حدثنا عثمان بن أبي شيبة حدثنا وكيع عن عثمان الشحام قال: حدثني مسلم بن أبي بكرة عن أبيه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إنها ستكون فتنة يكون المضطجع فيها خيراً من الجالس، والجالس خيراً من القائم، والقائم خيراً من الماشي، والماشي خيراً من الساعي، قال: يا رسول الله! ما تأمرني؟ قال: من كانت له إبل فليلحق بإبله، ومن كانت له غنم فليلحق بغنمه، ومن كانت له أرض فليلحق بأرضه، قال: فمن لم يكن له شيء من ذلك؟ قال: فليعمد إلى سيفه فليضرب بحده على حرة ثم لينج ما استطاع النجاء) ].
أورد أبو داود هذه الترجمة: [ باب في النهي عن السعي في الفتنة ]، يعني: الدخول فيها والعمل على وجودها وإذكاء نارها، والحرص على حصولها، هذا هو السعي في الفتنة، سواء كان ذلك بالقول أو بالفعل أو بالتحريض والتهييج وحصول الكلام الذي يحرك الناس ويجعلهم يقدمون على الفتن، ويقومون بفعل الفتن والمشاركة فيها، كل ذلك سعي في الفتنة، فالداخل في الفتنة بفعله هو ساع في الفتنة، والداعي إليها والمحرض عليها والمهيج إليها ومحرك الناس إليها أيضاً كذلك هو ساع في الفتنة، وكل ذلك لا يجوز، ومن حظ المسلم الناصح لنفسه ألا يكون سبباً في الفتنة، وألا يتسبب في الفتن، وألا يثير فتنة، ومن سوء حظه أن يثير الفتن، وأن يكون سبباً في وجودها وإيقاد نارها وحصول الضرر بها.
أورد أبو داود حديث أبي بكرة نفيع بن الحارث رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إنها ستكون فتنة يكون الجالس فيها خيراً من القائم) يعني: كل من كان أبعد عنها فهو خير ممن هو أقرب إليها، فالقاعد فيها الذي ما تحرك ولكنه دخل فيها خير من القائم؛ لأن القاعد دون القائم الذي يرى ما لا يرى القاعد، ويبصر ما لا يبصر القاعد، فالقاعد خير من القائم، والقائم خير من الماشي.
قوله: [ (إنها ستكون فتنة يكون المضطجع خيراً من الجالس) ] المضطجع الذي ما دخل فيها، ولا نظر إليها، ولا فكر فيها.
قوله: [ (والقائم خيراً من الماشي، والماشي خيراً من الساعي)]، الذي يجري ويركض ويسرع من أجل الفتن وإذكائها وإيقاد نارها وحصولها، فالناس متفاوتون، وكل من كان أبعد عن الفتن فهو أسلم من غيره.
قوله: [ (قال: ما تأمرني؟ قال: من كانت له إبل فليلحق بإبله) ]، يعني: في الفلاة، ليعتزل ويبتعد عن هذه الفتن، فيكون في البر مع إبله يرعاها ويشرب من لبنها، أو مع غنمه إذا كان له غنم يرعاها ويشرب من درها، أو له أرض يغرسها ويزرعها ويكون بعيداً عن الفتن، وبعيداً عن المصائب التي تحل بالناس.
قوله: [ (فمن لم يكن له شيء من ذلك؟) ]، يعني: لا يستطيع العزلة ولا الذهاب؛ لأنه ليس له شيء يخرج إليه وينشغل به، فهو يحذر أن يقع في الفتنة، وإذا كان له سيف فليعمد إلى حرة فليضرب به عليها ليكون ذلك فيه اطمئنانه إلى عدم دخوله في الفتنة، وعدم استعماله السيف لقتل المسلمين في الفتن، معنى ذلك كله: التحريص على الابتعاد عن الفتنة، وألا يكون عنده الوسائل التي تجعله يدخل فيها، وهو إما أن يكون ذلك إشارة إلى ابتعاده عن الفتن، أو أنه يحصل ذلك فعلاً حتى لو أراد أن يدخل لم تكن عنده الوسيلة أو القدرة التي يكون مشاركاً فيها، وكل ذلك حث على الابتعاد عن الفتن، والحذر من الوقوع فيها، ومن الدعوة إليها، ومن التحريض عليها؛ لأن كل ذلك من السعي في الفتن.
عثمان بن أبي شيبة ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا الترمذي وإلا النسائي فقد أخرج له في عمل اليوم والليلة.
[ حدثنا وكيع ].
هو وكيع بن الجراح الرؤاسي الكوفي ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن عثمان الشحام ].
عثمان الشحام لا بأس به، أخرج له مسلم وأبو داود والترمذي والنسائي .
[ قال: حدثني مسلم بن أبي بكرة ].
مسلم بن أبي بكرة صدوق، أخرج له مسلم وأبو داود والترمذي والنسائي .
[ عن أبيه ].
هو أبو بكرة نفيع بن الحارث رضي الله عنه، صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
أورد أبو داود حديث سعد بن أبي وقاص وهو يتعلق بالذي قبله، من حيث الفتنة وحصولها، قال: (أرأيت إن بسط يده إلي ليقتلني؟ قال: كن كابني آدم) يعني: ابني آدم أحدهما أراد أن يقتل الآخر، والثاني قال: لَئِنْ بَسَطتَ إِلَيَّ يَدَكَ لِتَقْتُلَنِي مَا أَنَا بِبَاسِطٍ يَدِيَ إِلَيْكَ لِأَقْتُلَكَ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ [المائدة:28] فكونك تكون مقتولاً خير من أن تكون قاتلاً، وهذا يكون وإذا صار الإنسان كذلك فهو شيء محمود، وإن أراد أن يدافع عن نفسه فليدفع بما هو أسهل وبما هو أخف، ولا يلجأ إلى الأشد إلا إذا لم يجد بداً من ذلك، ولكن كونه يكون مقتولاً أو معتدى عليه أو مظلوماً خير من أن يكون ظالماً.
يزيد بن خالد الرملي ثقة، أخرج له أبو داود والنسائي وابن ماجة .
[ حدثنا مفضل ].
هو مفضل بن فضالة وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن عياش ].
هو عياش بن عباس ، وهو ثقة، أخرج له البخاري في جزء القراءة ومسلم وأصحاب السنن.
[ عن بكير ].
هو بكير بن عبد الله بن الأشج ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن بسر بن سعيد ].
بسر بن سعيد ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن حسين بن عبد الرحمن الأشجعي ].
حسين بن عبد الرحمن الأشجعي مقبول، أخرج له أبو داود .
[ أنه سمع سعد بن أبي وقاص ].
سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه أحد العشرة المبشرين بالجنة، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
أورد أبو داود حديث ابن مسعود وحديث خريم بن فاتك رضي تعالى الله عنهما وهو يتعلق بحديث أبي بكرة المتقدم قال: (قتلاها كلهم في النار) يعني: القاتل والمقتول كلهم في النار.
قوله: [ قلت: متى ذلك يا ابن مسعود ؟ قال: تلك أيام الهرج ].
الهرج الذي هو كثرة القتل.
قوله: [ حيث لا يأمن الرجل جليسه ].
يعني: تكثر الخيانة وتقل الأمانة، ولا يأمن الإنسان جليسه، فقد يعتدي عليه، وقد يكون سبباً في الاعتداء عليه.
قوله: [ قال: فما تأمرني إن أدركني ذلك الزمان؟ قال: تكف لسانك ويدك ].
يعني: لا تطلق لسانك في الفتنة ولا تمد يدك إليها، وقد قال عليه الصلاة والسلام: (المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده) .
قوله: [ وتكون حلساً من أحلاس بيتك ].
يعني: تلازم البيت، والحلس هو الفراش والوطاء الذي يوضع في البيت، فهو ثابت في البيت حتى يحرك من مكانه، ويقال للإنسان: (حلس بيته) إذا كان ملازماً له كالفراش الذي هو ملازم للأرض ولا يتحرك منها إلا إذا حرك من مكان إلى مكان، وهذا فيه إشارة إلى الابتعاد عن الفتنة، وأن الإنسان لا يكون مع أهلها وإنما يكون ملازماً لبيته.
قوله: [ فلما قتل عثمان طار قلبي مطاره ].
يعني: حصل خوف من أن تكون هذه هي الفتنة قد وقعت، وقد حصلت.
قوله: [ فركبت حتى أتيت دمشق فلقيت خريم بن فاتك فحدثته فحلف بالله الذي لا إله إلا هو لسمعه من رسول الله صلى الله عليه وسلم كما حدثنيه ابن مسعود رضي الله تعالى عنه ].
عمرو بن عثمان هو الحمصي، وهو صدوق، أخرج له أبو داود والنسائي وابن ماجة .
[ حدثنا أبي ].
أبوه ثقة، أخرج له أبو داود والنسائي وابن ماجة .
[ حدثنا شهاب بن خراش ].
شهاب بن خراش صدوق يخطئ، أخرج له أبو داود .
[ عن القاسم بن غزوان ].
القاسم بن غزوان مقبول، أخرج له أبو داود .
[ عن إسحاق بن راشد الجزري ].
إسحاق بن راشد الجزري ثقة، أخرج له البخاري وأصحاب السنن.
[ عن سالم ].
قال الحافظ : يحتمل أن يكون ابن أبي الجعد وهو ثقة، أو ابن أبي المهاجر ثقة، أو ابن عجلان ثقة، وإلا فمجهول، أخرج له أبو داود .
يعني: أنه مهمل ذكر اسمه ولم يذكر اسم أبيه، ويقال له: مهمل، وهو يحتمل هؤلاء الثلاثة، وإلا فيكون مجهولاً غير معروف.
[ حدثني عمرو بن وابصة الأسدي ].
صدوق أخرج له أبو داود .
[ عن أبيه وابصة ].
هو وابصة بن معبد رضي الله عنه، وحديثه أخرجه أبو داود والترمذي وابن ماجة .
[ عن ابن مسعود ].
هو عبد الله بن مسعود رضي الله تعالى عنه، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة، وهذا من أطول الأسانيد عند أبي داود؛ لأن فيه تسعة أشخاص، وأربعة منهم أخرج لهم أبو داود وحده، وهم: شهاب والقاسم وسالم وعمرو بن وابصة .
فهؤلاء تسعة أشخاص، وهذا من أطول الأسانيد عند أبي داود ، وأعلى الأسانيد عنده أربعة.
[ فلقيت خريم بن فاتك ].
خريم بن فاتك صحابي، أخرج له أصحاب السنن، لكنه في طبقة الصحابة فهو وابن مسعود في طبقة واحدة.
الجواب: هذا الحديث ضعفه الألباني ، ولو صح فإنه مثلما في الحديث الآخر عن النبي صلى الله عليه وسلم: (إذا التقى المسلمان بسيفيهما فالقاتل والمقتول في النار، قالوا: هذا القاتل فما بال المقتول؟ قال: إنه كان حريصاً على قتل صاحبه).
أورد أبو داود حديث أبي موسى الأشعري رضي الله عنه، وهو متفق مع مواضع من مع الأحاديث التي مرت.
القسي هي: الأقواس التي هي من أدوات الحرب في ذلك الوقت.
قوله: [ (وقطعوا أوتاركم) ]، الأوتار هي للأقواس.
قوله: [ (واضربوا سيوفكم بالحجارة)، ] معناه: حتى لا يكون عندكم سلاح، ولا يكون هناك مجال للمشاركة في الفتنة.
قوله: [ (فإن دخل على أحد منكم) ] ، يعني: في بيته، وأريد قتله، فليكن كخير ابني آدم الذي قال: مَا أَنَا بِبَاسِطٍ يَدِيَ إِلَيْكَ لِأَقْتُلَكَ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ * إِنِّي أُرِيدُ أَنْ تَبُوءَ بِإِثْمِي وَإِثْمِكَ فَتَكُونَ مِنْ أَصْحَابِ النَّارِ [المائدة:28-29].
هو مسدد بن مسرهد ، وهو ثقة، أخرج له البخاري وأبو داود والترمذي والنسائي .
[ حدثنا عبد الوارث بن سعيد ].
هو عبد الوارث بن سعيد العنبري ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن محمد بن جحادة ].
محمد بن جحادة ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن عبد الرحمن بن ثروان ].
عبد الرحمن بن ثروان صدوق ربما خالف، أخرج له البخاري وأصحاب السنن.
[ عن هزيل ].
هزيل ثقة مخضرم، أخرج له البخاري وأصحاب السنن.
[ عن أبي موسى الأشعري ].
هو أبو موسى الأشعري عبد الله بن قيس رضي الله عنه، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
أورد أبو داود رحمه الله حديث عبد الله بن عمر رضي الله تعالى عنهما أن رجلاً قال: كنت مع ابن عمر في طريق من طرق المدينة، ومر على رأس منصوب، يعني: أنه قد قتل، فقال ابن عمر: (شقي قاتل هذا، ثم لما أدبر قال: وما أرى هذا إلا قد شقي) يعني: المقتول.
ثم قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (من مشى إلى رجل من أمتي ليقتله فليقل هكذا).
أي: أن المقتول يمد رقبته له؛ لأنه إذا قتل يكون في الجنة والقاتل يكون في النار ويبوء القاتل بإثمه وإثم القتيل، كما قد حصل من أحد ابني آدم الذي قتل أخاه.
قوله: [ (فليقل هكذا) ] قال في الشرح: هو إشارة إلى مد عنقه، والحديث ضعيف، ففيه عبد الرحمن بن سميرة وهو مقبول ثم أيضاً قوله: (من مشى إلى رجل من أمتي ليقتله، فليقل هكذا فالقاتل في النار والمقتول في الجنة) . إذا كان المقصود به المقتول فهذا لا يكون متفقاً مع ما جاء في آخر الحديث من قوله: شقي قاتل هذا، فلما مضى قال: وما أرى هذا إلا قد شقي.
أي المقتول، وهذا لا يتفق مع الاستدلال الذي جاء في الآخر، وما ذكره في عون المعبود من أن المقصود به ابن الزبير يرد عليه بأمرين: الأمر الأول: أن ابن الزبير كان في مكة وليس في المدينة.
والأمر الثاني: لا يمكن أن يقال في ابن الزبير : قد شقي .
قوله: [ أتى على رأس منصوب ] .
يعني: مقتول ومصلوب كله أو أن الرأس نفسه معلق على حدة.
وقوله: [ فلما مضى قال: وما أرى هذا إلا قد شقي]، لا يعتبر تأكيداً لكلامه السابق؛ لأنه قال (وما أرى هذا) أي: المقتول (إلا قد شقي)، وهذا يمكن أن يتفق مع حديث: (القاتل والمقتول في النار) ، الذي سيأتي، لكن كونه يأتي بعده : (القاتل في النار والمقتول في الجنة)، لا يتطابق مع هذا الكلام، وأيضاً كونه يفسر بـابن الزبير أيضاً لا يستقيم.
هو أبو الوليد الطيالسي هشام بن عبد الملك ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ حدثنا أبو عوانة ].
هو أبو عوانة الوضاح بن عبد الله اليشكري ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن رقبة بن مصقلة ].
رقبة بن مصقلة ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا ابن ماجة أخرج له في التفسير.
[ عن عون بن أبي جحيفة ].
عون بن أبي جحيفة ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن عبد الرحمن -يعني ابن سميرة - ].
عبد الرحمن بن سميرة مقبول أخرج له أبو داود وحده.
[ عن ابن عمر ].
هو عبد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله عنهما الصحابي الجليل، أحد العبادلة الأربعة من الصحابة، وأحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم.
[ قال: أبو داود : رواه الثوري عن عون عن عبد الرحمن بن سمير أو سميرة ].
يعني: هذه النقول التي بعد ذلك فيها اختلاف في أبي عبد الرحمن ، هل هو سمير أو سميرة أو سبرة، يعني عدة وجوه قيلت في اسم أبي عبد الرحمن هذا.
[ قال: أبو داود رواه الثوري ].
الثوري هو سفيان بن سعيد بن مسروق الثوري ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن عون عن عبد الرحمن بن سمير أو سميرة ].
هذا شك: سمير أو سميرة .
[ ورواه ليث بن أبي سليم عن عون ].
ليث بن أبي سليم صدوق اختلط جداً، فلم يتميز وترك. أخرج حديثه البخاري تعليقاً ومسلم وأصحاب السنن.
[ عن عون عن عبد الرحمن بن سميرة ].
عون عن عبد الرحمن بن سميرة ، وهذا مطابق لما هو موجود.
[ قال أبو داود: قال لي الحسن بن علي ]
الحسن بن علي الحلواني ثقة، أخرج له أصحاب الكتب إلا النسائي .
حدثنا أبو الوليد -يعني: بهذا الحديث- عن أبي عوانة وقال: هو في كتاب ابن سبرة وقالوا: سمرة وقالوا: سميرة هذا كلام أبي الوليد ].
معناه: أنه اختلف، وحاصل الكلام: أنه كله يدور حول الاختلاف في والد عبد الرحمن الذي يروي عن ابن عمر .
قال: أبو داود : لم يذكر المشعث في هذا الحديث غير حماد بن زيد ].
أورد أبو داود حديث أبي ذر رضي الله تعالى عنه: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (يا
قوله: [ فذكر الحديث ] يعني: أن فيه اختصار، ولم يسرد أبو داود الحديث كله على ما جاء، وإنما أتى بشيء يتعلق بالفتن.
قوله: [ (كيف أنت إذا أصاب الناس موت يكون البيت فيه بالوصيف -يعني: القبر-؟)، البيت هنا المقصود به القبر يكون بالوصيف، وفسر الوصيف بأنه القبر نفسه، يعني: لا يوجد مكان يقبر فيه فيحتاج الناس إلى أن يشتروا مكاناً يقبرون فيه، والوصيف هو العبد، معناه: أن القبر سيكون شيئاً ذا قيمة وفسر أيضاً بأن الناس يشغلون عن دفن موتاهم حتى يكون الذي يتولى ذلك شخص تكون أجرته على ذلك أن يعطى عبداً، وهناك تفسير آخر ذكره في عون المعبود قال:
وقيل معناه: أن البيوت تصير رخيصة لكثرة الموت وخلو أهلها منها، وتباع من ورائهم رخيصة فتكون قيمة البيت رخيصة كقيمة العبد هذه أقوال قيلت في تفسير أن البيت يكون بالوصيف.
وقيل أيضاً: معناه: أنه لا يبقى في كل بيت كان فيه كثير من الناس إلا عبد يقوم بمصالح ضعفة أهل ذلك البيت، يعني: ليس كلهم هلكوا، وإنما هلك كثير منهم وبقي أناس ضعفاء يقوم على خدمتهم ذلك العبد.
ويؤيد التفسير الأول ما ورد في رواية مشكاة المصابيح: (كيف بك يا
البيت يقال له: بيت؛ لأنه منزل، كما أن بيوت الناس التي يسكنونها في الدنيا يقال لها: منازل وبيوت، والقبر يقال له بيت لأنه مسكن للميت يكون فيه؛ ولهذا جاء عن المعمر بن علي البغدادي الذي توفي سنة خمسمائة وسبع من الهجرة، وكان قد نصح زعيماً كبيراً في الدولة، وكان الملك قد فوض إليه أمور الدولة، فكان مما نصحه المعمر بن علي البغدادي وهي نصيحة بليغة عظيمة، قال له بعد أن سلم عليه ودعا له: إن من كان في ولاية فإنه ليس مخيراً بالقاصد والوافد، إن شاء وصل وإن شاء فصل، وإنما عليه أن يفتح بابه، وأما من كان ليس في ولاية فهو مخير إن شاء فتح بابه وإن شاء أغلق بابه؛ لأنه غير مسئول، ثم قال: لأن من كان على الخليقة أمير فهو في الحقيقة أجير، قد باع زمنه وأخذ ثمنه، فلم يكن له في نهاره ما يتصرف فيه باختياره، وليس له أن يصلي نفلاً ولا أن يدخل معتكفاً ؛ لأنه أصبح مسئولاً ومرتبطة به حاجات الناس فلا يفعل النوافل ويترك الفرائض؛ لأن القيام بمصالح الناس فرض، وكونه يعتكف أو يصلي هذا نفل، أو يصلي نفلاً غير واجب، والفرض يقدم على النفل.
وقد ذكر الحافظ ابن حجر في فتح الباري نقلاً عن بعض أهل العلم أنه قال: من اشتغل بالفرض عن النفل فهو معذور، ومن اشتغل بالنفل عن الفرض فهو مغرور. ثم ذكر له كلاماً حول مسئوليته وما أناطه به ذلك الملك، وذلك الإمام وختم ذلك بقوله: فاعمر قبرك كما عمرت قصرك. وهذا محل الشاهد الذي أوردت القصة من أجله؛ لأن هذا بيت وهذا بيت، والبيت في الدنيا عمارته بنيانه وإقامته، والقبر عمارته بالأعمال الصالحة التي يقدمها الإنسان ليجدها إذا أدخل ذلك الذي هو القبر.
وهذه قصة جميلة ذكرها الحافظ ابن رجب في ذيل طبقات الحنابلة في ترجمة المعمر بن علي البغدادي وذكر أيضاً أنه لما نصحه أعطاه مقداراً كبيراً من الدنانير، وقال: وزعها على المساكين، فامتنع عن أخذها وقال: المساكين على بابك أكثر منهم على بابي.
قوله: [ قال: (كيف أنت إذا أصاب الناس موت يكون البيت فيه بالوصيف- يعني: القبر-؟ قلت: الله ورسوله أعلم، أو قال: ما خار الله لي ورسوله) ].
يعني: الله ورسوله أعلم، أو ما اختار الله لي ورسوله، ومعلوم أن الرسول صلى الله عليه وسلم سوف يخبره بشيء يسلكه، وطريق يتخذه وعمله يعمله.
قوله: [ (قال:عليك بالصبر)]، يعني: هذا الذي عليه أن يفعله، (عليك بالصبر أو قال: تصبر) .
قال في عون المعبود: تصبّر، يعني: عليك أن تصبَّر، واعمل أو اجتهد في حصول التصبر الذي يكون بمثابة معالجة ومجاهدة النفس على الصبر وعدم المشاركة في الفتنة.
قوله: [ (ثم قال لي: يا
قوله: [ (قلت: ما خار الله لي ورسوله قال: عليك بمن أنت منه) ]، لا أدري ماذا يراد بها، اللهم إلا أن يكون المقصود به ملازمة الأرض؛ لأن الإنسان من الأرض، ومثل هذا يقال له: ما أنت منه؟ لأن من للعاقل، وما لغير العاقل، فلا أدري ما المراد بها، وقال بعد ذلك: (تلزم بيتك)، يعني: جاء التوضيح فيما بعد أنه يلزم بيته ويكون حلساً من أحلاس بيته.
قال العظيم أبادي : (عليك بمن أنت منه) أي: الزم أهلك وعشيرتك الذين أنت منهم.
والمقصود من ذلك أنه يلزمهم، ويبقى معهم في البيت، ويكون مع من بقي ولم يشتغل في الفتنة، لكن كونه في يوم إذا أهله شاركوا في الفتنة لا يكون معهم، ولكن المقصود من ذلك: أنهم إذا ابتعدوا عن الفتنة ولزموا الأرض فأنت الزمها معهم، أما كونه يكون معهم حيث كانوا فقد يشارك، اللهم إلا إن كان المقصود به النساء والصغار الذين هم ليسوا من أهل المشاركة، وإنما هم باقون في البيوت، والحاصل أنه يبقى في البيوت مع من لا يقاتل.
وقيل المراد (بمن أنت منه) : الإمام، أي: الزم إمامك ومن بايعته، وكذلك أيضاً هذا المعنى مستقيم.
قوله: [ (قلت: يا رسول الله! أفلا آخذ سيفي وأضعه على عاتقي؟ قال: قد شاركت القوم إذاً) ] ما دام أنه أخذ السيف ووضعه على عاتقه فقد وجدت المشاركة، ويدل على المشاركة كون الإنسان يضع سيفه على عاتقه، فهو مستعد أنه يقابل، ومستعد أنه يلاقي.
قوله: [ (يبهرك شعاع السيف) يعني: شعاعه وبريقه ولمعانه، (فضع ثوبك على وجهك) حتى لا ترى هذا الشيء، وإذا قتلك فقد باء بإثمك وإثمه، وأنت تكون من أهل الجنة وهو من أهل النار.
[ قال أبو داود : لم يذكر المشعث في هذا الحديث غير حماد بن زيد ].
هذا يتعلق بالإسناد، يعني: أن المشعث الذي ذكره هو حماد بن زيد .
هو مسدد بن مسرهد ، وهو ثقة، أخرج له البخاري وأبو داود والترمذي والنسائي .
[ حدثنا حماد بن زيد ].
حماد بن زيد ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن أبي عمران الجوني ].
أبو عمران الجوني هو عبد الملك بن حبيب ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب.
[ عن المشعث بن طريف ].
المشعث بن طريف مقبول، أخرج له أبو داود وابن ماجة .
[ عن عبد الله بن الصامت ].
عبد الله بن الصامت ثقة، أخرج له البخاري تعليقاً ومسلم وأصحاب السنن.
[ عن أبي ذر ].
أبو ذر رضي الله عنه جندب بن جنادة صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة، والحديث صححه الألباني ، وفيه هذا المقبول، لكن لعل ذلك لشواهد.
أورد أبو داود حديث أبي موسى الأشعري رضي الله عنه، وقد مر نظير هذا الحديث بهذا المعنى تماماً، وفيه التفاوت بين القاعد والقائم والماشي والساعي، وأن من الخير للناس أن يكونوا كأحلاس بيوتهم، وهنا قال: (يكون بين أيديكم فتناً كقطع الليل المظلم)، (بين أيديكم) يعني: أمامكم، وفي مستقبل أيامكم تكون فتناً كقطع الليل المظلم من شدتها وصعوبتها.
محمد بن يحيى بن فارس ثقة، أخرج له البخاري وأصحاب السنن.
[ حدثنا عفان بن مسلم ].
هو عفان بن مسلم الصفار ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ حدثنا عبد الواحد بن زياد ].
عبد الواحد بن زياد ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ حدثنا عاصم الأحول ].
هو عاصم بن سليمان الأحول ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن أبي كبشة ].
هو أبو كبشة السلولي ، وهو مقبول، أخرج له أبو داود .
[ سمعت أبا موسى ].
أبو موسى هو عبد الله بن قيس الأشعري ، صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة، والحديث مطابق لما تقدم، المقبول فيه لا يؤثر؛ لورود أحاديث في معناه منها: (كسروا قسيكم، وقطعوا أوتاركم، واضربوا سيوفكم، فإن دخل على أحد منكم فليكن كخير ابني آدم) ، وحديث: (تكف لسانك ويدك، وتكون حلساً من أحلاس بيتك، فلما قتل
أورد أبو داود حديث المقداد بن الأسود رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إن السعيد لمن جنب الفتن) وكررها ثلاثاً ثم قال: (ولمن ابتلي فصبر فواها) قيل المقصود بـ(واها) أنها إعجاب، يعني: ما أحسن فعله! وما أحسن عمله! وقيل: إنها تلهف على حصول شيء، ولكن قضية الإعجاب واضحة فيه؛ لأن هذا مدح وثناء.
إبراهيم بن الحسن المصيصي ثقة، أخرج له أبو داود والنسائي .
[ حدثنا حجاج -يعني: ابن محمد - ].
هو حجاج بن محمد المصيصي الأعور ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ حدثنا الليث بن سعد ].
هو الليث بن سعد المصري ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ قال: حدثني معاوية بن صالح ].
هو معاوية بن صالح بن حدير ، وهو صدوق له أوهام، أخرج له البخاري في جزء القراءة ومسلم وأصحاب السنن.
[ أن عبد الرحمن بن جبير حدثه ].
عبد الرحمن بن جبير ثقة أخرج له البخاري في الأدب المفرد ومسلم وأصحاب السنن.
[ عن أبيه ].
أبوه كذلك.
[ عن المقداد بن الأسود ].
المقداد بن الأسود رضي الله عنه وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
حدثنا عبد الملك بن شعيب بن الليث حدثني ابن وهب حدثني الليث عن يحيى بن سعيد قال: قال خالد بن أبي عمران عن عبد الرحمن بن البيلماني عن عبد الرحمن بن هرمز عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (ستكون فتنة صماء بكماء عمياء، من أشرف لها استشرفت له، وإشراف اللسان فيها كوقوع السيف) ].
أورد أبو داود باباً في كف اللسان.
يعني: الكلام في الفتن الذي فيه تحريك لها، وتهييج عليها، وحث إليها، أو تسبب في إذكائها وإشعال نارها، وذلك أن الكلام يكون من أسباب الفتن، وقد يترتب على الكلام حصول الفتن، ويكون سببها وأصلها الكلام، فيكون الفعل في الفتن ناشئ عن القول فيها، والترغيب في الدخول فيها، وتهييج الناس وتحريكهم إلى أن يقدموا على ما فيه مضرة فتكون بسبب ذلك الفتن.
أورد أبو داود حديث أبي هريرة قال: (ستكون فتنة صماء بكماء عمياء من أشرف لها استشرفته)، معناه: من اتجه إليها اتجهت إليه، لتلاقيه، فعندما يقبل عليها تقبل عليه، بمعنى: أن ذلك يحصل ويتحقق، وأن الإنسان عندما يدخل فيها يجد ما يشجعه ويرغبه في الدخول فيها (من أشرف إليها استشرفته ) .
قوله:[ (وإشراف اللسان فيها كوقوع السيف) ]، يعني: كونه يدخل فيها بلسانه فهو كوقوع السيف في شدته؛ ولهذا يقولون: كلم اللسان أنكى من كلم السنان. بل إن إعمال السيوف يكون سببه الكلام، وحصول الكلام الذي ينتج عنه مد الأيدي والاقتتال.
والحديث في إسناده ابن البيلماني وهو ضعيف.
قوله: [ (صماء بكماء عمياء) ] معناه: أنها مدلهمة من جميع الوجوه.
عبد الملك بن شعيب بن الليث ثقة، أخرج حديثه مسلم وأبو داود والنسائي .
[ حدثني ابن وهب ].
ابن وهب هو عبد الله بن وهب ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ حدثني الليث ].
هو الليث بن سعد ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن يحيى بن سعيد ].
هو يحيى بن سعيد الأنصاري ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
قال: [ خالد بن أبي عمران ].
خالد بن أبي عمران صدوق، أخرج له مسلم وأبو داود والترمذي والنسائي .
[ عن عبد الرحمن بن البيلماني ].
عبد الرحمن بن البيلماني ضعيف، أخرج له أصحاب السنن.
[ عن عبد الرحمن بن هرمز ].
عبد الرحمن بن هرمز هو الأعرج ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن أبي هريرة ].
عبد الرحمن بن صخر الدوسي رضي الله عنه وهو أكثر أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم حديثاً.
أورد أبو داود حديث عبد الله بن عمر : (أنها ستكون فتنة تستنظف العرب قتلاها في النار، اللسان فيها أشد من وقع السيف) .
يعني: في ضرره وتأثيره, وذلك بالتحريض والتهييج والتحريك وإفساد النفوس, والقلوب، كل ذلك يحصل عن طريق اللسان, وعن طريق تهييج الغوغاء من الناس الذين يتبعون كل ناعق وكل شيء يسمعونه يستسلمون له وينقادون إليه.
قوله: (تستنظف) أي: تستوعبهم هلاكاً، من استنظفت الشيء أخذته كله.
وخصص العرب فقال: (تستنظف العرب) كأنها تقع في العرب، ولكن الحديث ضعيف أيضاً.
هو محمد بن عبيد بن حساب ، وهو ثقة، أخرج له مسلم وأبو داود والنسائي .
[ حدثنا حماد بن زيد ].
هو حماد بن زيد ، مر ذكره.
[ حدثنا ليث ].
هو الليث بن أبي سليم ، وقد مر ذكره، وقد اختلط حتى لم يتميز فترك.
[ عن طاوس ].
هو طاوس بن كيسان ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن رجل يقال له زياد ].
زيادمقبول، أخرج له أبو داود والترمذي وابن ماجة .
[ عن عبد الله بن عمرو ].
هو عبد الله بن عمرو بن العاص أحد العبادلة الأربعة من الصحابة، وأحد الصحابة المكثرين الذين كانوا يكتبون الحديث، ولكنه ما بلغ أن يكون مثل السبعة الذين عرفوا بكثرة الحديث، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
وهذا إسناد آخر فيه أن زياد يقال له: سيمين كوش وهو لقب.
قال الخطابي : كلمة فارسية معناها أبيض الأذن، وسيمين : الفضة، وكوش: أبيض.
ولا أدري لماذا خص الأذن وحدها بالبياض؟ لعله لأن الأذن مثل باقي الجسم وتابعة له، إلا إن كان فيها برص أو بياض طارئ، وليس مثل الجسم .
[ حدثنا محمد بن عيسى بن الطباع ].
محمد بن عيسى بن الطباع ثقة، أخرج حديثه البخاري تعليقاً وأبو داود والترمذي في الشمائل والنسائي وابن ماجة .
[ حدثنا عبد الله بن عبد القدوس ].
عبد الله بن عبد القدوس صدوق يخطئ، أخرج له البخاري تعليقاً والترمذي .
هذا مقطوع.
الجواب: يدل على أن وجود مثل ذلك فيه مخرج لمن تقع الفتن وهو موجود بحيث يصد عنها وينشغل عنها بإبله أو غنمه أو أرضه.
الجواب: الفتنة تعني: وجود الفرقة، ووجود الانحراف عن الجادة، وأما الرد على أهل البدع ففيه إبطال الباطل وإظهار الحق، إذ لا يترك الباطل يصول ويجول ولا يتعرض له، وكأنه هو الذي لا يكون غيره، ولا ينبغي أن يكون سواه، ومنذ قديم الزمان والحق والباطل في سجال، وأهل السنة في ردود وتفنيد لمذاهب غيرهم من أهل البدع من قديم الزمان، وهذه الكتب موجودة، والردود موجودة منذ العصور الأولى، فوجود المبطلين في مختلف العصور والردود عليهم موجودة، ولا يقال: إن البدع والمحدثات إذا وجدت يسكت عنها، وإنما دحضها وبيان الباطل هذا من الجهاد في سبيل الله، والجهاد كما يكون بالنفس وبالمال يكون باللسان وبالقلم وبالنية، كما قال عليه الصلاة والسلام: (إن في المدينة لرجالاً ما سرتم مسيراً ولا قطعتم وادياً إلا كانوا معكم -يعني: بقلوبهم ونياتهم- حبسهم العذر) قال ذلك في غزوة تبوك في الذين ليس لديهم قدرة ولا ظهر يركبونه وجلسوا يبكون لما لم يتهيأ لهم الخروج مع الرسول صلى الله عليه وسلم في سبيل الله، فالرد على المبطلين والمنحرفين عن الجادة من الجهاد في سبيل الله.
الجواب: كون الإنسان يشغل نفسه بمتابعة هذه الأمور، فإن ذلك يكون على حساب شغل وقته فيما يعود عليه بالخير؛ لأن الإنسان إذا شغل وقته بهذه الأمور لم يجد وقتاً للاشتغال بالعلم وللإفادة والاستفادة، ولا بأس بأن يكون على علم ومعرفة بالأحداث وبما يحصل، لكن لا يكون هذا شغله الشاغل؛ لأن بعض الناس هذا شغله الشاغل، فتجده من إذاعة إلى إذاعة، ومن جريدة إلى جريدة، ومن مجلة إلى مجلة طوال اليوم ما عدا مدة النوم والأكل، هذا كله اشتغال بهذه الأمور، والاشتغال بما ينفع لم يبق له نصيب ولم يبق له محل.
الجواب: الحديث محتمل لأن يكون المقصود بالفعل كونه يفسده، أو أن المقصود بذلك التنبيه والإشارة إلى أن الإنسان يبتعد عنه كأنه لا سلاح له.
الجواب: هذا الحديث ليس خاصاً بولي الأمر، والداخل ليس خاصاً بأن يكون مسئولاً أو من ولاة الأمور، وإنما حتى غيره، وأن يصير المرء مقتولاً خير من أن يكون قاتلاً، ولكن الدفع بالتي هي أحسن مطلوب.
وفي الحديث: (من قتل دون دمه فهو شهيد، ومن قتل دون عرضه فهو شهيد)، والمقصد: أنه يدافع عن نفسه، ولا يستسلم لمن صال عليه، أو أراد ماله أو عرضه، وإذا دافع عن نفسه له ذلك، فإن قتل فهو شهيد، وإن ترك كان كخيري ابني آدم؛ لأن ابني آدم ما كان أحدهما ولي أمر، وإنما هما اختلفا وتشاجرا وأحدهما أراد أن يقتل الآخر.
ولا يفهم من هذا الحديث أنك لا تدافع إذا دخل عليك رجل ليعتدي عليك أو على زوجتك أو أولادك أو مالك، بل المدافعة مطلوبة، ولكن لا تكون بالقتل، وإنما بما هو دون القتل إن أمكن، كأن يمسكه أو يقيده أو يعمل أي شيء ليتخلص من شره بدون قتله، وإن لم يكن إلا القتل وقتل فهو معذور.
والذي يظهر من الحديث أن الإنسان لا يقتل صاحبه، وإنما يدفعه، وإن حصل قتل من ذاك فهذا على خير وذاك على شر.
ومعلوم أن الإنسان يدافع عن نفسه بدون القتل، والممنوع إنما هو القتل؛ لأنه قال: مَا أَنَا بِبَاسِطٍ يَدِيَ إِلَيْكَ لِأَقْتُلَكَ [المائدة:28]، وأما كون الإنسان يدافع عن نفسه بغير القتل، هذا أمر مطلوب، لكن لا يعمد إلى القتل.
الجواب: هذا غير صحيح، وما ثبت في هذا شيء.
الجواب: قال في الحديث : (فإن دُخل عليه في بيته) ، وهذا هو دفع الصائل المطلوب، وغير المطلوب هو المبادرة إلى القتل؛ لأن خير ابني آدم قال: مَا أَنَا بِبَاسِطٍ يَدِيَ إِلَيْكَ لِأَقْتُلَكَ [المائدة:28]، أنا لا أريد قتلك حتى وإن أردت قتلي، لكن كونه يدفع ويحول بينه وبين القتل بدون أن يقتله، فهذا طيب.
وما واجب طلبة العلم تجاه إخوانهم في فلسطين، وهل يشرع للمسلمين القنوت في الصلاة والدعاء على اليهود، وهل هذا يعتبر من فتن هذا العصر؟
الجواب: لا شك أن هذا من الفتن، ومن البلاء الذي حصل للمسلمين من تسلط أعدائهم عليهم وحصول الأضرار المختلفة على المسلمين، والمسلم عليه أن يدعو لإخوانه المسلمين بأن يفرج الله عنهم، وأن يكبت عدوهم، وأن يدحره، وأن يخلصهم مما هم فيه من الظلم والضيق، وأن يسأل الله عز وجل لإخوانه المسلمين السلامة والعافية، وأن ينزل بأسه على أعدائهم الذين ظلموهم وقهروهم، ولا شك أن من أعظم أسباب السلامة من الأعداء الاستقامة على طاعة الله وأمره والقيام بما شرعه؛ لأن هذا هو سبب كل خير، وما يحصل من المسلمين في هذا الزمان من تفرق وتشتت وانحراف عن منهج الحق والهدى هو سبب ما هم فيه من نكبات وأضرار، والله تعالى يقول: إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنفُسِهِمْ [الرعد:11]، والذنوب والمعاصي هي سبب كل بلاء.
فنسأل الله عز وجل أن يوفق المسلمين جميعاً إلى الرجوع إلى كتاب ربهم وسنة نبيهم، وأن يستقيموا على طاعة الله وطاعة رسوله صلى الله عليه وسلم، كما نسأله سبحانه وتعالى أن يكبت أعداءهم، وأن ينزل فيهم بأسه الذي لا يرد عن القوم المجرمين.
والقنوت للمسلمين في النكبات والمصائب واجب، وسؤال الله عز وجل أن يخلصهم مما هم فيه أمر مطلوب لكن بعد إذن ولي الأمر في ذلك.
الجواب: المسكين ضعيف وملك الموت قوي، ويمكن أن يظهر في صورة إنسان، كما في قصة موسى عليه الصلاة والسلام عندما جاءه بصورة إنسان، والملائكة كما هو معلوم تتحول إلى صورة إنسان كما حصل لجبريل فإنه جاء على صورة دحية بن خليفة الكلبي .
من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر