرءون كتاباً إلا بخاتم، فاتخذ خاتماً من فضة ونقش فيه: محمد رسول الله) ].
أورد أبو داود هذا الكتاب وهو كتاب الخاتم، وقال: [ باب ما جاء في اتخاذ الخاتم ] والخاتم هو ما يضعه الإنسان في أصبعه مما يجوز له استعماله من الفضة، فلا يجوز استعمال الذهب، ولا يجوز استعمال الحديد، أما الفضة فقد جاءت السنة ببيان جواز استعمالها.
واتخاذ الخاتم الأمر فيه واسع، إن فعله فلا بأس، وإن تركه فلا بأس، والنبي صلى الله عليه وسلم لم يتخذه إلا عندما أراد أن يكتب إلى بعض الأعاجم، فقيل: إنهم لا يقرءون أو لا يأخذون الكتاب إلا إذا ختم عليه بخاتم مرسله، فاتخذ خاتماً من فضة، وكتب عليه: (محمد رسول الله) صلى الله عليه وسلم، فدل ذلك على جواز اتخاذ الخاتم، وكونه هنا اتخذه لحاجة واتخذه لمصلحة يدل على أن الأمر في ذلك واسع، فمن لبس خاتماً فلا حرج، ومن تركه فلا حرج.
أورد أبو داود حديث أنس بن مالك رضي الله عنه، قال: [ (أراد رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يكتب إلى بعض الأعاجم) ].
يعني: الذين هم من غير العرب، كالفرس والروم والحبش.
قوله: [ (فقيل له: إنهم لا يقرءون كتاباً إلا بخاتم) ] أي: لا يقبلون الكتاب إلا إذا كان مختوماً وكان عليه ختم صاحبه الذي أرسله.
قوله: [ (فاتخذ خاتماً من فضة، ونقش عليه: محمد رسول الله) ] فدل هذا على جواز التختم بالفضة، وأن ذلك سائغ في حق الرجال، وأما النساء فيتختمن بالذهب والفضة وغير ذلك.
عبد الرحيم بن مطرف الرؤاسي هو ثقة أخرج له أبو داود والنسائي .
[ حدثنا عيسى ].
هو عيسى بن يونس بن أبي إسحاق السبيعي ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن سعيد ].
هو سعيد بن أبي عروبة وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن قتادة ].
هو قتادة بن دعامة السدوسي البصري ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن أنس بن مالك ].
أنس بن مالك رضي الله عنه، خادم رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم.
أما كون الخاتم المنقوش عليه اسمه صلى الله عليه وسلم هو نفس الخاتم الذي يلبسه، أو هو خاتم خاص للختم على الرسائل، فالذي يظهر أنه الذي يلبسه على الأصبع، وهو الذي يختم به، فلا يقال: له خاتمان: خاتم يختم به، وخاتم يلبسه للتزين.
أورد أبو داود الحديث من طريق أخرى عن أنس ، وفيه أن هذا الخاتم الذي اتخذه رسول الله عليه الصلاة والسلام قد كتب عليه (محمد رسول الله) كان في يده حتى توفاه الله عز وجل، ثم كان في يد أبي بكر خليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم في يد عمر رضي الله عنه من بعده، ثم في يد عثمان ، يعني: أن الخلفاء كانوا يتعاقبون عليه، حتى كان زمن عثمان وكان عند بئر يقال لها: بئر أريس، فسقط الخاتم من يده فيها، فأمر بنزح مائها للبحث عنه فلم يجدوه، وكون أبي بكر وعمر وعثمان كانوا يلبسونه، لا شك أن ذلك للتبرك بهذا الخاتم الذي مس جسده الشريف صلوات الله وسلامه وبركاته عليه.
ومعلوم أن الصحابة كانوا يتبركون بما مس جسده صلى الله عليه وسلم، فكانوا يتبركون بشعره وببصاقه وبعرقه وبفضل وضوئه، وكل ذلك جاءت به السنة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهذا من خصائصه عليه الصلاة والسلام، فلا يكون لأحد من بعده، بدليل أن الصحابة رضي الله عنهم وأرضاهم ما فعلوا ذلك بعده مع أفضل هذه الأمة بعد نبيها عليه الصلاة والسلام أبي بكر وعمر وعثمان وعلي ، وغيرهم من الصحابة، وإنما كانوا يفعلون ذلك مع رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وهب بن بقية هو ثقة، أخرج له مسلم وأبو داود والنسائي .
[ عن خالد ].
هو خالد بن عبد الله الواسطي ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
أورد أبو داود حديث أنس رضي الله تعالى عنه قال: [ (كان خاتم النبي صلى الله عليه وسلم من ورق فصه حبشي) ] أي: من فضة، والفص هو المكان البارز الذي تكون عليه الكتابة.
قال: [ فصه وحبشي ] أي: أن صانعه حبشي، فهو منسوب إلى الحبشة من أجل الصنعة، وجاء في حديث سيأتي: (أن فصه منه) أي: أنه فضة، وهذا يدل على أنه لا تنافي بين الروايتين: بين قوله: [ فصه حبشي ] وبين قوله: [ (فصه منه) ] ويكون معنى ذلك أنه من فضة، وإنما هو صناعة حبشية.
هو قتيبة بن سعيد بن جميل بن طريف البغلاني ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ وأحمد بن صالح ].
هو أحمد بن صالح المصري ثقة، أخرج له البخاري وأبو داود والترمذي في الشمائل.
[ حدثنا ابن وهب ].
هو عبد الله بن وهب المصري ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ أخبرني يونس بن يزيد ].
هو يونس بن يزيد الأيلي ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن ابن شهاب ].
هو محمد بن مسلم بن عبيد الله بن شهاب الزهري ثقة فقيه، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ حدثني أنس ].
أنس وقد مر ذكره.
أورد أبو داود حديث أنس : [ (كان خاتم النبي صلى الله عليه وسلم من فضة كله، فصه منه) ] يعني: أن الخاتم كله فضه، وفصه من فضة، وإذا كان الحديث السابق كما عرفنا فسر ما فيه من النسبة للحبشة بأنه من صنع الحبشة، فإنه لا يكون هناك تناف بين الحديثين.
أحمد بن يونس ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ حدثنا زهير ].
هو زهير بن معاوية ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ حدثنا حميد الطويل ].
هو حميد بن أبي حميد الطويل ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن أنس بن مالك ].
أنس قد مر ذكره.
وهذا الإسناد من الرباعيات التي هي أعلى الأسانيد عند أبي داود رحمه الله.
قال أبو داود : ولم يختلف الناس على عثمان حتى سقط الخاتم من يده ].
أورد أبو داود حديث عبد الله بن عمر رضي الله تعالى عنهما: أن النبي صلى الله عليه وسلم اتخذ خاتماً من ذهب، فاتخذ الناس خواتم من ذهب، فرمى به النبي صلى الله عليه وسلم وقال: [ (لا ألبسه أبداً) ] يعني: أنه كان مباحاً ثم حرم على الرجال.
قوله: [ (ثم اتخذ خاتماً من فضة) ] يعني: بعد ما حرم خاتم الذهب وتركه النبي صلى الله عليه وسلم، اتخذ خاتماً من فضة.
قوله: [ (حتى وقع في بئر أريس) ] هي بئر في جهة قباء.
هذه الآثار التي لم تأت بها سنة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقد جاء ما يدل على التحذير من اتخاذ آثار الأنبياء؛ لأن ذلك يؤدي إلى الغلو ويؤدي إلى المحاذير، كما جاء عن عمر رضي الله تعالى عنه وأرضاه أنه كان في طريقه من مكة إلى المدينة، أو من المدينة إلى مكة، وكان هناك مسجد فرأى الناس يدخلون ويصلون فيه، فقال: ما هذا؟ قالوا: هذا مسجد يقال: صلى فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: إنما أهلك من كان قبلكم باتخاذهم آثار أنبيائهم مساجد، من أدركته الصلاة فليصل وإلا فليمض.
أي أنه لا يقصد مثل ذلك المكان ويتعمد الذهاب إليه من أجل أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى به هذا كلام عمر رضي الله عنه الذي هو الحريص على اتباع سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، والذي هو ثاني الخلفاء الراشدين الهادين المهديين الذين أمر النبي الكريم عليه الصلاة السلام باتباع سنتهم مع سنته، في قوله عليه الصلاة والسلام: (فإنه من يعش منكم فسيرى اختلافاً كثيراً، فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي، تمسكوا بها وعضوا عليها بالنواجذ، وإياكم ومحدثات الأمور، فإن كل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة).
فبعض الناس يولع بالآثار غير المشروعة، والتي ما جاء شيء يدل على اعتبارها ولا على قصدها ولا على تتبعها، ويغفلون ويقصرون عن الآثار الشرعية التي بعث بها رسول الله عليه الصلاة والسلام، والتي هي أوامر ونواه يجب امتثال ما كان مأموراً به، ويجب الاجتناب والابتعاد عما كان منهياً عنه.
فهذه البئر التي سقط فيها الخاتم، تجد بعض الناس يريد إظهارها وإبرازها وإيجادها؛ لطلب البركة منها؛ لأنه سقط فيها خاتم رسول الله صلى الله عليه وسلم.
نقول: إن البركة إنما هي باتباع الرسول الكريم عليه الصلاة السلام، والسير على نهجه واتباع سنته، وهي علامة محبة الله عز وجل للعبد، كما قال الله عز وجل: قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ [آل عمران:31]، فعلامة المحبة وعلامة الصدق في المحبة أن يكون الإنسان متبعاً لا مبتدعاً، والنبي صلى الله عليه وسلم حذر من البدع وأمر بالسنن، ومثل هذه الأمور التي يعتني بها بعض الناس ويحرص عليها فيها محاذير وأضرار، وفي الوقت الذي يحرصون فيه على هذا يقصرون فيما هم مأمورون به.
[ قال أبو داود : ولم يختلف الناس على عثمان حتى سقط الخاتم من يده ].
لا ندري عن حقيقة هذا التوجيه أو هذا التعليل الذي ذكره أبو داود ، من كون الاختلاف إنما حصل في ذلك التاريخ.
نصير بن الفرج هو ثقة، أخرج له أبو داود والنسائي .
[ حدثنا أبو أسامة ].
هو حماد بن أسامة ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن عبيد الله ].
هو عبيد الله بن عمر بن حفص بن عاصم العمري المصغر ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن نافع ].
هو نافع مولى ابن عمر وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن ابن عمر ].
هو عبد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنهما الصحابي الجليل، وأحد العبادلة الأربعة من الصحابة، وأحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم.
أورد أبو داود حديث ابن عمر من طريق أخرى وفيه زيادة قال: [ (لا ينقش أحد على نقش خاتمي هذا) ]، يعني: أنه ليس للناس أن يفعلوا كما فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ لأن هذا النقش الذي نقشه يتعلق به ويخصه، وكان يختم به، فغيره ليس له أن يكتب عليه مثل ما كتب رسول الله صلى الله عليه وسلم على خاتمه.
قوله: [ حدثنا عثمان بن أبي شيبة ].
عثمان بن أبي شيبة ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة، إلا الترمذي .
[ حدثنا سفيان بن عيينة ].
هو سفيان بن عيينة المكي ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن أيوب بن موسى ].
أيوب بن موسى ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
قوله: [ (فالتمسوه فلم يجدوه) ].
يعني: عثمان رضي الله عنه هو الذي طلب التماسه والبحث عنه لما سقط في البئر، فلم يجدوه، وقد مر أنه أمر بنزح البئر فنزحت ولم يجدوه، وهذا مثل الذي قبله، إلا أن فيه أنهم التمسوه ولم يجدوه.
قوله: [ (فاتخذ
يعني: أن عثمان رضي الله عنه لما بحث عن الخاتم الذي سقط في البئر، وهو خاتم رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي كان في يده فلم يوجد، اتخذ بعد ذلك خاتماً وكتب عليه: محمد رسول الله، فكان يختم به أو يتختم به.
إذاً: فمعلوم أن الخلفاء الراشدين الذين لبسوا خاتم النبي صلى الله عليه وسلم إنما هو للتبرك، وأما كون عثمان رضي الله عنه يصنع خاتماً جديداً ويكتب عليه: محمد رسول الله ثم يتختم به، فهذا ليس مطابقاً لما قد حصل من فعل الخلفاء من جهة التبرك؛ لأن هذا لم يمس جسد الرسول صلى الله عليه وسلم، وليست القضية أنه يصنع خاتماً ويكتب عليه اسم الرسول صلى الله عليه وسلم؛ لأن الحديث الذي سبق أن مر يقول فيه النبي صلى الله عليه وسلم: (لا ينقش أحد على خاتمي هذا) يعني: أنه لا يقلد ولا يصنع شيء على نحوه وعلى هيئته، ويكتب عليه كما كتب على خاتم رسول الله صلى الله عليه وسلم.
أما نفس الخاتم الذي مس جسده الشريف صلى الله عليه وسلم، فالخلفاء كانوا يلبسونه تبركاً، وليس للختم به، وكيف يختمون بمحمد رسول الله وهذا شيء يخص الرسول صلى الله عليه وسلم، وإنما يختمون بأسمائهم، وليس باسم الرسول عليه الصلاة والسلام، فهذا اللفظ الأخير فيه نكارة من جهة أن عثمان رضي الله عنه اتخذ خاتماً وكتب عليه: محمد رسول الله، وكان يختم به أو يتختم به، فهذا لفظ منكر؛ لأن الصحابة إنما كانوا يتبركون بما مس جسده صلى الله عليه وسلم، وأما صناعة خاتم جديد ينقش عليه: محمد رسول الله، فإن هذا لم يمس جسده حتى يتبرك به، وهو أيضاً مخالف لما جاء من أنه لا ينقش أحد على نقش خاتمه صلى الله عليه وسلم.
هو محمد بن يحيى بن فارس الذهلي ثقة، أخرج له البخاري وأصحاب السنن.
[ حدثنا أبو عاصم ].
هو الضحاك بن مخلد وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن المغيرة بن زياد ].
المغيرة بن زياد صدوق له أوهام، أخرج له أصحاب السنن.
والألباني رحمه الله قال عن الحديث: إن إسناده ضعيف، ولعله من جهة المغيرة بن زياد ومن ناحية المتن فهو منكر، والنكارة فيه كما هو معلوم من الجهتين اللتين أشرت إليهما.
الجواب: الذي ينبغي للإنسان ألا يحرص على الأشياء الغالية والأشياء النفيسة، وإنما يأتي بالشيء الذي ليس فيه مغالاة، وليس فيه إسراف كالفضة، وكذلك ما كان من شيء لا مبالغة فيه ولا إسراف فيه.
الجواب: كل شيء فيه ذكر الله، فإنه لا يدخل به الخلاء، بل ننزه اسم الله عز وجل إلا إذا كان الإنسان مضطراً إلى ذلك، بحيث إنه لم يتمكن من وضعه في مكان مأمون، فهذا مما يضطر إليه أحياناً، ولا بأس به عند الضرورة.
الجواب: بعض العلماء قال: إنه يكون على الهيئة التي فعلها رسول الله صلى الله عليه وسلم، وبعضهم يقول: إن الأمر في ذلك واسع سواء كان مما يلي باطن الكف أو كان مما يلي ظاهرها.
أما جعله بباطن الكف عند دخول الخلاء، فالذي يبدو من لفظ الحديث أنه جعله دائماً مما يلي باطن الكف.
حدثنا محمد بن سليمان لوين عن إبراهيم بن سعد عن ابن شهاب عن أنس بن مالك رضي الله عنه: (أنه رأى في يد النبي صلى الله عليه وآله وسلم خاتماً من ورق يوماً واحداً، فصنع الناس فلبسوا، وطرح النبي صلى الله عليه وسلم فطرح الناس).
قال أبو داود : رواه عن الزهري زياد بن سعد وشعيب وابن مسافر ، كلهم قال: (من ورق) ].
أورد أبو داود [ باب ما جاء في ترك الخاتم ] وقد تقدم [ باب ما جاء في اتخاذ الخاتم ].
أورد أبو داود حديث أنس : [ (أنه رأى في يد النبي صلى الله عليه وسلم خاتماً من ورق يوماً واحداً، فصنع الناس فلبسوا)] يعني: أن الناس لما رأوا النبي صلى الله عليه وسلم اتخذ خاتماً صنعوا مثله.
قوله: [ (فطرح النبي صلى الله عليه وسلم وطرح الناس) ] يعني: خواتيمهم.
هذا الحديث فيما يتعلق بالخاتم لا يتفق مع ما تقدم، من كون النبي صلى الله عليه وسلم اتخذ خاتماً من فضة، وأنه بقي في يده حتى قبض، وإنما الذي جاء أنه فعله وتركه هو الذهب، فيكون توجيه هذا الحديث من جهتين: إما أن يكون فيه وهم حيث إنه ذكر الفضة بدل الذهب، أو أن المقصود من ذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم اتخذ خاتماً من ذهب، ثم اتخذ خاتماً من فضة، قبل أن يطرح ذلك الذهب الذي أراد طرحه، فالناس اتخذوا خواتيم من ذهب كما اتخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم، فطرح خاتم الذهب، فطرح الناس خواتيمهم، ثم استعمل ذلك خاتماً من الفضة وبقي في يده حتى قبض.
أما أن يكون الرسول صلى الله عليه وسلم ترك خاتم الفضة ولم يستعمله، فهذا مخالف لما جاء في الأحاديث من أنه استعمله حتى قبض، وأنه أخذه بعده أبو بكر ثم عمر ثم عثمان ، ثم فقد في زمن عثمان رضي الله تعالى عنه وأرضاه.
لوين لقب لـمحمد بن سليمان وهو ثقة أخرج له أبو داود والنسائي .
[ عن إبراهيم بن سعد ].
إبراهيم بن سعد ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن ابن شهاب ].
ابن شهاب مر ذكره.
[ عن أنس ].
أنس بن مالك رضي الله عنه خادم رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقد مر ذكره.
والإسناد رباعي وهو من أعلى الأسانيد عند أبي داود .
[ قال أبو داود : رواه عن الزهري زياد بن سعد ].
زياد بن سعد ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ وشعيب ].
هو شعيب بن أبي حمزة وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ وابن مسافر ].
و ابن مسافر وهو صدوق، أخرج له البخاري ومسلم وأبو داود في المراسيل والترمذي والنسائي .
[كلهم قال: (من ورق) ].
يعني: كلهم متفقون مع ما جاء في الحديث.
ويمكن أن يكون الوهم في ذكر الورق من الزهري ؛ لأن كل الرواة عنه متفقون عليه.
حدثنا مسدد حدثنا المعتمر سمعت الركين بن الربيع يحدث عن القاسم بن حسان عن عبد الرحمن بن حرملة أن ابن مسعود رضي الله عنه كان يقول: (كان نبي الله صلى الله عليه وآله وسلم يكره عشر خلال: الصفرة -يعني: الخلوق- وتغيير الشيب، وجر الإزار، والتختم بالذهب، والتبرج بالزينة لغير محلها، والضرب بالكعاب، والرقى إلا بالمعوذات، وعقد التمائم، وعزل الماء لغيره أو غير محله أو عن محله، وفساد الصبي غير محرمه).
قال: أبو داود : انفرد بإسناد هذا الحديث أهل البصرة، والله أعلم ].
أورد أبو داود [ باب ما جاء في خاتم الذهب ]
خاتم الذهب قد جاء فيه أحاديث تدل على تحريمه، وأنه كان مباحاً أولاً ثم حرم، وقد سبق الحديث الذي فيه طرحه وقوله: (لا ألبسه أبداً) ثم طرح الصحابة خواتيمهم تبعاً له واقتداء به صلوات الله وسلامه وبركاته عليه، وجاء كذلك الحديث الذي فيه: (أنه أخذ حريراً وذهباً، وقال: هذان حرام على ذكور أمتي).
وأما بالنسبة للنساء فإن التحلي بالذهب سائغ لهن، كما أنه سائغ من الفضة ومن غيرها، وإنما المنع من الذهب في حق الرجال، فهم الذين لا يستعملون الذهب، ولا يتختمون بالذهب.
أورد أبو داود حديث ابن مسعود رضي الله عنه قال: [ (كان النبي صلى الله عليه وسلم يكره عشر خلال: الصفرة، يعني الخلوق) ].
الخلوق هو الطيب الذي يكون من زعفران وغيره، وقد سبق أن مرت أحاديث فيها عدم استعمال الزعفران في الطيب في حق الرجال.
قوله: [ (وتغيير الشيب) ].
يعني: تغيير الشيب بالسواد، أما تغييره بغير السواد فهو مأمور به، وقد جاءت به السنة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من قوله وفعله، وإنما المنهي عنه والمكروه والمحرم هو تغييره بالسواد.
قوله: [ (وجر الإزار) ].
يعني: إسبال الثياب، وهذا من الأمور المحرمة، وسواء كان مع قصد الخيلاء أو بدون قصد الخيلاء، ما دام الإنسان قد جر ثوبه فهو آثم، ولكنه إذا كان مع قصد الخيلاء يكون شراً إلى شر.
قوله: [ (والتختم بالذهب) ].
يعني: في حق الرجال.
قوله: [ (والتبرج بالزينة لغير محلها) ].
يعني: في حق النساء، من كونهن يتبرجن بالزينة لمن لا يجوز أن يظهرن له من الأجانب الذين تحصل فتنتهم بها.
قوله: [ (والضرب بالكعاب) ].
الكعاب هو النرد الذي جاء في الأحاديث وجاء عن الصحابة النهي عنه.
قوله: [ (والرقى إلا بالمعوذات) ].
يعني: إذا كانت بشيء محرم أو غير سائغ فإن ذلك لا يجوز، وإنما الذي يجوز ما كان بالمعوذات: قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ [الفلق:1] وقُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ [الناس:1] وبغير ذلك من القرآن وبالأدعية والأذكار والكلام السالم من الخطأ ومن الشرك، فهذا هو الذي يجوز أن يرقى به.
قوله: [ (وعقد التمائم) ].
يعني: تعليق التمائم.
قوله: [ (وعزل الماء لغيره، أو غير محله أو عن محله) ].
والمقصود من ذلك العزل في الجماع من أجل ألا تحمل المرأة، وهذا إنما يكون في حق الحرائر، فإنه لا يعزل عنهن إلا بإذنهن، وأما بالنسبة للإماء فيمكن أن يعزل عنهن؛ وذلك لما قد يترتب على حملهن من كونهن يكن أمهات أولاد، فلا يتمكنوا من بيعهن، فالعزل جاء في السنة كما في حديث جابر رضي الله عنه: (كنا نعزل والقرآن ينزل، لو كان شيئاً ينهى عنه لنهانا عنه القرآن).
إذاً: كانوا يعزلون عن الإماء خشية الحمل؛ لأنهن إذا لم يحملن تصرفوا فيهن كيف شاءوا بالبيع والهبة وغير ذلك، وأما إذا صرن أمهات أولاد، فإنه لا يجوز بيعهن، ويعتقن بعد موت من أولدهن.
قوله: [ (وفساد الصبي) ].
أي: حصول شيء يترتب عليه ضرره، وذلك أنه إذا كان يرضع ووطئت أمه فحملت، فإنه يترتب على حملها فساد لبنها، فلا يستفيد الطفل، وإذا رضع وأمه حامل فإنه يتضرر من ذلك اللبن.
ثم قال: (غير محرمه) يعني: أنه غير محرم، ولكن كونه يترك لما يترتب عليه من حصول الضرر للصبي أفضل، وإلا فإن الرجل يجامع امرأته سواء كانت مرضعاً أو غير مرضع، وإنما يمنع في حال حيضها وفي حال نفاسها، وأما كونها مرضعاً فإنه لا يمنع من ذلك، وإن كان يترتب عليه مضرة، وإذا حصل أن حملت فإنه يبحث له عن طرق إرضاع أخرى غير أمه.
قوله: [ (كان النبي صلى الله عليه وسلم يكره عشر خلال) ].
معلوم أن الكراهة في هذه الخلال بعضها محرم، وقد جاءت الأحاديث بتحريم أكثرها، وبعضها مثل العزل غير محرم، وذلك إذا حصل الاتفاق بين الرجل والمرأة الحرة، ثم إذا شاء الله الولد وجد وإن وجد العزل؛ لأن الحمل يكون من قطرة، وقد تسقط قطرة من غير اختيار الإنسان فيحصل بها الحمل، كما جاء في صحيح مسلم عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (ليس من كل المني يكون الولد) يعني: الولد يكون من قطرة من المني وليس من كل المني، فهذا الذي يعزل قد تسقط منه قطرة وتذهب إلى الرحم فيكون بها الحمل، ويكون الشيء الذي أراده الإنسان لم يحصل، والشيء الذي أراده الله لابد وأن يكون، فإذا أراد الله أن يوجد حملاً أوجده وإن وجد العزل.
هو مسدد بن مسرهد ثقة، مر ذكره.
[ حدثنا المعتمر ].
هو المعتمر بن سليمان بن طرخان التيمي ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ سمعت الركين بن الربيع ].
الركين بن الربيع وهو ثقة أخرج له البخاري في الأدب المفرد، ومسلم وأصحاب السنن.
[ عن القاسم بن حسان ].
القاسم بن حسان وهو مقبول، أخرج له أبو داود والنسائي .
[ عن عبد الرحمن بن حرملة ].
عبد الرحمن بن حرملة هو مقبول، أخرج له أبو داود والنسائي .
[ أن ابن مسعود ].
ابن مسعود رضي الله عنه وهو صحابي جليل من فقهاء الصحابة، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
والحديث في إسناده هذان الرجلان المقبولان، ولكن جاءت نصوص تدل على تحريم أكثر تلك الأشياء التي جاءت فيه، وإنما الشيء الذي التحريم فيه ليس بواضح هو قضية وطء المرضع، وكذلك أيضاً قضية العزل.
[ قال أبو داود انفرد بإسناد هذا الحديث أهل البصرة ].
المقصود أن أكثر الرواة له من أهل البصرة.
والشيخ الألباني حكم على الحديث بالنكارة، لكن كما هو معلوم أن أكثره ليس فيه نكارة، بل هو مستقيم، له شواهد، ولكن فيه هذان الرجلان المقبولان.
الجواب: لا أعلم شيئاً يدل على هذا، والذي ورد إنما هو خاتم واحد، أما عدة خواتيم في حق الرجال فلا أعلم، أما في حق النساء فيمكن أن تعدد الخواتم، لأنها تتزين.
حدثنا الحسن بن علي ومحمد بن عبد العزيز بن أبي رزمة المعنى أن زيد بن حباب أخبرهم عن عبد الله بن مسلم السلمي المروزي أبي طيبة عن عبد الله بن بريدة عن أبيه رضي الله عنه: (أن رجلاً جاء إلى النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم وعليه خاتم من شبه، فقال له: ما لي أجد منك ريح الأصنام؟ فطرحه، ثم جاء وعليه خاتم من حديد، فقال: ما لي أرى عليك حلية أهل النار؟ فطرحه، فقال: يا رسول الله من أي شيء أتخذه؟ قال: اتخذه من ورق ولا تتمه مثقالاً).
ولم يقل محمد : عبد الله بن مسلم ، ولم يقل الحسن : السلمي المروزي ].
يقول المصنف رحمه الله تعالى: [ باب ما جاء في خاتم الحديد ].
أي: في حكم اتخاذه، وقد أورد أبو داود الأحاديث في ذلك، وقد ثبت بعضها في عدم لبس الحديد، وأن ذلك لا يجوز، وكونه من حلية أهل النار، فلا يجوز لبسه.
أورد أبو داود حديث بريدة بن الحصيب الأسلمي رضي الله عنه: [ (أن رجلاً جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم وعليه خاتم من شبه فقال له: ما لي أجد منك ريح الأصنام؟) ].
والشبه قيل: إنه نحاس، وهو يشبه الحديد، إلا أن لونه يختلف عن لون الحديد فهو أصفر، وتتخذ منه الأصنام، ولذلك قال: [ (ما لي أجد منك ريح الأصنام) ] وكأن هذا فيه إشارة إلى عدم اتخاذ مثل ذلك؛ لأن الأصنام تتخذ من هذا.
يعني: لما أنكر عليه النحاس وأنكر عليه الحديد قال: [ (من أي شيء أتخذه؟ قال: اتخذه من فضة ولا تتمه مثقالاً) ] يعني: لا تجعله كبيراً أو تتوسع فيه أو تبالغ فيه، وإنما يكون على قدر الحاجة بدون توسع، ففيه بيان أن الفضة يتختم بها، وقد جاءت الأحاديث الكثيرة في ذلك، وسبق أن مر جملة منها، وأن خاتم النبي صلى الله عليه وسلم كان من فضة، وأنه توفي وهو في يده، ثم صار في يد أبي بكر ثم في يد عمر ثم في يد عثمان ، وفي أثناء خلافته سقط من يده في بئر أريس.
فاتخاذ الخاتم من الفضة ثبتت فيه الأحاديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، أما الحديد فإنه قد جاء ما يدل على النهي عنه، ومنه هذا الحديث وأحاديث أخرى.
وبعض أهل العلم قال: إنه يجوز اتخاذ الخاتم من الحديد، ويستدلون على ذلك بقصة الواهبة نفسها والرجل الذي قال: (زوجنيها يا رسول الله، فطلب منه أن يبحث عن مهر فلم يجد شيئاً، فقال له: التمس ولو خاتماً من حديد) قالوا: فهذا يدل على أن اتخاذ الخاتم من الحديد سائغ، والحديث لا يدل على الاتخاذ؛ لأنه فرق بين أن يتملك وبين أن يلبس، والمقصود من ذلك هو التملك، ولا يلزم أن يكون تملك ذلك للبسه، وعلى هذا فالقول بعدم جواز اتخاذ الخاتم من الحديد هو الأظهر.
وهذا الحديث ضعف الألباني إسناده وقال: لصدره شاهد، يعني: ما يتعلق بالحديد والشبه، أما الكلام الذي في الآخر أنه لا يتمه مثقالاً؛ فقد ورد ما يدل على أنه لا بأس من التوسع في الفضة؛ لأنه جاء: (وأما الفضة فالعبوا بها) يعني: أنه يجوز أن يتوسع فيها، فهذا المقدار الذي جاء فيه أنه لا يتمه مثقالاً يحمل إذا صح على الإشارة إلى القناعة وإلى عدم المبالغة.
فالشيخ الألباني ضعفه في المشكاة وقال: ولصدره شاهد.
وأما في سنن أبي داود فقال: ضعيف.
قوله: [ ولم يقل محمد : عبد الله بن مسلم ، ولم يقل الحسن : السلمي المروزي ].
هذه إشارة إلى ما أتى عن طريق شيخيه فـمحمد بن عبد العزيز بن أبي رزمة ،لم يقل: عبد الله بن مسلم ، يعني: لم يذكر اسم أبيه وإنما ذكر نسبته، وقال: عبد الله السَلمي المروزي ، أو السُلمي المروزي .
وأما الشيخ الثاني الحسن بن علي فقال: عبد الله بن مسلم ، يعني: ذكر اسم أبيه ولم يذكر النسبة، فهذا هو الفرق بين رواية شيخي أبي داود .
هو الحسن بن علي الحلواني ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا النسائي .
[ ومحمد بن عبد العزيز بن أبي رزمة ].
محمد بن عبد العزيز بن أبي رزمة وهو ثقة، أخرج له البخاري وأصحاب السنن.
[ أن زيد بن حباب ].
زيد بن حباب وهو صدوق، أخرج له البخاري في جزء القراءة، ومسلم وأصحاب السنن.
[ عن عبد الله بن مسلم السلمي المروزي أبي طيبة ].
عبد الله بن مسلم السلمي المروزي وهو صدوق يهم، أخرج له أبو داود والترمذي والنسائي .
[ عن عبد الله بن بريدة ].
هو عبد الله بن بريدة الحصيب الأسلمي وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
الملقي: [ عن أبيه ].
هو بريدة بن الحصيب رضي الله تعالى عنه، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
أورد أبو داود حديث معيقيب رضي الله عنه أنه كان مسئولاً عن خاتم الرسول صلى الله عليه وسلم، بحيث يتولى حفظه ومناولته إياه للختم به عندما يحتاج إلى ختم، وقال: [ (كان خاتم النبي صلى الله عليه وسلم من حديد ملوي عليه فضة) ] يعني: ليس حديداً خالصاً وإنما هو حديد معه فضة.
قوله: [ (فربما كان في يدي) ] يعني: أنه يكون في يد معيقيب ؛ لأنه هو الذي يتولى حفظه ومناولته إياه.
قوله: [ (وكان المعيقيب على خاتم النبي صلى الله عليه وسلم) ].
يعني: أنه كان على خاتمه، وكان مسئولاً عنه وعن حفظه، ولهذا يكون في بعض الأحيان في يده، وأحياناً يناوله الرسول صلى الله عليه وسلم فيلبسه في يده صلى الله عليه وسلم.
والحديث يتعلق بالحديد ولكنه ليس حديداً خالصاً.
والحديث ضعفه الألباني ، ولكن إن صح الحديث فإنه يحمل على أنه إما أن يكون قبل النهي وقبل التحريم، أو أنه لم يكن حديداً خالصاً، والنهي إنما جاء عن الحديد الخالص.
وعلى كل حال فاجتناب الحديد هو الذي دل عليه الدليل.
هو محمد بن المثنى أبو موسى الزمن ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة، بل هو شيخ لأصحاب الكتب الستة.
[ وزياد بن يحيى ].
زياد بن يحيى ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ والحسن بن علي ].
هو الحسن بن علي الحلواني مر ذكره.
[ حدثنا سهل بن حماد أبو عتاب ].
سهل بن حماد أبو عتاب وهو صدوق أخرج له مسلم وأصحاب السنن.
[ حدثنا أبو مكين نوح بن ربيعة ].
أبو مكين نوح بن ربيعة وهو صدوق، أخرج له أبو داود والنسائي وابن ماجة .
[ حدثني إياس بن الحارث بن المعيقيب ].
إياس بن الحارث بن المعيقيب وهو صدوق، أخرج له أبو داود والنسائي .
[ عن جده ].
هو معيقيب بقاف وآخره موحدة مصغر ابن أبي فاطمة الدوسي ، حليف بني عبد شمس من السابقين الأولين، هاجر الهجرتين وشهد المشاهد، وولي بيت المال لـعمر ، ومات في خلافة عثمان ، أو علي .
أخرج له الجماعة.
ولا أدري ما هو وجه التضعيف عند الشيخ الألباني رحمه الله لهذا الحديث.
ورد في فتح الباري أن معيقيباً هذا هو الذي سقط منه الخاتم في عهد عثمان ، لكن الأحاديث التي مرت فيها أنه سقط من عثمان .
أورد أبو داود حديث علي رضي الله عنه أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال له: [ (قل: اللهم اهدني وسددني، واذكر بالهداية هداية الطريق، وبالسداد تسديدك السهم) ] ومعنى ذلك، أن الإنسان عندما يقول: اللهم اهدني، يتذكر ويخطر على باله هداية الطريق الحسي الذي هو الجادة، والذي يسلكه الإنسان ولا يحيد عنه؛ ليسلم من الأضرار ومن أن يتيه ويضيع؛ لأنه إذا سلك الجادة وصل إلى الغاية، بخلاف ما إذا خرج عنها، فإنه عرضة للضياع، وكذلك الهداية المعنوية التي هي الهداية للحق والصراط المستقيم يربطها بالهداية الحسية التي هي هداية الطريق، وذلك أنه لا يسلم من آفات الضياع والزيغ والضلال إلا إذا سلك الطريق المستقيم.
فذكر هداية الطريق وربط المعقول بالمحسوس، يدل على أنه أمكن في الفهم والإدراك؛ ولهذا يأتي تشبيه المعاني بالمحسوسات؛ ليكون ذلك أوقع في النفوس، وهذا من هذا القبيل، فهناك هداية حسية وهي هداية الطريق وسلوك الجادة وعدم الانحراف عنها يمنة أو يسرة؛ لئلا يحصل الضياع، وهداية معنوية وهي هداية الصراط المستقيم والخروج من الظلمات إلى النور، وقد جاء في حديث الهجرة كلام أبي بكر رضي الله عنه، لما كان راكباً خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكان أبو بكر معروفاً عند كثير من الناس، والنبي صلى الله عليه وسلم لا يعرفه كل أحد، فكان بعض الناس الذين يلتقون بالنبي صلى الله عليه وسلم وأبي بكر معه يقول: (يا
فهذا حديث علي رضي الله عنه من هذا القبيل، فهو يقول: [ (اذكر بالهداية هداية الطريق) ] يعني: اربط بين المحسوس والمعنوي؛ لأن ربط المعنوي بالمحسوس يثبته ويجعله أوقع في النفس وأثبت؛ لأنه مبني على شيء مشاهد معاين.
[ (واذكر بالسداد تسديدك السهم) ] يعني: كون الذي يرمي يسدد السهم على الرمية، بحيث يوجهه إلى تلك الرمية، لا يحيد يمنة ولا يسرة حتى يصيب الهدف، فكذلك الإنسان الذي يكون على سداد وملازمة لشيء معين.
قوله: [ (قال: ونهاني أن أضع الخاتم في هذه أو هذه، للسبابة والوسطى) ] أي: في السبابة والوسطى.
قوله: [ (شك
يعني: الذي شك في هذه أو هذه هو عاصم بن كليب .
قوله: [ (ونهاني عن القسية والميثرة) ].
القسية هي لباس يؤتى به من الشام أو مصر، مضلعة فيها خطوط عريضة تشبه الأترج، إما في شكله أو في تجاعيده؛ لأن الأترج ليس أملس، وليس متساوياً، وإنما فيه نتوء وبروز، وسبق أن مر بنا أنه مضلع بالحرير.
والميثرة شيء كانت تصنعه النساء لبعولتهن لوضعه على الركاب، أي على سرج الفرس بحيث يكون ليناً ويكون من حرير، وسبق أن مر بنا عدد من الأحاديث التي فيها ذكر المياثر. والمياثر جمع ميثرة.
وهذا الحديث ليس فيه شيء يتعلق بالترجمة من ذكر الحديد، وإنما فيه بيان الأصابع التي ينهى عن التختم فيها.
هو مسدد بن مسرهد البصري ثقة، أخرج حديثه البخاري وأبو داود والترمذي والنسائي .
[ حدثنا بشر بن المفضل ].
بشر بن المفضل ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ حدثنا عاصم بن كليب ].
عاصم بن كليب وهو صدوق، أخرج له البخاري تعليقاً، ومسلم وأصحاب السنن.
[ عن أبي بردة ].
هو أبو بردة بن أبي موسى الأشعري وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن علي ].
هو علي بن أبي طالب رضي الله عنه أمير المؤمنين، ورابع الخلفاء الراشدين الهادين المهديين، صاحب المناقب الجمة والفضائل الكثيرة، رضي الله عنه وأرضاه، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
الجواب: هذا النحاس الذي لونه أصفر هو نوع من الحديد يقال له: نحاس، وفيه صلابة وفيه قوة.
الجواب: أولاً الساعة لا تتخذ للزينة، وإنما تتخذ لمعرفة الوقت والتزين للمرأة، فهي التي تتزين بالأنواع التي يتجمل بها، وأما الرجل فله أن يلبس الساعة، ومعلوم أن الساعة لم تتخذ من أجل الحديد، وإنما من أجل أنها ساعة؛ لأن صناعة الساعة لابد فيها من الحديد، فالإنسان إذا اتخذ ساعة وبعض أجزائها صنع من الحديد لا يقال: إنه تحلى بالحديد وتجمل بالحديد، وإنما لبسها من أجل سهولة الاطلاع عليها لمعرفة الأوقات.
الجواب: ورد النهي عن الحديد والذهب، أما الشبه فهو من جملة الحديد؛ إلا أنه نوع خاص، أما الألمنيوم فلا أدري عن مادته، ولكن الذي يبدو أنه شبيه بالحديد.
من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر