حدثنا عبد الله بن مسلمة عن مالك عن ابن شهاب عن عروة بن الزبير عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت: (ما خير رسول الله صلى الله عليه وسلم في أمرين إلا اختار أيسرهما ما لم يكن إثماً، فإن كان إثماً كان أبعد الناس منه، وما انتقم رسول الله صلى الله عليه وسلم لنفسه، إلا أن تنتهك حرمة الله تعالى فينتقم لله بها) ].
يقول الإمام أبو داود السجستاني رحمه الله تعالى: [ باب في التجاوز في الأمر ].
معنى ذلك الأخذ بالأيسر، والتسامح فيه، وعدم الأخذ بما هو شاق، وقد أورد أبو داود حديث عائشة رضي الله عنها: (أن النبي صلى الله عليه وسلم ما خير بين أمرين إلا اختار أيسرهما ما لم يكن إثماً، وما انتقم لنفسه صلى الله عليه وسلم قط، إلا أن تنتهك حرمة الله فينتقم لله عز وجل).
ففيه: أن النبي الكريم صلى الله عليه وسلم ما عرض له أمران أحدهما فيه مشقة والآخر فيه سهولة ويسر إلا اختار الأيسر والأسهل، إلا إذا كان ذلك الأيسر فيه إثم فإنه أبعد الناس عنه صلوات الله وسلامه وبركاته عليه، وكذلك ما انتقم لنفسه، بمعنى أنه يسيء إليه من يسيء فيصفح ويتجاوز، ولا يقابل الإساءة بأن يعاقب عليها، بل يعفو ويصفح صلوات الله وسلامه وبركاته عليه، فهو لا ينتقم لنفسه، ولكنه ينتقم إذا كان ذلك الشيء يتعلق بالله عز وجل، وهذا يدلنا على كمال خلقه صلى الله عليه وسلم، وعلى شفقته على أمته وحرصه عليها، وعلى ابتعاده عن كل شيء يكون فيه مشقة وضرر عليها؛ لأنه صلى الله عليه وسلم يختار الأيسر في الأمرين الحاصلين اللذين لا بد من أخذ واحد منهما.
وقد ذكر صاحب عون المعبود معنى ذلك حيث قال: (قال القاضي: ويحتمل أن يكون تخييره صلى الله عليه وسلم هاهنا من الله تعالى فيخيره فيما فيه عقوبتان، أو فيما بينه وبين الكفار من القتال وأخذ الجزية، أو في حق أمته في المجاهدة في العبادة، أو الاقتصاد).
كان صلى الله عليه وسلم يخير بين القتال وبين أخذ الجزية، وأخذ الجزية أيسر من القتال؛ لأن أخذ الجزية فيه مصلحة؛ وهي أنهم يبقون تحت حكم الإسلام، وتطبق أحكام الإسلام بينهم، فيكون في مشاهدتهم لأحوال المسلمين، وفي تطبيق أحكام الإسلام ما يكون سبباً في دخولهم في الإسلام، بخلاف كونه يقاتلهم ويستأصلهم، فإن ذلك فيه مضرة وقد تفوت هذه المصلحة التي تحصل بأخذ الجزية، وهي أسهل من القتال لما يترتب عليها من التمكن من الدخول في الإسلام بعد مشاهدة حسنها وفائدتها ومصلحتها.
وكذلك يخير بين عقوبتين فإنه يختار أيسرهما وهي الأخف.
وكذلك في حق أمته في المجاهدة في العبادة أو الاقتصاد، أي: الاجتهاد في العبادة والإكثار منها، أو الاقتصاد والتوسط وعدم الإكثار، ومعلوم أن الإكثار الذي يحصل معه الملل ثم الانقطاع ليس بمحمود، ولكن القليل الذي يدوم ويتمكن من الإتيان به والمداومة عليه هو الذي فيه المصلحة؛ ولهذا ثبت في الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (إن أحب العمل إلى الله ما داوم عليه صاحبه وإن قل)؛ لأن قليلاً تداوم عليه، خير من كثير تنقطع عنه، والإنسان إذا اجتهد في وقت من الأوقات، ثم كسل وحصل له الملل وترك العمل نهائياً فهذا سيئ، ولكن كونه يأتي بشي قليل ويداوم ويستمر عليه على مدى الأيام فإن هذا أولى، كأن يصوم ثلاثة أيام من كل شهر، فهذا أفضل من أن يصوم شهراً أو شهرين ثم يتعب ويترك، وكذلك كونه يكثر من العبادة فيمل ويترك فهذا سيئ، وخير منه أن يحافظ على شيء قليل محدد يداوم عليه.
قوله: [ (ما خير رسول الله صلى الله عليه وسلم في أمرين إلا اختار أيسرهما ما لم يكن إثماً) ].
(ما لم يكن إثماً) هذا يكون فيما بينه وبين الناس، يعني: التخيير في أمور تجري بينه وبين الناس.
يعني: أنه يتجاوز عن حقه ويصفح، ولا ينتقم لنفسه، ولكن إذا انتهكت حرمات الله فإنه ينتقم لله عز وجل وليس لنفسه صلوات الله وسلامه وبركاته عليه.
هو عبد الله بن مسلمة القعنبي ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا ابن ماجة .
[ عن مالك ].
هو مالك بن أنس إمام دار الهجرة، المحدث الفقيه، أحد أصحاب المذاهب الأربعة المشهورة من مذاهب أهل السنة، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
[ عن ابن شهاب ].
ابن شهاب هو محمد بن مسلم بن عبيد الله بن شهاب الزهري ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن عروة بن الزبير ].
هو عروة بن الزبير بن العوام ، وهو ثقة فقيه، أحد فقهاء المدينة السبعة في عصر التابعين، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
[ عن عائشة ].
هي عائشة أم المؤمنين رضي الله تعالى عنها وأرضاها، وهي الصديقة بنت الصديق ، وهي واحدة من سبعة أشخاص عرفوا بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم.
أورد المصنف حديث عائشة رضي الله عنها: (أن النبي صلى الله عليه وسلم ما ضرب خادماً ولا امرأةً قط) وذلك لكرم أخلاقه ولسماحته ولحسن معاشرته صلوات الله وسلامه وبركاته عليه، فإنه لم يحصل منه أن ضرب خادماً من الخدم الذين يخدمونه، ولم يضرب أحداً من زوجاته عليه الصلاة والسلام، بل كان رفيقاً رحيماً سمحاً يحب الرفق صلوات الله وسلامه وبركاته عليه.
وهذا يدل على كمال أخلاقه عليه الصلاة والسلام، مع أنه قد يحصل من الخدم مخالفات وأمور يستحق بعضهم أن يعاقب عليها، ولكن شأنه وطريقته الرفق والتسامح والتجاوز في الأمور صلوات الله وسلامه وبركاته عليه.
هو مسدد بن مسرهد البصري ، وهو ثقة، أخرج له البخاري وأبو داود والترمذي والنسائي .
[ حدثنا يزيد بن زريع ].
يزيد بن زريع ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ حدثنا معمر ].
هو معمر بن راشد الأزدي البصري اليماني ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن الزهري ].
الزهري مر ذكره.
أورد أبو داود أثر عبد الله بن الزبير في قول الله عز وجل: خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ [الأعراف:199]، وفسره بأن يأخذ العفو من أخلاق الناس، يعني: ما كان حسناً من أخلاق الناس فإنه يؤخذ، وما كان سيئاً فإنه يتجاوز عنه ويصفح عنه.
هو يعقوب بن إبراهيم الدورقي ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة، وهو شيخ لأصحاب الكتب الستة.
[ حدثنا محمد بن عبد الرحمن الطفاوي ].
محمد بن عبد الرحمن الطفاوي صدوق يهم، أخرج له البخاري وأبو داود والترمذي والنسائي .
[ عن هشام بن عروة ].
هشام بن عروة ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن أبيه عن عبد الله يعني: ابن الزبير ].
أبوه هو عروة بن الزبير وقد مر ذكره.
وعبد الله بن الزبير رضي الله تعالى عنه الصحابي الجليل، وهو أحد العبادلة الأربعة من الصحابة وهم: عبد الله بن الزبير وعبد الله بن عمر وعبد الله بن عمرو وعبد الله بن عباس رضي الله عنهم وعن الصحابة أجمعين.
وحديث عبد الله بن الزبير رضي الله تعالى عنهما أخرجه أصحاب الكتب الستة.
حدثنا عثمان بن أبي شيبة حدثنا عبد الحميد يعني: الحماني حدثنا الأعمش عن مسلم عن مسروق عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت: (كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا بلغه عن الرجل الشيء لم يقل: ما بال فلان يقول؟ ولكن يقول: ما بال أقوام يقولون كذا وكذا؟) ].
أورد المصنف هذه الترجمة: [ باب في حسن العشرة ] أي: المعاشرة والمعاملة للناس، وكان عليه الصلاة والسلام أحسن الناس خلقاً.
وقد أورد أبو داود حديث عائشة : أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا حصل من الشخص شيء يحتاج إلى أن ينبه عليه فإنه لا ينبه عليه على الملأ، ويقول: ما بال فلان يقول كذا وكذا؟ فهو يمكن أن يكلمه فيما بينه وبينه، ولكنه من أجل أن يبين للناس الطريقة الصحيحة في مثل هذا الحادث أو في مثل هذا الأمر الذي عرض، دون أن يعرفوا الشخص الذي حصل منه ذلك الشيء الذي هو السبب في إيراد الكلام، فما كان يقول: ما بال فلان يقول كذا وكذا؟ والناس يسمعون، وإنما يقول: (ما بال أقوام يفعلون كذا وكذا؟) ولا يسمي الشخص.
وفي هذا مصلحة للشخص نفسه؛ لأنه داخل في الخطاب وهو يعرف أنه حصل منه هذا المحذور، وغيره يعلم أن ذلك لا يصلح؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم أنكره.
والمقصود من ذلك تعميم الفائدة ومعرفة الجميع للحكم الشرعي في هذه المسألة التي حصل فيها ذلك الشيء الذي لا يسوغ ولا يجوز، مثلما جاء في قصة بريرة وأسيادها الذين قالوا: إنهم يبيعونها ولكن بشرط أن يكون لهم الولاء، حيث كاتبوها وأرادت عائشة أن تدفع لهم الشيء الذي تحملته لهم، وتكون هي التي تعتقها، فشرطوا هذا الشرط فقال الرسول صلى الله عليه وسلم: (ما بال أقوام يشترطون شروطاً ليست في كتاب الله، إنما الولاء لمن أعتق).
عثمان بن أبي شيبة ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا الترمذي وإلا النسائي فقد أخرج له في عمل اليوم والليلة.
[ حدثنا عبد الحميد يعني: الحماني ].
هو عبد الحميد بن عبد الرحمن الحماني ، وهو صدوق يخطئ، أخرج له البخاري ومسلم في المقدمة وأبو داود والترمذي وابن ماجة .
[ حدثنا الأعمش ].
هو سليمان بن مهران الكاهلي ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن مسلم ].
هو مسلم بن صبيح أبو الضحى، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن مسروق ].
هو مسروق بن الأجدع ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن عائشة ].
عائشة رضي الله عنها مر ذكرها.
قال أبو داود : سلم ليس هو علوياً، كان يبصر في النجوم وشهد عند عدي بن أرطاة على رؤية الهلال فلم يجز شهادته ].
ثم أورد أبو داود حديث أنس بن مالك رضي الله عنه: أن رجلاً دخل على النبي صلى الله عليه وسلم وعليه أثر صفرة، يعني: زعفران، وسواء كان ذلك في جسده أو في ثوبه، ومعلوم أن التزعفر لا يصلح للرجال، كما سبق أن مر ذلك في أحاديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكان قلما يواجه شخصاً بشيء يكرهه، فلما خرج طلب ممن حوله أن يأمروه أن يزيل هذا الخلوق، أو يزيل هذه الصفرة عنه.
والمقصود أنه قلما يواجه شخصاً بشيء يكرهه، وأنه أمرهم أن يخبروه بذلك الأمر الذي أراد أن يخبره به.
والحديث في سنده سلم العلوي هذا، وهو ضعيف، لذا فالحديث ليس بثابت عن رسول الله صلوات الله وسلامه وبركاته عليه.
هو عبيد الله بن عمر بن ميسرة القواريري ، وهو ثقة، أخرج له البخاري ومسلم وأبو داود والنسائي .
[ حدثنا حماد بن زيد ].
هو حماد بن زيد بن درهم البصري ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ حدثنا سلم العلوي ].
سلم العلوي ضعيف، أخرج له البخاري في الأدب المفرد وأبو داود والترمذي في الشمائل والنسائي في عمل اليوم والليلة.
قال أبو داود : سلم لم يكن علوياً كما هو المتبادر من النسبة؛ لأنه إذا قيل علوي فمعناه أنه ينسب إلى علي بن أبي طالب رضي الله عنه، وأنه من ذريته، كما ينسب العباسي إلى العباس ، فالمشهور فيمن ينتسب إلى علي أن يقال عنه: علوي، وبين أن هذه النسبة ليست كما يتبادر إلى الذهن، وإنما يقال له: العلوي ؛ لأنه كان ينظر للعلو، يعني: في النجوم، ومثل هذا يقال له: نسبة إلى أدنى مناسبة، إذ هي ليست نسبة واضحة؛ لأن النسبة منها ما يكون واضحاً ويتبارد إلى الذهن، ومنها ما يكون بعيداً ولا يتبادر إلى الذهن، مثل هذا الذي قيل له: العلوي ؛ لأنه ينظر إلى العلو، وهذا شيء غير متبادر إلى الذهن.
ومثل ذلك: خالد الحذاء تلقيبه بـالحذاء لم يكن لكونه يصنع الأحذية أو يبيعها، وإنما لأنه كان، يجلس عند الحذائين فقيل له: الحذاء ، وهي نسبة غير متبادرة إلى الذهن.
وكذلك يزيد بن صهيب الفقير فلقب الفقير يتبادر إلى الذهن أنه لكونه فقيراً، ولكنه سمي بذلك لأنه كان يشكو فقار ظهره، وهي نسبة ليست مما يتبادر إلى الذهن، فكذلك العلوي هنا هو من هذا القبيل.
قوله: [ عن أنس ].
أنس رضي الله عنه خادم رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم.
[ قال أبو داود : سلم ليس هو علوياً كان يبصر في النجوم، وشهد عند عدي بن أرطأة على رؤية الهلال فلم يجز شهادته ].
هو نفسه ضعيف لا يحتج بحديثه وقد ردت شهادته بسبب شيء فيه، ولكن عموماً هو ضعيف، والضعيف كما هو معلوم حديثه غير معتمد.
فيقول: على حاشية نسخة حاء بخط الحافظ يوسف بن خليل ، وإملاء الملك المحسن قال أحمد بن يوسف : سلم العلوي ليس هو من ولد علي بن أبي طالب كما قال أبو داود وأما هو فمنسوب إلى بني علي بن سود، وهو معروف بهم، وقول أبي داود : يبصر في النجوم سهو منه.
وذكر صاحب عون المعبود أنه كان يسبق الناس، وكونه يسبق الناس إذا كان المقصود بأنه يرى الهلال ليلة ترائي الهلال والناس ما رأوه فهذا ممكن، وهو المشاهد والواقع؛ لأنه ما كل يرى الهلال أول ليلة، فبعض الناس لا يراه إلا بعد ليلتين، مما يعني أن الناس ليسوا على حد سواء.
قال محمد عوامة : كان يبصر الهلال قبل الناس بيوم لشدة بصره، وهو معروف بذلك، وقيل: إنه كان يبصر النجوم كالدلاء لحدة بصره.
ولقد قال له أنس بن مالك : يا سلم خل بين الناس وبين هلالهم حتى يروه.
وهو ضعيف.
فهو حديد يبصر النجوم، لا يبصر في النجوم، بمعنى أنه كان منجماً. انتهى.
بينما أبو داود يقول: ويبصر في النجوم.
فكونه يبصر النجوم، المقصود: أنه يرى النجوم في العلو، ولهذا قالوا: علوي نسبة إلى العلو.
أورد أبو داود رحمه الله حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (المؤمن غر كريم، والفاجر خب لئيم).
ويجوز في (خب) فتح أوله وكسره.
ومعنى قوله صلى الله عليه وسلم: (المؤمن غر) أي أنه لا يشغل نفسه بتتبع الأمور التي يكون فيها مضرة، أو الأمور التي ليست حسنة فيشغل نفسه بها.
وقوله: (كريم)؛ لأن كرمه هو الذي يدفعه إلى أنه لا يشغل نفسه بمثل هذه الأمور بعكس الفاجر فإنه خَب أو خِب، بمعنى أنه يقدم على أشياء فيها فساد وفيها مضرة؛ لأن نفسه تشتهي ذلك وتميل إليه، فيكون لؤمه هو الذي دفعه إلى أن يقدم على شغل نفسه بأمور محذورة فيها فساد ومضرة، وقد يكون معنى قوله: (خب) أنه يجتهد في الشيء الذي فيه مضرة مثلما يقال: خَبَّ، بمعنى: أقدم وأسرع، أو من التخبيب الذي هو الإفساد، مثل: تخبيب المرأة على زوجها، فيكون المؤمن عنده غفلة عن الأمور التي لا حاجة إليها، وينشغل بما هو أهم منها، والفاجر بعكس ذلك.
هو نصر بن علي الجهضمي ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ أخبرني أبو أحمد ].
أبو أحمد الزبيري هو محمد بن عبد الله بن الزبير ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ حدثنا سفيان ].
هو سفيان الثوري ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن الحجاج بن فرافصة ].
الحجاج بن فرافصة صدوق يهم، أخرج له أبو داود والنسائي .
[ عن رجل عن أبي سلمة ].
هذا الرجل مبهم، ولكن جاء في الرواية الثانية أنه يحيى بن أبي كثير فيكون قد عرف.
و أبو سلمة هو ابن عبد الرحمن بن عوف ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن أبي هريرة ].
هو أبو هريرة عبد الرحمن بن صخر الدوسي رضي الله عنه، صاحب رسول الله عليه الصلاة والسلام، وأكثر أصحابه حديثاً على الإطلاق.
[ ح وحدثنا محمد بن المتوكل العسقلاني ].
ثم قال: ح وهي للتحول من إسناد إلى إسناد.
و محمد بن المتوكل العسقلاني صدوق له أوهام كثيرة، أخرج له أبو داود .
[ حدثنا عبد الرزاق ].
هو عبد الرزاق بن همام الصنعاني اليماني ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ أخبرنا بشر بن رافع ].
بشر بن رافع ضعيف الحديث، أخرج له البخاري في الأدب المفرد وأبو داود والترمذي وابن ماجة .
[ عن يحيى بن أبي كثير ].
هو يحيى بن أبي كثير اليمامي ، وهو الذي يروي عن أبي سلمة، وقد مر ذكره.
أبو سلمة وأبو هريرة مر ذكرهما.
[ رفعاه جميعاً ].
يعني: ذكراه مرفوعاً.
أرود أبو داود حديث عائشة رضي الله عنها أن رجلاً استأذن على النبي صلى الله عليه وسلم، فلما سمع صلى الله عليه وسلم باسمه قال: (بئس رجل العشيرة، أو بئس ابن العشيرة).
وهذا فيه ذم له، ولما دخل ألان له القول، فلما خرج قالت عائشة : يا رسول الله، إن فلاناً قلت فيه كذا وكذا، ثم ألنت له القول، تعني: أنه ما حصل منه شيء يطابق الذي قاله عنه في الأول، وإنما ألان له القول، فقال عليه الصلاة والسلام: (إن شر الناس منزلةً عند الله من ودعه الناس اتقاء فحشه) أي: تركه الناس اتقاء فحشه، أو اتقاء شره، وذلك كإنسان يكون عند بذاءة في اللسان وعنده تطاول على الناس، فالناس يحرصون على أن يتخلصوا منه، ولا يدخلون معه في مصادمات؛ لأنه يؤذيهم، وقد بذل نفسه للإيذاء فما يكون من الناس إلا أن يلينوا له القول لاتقاء شره، فبدلاً من أن يحصل منهم أمر يدفعه إلى أن يتطاول عليهم ويؤذيهم ويسبهم ويفحش في القول فيهم، يلينوا له القول من أجل أن يتقوا شره؛ لأن سلامة الناس من شره أمر مقصود.
سفيان هو ابن عيينة ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن ابن المنكدر ].
هو محمد بن المنكدر ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
هذا الرجل مبهم غير معين، لكن جاء عن بعض أهل العلم أنه واحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم.
قال المنذري : هذا الرجل هو عيينة بن حصن الفزاري ، وقيل: هو مخرمة بن نوفل الزهري والد المسور .
و عيينة بن حصن مر ذكره قريباً، وجاء أن الرسول صلى الله عليه وسلم أعطاه ليتألفه على الإسلام، وكان حديث عهد بالإسلام، وقيل: مخرمة والد المسور بن مخرمة ، وكان عنده شيء من الشدة، وقد سبق ذكره في بعض الأحاديث، حين كان الرسول صلى الله عليه وسلم يوزع أقبية، فجاء مخرمة يريد أن يكون له نصيب منها هو وابنه، فقال لابنه المسور: ادخل فادعه ليخرج إلي، فخرج النبي صلى الله عليه وسلم ومعه قباء يقلبه فقال له: إنا خبأنا هذا لك، أو ادخرنا هذا لك.
وهناك فرق بين المداراة والمداهنة، فالمدارة كما هو معلوم لا يترتب عليها ترك حق، أو إيجاد باطل، أما المداهنة فيمكن أن يكون فيها سكوت عن باطل أو عن أمر منكر أو إقرار لأمر غير سائغ.
أورد أبو داود الحديث من طريق أخرى، وهو مثل الذي قبله، وفيه: (إن الله لا يحب الفاحش المتفحش) يعني: الذي يأتي بالفاحش من القول، أو الفحش من الكلام ويواجه به.
هو موسى بن إسماعيل التبوذكي ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ حدثنا حماد ].
هو حماد بن سلمة بن دينار ، وهو ثقة، أخرج له البخاري تعليقاً ومسلم وأصحاب السنن.
[ عن محمد بن عمرو ].
هو محمد بن عمرو بن علقمة بن وقاص الليثي ، وهو صدوق، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
أورد أبو داود حديث عائشة من طريق أخرى وفيه: (إن من شرار الناس الذين يكرمون اتقاء ألسنتهم).
يعني: لا يكون الإكرام من القلب، أو لأن هذا يستحقه، وإنما من أجل السلامة من شره، وكما يقولون: (قطع لسانه) بحيث لا يتكلم بأمر منكر، كأن يكون معروفاً بالهجو وبالإقذاع في القول وفي الكلام، وإذا حصل منهم أن تهاونوا في أمره أنشأ فيهم قصيدة إذا كان شاعراً مقذعاً، أو تكلم فيهم بكلام بذيء.
هو عباس بن عبد العظيم العنبري ، وهوثقة، أخرج له البخاري تعليقاً ومسلم وأصحاب السنن.
[ حدثنا أسود بن عامر ].
أسود بن عامر ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ حدثنا شريك ].
هو شريك بن عبد الله النخعي الكوفي القاضي، وهو صدوق، أخرج له البخاري تعليقاً ومسلم وأصحاب السنن.
[ عن الأعمش ].
الأعمش مر ذكره.
[ عن مجاهد ].
هو مجاهد بن جبر المكي ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن عائشة ].
عائشة مر ذكرها.
أورد أبو داود حديث أنس بن مالك رضي الله عنه قال: (ما رأيت رجلاً التقم أذن النبي صلى الله عليه وسلم) معناه: أنه يسر في أذنه بكلام، أي: يقرب فمه من أذنه للمسارة والكلام الذي لا يراد أن يسمعه الحاضرون.
فيقول أنس : إنه ما رأى أحداً التقم أذن النبي صلى الله عليه وسلم فيؤخر رأسه حتى يكون ذلك هو الذي يؤخر فمه، فكان النبي صلى الله عليه وسلم يقرب رأسه والرجل يقرب فمه إلى أذنه فيبقى النبي على هذه الحال حتى ينهي المتكلم حاجته وبغيته، ثم يرجع الرسول صلى الله عليه وسلم إلى هيئته من الانتصاب الذي كان قبل إمالة الرأس من أجل المسارة، وهذا من كمال أخلاقه عليه الصلاة والسلام.
وهو يدل أيضاً على جواز المسارة فيما إذا كان الإنسان في مجلس، وكان أحدهم يريد أن يتحدث معه ولا يتمكن من أن ينفرد به أو يذهب به إلى مكان آخر.
قوله: (وما رأيت رجلاً أخذ بيده فترك يده حتى يكون الرجل هو الذي يدع يده).
معناه: أن النبي صلى الله عليه وسلم ما كان يسحب يده، وإنما يبقي يده حتى يكون ذاك الرجل هو الذي ينتهي، وهذا من كمال أخلاقه عليه الصلاة والسلام.
أحمد بن منيع ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ حدثنا أبو قطن ].
أبو قطن هو عمرو بن الهيثم ، وهو ثقة، أخرج له البخاري في الأدب المفرد ومسلم وأصحاب السنن.
[ أخبرنا مبارك ].
هو مبارك بن فضالة ، وهو صدوق يدلس ويسوي، أخرج له البخاري تعليقاً وأبو داود والترمذي وابن ماجة .
[ عن ثابت ].
هو ثابت بن أسلم البناني ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن أنس ].
أنس مر ذكره.
ولا يضر تدليس مبارك بن فضالة ، وقد صححه الشيخ الألباني ، لكن لا أدري هل صححه بسبب وجود شواهد أو لشيء آخر.
والشيخ الألباني ضعف إسناد الحديث الذي قبله: (يا
وسند الحديث فيه شريك عن الأعمش عن مجاهد عن عائشة ، وكلهم لا بأس بهم ما عدا شريكاً ففيه كلام.
حدثنا القعنبي عن مالك عن ابن شهاب عن سالم بن عبد الله عن ابن عمر : (أن النبي صلى الله عليه وسلم مر على رجل من الأنصار وهو يعظ أخاه في الحياء، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: دعه فإن الحياء من الإيمان) ].
أورد أبو داود هذه الترجمة: [ باب في الحياء ].
والحياء خصلة كريمة تدفع إلى البعد عن الرذائل وإلى فعل الخصال الحميدة، وهذا هو الحياء المحمود.
أما الحياء الذي هو خجل وضعف، فهو غير محمود، مثل الحياء الذي يمنع الإنسان من طلب العلم، فهذا ضعف وليس حياء، وهو غير محمود، وإنما المحمود هو الذي يدفع إلى ترك الأشياء المنكرة والمستكرهة حياء من الله عز وجل، وهو الذي يعد من الإيمان، والنبي صلى الله عليه وسلم قال للذي كان يعظ أخاه في الحياء: (دعه فإن الحياء من الإيمان)، والحياء شعبة من شعب الإيمان كما جاء في الحديث الآخر: (الإيمان بضع وستون شعبة -أو بضع وسبعون شعبة- أعلاها قول لا إله إلا الله، وأدناها إماطة الأذى عن الطريق، والحياء شعبة من الإيمان).
مر ذكر الثلاثة الأولين، وأما سالم فهو ابن عبد الله بن عمر بن الخطاب ، وهو ثقة فقيه، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن ابن عمر ].
هو عبد الله بن عمر رضي الله تعالى عنهما، وهو الصحابي الجليل، أحد العبادلة الأربعة من الصحابة، وأحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم.
أورد أبو داود حديث عمران بن حصين رضي الله تعالى عنهما: أنه كان في مجلس وفيه بشير بن كعب ، فحدث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: (الحياء كله خير) أو (الحياء خير كله) يعني: الحياء المحمود، والحياء الشرعي الذي يمنع من الوقوع في المحرمات، ويبعث على الإتيان بالأمور المشروعة، والأمور المطلوبة، فقال بشير : إنا نجد في الكتب أن منه سكينة ووقاراً، وأن منه ضعفاً، فأعاد عمران بن حصين الحديث قال: (الحياء خير كله) يعني: أنه كله خير لا يستثنى منه شيء، فأعاد بشير الكلام الذي قاله، وهو تقسيم الحياء إلى قسمين كما ينسبه إلى بعض الكتب، فقال عمران : أحدثك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وتحدثني عن كتبك؟!
قيل: إن إنكاره لكونه يقابل حديث الرسول صلى الله عليه وسلم بكلام آخر من أخبار الأولين ومن أخبار بني إسرائيل، أو من الكتب المتقدمة التي تحكي مثل هذه الأمور، فأنكر عليه ذلك.
وقيل: إنه أنكره من أجل أنه قال: إن فيه ضعفاً، وقد قال: (الحياء خير كله) وهذا يدل على أنه لا استثناء فيه، وأنه كله خير، بينما بشير قسمه إلى ما يكون سكينة ووقاراً، وما يكون ضعفاً.
ويمكن أن يكون إنكاره عليه من أجل الاثنين؛ لأن الضعف ليس من الحياء الشرعي، فالحياء الذي يحول بين صاحبه وبين تحصيل أمر مقصود يعود عليه بالمنفعة والفائدة الكبيرة، ليس من الحياء الشرعي، وإنما هذا من الخور ومن الضعف وعدم الشجاعة.
قوله: [ يا أبا نجيد إيه إيه ].
يعني: يكفي، وقد أبلغت وأديت ما عليك بكونك نبهته.
وقيل: إنهم قالوا: إنا ما نعلم عنه إلا خيراً، يعنون بشير بن كعب.
سليمان بن حرب ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ حدثنا حماد ].
هو حماد بن زيد وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن إسحاق بن سويد ].
إسحاق بن سويد صدوق، أخرج له البخاري ومسلم وأبو داود والنسائي .
[ عن أبي قتادة ].
هو تميم بن نذير العدوي ، وهو ثقة، وقيل: له صحبة، أخرج له مسلم وأبو داود والنسائي.
[ كنا مع عمران بن حصين ].
هو عمران بن حصين رضي الله عنه صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكنيته: أبو نجيد ، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
أورد أبو داود حديث أبي مسعود عقبة بن عمرو الأنصاري البدري رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إن مما أدرك الناس من كلام النبوة الأولى: إذا لم تستح فافعل ما شئت).
ومعناه: أن الإنسان إذا لم يكن عنده حياء فإنه يفعل ما يشاء؛ لأنه ما عنده وازع، ولا عنده شيء يمنعه، والإنسان إذا كان عنده حياء فإنه يمنعه من أن يقدم على أمور محرمة وأمور لا تنبغي.
قوله: [ (إن مما أدرك الناس من كلام النبوة الأولى) ] يعني: أن هذا الكلام مما جاء عند الأنبياء السابقين، وأن الحياء مما جاء عند الرسل وعند الأمم، وأن الحياء محمود، وأنه كان موجوداً في الأمم السابقة، فهو مما أدركه الناس من كلام النبوة الأولى.
قوله: [ (فاصنع ما شئت) ] إما: أن يكون معناه: افعل ما شئت؛ لأنك ليس عندك مانع، وليس عندك رادع من الحياء.
وقيل: إنه على سبيل التهكم، وليس المقصود أنه يفعل.
وهذا من جوامع كلمه عليه الصلاة والسلام؛ ولهذا أورده النووي في الأربعين النووية، واختاره من بين الأحاديث التي اختارها، وهي من جوامع كلم الرسول صلوات الله وسلامه وبركاته عليه.
شعبة هو شعبة بن الحجاج الواسطي ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن منصور ].
هو منصور بن المعتمر الكوفي ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن ربعي بن حراش ].
ربعي بن حراش ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن أبي مسعود ].
هو عقبة بن عمرو الأنصاري رضي الله تعالى عنه، وهو صحابي، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
الجواب: لا، ليس هذا مما يدخل تحت الحديث، والإنسان لا يبحث في كلام العلماء ويختار الذي تميل إليه نفسه ويشتهيه، وإنما عليه إذا كان عنده علم ومعرفة أن يبحث حتى يصل إلى الراجح، وإذا لم يكن عنده علم ومعرفة فإنه يسأل شخصاً يثق بعلمه ودينه، ثم يأخذ بكلامه، ولا يستفتي أناساً متعددين من أجل أن يتخير في الفتاوى التي يحصلها من هذا وهذا، فيبحث عن الشيء الذي يعتبر أيسر.
الجواب: نعم، إذا كانوا عندهم بذاءة، وشر وكان يخشى منهم فيمكن، ولكن إذا كانوا ليسوا بهذه الصورة، وليسوا بهذه الصفة، وكانوا مأموني الجانب، فعليه أن يناصحهم فيما يرى أنهم مخطئون فيه.
الجواب: الإنسان فيما يتعلق بالمتقدمين والذين سلفوا ليس عنده إلا كلام العلماء فيهم، وأما فيمن تأخر فهذا يتوقف على ما يكتبه هذا الشخص من أنواع الفحش وأنواع البدع، والتفنن فيها، والإكثار منها، فكل شيء بحسبه، وكل شيء بقدره، فإذا كان عنده أمور من هذا فهو يبين حاله، وأنه عنده بدع في كذا وفي كذا، وأنه عنده ضلال في كذا وفي كذا، ويعدد البدع من أجل أن تحذر وتعلم.
وأما إذا كان من أهل السنة وحصل منه أخطاء فإن الذي ينبغي مناصحته ليرجع عن خطئه، ويبين له وجه الصواب في ذلك، ولا ينابذ أو يبالغ في النكير عليه، بل الواجب العدل والتوسط في الأمور، والإنسان الذي عنده نقص وهو من أهل السنة يسدد ويبين له نقصه، ويطلب منه الرجوع عن ذلك، وقد يكون قال شيئاً من هذه الأشياء بسبق لسان، أو حصل منه وهو ذاهل عنه، ولو نبه عليه لتنبه.
وأحوال الناس عند الكلام تختلف كما هو معلوم؛ لأن الإنسان قد يصدر منه كلام -لاسيما إذا كان يتكلم وليس الكلام محرراً- لم يكن على باله، ويكون مخطئا فيه غير مصيب، ولكنه لو نبه عليه لتنبه، ولو ذكر لتذكر بأن هذا غلط، وبادر إلى تلافيه وتداركه.
الجواب: لا، كون الإنسان يريد الشر ولا يفعله حتى لا يذمه الناس معناه أن عنده طوية خبيثه، وأنه إذا تمكن من أن يصل إلى الشر والناس لا يرونه فلن يقصر عنه؛ لأنه يخشى الناس، وعليه أن يخشى الله سبحانه وتعالى الذي هو مطلع عليه ورقيب عليه، والذي بيده كل شيء، وهو الذي بيده الثواب والعقاب، ولا شك إن الإنسان لابد أن يكون عنده حياء من الله وحياء من الناس، ولا يكون شأنه أنه إذا سلم من كلام الناس لا يبالي، بل هناك شيء أعظم من هذا وهو اطلاع الله عز وجل عليه، ومراقبته له، فعليه أن يكون متقياً لله عز وجل في جميع أحواله، وأن يترك الشر من أجل أنه شر، طاعة لله عز وجل ورغبة في الثواب من الله سبحانه وتعالى.
الجواب: لا شك أن الحياء يمنع من الكلام الفاحش.
الجواب: جاء النهي عن التزعفر والتعصفر، أي: استعمال الزعفران والعصفر فيما يتعلق باللباس أو الطيب.
الجواب: إذا كان تاركاً للصلاة ولا يصلي أبداً، فلا تعتمر عنه؛ لأن من لا يصلي كافر كما قال عليه الصلاة والسلام: (العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة، فمن تركها فقد كفر) وقال: (بين المسلم وبين الكفر أو الشرك ترك الصلاة) وقال في حق الأمراء الذين سئل صلى الله عليه وسلم عن الخروج عليهم فقال: (لا، ما صلوا).
الجواب: إذا كان من أهل السنة، وقد اشتهر بهذا اللقب، وعلمه عظيم، ونفعه كثير، فلا بأس بإطلاقه؛ لأنه من أئمة أهل السنة، وأخطاؤه تكون مغمورة في جنب صوابه وخيره وعظيم نفعه.
الجواب: إذا كان الضعف يسيراً محتملاً يتقوى، فالشواهد إذا كانت قريبة منه فإنه يشد بعضها بعضاً، ويكون الحديث حسناً لغيره، هذا إذا كان متوقفاً فيه، أما إذا كان حسناً لذاته، ثم جاءت أسانيد أخرى تقويه، فإنه ينتقل من كونه حسناً لذاته إلى كونه صحيحاً لغيره، لأنه ثابت بالطريق التي هو منها حسن، ورجاله لا يقل الواحد منهم عن أن يكون صدوقاً، وأما إذا كان الضعف فيه بسبب جهالة أحد رواته أو كونه مستور الحال أو سيئ الحفظ، ثم جاء شيء مثله يقويه، فهذا يضم بعضه إلى بعض فيكون حسناً لغيره؛ لأنه متوقف فيه، ولا يعول عليه بمجرد المجيء به من طريق واحد، ولكن جاءت طرق متعددة يشد بعضها بعضاً، فيرتفع من كونه متوقفاً فيه إلى كونه حسناً لغيره.
الجواب: إذا كان المقصود به أن الفأل من الله، فلا بأس.
الجواب: إذا وجد الإنسان غيرهم ممن هو من أهل السنة فلا يعدل عنه إليهم، وأما إذا لم يجد إلا هؤلاء ويؤمن عليه فيما يتعلق بالعقيدة، وإنما يكون أخذه عنهم في الأمور التي يتقنونها، ولا يخشى عليه الضرر في العقيدة، ولا يتكلمون في العقيدة، ولا مجال للكلام فيها ودعت الحال إلى ذلك، فلا بأس.
الجواب: الانتهاء بالدعاء ممكن؛ فالناس عندما يجتمعون في مجلس أو في قراءة قرآن ويدعون في الآخر لا بأس بذلك، لكن كونهم يبدءون المجلس بالدعاء ثم يقرءون فما أعلم شيئاً في هذا، ولكن كون الدعاء يصير في النهاية هو المناسب.
الجواب: عليها أن تصلي هذه الأيام التي تركتها، ولكن ليس كما يفعله بعض الناس إذا كان عليه صلوات فائته يذهب يقضي العصر مع العصر، والمغرب مع المغرب، والعشاء مع العشاء، والفجر مع الفجر وهكذا، وإنما يقضيها متصلة كل يوم بصلواته، ثم ينتقل إلى اليوم الثاني بصلواته، ثم اليوم الثالث بصلواته ما لم يجد تعباً ومشقة، فإذا احتاج إلى راحة فيستريح ولا بأس، وأما أن يؤخر القضاء فيصلي الصلاة مع الصلاة فهذا غير صحيح؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (من نام عن صلاة ونسيها فليصلها إذا ذكرها لا كفارة لها إلا ذلك).
الجواب: ليس هذا على إطلاقه، نعم الخلاف في الفروع والأمور التي هي محل اجتهاد موجود من قديم الزمان، فقد اختلف الصحابة واختلف من بعدهم، واختلافهم لا يترتب عليه شيء من التباغض أو التنافر، وإنما هي مسألة تتبع الدليل وتتبع الفهم في الدليل، ووضوح الدليل وعدم وضوحه، أو صحته وعدم صحته، أو ثبوته وعدم ثبوته.
وأما فيما يتعلق بالعقائد فلا يقال: الخلاف فيها لا يفرقنا، وإلا فما الفرق بين أهل السنة والمبتدعة؟ ما الفرق بين الفرقة الناجية التي قال عنها صلى الله عليه وسلم: (هي الجماعة) وقال: (من كان على ما أنا عليه وأصحابي) والفرق الأخرى التي أخبر النبي أنها من أهل النار، وأخبر أنهم كلهم سواء لا فرق بين هذا وهذا؟
إن هناك فرقاً شاسعاً بين أهل السنة وغيرهم، وأهل الفرق أيضاً متفاوتون، ففيهم القريب وفيهم البعيد، وفيهم من هو أشد سوءاً، وفيهم من هو أخف، والكل مخالفون لأهل السنة.
الجواب: اذهب إليهم في الأوقات التي لا يستعملون فيها التلفاز، إذا كان هناك أوقات لا يستعملون فيها التلفاز.
وهم أيضاً ينبغي عليهم من حسن المعاشرة ومن الأدب ألا يواجهوا الإنسان بما يكره أو يجعلوا عنده الشيء الذي يكرهه، وعليه أن يناصحهم إذا كانوا قد ابتلوا به، أو على الأقل ألا يستعملوه إلا فيما ينفع.
من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر