حدثنا مسدد بن مسرهد قال حدثنا حفص عن الأعمش عن أبي السفر عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما قال: (مر بي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وأنا أطين حائطاً لي أنا وأمي، فقال: ما هذا يا
أورد الإمام أبو داود السجستاني رحمه الله تعالى باباً فيما جاء في البناء.
والمقصود من ذلك بنيان البيوت وغيرها، والمقصود من ذكر هذه الترجمة ذكر ما ورد من الأحاديث المتعلقة بالبناء، والحاجة إلى البنيان أمر معلوم، والناس لابد لهم من البنيان واتخاذ الأماكن التي يتخذونها سكناً، والمحذور هو الذي يكون فيه مفاخرة وتكبر أو ما إلى ذلك.
وقد أورد أبو داود عدة أحاديث أولها حديث عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله تعالى عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم مر به وهو يطين حائطاً له هو وأمه، والمقصود بالتطيين: أنه يبني شيئاً بالطين، فقال: ما هذا؟ قال: شيئاً نصلحه، يعني: أنه فيه خلل فيصلحه.
قال: (الأمر أسرع من ذلك) يعني: أن الموت قريب. وهذا لا يدل على المنع من ذلك، بل فيه بيان ذهاب وفناء الدنيا، وأن الإنسان لابد أن يغادر هذه الحياة الدنيا، وأن عليه أن يعتني بعمارة الدار الآخرة، وإذا فعل ما يحتاج إليه من البنيان في هذه الحياة الدنيا فلا بأس بذلك، ولهذا كان بعض العلماء قد وعظ البعض وعظاً عظيماً كبيراً، ونصحه بنصيحة قيمة وموعظة بليغة، وكان مما قاله فيها: فاعمر قبرك كما عمرت قصرك. إشارة إلى الاستعداد للدار الآخرة، وأن الإنسان يعمل الأعمال الصالحة التي يجد فيها السلامة والنجاة في القبر وما بعد القبر، أما وقد حصلت العناية في أمور الدنيا فلا بد أن تكون العناية بما هو أهم وأعظم من أمور الآخرة.
والرسول صلى الله عليه وسلم أول ما قدم المدينة نزل ضيفاً على أبي أيوب الأنصاري رضي الله تعالى عنه، وكان بيته مكوناً من دورين، وكان الرسول صلى الله عليه وسلم في الدور الأسفل، وكان هو في الدور الأعلى، فجاء إلى الرسول صلى الله عليه وسلم وطلب منه أن يتحول من الأسفل إلى الأعلى، وقال: لا أحب أن أكون فوقك يا رسول الله، فانتقل عليه الصلاة والسلام إلى الدور الأعلى.
فالبنيان المحتاج إليه لا بأس به، وهذا أمر لا بد منه، وهو من الأمور الضرورية للناس، وهذا الذي قاله الرسول صلى الله عليه وسلم ليس منعاً، وإنما هو تنبيه إلى ما هو الأهم والأعظم، وأن الإنسان يستعد للموت، والاستعداد للحياة لا يحتاج إلى أن يوصى الإنسان به فهو مستعد بدون أن يوصى، ولكن الاستعداد للآخرة هو الذي يحتاج إلى تنبيه ووصية.
مسدد بن مسرهد ثقة أخرج له البخاري وأبو داود والترمذي والنسائي .
[ حدثنا حفص ].
حفص بن غياث ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن الأعمش ].
الأعمش هو سليمان بن مهران الكاهلي الكوفي ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن أبي السفر ].
أبو السفر هو سعيد بن يحمد وهو ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن عبد الله بن عمرو ].
عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله تعالى عنهما الصحابي الجليل، أحد العبادلة الأربعة من أصحاب النبي عليه الصلاة والسلام، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
أورد أبو داود حديث عبد الله بن عمرو من طريق أخرى، وفيه أنه قال: (خصَّا)، والخص قيل هو: البنيان أو الشيء المتخذ من الخشب والقصب، وهناك قال: (نطين) فإما أن تكون القصة قصتين أو أنها واحدة، ولكنه يعالجه بالبنيان بأن يبني في أسفله حتى يثبت فيه الخشب والقصب، فإذا كانت القصة واحدة فلا تنافي بينهما، فالتطيين لا ينافي إصلاح أو معالجة ما هو متخذ من الخشب والقصب، وذلك لأن الأساس في الأصل إنما يكون بالطين، حيث تبنى جوانبه بالطين حتى يتماسك.
عثمان بن أبي شيبة ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا الترمذي وإلا النسائي فقد أخرج له في عمل اليوم والليلة.
[ وهناد ].
هناد بن السري أبو السري ثقة أخرج له البخاري في خلق أفعال العباد ومسلم وأصحاب السنن.
[ حدثنا أبو معاوية ].
هو محمد بن خازم الضرير الكوفي، وهو ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن الأعمش ].
الأعمش مر ذكره.
أورد أبو داود حديث أنس بن مالك رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم خرج يوماً ورأى قبة مشرفة، يعني: أنها عالية، فقال: لمن هذه؟ قالوا: لفلان، فكان ذلك الرجل يأتي إلى النبي صلى الله عليه وسلم، وكان الرسول صلى الله عليه وسلم لا يظهر له انبساطاً، فتأثر هذا الرجل، فأخبر بعض الصحابة بالذي رآه من رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأنه فهم أن في نفسه شيئاً عليه، فقالوا له: إنه سأل عن القبة وإنه ذكر القبة، فذهب وهدمها، فلقيه بعد ذلك فأخبره أنه هدمها فقال: (إن كل بناء وبال على صاحبه إلا ما لا، إلا ما لا. يعني: إلا ما لا بد منه)، يعني الشيء الذي لا يحتاج إليه الإنسان فإنه يكون ضرراً على صاحبه، ولعله اتخذ القبة وجعلها مشرفة، فكان هذا فيه شيء من الصفات الغير حميدة التي قد يفهم منها شيئاً من التكبر أو الترفع، فقال الرسول صلى الله عليه وسلم ما قال.
والحديث ضعفه الألباني في ضعيف أبي داود ، ولكنه أشار إلى أن إسناده جيد أظنه في (الضعيفة)، وفيه رجل وصفه الحافظ بأنه مقبول، والذهبي قال في الكاشف: إنه صدوق، وهو ابن حاطب هذا.
والحديث على حسب ما جاء عن الذهبي أن فيه رجلاً صدوقاً، معناه أن الإسناد جيد، وأما الحافظ فقد قد قال عنه في (التقريب) مقبول، ولا أدري ما وجه قوله عنه: مقبول. (خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم فرأى قبة مشرفة فقال: ما هذه؟ قال له أصحابه: هذه لفلان. رجل من الأنصار، قال: فسكت وحملها في نفسه حتى إذا جاء صاحبها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يسلم عليه في الناس أعرض عنه، صنع ذلك مراراً حتى عرف الرجل الغضب فيه والإعراض عنه، فشكا ذلك إلى أصحابه، فقال: والله إني لأنكر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، قالوا: خرج فرأى قبتك، قال: فرجع الرجل إلى).
يعني: يراه متغيراً متأثر، وأنه كان يعرض عنه فلم يكن كما كان من قبل، فظن أن في الأمر شيئاً، فسأل بعض الصحابة فأخبروه عن قصة القبة. (فرجع الرجل إلى قبته فهدمها حتى سواها بالأرض، فخرج رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ذات يوم فلم يرها، قال: ما فعلت القبة؟ قالوا: شكا إلينا صاحبها إعراضك عنه فأخبرناه فهدمها، فقال: أما إن كل بناء وبال على صاحبه إلا ما لا، إلا ما لا. يعني: ما لابد منه)
أي ما لابد منه، وهذا فيه حذف اسم لا وخبرها، ويحذف أحياناً الاسم والخبر، وأحياناً يحذف الاسم دون الخبر، مثلما جاء في قول الله عز وجل: فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ [الزلزلة:7] إن خيراً فخير وإن شراً فشر. يعني: حذف كان واسمها وبقي الخبر، وكذلك أيضاً هنا حذف اسم لا النافية للجنس وخبرها، وكذلك قول الله عز وجل في سورة الطلاق: فَعِدَّتُهُنَّ ثَلاثَةُ أَشْهُرٍ وَاللاَّئِي لَمْ يَحِضْنَ [الطلاق:4] حذف المبتدأ والخبر.
وقوله: وَاللاَّئِي لَمْ يَحِضْنَ أي: فعدتهن ثلاثة أشهر مثل الذي قبله.
أحمد بن يونس ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ حدثنا زهير ].
زهير بن معاوية ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ حدثنا عثمان بن حكيم ].
عثمان بن حكيم ثقة أخرج له البخاري تعليقاً ومسلم وأصحاب السنن.
[ أخبرني إبراهيم بن محمد بن حاطب القرشي ].
إبراهيم بن محمد بن حاطب قال عنه في التقريب: صدوق أخرج له أبو داود .
[ عن أبي طلحة الأسدي ].
أبو طلحة الأسدي مقبول أخرج له أبو داود، وفي الكاشف قال عنه الذهبي صدوق.
[ عن أنس ].
أنس رضي الله عنه صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم وخادمه، وأحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم.
حدثنا عبد الرحيم بن مطرف الرؤاسي حدثنا عيسى عن إسماعيل عن قيس عن دكين بن سعيد المزني رضي الله عنه قال: (أتينا النبي صلى الله عليه وآله وسلم فسألناه الطعام، فقال: يا
أورد أبو داود باباً في اتخاذ الغرف.
والغرف: هي التي تكون عالية مثل الدور الثاني، وقال الله: غُرَفٌ مِنْ فَوْقِهَا غُرَفٌ [الزمر:20] فهذا هو المقصود بها.
وأورد هذا الحديث الذي فيه أنه قال: سألنا الرسول الطعام فقال: (أعطهم يا عمر)، فخرج وذهب بهم إلى علية يعني: غرفة عالية، وأخذ المفتاح من غرفته ففتح.
وقد مر الحديث الذي أشرت إليه من كون بيت أبي أيوب الأنصاري كان مكوناً من دورين، وأن الرسول صلى الله عليه وسلم سكن في الطابق الأسفل، وبعد ذلك طلب منه أن يتحول إلى الأعلى، وقال: إنه لا يريد أن يكون فوق رسول الله صلى الله عليه وسلم، فتحول.
عبد الرحيم بن مطرف الرؤاسي ثقة أخرج له أبو داود والنسائي .
[ حدثنا عيسى ].
عيسى بن يونس بن أبي إسحاق ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن إسماعيل ].
إسماعيل بن أبي خالد، وهو ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن قيس ].
قيس بن أبي حازم، وهو ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة، وقيس هذا مخضرم، وقيل بأنه اتفق له أن روى عن العشرة المبشرين بالجنة.
[ عن دكين بن سعيد المزني ].
دكين بن سعيد المزني صحابي أخرج له أبو داود .
حدثنا نصر بن علي أخبرنا أبو أسامة عن ابن جريج عن عثمان بن أبي سليمان عن سعيد بن محمد بن جبير بن مطعم عن عبد الله بن حبشي رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (من قطع سدرة صوب الله رأسه في النار).
سئل أبو داود عن معنى هذا الحديث، فقال: هذا الحديث مختصر، يعني: من قطع سدرة في فلاة يستظل بها ابن السبيل والبهائم عبثاً وظلماً بغير حق يكون له فيها صوب الله رأسه في النار ].
أورد أبو داود باباً في قطع السدر.
والسدر: هو الشجر الذي ينبت في الفلاة ويكون كبيراً، والناس يتخذونه ظلاً يستظلون به من الشمس، أو يقيلون تحته في أثناء الطريق، وقد مر أن الرسول صلى الله عليه وسلم كان إذا نزل وأصحابه في البر يستظلون بالشجر، وقد مر قريباً أن بلالاً كان في ظل شجرة كأن ظله ظل طائر، وهذا هو المراد بالنهي عن قطع السدر، وأنه لا يقطع إلا إذا كان هناك حاجة إلى قطعه ولم يكن هناك حاجة إليه، وإلا فإن الحطب يؤخذ من هذه الأشجار، وكذلك الأبواب تتخذ من هذه الأشجار.
ولكن إذا كان القطع عبثاً أو لغير فائدة أو أن ذلك يؤدي إلى إفناء تلك الأشجار التي يستظل بها الناس، أو الإتيان إلى الشجر الكبير الذي له ظل كبير ثم يقطع ويتضرر الناس به، هذا هو الذي فيه المحذور، وإلا فإن الشجر الذي لا يترتب على قطعه ضرر لا بأس بقطعه؛ لأنه يتخذ حطباً وأبواباً وغير ذلك من الأغراض التي يتخذه الناس لها.
أورد أبو داود حديث عبد الله بن حبشي رضي الله عنه قال: قال صلى الله عليه وسلم (من قطع سدرة صوب الله رأسه في النار).
هذا بيان لذنبه، وأنه يستحق عذاب النار، ولكن هذا قيل: إنه في شجر الحرم، وقد جاء في بعض الروايات أنها من شجر الحرم.
وقال أبو داود وغيره: إن المقصود من ذلك الشيء الذي يحتاج إليه الناس مثلما جاء في الذي يبول ويتغوط تحت الشجر، وأن هذا يؤذي الناس ويحرمهم من الاستظلال، فيكون من جنس هذا، فهو ممنوع من أجل حاجة الناس إلى ذلك، فإذا لم يكن هناك حاجة إليها وكان الشجر قصيراً أو صغيراً يحتاج الناس إليه للحطب لاسيما إذا كان يابساً، فإنه لا محذور في ذلك ولا بأس به، ولكن الشيء الذي يستفاد منه ويحتاج الناس إليه يمنع من قطعه.
قوله: (صوب الله رأسه في النار) يعني: نكسه وألقاه على رأسه.
نصر بن علي بن نصر بن علي الجهضمي ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ أخبرنا أبو أسامة ].
أبو أسامة حماد بن أسامة ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن ابن جريج ].
هو عبد الملك بن عبد العزيز بن جريج، ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن عثمان بن أبي سليمان ].
عثمان بن أبي سليمان ثقة أخرج له البخاري تعليقاً ومسلم وأبو داود والترمذي في الشمائل والنسائي وابن ماجة .
[ عن سعيد بن محمد بن جبير بن مطعم ].
سعيد بن محمد بن جبير مقبول أخرج له أبو داود والنسائي .
[ عن عبد الله بن حبشي ].
عبد الله بن حبشي رضي الله عنه صحابي أخرج له أبو داود والنسائي .
والحديث صححه الألباني وفيه هذا المقبول، ويمكن أن يكون له شواهد، ولعل الذي بعده يشهد له.
وهذا من طريق أخرى، وهي تكون متابعة للرواية السابقة، والرواية السابقة فيها مقبول، والثانية فيها مبهم، والمبهم غير المذكور؛ لأن المبهم قيل: إنه من ثقيف، وأما ذلك فهو من بني نوفل، فهذا غير هذا، ولا يقال: إن هذا هو هذا، بل هذا طريق آخر، والشخص غير الشخص، فهذه الطريق التي فيها هذا المبهم تكون فيها متابعة لتلك الطريق التي فيها الرجل الذي قيل عنه مقبول، وهو الذي يعتضد حديثه إذا جاء من طريق أخرى.
قوله: [ حدثنا مخلد بن خالد ].
مخلد بن خالد الشعيري وهو ثقة أخرج له مسلم وأبو داود .
سلمة بن شبيب ثقة أخرج له مسلم وأصحاب السنن.
[ حدثنا عبد الرزاق ].
عبد الرزاق بن همام الصنعاني اليماني ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ أخبرنا معمر ].
معمر بن راشد الأزدي البصري ثم اليماني ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن عثمان بن أبي سليمان عن رجل من ثقيف عن عروة بن الزبير ].
عثمان بن أبي سليمان مر ذكره في الإسناد السابق.
و عروة بن الزبير ثقة فقيه من فقهاء المدينة السبعة في عصر التابعين، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
تنبيه: يلحق بالسدر غيره من الأشجار التي يستظل الناس بها؛ لأن النهي ليس من أجل كونه سدراً، وإنما من أجل الاستفادة منه، وأما بالنسبة للحرم فكل شجر الحرم لا يقطع إلا الشيء الذي استغرسه وزرعه الناس فإنهم يقطعونه.
أورد أبو داود حديث حسان بن إبراهيم وهو مرسل مقطوع.
يقول حسان : [ سألت هشام بن عروة عن قطع السدر، وهو مستند إلى قصر عروة ، فقال: أترى هذه الأبواب والمصاريع إنما هي سدر عروة ، كان عروة يقطعه من أرضه، وقال: لا بأس به، زاد حميد فقال: هيه يا عراقي جئتني ببدعة، قال: قلت: إنما البدعة من قبلكم ].
أي: كان هشام مستند إلى البيت الذي فيه تلك الأبواب والمصاريع، وسأله حسان بن إبراهيم عن قطع السدر، فقال: هذه الأبواب وهذه المصاريع هي من السدر. ومعناه أن ذلك جائز، فكأنه كلم أن ذلك لا يجوز، وهذا يخالف ما قاله له من أن هذه الأبواب من السدر، وأن ذلك جائز.
فقال: جئتني ببدعة، قال: البدعة من جهتكم حدثني رجل: (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لعن قاطع السدر).
يعني: هذا الكلام الذي قاله حسان وكان يخاطب به هشام بن عروة وقال له: جئتني ببدعة، يخالف ما قاله من أن الأبواب تتخذ من السدر، وأن ذلك سائغ وجائز، فذكر هذا الحديث.
ومعلوم أن حساناً متأخر ففيه انقطاع؛ لأن حساناً من الطبقة الثامنة مات سنة ست وثمانين وله مائة سنة، أي أنه مولود في القرن الأول، ولعله لقي أحد الصحابة لأن أنساً توفي سنة مائة وعشرة فلعله أدركه، فيمكن من ناحية الزمن أن يكون أدركه، ولكنه من حيث الطبقة متأخر جداً.
هنا قال: [ هيه يا عراقي! جئتني ببدعة، قال: إنما البدعة من قبلكم ].
يعني هذا الذي جئت به أو الذي قلته هو منكم.
قوله: [ فقد سمعت من يقول هذا بمكة].
يعني أنه ليس من العراق بل من مكة.
فـهشام بن عروة يقول: إن هذه الأبواب من السدر، فكأن ذاك قال له: إن هذا لا يجوز، ثم قال: جئتني ببدعة، قال: البدعة من قبلكم فقد حدثني بهذا رجل من الحجاز وليس من جهة العراق.
هو القواريري، وهو ثقة أخرج له البخاري ومسلم وأبو داود والنسائي .
[ وحميد بن مسعدة ].
صدوق أخرج له مسلم وأصحاب السنن.
[ حدثنا حسان بن إبراهيم ].
حسان بن إبراهيم صدوق يخطئ أخرج له البخاري ومسلم وأبو داود.
[ عن هشام بن عروة ].
هشام بن عروة ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة.
حدثنا أحمد بن محمد المروزي قال: حدثني علي بن حسين قال: حدثني أبي قال: حدثني عبد الله بن بريدة قال: سمعت أبي بريدة رضي الله عنه يقول: سمعت رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم يقول: (في الإنسان ثلاثمائة وستون مفصلاً، فعليه أن يتصدق عن كل مفصل منه بصدقة، قالوا: ومن يطيق ذلك يا نبي الله؟ قال: النخاعة في المسجد تدفنها، والشيء تنحيه عن الطريق، فإن لم تجد فركعتا الضحى تجزئك) ].
أورد أبو داود باب إماطة الأذى عن الطريق. يعني: الذي يؤذي الناس من حجر أو شوك أو زجاج أو غير ذلك يماط عن الطريق، وهي من شعب الإيمان كما في حديث شعب الإيمان: (أعلاها قول: لا إله إلا الله، وأدناها إماطة الأذى عن الطريق، والحياء شعبة من الإيمان) فهي من جملة الأعمال التي هي داخلة في مسمى الإيمان.
أورد أبو داود حديث بريدة بن الحصيب رضي الله تعالى عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (في الإنسان ثلاثمائة وستون مفصلاً).
يعني: مثل مفاصل الأصابع والكف والمرفق والإبط.
(فعليه أن يتصدق عن كل مفصل منه بصدقة).
فرأوا أن ذلك شاق فقالوا: من يطيق؟ وظنوا أن ثلاثمائة وستين عملاً لا بد أن تعمل، وأن ثلاثمائة وستين صدقة لا بد أن تدفع فيكون كثيراً وشاقاً، والرسول صلى الله عليه وسلم بين لهم أن هناك أموراً وأعمالاً تقوم مقام هذا العدد فقال: (النخاعة في المسجد تدفنها، والشيء تنحيه عن الطريق).
وهذا محل الشاهد، وذلك أن الإنسان عندما ينحي أو يميط فهو يفعل ذلك بيديه وبحركته، ومعلوم أن تلك المفاصل تشتغل وتتحرك.
ثم قال: (فإن لم تجد فركعتا الضحى تجزئك).
يعني تجزئك عن هذه: لأن ركعتي الضحى هي حركات وقيام وركوع وسجود، والأعضاء والمفاصل كلها تتحرك بسبب هذا الفعل، فيكون قد أدى هذه الصدقات، ولكن العمل الذي فيه الصدقة متعد لأن إماطة الأذى عن الطريق صدقة منه على غيره، وصدقة منه على نفسه، وكون الإنسان يدفن النخاعة ويزيلها هو نفع متعد؛ لأن الناس يرون هذا الذي يستقذرونه في المسجد، وبعد ذلك إن لم يجد ما يتعدى نفعه فيجزئه عن ذلك ركعتا الضحى، ومعلوم أن نفع الركعتين قاصر وليس متعدياً.
وكل ذلك فيه عمل هذه المفاصل، فيكون الإنسان تصدق على نفسه وعلى غيره فيما نفعه متعد، وتصدق على نفسه فيما إذا كان النفع قاصراً وليس متعدياً كالصلاة.
ونص على ركعتي الضحى لأنها ليست متعلقة بفرائض فتكون جبراً؛ لأن النوافل التي تكون قبل الفرائض وبعدها هي سياج لها وتكون جبراً لها، وقد جاء في الحديث (أن أول ما يحاسب عليه العبد يوم القيامة الصلاة فيقال: انظروا هل لعبدي من صلاة نفل فيتمم به صلاة الفرض) يعني: يتمم به ما نقص من صلاة فرضه، فتكون تلك النوافل جوابر، وأما ركعتا الضحى فليس لهما علاقة بالفرائض بل هي مستقلة.
ثم أيضاً هي في وقت يطول فيه الفصل بين الصلوات؛ لأن ما بعد صلاة الفجر إلى الزوال لا توجد إلا الضحى، فيكون الإنسان في هذا الوقت قد أتى بهذا العمل في هذا الوقت الطويل الذي كان آخر عهده بالعبادة في صلاة الفجر، وبعد ذلك سيأتي وقت صلاة الظهر والنوافل التي قبلها بعد الزوال.
أحمد بن محمد بن ثابت المروزي هو ابن شبويه، وهو ثقة أخرج له أبو داود .
[ حدثني علي بن حسين ].
علي بن حسين بن واقد صدوق يهم أخرج له البخاري في الأدب المفرد ومسلم في المقدمة وأصحاب السنن.
[ حدثني أبي ]
وهو ثقة أخرج له البخاري تعليقاً ومسلم وأصحاب السنن.
[ حدثني عبد الله بن بريدة ].
عبد الله بن بريدة بن حصيب ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ سمعت أبي ].
أبوه هو بريدة بن الحصيب رضي الله عنه، وهو صحابي أخرج له أصحاب الكتب الستة.
قال أبو داود : لم يذكر حماد الأمر والنهي ].
أورد أبو داود حديث أبي ذر رضي الله عنه أن النبي قال: (يصبح على كل سلامى من الناس صدقة) والسلامى هي بمعنى المفاصل، مثل مفاصل اليدين، وقيل: هي جميع المفاصل، وهو مثل الذي قبله.
ثم ذكر جملة من الأعمال تكون من الصدقة قال: (تسليمه على من لقي صدقة).
يعني: صدقة منه على نفسه وعلى غيره؛ على غيره لأنه دعا له، وعلى نفسه لأنه بدأ بالسلام فهو مأجور ومثاب على ذلك، وهو محسن إلى نفسه وإلى غيره.
(وأمره بالمعروف صدقة).
كونه يأمر بمعروف، ويرشد إلى خير ويدل عليه، وينبه على فعل مأمور ليفعل هي صدقة منه على نفسه وعلى غيره، صدقة منه على غيره لأن غيره يأخذ بهذا الأمر ويستفيد فيفعل المعروف، وهذا كان سبباً في إفادته ودعوته فيكون مأجوراً على ذلك.
قوله: (ونهيه عن المنكر صدقة).
كما أن الأمر بما هو معروف صدقة فكذلك النهي عما هو منكر والتحذير من أمر محرم صدقة، أو أنه يخشى أن يقع غيره فيه فينبهه على ذلك فيكون صدقة منه على نفسه وعلى غيره.
قوله: (وإماطته الأذى عن الطريق صدقة).
وإماطته الأذى عن الطريق صدقة منه على نفسه وعلى غيره.
(وبضعته أهله صدق).
يعني: مجامعة أهله صدقه على نفسه وعلى غيره.
(قالوا: يا رسول الله! يأتي شهوة وتكون له صدقة، قال: أرأيت لو وضعها في غير حقها أكان يأثم؟)
يعني: أنه يستفيد منه، ومنفعته عائدة إليه ويكون له فيها أجر، قال: أرأيتم لو وضعها في حرام أكان يأثم؟ قالوا: نعم. قال: فكذلك إذا وضعها في حلال، فإنه يؤجر، لأنه يعف نفسه ويعف غيره.
وهذا فيه دليل على إثبات القياس؛ لأنه قاس حالاً على حال، فالمقيس عليه هو وضعها في حرام وأنه يأثم، فيقاس عليه أنه إذا وضعها في حلال فإنه يؤجر.
قوله: (ويجزئ عن ذلك كله ركعتان من الضحى).
وهذا مثلما في الحديث الذي قبله.
مسدد مر ذكره.
[ حدثنا حماد بن زيد ].
حماد بن زيد ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ ح وحدثنا أحمد بن منيع ].
أحمد بن منيع ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن عباد بن عباد ].
عباد بن عباد ثقة ربما وهم أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن واصل ].
[ واصل بن عيينة وهو واصل مولى أبي عيينة صدوق أخرج له البخاري في الأدب المفرد ومسلم وأبو داود والنسائي وابن ماجة .
[ عن يحيى بن عقيل ].
يحيى بن عقيل صدوق أخرج له البخاري في الأدب المفرد ومسلم وأبو داود والنسائي وابن ماجة .
[ عن يحيى بن يعمر ].
يحيى بن يعمر ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن أبي ذر ].
هو جندب بن جنادة رضي الله عنه، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
[ قال أبو داود : لم يذكر حماد الأمر والنهي ].
يعني حماد بن زيد الذي في الطريق الثانية المقابلة لطريق عباد بن عباد.
وقد ساقه على لفظ عباد وقال: إنه أتم، وقال: إن حماد بن زيد لم يذكر الأمر والنهي، يعني قوله: (أمره بمعروف صدقة، ونهيه عن منكر صدقة).
أورد أبو داود الحديث من طريق أخرى، وقال: بهذا الحديث وذكر النبي صلى الله عليه وسلم في وسطه.
معناه: أنه جاء في أثناء الحديث، ويوضح ذلك الجماعة الذين جاءوا إلى رسول الله وقالوا: ذهب أهل الدثور بالأجور يصلون كما نصلي وكذا وكذا، فالرسول صلى الله عليه وسلم قال لهم كذا وكذا، فيكون معنى ذكر النبي صلى الله عليه وسلم في وسطه: أنه ما جاء ذكر النبي في أوله كما في الأحاديث الأخرى التي يقول فيها: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم، وإنما فيه كلام ثم جاء ذكر النبي في وسطه.
وذكر النبي صلى الله عليه وسلم في وسطه إخبار عن الحالة الواقعة، وهي أن النبي مذكور في الوسط، ولكنه في عون المعبود قال: إن ذكر النبي هنا فاعل.
يقول: وذكر النبي صلى الله عليه وسلم بالرفع فاعل، ذكر أي: ذكر النبي صلى الله عليه وسلم هذا الحديث في وسطه بفتح الواو وسكون السين، أي: في وسط كلامه، فالضمير المجرور يرجع إلى كلام النبي صلى الله عليه وسلم.
لأن الظاهر أن كلمة (ذكر النبي) تماثل: وذكر النبي في وسطه، أي: الرواي، أو أن الذي ساق الحديث ذكر النبي في وسطه وما جاء ذكر النبي في أوله وقال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم، وإنما ذكر شيئاً ثم جاء ذكر النبي في أثنائه.
وهب بن بقية الواسطي ثقة أخرج له مسلم وأبو داود والنسائي .
[ أخبرنا خالد ].
خالد بن عبد الله الطحان الواسطي ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن واصل عن يحيى بن عقيل عن يحيى بن يعمر عن أبي الأسود الديلي ].
وقد مر ذكرهم، وأما أبو الأسود الديلي فهو ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن أبي ذر ].
مر ذكره.
أورد أبو داود حديث أبي هريرة أن رجلاً نزع غصناً في طريق، وكان رجلاً لم يعمل خيراً قط؛ فشكر الله له ذلك فأدخله الجنة.
(إما كان في شجرة فقطعه وألقاه، وإما كان موضوعاً فأماطه).
إما كان في شجرة فقطعه لأن الشجرة تؤذي المارة وتعترضهم وتؤذيهم، فقطع ذلك الغصن حتى إذا مر الناس لا يؤذيهم ذلك الغصن، أو أنه كان موجوداً في الطريق فأزاله عن الطريق الذي يمر به الناس، وهذا يدل على فضل إماطة الأذى عن الطريق.
وقوله: (لم يعمل خيراً قط) لا يعني ذلك أنه لم يكن فعل شيئاً من الأعمال مثل الصلاة وغيرها، فإن تلك أمور لا بد منها.
عيسى بن حماد هو الملقب زغبة وهو ثقة أخرج له مسلم وأبو داود والنسائي وابن ماجة .
[ أخبرنا الليث ].
الليث بن سعد المصري ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن محمد بن عجلان ].
محمد بن عجلان صدوق أخرج له البخاري تعليقاً ومسلم وأصحاب السنن.
[ عن زيد بن أسلم ].
زيد بن أسلم ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن أبي صالح ].
أبو صالح السمان وهو ذكوان وهو ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن أبي هريرة ].
أبو هريرة عبد الرحمن بن صخر الدوسي رضي الله عنه صاحب رسول الله عليه الصلاة والسلام، وهو أكثر الصحابة حديثاً على الإطلاق.
والرجل يراد به رجلاً من الأمم السابقة، ويحتمل كونه من هذه الأمة.
حدثنا أحمد بن محمد بن حنبل حدثنا سفيان عن الزهري عن سالم عن أبيه رضي الله عنه رواية، وقال مرة: يبلغ به النبي صلى الله عليه وآله وسلم: (لا تتركوا النار في بيوتكم حين تنامون) ].
أورد أبو داود باباً في إطفاء النار بالليل.
يعني: إذا نام الناس والنار موجودة في البيت فإنها تطفأ، كالسرج أو كالنار التي أوقدها الناس بالحطب؛ فقد ينام الناس وينتقل اللهب، أو ينتقل شيء منها على فرشهم فيكون الحريق، وكذلك السراج إن كان له فتيلة وكان يوقد بالزيت فقد تحركه الفأرة فينقلب، ويتصل بشيء فيه احتراق فيحدث بسبب ذلك الاحتراق.
وفي هذا الزمان توجد الكهرباء ويمكن أن يترتب عليها خلل، وأن يحصل فيها التماس، فعند ذلك تطفأ، وإذا كان يغلب عليها السلامة والناس بحاجة إليها فلا بأس، وإن لم يكونوا بحاجة إلى نور عند النوم فإنهم يطفئونه، وإذا كانوا بحاجة إلى النور ويعرفون من العادة المستمرة عندهم أن مثل هذه الإضاءة تكون مفتوحة ومع ذلك لا يترتب عليها شيء من الضرر فإنه لا بأس بذلك.
أورد أبو داود حديث ابن عمر قال: (لا تتركوا النار في بيوتكم حين تنامون).
يعني: لا تتركوها مشتعلة، فاعملوا على إطفائها قبل أن تناموا.
وهذا من أدلة سد الذرائع، لأنه نهى عن هذه الوسيلة من أجل أنها تؤدي إلى غاية ضارة أو يخشى أن تؤدي إلى غاية ضارة.
أحمد بن محمد بن حنبل الشيباني الإمام الفقيه المحدث أحد أصحاب المذاهب الأربعة المشهورة من مذاهب أهل السنة، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
سفيان بن عيينة ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة.
و الزهري هو محمد بن مسلم بن عبيد الله بن شهاب ، ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن سالم ].
سالم بن عبد الله بن عمر ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن أبيه ].
عبد الله بن عمر، وهو أحد العبادلة الأربعة من الصحابة، وأحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي عليه الصلاة والسلام.
[ قال مرة: رواية، وقال مرة: يبلغ به النبي صلى الله عليه وسلم ].
لأن هذا من الألفاظ التي بمعنى (قال رسول الله صلى الله عليه وسلم)، أو (سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم).
وأحياناً قول الصحابي (رواية) يعني أنه يرويه عن النبي صلى الله عليه وسلم، أو يقول: (يبلغ به النبي صلى الله عليه وسلم) فهي كلها من الألفاظ التي يؤتى بها لإفادة أن الحديث مرفوع؛ لكن يمكن أن يكون الراوي إنما يأتي بها لأنه لم يتيقن الصيغة التي حصلت، هل هي: (سمعت) أو هي: (قال).
ويكون الراوي عن الصحابي يقول: (رواية) أو (يبلغ به النبي) أو (ينميه إلى النبي)؛ وكلها عبارات تفيد الرفع، ولكنها تحمل على أن الراوي الذي دون الصحابي ما ضبط الصيغة التي قالها الصحابي فأتى بشيء يدل عليها، وهي كلمة (رواية) أو (يرويه) أو (ينميه) أو (يبلغ به النبي صلى الله عليه وسلم).
أورد أبو داود حديث عبد الله بن عباس أن فأرة جرت الفتيلة التي في السراج فوقعت على الخمرة، وهي الفراش الذي كان يجلس عليه الرسول صلى الله عليه وسلم، فأحرقت منها مقدار الدرهم، ومعناه: أن الإحراق حصل في هذا الموضع من هذه الخمرة، فالرسول صلى الله عليه وسلم قال: (إذا نمتم فأطفئوا سرجكم، فإن الشيطان يدل مثل هذه على هذا فتحرقكم).
يعني هذه الفأرة يدلها الشيطان على مثل هذا العمل فتحرق عليكم متاعكم وأثاثكم أو بيوتكم.
سليمان بن عبد الرحمن التمار صدوق أخرج له أبو داود .
[ حدثنا عمرو بن طلحة ].
عمرو بن طلحة صدوق أخرج له البخاري في الأدب المفرد ومسلم وأبو داود والنسائي وابن ماجة في التفسير.
[ حدثنا أسباط ].
أسباط بن نصر وهو صدوق كثير الخطأ أخرج له البخاري تعليقاً ومسلم وأصحاب السنن.
[ عن سماك ].
سماك بن حرب وهو صدوق أخرج له البخاري تعليقاً ومسلم وأصحاب السنن.
[ عن عكرمة ].
عكرمة مولى ابن عباس وهو ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن ابن عباس ].
عبد الله بن عباس بن عبد المطلب ابن عم النبي صلى الله عليه وسلم، وأحد العبادلة الأربعة من الصحابة، وأحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم.
الجواب: (يؤجر ابن آدم على كل شيء إلا البنيان) ذكره البخاري معلقاً في كتاب الطب لما زاروا خبيباً رضي الله عنه وهو يصلح بنياناً له فقال لهم: (كل شيء يؤجر فيه إلا البنيان).
وإذا صح الحديث فيحمل على الشيء الذي لا حاجة إليه، أو على ما كان من أجل التكبر أو ما إلى ذلك.
الجواب: الذي يبدو أنه لا بأس بها إلا إذا كان المقصود به التكبر، وأيضاً تركها لا شك أنه أولى؛ لأن فيها تضييع الأموال وفيها تكلفاً، الأمر الثاني: أن فيها تضييعاً للسطح وعدم الاستفادة منه مثلما هو مشاهد في المسجد القديم فسطحه لا يمكن أن يستفاد منه لأنه كله قبب، فهو شيء ضائع.
الجواب: لعله كان يرد عليه السلام ثم يعرض عنه.
الجواب: النصح مطلوب؛ لأن الإنسان قد يُهجَر وهو لا يدري ما سبب الهجر، ولكن لعل الرسول صلى الله عليه وسلم فعل ذلك مع صاحب القبة من أجل أن يتنبه وأن يحصل له التأثر، فيسأل عن الشيء الذي حصل بسببه التأثر من أجله، لكن معلوم أن النصح مطلوب، وأن الإنسان لا يهجر إلا وقد نصح، فلا يقال: إن الإنسان يهجر بدون أن ينصح.
ثم أيضاً الهجر يكون ممن ينفع هجره مثل الرسول صلى الله عليه وسلم إذا هجر، أو من له منزلة، وأما إذا هجر إنسان آخر، ولا يترتب على الهجر فائدة فليس من وراء ذلك فائدة، بل عليه أن يكثر من مناصحته ومن الاتصال به، والعمل على هدايته واستقامته، وأن يزوده بما يوضح ذلك الشيء الذي هو منتقد عليه إذا كان ذلك الانتقاد صحيحاً.
الجواب: نعم. الذي هو متلبس بمعصية لا يسلم عليه.
الجواب: سعة المجالس غير سعة البنيان الذي لا حاجة له، كما قال: (إلا ما لا) أي: ما لابد منه، أما المجالس فقد قال صلى الله عليه وسلم: (خير المجالس أوسعها) لأن المجلس الواسع يجلس فيه الناس، ويكون فيه مجال لاستماع الناس إذا جاءوا؛ فلا يرجع بعضهم لأنه ما وجد مكاناً، فإذا كان المكان واسعاً حصل فيه الاستفادة واستيعاب الزائرين أو الضيوف، بخلاف ما إذا كان ضيقاً فإنه قد يترتب على ذلك أن ينصرف بعض الناس؛ لأنه ما وجد مكاناً، فيحمل ما جاء على الشيء الذي لا حاجة إليه، وأما الشيء الذي له حاجة فإن ذلك لا بأس به ولو كان واسعاً، وهو أمر مطلوب، والرسول صلى الله عليه وسلم قال: (خير المجالس أوسعها).
الجواب: وهذه هي التي يمكن احتراقها بسبب الإهمال لها وطول مدة التشغيل قد تسبب شيئاً من الضرر.
الجواب: في القرآن: أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ [لقمان:14].
الجواب: الذي يبدو أن مثل هذا لا يدل على الوجوب؛ لأنه قال: (يجزئ عن ذلك ركعتان من الضحى) ومعلوم أن ركعتي الضحى ليستا واجبتين.
الجواب: الذي يبدو أنها واجبة؛ لأن الناس يلحقهم ضرر بها.
الجواب: نعم. يميط الأذى عن الطريق ولو كان في بلاد الكفر.
الجواب: كونه بدلاً من أن يرفعه يلقيه في الطريق لا شك أنه آثم، وهذا مثل الذي يتبول، لكن قوله: (اتقوا اللعانان) مقصود به الذي يتخلى في الطريق وفي ظل الناس الذي يستظلون به.
الجواب: نعم. لا شك أنه ناقص الإيمان؛ لأن هذا فيه إيذاء وإضرار بالناس.
الجواب: جاء عنه صلى الله عليه وسلم أنه صلاها، وهي مما أوصى به عليه الصلاة والسلام، فالمداومة عليها لا بأس به، وجاء في حديث أبي هريرة : (أوصاني خليلي صلى الله عليه وسلم بثلاث وذكر صلاة الضحى والوتر قبل النوم وصيام ثلاثة أيام من كل شهر)، فكون الإنسان يداوم على صيام ثلاثة أيام من كل شهر، وعلى ركعتي الضحى، ويوتر قبل أن ينام إذا كان لا يتمكن من الوتر في آخر الليل، هو ما أوصى به النبي أبا هريرة وقال أبو ذر يقول: (أوصاني حبيبي صلى الله عليه وسلم بهذه الثلاث).
الجواب: ما نعلم أنه ثبت بهذا حديث، وأيضاً مجرد تعلم لغة القوم لا يؤمن من مكرهم، بل يمكن أن يمكروا به وهو يعرف لغتهم ويجيدها.
الجواب: كونه يتصدق على غيره هو الأسلم له، وهذا الخاتم لا يسدد له الديون.
من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر