قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب في تعظيم قتل المؤمن.
حدثنا مؤمل بن الفضل الحراني حدثنا محمد بن شعيب عن خالد بن دهقان قال: كنا في غزوة القسطنطينية بذلقية، فأقبل رجل من أهل فلسطين، من أشرافهم وخيارهم يعرفون ذلك له، يقال له: هانئ بن كلثوم بن شريك الكناني ، فسلم على عبد الله بن أبي زكريا وكان يعرف له حقه، قال لنا خالد : فحدثنا عبد الله بن أبي زكريا قال: سمعت أم الدرداء تقول: سمعت أبا الدرداء يقول: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (كل ذنب عسى الله أن يغفره إلا من مات مشركاً، أو مؤمن قتل مؤمناً متعمداً)، فقال هانئ بن كلثوم : سمعت محمود بن الربيع يحدث عن عبادة بن الصامت أنه سمعه يحدث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: (من قتل مؤمناً فاعتبط بقتله لم يقبل الله منه صرفاً ولا عدلاً)، قال لنا خالد : ثم حدثني ابن أبي زكريا عن أم الدرداء عن أبي الدرداء أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: (لا يزال المؤمن معنقاً صالحاً ما لم يصب دماً حراماً، فإذا أصاب دماً حراماً بلح).
وحدث هانئ بن كلثوم عن محمود بن الربيع عن عبادة بن الصامت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم مثله سواء ].
يقول الإمام أبو داود السجستاني رحمه الله تعالى: [ باب في تعظيم قتل المؤمن ].
أي: أن قتل المؤمن عظيم وخطير، وأنه ليس بالأمر الهين، وقد جاء في القرآن الكريم ما يدل على خطورته، وجاء في السنة المطهرة ما يدل على أنه خطير، وأنه أمر عظيم، وأنه من أكبر الذنوب وأعظمها.
أورد أبو داود حديث أبي الدرداء رضي الله تعالى عنه، قال خالد بن دهقان : كنا في غزوة القسطنطينية بذلقية، فأقبل رجل من أهل فلسطين من أشرافهم وخيارهم يعرفون ذلك له، يقال له: هانئ بن كلثوم بن شريك الكناني فسلم على عبد الله بن أبي زكريا وكان يعرف له حقه، قال لنا خالد : فحدثنا عبد الله بن أبي زكريا قال: سمعت أم الدرداء تقول: سمعت أبا الدرداء يقول: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (كل ذنب عسى الله أن يغفره إلا من مات مشركاً، أو مؤمن قتل مؤمناً متعمداً) ].
قوله: [(أو مؤمن قتل مؤمناً متعمداً)]، هذا هو محل الشاهد منه، وأنه عطف على الشرك بالله عز وجل، ولكنه جاء في القرآن الكريم أن الشيء الذي لا يغفر هو الشرك وحده، قال الله عز وجل: إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ [النساء:48]، فيدخل في ذلك قتل النفس وغير ذلك، والذنب الذي لا يغفر، والذي صاحبه خالد مخلد في النار لا يخرج منها بحال من الأحوال بل يبقى فيها أبد الآباد هو: الشرك، وأما الكبائر والذنوب الأخرى ومنها قتل النفس العمد فإن ذلك يكون تحت مشيئة الله عز وجل؛ إن شاء عذب وإن شاء عفا وتجاوز، وإذا عذب فإن ذلك المعذب -بسبب ذلك الذنب الكبير الذي هو دون الشرك- لا يخلد في النار، بل لابد وأن يخرج منها، ولا يبقى في النار أبد الآباد إلا الكفار الذين هم أهلها.
وإذا كان الإنسان استحل القتل فإن الذنوب إذا استحلت كان استحلالها كفراً، لكن مع عدم الاستحلال هو تحت المشيئة، إن شاء عذب وإن شاء تجاوز.
قوله: [ فقال هانئ بن كلثوم : سمعت محمود بن الربيع يحدث عن عبادة بن الصامت أنه سمعه يحدث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: (من قتل مؤمناً فاعتبط بقتله لم يقبل الله منه صرفاً ولا عدلاً) ].
أورد حديث عبادة بن الصامت : (من قتل مؤمناً فاعتبط بقتله لم يقبل الله منه صرفاً ولا عدلاً)، هذا تهديد ووعيد شديد، وهو كغيره من أحاديث الوعيد التي فيها مثل هذا التهديد، إذا شاء الله ألا يتجاوز عن صاحبه فإنه يعذبه، ولكنه لا يخلد في النار.
قوله: [(اعتبط)] أي: قتله ظلماً من غير قصاص، وفي بعض النسخ: (اغتبط) أي: فرح وسُرَّ، ولم يكن متأثراً ولا متألماً، بل هو واقع في المعصية وفرح بها، وليس نادماً عليها.
قوله: [ (صرفاً) ]، قيل: إن المقصود به النوافل.
قوله: [ (وعدلاً) ]، قيل: المقصود به الفرائض.
[ قال لنا خالد : ثم حدثني ابن أبي زكريا عن أم الدرداء ، عن أبي الدرداء أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (لا يزال المؤمن معنقاً صالحاً ما لم يصب دماً حراماً، فإذا أصاب دماً حراماً بلح) ].
أورد حديث أبي الدرداء : (لا يزال المؤمن معنقاً صالحاً ما لم يصب دماً حراماً، فإذا أصاب دماً حراماً بلّح)، يعني: يريد خفيف الظهر يعنق في مشيه فيسير سير المخف.
قوله: [ (معنقاً صالحاً) ]، هذا تمثيل وتشبيه بالذي يكون خالياً من الظهر ويسير سيراً خفيفاً، والعنق: نوع من السير وهو أخف من النص -كما جاء في حديث الحج وانصرافهم من عرفة إلى مزدلفة، (كان يسير العنق، فإذا وجد فجوة نص) أي: أنه كان يسير سيراً خفيفاً، فإذا وجد فجوة أسرع، وزاد في الإسراع.
قوله: [ (فإذا أصاب دماً حراماً بلح)] ، أي: أعيا وانقطع وهو ضد العنق والسير؛ لأنه كان يسير سيراً خفيفاً ليس فيه سرعة شديدة، ولكنه إذا أصاب دماً حراماً بلح، يعني: أعيا وصار بخلاف الحالة الأولى، وذلك بسبب هذا الذنب، فهو مثل الإنسان الذي يسير وسيره فيه نشاط وقوة، ولكنه إذا حصل هذا الذنب فإنه يتحول إلى العي والتعب ولم يستطع السير.
قوله: [ وحدث هانئ بن كلثوم عن محمود بن الربيع عن عبادة بن الصامت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم مثله سواء ].
قوله: [ حدثنا مؤمل بن الفضل الحراني ].
مؤمل بن الفضل الحراني صدوق، أخرج له أبو داود والنسائي .
[ حدثنا محمد بن شعيب ].
محمد بن شعيب صدوق، أخرج له أصحاب السنن.
[ عن خالد بن دهقان ].
خالد بن دهقان مقبول، أخرج له أبو داود .
عبد الله بن أبي زكريا ثقة، أخرج له أبو داود .
[ عن أم الدرداء ].
أم الدرداء هي هجيمة وهي أم الدرداء الصغرى ، وهي ثقة، أخرج لها أصحاب الكتب الستة.
[ عن أبي الدرداء ].
أبو الدرداء هو عويمر بن زيد وهو صحابي أخرج له أصحاب الكتب الستة.
قال: [ هانئ بن كلثوم ].
هانئ بن كلثوم ثقة، أخرج له أبو داود .
[ سمعت محمود بن الربيع ].
محمود بن الربيع صحابي صغير، أخرج له أصحاب الكتب الستة، وأكثر روايته عن الصحابة، وهو صاحب المجة الذي قال: (عقلت مجة مجها علي الرسول صلى الله عليه وسلم من دلو).
[ عن عبادة بن الصامت ].
عبادة بن الصامت رضي الله عنه الصحابي الجليل، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
والحديث صحيح، وله متابعات.
قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا عبد الرحمن بن عمرو عن محمد بن المبارك قال: حدثنا صدقة بن خالد أو غيره قال: قال: خالد بن دهقان : سألت يحيى بن يحيى الغساني عن قوله: (اعتبط بقتله) قال: الذين يقاتلون في الفتنة، فيقتل أحدهم فيرى أنه على هدى لا يستغفر الله، يعني: من ذلك.
قال أبو داود وقال: فاعتبط يصب دمه صباً ].
أورد أبو داود هذه الآثار عن خالد قال: سألت يحيى بن يحيى الغساني عن قوله: (اعتبط بقتله) قال: الذين يقاتلون في الفتنة فيقتل أحدهم فيرى أنه على هدى لا يستغفر الله.
فسره يحيى بن يحيى الغساني بأنه الذي يقاتل في الفتنة فيرى أنه على حق في قتاله، فلا يستغفر الله؛ لأنه لا يعتقد أنه مذنب، بل يعتقد أنه على حق، وذلك مثل أهل البدع مع أهل المعاصي، فأهل المعاصي أمرهم أسهل من أهل البدع؛ لأن صاحب المعصية يعتقد أنه مذنب، ويعترف بأنه مذنب، فيكون على خوف من الله عز وجل، وأما ذاك فهو يرى أنه على حق، وهو على ضلالة، فلا يستغفر ولا يتوب، ويعتقد أن غيره هو المبطل وهو المحق؛ ولهذا جاء في الحديث: (إن الله احتجر التوبة عن كل صاحب بدعة حتى يتوب من بدعته)؛ وذلك أن صاحب البدعة لا يتوب؛ لأنه يرى أنه على حق، ولا يعتقد أنه مذنب كصاحب المعصية الذي يزني ويعلم أن الزنا حرام، أو يسرق ويعلم أن السرقة حرام، فتجده خائفاً، وأما هذا فتجده مرتاحاً مطمئناً، وقد زين له سوء عمله فرآه حسناً والعياذ بالله!
قوله: [ يصب دمه صباً ].
هذا فيه مبالغة في القتل.
إذاً: كون الإنسان يقاتل وهو يعتقد أنه على حق، ولا يرى أنه مخطئ أو أنه مذنب فيستغفر الله، ليس كصاحب المعصية الذي يعرف أنه مذنب قد عصى، ويكون خائفاً نادماً مستغفراً، وهذا حاله مثل الخوارج الذين كانوا يقاتلون الصحابة، فقد كانوا يرون أنهم على حق ولا يعتقدون أنهم مذنبون.
والقسطنطينية حصل غزوها في زمن الصحابة، وكان فيها يزيد بن معاوية .
قوله: [ حدثنا عبد الرحمن بن عمرو ].
عبد الرحمن بن عمرو ثقة، أخرج له أبو داود .
[ عن محمد بن المبارك ].
محمد بن المبارك ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ حدثنا صدقة بن خالد ].
صدقة بن خالد ثقة، أخرج له البخاري وأبو داود والنسائي وابن ماجة .
[ أو غيره ].
هذا شك في صدقة هل هو الراوي أو غيره، ومثل هذا لا يؤثر لأنه ليس حديثاً، وإنما كلام يحيى الغساني في تفسير الحديث.
[ قال خالد بن دهقان ].
خالد بن دهقان مر ذكره.
[ يحيى بن يحيى الغساني ].
يحيى بن يحيى الغساني ثقة، أخرج له أبو داود ، وهو صاحب هذا الأثر، وهذا الإسناد منتهاه إليه، فهو الذي قال هذا الكلام.
قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا مسلم بن إبراهيم حدثنا حماد أخبرنا عبد الرحمن بن إسحاق عن أبي الزناد عن مجالد بن عوف أن خارجة بن زيد قال: سمعت زيد بن ثابت في هذا المكان يقول: أنزلت هذه الآية: وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا [النساء:93] بعد التي في الفرقان: وَالَّذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقّ [الفرقان:68]، بستة أشهر. ].
أورد أبو داود أثر زيد بن ثابت أن هذه الآية: وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا [النساء:93]، في سورة النساء نزلت بعد التي في الفرقان وهي: وَالَّذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقّ ولا يزنون [الفرقان:68]، وهذا قال عنه الشيخ الألباني : إنه منكر، ولعل وجه النكارة فيه من جهة أن نزول سورة الفرقان كان بمكة، ونزول سورة النساء كان بالمدينة، والفترة التي بين نزول هذه ونزول هذه لا تكون ستة أشهر.
قوله: [ حدثنا مسلم بن إبراهيم ].
هو مسلم بن إبراهيم الفراهيدي ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ حدثنا حماد ].
هو حماد بن سلمة ، وهو ثقة، أخرج له البخاري تعليقاً ومسلم وأصحاب السنن.
[ أخبرنا عبد الرحمن بن إسحاق ].
عبد الرحمن بن إسحاق صدوق، أخرج له البخاري في الأدب المفرد ومسلم وأصحاب السنن.
[ عن أبي الزناد ].
أبو الزناد هو عبد الله بن ذكوان ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن مجالد بن عوف ].
مجالد بن عوف صدوق، أخرج له أبو داود والنسائي .
[ أن خارجة بن زيد قال ].
هو خارجة بن زيد بن ثابت ، وهو ثقة فقيه، أحد فقهاء المدينة السبعة في عصر التابعين، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[ سمعت زيد بن ثابت ].
زيد بن ثابت صحابي، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
وإذا قيل: إن آية النساء متأخرة عنها تكون كالناسخة للتي في سورة الفرقان: وَالَّذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقّ ولا يزنون [الفرقان:68]، لكن كما هو معلوم أن السلف أجمعوا على أن الذي في سورة النساء للتغليظ، وأن القاتل له توبة، وأن الله تعالى يتوب على كل من تاب، وأن أمره إن لم يتب تحت مشيئة الله، والذنب الذي لا سبيل إلى مغفرته هو الشرك بالله وحده، وجاء عن ابن عباس غير ذلك، ولكن جاء عنه أنه رجع عن قوله إلى قول جمهور السلف، وبذلك صارت المسألة اتفاقية، وهو أنه تحت المشيئة، وأن له توبة، ومن أوضح ذلك قصة الإسرائيلي -كما في الصحيحين- الذي قتل مائة نفس، ثم بعد ذلك لقي عالماً وقال له: هل لي من توبة؟ قال: ومن يحول بينك وبين التوبة؟!
قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا يوسف بن موسى قال: حدثنا جرير عن منصور عن سعيد بن جبير أو حدثني الحكم عن سعيد بن جبير قال: سألت ابن عباس فقال: لما نزلت التي في الفرقان: وَالَّذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقّ [الفرقان:68]، قال مشركو أهل مكة: قد قتلنا النفس التي حرم الله، ودعونا مع الله إلهاً آخر، وأتينا الفواحش، فأنزل الله: إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُوْلَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ [الفرقان:70] فهذه لأولئك، قال: وأما التي في النساء: وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا [النساء:93] الآية، قال: الرجل إذا عرف شرائع الإسلام ثم قتل مؤمناً متعمداً فجزاؤه جهنم، لا توبة له، فذكرت هذا لـمجاهد فقال: إلا من ندم ].
أورد المصنف هذا الأثر عن سعيد بن جبير قال: (سألت ابن عباس فقال: لما نزلت التي في الفرقان، قال: هذه في المشركين)، يعني: أن لهم توبة، وأنهم إذا تابوا فإن الله تعالى يتوب عليهم، قال: وأما التي في النساء، فإنها في الذي عرف شرائع الإسلام ثم قتل مؤمناً متعمداً فجزاؤه جهنم لا توبة له. وهذا الذي قاله ابن عباس أولاً، ثم رجع عنه وصار إلى القول الذي عليه جمهور السلف، وبذلك صارت المسألة متفقاً عليها، ولا خلاف فيها، وإذا كان الشرك وهو أعظم الذنوب يتوب الله تعالى على من تاب منه، كما قال الله عز وجل: قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَنتَهُوا يُغْفَرْ لَهُمْ مَا قَدْ سَلَفَ [الأنفال:38]، وكذلك المسلم إذا تاب من ذنبه فإن له توبة، وقصة الإسرائيلي الذي قتل مائة نفس تبين ذلك، ثم قال له العالم: من يحول بينك وبين التوبة؟! ثم أرشده إلى أن ينتقل من البلد الذي هو فيه إلى بلد آخر فيه أناس صالحون يكون معهم، ثم مات في أثناء الطريق، فاختصمت فيه ملائكة الرحمة وملائكة العذاب، والحديث مشهور ومعروف، وهو في الصحيحين.
قوله: [ فذكرت هذا لـمجاهد فقال: إلا من ندم ].
معناه: أن له توبة.
قوله: [ حدثنا يوسف بن موسى ].
يوسف بن موسى صدوق، أخرج له البخاري وأبو داود والترمذي والنسائي في مسند علي وابن ماجة .
[ حدثنا جرير ].
هو جرير بن عبد الحميد الضبي ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن منصور ].
هو منصور بن المعتمر ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن سعيد بن جبير ].
سعيد بن جبير ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ أو حدثني الحكم عن سعيد بن جبير ].
الحكم هو الحكم بن عتيبة ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ سألت ابن عباس ].
ابن عباس هو عبد الله بن عباس بن عبد المطلب ابن عم النبي صلى الله عليه وسلم، وأحد العبادلة الأربعة من الصحابة، وأحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم.
قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا أحمد بن إبراهيم حدثنا حجاج عن ابن جريج قال: حدثني يعلى عن سعيد بن جبير عن ابن عباس في هذه القصة في: وَالَّذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ [الفرقان:68] أهل الشرك، قال: ونزل: يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ [الزمر:53] ].
أورد أبو داود أثر ابن عباس من طريق أخرى، وقال: إن الآية التي في الفرقان في أهل الشرك، ونزل: (قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ [الزمر:53]، ومعلوم أن الله عز وجل يغفر الذنوب جميعاً، وكل ذنب تيب منه فإنه يغفر لصاحبه، والذي لم يتب منه إن كان شركاً فإنه لا يغفر، وإن كان دون الشرك فهو تحت المشيئة.
قوله: [ حدثنا أحمد بن إبراهيم ].
أحمد بن إبراهيم هو الدورقي ، وهو ثقة، أخرج حديثه مسلم وأبو داود والترمذي وابن ماجة .
[ حدثنا حجاج ].
هو حجاج بن محمد المصيصي ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن ابن جريج ].
ابن جريج هو عبد الملك بن عبد العزيز بن جريج المكي ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ حدثني يعلى ].
يعلى يحتمل أن يكون ابن مسلم أو ابن حكيم ، ولكن يرجع كونه ابن مسلم أنه مكي، وابن جريج مكي، ويعلى بن مسلم ثقة، وذاك صدوق؛ وعبد الملك بن جريج يروي عن الاثنين، وسعيد بن جبير روى عنه الاثنان، هو يحتمل هذا وهذا.
لكن في تحفة الأشراف نص على ابن مسلم ويوضحه كونه مكياً وابن جريج، مكي.
وابن مسلم أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا ابن ماجة .
[ عن سعيد بن جبير عن ابن عباس ].
مر ذكرهما.
قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا أحمد بن حنبل حدثنا عبد الرحمن حدثنا سفيان عن المغيرة بن النعمان عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال: وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا [النساء:93] قال: ما نسخها شيء ].
أورد المصنف حديث ابن عباس أنه قال في قول الله عز وجل: وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا [النساء:93] ما نسخها شيء، معناه: أنها محكمة، وهذا متفق مع ما تقدم عنه من أنه يرى أنه لا توبة له، ولكن قد رجع وصار كغيره من الصحابة وغيرهم الذين قالوا بأن كل ذنب له توبة، وأن كل ذنب دون الشرك تحت المشيئة.
قوله: [ حدثنا أحمد بن حنبل ].
هو أحمد بن محمد بن حنبل الشيباني ، وهو ثقة فقيه، أحد أصحاب المذاهب الأربعة المشهورة من مذاهب أهل السنة، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
[ حدثنا عبد الرحمن ].
هو عبد الرحمن بن مهدي وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن سفيان ].
هو سفيان بن سعيد بن مسروق الثوري ، وهو ثقة فقيه، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن المغيرة بن النعمان ].
المغيرة بن النعمان ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا ابن ماجة .
[ عن سعيد بن جبير عن ابن عباس ].
مر ذكرهما.
قال الحافظ في الفتح: إن ابن عباس رضي الله عنهما كان تارةً يجعل الآيتين في محل واحد؛ فلذلك يجزم بنسخ إحداهما، وتارةً يجعل محلهما مختلفاً، ويمكن الجمع بين كلاميه: بأن عموم التي في الفرقان خص منها مباشرة المؤمن القتل متعمداً، وكثير من السلف يطلقون النسخ على التخصيص، وهذا أولى من حمل كلامه على التناقض، وأولى من دعوى أنه قال بالنسخ ثم رجع عنه.
ولكن ينهي هذا كله ثبوت رجوعه عن كل هذا.
قال الحافظ في الفتح: إن ابن عباس رضي الله عنهما كان تارةً يجعل الآيتين في محل واحد؛ فلذلك يجزم بنسخ إحداهما، وتارةً يجعل محلهما مختلفاً، ويمكن الجمع بين كلاميه: بأن عموم التي في الفرقان خص منها مباشرة المؤمن القتل متعمداً، وكثير من السلف يطلقون النسخ على التخصيص، وهذا أولى من حمل كلامه على التناقض، وأولى من دعوى أنه قال بالنسخ ثم رجع عنه.
ولكن ينهي هذا كله ثبوت رجوعه عن كل هذا.
قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا أحمد بن يونس حدثنا أبو شهاب عن سليمان التيمي عن أبي مجلز في قوله: وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ [النساء:93] قال: هي جزاؤه؛ فإن شاء الله أن يتجاوز عنه فعل ].
أورد أبو داود هذا الأثر عن أبي مجلز ، قال: (هي جزاؤه فإن شاء الله أن يتجاوز عنه فعل)، يعني: إذا شاء الله أن يغفر له غفر له، كما قال الله عز وجل: (إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ [النساء:48] وقتل النفس هو دون ذلك، فيكون تحت مشيئة الله.
قوله: [ حدثنا أحمد بن يونس ].
أحمد بن يونس ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ حدثنا أبو شهاب ].
أبو شهاب هو الحناط عبد ربه بن نافع ، وهو صدوق يهم، أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا الترمذي .
[ عن سليمان التيمي ].
هو سليمان بن طرخان التيمي ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن أبي مجلز ].
أبو مجلز ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
أما عن الخلود إذا جاء في غير الشرك فهو خلود نسبي، مثل ما جاء في الأحاديث: (من قتل نفسه بكذا فهو يعذب في نار جهنم خالداً مخلداً فيها)، فهذا تخليد نسبي وليس كخلود الكفار في النار الذي هو أبد الآباد.
والآية ليس فيها نسخ أصلاً، وأما عن أثر رجوع ابن عباس عن قوله في السلسلة الصحيحة (رقم2799)، وفي صحيح الأدب المفرد (رقم4).
قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب ما يرجى في القتل.
حدثنا مسدد حدثنا أبو الأحوص سلام بن سليم عن منصور عن هلال بن يساف عن سعيد بن زيد قال: (كنا عند النبي صلى الله عليه وسلم فذكر فتنة فعظم أمرها، فقلنا: أو قالوا: يا رسول الله! لئن أدركتنا هذه لتهلكنا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: كلا، إن بحسبكم القتل) .
قال سعيد : فرأيت إخواني قتلوا ].
أورد أبو داود : باب ما يرجى في القتل.
لعل ذلك يعني: من مغفرة.
أورد حديث سعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل أحد العشرة المبشرين بالجنة رضي الله عنهم: (أن النبي صلى الله عليه وسلم ذكر فتنة فعظم أمرها فقلنا: يا رسول الله! لئن أدركتنا هذه لتهلكنا) .
معناه: أنه يحصل لهم الهلاك في هذه الفتنة.
قال: (كلا، إن بحسبكم القتل) .
يعني: كون القتل يحصل لأحد منكم وليس لكلكم.
قوله: [ قال سعيد : فرأيت إخواني قتلوا ].
هو سعيد بن زيد مات سنة خمسين أو بعدها بسنة أو سنتين، يعني: في منتصف خلافة معاوية ؛ لأن معاوية تولى سنة واحد وأربعين، ومات سنة ستين، وهو مات في منتصف خلافته، ولعله يقصد ما حصل من الفتن والاقتتال الذي حصل بين الصحابة ومن قتل فيها.
قوله: [ حدثنا مسدد ].
هو مسدد بن مسرهد ، وهو ثقة، أخرج له البخاري وأبو داود والترمذي والنسائي .
[ حدثنا أبو الأحوص سلام بن سليم ].
هو سلام بن سليم الحنفي ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن منصور عن هلال بن يساف ].
منصور مر ذكره، وهلال بن يساف ثقة، أخرج له البخاري تعليقاً ومسلم وأصحاب السنن.
[ عن سعيد بن زيد ].
هو سعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل الصحابي الجليل أحد العشرة المبشرين بالجنة، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
قال المصنف رحمه الله تعالى : [ حدثنا عثمان بن أبي شيبة حدثنا كثير بن هشام حدثنا المسعودي عن سعيد بن أبي بردة عن أبيه عن أبي موسى قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (أمتي هذه أمة مرحومة ليس عليها عذاب في الآخرة، عذابها في الدنيا الفتن والزلازل والقتل) ].
أورد أبو داود حديث أبي موسى الأشعري رضي الله تعالى عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (أمتي هذه أمة مرحومة) يعني: أن الله تعالى رحمها فلم يهلكها بسنة بعامة كما حصل للأمم الماضية، بل هي باقية، وإنما يحصل لها الهلاك أو لبعض الناس فيها بالزلازل والفتن والقتل الذي يكون بينهم.
قوله: [ حدثنا عثمان بن أبي شيبة ].
عثمان بن أبي شيبة ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا الترمذي وإلا النسائي فقد أخرج له في عمل اليوم والليلة.
[ حدثنا كثير بن هشام ].
كثير بن هشام ثقة، أخرج له البخاري في الأدب المفرد ومسلم وأصحاب السنن .
[ حدثنا المسعودي ].
المسعودي هو عبد الرحمن بن عبد الله بن عتبة بن مسعود ، وهو صدوق اختلط ورواية من روى عنه قبل ذهابه إلى بغداد صحيحة، أخرج له البخاري تعليقاً وأصحاب السنن.
[ عن سعيد بن أبي بردة ].
سعيد بن أبي بردة ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن أبيه ].
أبوه هو أبو بردة بن أبي موسى ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن أبي موسى الأشعري ].
وهو صحابي، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
معلوم أن الإنسان عليه في الفتن ألا يكون سبباً فيها ولا مشاركاً، وعليه أن يعتزلها، وعليه أن يحض الناس على ألا يكونوا سبباً في الفتن، ولا مشاركين فيها، فلا يشتغلوا بإذكائها وإشعال نارها لا بقول ولا بفعل، وإنما يحثون على اتباع السنن، وعلى معرفة الحق والهدى، والعمل به، والابتعاد عن طرق أهل البدع، ومحدثات الأمور الذين هم أسباب الفتن والمحن التي تجري للناس، وسواء كانت هذه الفتن تتعلق بالولاية والولاة، أو تتعلق بأمور أخرى، فعلى الإنسان أن يحرص على أن يكون بعيداً عنها، وأن يكون سليماً منها، وأن يكون من الدعاة إلى الابتعاد عنها، وعدم الاشتغال فيها.
السؤال: ما المراد بقوله في الحديث: (أمتي هذه أمة مرحومة ليس عليها عذاب في الآخرة) ؟
الجواب: يحصل لها في الدنيا ما يكون سبباً في سلامتها في الآخرة، لكن هذا لا يعني: أنه ليس هناك أحد يعذب في الآخرة، بل من كان من أصحاب الذنوب والمعاصي ولم يتجاوز الله عنه فإنه يعذب، ولكن يحصل له في الدنيا من المصائب وغيرها ما يكون سبباً في تكفير الذنوب ومغفرتها، وكون الإنسان يحصل له عذاب في الدنيا، هذا هو الذي يدل عليه الحديث، لكن لا يعني: أن كل هذه الأمة تسلم من عذاب النار، بل وردت أحاديث كثيرة تدل على دخول أصحاب الكبائر النار، وأنهم يخرجون منها بالشفاعة، والنبي صلى الله عليه وسلم قال: (إن لكل نبي دعوة مستجابة دعا بها فاستجيب له، وإني اختبأت دعوتي شفاعةً لأمتي) فهو يشفع لأهل الكبائر؛ ولهذا من لم يشأ الله عز وجل أن يعفو عنه فإنه يعذب في النار، ولا يعني ذلك أن هذا للكل، وإنما البعض هم من تحصل لهم السلامة من عذاب النار.
أما قوله: (إن بحسبكم القتل) فيقول العظيم أبادي : معنى هذه الجملة: أن هذه الفتنة لو أدركتكم لكفاكم فيها القتل، أي كونوا مقتولين، والضرر الذي يحصل لكم منها ليس إلا القتل، وأما هلاك عاقبتكم فكلا، بل يرحمكم الله هناك، ويغفر لكم.
والذي ظهر لي في معنى هذه الجملة: أن الذي يحصل للأمة في الدنيا من قتل وزلازل وفتن، وأما في الآخرة فلا يحصل الهلاك، ولكن كما هو معلوم ليس كل الناس يسلمون من العذاب في الآخرة، فمن شاء الله عز وجل أن يعذبه عذبه، ولكنه لا يخلد في النار كتخليد الكفار.
السؤال: قال في عون المعبود: قال المُظهر: هذا حديث مشكل؛ لأن مفهومه ألا يعذب أحد من أمته صلى الله عليه وسلم سواء من ارتكب الكبائر وغيره، فقد وردت الأحاديث بتعذيب مرتكب الكبيرة، اللهم إلا أن يئول بأن المراد بالأمة هنا من اقتدى به صلى الله عليه وسلم كما ينبغي، ويمتثل بما أمر الله وينتهي عما نهاه.
الجواب: معناه: أن الذي سلم من العذاب بكونه أتى بالأسباب المنجية ولم يحصل منه الكبائر التي توبقه وتدخله النار.
قال الطيبي رحمه الله: الحديث وارد في مدح أمته صلى الله عليه وسلم واختصاصهم من بين سائر الأمم بعناية الله تعالى ورحمته عليهم، وأنهم إن أصيبوا بمصيبة في الدنيا حتى الشوكة يشاكها أن الله يكفر بها في الآخرة ذنباً من ذنوبهم، وليست هذه الخاصية لسائر الأمم، ويؤيده ذكر هذه وتعقيبها بقوله: (مرحومة) فإنه يدل على مزية تميزهم بعناية الله تعالى ورحمته.
وكونهم أيضاً خفف عنهم ما كان على غيرهم من الآصار ومن الأمور الشاقة والصعبة التي كلف بها الأمم السابقة هذا من رحمة الله عز وجل بهذه الأمة.
السؤال: هل يقتل المؤمن بالكافر؟
الجواب: لا يقتل المؤمن بكافر.
السؤال: أعطاني طالب كتاباً لـشيخ الإسلام المسمى بـ: قاعدة الانغماس في العدو، جوز فيه شيخ الإسلام الانغماس في العدو، فهل الانغماس المذكور هو ما يسمى الآن بالعمليات الانتحارية والاستشهادية؟
الجواب: ليس هذا من هذا القبيل، وإنما الانغماس في العدو يعني: الكر والفر الذي يكون بحسب قدرة الإنسان ومهارته وقوته، فهو يدخل في العدو ويخرج منهم بسرعة، وأما هذا الذي يسمونه العمليات الاستشهادية فإن الهلاك محقق في حقه مائة في المائة، وأما ذاك فإن السلامة متوقعة فيه.
السؤال: هل تجوز الصلاة على الموتى داخل المقبرة؟
الجواب: الأصل أنه لا يصلى في المقبرة، بل يصلى في المسجد أو في مكان خارج المسجد، ولكن من فاتته الصلاة يصلي على القبر.
السؤال: حديث: (من أحبه الله عجل له العقوبة في الدنيا) هل يكون موافقاً لحديث: (أمتي أمة مرحومة)؟
الجواب: نعم.
السؤال: هل قتل الكافر متعمداً من الكبائر؟
الجواب: إذا كان معاهداً أو صاحب عهد أو ذمة، فلا يجوز، والأحاديث كثيرة في التشديد في ذلك.
السؤال: إذا كانت امرأة ذات أموال كثيرة وثرية، وكانت ترأس أعمالها وأموالها، وعندها رجال يعملون تحت إدارتها: فهل تدخل في نص الحديث: (ما أفلح قوم ولوا أمرهم امرأة)، أم أن هذا خاص بالإمارة والرئاسة العامة؟
الجواب: الحديث جاء في الرئاسة والولاية العامة، وأما مثل هذا فهو من الأمور التي لا تسوغ كونها تخالط الرجال، ولا يكون بينها وبينهم فرق، وكأنها واحدة منهم، وتكون رجلة النساء، ولا شك أن هذا من الأمور التي لا تجوز، وأما الحديث: (لن يفلح قوم ولوا أمرهم امرأة)، فإن الرسول صلى الله عليه وسلم قاله لما بلغه أن الفرس ملكوا ابنة كسرى بعد موته، فقال عليه الصلاة والسلام: (لن يفلح قوم ولوا أمرهم امرأة).
السؤال: قوله: (أمتي هذه أمة مرحومة) هل يعني بالأمة القرون الأولى أم جميع أمته إلى يوم القيامة؟
الجواب: من أهل العلم من قال بالقول الأول، ومنهم من قال بالثاني، والذي يظهر أنه عام؛ لأنه ذكر بعد ذلك الزلازل والفتن والقتل.
السؤال: ألا يحمل الحديث الأخير على أن أمة النبي صلى الله عليه وسلم كلها لا تصيبها الأهوال العظام التي تصيب بقية الأمم؟
الجواب: ربما توجد أهوال عظام لكن على نطاق محدود، ولا تقع بصفة عامة مثلما حصل للأمم السابقة.
السؤال: ما القول الراجح فيما يجوز للخاطب أن ينظر إليه من مخطوبته عند إرادة النكاح؟
الجواب: يرى وجهها ويديها.
السؤال: هذان طالبان اختلفا في نقل فتواكم في قضية الصلاة في الساحات مع أنهما متفقان على أنهما سمعا منكم أنها لها حكم المسجد، لكن أحدهما يقول: إنكم قلتم: إن الأجر فيها أقل من أجر الصلاة داخل المسجد، والآخر يقول: لها نفس الأجر: فأيهما الصواب؟
الجواب: ما دمت قلت: إنها من المسجد فحكم المسجد واحد، فالصلاة بألف صلاة، لكن كما هو معلوم فيما يتعلق بصلاة الجماعة كل صف أفضل من الذي يليه، وأما من حيث التضعيف فإن كل ما يقال له مسجد سواء كان مغطى أو مكشوفاً تحيط به الأسوار والأبواب فإنه يعتبر مسجداً، والصلاة فيه بألف صلاة كما جاء ذلك عن رسول الله عليه الصلاة والسلام في قوله: (الصلاة في مسجدي هذا خير من ألف صلاة فيما سواه، إلا المسجد الحرام)، فالذي قلته: إنها مسجد، وإن التضعيف الذي يكون في المسجد هو لها ما دام أطلق عليه أنه مسجد الرسول صلى الله عليه وسلم، وأما من حيث صلاة الجماعة فلا شك أن كل صف أسبق أفضل من الذي يليه.
السؤال: أرجو من فضيلتكم أن تبينوا لنا المقصود من الفتن في الأحاديث التي مرت معنا، وهل الأحداث المعاصرة تدخل في هذا المعنى؟
الجواب: لا شك أن هذه الفتن المعاصرة من أعظم الفتن، نسأل الله السلامة والعافية!!
السؤال: هل صح عن السلف هذا الأثر: أن البدعة أحب إلى الشيطان من المعصية؟
الجواب: لا أذكر ذلك، لكن مما لا شك فيه أنها أحب إلى الشيطان من المعصية؛ لأن صاحب المعصية يتوب في سبيل التخلص منها، وأما البدعة فصاحبها يموت عليها؛ لأنه زين له سوء عمله فرآه حسناً، والعياذ بالله.
السؤال: ألا يحمل الحديث (أمتي هذه أمة مرحومة، ليس عليها عذاب في الآخرة) على دعوة النبي صلى الله عليه وسلم لأمته: (ألا يهلكها بسنة عامة) ؟
الجواب: كون الله عز وجل لم يهلك هذه الأمة بسنة عامة، فإن هذا من رحمة الله عز وجل بهذه الأمة، ومن رحمته بها كونه يحصل لهم في الدنيا من المصائب ومن البلاء ما يحصل به تكفير الذنوب في الآخرة، وكل هذا من رحمة الله بهذه الأمة.
السؤال: بناءً على الفتوى بأن الساحات من المسجد، فهل يقال: دعاء دخول المسجد عند باب المسجد الأول؟
الجواب: نعم، لكن كما هو معلوم يستثنى منه دورات المياه، فهي وإن كانت في داخل المسجد إلا أنها ليست من المسجد.
لكن قد يحدث أن تمتد الصفوف من عند باب السلام وتخرج إلى الساحات، فهل الاصطفاف بها أولى، أو أن ندخل إلى داخل المسجد؟
نقول: الظاهر أن داخل المسجد أولى من جهة أن الصفوف متصلة، وأما هذا ففيه تقطع.
وعلى كل فإذا امتدت الصفوف فهذا يكون الصف الأول، أو الصف الثاني أو الثالث.
السؤال: ذكرتم أن الله حجب التوبة عن ثلاثة، فمن هم؟
الجواب: أنا قلت كما في الحديث: (إن الله حجب التوبة عن كل صاحب بدعة حتى يتوب من بدعته) ، ولم أذكر عدداً.
السؤال: لقد حدث وأن تعرض جدي رحمه الله قبل خمسين سنة إلى لصوص فقتل أحدهم: فهل مثل هذا القتل يشمل الوعيد المذكور في الحديث: (من يقتل مؤمناً متعمداً) ؟
الشيخ: إذا اعتدوا هم عليه، وكان فعله هذا من قبيل الدفاع عن نفسه، وأدى ذلك إلى القتل فهو معذور.
السؤال: ما معنى قول الإمام أحمد وغيره في الأحاديث التي فيها: (ليس منا) قال: أمروها كما جاءت؟
الجواب: معناه: أن تبقى على هيبتها وعلى رهبتها، وأن الناس يستعظمون هذا الأمر ولا يستهونونه.
السؤال: هل يجوز إدخال الكتب المدرسية التي فيها صور إلى المسجد النبوي للمذاكرة؟
الجواب: لا ينبغي هذا.
السؤال: هل يصلى على من قتل نفسه، أو من قتل مؤمناً متعمداً، ولم يعلم هل تاب أم لا؟
الجواب: كل مسلم مات فإنه يصلى عليه، ولكن يمكن أن يتخلف بعض الناس الذين لهم شأن من أجل الردع والزجر لغيره؛ لئلا يقع في مثل ما وقع فيه؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يصل على بعض أصحاب المعاصي من أجل الزجر، فإذا تخلف عن الصلاة من له شأن أثر تخلفه على الناس، وهم يعتبرون أن هذا الذي تخلف عنه أمر خطير، فيكون ذلك سبباً في بعدهم عنه؛ فإن هذا لا بأس به، وأما الصلاة فإنه يصلى على كل مسلم.
السؤال: إذا كثرت الذنوب والمعاصي، فهل للإنسان أن يعتزل الناس ويكون تنقله بين منزله ومسجده فقط، أم يخالط الناس ويدعوهم وإن لم يستجيبوا له؟
الجواب: مخالطة الناس ودعوتهم أولى من الاعتزال.
السؤال: ما صحة الحديث: (إن الله أنزل القرآن على سبعة أحرف، فإن شئت قلت: عزيز حكيم أو غفور رحيم مالم تبدل آية رحمة بآية عذاب، أو آية عذاب برحمة) ؟
الجواب: (أنزل القرآن على سبعة أحرف) هذا جاء من طرق كثيرة، وثابت في الصحيحين وفي غيرهما، ولكن الإنسان ليس له أن يتصرف في القرآن بأن يبدل تذييل آية باسمين من أسماء الله، إنما عليه أن يأتي بالشيء الذي هو موجود، ولا يجوز له أن يغير وأن يبدل.
السؤال: هل الصفوف التي تقطع بالممرات تعتبر من الصفوف المقطوعة؟
الجواب: لا شك، هي مقطوعة، ولكن الصلاة فيها صحيحة.
السؤال: هل يجوز اختصار الأسماء مثل: عبد الرحمن وعبد الله؟
الجواب: هذا مثل شيوخ أبي داود عبد الرحمن بن إبراهيم يقال له: دحيم ، وهذا كما هو معلوم تصغير للشخص، وهو منحوت من الاسم، مثل: عبدان وعباد مأخوذة من عبد الله، ودحيم مأخوذة من عبد الرحمن، وهكذا.
من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر