حدثنا عثمان بن أبي شيبة حدثنا أبو أسامة حدثنا بريد بن عبد الله عن جده أبي بردة عن أبي موسى رضي الله عنه قال: (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا بعث أحداً من أصحابه في بعض أمره قال: بشروا ولا تنفروا، ويسروا ولا تعسروا) ].
أورد الإمام أبو داود السجستاني رحمه الله تعالى هذه الترجمة بعنوان: باب في كراهية المراء.
والمراء: هو الجدال، والجدال يؤدي إلى التشاحن، وإلى كلام لا ينبغي، وأما المجادلة بالتي هي أحسن للوصول إلى الحق، فإن هذا سائغ ولا بأس به.
وقد أورد أبو داود حديث أبي موسى الأشعري رضي الله تعالى عنه: (أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا بعث أحداً في بعض أمره) أي: في أمر من الأمور من أجل الدعوة إلى الله عز وجل، أو من أجل القيام بعمل يقوم به بأمر من النبي صلى الله عليه وسلم، فإنه يوصيه بهذه الوصية فيقول: (بشروا ولا تنفروا) أي: بشروا بهذا الدين، وبتعاليمه والخير، وبما فيه من الهدى، ولا تنفروا عن الدين.
وقوله: (ويسروا) من التيسير وعدم التعسير، وقوله: (ولا تعسروا)، التعسير هو ضد التيسير، فيكون الإنسان في أعماله ميسراً غير معسر.
وإيراد الحديث تحت الترجمة التي هي: كراهية المراء؛ لأن التبشير والدعوة إلى الله عز وجل تكون بالحكمة، والحرص على إيصال الخير، وبيان أن هذا هو الطريق الصحيح والمسلك الصحيح، وليس بالمراء والجدال الذي يؤدي إلى الخصام والتشاحن، ويؤدي إلى العداوة والبغضاء، فلعل إيراد الحديث تحت هذه الترجمة هو من هذه الناحية، وهو أن التبشير وعدم التنفير هو الذي ينبغي عند الدعوة إلى الله عز وجل بالحكمة، وأما إذا كان هناك مراء وجدال ومخاصمة فإنه يترتب على ذلك الوحشة وتنافر القلوب.
عثمان بن أبي شيبة ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا الترمذي والنسائي فقد أخرج له في عمل اليوم والليلة.
[ حدثنا أبو أسامة ].
هو حماد بن أسامة ، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة، وهو ممن وافقت كنيته اسم أبيه، وهذا نوع من أنواع علوم الحديث، وفائدة معرفته: ألا يظن التصحيف فيما لو ذكر بكنيته مع اسمه في بعض الأحيان، ثم ذكر بنسبته، أي: باسم أبيه، فلا يظن أن هناك تصحيفاً إذا قيل: حماد بن أسامة ، أو قيل: حماد أبو أسامة ، فكل ذلك صحيح، ولا فرق بين هذا وهذا؛ لأنه هو حماد بن أسامة ، وهو حماد أبو أسامة ، فإذا ذكر بكنيته مع اسمه، أو ذكر بنسبته إلى أبيه مع اسمه، فهو شخص واحد، وفائدة معرفة ذلك ألا يظن التصحيف؛ لأن من لا يعرفه إلا بـابن أسامة إذا جاء حماد أبو أسامة يظن أن (أبو) مصحفة عن (ابن)، فهذا نوع من أنواع علوم الحديث، وهو يأتي في كثير من الرواة الذين تطابق كناهم أسماء آبائهم.
[ حدثنا بريد بن عبد الله ].
هو بريد بن عبد الله بن أبي بردة بن أبي موسى، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن جده أبي بردة ].
جده هو أبو بردة بن أبي موسى، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن أبي موسى ].
هو أبو موسى الأشعري رضي الله عنه صاحب رسول الله عليه الصلاة والسلام، واسمه عبد الله بن قيس ، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
أورد أبو داود حديث السائب بن أبي السائب المخزومي ، وكان شريكاً للنبي صلى الله عليه وسلم قبل البعثة، وأنه جاء إليه وقد أسلم، فجعلوا يثنون على السائب ، فقال الرسول صلى الله عليه وسلم: (أنا أعلمكم به)؛ لأنه كان شريكه، فقال السائب : (صدقت بأبي أنت وأمي، كنت شريكي فنعم الشريك، كنت لا تماري ولا تداري)، وهذا وصف للرسول صلى الله عليه وسلم في معاملته إياه، فإنه كان شريكه قبل البعثة، فوصفه السائب بهذا الوصف: أنه نعم الشريك، وكان لا يماري، أي: لا يخاصم وينازع ويجادل، ولا يداري، أي: لا يخالف ولا يمانع، فهو سائغ، وأخلاقه حسنة، وليس من النوع الذي يخالف ويمانع مع شريكه، وإنما كان سهلاً وصاحب خلق كريم، وهذا يدل على حسن أخلاقه صلى الله عليه وسلم قبل البعثة وبعدها، فكان قبل أن يبعثه الله عز وجل على الأخلاق الكريمة وعلى الصفات الحميدة، وهذا من فضل الله عز وجل، إذ جعل نبيه صلى الله عليه وسلم على هذه الصفة التي كانوا يعرفونه بها قبل أن يبعثه الله عز وجل، وما حصل منهم بعد بعثته من العداء له-أي: من الكفار- إنما كان حسداً، وإنما كان اتباعاً لما كان عليه الآباء والأجداد، وإلا فإنه ما كان معروفاً عندهم إلا بالصدق والأمانة، وبالصفات الحميدة، والأخلاق الكريمة، فصلوات الله وسلامه وبركاته عليه.
وقوله: [ عن السائب قال: (أتيت النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم فجعلوا يثنون علي).
جاء في بعض الروايات أنه جاء عام الفتح، فجعلوا يثنون على السائب، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: (أنا أعلمكم به) أي: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان شريكاً له قبل البعثة، فقال السائب : (نعم بأبي أنت وأمي)، وهذا ليس قسماً، وإنما هو فداء، أي: أنت مفدي بأبي وأمي، أو أفديك بأبي وأمي، وهذه كلمة تقال كثيراً يقولها الصحابة وغير الصحابة، فإنهم كانوا يقولون في حق النبي صلى الله عليه وسلم: فداه أبي وأمي، أو بأبي هو وأمي، أي: هو مفدي، وهذه كلمة تقال في تعظيمه صلى الله عليه وسلم، واحترامه وتوقيره، فهو مفدي بالآباء والأمهات؛ لأن فضله أعظم من فضل الآباء والأمهات على الناس، وذلك أن الله عز وجل ساق على يديه أعظم نعمة، وأجل نعمة، وهي نعمة الإسلام، ومعلوم أن نعمة الإسلام هي أجل النعم، وأعظمها، والأبوان لهما حقوق على الولد، وقد قاما بتنشئته وتربيته، وتعبا عليه حتى بلغ مبلغ الرجال، ولكن ما قام به الأبوان ليس شيئاً بالنسبة إلى ما حل بالمسلم بسبب النبي صلى الله عليه وسلم من الهداية التي ساقها الله للمسلمين على يديه؛ ولهذا جاء في الحديث: (لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من ولده ووالده والناس أجمعين) فصلوات الله وسلامه وبركاته عليه.
ثم إن السائب ذكر صفة النبي صلى الله عليه وسلم التي عرفها عنه بسبب المخالطة والمشاركة؛ لأنه كان شريكه فقال له: (إنك نعم الشريك، كنت لا تماري ولا تداري).
هو مسدد بن مسرهد البصري، وهو ثقة، أخرج له البخاري وأبو داود والترمذي والنسائي .
[ حدثنا يحيى ].
هو يحيى بن سعيد القطان البصري، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن سفيان ].
هو سفيان بن سعيد بن مسروق الثوري، وهو ثقة فقيه، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن إبراهيم بن المهاجر ].
إبراهيم بن المهاجر صدوق لين الحفظ، أخرج له مسلم وأصحاب السنن.
[ عن مجاهد ].
هو مجاهد بن جبر المكي، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن قائد السائب ].
قائد السائب لا يعرف اسمه، ولا حاله.
[ عن السائب ].
هو السائب بن أبي السائب، وهو صحابي أخرج له أبو داود والنسائي وابن ماجة .
والحديث في إسناده قائد السائب وهو الذي ذكر بلقبه، ولم يذكر باسمه، ولا يعرف حاله، والألباني صححه، ولعله باعتبار أنه جاء مجاهد أنه كان يرويه عن السائب نفسه، فالحديث جاء عن عن قائد السائب عن السائب، وجاء من طريق أخرى عن السائب نفسه، وإلا فإن الرجل الذي يروي عن السائب في هذه الطريق مبهم لا يعرف اسمه ولا حاله، وبعض أهل العلم تكلم فيه من جهة أن أكثر الأسانيد فيها قائد السائب عن السائب نفسه، والألباني صححه، ولعله من أجل أن مجاهداً رواه عن السائب نفسه.
وقال الحافظ في ترجمة السائب في التقريب: وفي إسناد الحديث اضطراب. أي: من ناحية أنه جاء بطرق معتددة، بعضها فيه ذكر مجاهد عن هذا، وبعضها السائب عن كذا، وهناك أيضاً ألفاظ أخرى، والحافظ في البلوغ ذكر من رواه، ولم يتكلم عليه بشيء، وإنما قال: رواه الإمام أحمد وأبو داود وابن ماجة .
حدثنا عبد العزيز بن يحيى الحراني حدثنا محمد -يعني ابن سلمة - عن محمد بن إسحاق عن يعقوب بن عتبة عن عمر بن عبد العزيز عن يوسف بن عبد الله بن سلام عن أبيه رضي الله عنه قال: (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا جلس يتحدث يكثر أن يرفع طرفه إلى السماء) ].
أورد أبو داود هذه الترجمة وهي: باب الهدي في الكلام، أي: الذي ينبغي أن يكون عليه الإنسان في كلامه، في صفة كلامه وهيئته، هذا هو المقصود بالترجمة.
وقد أورد حديث عبد الله بن سلام رضي الله تعالى عنه: (أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا جلس يتحدث يكثر أن يرفع طرفه إلى السماء)، وهذا بيان للهيئة التي يكون عليها حين الكلام، فهيئته وهديه أنه كان حين يتكلم يكثر أن يرفع رأسه إلى السماء، ولكن الحديث فيه ضعف من جهة ابن إسحاق، فقد رواه بالعنعنة، وهو مدلس، وإذا روى بالعنعنة فإنه لا يعول على روايته، وهو لم يعب عليه إلا التدليس، فهو إذا ثبت تصريحه بالسماع والتحديث فإنه يكون حديثه حسناً لذاته، ولكن إذا روى بالعنعنة فإن ذلك علة قادحة في روايته.
عبد العزيز بن يحيى الحراني صدوق ربما وهم، أخرج له أبو داود والنسائي .
هو محمد بن سلمة الحراني، وهو ثقة، أخرج حديثه البخاري في جزء القراءة ومسلم وأصحاب السنن، وهذا في طبقة شيوخ شيوخ أبي داود ، فإذا جاء محمد بن سلمة في طبقة شيوخ شيوخ أبي داود فالمراد به الحراني الباهلي ، وإذا جاء في طبقة شيوخه محمد بن سلمة فالمراد به المرادي المصري ، وهذا في طبقة شيوخ شيوخه، فهو الباهلي الحراني .
[ عن محمد بن إسحاق ].
هو محمد بن إسحاق المدني، وهو صدوق، أخرج حديثه البخاري تعليقاً ومسلم وأصحاب السنن.
[ عن يعقوب بن عتبة ].
يعقوب بن عتبة ثقة، أخرج له أبو داود والنسائي وابن ماجة .
[ عن عمر بن عبد العزيز ].
هو عمر بن عبد العزيز الخليفة المشهور ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن يوسف بن عبد الله بن سلام ].
يوسف بن عبد الله بن سلام اختلف في صحبته، فقيل: إنه صحابي صغير، وقيل: إنه ثقة، أخرج حديثه البخاري في الأدب المفرد وأصحاب السنن.
[ عن أبيه ].
أبوه هو عبد الله بن سلام رضي الله تعالى عنه، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
أورد أبو داود هذا الحديث عن جابر بن عبد الله رضي الله تعالى عنهما قال: (كان في كلام النبي صلى الله عليه وسلم ترتيل أو ترسيل) والترسيل : هو الترتيل، أي: كان كلامه كان يخرج مرتلاً، لا بسرعة، ولا ببطء شديد، وإنما كان كلامه ترتيلاً أو ترسيلاً، وهما بمعنى واحد، وكلمة (أو) هنا هي للشك، هل قال: ترتيل أو قال: ترسيل، ومعناهما واحد، والمقصود: أن كلامه كان يخرج مرتلاً ليس بسرعة، بحيث يفوت منه شيء، وإنما هو كلام مفهوم ويتمكن من تلقيه وتحمله وأخذه؛ لأنه كان عليه الصلاة والسلام يأتي به بهذه الهيئة وبهذه الصفة.
هو محمد بن العلاء بن كريب أبو كريب، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ حدثنا محمد بن بشر ].
هو محمد بن بشر، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن مسعر ].
مسعر بن كدام ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ قال: سمعت شيخاً في المسجد ].
هذا الشيخ مبهم.
[ يقول: سمعت جابر بن عبد الله ].
هو جابر بن عبد الله الأنصاري رضي الله عنه، وهو صحابي جليل، وهو أحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم.
والحديث لا شك أن معناه صحيح، وهذه هي صفة كلامه وتكلمه صلى الله عليه وسلم، وأنه كان مرتلاً، ولكن الحديث فيه هذا الرجل المبهم الذي لم يسم، والألباني صحح الحديث، ولا أدري هل له شواهد أم لا، وأما من حيث المعنى فهو صحيح؛ لأنه جاء في الأحاديث ما يدل على أن هذا هو طريقة كلامه وقراءته صلى الله عليه وسلم.
أورد أبو داود حديث عائشة رضي الله عنها الذي تبين فيه صفة كلامه صلى الله عليه وسلم، وأنه كان كلاماً فصلاً، لا يدخل بعضه في بعض، وأنما يفهمه كل من سمعه؛ لوضوحه وجلائه، وتفصيله إياه، فكان كلامه صلوات الله وسلامه وبركاته عليه مفصلاً، أي: مبيناً واضحاً جلياً، يفهمه كل من سمعه صلوات الله وسلامه وبركاته عليه، وهذا الحديث هو بمعنى ما تقدم في الحديث السابق أنه كان في كلامه ترتيل أو ترسيل.
عثمان مر ذكره، وأبو بكر هو عبد الله بن محمد ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا الترمذي .
[ قالا: حدثنا وكيع ].
هو وكيع بن الجراح الرؤاسي الكوفي، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن سفيان ].
هو الثوري ، وقد مر ذكره، وإذا جاء وكيع يروي عن سفيان غير منسوب، فإن المراد به سفيان الثوري .
[ عن أسامة ].
هو أسامة بن زيد الليثي، وهو صدوق يهم، أخرج له البخاري تعليقاً ومسلم وأصحاب السنن.
[ عن الزهري ].
هو محمد بن مسلم بن عبيد الله بن شهاب الزهري، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن عروة ].
هو عروة بن الزبير بن العوام، وهو ثقة فقيه، أحد فقهاء المدينة السبعة في عصر التابعين، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
والفقهاء السبعة في عصر التابعين هم: عروة بن الزبير وسعيد بن المسيب وخارجة بن زيد بن ثابت وسليمان بن يسار وعبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود والقاسم بن محمد بن أبي بكر الصديق ، هؤلاء الستة متفق على عدهم من الفقهاء السبعة، والسابع فيه ثلاثة أقوال: فقيل: هو سالم بن عبد الله بن عمر بن الخطاب ، وقيل: هو أبو بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام ، وقيل: هو أبو سلمة بن عبد الرحمن بن عوف ، فستة متفق على عدهم في الفقهاء السبعة في عصر التابعين في المدينة، والسابع فيه خلاف على ثلاثة أقوال، وعروة بن الزبير هو أحد الستة المتفق على عدهم في الفقهاء السبعة، وقد ذكرهم ابن القيم في أول كتابه إعلام الموقعين، وجعل السابع منهم أبا بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام، وذكر بيتين من الشعر يجمعهما فقال:
إذا قيل من في العلم سبعة أبحر
روايتهم ليست عن العلم خارجة
فقل هم عبيد الله عروة قاسم
سعيد أبو بكر سليمان خارجة
[ عن عائشة ].
عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها وأرضاها الصديقة بنت الصديق ، وهي واحدة من سبعة أشخاص عرفوا بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم.
أورد أبو داود حديث أبي هريرة رضي الله عنه: (كل كلام لا يبدأ فيه بالحمد لله فهو أجذم) أي: أنه كاليد الجذماء، أي: المقطوعة أو التي أصابها جذام، فلا فائدة فيها، ولا يستفيد صاحبها منها، وهذا يتعلق بالهدي في الكلام، أي: أنه يبدأ فيه بحمد الله عز وجل، ومعلوم أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يبدأ خطبه بالحمد لله عز وجل، والفاتحة بدأت بالحمد: الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ [الفاتحة:2]، وبعض سور القرآن بدأت بالحمد لله.
والحديث اختلف فيه، فمنهم من حسنه، ومنهم من ضعفه، والألباني ممن ضعفه.
هو أبو توبة الربيع بن نافع الحلبي، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا الترمذي .
[ قال: زعم الوليد ].
(زعم) هنا بمعنى الخبر المحقق؛ لأن (زعم) تأتي في الخبر المحقق، وتأتي للذم، فإذا قيل: زعم فلان كذا وكذا في باب الذم، فالمراد أنه من الزعم الباطل، وهنا المقصود بها الخبر المحقق؛ لأنها تأتي في أحاديث وتأتي في أسانيد الحديث بهذا المعنى الذي هو الخبر المحقق.
والوليد بن مسلم الدمشقي ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن الأوزاعي ].
هو عبد الرحمن بن عمرو أبو عمرو الأوزاعي، فقيه الشام ومحدثها، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
[ عن قرة ].
هو قرة بن عبد الرحمن، وهو صدوق له مناكير، أخرج حديثه مسلم وأصحاب السنن.
الزهري قد مر ذكره، وأبو سلمة بن عبد الرحمن بن عوف ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة، وهو أحد الثلاثة الذين اختلف في عدهم من الفقهاء السبعة.
[ عن أبي هريرة ].
هو أبو هريرة عبد الرحمن بن صخر الدوسي رضي الله عنه صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأكثر أصحابه حديثاً.
والذين تكلموا في هذا الحديث تكلموا فيه من جهة قرة بن عبد الرحمن .
يعني: أن هؤلاء خالفوا قرة وقرة خالفهم، فهؤلاء -وهم ثقات أثبات- خالفوه فرووه مرسلاً، وأما هو فرواه متصلاً، أي: أنه ذكر أبا سلمة وأبا هريرة بين الزهري وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأما هؤلاء فرروا أن الزهري أضافه إلى الرسول صلى الله عليه وسلم، والزهري من صغار التابعين، فهؤلاء رووه مرسلاً. وقرة رواه متصلاً، وهو صدوق له مناكير، وأولئك ثقات.
هو يونس بن يزيد الأيلي ، وهو من المكثرين عن الزهري ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ وعقيل ].
هو عقيل بن خالد بن عقيل المصري ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ وشعيب ].
هو شعيب بن أبي حمزة الحمصي، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ وسعيد بن عبد العزيز ].
هو سعيد بن عبد العزيز الدمشقي ، وهو ثقة، أخرج له البخاري في الأدب المفرد ومسلم وأصحاب السنن.
حدثنا مسدد وموسى بن إسماعيل قالا: حدثنا عبد الواحد بن زياد حدثنا عاصم بن كليب عن أبيه عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال (كل خطبة ليس فيها تشهد فهي كاليد الجذماء) ].
أورد أبو داود هذه الترجمة بعنوان: باب في الخطبة، أي: الهدي في الخطبة، وما ينبغي أن يكون فيها، وقد أورد أبو داود حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال (كل خطبة ليس فيها تشهد فهي كاليد الجذماء)، والمقصود بالتشهد: أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمداً رسول الله، أو أشهد أن محمداً عبده ورسوله صلى الله عليه وسلم، وهذا يدل على أن الخطب لابد فيها من ذكر الشهادتين: الشهادة لله بالإلوهية والوحدانية، ولنبيه محمد صلى الله عليه وسلم بالرسالة، وكذلك أيضاً لابد أن تبدأ بالحمد؛ فإن هديه صلى الله عليه وسلم أنه كان يبدأ خطبه بالحمد.
هو موسى بن إسماعيل التبوذكي البصري، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ قالا: حدثنا عبد الواحد بن زياد ].
عبد الواحد بن زياد ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ حدثنا عاصم بن كليب ].
عاصم بن كليب صدوق، أخرج له البخاري تعليقاً ومسلم وأصحاب السن.
[ عن أبيه ].
أبوه هو كليب بن شهاب ، وهو صدوق، أخرج حديثه البخاري في رفع اليدين وأصحاب السنن.
[ عن أبي هريرة ].
أبو هريرة رضي الله عنه قد مر ذكره.
حدثنا يحيى بن إسماعيل وابن أبي خلف أن يحيى بن اليمان أخبرهم عن سفيان عن حبيب بن أبي ثابت عن ميمون بن أبي شبيب أن عائشة رضي الله عنها مر بها سائل فأعطته كسرة، ومر بها رجل عليه ثياب وهيئة فأقعدته فأكل، فقيل لها في ذلك، فقالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (أنزلوا الناس منازلهم) .
قال أبو داود : وحديث يحيى مختصر.
قال أبو داود : ميمون لم يدرك عائشة ].
أورد أبو داود هذه الترجمة وهي: تنزيل الناس منازلهم، أي: أن كلاً ينزل منزلته التي تناسبه، فليس الناس كلهم على حد سواء، فمن الناس من يكون له شأن ومنزلة، سواء في العلم أو في غيره، فينزل المنزلة التي تليق به، وليس هو مثل سائر الناس، فكل يعامل بما يستحقه، وينزل المنزلة التي يستحقها.
وقد أورد أبو داود حديث عائشة رضي الله عنها أنه جاءها رجل سائل فأعطته كسرة، وجاء آخر عليه هيئة جميلة فأقعدته وأكل، فقيل لها في ذلك، أي: كيف ميزت بين هذا وهذا؟ فقالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (أنزلوا الناس منازلهم) ، فهي أنزلت كلاً منزلته، لكن هذا الحديث غير صحيح، فلم يثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ لأن فيه ميمون بن أبي شبيب وروايته عن عائشة مرسلة؛ كما قال أبو داود : ميمون لم يدرك عائشة . وهذا معناه: أن روايته عنها مرسلة، ففي الحديث انقطاع، وقد قيل فيه: هو معروف بالإرسال، والحديث أيضاً في إسناده حبيب بن أبي ثابت وهو كثير التدليس والإرسال، وقد روى بالعنعنة، فالحديث فيه علل متعددة.
والإمام مسلم ذكر هذا الحديث في كتابه في المقدمة معلقاً فقال: وذكر عن عائشة أنها قالت: (أمرنا رسول الله أن ننزل الناس منازلهم) . ولم يذكره مسنداً، وإنما ذكره معلقاً بهذا الصيغة (ذكر)، ولكن معناه صحيح؛ إذ لا شك أن الناس ينزلون منازلهم، وليسوا كلهم بمنزلة واحدة، وهذا لا إشكال فيه.
يحيى بن إسماعيل مقبول، أخرج له أبو داود .
[ وابن أبي خلف ].
هو محمد بن أحمد، وهو ثقة أخرج له مسلم وأبو داود .
[ أن يحيى بن اليمان أخبرهم ].
يحيى بن اليمان صدوق يخطئ كثيراً، أخرج له البخاري في الأدب المفرد ومسلم وأصحاب السنن.
[ عن سفيان ].
هو الثوري وقد مر ذكره.
[ عن حبيب بن أبي ثابت ].
حبيب بن أبي ثابت ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة، وهو كثير التدليس والإرسال.
[ عن ميمون بن أبي شبيب ].
ميمون بن أبي شبيب صدوق، أخرج له البخاري في الأدب المفرد ومسلم في المقدمة وأصحاب السنن.
[ أن عائشة ].
عائشة رضي الله عنها قد مر ذكرها.
[ قال أبو داود : وحديث يحيى مختصر ] .
يعني: يحيى الذي هو الشيخ الأول.
أورد أبو داود حديث أبي موسى الأشعري رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: (إن من إجلال الله إكرام ذي الشيبة المسلم)، يعني: أنه إذا كان كبيراً يكرم ويحترم ويوقر لكبره، وقوله: (ذي الشيبة المسلم) أي: الذي قد شاب وصار من الكبار الذين تقدمت بهم السن، فإنه يكرم لسنه ولشيبته، (وحامل القرآن غير الغالي فيه والجافي عنه)، الغالي فيه: هو المتجاوز للحد، ويكون ذلك بالتكلف والتنطع، أن يتكلف في قراءته أو يتكلف في معانيه، وكذلك الجافي عنه الذي يهمله ويهجره ولا يبالي، فالغالي والجافي ضدان، الغالي في جانب الإفراط والجافي في جانب التفريط، فهذا مفرِط وهذا مفرَّط، فالغالي مفرط؛ لأنه متجاوز للحد، والجافي مفرَّط؛ لأنه متساهل ومتهاون وغافل وغير مقبل عليه، وغير مشتغل بقراءته.
وقوله: (وإكرام ذي السلطان المقسط) المقسط هو العادل؛ لأن الإقساط هو العدل، وأما القسط فهو الجور، وهما ضدان متقابلان: القاسط والمقسط، فالقاسط مذموم، والمقسط محمود، قال الله عز وجل: وَأَمَّا الْقَاسِطُونَ فَكَانُوا لِجَهَنَّمَ حَطَبًا [الجن:15] فالقاسطون هم الجائرون الظالمون، ويقابلهم المقسطون وهم العادلون.
إسحاق بن إبراهيم الصواف ثقة، أخرج له البخاري وأبو داود .
[ حدثنا عبد الله بن حمران ].
عبد الله بن حمران صدوق يخطئ قليلاً، أخرج له البخاري تعليقاً ومسلم وأبو داود والنسائي .
[ أخبرنا عوف بن أبي جميلة ].
هو عوف بن أبي جميلة الأعرابي ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن زياد بن مخراق ].
زياد بن مخراق ثقة، أخرج له البخاري في الأدب المفرد وأبو داود .
[ عن أبي كنانة ].
هو أبو كنانة القرشي ، وهو مجهول، أخرج له البخاري في الأدب المفرد وأبو داود .
[ عن أبي موسى الأشعري ].
أبو موسى الأشعري رضي الله عنه صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقد مر ذكره.
والحديث فيه هذا الرجل المجهول، وقد حسنه الألباني ، ولا أدري ما وجه تحسينه، ولعله جاء من طريق غير هذا الطريق، أما هذا الطريق ففيه هذا المجهول، وفي ترجمته في تهذيب التهذيب ما زاد على أن قال: قال عنه ابن القطان : مجهول، ولم يذكر أقوالاً أخرى فيه.
الجواب: التكلف في قراءة القرآن يكون بزيادة الحد في تجويده وفي تمطيطه، وأن يأتي به الإنسان على وجه متكلف.
الجواب: فيه تفصيل: ففي المواضع التي ورد فيها باسم الله، مثل عند الذبح، فإنه لا يؤتى إلا بهذا المقدار، وأما المواضع التي ورد فيها بسم الله الرحمن الرحيم فإنه يؤتى بها، وهناك مواضع محتملة، كقوله عليه الصلاة والسلام: (يا غلام! سم الله) فإنها محتملة لأن يقول: باسم الله، وأن يقول: بسم الله الرحمن الرحيم، وأما الأشياء التي وردت مثل: باسم الله والله أكبر، فيما يتعلق بالذبح، فإنه لا يؤتى إلا بهذا المقدار، ولا تكمل البسملة، فلا يقال: بسم الله الرحمن الرحيم، والله أكبر .
وعند الأكل والشرب إذا قال: بسم الله الرحمن الرحيم فلا بأس بذلك، وإن قال: بسم الله فيكفي.
الجواب: لا يعتبر مفرطاً ولا جافياً، ولكن عليه أن يعتني بمعرفة المعاني، ويمكنه أن يدرك شيئاً من ذلك بأن يكون عنده القرآن مع تفسير الشيخ ابن سعدي رحمه الله، فإنه مطبوع في مجلد، القرآن في وسط الصفحة، والتفسير في الحواشي، وعبارات الشيخ ابن سعدي رحمة الله عليه عبارات واضحة جلية سلسة، والإنسان إذا كان معه المصحف الذي في حواشيه التفسير فإنه يرجع إليه ويقف عنده ويجد الفائدة بنفس الصفحة التي يقرأ فيها، وهذا سهل ميسور بحمد الله لمن يريد الفائدة، وقد أنعم الله عليه بحفظ القرآن، فيشكر الله عز وجل على هذه النعمة، ويحافظ عليها، وفي نفس الوقت أيضاً يحرص على أن يتفقه، وأن يتدبر القرآن، وذلك بالرجوع إلى كلام المفسرين المعتبرين في التفسير، ومن أيسرها وأوضحها وأسهلها هذا التفسير الذي أشرت إليه، الذي يفهمه كل أحد: العوام والخواص؛ لأنه عبارات سلسة واضحة جلية، ليس فيها تعقيد ولا غموض، ولا ذكر أقوال، ولا ذكر اختلافات، ولا قال فلان كذا، ولا قال فلان كذا، وإنما يذكر التفسير بعبارات واضحة جلية.
الجواب: لا أعرف هذا إلا في حق الرسول صلى الله عليه وسلم، فهو الذي يأتي ذكر تفديته بالأب والأم، ومعلوم أن الأب والأم لهما حق عظيم على الإنسان، وهما اللذان كانا سبب وجوده، وقاما بالتعب عليه، والسهر عليه، وتربيته وتنشئته، فليس أحد حصل منه الإحسان مثل إحسانهما إليه حتى بلغ مبلغ الرجال، وأما رسول الله صلى الله عليه وسلم فقد جاء الحديث أن محبته يجب أن تفوق محبة الوالدين، ومحبة الناس أجمعين، ولا يقال هذا في حق أحد من الناس، فالإنسان يحترم والديه ويوقرهما، ولا أعلم شيئاً في التفدية بهما إلا في حق الرسول صلوات الله وسلامه وبركاته عليه.
الجواب: عبد الله بن سلام رضي الله عنه ممن تقدم إسلامه، وممن أقدم على الإسلام برغبة منه، وكان ذلك من أول ما قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة.
الجواب: لا أعلم بها بأساً، وهي مثل التهنئة بالعيد، والصحابة رضي الله عنهم كانوا إذا لقي بعضهم بعضاً في العيد قالوا: تقبل الله منا ومنكم، ولا شك أن شهر رمضان مناسبة عظيمة يفرح بها، ويسر بها، ويحرص على اغتنامها؛ لأنها موسم من مواسم الآخرة، والناس يفرحون بهذا الموسم، ويدعو بعضهم لبعض، فينبغي أن تكون التهنئة بالدعاء، والكل يدعو بأن يوفق للصيام والقيام، وأن يأتي بما هو مشروع، سواء كان فرضاً كالصيام أو مستحباً كالقيام، فيدعو الكل بأن يوفق الله عز وجل الجميع لصيامه وقيامه على الوجه الذي يرضي الله سبحانه وتعالى.
الجواب: الدعاء أولى من أن يقال هذه الكلمة، فيقول: أرجو أن نكون كل عام ونحن بخير، فلو قال هذا فلا بأس، وأما قول: كل عام وأنتم بخير فهي كلمة ليس فيها دعاء والدعاء أولى.
الجواب: الذي ينبغي أن تختم الخطابات والرسائل بالسلام، فيقال: والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته، أو والسلام عليكم، هذا هو الذي ينبغي، وهذه هي التحية، وأما إذا قال: لك تحيتي، فتحيتي هي: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، لكن كونه يأتي بنص التحية أولى من أنه يأتي بلفظ التحية، أو لك تحيتي، فيقول: وعليكم السلام أو والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته، والكناية عن التحية لا أعلم شيئاً يمنعها، ولكن أن يأتي بالتحية نفسها، وهي نفس السلام الذي هو دعاء، هذا أولى من أن يأتي بهذا الخبر.
وأما قول: التحيات المباركات الطيبات فلا يجوز؛ لأن هذه الصيغة إنما جاءت في حق الله سبحانه وتعالى.
الجواب: أبوك محرم لأم زوجته فقط، أما النساء الأخريات فهن أجنبيات منه؛ ولهذا يجوز أن يجمع بين ابنة الرجل وبين زوجته المطلقة أو المتوفى عنها؛ لأن زوجة والد امرأته أجنبية منه.
الجواب: ورد ذلك عند التشهد، ولكنه جاء أنه يدعو بها، ومعلوم أن الدعاء يكون عندما يقول الإنسان: اللهم كذا، اللهم كذا، هذا هو الدعاء.
الجواب: الأمر للوجوب، ولهذا قال: (فإن أحدكم لا يدري أين باتت يده) ؛ لأنه قد تقع يده في مكان فيه نجاسة.
الجواب: إذا كان الإنسان في المسجد النبوي فعليه أن يصلي الفرض، ويصلي ما أمكنه من النوافل؛ لأن هذه فرصة وغنيمة للإنسان؛ لأن الصلاة فيه بألف صلاة، وهو لا يتمكن من تحصيل هذه الغنيمة، فكونه يصلي ما أمكنه من النوافل، ليحصل بكل صلاة ألف صلاة ذلك خير كبير.
الجواب: الأصل أن تكون في البلد الذي فيه الإنسان، وكل يخرج زكاته في بلده الذي هو فيه، سواء كان المكان الذي هو فيه بلده الأصلي أو أنه مسافر فيه، ولكن إذا وكل أحداً بحيث يقوم بدفع تلك الزكاة طعاماً لوقتها، فذلك سائغ، ولكن الأولى هو ما ذكرته أولاً أن كل إنسان يخرج زكاة بدنه -التي هي زكاة الفطر- في البلد الذي جاء الفطر وهو فيه، أو حصل الفطر -أي: انتهاء الشهر- وهو فيه.
الجواب: يستحب أن يقرأها هي و(( قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ )) والمعوذات.
الجواب: الأحياء لا يحج عنهم ولا يعتمر إلا في حالتين اثنتين: إحداهما: أن يكون المحجوج والمعتمر عنه هرماً كبيراً، لا يستطيع السفر والركوب، والثانية: أن يكون مريضاً مرضاً لا يرجى برؤه، فإذا لم يكن من هذين الصنفين، فإنه لا يحج عنه ولا يعتمر ما دام على قيد الحياة، أما المتوفى فإنه يحج ويعتمر عنه مطلقاً.
الجواب: لا أعلم شيئاً يمنع من ذلك، والحديث جاء في المتابعة بين العمرة والحج، وأن المتابعة تنفي الذنوب، وكون العمرة تحصل في شهر واحد مكررة ليس هناك مانع يمنع منها، ولا نعلم شيئاً يمنع منها، والأصل هو الجواز.
الجواب: من يصبر ولا يستعجل يتمكن من عدم المرور، وذلك أن الزحام ينفض في مدة لا تزيد عن عشر دقائق، ولكن بعض الناس يستعجل، فالأولى للإنسان أن يتريث، إلا إذا كان مضطراً لا يستطيع أن يصبر؛ كما لو كان سيذهب لقضاء الحاجة، ولو بقي لحصل ما لا تحمد عاقبته، فإنه على حسب حاله، ويكون معذوراً؛ لقوله عز وجل: لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا [البقرة:286].
الجواب: إذا كان طلاب العلم فقراء، فلا شك أنهم هم الأولى، بل هذا هو المتعين؛ لأن الذي لا يصلي لا يصح أن يعطى من الزكاة.
الجواب: الدخان حرام، والدخان كما هو معلوم إنما حصل في الأزمنة المتأخرة، وقد مضت قرون طويلة ولم يوجد فيها الدخان، والشريعة كما هو معلوم مستوعبة لكل ما يجد ويحصل من النوازل، وكذلك الأمور التي لا وجود لها في زمن التشريع هي مستوعبة لها، وذلك بعموماتها، وبقياسها، وقواعدها، فإنها تستوعب مثل هذه الأشياء التي تنزل وتقع ولم يكن لها وجود من قبل، ومن المعلوم أن الدخان فيه أدلة متعددة تدل على تحريمه منها:
أولاً: أنه من الخبائث وليس من الطيبات، والله عز وجل ذكر من صفات نبينا محمد صلى الله عليه وسلم أنه يحل الطيبات ويحرم الخبائث، فإذا كان الدخان من الخبائث فهو محرم؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم حرم الخبائث.
ثانياً: الله عز وجل نهى عن قتل النفس فقال: وَلا تَقْتُلُوا أَنفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا [النساء:29]، ومعلوم أن الدخان سبب في قتل النفس، وأنه يجلب الأمراض التي تؤدي إلى الهلاك، وتؤدي إلى الوفاة، ولذا فهو يدخل تحت هذا العموم.
ثالثاً: الشريعة جاءت بتحريم إضاعة المال، والنهي عن إضاعة المال، وقد ثبت في الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم: (أنه كان ينهى عن ثلاث: قيل وقال، وكثرة السؤال، وإضاعة المال) ولا شك أن بذل المال في الدخان إضاعة له؛ لأنه إضاعة في غير طائل، بل إضاعة في مضرة، ويمكن أن نذكر مثلاً يوضح مدى كونه من أشد ما يكون إضاعة للمال: لو أنك رأيت إنساناً معه نقود يمزقها ويرميها في الهواء، ماذا تقول له؟ وعمله هذا كيف يوصف؟ يوصف بأنه عمل سيئ، بل يتهم في عقله، ولكن هذا أهون من الذي يصرف الأموال في الدخان؛ لأن هذا ضيع نقوده فقط، وجسده لم يضره شيء، فإذا اشترى بالنقود دخاناً واستعمله، فمعنى ذلك: أنه أضاعه في مضرة، إذاً: الذي مزقها أحسن حالاً من هذا، وهذا أسوأ حالاً من ذاك الذي يمزق ولا يشتري بها دخاناً؛ لأن الذي مزقها وأتلفها جسمه لم يضره شيء من تمزيقها، وأما الذي اشترى بها دخاناً، فإنه أتلفها في أمر يعود على جسمه بالمضرة، فالأمر واضح جلي.
رابعاً: مما هو معلوم أن الدخان يسبب الأمراض؛ لأن الدخان يذهب إلى الجوف، والجهات التي يكون فيها دخان كيف يكون شكلها؟ فالمطابخ التي يطبخون فيها بالحطب، أو يطبخون في أشياء يظهر منها دخان تظهر مسودة، وملوثة غير نظيفة، وقذرة بسبب هذا الدخان، وإذا كانت الجدران وهي صلبة ويابسة يعلق فيها الدخان، فكيف بجوف الإنسان الذي فيه رطوبة؟! فمن باب أولى أن يعلق فيه الدخان، فيكون الإنسان قد جلب على نفسه المضرة من جهات كثيرة.
وبالمناسبة من ابتلي بشرب الدخان فإن شهر رمضان مناسبة عظيمة له للتخلص من الدخان، وذلك بأن يعقد العزم على أن يتركه وأن يعمر نهاره بالصيام، ويسلم من الدخان فيه، وفي الليل يأكل مما أحل الله له، ويتقرب إلى الله عز وجل بالطاعات، ويصلي مع الناس، ويصبر عن الدخان، فمن فعل ذلك فإنه تمر عليه أيام وقد ترك الدخان، فمن ابتلي بالدخان فليحرص على التخلص منه في هذه المناسبة العظيمة، وذلك بأن يعقد العزم ويصمم، ويكون شجاعاً، وقوياً على نفسه الأمارة بالسوء، بحيث يجاهدها ويتخلص من هذا البلاء الذي يضره في ماله، وفي بدنه، ويؤذي الناس الآخرين برائحته الكريهة، وهذه أيضاً من جملة المضار التي فيه غير ما ذكرته سابقاً، وهي أنه يؤذي الناس.
الجواب: قطرة العين لا تفطر، ولكنه إذا وجد طعمها في حلقه، فالذي ينبغي له أن يقضي ذلك اليوم، ولكن على الإنسان ألا يقطر في النهار، وإنما يقطر في الليل.
الجواب: يجوز أن يصوم عنها شخص واحد، ويجوز أيضاً أن يقوم عدد بهذا الصيام على سبيل التوزيع بينهم، وهذا إنما هو في شهر رمضان أو في النذر أو في الأشياء الواجبة اللازمة على الإنسان، سواء بحكم الشرع كرمضان، أو بالنذر الذي أوجبه الإنسان على نفسه.
الجواب: أولاً: البخور لا بأس باستعماله بشرط ألا يستنشقه الإنسان، وألا ينفذ إلى جوف الإنسان عن طريق أنفه، وعن طريق استنشاقه، وأما إذا كان مجرد أنها شمته ولم تستنشقه فهذا لا يؤثر، ولكنها إن استنشقته ووصل إلى جوفها فإنه يحصل به الإفطار، أما مجرد كونه بخر البيت، وشمت الرائحة، فهذا لا يؤثر؛ لأنه لم يدخل جرم مثلما يدخل الدخان الذي تستنشقه، ويذهب إلى جوفها.
الجواب: سيرة النبي صلى الله عليه وسلم لا يقال عنها: أسطورة؛ لأن الأسطورة في الغالب ذم، وليست مدحاً، كقول: أساطير الأولين، فمثل هذا التعبير ليس بمحمود، فلا يصلح ولا يليق أن توصف سيرة الرسول بأنها أسطورة.
الجواب: لا يجوز للمرأة أن تدخل المسجد وهي حائض؛ ولهذا جاء في الحديث أن النساء يخرجن للعيدين حتى الحيض، ولكن قال: (ويعتزلن المصلى)، أي: المكان الذي يصلي فيه النساء، فلا تكون النساء الحيض مع النساء المصليات، وإنما يكن في مكان متأخر عن المكان الذي فيه صلاة العيد، وصلاة العيد كانت في العراء، فالحائض لا تدخل المسجد، وإذا دخلت المسجد مارة أو احتاجت إلى المرور وقد عملت شيئاً يمنع تساقط الدم منها فلا بأس، وأما أن تجلس وتمكث فلا يجوز لها ذلك.
الجواب: يمكن أن يأتي الإنسان بعمرتين: إحداهما حين يقدم من بلده إلى مكة يعتمر لنفسه، ثم إذا ذهب إلى المدينة ورجع إلى مكة مرة أخرى فإنه يعتمر لنفسه أو لأمه أو لمن شاء عمرة ثانية، وتكون تلك في سفرة واحدة.
الجواب: إذا عرف اليوم الذي دخل فيه الشهر معرفة يقينية فإن يوم تسعة وعشرين ليس يوم الشك، وإنما يوم الشك هو يوم الثلاثين؛ لأن الشهر لا يزيد عن ثلاثين ولا ينقص عن تسعة وعشرين، أي: أن الأشهر العربية الإسلامية لا تقل عن تسعة وعشرين ولا تزيد عن ثلاثين، ولا يوجد شهر ثمانية وعشرين، ولا واحداً وثلاثين، فهي إما هذه، وإما هذه؛ ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم: (إنا أمة أمية لا نقرأ ولا نحسب، ثم قال: الشهر هكذا وهكذا وهكذا وعد ثلاث مرات بأصابعه -أي: يكون كاملاً- ثم قال: أو هكذا وهكذا وهكذا وقبض إبهامه) يريد تسعة وعشرين، فالشهر إما ثلاثين وإما تسعة وعشرين، وليس هناك شهر يكون ثمانية وعشرين ولا واحداً وثلاثين.
الجواب: الجبيرة كما هو معلوم يمسح عليها، ولا يحتاج إلى تيمم مع المسح عليها، وأما الجرح الذي لا يغسله الإنسان، وإنما يغسل ما حوله، فإنه يتيمم له.
من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر