أورد أبو داود حديث عبد الله بن عمر رضي الله تعالى عنهما: وأنه كان له صديق يكاتبه من أهل الشام، وأنه بلغه عنه أنه يقول بشيء من القدر، فكتب إليه: لا تكاتبني؛ فإني سمعت أنك تتكلم بشيء من القدر، وقد قال عليه الصلاة والسلام: (سيكون في أمتي أقوام يكذبون بالقدر).
أي: أن ابن عمر رضي الله عنه أراد أن يترك مراسلته وصداقته؛ لأنه سمع عنه أنه يتكلم في القدر.
وقد ساق ابن عمر رضي الله عنه حديث جبريل الشهير عن أبيه وذلك لما جاءه اثنان من العراق، وقالا: إنه ظهر قبلنا أناس يقولون بالقدر، فقال: إذا لقيتموهم فأخبروهم أنني بريء منهم، وأنهم برآء مني، ثم ساق حديث جبريل الطويل عن أبيه عن النبي صلى الله عليه وسلم، وهو أول حديث في (صحيح مسلم ) في كتاب الإيمان منه، وساقه من أجل قوله: (وتؤمن بالقدر خيره وشره).
هو أحمد بن محمد بن حنبل الشيباني الإمام الفقيه المحدث، أحد أصحاب المذاهب الأربعة من مذاهب أهل السنة، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
[ حدثنا عبد الله بن يزيد ].
هو عبد الله بن يزيد المقري المكي، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ حدثنا سعيد -يعني ابن أبي أيوب- ].
سعيد بن أبي أيوب ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ أخبرني أبو صخر ].
هو حميد بن زياد، وهو صدوق يهم، أخرج له البخاري في (الأدب المفرد) ومسلم وأبو داود والترمذي والنسائي في (مسند علي ) وابن ماجة.
[ عن نافع ].
هو نافع مولى ابن عمر، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
عن عبد الله بن عمر رضي الله تعالى عنهما، وهو الصحابي الجليل، أحد العبادلة الأربعة من الصحابة، وهم: عبد الله بن عمر وعبد الله بن عمرو وعبد الله بن عباس وعبد الله بن الزبير، وهو أحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم.
قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا عبد الله بن الجراح حدثنا حماد بن زيد عن خالد الحذاء، قال: (قلت للحسن: يا أبا سعيد ! أخبرني عن آدم؛ أللسماء خلق أم للأرض؟ قال: لا، بل للأرض، قلت: أرأيت لو اعتصم فلم يأكل من الشجرة؟ قال: لم يكن له منه بد، قلت: أخبرني عن قوله تعالى: مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ بِفَاتِنِينَ * إِلَّا مَنْ هُوَ صَالِ الْجَحِيمِ [الصافات:162-163]؟ قال: إن الشياطين لا يفتنون بضلالتهم إلا من أوجب الله عليه الجحيم) ].
أورد أبو داود هذا الأثر عن الحسن البصري رحمة الله عليه، وذلك أن خالد الحذاء سأله فقال: (يا أبا سعيد ! أخبرني عن آدم؛ أللسماء خلق أم للأرض؟ قال: بل للأرض) أي: أن الله أسكنه الأرض وجعله خليفة فيها.
قوله: [ قلت: أرأيت لو اعتصم فلم يأكل من الشجرة؟ قال: لم يكن له منه بد ] أي: لم يكن له بد من أن يأكل من الشجرة؛ لأن الله قدر ذلك، وما دام أنه قدر فلا بد من وقوع المقدر، فلا يقال: إنه يمكن أن يعتصم أو يمتنع من الأكل بعدما وجد الأكل، وبعدما وجد المقدر، فهذا الجواب جواب عظيم، فالشيء المقدر الذي قد وقع بالفعل لا يقال: إنه يمكن خلافه؛ ولهذا قال رحمة الله عليه: (لم يكن له منه بد)، وقال الرسول صلى الله عليه وسلم في حديث أبي هريرة: (المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف، وفي كل خير، احرص على ما ينفعك واستعن بالله ولا تعجز، وإن أصابك شيء فلا تقل: لو أني فعلت لكان كذا وكذا، ولكن قل: قدر الله وما شاء فعل)؛ لأن ما قدره الله لا بد وأن يكون، فلا يصح أن يقول: لو أني فعلت لكان كذا وكذا، فما الذي يدريك أنه سيكون؟ إذ إنك قد تريد شيئاً ولا يقع، ولكن ما قدر فهو كائن، ولهذا قال الحسن رحمة الله عليه هنا في قضية الأكل من الشجرة: (لم يكن له منه بد)، (ما أصابك لم يكن ليخطئك، وما أخطأك لم يكن ليصيبك).
قوله: [ قلت: أخبرني عن قوله تعالى: مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ بِفَاتِنِينَ * إِلَّا مَنْ هُوَ صَالِ الْجَحِيمِ [الصافات:162-163]؟ قال: إن الشياطين لا يفتنون بضلالتهم إلا من أوجب الله عليه الجحيم ].
وهذا أيضاً يبين الإيمان بالقدر، وأن قوله: مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ بِفَاتِنِينَ [الصافات:162] أي كون الشياطين أو المضلين يفتنون غيرهم، ولا يفتنون أحداً إلا وقد كتب الله أنه يُفتن، وليس معنى ذلك: أنهم يوجدون هذه الفتن وليس لله تقدير لها، بل إن كل ما يحصل من هداية وضلالة فإنما يكون بقضاء الله وقدره، مَنْ يَهْدِ اللَّهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِ وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ وَلِيًّا مُرْشِدًا [الكهف:17] فما قدره الله من خير أو شر، وما قدره الله من هداية أو ضلال فلابد أن يكون.
عبد الله بن الجراح صدوق يخطئ، أخرج له أبو داود والنسائي في (مسند مالك ) وابن ماجة.
[ حدثنا حماد بن زيد ].
هو حماد بن زيد البصري وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن خالد الحذاء ].
هو خالد بن مهران الحذاء وهو ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة، والحذاء لقب، وسبب تلقيبه بذلك أنه كان يجالس الحذائين، وهذه -كما يقولون- نسبة إلى أدنى مناسبة؛ لأن الأصل في الحذاء أنه هو الذي يبيع الأحذية، أو هو الذي يصنعها، وأما أن يلقب بذلك من يجلس عند الحذائين فهذا لا يسبق إلى الذهن، وهذا مثلما قالوا في يزيد الفقير، فالمتبادر إلى الذهن أن الفقير هو من الفقر، وهذا ليس مراداً، وإنما سبب ذلك أنه كان يشكو من فقار ظهره، فقيل له: الفقير. وقيل في سبب تلقيب الحذاء بهذا اللقب: أنه كان يقول للحذاء: احذ على كذا، احذ على كذا، أي: أنه كان يرسم له على مقدار النعل في الجلد شيئاً ثم يقول له: احذ عليه، أي: قص على مقدار هذا الذي رسمته لك، ثم يأتي بالمقص فيقص على هذا الرسم، فيطلع على مقدار الرجل، وهذا تقدير، ويقال له: خلق، وهو بمعنى التقدير، ولهذا يقول الشاعر:
ولأنت تفري ما خلقت وبعـ
ـض القوم يخلق ثم لا يفري
يعني: أنت تقدر ثم تنفذ طبقاً لتقديرك، وغيرك يقدر ولكنه عندما يريد أن يقص فإن قصه لا يستقيم، فتجده يدخل ويخرج، فتكون فيه تعاريج.
[ عن الحسن ].
هو الحسن بن أبي الحسن البصري، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
أورد المصنف هذا الأثر عن الحسن أنه قال في قوله تعالى: وَلِذَلِكَ خَلَقَهُمْ : خلق هؤلاء لهذه، أي: خلق أهل السعادة للجنة، وأهل الشقاوة للنار، أي: أنه قد سبق قضاء الله وقدره بأن الأشقياء للنار، وأن السعداء للجنة، لكن لا يقال: إنهم مجبورون على هذا، بل لهم عقول وإرادة ومشيئة، وقد رُغِّبوا ورُهِّبوا، فمن أقدم على سلوك الطريق الموصل إلى الجنة انتهى إليها، ومن أقدم على سلوك الطريق الموصل إلى النار انتهى إليها، كما قال عليه الصلاة والسلام: (اعملوا، فكل ميسر لما خلق له، فأما أهل السعادة فييسرون لعمل أهل السعادة، وأما أهل الشقاوة فييسرون لعمل أهل الشقاوة)، وكما قال تعالى: وَهَدَيْنَاهُ النَّجْدَيْنِ [البلد:10] أي: بينا له طريق الخير والشر.
هو موسى بن إسماعيل التبوذكي، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ حدثنا حماد ].
حماد هو ابن سلمة بن دينار البصري، وهو ثقة، أخرج له البخاري تعليقاً ومسلم وأصحاب السنن.
[ حدثنا خالد الحذاء عن الحسن ].
خالد الحذاء والحسن قد مر ذكرهما.
وهذا مثل الأثر السابق، وقوله: مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ بِفَاتِنِينَ * إِلَّا مَنْ هُوَ صَالِ الْجَحِيمِ [الصافات:162-163] أي: إلا من قدر الله وقضى عليه أنه يصلى الجحيم، فهذا هو الذي يفتنه المضلون، وأما من لم يُكتب عليه ذلك فإنه لا يحصل له، كما قال الرسول عليه الصلاة والسلام: (واعلم أن الأمة لو اجتمعوا على أن ينفعوك بشيء لم ينفعوك إلا بشيء قد كتبه الله لك، ولو اجتمعوا على أن يضروك لم يضروك إلى بشيء قد كتبه الله عليك، رفعت الأقلام، وجفت الصحف).
هو أبو كامل الجحدري، وهو فضيل بن حسين، وهو ثقة أخرج له البخاري تعليقاً ومسلم وأبو داود والنسائي.
[ حدثنا إسماعيل ].
هو إسماعيل بن إبراهيم بن مقسم ابن علية، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ حدثنا خالد الحذاء عن الحسن ].
خالد الحذاء والحسن قد مر ذكرهما.
أورد المصنف هذا الأثر عن الحسن حيث قال: (لأن يسقط من السماء إلى الأرض أحب إليه من أن يقول: الأمر بيدي) أي: أنه يخلق فعله، وأن العباد يخلقون أفعالهم، وأن الله تعالى لم يقدر عليه شيئاً، بل إن الخالق لكل شيء هو الله تعالى، فهو يفعل بمشيئته وإرادته، ولكن لا يخرج بذلك عن مشيئة الله وإرادته، والمقصود من ذلك: نفي القول بالقدر الذي يقول به القدرية، وهو أن الإنسان يخلق فعله ويوجد فعله، وأن الله لم يقدر عليه شيئاً.
قوله: [ حدثنا هلال بن بشر ].
هلال بن بشر، ثقة أخرج له البخاري في (جزء القراءة) وأبو داود والنسائي.
حماد هو ابن زيد، وهو ثقة، وقد مر ذكره.
[ عن حميد ].
هو حميد بن أبي حميد الطويل، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن الحسن ].
الحسن مر ذكره.
أورد أبو داود هذا الأثر عن الحسن، وهو أنه قدم مكة فقال حميد: إن أهل مكة طلبوا منه أن يكلمه بأن يذكرهم ويعظهم، فأجاب إلى ذلك، قال فاجتمعوا إليه، قال: فما رأيت أخطب منه، أي: أبلغ وأفصح منه، فقال له رجل: من خلق الشيطان؟ فقال: سبحان الله! هَلْ مِنْ خَالِقٍ غَيْرُ اللَّهِ [فاطر:3]؟! ثم قال: الله خلق الخير وخلق الشر، فقال الرجل: قاتلهم الله كيف يكذبون على هذا الشيخ؟! أي: كأنه نُسب إليه أنه يقول بشيء من القدر، ولهذا اختبره وسأله هذا السؤال؛ حتى يعرف هل الأمر كما يقولون أو أنه بخلاف ما يقولون، فلما تبين له أن الأمر بخلاف ما يقال دعا على أولئك الذين ينسبون إليه تلك المقولة.
قوله: [ حدثنا موسى بن إسماعيل حدثنا حماد حدثنا حميد عن الحسن ].
كلهم مر ذكرهم.
أورد المصنف هذا الأثر عن الحسن في قوله تعالى: كَذَلِكَ نَسْلُكُهُ فِي قُلُوبِ الْمُجْرِمِينَ [الحجر:12] قال: الشرك ] أي: أن كل شيء مقدر، فالهداية مقدرة، والغواية مقدرة، وشرك المشرك واقع بقضاء الله وقدره، وإيمان المؤمن واقع أيضاً بقضاء الله وقدره، لكن لا يقال: إنه مجبور وليس له إرادة ومشيئة، وإنما يحصل ذلك بمشيئته وإرادته التي لا تخرج عن مشيئة الله وإرادة الله.
قوله: [ حدثنا ابن كثير أخبرنا سفيان عن حميد عن الحسن ].
كلهم مر ذكرهم.
أورد المصنف هذا الأثر عن الحسن قال: وَحِيلَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ مَا يَشْتَهُونَ [سبأ:54] قال: الإيمان.
قيل: إن ذلك يكون عند البعث، فالإيمان لا ينفعهم إذا شاهدوا العذاب.
والإسناد الأول فيه رجل مبهم، وقد سماه غير ابن كثير عن سفيان وأنه عبيد الصيد، وهو صدوق، أخرج له أبو داود.
وهذا الأثر يضعفه الشيخ الألباني، ولعل وجه ذلك: أن الرجل الذي سمى المبهم عبيد بن الصيد هو أيضاً مبهم، فقد قال في الإسناد: عن ابن كثير عن سفيان، وقد سماه غير ابن كثير عن سفيان ...
أورد المصنف هذا الأثر عن ابن عون وهو يشبه ذلك الجواب الذي قاله ذلك الرجل بمكة، وذلك لما قال: قاتلهم الله، كيف يكذبون على هذا الشيخ؟ فقال رجاء بن حيوة: ما هذا الذي نسمعه عن الحسن ؟ قال: إنهم يكذبون عليه كثيراً، والمقصود من ذلك: أنه نسب إليه شيء من القدر، وقد تبين أنه سليم من ذلك.
هو محمد بن عبيد بن حساب، وهو ثقة، أخرج له مسلم وأبو داود والنسائي.
[ حدثنا سليم ].
سليم هو ابن أخضر وهو ثقة، أخرج له مسلم وأبو داود والترمذي والنسائي.
[ عن ابن عون ].
ابن عون هو عبد الله بن عون، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن الحسن ].
الحسن مر ذكره.
أورد المصنف هذا الأثر عن أيوب السختياني أنه قال: كذب على الحسن ضربان من الناس -أي: صنفان من الناس- قوم أهل قدر يريدون أن يجروه إليهم وأن ينفقوا باطلهم بنسبة ذلك إلى الحسن، وقوم في قلوبهم شنآن -أي: بغض، فهم يضيفون إليه ما لم يقل به- فيقولون: أليس من قوله كذا؟ أليس من قوله كذا؟
سليمان بن حرب ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ حدثنا حماد ].
حماد هو ابن زيد، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ سمعت أيوب ].
هو أيوب السختياني، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
أورد المصنف هذا الأثر عن قرة بن خالد أنه قال: يا فتيان! لا تغلبوا على الحسن، فإن رأيه السنة والصواب.
أي: لا يغلبكم القدرية عليه، فإنه ليس منهم، وإنما هو منكم (فإن رأيه السنة والصواب)، فهو على الحق وليس على الضلالة.
هو محمد بن المثنى أبو موسى الزمن، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ أن يحيى بن كثير حدثهم ].
يحيى بن كثير ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ كان قرة بن خالد ].
قرة بن خالد ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
أورد أبو داود هذا الأثر عن عبد الله بن عون قال: لو كنا نعلم أن هذه الكلمة التي خرجت من الحسن تبلغ ما بلغت لكتبنا برجوعه كتاباً، وأشهدنا على ذلك شهوداً، لكننا قلنا: كلمة خرجت لا تحمل.
أي: ولكنها حملت، وكأنه حصل منه كلام موهم، فتلقفه من تلقفه، وأشاعه من أشاعه، وما جاء عنه من النصوص الكثيرة تدل على سلامته.
ابن المثنى مر ذكره، وابن بشار هو محمد بن بشار الملقب بندار، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة، وهما محمد بن المثنى ومحمد بن بشار من شيوخ أصحاب الكتب الستة.
[ حدثنا مؤمل بن إسماعيل ].
مؤمل بن إسماعيل صدوق سيئ الحفظ، أخرج له البخاري تعليقاً وأبو داود في (القدر)، وهنا أخرج له في السنن كما هو موجود، فما أدري ما وجه ذكر نسبته إلى كتاب (القدر) فقط مع أنه موجود هنا.
[ حدثنا حماد بن زيد عن ابن عون ].
قد مر ذكرهما.
أورد المصنف هذا الأثر عن أيوب وأن الحسن قال: ما أنا بعائد إلى شيء منه أبداً.
وهذا الأثر يدل على أنه قد حصل منه شيء تلقفه الناس، وقد يكون هذا الذي حصل منه هو كلام مشتبه، ففهمه بعض الناس فهماًخاطئاً وأضيف إليه ذلك، فأخبر بأنه لا يعود إلى شيء مما نسب إليه.
قوله: [ حدثنا سليمان بن حرب حدثنا حماد بن زيد عن أيوب عن الحسن ].
قد مر ذكرهم جميعاً.
أورد أبو داود هذا الأثر عن عثمان البتي ، أنه قال: (ما فسر الحسن آية إلا على الإثبات) أي: إثبات القدر، وهذا فيه بيان دفع ما نسب إليه، وأنه ما فسر آية إلا على إثبات القدر، وهذا خلاف الشيء الذي نسب إليه، وهذه نصوص كثيرة، وآثار متعددة كلها تدل على سلامة الحسن مما نسب إليه من القدر.
عثمان بن عثمان صدوق ربما وهم، أخرج له مسلم وأبو داود والنسائي.
[ عن عثمان البتي ].
هو عثمان بن مسلم البتي، وهو صدوق، عابوا عليه الإفتاء بالرأي، أخرج له أصحاب السنن.
الجواب: ينبغي عليك أن تحرص على مناصحته وتوجيهه وإرشاده، فإن حصل أثر لذلك فهو المطلوب، وإن لم يحصل وكانت تلك البدعة تقتضي ذلك، وهي واضحة جلية، وكان تركه يمكن أن يؤثر فيه، فلك أن تفعل ذلك.
الجواب: يمكن أنه قد تثبت، وأن هذا الذي قاله إنما قاله بناء على التثبت.
الجواب: ضعفه الألباني.
الجواب: ما أخرج عنه شيئاً، وذكروا أن سبب عدم إخراجه له أنه قد أدرك الذين أدركهم البخاري، وشاركه في شيوخه، ومعلوم أنهم يأخذون بالعالي، ولا يصيرون إلى النازل إذا وجدوا العالي، ومعلوم أن بين وفاتيهما خمس سنوات، وقد أدرك مسلم شيوخ البخاري مثل الإمام أحمد وغيره.
الجواب: ليس من المتشددين، ومعلوم أن الإمام الترمذي رحمة الله عليه له عناية بهذا الفن -أعني: الحكم على الأحاديث وبيان ما كان صحيحاً، وما كان حسناً، وما كان ضعيفاً- فهو متميز على غيره من الكتب الستة بهذه العناية فيما يتعلق بالتصحيح، وكذلك فيما يتعلق بذكر كلام الفقهاء من الصحابة ومن بعدهم في المسألة، واختلاف العلماء في العمل به، لكن تصنيفه من حيث التشدد فما هو بمتشدد، ومن العلماء من نسبه إلى التساهل، لكن الذي يظهر أنه معتدل، وقد صحح بعض الأحاديث وعابوا عليه إخراجها، مثل حديث: (الصلح جائز بين المسلمين)، فقد ذكره الحافظ في (البلوغ) وقال: صححه الترمذي، وعابوا عليه تصحيحه، ولعله اعتبره بطرقه.
الجواب: واجبكم نحو هؤلاء أن تناصحوهم، وأن تسألوا الله لهم الهداية، ولا تغتروا بكلامهم، ومثل هؤلاء يعتبرون قطاع طريق عن العلم.
الجواب: يصلح، لكن هذا الأثر فيه خفاء، فما كل الحاضرين يفهمه، لكنه يأتي بمعناه بعبارات واضحة جلية.
الجواب: الأصل أن الخطبة لا تخلو من العربية، ولا تكون بالعربية في أناس لا يفهمون العربية؛ لأنها تعتبر صيحة في واد، ولا يستفاد منها، لكن يجمع بين العربية وغيرها.
الجواب: لا يصح مثل هذا الدعاء، وإنما يسأل الله الهداية، وأن يعصمه من الضلالة، فعليه أن يأتي بدعاء واضح.
الجواب: وهذا الاختلاف أيضاً إلى جنة وإلى نار.
الجواب: الشيخ الألباني يضعفه.
حدثنا عثمان بن أبي شيبة حدثنا أسود بن عامر حدثنا عبد العزيز بن أبي سلمة عن عبيد الله عن نافع عن ابن عمر أنه قال: (كنا نقول في زمن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: لا نعدل بـ
يقول الإمام أبو داود السجستاني رحمه الله تعالى: [باب في التفضيل]، أي: التفضيل بين الأشخاص، وأن هذا أفضل من هذا، ومعلوم أن التفضيل الذي يتعلق بتفاوت الناس في الدرجات عند الله عز وجل لا بد فيه من دليل؛ لأن هذا من الأمور الغيبية التي لا تعرف إلا بالدليل، كأن يأتي ذلك عن رسول الله عليه الصلاة والسلام، سواء كان من قوله أو من إقراره، وأما التفضيل بأمور تظهر كأن يكون فلان أعلم من فلان، أو بغير ذلك فهذا يمكن أن يعرف بالمشاهدة والمعاينة، كما جاء في حديث: (يؤم القوم أقرؤهم لكتاب الله، فإن كانوا في القراءة سواء فأعلمهم بالسنة)، فهذا يمكن أن يعرف.
وقد أورد أبو داود رحمه الله حديث ابن عمر رضي الله عنهما أنه قال: (كنا والنبي صلى الله عليه وسلم حي نخير فنقول: لا نعدل بـ
ومن المعلوم أن الخلفاء الراشدين الأربعة رضي الله عنهم وأرضاهم هم أفضل من غيرهم، وهم خير هذه الأمة بعد نبيها، وترتيبهم في الفضل كترتيبهم في الخلافة: أبو بكر ثم عمر ثم عثمان ثم علي، فهذا هو الذي تم ووقع، وهم جميعاً خلفاء راشدون بنص حديث الرسول صلى الله عليه وسلم في قوله: (عليكم بسنتي، وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي، تمسكوا بها، وعضوا عليها بالنواجذ، وإياكم ومحدثات الأمور، فإن كل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة)، وخلافتهم خلافة نبوة كما جاء ذلك في الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم حيث قال: (خلافة النبوة بعدي ثلاثون سنة، ثم يؤتي الله ملكه من يشاء)، فأهل السنة والجماعة متفقون على أن ترتيبهم في الخلافة هو هذا الترتيب الذي وقع وحصل، ومن اعترض عليه، أو تكلم وقدح فيه فقد قدح فيما حصل من أصحاب رسول الله عليهم الصلاة السلام الذين هم خير هذه الأمة، والذين هم أحرص الناس على كل خير، وأسبق الناس إليه رضي الله تعالى عنهم وأرضاهم.
وأما بالنسبة للتفضيل فـأبو بكر أفضل الصحابة ثم عمر ثم عثمان، وتقديم عثمان على علي هو المشهور عند أهل السنة والجماعة، وهو قول جمهورهم، وقد جاء عن بعض أهل السنة والجماعة أن علياً أفضل من عثمان، ولكن الذين يقولون بتفضيل علي على عثمان لا يقولون بأنه أحق وأولى منه بالخلافة، فقد جاء عن بعض السلف: أن من قدم علياً على عثمان فقد أزرى بالمهاجرين والأنصار؛ لأن هذا اعتراض على ما حصل وجرى منهم من تقديم عثمان على علي رضي الله تعالى عن الجميع، فترتيبهم في الخلافة أمر متفق عليه بين أهل السنة، وإنما الخلاف فيما يتعلق بالتفضيل، ومن المعلوم أنه حتى على هذا القول الذي قاله بعض أهل السنة من أن علياً أفضل فإنه يجوز ويسوغ تولية المفضول مع وجود الفاضل، لكن الذي استقر عليه قول أهل السنة جميعاً هو أن عثمان رضي الله عنه أفضل من علي، وأن ترتيبهم في الفضل كترتيبهم في الخلافة، وقد ذكر شيخ الإسلام ابن تيمية في (العقيدة الواسطية): أن مسألة تقديم علي على عثمان ليست من المسائل التي يبدع فيها المخالف، فقد قال به جماعة من أهل السنة، وإن كان القول الصحيح خلاف ذلك القول، وهو ما عليه جمهور أهل السنة من تقديم عثمان على علي في الفضل، رضي الله عنهم وعن الصحابة أجمعين.
قوله: [(كنا لا نعدل بـ
ثم يليه عمر في الفضل، وهذا متفق عليه، وهو أيضاً يليه في الخلافة، ثم عثمان رضي الله تعالى عنه، وقد عرفنا أن في ذلك خلافاً لبعض أهل السنة، وأن ذلك لا يؤثر، ولا يعتبر صاحبه مبتدعاً أو صاحب بدعة، وإن كان القول الحق خلاف ذلك، وهو تقديم عثمان رضي الله تعالى عنه على علي، فكون ابن عمر رضي الله عنه يقول: (كنا نخير ورسول الله صلى الله عليه وسلم حي، فنقول: لا نعدل بـ
قال الخطابي: لعل الحديث محمول على الكبار من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، أما من وراءهم فلا يشك بأن علياً رضي الله عنه هو الذي يلي عثمان، وأنه أفضل من غيره، ولكنه اقتصر على ذكر الكبار المتقدمين في السن، والذين لهم المنزلة والمكانة الرفيعة عند رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهم أهل مشورته والمقربون إليه، وعلي رضي الله عنه كان دونهم في السن فليس من كبارهم، ولكن لا شك أنه هو خير أصحاب رسول الله عليه الصلاة والسلام بعد الثلاثة: أبي بكر وعمر وعثمان.
ثم إن هؤلاء الأربعة الذين هم خلفاؤه الراشدون، والذين هم أفضل هذه الأمة كلهم لهم صلة مصاهرة برسول الله صلى الله عليه وسلم، فـعلي رضي الله عنه له القرابة والمصاهرة، وأبو بكر وعمر قد تزوج رسول الله صلى الله عليه وسلم ببنتيهما، فتزوج عائشة بنت أبي بكر وحفصة بنت عمر، والأخيران عثمان وعلي تزوجا من بنات الرسول صلى الله عليه وسلم، فـعثمان رضي الله عنه تزوج ابنتين من بنات الرسول صلى الله عليه وسلم، وهما: رقية وأم كلثوم ، ولذا فإنه يقال له: ذو النورين، وعلي رضي الله عنه تزوج بـفاطمة، إذاً فكلهم أصهاره، وكلهم بمنزلة قريبة منه، فالأولان تزوج منهما رسول الله صلى الله عليه وسلم، والآخران تزوجا من رسول الله صلى الله عليه وسلم، فرضي الله تعالى عنهم وعن الصحابة أجمعين.
ومعنى أن خلافة هؤلاء الأربعة خلافة نبوة أنهم جاءوا بعد النبي صلى الله عليه وسلم، فهم خلفاؤه، وقد جاء الحديث باتباع سنتهم، ثم يكون بعد ذلك ملك كما جاء في الحديث: (وبعد ذلك يؤتي الله ملكه من يشاء)، فمعنى ذلك: أن الخلفاء الراشدين هم الذين جاءوا بعده مباشرة، ومدتهم ثلاثون سنة، فـأبو بكر له سنتان وأشهر، وعمر له عشر سنوات وأشهر، وعثمان له اثنتا عشرة سنة وأشهر، وعلي رضي الله عنه مكث قريباً من خمس سنوات، فهذه ثلاثون سنة، فخلافتهم خلافة نبوة، أي: أنهم جاءوا بعد النبي صلى الله عليه وسلم، وكانوا خلفاء له، وقاموا بالأمر بعده خير قيام.
وقد ذكر شيخ الإسلام في (العقيدة الواسطية): أن رأي أهل السنة استقر على تفضيل عثمان على علي.
وهذا هو المشهور الذي جاء عن بعض العلماء، ولكن جاء عن بعضهم كما يذكرون في تراجمهم أنهم كانوا يقولون بتفضيل علي، فقدح فيهم بعض العلماء لذلك، فقد ذكر الذهبي في كتابه (الميزان) عبد الرحمن بن أبي حاتم الإمام ابن الإمام، وإنما أورده في كتابه (الميزان) ليدافع عنه، وقد ذكر الذهبي رحمه الله أنه يذكر في كتابه (ميزان الاعتدال في نقد الرجال) أناساً ليسوا بمجروحين، ولكنه يذكرهم ليدافع عنهم في شيء أضيف إليهم، وهم من كبار المحدثين، ومنهم ابن أبي حاتم، فإنه قال في ترجمته: أورده أبو الفضل السليماني في كتابه (الضعفاء) وبئس ما صنع، ولعل ذلك لكونه يقول بتفضيل علي على عثمان ، قال: ومثل هذا قال به جماعة من أهل السنة، وسمى جماعة منهم الأعمش وآخرين.
وقد جاء حديث في بيان العشرة المبشرين بالجنة، وذكر علياً رضي الله عنه رابعهم، وقد سردهم النبي صلى الله عليه وسلم كلهم في حديث واحد، فقال: (
عثمان بن أبي شيبة ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا الترمذي وإلا النسائي فإنه إنما أخرج له في (عمل اليوم والليلة).
[ حدثنا أسود بن عامر ].
أسود بن عامر ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ حدثنا عبد العزيز بن أبي سلمة ].
هو عبد العزيز بن أبي سلمة الماجشون، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن عبيد الله ].
هو عبيد الله بن عمر بن حفص بن عاصم بن عمر العمري المصغر، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن نافع ].
هو نافع مولى ابن عمر وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
عن عبد الله بن عمر رضي الله تعالى عنهما الصحابي الجليل، وهو أحد العبادلة الأربعة من الصحابة، وأحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم.
أورد أبو داود أثر ابن عمر من طريق أخرى، وذلك من طريق ابنه سالم عنه قال: (كنا نقول والنبي صلى الله عليه وسلم حي: أفضل هذه الأمة بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم:
وقوله: (بعد نبيها) أي: بعد بعثته، وليس معنى ذلك أنهم يفضلون على أحد من الأنبياء، بل إن الأنبياء أفضل من جميع البشر، ولكن المقصود بعد بعثة الرسول صلى الله عليه وسلم، فخير هذه الأمة هم هؤلاء.
هو أحمد بن صالح المصري، وهو ثقة، أخرج له البخاري وأبو داود والترمذي في (الشمائل).
[ حدثنا عنبسة ].
هو عنبسة بن خالد الأيلي، وهو صدوق، أخرج له البخاري وأبو داود.
[ حدثنا يونس ].
هو يونس بن يزيد الأيلي، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن ابن شهاب ].
هو محمد بن مسلم بن عبيد الله بن شهاب الزهري، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ قال سالم ].
هو سالم بن عبد الله بن عمر، وهو ثقة فقيه، وهو أحد فقهاء المدينة السبعة في عصر التابعين على أحد الأقوال الثلاثة في السابع منهم، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
[ أن ابن عمر قال ].
هو عبد الله بن عمر رضي الله عنهما، وقد مر ذكره.
أورد أبو داود هذا الأثر عن علي رضي الله عنه أنه سأله ابنه محمد بن علي المشهور بـابن الحنفية : من خير الناس؟ فقال: أبو بكر، قلت: ثم من؟ قال: عمر، وخشيت أن يقول: عثمان، فقلت: ثم أنت؟ قال: ما أنا إلا رجل من المسلمين.
وهذا يدلنا على تقديم أبي بكر وعمر، وأن هذا أمر مستقر ومعروف، بل علي نفسه رضي الله عنه ثبت عنه ذلك كما جاء في هذا الأثر الصحيح الثابت عنه، وهذا -كما هو معلوم- مبني على ما يعلمونه من رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقد جاء عن النبي عليه الصلاة والسلام كما في حديث عمرو بن العاص أنه سأله: (من أحب الناس إليك؟ قال:
وقول محمد بن الحنفية: ثم خشيت أن يقول: عثمان.
كأنه قد استقر أيضاً واشتهر عندهم أن عثمان هو الذي يلي عمر، وهذا مر في كلام ابن عمر السابق، فكأن ذلك أمر معروف بينهم.
هو محمد بن كثير العبدي، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ حدثنا سفيان ].
هو سفيان بن سعيد بن مسروق الثوري، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ حدثنا جامع بن أبي راشد ].
جامع بن أبي راشد ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ حدثنا أبو يعلى ].
أبو يعلى هو المنذر بن يعلى ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن محمد بن الحنفية ].
هو محمد بن علي بن أبي طالب، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ قال: قلت لأبي ].
أبوه هو علي بن أبي طالب أمير المؤمنين، ورابع الخلفاء الراشدين الهادين المهديين، صاحب المناقب الجمة، والفضائل الكثيرة، رضي الله تعالى عنه وأرضاه، وحديثه عند أصحاب الكتب الستة.
ذكر المصنف هذا الأثر عن سفيان الثوري رحمه الله قال: من زعم أن علياً رضي الله عنه كان أحق بالولاية منهما فقد خطأ أبا بكر وعمر والمهاجرين.
لأن أبا بكر بويع بالخلافة وقبل البيعة بالخلافة ممن بايع، وكذلك المهاجرين والأنصار بايعوه، فمن زعم أنه أحق بالولاية منهما فقد خطأهم جميعاً، واتبع غير سبيل المؤمنين؛ لأنهم اتفقوا على ذلك، ولهذا جاء عن بعض العلماء أنه قال فيما يتعلق بتفضيل غيرهما عليهما: أنه قد أزرى بالمهاجرين والأنصار، وكذلك من قال: إنه أحق منهما بالولاية فقد اعترض على المهاجرين والأنصار وخطأهم، وهم خير هذه الأمة، وأحرص الناس على كل خير، وأسبق الناس إليه، فرضي الله تعالى عنهم وأرضاهم.
قوله: [ وما أراه يرتفع له مع هذا عمل إلى السماء ] أي: أنه لن يقبل له عمل؛ لأنه خالف ما عليه أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم.
محمد بن مسكين ثقة، أخرج البخاري ومسلم وأبو داود والنسائي.
[ حدثنا محمد -يعني: الفريابي- ].
هو محمد بن يوسف الفريابي، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ سمعت سفيان ].
ذكر المصنف هذا الأثر عن سفيان الثوري أنه قال: (الخلفاء خمسة: أبو بكر وعمر وعثمان وعلي وعمر بن عبد العزيز )، فهؤلاء هم الخلفاء، ولاشك أن عمر بن عبد العزيز من الخلفاء، وقد تقدمه خلفاء، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: (لا يزال أمر الناس قائماً ما وليهم اثنا عشر خليفة)، ولا شك أن عمر بن عبد العزيز منهم، ومعاوية رضي الله عنه قبله منهم، فبعد الخلفاء الراشدين ثمانية من بني أمية، وكلهم وصفوا بأنهم خلفاء، وقد كان الأمر كذلك، فكان أمر الناس ماضياً، وكان المسلمون لهم قوة، وكانوا يجاهدون، ويغزون الكفار في بلادهم، والجيوش في زمن بني أمية وصلت إلى المحيط الأطلسي غرباً، وإلى الصين والسند والهند شرقاً، وكان الأمر كما أخبر به رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقد كان أمر الناس قائماً في ذلك الوقت، والجهاد قائم، والقوة للمسلمين، والتغلب لهم على أعدائهم، وهم يغزونهم إلى بلادهم، ويخرجونهم من الظلمات إلى النور، ويهدونهم إلى الصراط المستقيم، ويبصرونهم بالدين، ولم يأت بعد الخلفاء الراشدين من الولاة والملوك والخلفاء مثل معاوية رضي الله عنه؛ لأنه صحابي، والصحابة أفضل من غيرهم، وقد قال عليه الصلاة والسلام: (خير الناس قرني، ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم)، فالصحابة خير من التابعين، وكل واحد من الصحابة يعتبر خيراً من أي واحد من التابعين، فالصحابة لهم ميزة على غيرهم، وعمر بن عبد العزيز من التابعين، فـمعاوية خير وأفضل منه، وهو أفضل من كل تابعي.
وهذا الأثر الذي جاء عن سفيان غير صحيح؛ لأن في سنده عباد السماك وهو مجهول.
هو محمد بن يحيى بن فارس الذهلي، وهو ثقة، أخرج له البخاري وأصحاب السنن.
[ حدثنا قبيصة ].
هو قبيصة بن عقبة، وهو صدوق ربما خالف، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ حدثنا عباد السماك ].
عباد السماك مجهول، أخرج له أبو داود .
[ سمعت سفيان الثوري ].
سفيان الثوري قد مر ذكره.
الجواب: لا يقال إن تسميته خليفة قدح؛ لأن معاوية خليفة أيضاً، وقد ورد في الحديث: (لا يزال أمر الناس ماضياً ما وليهم اثنا عشر خليفة) وهم الخلفاء الراشدون وثمانية من بني أمية، وأولهم معاوية رضي الله عنه، فهو خير الثمانية وأفضلهم، كما قال شارح الطحاوية: وأول ملوك المسلمين معاوية وهو خير ملوك المسلمين، وقال الذهبي في كتابه السير: ملك الإسلام، يعني أول ملك في الإسلام، والنبي صلى الله عليه وسلم قال: (خلافة النبوة بعدي ثلاثون سنة، ثم يؤتي الله ملكه من يشاء) وقد آتى الله ملكه معاوية رضي الله عنه، ومكث في الخلافة عشرين سنة، من سنة واحد وأربعين إلى سنة ستين.
الجواب: لا يدل على ذلك؛ لأن الأصل عند أهل السنة والجماعة أن الصحابة جميعاً أفضلهم الخلفاء الراشدون: أبو بكر ثم عمر ثم عثمان .
وبعض أهل العلم -وأظنه ابن حزم - يقول: إن أمهات المؤمنين أفضل من غيرهن؛ لأنهن مع النبي صلى الله عليه وسلم في الجنة، وهن في درجته ومعه، فيكن أفضل من غيرهن، لكن النصوص على أن خير هذه الأمة -وهو الذي اتفق عليه أهل السنة والجماعة- بعد نبيها: أبو بكر ثم عمر ثم عثمان ثم علي .
الجواب: بعض أهل العلم قال هذا، لكنه غير صحيح؛ لأن معاوية رضي الله عنه هو الخليفة الخامس، وهو أول خليفة بعد الخلفاء الراشدين.
من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر