حدثنا الحسن بن علي ومحمد بن المثنى وهذا حديثه قالا: حدثنا أبو عاصم عن ابن جريج عن محمد بن علي بن ركانة عن عكرمة عن ابن عباس رضي الله عنهما: (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يقت في الخمر حداً). وقال ابن عباس : (شرب رجل فسكر فلقي يميل في الفج، فانطلق به إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فلما حاذى بدار
قال أبو داود : هذا مما تفرد به أهل المدينة حديث الحسن بن علي هذا ].
ذكر الإمام أبو داود رحمه الله تعالى هذه الترجمة وهي: [ باب في الحد في الخمر ]، جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم التحديد في حد الخمر بأربعين، وجاء عن عمر رضي الله عنه بمشورة الصحابة أنه جعله ثمانين، وهو ما يعادل أخف وأسهل الحدود غير الخمر، وهو القذف الذي يكون الجلد فيه ثمانين، وقد جاء في بعض الأحاديث عدم التحديد، وإنما ذكر فيها جلد وضرب، وأن كلاً يضرب من جهته، وجاء في بعضها التحديد بأربعين وقد ذكر بعضها المصنف هنا، فقد جاء أن الرسول صلى الله عليه وسلم جلد أربعين، وأبا بكر جلد أربعين، وعمر جلد أربعين ثم جعلها ثمانين، وعلى هذا فحد الخمر أربعون كما ثبت ذلك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وبعض أهل العلم قال: حده ثمانون جلدة، وبعضهم قال: ما زاد على الأربعين إنما هو تعزير، ويرجع فيه إلى الإمام، ولا شك أن الذي ثبتت به السنة عن رسول الله عليه الصلاة والسلام هو أربعون، فمن أخذ بذلك فقد أخذ بالسنة، ومن أخذ بالثمانين فقد أخذ بما جاء عن عمر رضي الله تعالى عنه وأرضاه، وهو من الخلفاء الراشدين الهادين المهديين.
وقد أورد أبو داود حديث ابن عباس (أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يقت للخمر حداً) أي: أنه لم يوقت ولم يجعل لها حداً، وذكر أيضاً: أن رجلاً سكر وأنه رؤي يميل في الفج -أي: في الطريق- فعرف أنه سكران فهرب ودخل في بيت العباس والتزمه، وأخبر النبي صلى الله عليه وسلم بما فعل فقال: (أفعلها؟) فجعل يتبسم ويضحك ويقول: (أفعلها؟) ولم يأمر فيه بشيء، لكن الحديث في إسناده ابن جريج ، وقد روى بالعنعنة، ولو ثبت فإنه يكون محمولاً على أنه لم يحصل فيه ثبوت شيء لا بالاعتراف ولا بالشهادة، وإنما رؤي يتمايل فظن أنه شرب خمراً، وأنه لما دخل على العباس والتزمه معناه أنه: ملتجئ إليه وطالب تخليصه، ولم يأمر النبي صلى الله عليه وسلم فيه بشيء، ولكنه جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه جلد في الخمر أربعين، كما جاء في حديث علي رضي الله عنه وأرضاه الذي ذكره أبو داود، وهو عند مسلم وغيره كما سيأتي.
هو الحسن بن علي الحلواني ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا النسائي .
[ ومحمد بن المثنى ].
هو الزمن أبو موسى العنزي البصري ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ وهذا حديثه قالا: حدثنا أبو عاصم ].
هو الضحاك بن مخلد النبيل ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن ابن جريج ].
هو عبد الملك بن عبد العزيز بن جريج المكي ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن محمد بن علي بن ركانة ].
محمد بن علي بن ركانة صدوق، أخرج له أبو داود .
[ عن عكرمة ].
هو عكرمة مولى ابن عباس ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن ابن عباس ].
هو عبد الله بن عباس بن عبد المطلب ، ابن عم النبي صلى ا لله عليه وسلم، وأحد العبادلة الأربعة من الصحابة، وأحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم.
أورد أبو داود حديث أبي هريرة : أن النبي عليه الصلاة والسلام أتي برجل قد شرب الخمر، فأمر بضربه فضربوه، فكان منهم الضارب بنعله، والضارب بسوطه، والضارب بثوبه، وبعد ذلك قال رجل من القوم: أخزاك الله، فقال النبي عليه الصلاة والسلام: (لا تقولوا هكذا، لا تعينوا عليه الشيطان)، وهذا ليس فيه ذكر التحديد بأربعين، ولكنه جاء في بعض الأحاديث الأخرى التحديد بالأربعين.
قتيبة بن سعيد ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ حدثنا أبو ضمرة ].
هو أنس بن عياض ، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن يزيد بن الهاد ].
يزيد بن الهاد ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن محمد بن إبراهيم ].
هو محمد بن إبراهيم التيمي ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن أبي سلمة ].
هو أبو سلمة بن عبد الرحمن بن عوف ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن أبي هريرة ].
هو أبو هريرة عبد الرحمن بن صخر الدوسي، صاحب رسول الله عليه الصلاة والسلام، وأكثر الصحابة حديثاً على الإطلاق رضي الله عنه وأرضاه.
أورد أبو داود حديث أبي هريرة من طريق أخرى، وهو مثل الذي قبله أو نحوه، وقال فيه: (بكتوه) أي: أنبوه بدون سب وشتم، فجعلوا يقولون له: ما اتقيت الله، ما استحييت من رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم بعد ذلك قال: (قولوا: اللهم اغفر له، اللهم ارحمه).
قوله: [ (وبعضهم يزيد الكلمة ونحوها) ].
أي: في الدعاء له، وهذا فيه ورود اللوم ولكن بدون سب؛ لأن قولهم له: ما اتقيت الله، أي: مما حصل منك، فهذا تأنيب وتبكيت، ولكن ليس فيه سب ولا دعاء عليه، بل في آخر ذلك أمر بالدعاء له.
محمد بن داود بن أبي ناجية الإسكندراني ثقة، أخرج له أبو داود والنسائي في عمل اليوم والليلة.
[ حدثنا ابن وهب ].
هو عبد الله بن وهب ، وهو ثقة فقيه، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ أخبرني يحيى بن أيوب ].
يحيى بن أيوب صدوق ربما وهم، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ وحيوة بن شريح ].
هو حيوة بن شريح المصري ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ وابن لهيعة ].
ابن لهيعة صدوق اختلط، وحديثه أخرجه مسلم وأبو داود والترمذي وابن ماجة .
وهو هنا مقرون باثنين من الثقات، وأيضاً الراوي عنه عبد الله بن وهب ، وحتى لو لم يكن معه قرين أو قرناء فإن رواية عبد الله بن وهب مما سمع منه قبل الاختلاط، والعبادلة الأربعة: عبد الله بن وهب وعبد الله بن يزيد المكي وعبد الله بن المبارك وعبد الله بن مسلمة القعنبي .
أورد أبو داود حديث أنس بن مالك رضي الله عنه الذي فيه: أنهم جلدوا بالجريد والنعال في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم وعهد أبي بكر أربعين، وأن عمر رضي الله عنه لما حصل الريف وحصلت الخيرات، وكثرت الثمرات، استسهل بعض الناس صنع الخمر واستعمالها، فاستشار الصحابة رضي الله عنهم في الإتيان بعقوبة تردع عن هذا العمل، فرأوا أن الذي يحصل به المقصود ثمانون وهي المماثلة لحد القذف الذي هو أقل الحدود؛ لأن الزنا فيه مائة جلدة، والسرقة فيها قطع اليد، وأخفها حد القذف الذي هو ثمانون، فعند ذلك رأى عمر رضي الله عنه ومن معه من الصحابة ذلك، وكان فيهم علي وعبد الرحمن بن عوف ، فصار يجلد ثمانين رضي الله تعالى عنه وعن الصحابة أجمعين.
هو مسلم بن إبراهيم الفراهيدي ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ حدثنا هشام ].
هو هشام الدستوائي ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ ح وحدثنا مسدد ].
هو مسدد بن مسرهد البصري ، وهو ثقة، أخرج له البخاري وأبو داود والترمذي والنسائي .
[ حدثنا يحيى ].
هو يحيى بن سعيد القطان ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
هشام مر ذكره، وقتادة هو قتادة بن دعامة السدوسي البصري ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن أنس بن مالك ].
أنس بن مالك رضي الله عنه، خادم رسول الله عليه الصلاة والسلام، وأحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم.
أورد أبو داود الحديث ولكنه مرسل؛ لأنه من رواية قتادة ولم يذكر فيه أنساً ، وفيه أنه جلد بالجريد والنعال أربعين.
قوله: [ رواه ابن أبي عروبة ].
هو سعيد بن أبي عروبة ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن قتادة ].
قتادة مر ذكره.
ذكر طريقاً أخرى وهي عن شعبة بن الحجاج الوسطي ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. عن قتادة عن أنس (أن النبي صلى الله عليه وسلم ضرب بجريدتين نحو الأربعين) وليس فيه ذكر التحديد بالأربعين، وفيه ذكر الجريدتين، ومعنى ذلك أنه ضرب بكل واحدة قريباً من نصف هذا العدد، وفي الثانية مثلها، فصار مجموع ذلك قريباً من الأربعين، بمعنى: ضرب عشرين بجريدة، وعشرين بجريدة أو قريباً من ذلك، فيكون نحواً من أربعين.
أورد أبو داود حديث علي بن أبي طالب رضي الله عنه في قصة جلد الوليد بن عقبة وقد شهد عليه حمران مولى عثمان أنه رآه شرب الخمر، وشهد رجل آخر أنه رآه يتقيؤها، ومعلوم أنه لم يتقيأها إلا لكونه شربها؛ لأن من تقيأ شيئاً فهو قد شربه، فـعثمان رضي الله عنه أقام عليه الحد، وأسند إلى علي القيام بهذه المهمة، أي: أنه هو المنفذ، ويعين من يرى ليباشر الجلد، فأمر الحسن بأن يجلد فقال: ول حارها من تولى قارها، أي: أن من تولى الشيء السهل هو الذي يتولى الشيء الصعب، والمقصود من ذلك: من تولى قار الخلافة هو الذي يتولى حارها، فالذي يحصل السهولة واليسر والمال هو الذي يكلف بمثل هذه الأعمال، فصرف علي رضي الله عنه النظر عنه وأمر عبد الله بن جعفر أن يجلده، فباشر جلده، فجعل يجلده وعلي يعد حتى وصل إلى أربعين فقال له: أمسك، ثم قال: جلد رسول الله صلى الله عليه وسلم أربعين، وجلد أبو بكر أربعين، وجلد عمر ثمانين، وكل سنة، وهذا أحب إلي، أي: هذه سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهذه سنة عمر رضي الله عنه، قال: وكل سنة، أي: وكل ذلك حق، ولكن هذا أحب إلي؛ لأنه هو الذي جاء عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وعمر رضي الله عنه اجتهد في شيء رأى فيه المصلحة بردع الناس؛ لكونهم تتابعوا على شرب الخمر وكثر فيهم الشرب، فأراد أن تكون هناك عقوبة تردعهم وتمنعهم من الوقوع في ذلك الذي أقدموا عليه.
مسدد مر ذكره، وموسى بن إسماعيل التبوذكي ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ قالا: حدثنا عبد العزيز بن المختار ].
عبد العزيز بن المختار ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ حدثنا عبد الله الداناج ].
عبد الله الداناج ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا الترمذي .
[ حدثني حضين بن المنذر ].
هو حضين بن المنذر أبو ساسان ، وهو ثقة، أخرج له مسلم وأبو داود والنسائي وابن ماجة .
[ عن علي ].
هو علي بن أبي طالب رضي الله عنه، أمير المؤمنين، ورابع الخلفاء الراشدين الهادين المهديين، صاحب المناقب الجمة، والفضائل الكثيرة رضي الله عنه أرضاه، وحديثه عند أصحاب الكتب الستة.
أي: أوصلها إلى ثمانين، كأدنى الحدود الذي هو حد القذف، وقال: (وكل سنة) فمن أخذ بهذا فقد أخذ بسنة، ومن أخذ بهذا فقد أخذ بسنة.
قوله: [ حدثنا مسدد حدثنا يحيى عن ابن أبي عروبة عن الداناج عن حضين بن المنذر عن علي ].
قد مر ذكرهم جميعاً.
ذكر هذا الأثر عن الأصمعي في تفسيره: (ول حارها من تولى قارها) أي: ول شديدها من تولى هينها.
والقار قيل: هو البارد وهو مقابل الحار، والقر: هو البرد، والمقصود أنه يتولى الشديد من تولى اللين.
ويقال في أيام النحر: يوم العيد يوم النحر، ويوم الحادي عشر: يوم القر، الذي هو الاستقرار، وهذا ليس من المعنى الذي نحن فيه.
[ قوله: وقال الأصمعي ].
هو: عبد الملك بن قريب ، وهو صدوق سني، أخرج له البخاري تعليقاً ومسلم في المقدمة وأصحاب السنن.
وقوله: (سني) سبق أن مر بنا ذكر الأصمعي ، وعرفنا أن الحافظ ابن حجر في ترجمته له في تهذيب التهذيب ذكر أن أربعة من علماء اللغة في البصرة هم أهل سنة ومنهم الأصمعي .
[ قال أبو داود : هذا كان سيد قومه حضين بن المنذر أبو ساسان ].
هذا تعريف بهذا الرجل الذي يروي عن علي وهو حضين بن المنذر أبو ساسان وأنه كان سيد قومه.
حدثنا موسى بن إسماعيل حدثنا أبان عن عاصم عن أبي صالح ذكوان عن معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إذا شربوا الخمر فاجلدوهم، ثم إن شربوا فاجلدوهم، ثم إن شربوا فاجلدوهم، ثم إن شربوا فاقتلوهم) ].
أورد أبو داود هذه الترجمة وهي: [ باب إذا تتابع في شرب الخمر ]، أي: إذا شرب الخمر مراراً وحصل الجلد في كل مرة فإنه في المرة الرابعة يقتل، وقد جاء عن معاوية وغيره هذا الحكم الذي هو: الجلد في المرات الثلاث الأولى، ثم في الرابعة يقتل، وأكثر أهل العلم على أنه لا يقتل، ولهذا ذكر الترمذي رحمه الله في العلل أن كل ما في كتابه السنن قد عمل به إلا أحاديث ثلاثة، ومنها هذا الحديث الذي هو حديث قتل شارب الخمر، ولكنه حديث واضح وصريح، وقد جاء عن بعض أهل العلم أنه قال بقتله، ويكون هذا من قبيل التعزير، وأنه يمكن أن يحصل التعزير بقتله إذا لم يحصل الانكفاف إلا بذلك.
وللشيخ أحمد شاكر رحمه الله رسالة في هذا اسمها: القول الفصل في قتل مدمن الخمر.
موسى بن إسماعيل مر ذكره، وأبان هو أبان بن يزيد العطار ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الستة إلا ابن ماجة .
[ عن عاصم ].
هو عاصم بن أبي النجود ، وهو صدوق له أوهام، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة، وحديثه في الصحيحين مقرون.
[ عن أبي صالح ذكوان ].
هو أبو صالح ذكوان السمان ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن معاوية بن أبي سفيان ].
معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه أمير المؤمنين، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
وهذا ليس بواضح، فكيف يقول: اقتلوه وهو لا يريد قتله؟!
واستدلاله بحديث: (من قتل عبده قتلناه، ومن جدع عبده جدعناه) حيث قال: وهو لو قتل عبده لم يقتل به في قول عامة العلماء، وكذلك لو جدعه لم يجدع بالاتفاق، فالحديث جاء عن جماعة من الصحابة وفيه ذكر القتل، وهو من باب التعزير، فيحصل القتل إذا رأى الإمام مصلحة في ذلك ويكون تعزيراً.
أورد أبو داود حديث ابن عمر ، وهو بمعنى حديث معاوية قال: أحسبه قال في الخامسة: (إن شربها فاقتلوه)، وفي الحديث الأول قال ذلك في المرة الرابعة ولكنه شك، والذي ثبت هو في الرابعة.
هو ابن سلمة بن دينار ، وهو ثقة، أخرج له البخاري تعليقاً ومسلم وأصحاب السنن.
[ عن حميد بن يزيد ].
حميد بن يزيد مجهول الحال، أخرج له أبو داود .
[ عن نافع ].
هو نافع مولى ابن عمر ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن ابن عمر ].
هو عبد الله بن عمر رضي الله تعالى عنهما، وهو الصحابي الجليل، أحد العبادلة الأربعة من الصحابة، وأحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم.
[ قال أبو داود : وكذا في حديث أبي غطيف: في الخامسة ].
أي: أنه مثل الذي قبله، قال: أحسبه قال في الخامسة، وأبو غظيف لا يعرف اسمه، وهو هذلي مجهول، أخرج له أبو داود والترمذي وابن ماجة .
أورد أبو داود حديث أبي هريرة وهو بمعنى حديث معاوية الذي تقدم.
قوله: [ حدثنا نصر بن عاصم الأنطاكي ].
نصر بن عاصم الأنطاكي لين الحديث، أخرج له أبو داود .
[ حدثنا يزيد بن هارون الواسطي ].
يزيد بن هارون الواسطي ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ حدثنا ابن أبي ذئب ].
هو محمد بن عبد الرحمن بن المغيرة بن أبي ذئب ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن الحارث بن عبد الرحمن ].
الحارث بن عبد الرحمن صدوق، أخرج له أصحاب السنن.
[ عن أبي سلمة ].
هو أبو سلمة بن عبد الرحمن بن عوف ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن أبي هريرة ].
أبو هريرة قد مر ذكره.
هذا أيضاً طريق آخر عن أبي هريرة وفيه أنه في الرابعة يقتل.
قوله: [ وكذا حديث عمر بن أبي سلمة ].
عمر بن أبي سلمة صدوق يخطئ، أخرج له البخاري تعليقاً وأصحاب السنن.
[ عن أبيه عن أبي هريرة ].
وهذا أيضاً مثلما تقدم، وسهيل بن أبي صالح صدوق، أخرج له أصحاب الكتب الستة وروايته مقرونة عند البخاري .
قوله: [ عن أبي صالح عن أبي هريرة ].
مر ذكرهما.
[ وكذا حديث ابن أبي نعم عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم ].
يعني: أن فيه القتل في الرابعة.
و ابن أبي نعم هو عبد الرحمن بن أبي نعم البجلي ، وهو صدوق، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ وكذا حديث عبد الله بن عمرو عن النبي صلى الله عليه وسلم ].
كذلك فيه القتل في الرابعة.
[ والشريد عن النبي صلى الله عليه وسلم ].
الشريد بن سويد صحابي، أخرج له البخاري في الأدب المفرد ومسلم وأبو داود والترمذي في الشمائل والنسائي وابن ماجة .
[ وفي حديث الجدلي عن معاوية أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (فإن عاد في الثالثة أو الرابعة فاقتلوه) ].
هذا شك، والرواية التي تقدمت نص في الرابعة.
و الجدلي هو أبو عبد الله الجدلي واسمه: عبد بن عبد ويقال: عبد الرحمن بن عبد ، وهو ثقة، أخرج له أبو داود والترمذي والنسائي .
قوله: [ (من شرب الخمر فاجلدوه، فإن عاد فاجلدوه، فإن عاد في الثالثة أو الرابعة فاقتلوه) ].
هذا كالذي قبله إلا أن فيه شكاً في القتل هل هو في الثالثة أو الرابعة.
قوله: [ (فأتي برجل قد شرب فجلده، ثم أتي به فجلده، ثم أتي به فجلده، ثم أتي به فجلده، ورفع القتل وكانت رخصة) ].
ذكر أنه أتي بشارب، وأنه جلده ثلاث مرات، ثم بعد ذلك تركه ولم يقتله، فكانت رخصة، أي: أن القتل ليس لازماً ولا حتماً، ولكن كما عرفنا هذا يدل على أن الأمر فيه سعة، وأنه إذا لزم الأمر أن يقتل تعزيراً فإن ذلك قد جاء ما يدل عليه، وإن ترك فكذلك.
أحمد بن عبدة الضبي ثقة، أخرج له مسلم وأصحاب السنن.
[ عن سفيان ].
هو ابن عيينة ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن الزهري ].
الزهري ثقة فقيه، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن قبيصة بن ذؤيب ].
قبيصة بن ذؤيب له رؤية، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
وهو رباعي، لكن قالوا: إنه صغير وفيه كلام حول سنه، فيكون مرسل صحابي، وهو حجة ومقبول.
وغالباً في مراسيل صغار الصحابة أنهم يروون عن الصحابة الكبار.
[ قال سفيان : حدث الزهري بهذا الحديث وعنده منصور بن المعتمر ومخول بن راشد فقال لهما: كونا وافدي أهل العراق بهذا الحديث ].
أي: انقلا هذا الحديث إلى أهل العراق، وأبلغاه إليهم؛ لأنهما من العراق وهو في المدينة.
ومنصور بن المعتمر ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
و مخول بن راشد ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ قال أبو داود : روى هذا الحديث الشريد بن سويد رضي الله عنه وشرحبيل بن أوس وعبد الله بن عمرو رضي الله عنهما وعبد الله بن عمر رضي الله عنهما وأبو غطيف الكندي وأبو سلمة بن عبد الرحمن عن أبي هريرة رضي الله عنه ].
وكلهم قد مر ذكرهم.
أورد أبو داود أثر علي رضي الله عنه أنه قال: لا أدي أو ما كن لأدي، وهذا شك من الراوي هل قال: لا أدي أو ما كنت لأدي، والمقصود: أنه لا يدفع دية؛ لأن الحدود إذا حصلت لها سراية فهي هدر، فسراية الحدود هدر، فلو أن إنساناً قطعت يده من أجل سرقة ثم حصلت سراية ومضاعفات وهلك بسبب ذلك فإنه موته هدر وليس فيه دية؛ لأن هذه سراية حد ثابت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
أما الخمر فإنه يديه، وهذا يحمل على ما كان فوق الأربعين جلدة، أما الأربعون فإنها ثابتة عن رسول الله عليه الصلاة والسلام، فقوله هنا فيما يتعلق بالزيادة على الأربعين، وهي التي زادوها واجتهدوا فيها، وقاسوا حد الخمر على حد القذف، وقالوا: إنه إذا سكر هذى، وإذا هذى افترى، فيحصل منه القذف، إذاً: يوصل إلى حد القذف حتى يرتدع الناس عن ذلك، فلما لم يثبت عن رسول الله عليه الصلاة والسلام في هذه الزيادة شيء فإنه لو حصل موت بسبب الجلد بهذا المقدار الزائد فإنه يُدى.
إسماعيل بن موسى الفزاري ، هو صدوق يخطئ، أخرج له البخاري في خلق أفعال العباد وأبو داود والترمذي وابن ماجة .
[ حدثنا شريك ].
هو شريك بن عبد الله النخعي الكوفي القاضي ، وهو صدوق اختلط، أخرج حديثه البخاري تعليقاً ومسلم وأصحاب السنن.
[ عن أبي حصين ].
هو عثمان بن عاصم ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن عمير بن سعيد ].
عمير بن سعيد ثقة، أخرج له البخاري ومسلم وأبو داود والنسائي في مسند علي وابن ماجة .
[ عن علي رضي الله عنه ].
هو علي بن أبي طالب رضي الله عنه وقد مر ذكره.
قوله: [ (كأني أنظر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم الآن وهو في الرحال يلتمس رحل
هذا يبين تحققه من ذلك، وكأنه بين يديه يشاهده ويعاينه ويتخيل صورته.
الميتخة: هي الجريدة الرطبة اللينة، والتي تنبسط على الجلد؛ لأن الشيء اللين ينثني عند الضرب به مثل السوط، بخلاف الشيء المستقيم الذي لا يلين فإنه يصيب ما يصيب منه وهو على امتداده لا ينعطف.
قوله: [ وقال ابن وهب : الجريدة الرطبة ].
هذا تفسير للميتخة بأنها الجريدة الرطبة اللينة.
سليمان بن داود المهري المصري ابن أخي رشدين بن سعد ثقة، أخرج له أبو داود والنسائي . وهنا قال: ابن أخي رشدين، وهذا تعريف، ورشدين ضعيف، وكان الأصل أن تكون الإضافة إلى شخص مشهور، وهذا مشهور ولكنه ليس ثقة وإنما هو ضعيف، ورشدين بن سعد المصري هو راوي حديث: (إلا ما غلب على لونه أو طعمه أو ريحه)، فهذه الزيادة ضعيفة لأنها من رواية هذا الشخص، ولكن أجمع العلماء عليها، أي: إن تغير الماء بطعم أو لون أو ريح فإنه يعتبر نجساً، ومثل ذلك حديث: (كل قرض جر نفعاً فهو ربا) فهو حديث ضعيف جداً، قال عنه الحافظ رحمه الله: إسناده ساقط، ولكن معناه أجمع عليه أهل العلم.
[ أخبرني أسامة بن زيد ].
هو أسامة بن زيد الليثي ، وهو صدوق يهم، أخرج له البخاري تعليقاً ومسلم وأصحاب السنن.
[ أن ابن شهاب حدثه عن عبد الرحمن بن أزهر ].
ابن شهاب مر ذكره، وعبد الرحمن بن أزهر صحابي صغير، أخرج له أبو داود والنسائي .
أورد أبو داود حديث ابن الأزهر وهو مثل الذي قبله، وفيه ذكر أنه حصل الجلد من رسول الله عليه السلام وأبي بكر أربعين، وأن عمر جلد في صدر خلافته أربعين ثم زادها إلى ثمانين، وعثمان جلد الحدين، أي: جلد ثمانين وجلد أربعين، ثم أثبت معاوية رضي الله عنه الحد ثمانين، أي: أنه كان يجلد ثمانين فقط.
هو أحمد بن عمرو بن السرح ، وهو ثقة، أخرج له مسلم والنسائي وابن ماجة .
[ قال: وجدت في كتاب خالي عبد الرحمن بن عبد الحميد ].
عبد الرحمن بن عبد الحميد ثقة، أخرج له أبو داود والنسائي .
[ عن عقيل ].
هو عقيل بن خالد بن عقيل المصري ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن ابن شهاب أخبره أن عبد الله بن عبد الرحمن بن الأزهر ].
عبد الله بن عبد الرحمن بن الأزهر مقبول، أخرج له أبو داود .
[ عن أبيه ].
أبوه عبد الرحمن قد مر ذكره.
قال أبو داود : أدخل عقيل بن خالد بين الزهري وبين ابن الأزهر في هذا الحديث عبد الله بن عبد الرحمن بن الأزهر عن أبيه ].
أورد أبو داود حديث عبد الرحمن بن أزهر وهو مثلما تقدم، إلا أن فيه زيادة، وهي قوله: (رأيت الرسول صلى الله عليه وسلم غداة الفتح وأنا غلام شاب يتخلل الناس) ].
فالأول ذكر أنه في حنين، وهنا ذكر أنه في الفتح.
قوله: [ (يسأل عن منزل
وهذا فيه أن أبا بكر رضي الله عنه سأل عن فعل الرسول صلى الله عليه وسلم فحرزوه أربعين، أي: أنه في حدود أربعين ضربة.
قوله: [ (فضرب
انهمكوا في الشرب أي: أقدموا عليه وتساهلوا فيه؛ لأن العقوبة أربعين جلدة أمر سهل ويسير.
كان علي رضي الله عنه معهم، وبين وجه الاستدلال في كونه وصل إلى الثمانين حيث قال: إن الرجل إذا سكر افترى، أي: حصل منه القذف، فأرى أن يجلد حد الفرية الذي هو حد القذف.
[ قال أبو داود : أدخل عقيل بن خالد بين الزهري وبين ابن الأزهر في هذا الحديث عبد الله بن عبد الرحمن بن الأزهر عن أبيه ].
وقد مر أنه مقبول.
الحسن بن علي مر ذكره.
[ حدثنا عثمان بن عمر ].
عثمان بن عمر ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ حدثنا أسامة بن زيد عن الزهري عن عبد الرحمن بن أزهر ].
هؤلاء مر ذكرهم.
وقد صحح الألباني هذا الحديث، وقد قال ابن أبي حاتم : سألت أبي وأبا زرعة عن هذا الحديث فقال: لم يسمعه الزهري من عبد الرحمن بن أزهر .
أي: أن فيه واسطة، والزهري يدلس قليلاً ونادراً.
حدثنا هشام بن عمار حدثنا صدقة -يعني ابن خالد - حدثنا الشعيثي عن زفر بن وثيمة عن حكيم بن حزام رضي الله عنه قال: (نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يستقاد في المسجد، وأن تنشد فيه الأشعار، وأن تقام فيه الحدود) ].
قوله: [ باب في إقامة الحد في المسجد ]، أي: أنه لا يقام الحد في المسجد؛ وذلك لأن من الحدود ما يكون فيه قتل أو قطع، فإذا أقيمت في المسجد توسخ وتقذر بالدماء، وقد يحصل فيه لغط وأصوات، وقد يحصل من الشخص الذي يقام عليه الحد أصوات منكرة، والمساجد إنما بنيت لذكر الله عز وجل، وإقامة الصلاة، ولم تبن لمثل هذا العمل، فالحدود تقام في غير المسجد، ولهذا جاء الحديث عن حكيم بن حزام رضي الله عنه: (أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى أن يستقاد في المسجد، وأن تنشد فيه الأشعار وأن تقام فيه الحدود).
والنهي عن إنشاد الأشعار المقصود منه: ألا تصير محلاً لمثل هذا، وأما مجرد إنشاد الشعر، أو أن يتلو الإنسان شعراً أو يذكره أو يستنشد فلا بأس بذلك؛ لأن حسان رضي الله عنه لما أنكر عليه عمر قال: (كنت أنشده وفيه من هو خير منك) يعني: رسول الله صلى الله عليه وسلم، لكن أن تصير مكاناً لإلقاء الأشعار والمقابلة بها فهذا لا يصلح، وأما مجرد أن يذكر فيه شيئاً من الشعر، أو يؤتى بشيء من الشعر الجميل، أو يقرأ أحد شيئاً فيه شعر على أحد من الناس في المسجد فلا بأس، وإنما المقصود من ذلك أن يصير كالأماكن التي هي محل لإنشاد الأشعار، كالأسواق التي كانوا يتخذونها في الجاهلية، فلا يجوز أن تجعل المساجد كتلك الأسواق التي هي محل لإنشاد الأشعار.
هشام بن عمار صدوق، أخرج حديثه البخاري وأصحاب السنن.
صدقة بن خالد ثقة، أخرج له أبو داود والنسائي وابن ماجة .
[ عن الشعيثي ].
هو محمد بن عبد الله بن المهاجر ، وهو صدوق ، أخرج له أصحاب السنن.
[ عن زفر بن وثيمة ].
زفر بن وثيمة مقبول، أخرج له أبو داود والترمذي وابن ماجة .
[ عن حكيم بن حزام ].
حكيم بن حزام رضي الله عنه، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
والحديث صححه الألباني وفيه هذا المقبول، لكن لعل له شواهد يتقوى بها.
حدثنا قتيبة بن سعيد حدثنا الليث عن يزيد بن أبي حبيب عن بكير بن عبد الله بن الأشج عن سليمان بن يسار عن عبد الرحمن بن جابر بن عبد الله عن أبي بردة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقول: (لا يجلد فوق عشر جلدات إلا في حد من حدود الله عز وجل) ].
قوله: [ باب في التعزير ]، التعزير: هو العقوبة التي ليس فيها حد؛ لأن الحد عقوبة مقدرة في الشرع، والتعزير عقوبة غير مقدرة، والحدود كقطع يد، وجلد ثمانين جلدة، ومائة جلدة، فهذا شيء مقدر، وأما التعزير فإنه غير مقدر، هذا هو الفرق بين التعزير والحد.
قوله: [ (لا يجلد فوق عشر جلدات إلا في حد من حدود الله) ].
مقتضى هذا الحديث أن التعزير يكون في عشر جلدات فأقل، ومن أهل العلم من قال: إنه يجلد لكن لا يبلغ به إلى حد أدنى الحدود وهو أربعون في الخمر أو عشرون، على اعتبار أنها تنصف في حق الرقيق؛ لأن الحد على الرقيق هو نصف ما على الأحرار، فالتعزير إما ألا يبلغ العشرين التي هي الحد الأدنى في عقوبة العبيد والأرقاء، أو لا يبلغ الأربعين التي هي الحد الأدنى في عقوبة الأحرار.
وقد اختلف العلماء في ذلك: فمنهم من أخذ بالحديث، ومنهم من قال: إن التعزير يمكن أن يصل إلى حد القتل إذا اتضح أن الأمر لا يردع فيه إلا بمثل ذلك، ولا يترك الناس ذلك العمل إلا بالقتل، كما جاء فيما يتعلق بالخمر، فإنه يمكن أن يصل إلى حد القتل، ولكن هذا فيما يتعلق بالجلد.
وهل يزاد على عشر جلدات؟
قال في عون المعبود: قال في الفتح: ظاهره أن المراد بالحد ما ورد فيه من الشارع عدد من الجلد أو الضرب مخصوص أو عقوبة مخصوصة، والمتفق عليه من ذلك حد الزنا والسرقة وشرب المسكر والحرابة، والقذف بالزنا، والقتل، والقصاص في النفس والأطراف، والقتل في الارتداد، واختلف في تسمية الأخيرين حداً.
واختلف في مدلول هذا الحديث، فأخذ بظاهره الإمام أحمد في المشهور عنه وبعض الشافعية، وقال مالك والشافعي وصاحبا أبي حنيفة : تجوز الزيادة على عشر، ثم اختلفوا، فقال الشافعي : لا يبلغ أدنى الحدود، وهل الاعتبار بحد الحر أو العبد؟ قولان، وقال الآخرون: هو إلى رأي الإمام بالغاً ما بلغ، وأجابوا عن ظاهر الحديث بوجوه، منها: الطعن فيه، وتعقب بأنه اتفق الشيخان على تصحيحه، وهما العمدة في التصحيح.
ومن الأجوبة: أن عمل الصحابة جاء بخلافه، فيقتضي نسخه، فقد كتب عمر إلى أبي موسى الأشعري: ألا تبلغ بنكال أكثر من عشرين سوطاً، وعن عثمان: ثلاثين، وضرب عمر أكثر من مائة وأقره الصحابة، وأجيب بأنه لا يلزم في مثل ذلك النسخ.
ومن الأجوبة: حمل الحديث على واقعة عين بذنب معين أو رجل معين قاله الماوردي، وفيه نظر ذكره القسطلاني .
قلت: ومن أوجه الجواب: قصره على الجلد، وأما الضرب بالعصا مثلاً وباليد فتجوز الزيادة، لكن لا يجاوز أدنى الحدود، وهذا رأي الإصطخري من الشافعية.
قال الحافظ: كأنه لم يقف على الرواية الواردة بلفظ الضرب. انتهى.
وليس عند الذين لم يقولوا بظاهر الحديث جواب شاف، قال في النيل: قال البيهقي: عن الصحابة آثار مختلفة في مقدار التعزير، وأحسن ما يصار إليه في هذا ما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم، ثم ذكر حديث أبي بردة المذكور.
قال الحافظ: فتبين بما نقله البيهقي عن الصحابة أن لا اتفاق على عمل في ذلك، فكيف يدعى نسخ الحديث الثابت ويصار إلى ما يخالفه من غير برهان؟ انتهى.
أقول: الخلاف واضح، لكن كونهم اختلفوا وقد حصلت الزيادة، فإنه يدل على أن الزيادة سائغة عند الحاجة، وليس بلازم أن يكون في ذلك اتفاق.
قوله: (إلا في حد من حدود الله).
ذكر شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله أن المراد بالحدود هنا المعاصي والذنوب، وليس المقصود بها الحدود المقدرة كحد السرقة وحد القذف وحد الزنا، وإنما المراد بها الذنوب والمعاصي.
ومعنى ذلك: أنه لا يجلد فوق عشرة أسواط إلا في حد من حدود الله، يعني: في ذنب من الذنوب، فيكون المقصود بالحد المعاصي التي حرمها الله عز وجل كما قال تعالى: تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلا تَقْرَبُوهَا [البقرة:187]، وقال: تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلا تَعْتَدُوهَا [البقرة:229]أي: الأمور التي حدها وحرمها.
وعليه: فتجوز الزيادة على عشرة أسواط في العقوبة على معصية الله عز وجل، لكن ما كان من أجل التأديب تأديب الأولاد أو كتأديب الرجل امرأته، مما لا يتعلق بمعصية، فلا يزاد فيه على عشرة أسواط.
قتيبة بن سعيد ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ حدثنا الليث ].
الليث بن سعد المصري ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن يزيد بن أبي حبيب ].
يزيد بن أبي حبيب ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن بكير بن عبد الله بن الأشج ].
بكير بن عبد الله بن الأشج ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن سليمان بن يسار ].
سليمان بن يسار ثقة، وهو أحد فقهاء المدينة السبعة في عصر التابعين، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
[ عن عبد الرحمن بن جابر بن عبد الله ].
عبد الرحمن بن جابر بن عبد الله ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن أبي بردة ].
أبو بردة رضي الله عنه، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
قوله: [ حدثنا أحمد بن صالح ].
هو أحمد بن صالح المصري ، وهو ثقة، أخرج حديثه البخاري وأبو داود والترمذي في الشمائل.
[ حدثنا ابن وهب أخبرني عمرو ].
ابن وهب مر ذكره، وعمرو هو عمرو بن الحارث المصري ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
أن بكير بن الأشج حدثه عن سليمان بن يسار قال: حدثني عبد الرحمن بن جابر أن أباه حدثه ].
بكير بن الأشج وسليمان بن يسار وعبد الرحمن بن جابر مر ذكرهم، وأبو عبد الرحمن بن جابر هو: جابر بن عبد الله الأنصاري ، وهو صحابي، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ أنه سمع أبا بردة الأنصاري ].
أبو بردة مر ذكره.
حدثنا أبو كامل حدثنا أبو عوانة عن عمر -يعني ابن أبي سلمة - عن أبيه عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (إذا ضرب أحدكم فليتق الوجه) ].
قوله: [ باب في ضرب الوجه في الحد ]، أي: أنه لا يضرب الوجه في الحدود، فإذا كان هناك جلد أو ضرب فإن الضرب يكون لغير الوجه؛ وذلك أن الوجه هو مجمع المحاسن، وفيه المنافذ التي هي ضرورية للإنسان، كالبصر، والشم، والتنفس، والأسنان، واللسان، ومحل الحديث، كل هذه موجودة في الوجه، فالضرب يؤدي إلى تلفها، والعقوبة ليست هي تلفها، لكن إذا كان الحد رجماً، فإنه لا بأس بالرجم من جميع الجهات حتى الوجه؛ لأن المقصود هو قتله وإهلاكه، أما إذا كانت عقوبة ضرب، فإنه لا يضرب الوجه؛ لأن العقوبة هي تلك الجلدات المعلومة، وإذا ضرب وجهه أدى ذلك إلى أن يفقد هذه الحواس التي لا يجوز إتلافها بغير حق، أما فيما يتعلق بالرجم فإنه يمكن أن يرمى من جميع الجهات ولو وافق الوجه؛ لأن المقصود هو إهلاكه.
هو أبو كامل الفضيل بن الحسين، وهو ثقة، أخرج له البخاري تعليقاً ومسلم وأبو داود والنسائي .
[ حدثنا أبو عوانة ].
هو أبو عوانة وضاح بن عبد الله اليشكري ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن عمر يعني ابن أبي سلمة عن أبيه ].
عمر بن أبي سلمة صدوق يخطئ، أخرج له البخاري تعليقاً وأصحاب السنن.
وأبوه هو أبو سلمة بن عبد الرحمن ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن أبي هريرة ].
أبو هريرة قد مر ذكره.
الجواب: الحديث ضعفه الألباني من أجل ابن يزيد ؛ لأنه ضعيف فلا تثبت به الرواية، ورواية الضعيف مخالفة للثقة هو المنكر.
الجواب: نعم، والمقصود بالتصحيح أنه مقبول وثابت؛ لأنه إما مقبول، وإما مردود، والمقبول صحيح وحسن، وحتى التحسين فإنه يحتاج إلى شيء يشهد له، سواء كان تصحيحاً أو تحسيناً، وفيه المقبول.
الجواب: لا، ولكنه لما كان الكتاب: كتاب الحدود، وأن الحدود تقام، والضرب مأذون فيه، فبين أنه لا يجوز أن يكون الضرب في الوجه في الحدود، وهو كذلك في غير الحدود، فالوجه لا يضرب مطلقاً؛ لأنه يؤدي إلى إتلاف هذه المنافع الضرورية للإنسان.
وأما ما ورد أنه صلى الله عليه وسلم أخذ تراباً من الأرض فرمى به في وجه شارب الخمر كما في حديث عبد الرحمن بن أزهر، فهذا لا يلزم أنه أصاب به وجهه، وقوله صلى الله عليه وسلم: (إذا رأيتم المداحين فاحثوا في وجوههم التراب)، معناه: أنه يحثا إلى جهة وجهه.
الجواب: ليس له ذلك، ولكن إذا حصل تكرار فإنه يمكن أن يقتل، كما جاء في الأحاديث التي ستأتي، ويكون ذلك من باب التعزير، لكن كونه يزيد مائة جلدة أو أكثر ليس له ذلك؛ لأن عمر رضي الله عنه فعل ذلك بمشورة الصحابة، وقاسوه على أقل الحدود الذي هو حد القذف.
وهل له أن ينقص عن الثمانين؟
له أن ينقص عن الثمانين، ويمكن أن يزيد على أربعين إلى سبعين بناء على أن الزيادة تكون تعزيراً.
من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر