[ باب في صلاة العتمة.
حدثنا عثمان بن أبي شيبة حدثنا سفيان عن ابن أبي لبيد عن أبي سلمة قال: سمعت ابن عمر رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: (لا تغلبنكم الأعراب على اسم صلاتكم، ألا وإنها العشاء، ولكنهم يعتمون بالإبل) ].
أورد أبو داود رحمه الله تعالى باباً في صلاة العتمة.
العتمة هي صلاة العشاء، والمقصود من ذلك أن الذي ينبغي أن يذكر في اسم هذه الصلاة أن يقال: صلاة العشاء، كما جاء ذلك في القرآن، قال عز وجل: وَمِنْ بَعْدِ صَلاةِ الْعِشَاءِ ثَلاثُ عَوْرَاتٍ لَكُمْ [النور:58] فسماها الله عز وجل صلاة العشاء، والأعراب كانوا يطلقون عليها العتمة، وكانوا يؤخرونها؛ لأنهم يعتمون بالإبل حتى يؤخروا الصلاة بسبب ذلك، فكانوا يسمونها العتمة.
والمقصود من النهي ألا يهجر اسم العشاء حتى يغلب الاسم الذي يطلقه الأعراب على اسم العشاء الذي جاء في القرآن، وإذا ذكر في بعض الأحيان العشاء وأطلق عليها العتمة، فذلك سائغ؛ لأنه جاء في بعض الأحاديث الصحيحة إطلاق لفظ العتمة على العشاء، كما قال: (لو يعلم الناس ما في الفجر والعتمة..) يعني صلاة الفجر وصلاة العشاء، فالمقصود من ذلك ألا يهجر اسم العشاء ويغلب عليه ذلك الاسم الذي هو العتمة؛ ولهذا قال: [ (لا تغلبنكم الأعراب على اسم صلاتكم، ألا وإنها العشاء، ولكنهم يعتمون بالإبل) ] أي: يشتغلون بالإبل ويؤخرون صلاة العشاء بسبب ذلك، ولهذا يقولون لها: العتمة؛ لأنها مأخوذة من الإعتام، وهو شدة الظلام.
إذاً: فالمقصود من ذلك هو المحافظة على الآداب في الألفاظ ، وأنه يعبر عن الصلاة الثانية من صلاة الليل بصلاة العشاء كما جاء في القرآن، ولا يعبر عنها بالعتمة بأن يغلب ذلك، وإذا حصل أن قيل لها: العتمة في بعض الأحيان فإنه لا بأس بذلك؛ لأنه ثبت ذلك في بعض الأحاديث الصحيحة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
عثمان بن أبي شيبة ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا الترمذي ، وإلا النسائي فقد أخرج له في عمل اليوم والليلة.
[ حدثنا سفيان ].
هو سفيان بن عيينة المكي ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن ابن أبي لبيد ].
هو عبد الله بن أبي لبيد ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا الترمذي .
[ عن أبي سلمة ].
هو أبو سلمة بن عبد الرحمن بن عوف وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ سمعت ابن عمر ].
هو عبد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنهما، الصحابي الجليل، أحد العبادلة الأربعة من الصحابة، وأحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي عليه الصلاة والسلام.
أورد أبو داود هذا الحديث عن رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (ليتني صليت فاسترحت).
يقصد من ذلك أنه يكون قد أدى الواجب الذي عليه، وأبرأ ذمته من ذلك الشيء الذي هو في ذمته، وهذا تعبير معناه صحيح من ناحية أن الإنسان يبادر إلى أداء الواجب، لكن لما كان التعبير بالاستراحة فهموا على أنه يريد التخلص منها أو ما إلى ذلك، فأنكروا عليه ذلك، فروى الحديث الذي قال: [ (يا
ويمكن أن يكون المقصود بقوله: [ (فاسترحت) ] أنه أدى الواجب الذي عليه وأبرأ ذمته منه، وبادر إلى أداء الواجب، ومعلوم أن المبادرة إلى أداء الواجب من أهم الأشياء المطلوبة؛ لأن البدار إلى أداء الواجب شيء محمود، لكن لما كان التعبير بالاستراحة قد يفهم منه أنه تخلص منها، فصار فيه هذا الاحتمال الذي أنكروا عليه من أجله، فهو استدل عليهم بقوله صلى الله عليه وسلم : [ (أرحنا بها) ] ومعلوم أن هذا غير هذا، لكن يمكن أن يحمل هذا على أنه استراح بانشغاله بالصلاة وإقباله على الصلاة.
هو مسدد بن مسرهد البصري ثقة، أخرج له البخاري وأبو داود والترمذي والنسائي .
[ حدثنا عيسى بن يونس ].
عيسى بن يونس ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ حدثنا مسعر بن كدام ].
مسعر بن كدام ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن عمرو بن مرة ].
عمرو بن مرة وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن سالم بن أبي الجعد ].
سالم بن أبي الجعد وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ قال: قال رجل، قال مسعر : أراه من خزاعة ].
يعني: أنه من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم؛ ولهذا قال: إن النبي صلى الله عليه وسلم قال كذا، ومعلوم أن جهالة الصحابي لا تؤثر؛ لأن المجهول فيهم في حكم المعلوم، والجهالة في غيرهم هي التي تؤثر.
كذلك الحديث الذي بعده لا تعلق له بصلاة العتمة، ولكن له تعلق من جهة أن الألفاظ التي فيه ينبغي أن يبتعد عنها؛ لأن فيها احتمال معنىً غير لائق أو غير مرغوب فيه.
هذا مثل الذي قبله، وفيه أن عبد الله بن محمد بن الحنفية ذهب هو وأبوه إلى صهر لهما من الأنصار يعودانه، فطلب من جارية أن تأتي بماء، قال: حتى أتوضأ وأصلي فأستريح، فأنكروا عليه قوله: فأستريح، مثل ما حصل الإنكار على الرجل المبهم في الحديث الأول، وكذلك هنا هو رجل من الأنصار غير معروف، وجهالة الصحابي لا تؤثر.
فقال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: [ (قم يا
هو محمد بن كثير العبدي ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ أخبرنا إسرائيل ].
هو إسرائيل بن يونس بن أبي إسحاق وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ حدثنا عثمان بن المغيرة ].
عثمان بن المغيرة وهو ثقة، أخرج له البخاري وأصحاب السنن.
[ عن سالم بن أبي الجعد عن عبد الله بن محمد بن الحنفية ].
سالم بن الجعد مر ذكره، وعبد الله بن محمد بن الحنفية ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
وأبوه محمد بن الحنفية ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة، لكن ليس هو في هذه الرواية، وإنما ذكر ابنه أنه ذهب هو وإياه إلى رجل من الأنصار.
[ إلى صهر لنا ].
صهرهم هو رجل من الأنصار صحابي.
أورد أبو داود حديث عائشة : [ (ما سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم ينسب أحداً إلا إلى الدين) ] يعني: كأن يقول: هذا مهاجري أو أنصاري أو ما إلى ذلك من الألقاب المحمودة كالهجرة والنصرة، ولكن الحديث فيه انقطاع بين عائشة والراوي عنها وهو زيد بن أسلم .
هارون بن زيد بن أبي الزرقاء هو صدوق، أخرج له أبو داود والنسائي .
[ حدثنا أبي ].
أبوه ثقة، أخرج له أبو داود والنسائي .
[ حدثنا هشام بن سعد ].
هشام بن سعد وهو صدوق له أوهام، أخرج له البخاري تعليقاً ومسلم وأصحاب السنن.
[ عن زيد بن أسلم ].
زيد بن أسلم وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن عائشة ].
عائشة رضي الله عنها.
ورواية زيد عنها مرسلة، فالسند فيه انقطاع، وهو غير ثابت عن النبي صلى الله عليه وسلم.
[ باب ما روي في الرخصة في ذلك.
حدثنا عمرو بن مرزوق أخبرنا شعبة عن قتادة عن أنس رضي الله عنه قال: (كان فزع بالمدينة، فركب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فرساً لـ
قوله: [ باب ما روي في الرخصة في ذلك ] يعني: في جواز تسمية صلاة العشاء بصلاة العتمة، وأن الباب الأول يفيد على أن الأولى هو عدم الإكثار منها، وألا يغلب ذلك الاسم الذي اشتهر عند الأعراب، ويهجر الاسم الذي جاء في القرآن، وهنا الحديث ليس له علاقة بالذي قبله، لكن يمكن أن يكون له علاقة بالذي قبله من حيث التعبير بلفظ آخر غير المشهور، وأنه لا بأس بذلك؛ لأنه ذكر البحر، والبحر كما هو معلوم أنه الماء المعروف، والرسول صلى الله عليه وسلم وصف الفرس الذي ركب عليه وكان عرياً ليس عليه سرج بقوله: [ (وإن وجدناه لبحراً) ] يعني: أنه شديد الجري وشديد العدو، وأنه يشبه البحر في سيلانه وتدفقه، أو كونه يسبح في الفضاء فوق الأرض مثل ما يحصل من الأمواج في البحر، فهو يموج وينتقل ويضطرب ويذهب بسرعة.
فيكون المقصود من ذلك أن مثل هذا التعبير سائغ؛ لأن البحر في الحقيقة يقصد به البحر الجاري.
أما بالنسبة للعتمة فإنه ليس فيه شيء يدل عليها، ولكنه قد جاء ما يدل عليها مثل الحديث الذي أشرت إليه: (لو يعلم الناس ما في الفجر والعتمة..) وقد جاء في الحديث الذي في قصة المنافقين: (أثقل الصلاة على المنافقين صلاة العشاء وصلاة الفجر، ولو يعلمون ما فيهما من الأجر لأتوهما ولو حبواً).
قوله: [ (كان فزع بالمدينة فركب رسول الله صلى الله عليه وسلم فرساً) ].
يعني: أصاب الناس فزع على اعتبار وصول أعداء لهم غازين على المدينة، فسمعوا الصوت فأسرعوا، وسبقهم الرسول صلى الله عليه وسلم فركب على فرس عري ليس عليه سرج وكان بطيئاً، ولكن الله تعالى أجراه حتى سبق الناس ورجع إليهم وهم ذاهبون فقال: لا خوف عليكم، وهذا الذي سمعتموه ليس له حقيقة، ولم يحصل الشيء الذي تخافونه، فطمأنهم عليه الصلاة والسلام.
والحديث طويل وهو هنا مختصر.
عمرو بن مرزوق هو ثقة له أوهام، أخرج له البخاري وأبو داود .
[ أخبرنا شعبة ].
هو شعبة بن الحجاج الواسطي ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن قتادة ].
هو قتادة بن دعامة السدوسي البصري ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن أنس ].
هو أنس بن مالك رضي الله عنه خادم رسول الله عليه الصلاة والسلام، وأحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي عليه الصلاة والسلام.
وهذا من أعلى الأسانيد عند أبي داود .
منها : تذليل ثمره لقاطفه .
ومنها: أنه ليس دونه شوك يؤذي مجتنيه .
ومنها: أنه ليس بممتنع على من أراده لعلو ساقه وصعوبته كغيره.
يعني: أنه ليس من الشجر التي لها ساق، وإنما يمتد على الأرض ويجعل له عريش وأعواد يمتد فوقها، ثم تتدلى من العريش عناقيد العنب.
ثم قال: ومنها: أن الشجرة الواحدة منه - مع ضعفها ودقة ساقها - تحمل أضعاف ما تحمله غيرها .
ومنها: أن الشجرة الواحدة منه إذا قطع أعلاها أخلفت من جوانبها وفروعها، والنخلة إذا قطع أعلاها ماتت ويبست جملة.
ومنها: أن ثمره يؤكل قبل نضجه، وبعد نضجه، وبعد يبسه.
ومنها: أنه يتخذ منه من أنواع الأشربة الحلوة والحامضة كالدبس والخل ما لا يتخذ من غيره، ثم يتخذ من شرابه من أنواع الحلاوة والأطعمة والأقوات ما لا يتخذ من غيره، وشرابه الحلال غذاء وقوت ومنفعة وقوة.
قوله: شرابه الحلال، مفهومه أن الحرام الذي هو الخمر الذي يتخذ منه شر وبلاء، ولكن هذه الأوصاف في الشراب الحلال.
ثم قال: ومنها : أنه يدخر يابسه قوتاً وطعاماً وأدماً.
ومنها: أن ثمره قد جمع نهاية المطلوب من الفاكهة من الاعتدال، فلم يفرط إلى البرودة كالخوخ وغيره، ولا إلى الحرارة كالتمر، بل هو في غاية الاعتدال، إلى غير ذلك من فوائده .
ولهذا كان الرسول صلى الله عليه وسلم يجمع بين القثاء والرطب؛ لأن القثاء بارد والرطب حار، فيقابل بحرارة هذا برودة هذا.
ثم قال: فلما كان بهذه المنزلة سموه كرماً، فأخبرهم النبي صلى الله عليه وسلم أن الفوائد والثمرات والمنافع التي أودعها الله قلب عبده المؤمن من البر وكثرة الخير أعظم من فوائد كرم العنب، فالمؤمن أولى بهذه التسمية منه.
فيكون معنى الحديث على هذا: النهي عن قصر اسم الكرم على شجر العنب، بل المسلم أحق بهذا الاسم منه.
وهذا نظير قوله صلى الله عليه وسلم: (ليس الشديد بالصرعة، ولكن الذي يملك نفسه عند الغضب) أي: مالك نفسه أولى أن يسمى شديداً من الذي يصرع الرجال.
وكقوله: (ليس المسكين بهذا الطواف الذي ترده اللقمة واللقمتان، والأكلة والأكلتان، ولكنه الذي لا يسأل الناس ولا يفطن له فيتصدق عليه) أي: هذا أولى بأن يقال له مسكين من الطواف الذي تسمونه مسكيناً.
ونظيره في المفلس والرقوب وغيرهما .
ثم قال: ونظيره قوله: (ليس الواصل بالمكافئ، ولكنه الذي إذا قطعت رحمه وصلها) وإن كان هذا ألطف من الذي قبله.
وقيل في معناه وجه آخر، وهو قصد النبي صلى الله عليه وسلم سلب هذا الاسم المحبوب للنفوس، التي يلذ لها سماعه عن هذه الشجرة التي تتخذ منها أم الخبائث، فيسلبها الاسم الذي يدعو النفوس إليها، ولاسيما فإن العرب قد تكون سمتها كرماً؛ لأن الخمر المتخذة منها تحث على الكرم وبذل المال، فلما حرمها الشارع نفى اسم المدح عن أصلها، وهو الكرم، كما نفى اسم المدح عنها وهو الدواء، فقال: (إنها داء، وليست بدواء) ومن عرف سر تأثير الأسماء في مسمياتها نفرةً وميلاً عرف هذا، فسلبها النبي صلى الله عليه وسلم هذا الاسم الحسن، وأعطاه ما هو أحق به منها، وهو قلب المؤمن .
ويؤكد المعنى الأول: أن النبي صلى الله عليه وسلم شبه المسلم بالنخلة؛ لما فيها من المنافع والفوائد، حتى إنها كلها منفعة، لا يذهب منها شيء بلا منفعة، حتى شوكها .
يعني: شوكها توقد به النار.
ثم قال: ولا يسقط عنها لباسها وزينتها، كما لا يسقط عن المسلم زينته، فجذوعها للبيوت والمساكن والمساجد وغيرها، وسعفها للسقوف وغيرها، وخوصها للحصر والمكاتل والآنية وغيرها، ومسدها للحبال وآلات الشد والحل وغيرها.
ومن ذلك قوله تعالى: (فِي جِيدِهَا حَبْلٌ مِنْ مَسَدٍ [المسد:5].
والمسد المقصود به الليف الذي يتخذ منه الحبال، وكذلك القنو الذي في الشماريخ يدق ثم تتخذ منه حبال، والليف يتخذ منه حبال.
ثم قال: وثمرها يؤكل رطباً ويابساً، ويتخذ قوتاً وأدماً، وهو أفضل المخرج في زكاة الفطر تقرباً إلى الله، وطهرة للصائم.
يعني: أن التمر لا يحتاج إلى تعب وإنما يؤكل رأساً، بخلاف البر فإنه يحتاج إلى طحن وخبز، وكذلك الزبيب يحتاج إلى معالجة حتى يصير زبيباً، وكذلك يحتاج إلى تجميد، أما التمر فإنه يؤكل رأساً.
ثم قال: ويتخذ منه ما يتخذ من شراب الأعناب، ويزيد عليه بأنه قوت وحده بخلاف الزبيب، ونواه علف للإبل التي تحمل الأثقال إلى بلد لا يبلغه الإنسان إلا بشق النفس، ويكفي فيه أن نواه يشترى به العنب، فحسبك بثمر نواه ثمن لغيره.
يعني: أن النوى يعاوض به العنب، والنوى هو المأخوذ من التمر، فنواها الذي بداخلها يحتاج إليه في علف الإبل، فيعاوض بالعنب، فصاحب العنب إذا أراد نوى من أجل علف إبله، فإنه يعطي عنباً مقابل النوى.
ثم قال: وقد اختلف الناس في العنب والنخل: أيهما أفضل وأنفع؟ واحتجت كل طائفة بما في أحدهما من المنافع.
والقرآن قد قدم النخيل على الأعناب في موضع، وقدم الأعناب عليها في موضع، وأفرد النخيل عن الأعناب، ولم يفرد العنب عن النخيل.
وهذا يريد به ترجيح النخل على العنب.
ثم قال: وفصل الخطاب في المسألة: أن كل واحد منهما في الموضع الذي يكثر فيه ويقل وجود الآخر أفضل وأنفع .
يعني: أنه تحصل الفائدة من كل واحد منهما من أجل كثرته، والشيء القليل لا يعول عليه، وإنما التعويل على ما هو كثير، فالمكان الذي يكثر فيه العنب تكون الفائدة فيه أكثر، والمكان الذي يكثر فيه النخل ويقل فيه العنب تكون الفائدة فيه أكثر.
ثم قال: فالنخيل بالمدينة والعراق وغيرهما أفضل وأنفع من الأعناب فيهما، والأعناب في الشام ونحوها أفضل وأنفع من النخيل بها، ولا يقال: فما تقولون إذا استويا في بلدة؟ فإن هذا لا يوجد، لأن الأرض التي يطيب النخيل فيها، ويكون سلطانه ووجوده غالباً لا يكون للعنب بها سلطان، ولا تقبله تلك الأرض، وكذلك أرض العنب لا تقبل النخيل، ولا يطيب فيها.
يعني: لأن النخيل يكون في البلاد الحارة، والعنب يكون في البلاد الباردة، وقد يوجد النخل في البلاد الباردة ولكن لا يطيب، وقد يوجد العنب في البلاد الحارة ولا يكون مثلما يكون في البلاد الباردة.
ثم قال: والله سبحانه قد خص كل أرض بخاصية من النبات والمعدن والفواكه وغيرها، فهذا في موضعه أفضل وأطيب وأنفع، وهذا في موضعه كذلك.
هذا كلام نفيس لـابن القيم رحمة الله عليه فيما يتعلق بالعنب وفوائد العنب وفوائد النخل، والمقارنة بينهما.
حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة حدثنا وكيع أخبرنا الأعمش ح وحدثنا مسدد حدثنا عبد الله بن داود حدثنا الأعمش عن أبي وائل عن عبد الله رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (إياكم والكذب، فإن الكذب يهدي إلى الفجور، وإن الفجور يهدي إلى النار، وإن الرجل ليكذب ويتحرى الكذب حتى يكتب عند الله كذاباً، وعليكم بالصدق، فإن الصدق يهدي إلى البر، وإن البر يهدي إلى الجنة، وإن الرجل ليصدق ويتحرى الصدق حتى يكتب عند الله صديقاً) ].
أرود أبو داود رحمه الله: [ باباً في التشديد في الكذب ] يعني: بيان ما فيه من وعيد، وأن خطره عظيم، والكذب ليس بالهين، وأنه عظيم عند الله عز وجل.
أورد أبو داود حديث عبد الله بن مسعود رضي الله تعالى عنه: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: [ (إياكم والكذب، فإن الكذب يهدي إلى الفجور، وإن الفجور يهدي إلى النار) ] وهذا للتحذير؛ لأن (إياكم) من ألفاظ التحذير، كما أن (عليكم) من ألفاظ الحث والترغيب، كما في حديث العرباض بن سارية رضي الله عنه: (عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين) وهذا ترغيب في السنن، وتحذير من البدع بقوله: (وإياكم ومحدثات الأمور) .
والكذب هو الإخبار بشيء على خلاف الواقع، ولا يكون إلا في أمر قد مضى كأن يقول: حصل كذا وكذا أو وقع كذا وكذا؛ ولهذا كانت اليمين الكاذبة لا كفارة لها، بل هي اليمين الغموس التي تغمس صاحبها في الإثم، لأن الإنسان حلف كاذباً على أمر أخبر بأنه حصل وهو لم يحصل، أما اليمين التي تكفر كأن يحلف على أمر مستقبل أنه سيفعله، ثم يريد ألا يفعل، أو أنه لا يريد أن يفعله ثم يريد أن يفعله، فهذه تكفر؛ وذلك لقوله صلى الله عليه وسلم: (من حلف على يمين فرأى غيرها خيراً منها، فليكفر عن يمينه، وليأت الذي هو خير).
إذاً: من حلف على أمر قد مضى وهو كاذب، فهذه تسمى اليمين الغموس وليس لها كفارة إلا التوبة، فلا تكفر بإطعام عشرة مساكين كما تكفر اليمين المعقودة على أمر مستقبل، بل الواجب فيها التوبة إلى الله عز وجل، وترك الكذب والابتعاد عن الكذب.
قوله: [ (فإن الكذب يهدي إلى الفجور) ] والفجور هو الانحراف والميل عن الحق والهدى.
والفجور يوصل إلى النار ويؤدي إليها، ومن الأسباب الموصلة إلى النار.
والكذب هو من جملة الفجور، والفجور واسع؛ ولهذا قال الله عز وجل: (إِنَّ الأَبْرَارَ لَفِي نَعِيمٍ * وَإِنَّ الْفُجَّارَ لَفِي جَحِيمٍ [الانفطار:13-14] الفجار يكون عندهم كذب وعندهم أمور أخرى من أنواع الفجور.
قوله: [ (ولا يزال الرجل يكذب) ] يعني: في حديثه.
قوله: [ (ويتحرى الكذب) ] يعني: يحاول أن يكذب ويتعمد الكذب.
قوله: [ (حتى يكتب عند الله كذاباً) ] يكون هذا ديدنه وهذه عادته، وهذا منهجه وهذه طريقته كأنه لا يعرف إلا الكذب، فيكتب عند الله كذاباً، وهذه صيغة مبالغة في هذا الوصف.
قوله: [ (عليكم بالصدق) ].
وهذا هو الترغيب؛ لأن (إياكم) ترهيب، و(عليكم) ترغيب، والصدق هو ضد الكذب.
قوله: [ (فإن الصدق يهدي إلى البر) ] البر هو كل خير، قال الله عز وجل: وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَالْمَلائِكَةِ [البقرة:177] كل هذا يدخل تحت البر.
والبر والتقوى لفظان عامان إذا أفرد أحدهما عن الآخر شمل كل ما هو مأمور ومطلوب فعله فيؤتى، وكل ما هو منهي عنه فيحذر ويجتنب، وإذا اجتمعا فسر البر بما يتعلق بفعل المأمورات، والتقوى بما يتعلق بترك المحظورات، مثل: الفقير والمسكين، والإيمان والإسلام إذا جمع بينهما في الذكر فرق بينهما في المعنى، وإذا انفرد أحدهما عن الآخر اتسع لأن يشمل المعاني التي وزعت عند الاجتماع.
قوله: [ (ولا يزال الرجل يصدق) ] يعني: يكون صادقاً في حديثه، ويتحرى الصدق فيما يحدث به؛ حذراً من الكذب.
قوله: [ (حتى يكتب عند الله صديقاً) ] يعني: أنه متمكن في الصدق، ومبالغ في الصدق، مثل ما صار الأول كذاباً مبالغة في الكذب، وهذا صار صديقاً مبالغة في الصدق.
أبو بكر بن أبي شيبة ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا الترمذي .
[ حدثنا وكيع ].
هو وكيع بن الجراح الرؤاسي الكوفي ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ أخبرنا الأعمش ].
هو سليمان بن مهران الكاهلي الكوفي ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ ح وحدثنا مسدد ].
ح للتحول من إسناد إلى إسناد ، ومسدد بن مسرهد ثقة، أخرج له البخاري وأبو داود والترمذي والنسائي .
[ حدثنا عبد الله بن داود ].
هو عبد الله بن داود الخريبي وهو ثقة، أخرج له البخاري وأصحاب السنن.
الأعمش مر ذكره.
وأبو وائل هو شقيق بن سلمة مشهور بكنيته، ومشهور باسمه، وهو ثقة مخضرم، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن عبد الله ].
هو عبد الله بن مسعود رضي الله تعالى عنه، صاحب رسول الله عليه الصلاة والسلام، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
أما الكتابة فهي من جملة القول، ومعلوم أن الإنسان لو كتب طلاق زوجته طلقت بكتابته، وإن لم يتلفظ بلسانه.
أورد أبو داود حديث معاوية بن حيدة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: [ (ويل للذي يحدث فيكذب ليضحك به القوم، ويل له، ويل له) ].
هذا فيه التحذير من الكذب، والتشديد في أمر الكذب كما في الترجمة، وذلك بالتعبير بالويل: [ (ويل له ويل له!) ] وتكرار ذلك، فهو يكذب ويتعمد الكذب لأجل أن يضحك الناس بالكذب الذي يخبر به وهو غير صادق، بل هو كاذب، وهذا كذب سواء كان للإضحاك أو كان لغير الإضحاك؛ لأن الكذب محرم مطلقاً كما مر في الحديث السابق: (إياكم والكذب).
فعلى الإنسان أن يتجنب الكذب ويحذر الكذب.
ثم أيضاً هذا يدل على تحريم التمثيل الذي ابتلي به كثير من الناس في هذا الزمان؛ لأن التمثيل مبني على الكذب، وعلى أخبار غير واقعة.
إذا حدث الرجل بقصة أو بطرفة وهي لا حقيقة لها وليس لها أساس، فالمحظور قائم؛ لأنه إخبار بشيء لا حقيقة له، ويكون قد صرح لهم بأنه كذاب.
وقد كرر فيه ذكر الويل ثلاث مرات.
هو يحيى بن سعيد القطان ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن بهز بن حكيم ].
هو بهز بن حكيم بن معاوية بن حيدة وهو صدوق، أخرج له البخاري تعليقاً، وأصحاب السنن.
[ حدثني أبي ].
هو حكيم بن معاوية بن حيدة وهو صدوق، أخرج له البخاري تعليقاً، وأصحاب السنن.
[ عن أبيه ].
هو معاوية بن حيدة رضي الله عنه وهو صحابي، أخرج له البخاري تعليقاً، وأصحاب السنن.
أورد أبو داود حديث عبد الله بن عامر أنه قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم قاعداً في بيتنا، وأن أمه قالت: تعال أعطيك فقال: [ (وماذا أردت أن تعطيه؟) ] ما قال لها عليه الصلاة والسلام: هل تريدين أن تعطيه شيئاً؟ أو لا تريدين أن تعطيه؟ وإنما قال: وما الذي تريدين أن تعطيه؟ فقالت: تمراً، فكانت النتيجة أنها تريد أن تعطيه شيئاً وهو التمر، فالنبي صلى الله عليه وسلم قال: [ (أما إنك لو لم تعطيه شيئاً لكتبت عليك كذبة) ] وهذا يدل على أن الكذب على الصغار يعتبر كذباً، وأنه لا يقال: إن هذا الأمر سهل، وإن الكذب إنما يضر إذا كان على الكبار، بل المطلوب أن يعود الصغار على الصدق، وألا يعودوا على الكذب.
هو قتيبة بن سعيد ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ حدثنا الليث ].
هو الليث بن سعد ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن ابن عجلان ].
هو محمد بن عجلان المدني صدوق، أخرج له البخاري تعليقاً، ومسلم وأصحاب السنن.
[ أن رجلاً من موالي عبد الله بن عامر ].
وهذا مبهم غير معروف، والألباني صححه وذكر له شاهداً يدل عليه.
[ عن عبد الله بن عامر ].
عبد الله بن عامر رضي الله عنه، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
فأداء الكبير في حال كبره ما تحمله في صغره معتبر عند العلماء.
والمسلم إذا حدث بعد إسلامه عن شيء حصل في كفره، فإنه معتبر، كما وقع في قصة أبي سفيان مع هرقل حيث أخبر بما جرى بينه وبينه، وأن النبي صلى الله عليه وسلم متصف بكذا وكذا وكذا، فإن هذا شيء قاله في حال كفره وبلغه في حال إسلامه.
ومن جنس ذلك النعمان بن بشير رضي الله عنه كان من صغار الصحابة، توفي رسول الله عليه الصلاة والسلام وعمره ثمان سنوات، وكان يحدث بأحاديث يقول فيها: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول كذا، ومنها الحديث المشهور الذي هو من جوامع الكلم: (إن الحلال بين والحرام بين، وبينهما أمور مشتبهات) فإن راويه النعمان بن بشير ، وقد قال فيه: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول كذا وكذا، ومعنى ذلك أنه تحمل في حال صغره، وأدى في حال كبره.
أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: (كفى بالمرء إثماً أن يحدث بكل ما سمع) .
قال أبو داود :ولم يذكر حفص أبا هريرة .
قال أبو داود : ولم يسنده إلا هذا الشيخ، يعني علي بن حفص المدائني ].
أورد أبو داود حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: [ (كفى بالمرء إثماً أن يحدث بكل ما سمع) ] يعني: كل ما يدخل في سمعه يخرج من لسانه، فهو يحدث بكل شيء سمعه سواء كان صدقاً أو كذباً، ومعنى ذلك أنه من جنس ما تقدم، وورد في الحديث: (بئس مطية الرجل زعموا) كما مر في حديث سابق، كذلك حديث الأمور التي يكرهها الله عز وجل: (إن الله يكره لكم ثلاثاً: قيل وقال، وكثرة السؤال، وإضاعة المال).
فكون الإنسان يحدث بكل شيء يسمعه ويخبر به، وقد يكون ذلك الذي سمعه ليس متثبتاً فيه، وقد يكون خبراً غير مطابق للواقع، فإنه بعد ذلك من سمعه منه نسبه إليه، فالرسول صلى الله عليه وسلم حذر من ذلك وقال: من كان كذلك كفاه ذلك إثماً.
هو حفص بن عمر النمري ثقة، أخرج له البخاري وأبو داود والنسائي .
[ حدثنا شعبة ].
شعبة مر ذكره.
[ ح وحدثنا محمد الحسين ].
محمد بن الحسين وهو صدوق، أخرج له البخاري وأبو داود والنسائي .
[ حدثنا علي بن حفص ].
علي بن حفص وهو صدوق، أخرج له مسلم وأبو داود والترمذي والنسائي .
[ حدثنا شعبة عن خبيب بن عبد الرحمن ].
خبيب بن عبد الرحمن ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن حفص بن عاصم ].
هو حفص بن عاصم العمري وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ قال ابن حسين في حديثه: عن أبي هريرة ].
يعني: الشيخ الثاني، وهو محمد بن الحسين أضافه إلى أبي هريرة بعد خبيب بن عبد الرحمن .
[ قال أبو داود : ولم يذكر حفص أبا هريرة ].
هو الشيخ الأول حفص بن عمر .
[ قال أبو داود : ولم يسنده إلا هذا الشيخ يعني علي بن حفص المدائني ].
يعني: ولم يرفعه إلى الرسول صلى الله عليه وسلم إلا علي بن حفص المدائني .
[ باب في حسن الظن.
حدثنا موسى بن إسماعيل حدثنا حماد ح وحدثنا نصر بن علي عن مهنأ أبي شبل ، قال أبو داود : ولم أفهمه منه جيداً، عن حماد بن سلمة عن محمد بن واسع عن شتير قال نصر: ابن نهار عن أبي هريرة رضي الله عنه، قال نصر عن رسول الله صلى الله عليه وآله سلم أنه قال: (حسن الظن من حسن العبادة) .
قال أبو داود : مهنأ ثقة بصري ].
أورد أبو داود باباً في حسن الظن، يعني: كون الإنسان يحسن الظن بالله، ويحسن الظن بالمخلوقين، ولا يسيء الظن بالناس، ومع ذلك يكون كما سبق أن مر في ترجمة سابقة على حذر من أن يخدع.
أورد أبو داود حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: [ (حسن الظن من حسن العبادة) ] يعني: كون الإنسان يحسن الظن بالله، وكما هو معلوم بأن حسن الظن بالله عبادة لله عز وجل، يعني: يرجوه وهو محسن الظن به، وأنه سبحانه وتعالى يحقق له ما يريد، ولا ييئس ويقنط، بل يحسن الظن بالله عز وجل، وأن يعمل الأعمال الصالحة والله تعالى يثيبه عليها، وكذلك يحسن الظن بالناس؛ لأنه إذا أحسن الظن بالناس فإنه مأجور، وأما إذا أساء الظن بالناس فإنه إما غير مأجور وإما آثم، قال بكر بن عبد الله المزني وهو من التابعين كما ذكر الحافظ ابن حجر في ترجمته في تهذيب التهذيب: إياك من الكلام ما إن أصبت فيه لم تؤجر، وإن أخطأت فيه أثمت، وهو سوء ظنك بأخيك.
هو موسى بن إسماعيل التبوذكي ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ حدثنا حماد ].
هو حماد بن سلمة ثقة، أخرج له البخاري تعليقاً، ومسلم وأصحاب السنن.
[ ح وحدثنا نصر بن علي ].
هو نصر بن علي بن نصر بن علي الجهضمي ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن مهنأ أبي شبل ].
مهنا أبو شبل وهو ثقة، أخرج له أبو داود والنسائي في مسند علي .
[ قال أبو داود : ولم أفهمه منه جيداً ].
من هذا الطريق الذي فيه نصر بن علي .
[ عن حماد بن سلمة عن محمد بن واسع ].
محمد بن واسع ثقة أخرج له مسلم وأبو داود والترمذي والنسائي .
[ عن شتير قال نصر: ابن نهار ].
يعني: نسبه الشيخ الثاني الذي هو نصر بن علي الجهضمي ، والشيخ الأول ما نسبه، وإنما اكتفى بـشتير .
والصواب أنه سمير بن نهار العبدي . صدوق، أخرج له أبو داود والترمذي .
والشيخ الألباني ضعف هذا الحديث؛ بسبب شتير هذا، وقال: إن الذهبي قال: إنه نكرة .
[ عن أبي هريرة ] .
أبو هريرة مر ذكره.
[ قال أبو داود : مهنأ ثقة بصري ].
يعني: هذا توثيق من أبي داود له، والحافظ في التقريب وثقه، وقال عنه: أخرج له أبو داود والنسائي في مسند علي .
أورد أبو داود حديث صفية بنت حيي أم المؤمنين رضي الله تعالى عنها أنها زارت النبي صلى الله عليه وسلم في معتكفه، وأنه في الليل، وأنه قام معها ليقلبها ويرافقها في الانصراف، وعندما كان يمشي معها مر رجلان من الأنصار فأسرعا، فالنبي صلى الله عليه وسلم قال: [ (على رسلكما! إنها
قال: [ (إن الشيطان يجري من الإنسان مجرى الدم، فخشيت أن يقذف في قلوبكما شيئاً، أو قال: شراً) ] فأراد أن يبين لهم من أول وهلة الواقع حتى لا يحصل أن يقذف الشيطان في نفوسهما شيئاً، والحديث يدل على زيارة المعتكف، وعلى جلوسه مع أهله للحاجة في المسجد، وأيضاً يدل على أنه يرافقهم في الانصراف، ومرافقة الزائر والمشي معه.
وفيه: أن الإنسان يدفع عن نفسه إذا حصل شيء قد يظن به.
وفيه: أن الشيطان كما بين الرسول صلى الله عليه وسلم يحرص على إغواء الإنسان وإضلاله، ويحرص على أن يظن السوء بمن ليس من أهل السوء، هذا من عمل الشيطان ومما يريده الشيطان، وأن الواجب هو الحذر منه، والاستعاذة بالله عز وجل منه.
هو أحمد بن محمد المروزي المعروف بـابن شبويه وهو ثقة، أخرج له أبو داود .
[ حدثنا عبد الرزاق ].
هو عبد الرزاق بن همام الصنعاني اليماني ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ أخبرنا معمر ].
هو معمر بن راشد الأزدي البصري ثم اليماني ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن الزهري ].
الزهري مر ذكره.
[ عن علي بن حسين ].
هو زين العابدين علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة، وهو أحد أئمة أهل البيت، وأحد البارزين فيهم، يعظمه أهل السنة ويوقرونه ويعرفون له قدره، وأما الرافضة فإنهم يغلون فيه مع بقية الاثني عشر بأشياء لا تليق إلا بالله سبحانه وتعالى، وأهل السنة معتدلون متوسطون يحبون الصالحين من أهل البيت، ويحبون الصحابة، ويحبون كل من كان مستقيماً ويثنون عليه، ويعرفون لأهل البيت فضلهم وقدرهم، ولا يبخسونهم حقوقهم، ولكنهم لا يغلون ولا يجفون، والحق وسط بين الغلو والجفاء، وبين الإفراط والتفريط.
[ عن صفية ].
هي أم المؤمنين صفية بنت حيي بن أخطب رضي الله تعالى عنها، وهي من بني إسرائيل، تزوجها الرسول صلى الله عليه وسلم في منصرفه من خيبر، وحديثها أخرجه أصحاب الكتب الستة.
الجواب: نعم، مثل هذا جائز، فللمعتكف أن يخرج من معتكفه لقضاء حاجته لمثل هذا الأمر، كأن يخرج مع أهله ومع زوجته لاسيما في الليل.
الجواب: لا شك أن التدخين من المعاصي، وسواء كان الإنسان محدثاً أو متابعاً لمحدث أو فاعلاً لمعصية من المعاصي، كل ذلك في المدينة خطر؛ لأن المعصية في الحرم ليست كمعصية في غير الحرم، من يعص الله في حرم الله ليس كمن يعصيه في أماكن بعيدة، وكون الإنسان يعصي الله في الحرام، فإنه يكون قد جمع بين خصلتين ذميمتين وهما: كونه عصى الله، وكون ذلك في الحرم، وأما الذي يعصي الله في غير الحرم فيكون عنده خطأ واحد وهو أنه عصى الله عز وجل.
إذاً: الذي يعصي الله في الحرم سواء في مكة أو المدينة فهو بالإضافة إلى كونه عصى الله قد عصاه في الحرم أيضاً، فالأمر أخطر والأمر أشد، ومن المعلوم أن السيئات لا تضاعف في الحرم تضعيف الكميات، ولكنها تضخم وتضاعف بالكيف، لا يقال: إن السيئة تصير سيئتين أو أربعاً أو ثلاثاً، ولكن السيئة في الحرم ليست كالسيئة في غير الحرم، وكذلك في الأزمان المقدسة مثل رمضان، الأمر في ذلك أخطر، سواء كان انتهاك حرمة المكان، أو انتهاك حرمة الزمان.
الجواب: إذا كانت لا تتقن الصلاة، ولا تعرف ما يتعلق بالصلاة فهي لا تزال في فقدها للوعي وإن وجد شيء من الوعي، وأما إذا عاد وعيها بحيث إنها تتقن الصلاة وتعرف ما يتعلق بها، فإن الأمر يتغير عما كان عليه من قبل من كونها معذورة وتكون غير معذورة، وأما إن كانت تعرف بعض أولادها، ولكنها لا تتقن الصلاة ولا تعرف ما يتعلق بالصلاة، وقد تصلي ولا تعرف عدد ركعات الصلاة، ولا ما يقال في الصلاة، فهي تكون معذورة.
الجواب: لا؛ لأنه كما هو معلوم أن النوى ليس تمراً، وإنما هو طعام للإبل وليس طعاماً للناس، فلا يشترط أن يكون يداً بيد، فهذه عين بعين يمكن أن تكون يداً بيد ويمكن أن يعطيه نوى وبعد ذلك يأخذ عنباً.
من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر