حدثنا عبد الوهاب بن نجدة حدثنا أبو عمرو بن كثير بن دينار عن حريز بن عثمان عن عبد الرحمن بن أبي عوف عن المقدام بن معد يكرب عن رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم أنه قال: (ألا إني أوتيت الكتاب ومثله معه، ألا يوشك رجل شبعان على أريكته يقول: عليكم بهذا القرآن، فما وجدتم فيه من حلال فأحلوه، وما وجدتم فيه من حرام فحرموه، ألا لا يحل لكم لحم الحمار الأهلي، ولا كل ذي ناب من السبع، ولا لقطة معاهد إلا أن يستغني عنها صاحبها، ومن نزل بقوم فعليهم أن يقروه، فإن لم يقروه فله أن يعقبهم بمثل قراه) ].
يقول الإمام أبو داود السجستاني رحمه الله تعالى: [باب في لزوم السنة]، أي: ملازمتها والثبات عليها والأخذ بها، وعدم التهاون والتفريط بشيء منها.
أورد أبو داود رحمه الله حديث المقدام بن معد يكرب رضي الله عنه أن النبي عليه الصلاة والسلام قال: (ألا إني أوتيت الكتاب) أي: القرآن، فهو كتاب الله عز وجل المتعبد بتلاوته، والعمل به.
(ومثله معه): وهي السنة، ومن المعلوم أن كلاً من الكتاب والسنة وحي من الله عز وجل، وأن كل ما يأتي به النبي عليه الصلاة والسلام فهو من عند الله، سواء كان قرآناً أو سنة، وليس الوحي مقصوراً على القرآن بل السنة هي أيضاً وحي؛ ولهذا يقول الله عز وجل: وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى * إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى [النجم:3-4]، وجاء في الحديث أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: (يغفر للشهيد كل شيء أو كل ذنب -إلى أن قال: إلا الدين، سارني به جبريل آنفاً) أي: نزل عليه جبريل واستثنى الدين، فقوله (سارني به جبريل آنفاً) هذا يدل على أن ما يأتي به النبي صلى الله عليه وسلم وحي من الله عز وجل.
فالقرآن وحي والسنة كذلك، إلا أن القرآن متعبد بتلاوته والعمل به، وأما السنة فمتعبد بالعمل بها ولا يتعبد بتلاوتها كما يتعبد بتلاوة القرآن، فالقرآن يقرأ به في الصلاة ويقرأ به في جميع الأوقات، والسنة ليست كذلك، ولكن حكمهما من حيث العمل، فالكل يجب اتباعه والعمل بما جاء فيه.
ومن لم يؤمن بالسنة لن يؤمن بالكتاب، ومن كفر بالسنة فهو كافر بالقرآن، إذ الله سبحانه يقول: وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا [الحشر:7]، فالمنكِر للسنة هو منكر للقرآن، والمكذب بالسنة مكذب بالقرآن، والكتاب والسنة متلازمان، فكل منهما يجب العمل والأخذ به، ولا يمكن أن يقال: إنه يمكن أن يستغني الإنسان بالقرآن عن السنة، ولو كان الأمر كذلك لما استطاع الناس أن يصلوا، ولما استطاعوا أن يزكوا، فالصلاة لم تُعرف أوقاتها ولا ركعاتها ولا هيئاتها وكيفياتها إلا بالسنة، فلا يوجد في القرآن أن الظهر أربع ركعات، ولا أن العصر أربع ركعات، ولا أن المغرب ثلاث ركعات، ولا أن الفجر ركعتان، والعشاء أربع ركعات، فهذا لا وجود له في القرآن، فالإنسان الذي يقول: إنه يأخذ بالقرآن ولا يأخذ بالسنة، نقول له: كيف ستؤدي الصلوات الخمس التي فرضها الله عز وجل على عباده في اليوم والليلة خمس مرات؟ فهذا لا تحصل معرفته إلا عن طريق السنة، وكذلك بالنسبة للزكاة، فلا يوجد في القرآن مقادير الأنصبة، ولا المقدار الذي يخرج في الزكاة،..وهكذا، فالسنة موضحة للقرآن، وشارحة له، ودالة عليه، ومبينة له، والرسول صلى الله عليه وسلم مبلغ عن الله الكتاب والسنة، فهما وحي من الله عز وجل أوحاه إلى رسوله الكريم صلوات الله وسلامه وبركاته عليه، (ألا إنني أوتيت القرآن ومثله معه).
قوله: [(ألا يوشك رجل شبعان على أريكته يقول: عليكم بهذا القرآن، فما وجدتم في هذا القرآن من حلال فأحلوه، وما وجدتم فيه من حرام فحرموه)] أي: أنه يقتصر على ما في القرآن، فما كان في القرآن حلالاً فهو حلال، وما كان في القرآن حراماً فهو حرام، وأما السنة فليست كذلك، ولهذا فإن السيوطي رحمه الله لما ألف كتابه: (مفتاح الجنة في الاحتجاج بالسنة) ذكر في مقدمته ومطلعه: أن سبب تأليفه للكتاب هو أن رافضياً زنديقاً قال: إنما يؤخذ بالقرآن دون السنة، وكان فيما قاله السيوطي : اعلموا رحمكم الله أن من العلم كهيئة الدواء، وإن من الآراء كهيئة الخلاء لا تذكر إلا عند الضرورة، أي: أنها آراء يضطر الإنسان إلى ذكرها وهي قبيحة وخبيثة وسيئة، ولكن الضرورة ألجأت إلى ذلك، وكان الإنسان يحب أن ينزه لسانه من أن يتكلم بمثل هذا الكلام، وكان الأمر الذي ألف كتابه السابق من أجله هو أن رافضياً زنديقاً قال: كذا وكذا..، ثم بين ما جاء من النصوص في الاحتجاج بالسنة، وما جاء عن سلف هذه الأمة في الاحتجاج بالسنة، وأنه يحتج بها مثلما يحتج بالقرآن، ويعمل بها مثلما يعمل بالقرآن، ومن المعلوم أن المكذب بها مكذب بالقرآن؛ لأن الله عز وجل يقول: وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا [الحشر:7].
قوله: [(ألا يوشك رجل شبعان)]، كلمة (رجل) هنا ليس لها مفهوم، فالمرأة مثل الرجل في ذلك، ولكن ذكر الرجال على سبيل التغليب؛ لأن الخطاب لا يكون إلا معهم في الغالب، والأصل هو التساوي بين الرجال والنساء، إلا أن يأتي شيء يدل على تخصيص أحدهما دون الآخر، فذكر (الرجل) هنا لا مفهوم له، بمعنى: أن النساء قد يحصل منهن ذلك، ولهذا يأتي في كثير من النصوص التنصيص على الرجال في أمور يشترك فيها الرجال والنساء، ومن ذلك قوله صلى الله عليه وسلم: (لا تقدموا رمضان بصوم بيوم أو يومين، إلا رجلاً كان يصوم صوماً فليصمه)، فهذا يدخل فيه المرأة التي كان من عادتها أن تصوم الإثنين والخميس، ثم وافق الإثنين أو الخميس يوم الثلاثين، وكذلك قوله: (من وجد متاعه عند رجل قد أفلس فهو أحق به من الغرماء)، فكذلك لو وجد متاعه عند امرأة قد أفلست فإنه أحق به، فذكر الرجل هذا لا مفهوم له، والأصل هو التساوي بين الرجال والنساء في الأحكام.
قوله: [(ألا يوشك رجل شبعان)]، وهذا يدل على التنعم، وقوله: (على أريكته) أي: سريره، فيقول مثل هذا الكلام دون أن يتعب نفسه في الاشتغال بالعلم وتحصيله، وإنما يقول مثل هذا الكلام الجائر والقبيح لجهله، فيقول: (عليكم بالقرآن، فما وجدتم فيه من حلال أحلوه، وما وجدتم من حرام فحرموه) أي: يقتصرون على ذلك ولا يلتفتون إلى السنة.
ثم إن الرسول صلى الله عليه وسلم أشار إلى أمور ليست في القرآن، وإنما هي في السنة، فقال: (ألا لا يحل لكم لحم الحمار الأهلي)، فهذا في السنة وليس في القرآن، والواجب الأخذ به كما يؤخذ بما جاء في القرآن، والأخذ به داخل تحت قوله سبحانه وتعالى: وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا [الحشر:7].
قوله: [(ولا كل ذي ناب من السبع)]، وذلك محرم أيضاً، وهو لا يوجد في القرآن، وإنما يوجد في السنة.
قوله: [(ولا لقطة معاهد إلا أن يستغني عنها صاحبها)]، أي: إذا تركها واستغنى عنها، والتنصيص على المعاهد لا يعني أن الحكم يختص به، فإذا كان هذا في حق المعاهد الذي بقي في بلاد المسلمين فالمسلم من باب أولى، وقد جاءت النصوص عامة في ذلك، فلا يحل للإنسان أن يتملك اللقطة في الحال إلا إذا عرف أن صاحبها قد تركها مستغنياً عنها، أو كانت من الأشياء التافهة التي لا يؤبه ولا يهتم بها، وإلا فإن الأصل هو التعريف لها.
قولهه: [(ومن نزل بقوم فعليهم أن يقروه)] أي: أن يعطوه القرى، وهو الضيافة، قال: (فإن لم يقروه فله أن يعقبهم بمثل قراه)، أي: أن يأخذ من مالهم بمثل الشيء الذي يستحقه عليهم، وقيل: إن هذا إنما هو في حق المضطر إلى ذلك، وأنه لو لم يحصل منه ذلك فإنه سيعود على نفسه بالضرر، أو يعرض نفسه للهلاك، وأما إذا لم يكن كذلك فإنه لا يفعل مثل هذا الفعل، وقال بعض أهل العلم: إن هذا منسوخ.
عبد الوهاب بن نجدة ثقة، أخرج له أبو داود والنسائي .
[ حدثنا أبو عمرو بن كثير بن دينار ].
أبو عمرو بن كثير هو عثمان بن سعيد بن كثير بن دينار الحمصي ، وهو ثقة، أخرج له أبو داود والنسائي وابن ماجة .
[ عن حريز بن عثمان ].
هو حريز بن عثمان الحمصي ، وهو ثقة، أخرج له البخاري وأصحاب السنن.
[ عن عبد الرحمن بن أبي عوف ].
عبد الرحمن بن أبي عوف ثقة، أخرج له أبو داود والنسائي .
[ عن المقدام بن معد يكرب ].
المقدام بن معد يكرب رضي الله عنه صحابي، أخرج حديثه البخاري وأصحاب السنن.
وبعض أهل العلم يقول: لا ينبغي أن يقال: إن السنة في المرتبة الثانية بعد القرآن، وإنما السنة مع القرآن في مرتبة واحدة، وهذا من حيث الاحتجاج والعمل بهما، فكلاهما يتعين الأخذ به، لكن -كما هو معلوم- أن القرآن كله متواتر، وأما السنة ففيها المتواتر وفيها الآحاد.
وقد جاء في حديث معاذ المشهور أنه يبحث في القرآن، فإن لم يوجد ففي السنة، فإن لم يوجد فيجتهد برأيه، وقد تكلم فيه بعض أهل العلم وصححه بعضهم، ولكن يوجد له شاهد يدل عليه في (سنن النسائي )، وقد سبق أن مر بنا، وهو في باب الحكم بما قضى به أهل العلم، وقد جاء فيه أنه يبحث في الكتاب، ثم يبحث في السنة، ثم يقضي بما قضى به أهل العلم، فهذا يدل على أنه يبحث في القرآن أولاً، ثم يبحث في السنة، لكن إذا وجد حديث ثابت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فإنه يتعين العمل به، ومن المعلوم أن الإنسان يبحث في القرآن أولاً، فإذا كان الحكم موجوداً في القرآن فالأمر واضح، ولا يحتاج معه إلى شيء آخر، وإن جاء في السنة شيء يوافقه ويؤيده ويدل عليه، فإنهما يكونان متفقين على إثبات ذلك الحكم؛ ولهذا يقولون في بعض المسائل: وهذا الحكم دل عليه الكتاب والسنة والإجماع، فأما الكتاب فكذا وأما السنة فكذا، وأما أن يغفل الإنسان عن الدليل الذي في القرآن ويذهب للبحث عنه في السنة فهذا قصور، وهذا مثل الإنسان الذي تجده يبحث عن حديث في كتب غير مشهورة، أو كتب غير معروفة بالصحة ويغفل ما هو موجود في الصحيحين، فإنهم يقولون في مثل هذا: أبعد النجعة، وهذه عبارة عند المحدثين والعلماء في مثل هذا، وكذلك لو أخذه من غير الصحيحين فإنه يقال عنه: أبعد النجعة، أي: أنه ذهب بعيداً، وترك الشيء الذي كان يمكنه أن يكتفي به عن غيره، فإذا كان الحديث موجوداً في الصحيحين فلا يحتاج إلى أن يبحث عنه في غير الصحيحين، إلا إذا كان ذلك من ناحية إثبات كثرة المصادر، وكثرة الطرق، وكثرة المخارج، وأما من ناحية الاكتفاء فما جاء في الصحيحين يكفي، وكون الإنسان يعزو شيئاً إلى السنن وهو موجود في الصحيحين فهذا قصور.
أورد المصنف حديث أبي رافع وهو بمعنى حديث المقدام بن معد يكرب المتقدم، وقوله صلى الله عليه وسلم: ((لا ألفين -أي: لا أجد- أحدكم متكئاً على أريكته يأتيه من الأمر من أمري مما أمرت به أو نهيت عنه، فيقول: لا ندري، ما وجدناه في كتاب الله اتبعناه) أي: أننا نقتصر على ما جاء في الكتاب، ولا نأخذ شيئاً لم يأت في الكتاب، وهذا باطل ومخالف للحق.
هو أحمد بن محمد بن حنبل الشيباني ، الإمام الفقيه المحدث، أحد أصحاب المذاهب الأربعة المشهورة من مذهب أهل السنة، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
[ وعبد الله بن محمد النفيلي ].
عبد الله بن محمد النفيلي ثقة، أخرج له البخاري وأصحاب السنن.
[ حدثنا سفيان ].
سفيان هو ابن عيينة المكي ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن أبي النضر ].
أبو النضر هو سالم المدني ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن عبيد الله بن أبي رافع ].
عبيد الله بن أبي رافع ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن أبيه ].
أبوه هو أبو رافع رضي الله تعالى عنه، مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
قال ابن عيسى : قال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (من صنع أمراً على غير أمرنا فهو رد) ].
أورد أبو داود حديث عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها وأرضاها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (من أحدث في أمرنا ما ليس فيه فهو رد) أي: من أحدث في دين الله عز وجل شيئاً ليس من الدين، وإنما هو من محدثات الأمور التي حذر منها رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وقد بين عليه الصلاة والسلام في هذا الحديث أن ما أحدثه محدث فهو مردود عليه، وأن الأخذ به حرام، وهو من الأخذ بالباطل، وعمل بما هو محدث في الدين وليس منه، وهذا الحديث من جوامع كلمه عليه الصلاة والسلام، فإن كل من أحدث في دين الله ما ليس منه فإنه رد، أي: مردود عليه، وإنما يكون الأخذ بما جاء في الكتاب والسنة.
وهذا الحديث موجود في الصحيحين بلفظ: (من أحدث في أمرنا ما ليس منه فهو رد) وجاء عند مسلم بلفظ آخر أعم من هذا اللفظ، وهو: (من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد)، فهذا من أفراد مسلم ، وهو أعم من الجملة الأولى؛ لأن الجملة الأولى فيها إحداث، وأما الثانية ففيها عمل، والعمل يدخل فيه ما كان محدثاً أو ما كان متابعاً لمحدث، أي: أن يكون هو المحدث لتلك البدعة، أو أن يكون سبقه غيره إلى إحداثها ولكنه عمل بها واتبع ذلك المبتدع الذي ابتدعها.
وقوله: (رد) بمعنى: مردود عليه، فلا يقبل منه، ولا ينفع صاحبه عند الله عز وجل كونه يتعبد بالبدع والمحدثات التي حذر منها رسول الله عليه الصلاة والسلام بقوله: (وإياكم ومحدثات الأمور، فإن كل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة).
وحديث عائشة هذا يدل على تحريم كل ما أحدث في دين الله مما ليس له أصل فيه، وأما ما كان له أصل فيه، أو تدل عليه نصوص شرعية، أو تدل عليه القواعد العامة فهذا لا يقال: إنه محدث، وإنما يعول على ذلك الأصل الذي أخذ منه، وأما إذا أحدث عبادة، أو أحدث شيئاً ينسب إلى الدين وهو ليس منه فهذا هو الذي حذر منه الرسول صلى الله عليه وسلم كما سيأتي في حديث العرباض بن سارية ، حيث رغب في السنن، وحذر من البدع.
ويؤخذ من هذا الحديث أن الأصل في النهي أنه يقتضي الفساد.
محمد بن الصباح البزاز ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ حدثنا إبراهيم بن سعد ].
إبراهيم بن سعد ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ ح وحدثنا محمد بن عيسى ].
(ح) معناها التحول من إسناد إلى إسناد آخر، ومحمد بن عيسى هو الطباع، وهو ثقة، أخرج له البخاري تعليقاً وأبو داود والترمذي في (الشمائل) والنسائي وابن ماجة .
[ حدثنا عبد الله بن جعفر ].
هو عبد الله بن جعفر المخرمي ، وهو ليس به بأس، وذلك بمعنى: صدوق، أخرج له البخاري تعليقاً ومسلم وأصحاب السنن.
[ وإبراهيم بن سعد عن سعد بن إبراهيم ].
سعد بن إبراهيم ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن القاسم بن محمد ].
هو القاسم بن محمد بن أبي بكر الصديق ، وهو ثقة فقيه، أحد فقهاء المدينة السبعة في عصر التابعين، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن عائشة ].
وهي عمته عائشة أم المؤمنين رضي الله تعالى عنها وأرضاها، الصديقة بنت الصديق ، وهي واحدة من سبعة أشخاص عرفوا بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم.
قوله: [ قال ابن عيسى : قال النبي صلى الله عليه وسلم: (من صنع أمراً على غير أمرنا فهو رد) ].
أي: أن هذا اللفظ جاء في رواية محمد بن عيسى الطباع وهو قوله: (من صنع أمراً على غير أمرنا فهو رد) أي: من عمل.
أورد أبو داود حديث العرباض بن سارية رضي الله تعالى عنه، وهو ممن نزل فيه وَلا عَلَى الَّذِينَ إِذَا مَا أَتَوْكَ لِتَحْمِلَهُمْ قُلْتَ لا أَجِدُ مَا أَحْمِلُكُمْ عَلَيْهِ [التوبة:92] أي: أنه كان من أهل الحاجة، ومن الفقراء الذين كانوا يحرصون على أن يخرجوا للجهاد، ولكن لم يكن معهم ظهور يركبونها، فأتوا إلى النبي صلى الله عليه وسلم يطلبون منه أن يحملهم، فاعتذر لهم؛ لأنه لم يجد ما يحملهم عليه، فتولوا وأعينهم تفيض من الدمع؛ لأنهم لم يتمكنوا من المجاهدة مع الناس.
قوله: [ أتيناك زائرين وعائدين ومقتبسين ] أي: جاءوا لزيارته وعيادته والاستفادة من علمه، فحدثهم بهذا الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: (إن الرسول صلى الله عليه وسلم وعظهم موعظة بليغة وجلت منها القلوب، وذرفت منها العيون) يعني: حصل التأثر لقلوبهم وعيونهم، فعيونهم بكت، وقلوبهم وجلت، (فلما سمعوا ذلك من رسول الله صلى الله عليه وسلم قالوا: كأنها موعظة مودع) أي: أنهم خشوا أن تكون نهايته قد قربت، فطلبوا منه أن يعهد إليهم، فالإنسان إذا أراد أن يسافر يبين ما يحتاج إلى أن يفعله أهله من ورائه، فيبين لهم ما يريد أن يفعلوه في حال غيبته، فأوصاهم رسول الله صلى الله عليه وسلم بالسمع والطاعة، فقال: (أوصيكم بتقوى الله والسمع والطاعة)، وتقوى الله عز وجل هي أن يجعل الإنسان بينه وبين غضب الله وقاية تقية منه، وذلك يكون بامتثال الأوامر واجتناب النواهي، فهذه هي التقوى بالمعنى الشرعي، وأما معناها اللغوي فهو أوسع من الشرعي، وهو أن يجعل الإنسان بينه وبين أي شيء مخوف وقاية تقيه منه، فكل ما تخافه فإنك تجعل بينك وبينه وقاية، فالبرد مخوف فتجعل بينك وبينه وقاية بلبس الألبسة التي تقيك منه، والشوك والحصى والرمضاء في الأرض مخوف، فتلبس النعال والخفاف، وكذلك تتخذ البيت من أجل أن تتقي الشمس والبرد.. وهكذا.
وقيل: إن المقصود به أنه يكون في حال توليته حراً، ولكنه كان عبداً فيما مضى، وذلك مثل عبد طرأ عليه عتق، فيقال له عبد باعتبار ما كان، لا باعتبار الحال، وذلك مثل قول الله عز وجل: وَآتُوا الْيَتَامَى أَمْوَالَهُمْ [النساء:2] وقوله: وَابْتَلُوا الْيَتَامَى حَتَّى إِذَا بَلَغُوا النِّكَاحَ فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْدًا فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ [النساء:6]، مع أنهم لا تدفع إليهم الأموال إلا بعد البلوغ وليس قبل البلوغ، وهم يتامى قبل أن يبلغوا وأما بعده فلا، وقيل لهم يتامى حال إعطائهم باعتبار ما كان؛ لأنه في حال يتمهم لا تدفع لهم الأموال، لأنه تعالى قال وَابْتَلُوا الْيَتَامَى حَتَّى إِذَا بَلَغُوا النِّكَاحَ فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْدًا [النساء:6] أي: إذا بلغ وصار رشيداً في إنفاق المال وتدبيره وعدم تضييعه وإتلافه بالسفه.
وقيل: إن المقصود من ذلك: أنه إذا تغلب وقهر الناس وصار عنده قوة وشوكة، واستتب له الأمن فإنه يُسمع له ويطاع.
وهذه الأجوبة الأربعة أجاب بها أهل العلم على ما ورد من الأحاديث في السمع والطاعة لمن تولى إذا كان عبداً، وقد انعقد الإجماع على أنه لا يجوز أن يولى العبد، فالتوفيق إذن بين ما جاء في النصوص وبين الإجماع المنعقد هو أن الحديث يفسر بأحد هذه التفسيرات.
قوله: [(وإن عبداً حبشياً)]، أي: وإن كان المتولي عليك عبداً حبشياً.
وفي قوله: (وعضوا عليها بالنواجذ) كناية عن شدة التمسك والأخذ بها، وعدم التهاون والتفريط بشيء منها، فعلى الإنسان أن يعول على السنن، وأن يحرص عليها كما يحرص على الشيء الذي يعض عليه بالنواجذ.
ثم إنه بعد أن رغب في السنن حذر من البدع، فقال: (وإياكم ومحدثات الأمور)، وهي البدع التي تحدث في دين الله وليست منه، وقد تقدم في حديث عائشة (من أحدث في أمرنا ما ليس فيه فهو رد) أي: فهو مردود عليه، فقوله: (إياكم ومحدثات الأمور) أي: احذروها وابتعدوا عنها ولا تأخذوا بها، واكتفوا واقتصروا على ما جاء في كتاب الله عز وجل، وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، وما كان عليه صحابته الكرام رضي الله تعالى عنهم وأرضاهم.
قوله: [(فإن كل محدثة بدعة)] أي: كل محدثة في دين الله بدعة، (وكل بدعة ضلالة)، وهذا من جوامع كلمه صلى الله عليه وسلم، فالبدع المحدثة في دين الله كلها ضلالة، فهذا حكم عام يشمل كل ما أحدث في الدين، فهي كلها ضد الهدى، والهدى إنما هو في الكتاب والسنة، وما جاء عن سلف هذه الأمة وهم الصحابة رضي الله تعالى عنهم وأرضاهم، وقد جاء عن عبد الله بن عمر رضي الله تعالى عنه أنه قال: (كل بدعة ضلالة وإن رآها الناس حسنة).
فاللفظ عام باق على عمومه فلا يستثنى منه شيء، فكل البدع ضلالة، فلا يقال: إن هناك بدعة حسنة؛ لأنه يصادم قول الرسول صلى الله عليه وسلم: (فإن كل بدعة ضلالة)، وقد تجد بعض المبتدعة، وبعض من يسهل عليهم الأخذ بالبدع، أو التهاون بشأنها يقولون: هذه بدع حسنة!! أما ما جاء في الحديث: (من سن في الإسلام سنة حسنة فله أجرها وأجر من عمل بها) فهو ليس من هذا القبيل، وإنما المقصود به: أن يحيي سنة قد أميتت، فمثلاً أن يأتي إلى بلد لا توجد فيه تلك السنة بل قد أهملت وأميتت فيحييها، فيكون بذلك محيياً لها لا محدثاً، أو يحمل على ما جاء في سبب الحديث، وهو: أن جماعة من مضر جاءوا وعليهم البؤس والفاقة وشدة الحاجة، ووجوههم شاحبة، وثيابهم بالية، والرسول صلى الله عليه وسلم كما وصفه الله: بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ [التوبة:128]، فتأثر صلوات الله وسلامه عليه، فجمع الناس وحثهم على الصدقة والإحسان إلى هؤلاء، فجاء رجل من الأنصار معه صرة يكاد يعجز عن حملها فوضعها، وتتابع الناس وراءه، فعند ذلك قال عليه السلام: (من سن في الإسلام سنة حسنة فله أجرها.).
أحمد بن حنبل مر ذكره.
[ حدثنا الوليد بن مسلم ].
هو الوليد بن مسلم الدمشقي ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ حدثنا ثور بن يزيد ].
ثور بن يزيد ثقة، أخرج له البخاري وأصحاب السنن.
[ حدثني خالد بن معدان ].
خالد بن معدان ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ حدثني عبد الرحمن بن عمرو السلمي ].
عبد الرحمن بن عمرو السلمي مقبول، أخرج له أبو داود والترمذي وابن ماجة .
[ وحجر بن حجر ].
حجر بن حجر مقبول، أخرج له أبو داود والترمذي ، وهذان أعني: عبد الرحمن السلمي وحجر كل واحد منهما مقبول، والمقبول هو الذي إذا وجد ما يشده ويقويه فإنه يحتج به، فكل واحد منهما هنا كمّل الآخر.
[ عن العرباض بن سارية ].
العرباض بن سارية رضي الله عنه صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وحديثه أخرجه أصحاب السنن.
أورد المصنف حديث ابن مسعود رضي الله عنه، قال: قال الرسول صلى الله عليه وسلم: (ألا هلك المتنطعون، قالها ثلاثاً) أي: كررها ثلاثاً، والمتنطعون: هم المتكلفون المتعمقون، وقد أورده هنا في لزوم السنة؛ لأن فيه مخالفة للسنة، ويدخل في ذلك أهل الكلام الذين يتعمقون في الكلام، ويشتغلون به، ويعولون عليه في عقائدهم، ويهجرون السنن ولا يعولون عليها، فهؤلاء هم المتنطعون، أي: المتعمقون المتكلفون الذين يعولون على العقول ولا يشتغلون بالنقول، أو يتهمون النقول إذا لم تتفق مع العقول، والأصل: هو النقل، والعقول السليمة توافقه، فالعقل الصحيح -العقل السليم- لا يخالف النقل الصحيح، ولشيخ الإسلام ابن تيمية كتاب اسمه: (درء تعارض العقل والنقل)، وأهل الكلام يعولون على العقول ولا يعولون على النقول، وأهل السنة يعولون على النقول ويعتبرون أن العقول إذا كانت سليمة فإنها لا تخالف النقول، وإذا وجد من العقول شيئاً يخالف النقول فإنه لا يلتفت إليه، ولا يعول عليه، ولهذا فإن العقول تتفاوت، وقد يرى الإنسان في وقت من الأوقات رأياً ثم في وقت آخر يتعجب هذا الرأي، مع أنه في حال رؤيته ذلك الرأي لا يرى أمامه سواه، ثم يتغير حاله، فيرى أن الرأي الذي رآه سابقاً غير صواب، ويتعجب كيف رأى هذا الرأي! ومن أمثلة ذلك ما حصل في صلح الحديبية، فلما أُُبرم العقد بين الرسول صلى الله عليه وسلم وبين كفار قريش، كان من جملة ما اشتمل عليه العقد: أن من جاء من المسلمين إليهم فلا يرد، ومن جاء من الكفار مسلماً فإنه يرد، فتأثر بعض الصحابة رضي الله عنهم من هذا الذي رضي به الرسول صلى الله عليه وسلم، وقالوا: (كيف نعطي الدنية في ديننا)، وكانت النتيجة بعد ذلك أن الذين أسلموا فروا من الكفار، -والرسول صلى الله عليه وسلم لم يقبلهم بناءً على هذا الصلح، وهم لا يريدون أن يرجعوا إلى الكفار- وساروا في طريق على ساحل البحر، فكانوا يعترضون العير التي تأتي لقريش، فعند ذلك تأذى الكفار من هذا الفعل حتى رغبوا هم أنفسهم أن الرسول يقبل هؤلاء حتى لا يبقوا على هذا الوضع الذي هم عليه، مع أنهم هم الذين اشترطوا هذا الشرط ابتداء، فمحل الشاهد: أن بعض الصحابة رضي الله عنهم وأرضاهم تأثر من هذا العمل، وكانت النتيجة خيراً؛ ولهذا كان بعض الصحابة عندما يحصل شيء يستدل بهذه القصة، فيقول: (اتهموا الرأي في الدين)، قال ذلك سهل بن حنيف رضي الله عنه في إحدى المواقع التي حصلت بين علي ومعاوية رضي الله تعالى عنهما، وحصل على إثرها التحكيم، فكان بعض الناس الذين مع علي رضي الله عنه يريدون أن يواصلوا القتال وكان سهل ممن يرى أن يُترك القتال حقناً للدماء ويقول: يا أيها الناس! اتهموا الرأي في الدين، ويشير إلى قصة الحديبية.
فالعقول متفاوتة، بل إن عقل الإنسان بين حين وأخر يتغير من رأي إلى رأي، ومن حال إلى حال، فالأصل هو النقل، والعقل الصحيح لا يخالف النقل، والعقل إذا كان مخالفاً للنقل فإنه لا يلتفت إليه، وإنما يكون التعويل على النقل، وهذه هي طريقة أهل السنة والجماعة، فإنهم يعولون على النقل ويتهمون العقل، وهذا بخلاف أهل البدع فإنهم يعولون على العقل ويتهمون النقل.
يقول الخطابي : وفيه دليل على أن الحكم يكون بظاهر الكلام، وأنه لا يترك الظاهر إلى غيره ما كان له مساغ، أقول: هذا هو الأصل.
هو مسدد بن مسرهد البصري ، وهو ثقة، أخرج له البخاري وأبو داود والترمذي والنسائي .
[ حدثنا يحيى ].
هو يحيى بن سعيد القطان ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ حدثنا ابن جريج ].
ابن جريج هو عبد الملك بن عبد العزيز بن جريج المكي ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ حدثني سليمان -يعني ابن عتيق - ].
سليمان بن عتيق صدوق، أخرج له مسلم وأبو داود والنسائي وابن ماجة .
[ عن طلق بن حبيب ].
طلق بن حبيب صدوق، أخرج له البخاري في (الأدب المفرد) ومسلم وأصحاب السنن.
[ عن الأحنف بن قيس ].
الأحنف بن قيس ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن عبد الله بن مسعود ].
هو عبد الله بن مسعود الهذلي صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
الجواب: الإسراء هو الإسراء برسول الله صلى الله عليه وسلم من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى، ثم العروج به من هناك إلى السماء حتى تجاوز السماوات، وكلمه الله عز وجل، وفرض عليه الصلوات الخمس، وكان كليماً لله عز وجل كما كان موسى كليماً لله، وكان خليلاً له كما كان إبراهيم خليلاً، فاجتمع فيه ما تفرق في غيره صلوات الله وسلامه وبركاته عليه، وليلة الإسراء والمعراج ليست معروفة بالتحديد، ولم يثبت شيء يدل على تحديدها وبيان وقتها، ولو ثبت شيء من في بيان أنها في الليلة المعينة من الشهر الفلاني فلا يجوز لأحد أن يحدث فيها شيئاً، ولا أن يعمل فيها عملاً يخصها؛ لأن الأمور التي يتقرب بها إلى الله عز وجل فإنما يؤتى بها طبقاً للسنة، ولم يأت بذلك سنة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولو كان الاحتفال بليلة الإسراء والمعراج مشروعاً لبينه وأوضحه الرسول صلى الله عليه وسلم الذي لا ينطق عن الهوى صلوات الله وسلامه وبركاته عليه، الذي هو أنصح الناس للناس، والذي هو أفصح الناس لساناً وأكملهم بياناً، ومع ذلك لم يأت عنه شيء من ذلك، فدل على أن هذه من البدع المحدثة التي يجب اجتنابها والحذر منها، ولشيخنا الشيخ عبد العزيز بن باز رحمة الله عليه رسالة قيمة باسم (التحذير من البدع)، وهي تشتمل على أربع بدع؛ بدعة الاحتفال بليلة الإسراء والمعراج هذه، وقد بين وأوضح فيها أن هذه من البدع المحدثة التي ما أنزل الله بها من سلطان، فعلى الإنسان أن يحرص على اتباع السنن والاكتفاء بها، وألا يخرج منها أو يتجاوزها إلى أمور محدثة مبتدعة ما أنزل الله بها من سلطان.
الجواب: إذا لم يوجد لهم مخالف ففعلهم حجة، وإذا وجدت أقوال لغيرهم فإن أقوالهم مقدمة على أقوال غيرهم.
الجواب: معلوم أن الأحاديث إذا ثبتت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من طريق واحدة فإنها كافية، ولا يحتاج إلى أن يبحث لها عن أشياء تساندها، فما دام الحديث ثابتاً بإسناده فإنه يكفي ولو جاء عن شخص واحد، ولو أخذ بمثل هذا المبدأ لقيل في كثير من النصوص مثل هذا الكلام، ولأمكن أن يشكك فيها، فكل ما ثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من طريق صحابي من أصحاب رسول الله فإنه يقبل، وتقوم به الحجة سواء كان ملازماً أو غير ملازم، ولا يلتفت إلى كونه لم يلازمه، أو لازمه لفترة قليله، فهل يقال عن الذين جاءوا وحضروا حجة الوداع وشهدوا وسمعوا خطبه صلى الله عليه وسلم ثم رجعوا إلى بلادهم وحدثوا بما سمعوه - هل يقال: لا يقبل الحديث عنهم؛ لأنهم لم يلازموا الرسول صلى الله عليه وسلم؟ وهل يقال عمن حضر حجة الوداع وسمع والرسول صلى الله عليه وسلم يقول: (خذوا عني مناسككم، فلعلي لا ألقاكم بعد عامي هذا)، وشاهدوه وعاينوه، وفيهم من لم يره بعد ذلك- هل يقال عنهم: إنهم لا يعول عليهم، ولا يلتفت إليهم!! هذا كلام باطل.
الجواب: الأصل أن البدع مردودة على صاحبها، سواء عمل بها الإنسان وهو عالم، أو عمل بها وهو جاهل.
الجواب: لا يقال: سني مبتدع، وإنما يقال: سني عنده بدعة، أو عنده بعض البدع، وأما سني ومبتدع فهما ضدان، فمعنى سني: أنه على السنة، ومعنى مبتدع: أنه ليس على السنة، وأما أن يكون عنده بدعة، أو عنده مخالفة، أو عنده بعض من الأمور التي تحذر، فهذا يمكن وجوده في السني، وهو مثل قول الرسول صلى الله عليه وسلم لـأبي ذر : (إنك امرؤ فيك جاهلية) فلم يقل له: إنك جاهلي، أو إنك من أهل الجاهلية، ومعنى الحديث: فيك خصلة من خصال الجاهلية.
من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر