الجواب: قوله تعالى: وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ [البقرة:187] يعني: يتضح بياض النهار من سواد الليل.
والمسلمون اليوم تشددوا، فبعض الناس يؤخر الإفطار بعد أن تغيب الشمس بخمس دقائق أو عشر، وبعضهم يتشدد في الصباح فيمتنع عن الطعام والشراب قبل أن يطلع الفجر، وهذا أصبح صفة عامة عند كثير من المسلمين في كثير من البلاد، بل قد يؤذن المؤذن قبل أن يتبين ضوء النهار، وهذا خطأ.
إذ يجب أن نلتزم بالمطلوب، فعندنا تغيب الشمس أفطر الصائم، ويباح الطعام والشراب إلى أن يطلع الفجر، والقيد الشرعي هو أن يتبين النهار من الليل، وهذا هو القيد الذي تباح فيه الصلاة، ويشاهد بعض الإذاعات تحتاط فيؤذن المؤذن قبل الفجر بعشر دقائق أو ربع ساعة، وهذا بلاء ومصيبة؛ لأن بعض الناس يكون تاعباً في الليل، فإذا أذن المؤذن امتنع عن الطعام والشراب وصلى هناك، وإن كانت امرأة فلم تذهب إلى المسجد، وأطال في الوقت صلت قبل أن يدخل وقت الفجر.
والشريعة الإسلامية تمنع هذا، وتوجب التزام أمر الله، سواء أفراداً أو حكاماً أو دولاً.
فنرقب الوقت حتى نتبينه، وعندما يتبين يمتنع الصائمون عن الطعام، ويؤذن المؤذن للفجر، أما قبل ذلك فلم يكتب الله سبحانه وتعالى علينا أن نؤذن احتياطاً قبل الوقت بخمس دقائق، أو بعشر أو بربع ساعة، فهذا خطأ ينبغي أن يغير، أما إذا كان يؤذن المؤذن عند التبين فنتبعه.
الجواب: الثابت في البخاري ومسلم وغيره أن عدد ركعات التراويح إحدى عشرة ركعة، وهذا ثابت بنص عام، فحديث عائشة رضي الله عنها نص عام، تقول فيه: (ما زاد رسول الله صلى الله عليه وسلم في رمضان ولا في غيره عن إحدى عشرة ركعة).
وعلى هذا كان المسلمون، وإنما ينقل عن عمر أنه صلاها عشرين ركعة أو أمر بصلاتها عشرين.
وهذا النقل عن عمر له روايتان:
رواية تقول: إنه صلى بثلاث وعشرين، وأمر بذلك، ورواية أخرى تقول: إنه صلاها أو أمر أن تصلى إحدى عشرة ركعة.
والرواية الأصح هي رواية إحدى عشرة ركعة، ولذلك تكون الرواية عن عمر موافقة للرواية الصحيحة الثابتة عن الرسول صلى الله عليه وسلم.
وهذا هو الأصل، والله سبحانه وتعالى إنما كلفنا بشيء يريد منا إتقانه، فالمسألة ليست مسألة عدد ركعات.
فالتقيد بما ثبت عن الرسول الله صلى الله عليه وسلم إحدى عشرة ركعة بإتقان خير وأفضل بمراحل كثيرة من هذه الصلاة التي يصليها الناس، أي: عشرين ركعة لا إتقان فيها.
الجواب: أحياناً قد تبطل الصلاة، يعني: رأينا من الناس من يصلي التراويح كنقر الديك، كما وصف رسول الله صلى الله عليه وسلم الصلاة، معنى كنقر الديك أو نقر الغراب أنه لا يتم ركوعها، ولا سجودها، ولا يطمئن فيها، ولا يرتل القراءة بل يقرأ قراءة سريعة، فالصلاة إذا كانت بهذه الصورة فقد تكون باطلة، سواء في ذلك الإمام والمأموم.
وأحياناً: يقتصر الإمام على القدر الضروري من الاطمئنان.
وصلاة التراويح ينبغي أن يكون فيها طول، فالأيام لأجل أن يوفر لكي يؤدي فيه عشرين ركعة يحتاج إلى أن يسرع في صلاته، ولو جعل هذا الوقت الذي يؤدي فيه العشرين ركعة لصلاة إحدى عشرة ركعة بشيء من الاطمئنان لكان قد جاء بالصلاة على الوجه المطلوب المرغوب.
ويوجد بعض الناس يعللون سرعة صلاتهم بأنه يصلي وراءهم أطفال وشيوخ، والجواب عن هذا: إذا صلى الإمام إحدى عشرة ركعة بوقت معقول وبدون مشقة على الناس فهذا هو المطلوب.
أما إذا صلى عشرين ركعة بسرعة خوفاً من جلب المشقة عليهم فهذا قد أذهب الخشوع، ولم يأتِ بالمطلوب.
إذ ليس المقياس أن يرضي الناس في الصلاة، بل المقياس هو رضا الله سبحانه وتعالى، والناس إذا تعودوا على هذه الصلاة سهلت عليهم، فأول الأمر يكون فيه مشقة على الناس، لكن عند ما يألفوها ويذوقوا حلاوة العبادة والطاعة فلن يستطيعوا أن يتركوها.
لكن عندما يراعي الأئمة رغبات الناس فيفعلون ما يريده الناس، فسيترك الناس الشريعة كلها.
فالصلاة السريعة ليست هي الصلاة التي كان يفعلها الرسول صلى الله عليه وسلم، أو التي ينبغي أن تفعل في رمضان.
الجواب: الاستمرار عليها ليس من هدي الرسول صلى الله عليه وسلم، ولا من هدي الصحابة.
الجواب: ليس في الشريعة الإسلامية حث في أن يكون يومي الإثنين والخميس فيها أعمال خيرة معينة إلا الصوم، فقد كان الرسول صلى الله عليه وسلم يحب أن يصوم الاثنين والخميس؛ لأن يومي الإثنين والخميس تعرض الأعمال فيهما الله سبحانه وتعالى، ولذا قال النبي صلى الله عليه وسلم: (أحب أن يعرض عملي وأنا صائم) .
أما إطعام الطعام وصلة الأرحام والقيام وما أشبه ذلك، فما كان هاذان اليومان يخصان به، وهما يومان عاديان كأي يوم آخر.
فتخصيص هذان اليومان بالإطعام قد ينشأ في أذهان الناس أنهما يومان مفضلان على غيرهما من الأيام، فيظن فيهما الفضيلة والخيرة على غيرهما.
ونحن لا ننشئ عبادة ولا طاعة لم ينشئها الإسلام.
وإن أعظم الجنايات فعل ما لم يحببه الإسلام. فالإطعام يكون يوم الجمعة والسبت والأحد والاثنين والثلاثاء والأربعاء والخميس، بلا فرق بين هذا وهذا.
الجواب: هذه مسألة اختلف العلماء فيها:
فالإمام مالك رحمه الله يرى أنه تكفي نية من أول الشهر للشهر كله.
فلرمضان وحده نية واحدة.
والإمام أبو حنيفة يقول: لا يحتاج أن ينوي رمضان، فسواء نوى رمضان أم نافلة أم غير ذلك صح صومه.
وبقية الأئمة -والحق معهم في هذه المسألة إن شاء الله- وهم الإمام أحمد والشافعي وغيرهما من العلماء يقولون: يجب أن ينوي لكل يوم، لأن كل يوم يشكل وحدة مستقلة مثل الصلاة، فصلاة الظهر تشكل وحده، وصلاة عصر تشكل وحدة واحدة وهكذا، والدليل على ذلك قول الرسول صلى الله عليه وسلم: (لا صيام لمن لم يجمع الصيام من الليل) فصوم رمضان لابد له من نية قبل الفجر أو في الليل، ولا تصح من نهار اليوم السابق، ومع ذلك ينبغي ألا نشق على أنفسنا في النية، إذا البعض يعزم أن يقوم ليتسحر، ثم يتسحر، وعند ما يأتي الأذان يمتنع عن الطعام، وبعد الفجر يشك هل نوى أم لا؟ فهذا يحدث من بعض الناس، وهو جهل بالنية.
فلا يلزم في النية أن يقول: إني نويت أن أصوم يوم غد، وإنما النية قصد القلب وعهده على أن يصوم ذلك اليوم، بمعنى: أن يخطر في ذهنه ويعزم في قلبه أن يصوم يوم غد، فهذه هي النية.
فإذا قال في نفسه عند النوم سأقوم لأتسحر ثم لم يتسحر فقد نوى، وليست عليه أي مشكلة.
أما إذا نام إنسان قبل الغروب إلى بعد الفجر، أو أغمي عليه قبل الغروب إلى أن طلع الفجر وهو مغمى عليه فلم ينو من الليل فهنا تكون مشكلة.
فإذاً: النية واجبة، ولا بد منها لكل يوم كما هو رأي الإمام أحمد والشافعي ، فلا يجزئ صيام الشهر بنية واحدة؛ لأن كل يوم وحدة واحدة، والدليل على ذلك أنه لو صام خمسة أيام، أو أفطر خمسة أيام من الشهر، لم يبطل الشهر كاملاً.
وكذلك إذا حاضت المرأة في أثناء الشهر لأدى إلى الانقطاع، فلو كان الشهر وحدة واحدة لبطلت جميع الأيام، وهو مخالف للنصوص.
وكذلك مما يدل على أن كل يوم وحده: أننا عند ما يأتي الغروب نتناول منافيات الصيام، من أكل وشرب وجماع، فلو كان الشهر وحدة واحدة لكان الواجب صيام لياليه، فلا يأت مسلم المفطرات ليلاً ولا نهاراً.
أما صيام النافلة فالعلماء مختلفون فيها، لكن الصواب: أن الإنسان لو لم ينو من الليل، ثم نوى بعد الفجر وقبيل الظهر، ولم يتناول طعاماً ولا شراباً فصيامه صحيح. وذلك لأن الرسول صلى الله عليه وسلم كان يدخل على نسائه فيقول: أعندكم طعام؟ فيقال: لا، ما عندنا طعام، فيصوم، فينشئ الصيام بنية النهار.
وبعض العلماء يخالف في هذا فيقولون: لا يجوز إنشاء الصوم بنية من النهار؛ لكن هذا هو الصحيح والنية محلها القلب.
الجواب: نعم، هذا ثابت في صحيح البخاري وغيره عن امرأة تسمى الربيع بنت معوذ ، كان الرسول صلى الله عليه وسلم أمرها بصيام عاشورا قبل أن يكتب رمضان، قالت: قد صمناه، ثم تقول: إنهم كانوا يصومون الصبيان، ويجعلون لأحدهم من العهن أو الصوف، فإذا بكى أعطوه إياها يتسلى بها حتى يكون وقت الإفطار.
وقدرات الأطفال على الصيام تختلف، فلا يصوم من الصبيان إلا الذين لديهم القدرة على ذلك، فلا نثقل على ابن أربع سنين أو خمس، ونمنع هذا الطعام ولو بكى، فبعض الصبيان يكون عنده ثمان سنين أو تسع سنين ولا يقدر على الصوم؛ لضعف بنيته، أما الأولاد الذين عندهم القدرة على التحمل فهؤلاء يصومون.
فلا ينبغي أن نشدد مع الأطفال كما نشدد مع الكبار، فيمكن مثلاً أن نكتفي من ابن ثمان سنين أو تسع بيومين أو ثلاثة، ثم نزيده في العام الثاني أربعة أيام أو خمسة حتى يتعود.
وليست المسألة في تعويد الصبيان على الصيام مسألة تعويد فقط، بل صيامهم حال الصبا يجر عليهم صلاحاً وأجراً، فلهم أجر الثواب عند الله سبحانه وتعالى، وإن كانوا لا يؤاخذون على المعصية.
الجواب: أول يوم من أيام شوال هو يوم عيد، ويحرم صيامه، ومن صامه فقد ارتكب معصية.
ويجوز صيام الست من شوال بعد يوم العيد، فالأيام التي يحرم صيامها في شوال ليست ثلاثة أيام، بل هي يوم واحد وهو أول أيام العيد، ومن صام اليوم الثاني والثالث والرابع والخامس والسادس فلا بأس عليه، أما اليوم الأول فلا يجوز بحال من الأحوال.
الجواب: بالنسبة لعيد الفطر فأول السنن فيه: أن يخرج قبل أن يصلى العيد صدقة الفطر.
وثانيها: أن يتناول شيئاً من الطعام قبل صلاة العيد، وهذا في عيد الفطر، أما في عيد الأضحى فلا يتناول طعاماً إلا بعد الصلاة، فيأكل عيد الفطر؛ لأنه خرج من صيام فناسب أن يأكل شيئاً قبل الصلاة؛ ليسارع إلى طاعة الله سبحانه وتعالى الذي أمره بالفطر.
وثالثها: أن يكبر التكبير المشروع، لكن وقته في عيد الفطر -على الصحيح من أقوال العلماء- يبدأ من فجر يوم العيد وينتهي بانتهاء صلاة العيد.
وصيغته: الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله، والله أكبر كبيراً، والحمد لله كثيراً، والحمد لله بكرة وأصيلاً.
ورابعها: أن ينطلق إلى الصلاة من طريق ويرجع من آخر، ثم يلقي السلام.
وخامسها: أن تكون صلاة العيد في الصحراء، لا كما يفعلها الناس اليوم في المساجد.
وسادسها: أن يسلم المسلمون على بعضهم، ويدعو بعضهم لبعض بأن يتقبل الله الطاعة.
والثابت في التهنئة: تقبل الله طاعتكم.
وسابعها: أن يخرج المسلم أولاده وأهله في صلاة العيد حتى المرأة الحائض، إلا أنها لا تصلي مع المسلمين، بل تشهد دعوة الخير، فقد أمر رسول صلى الله عليه وسلم أن نخرج النساء حتى ذوات الخدور اللاتي لسن متزوجات.
وثامنها: لباس الثياب الجديدة، فالرسول صلى الله عليه وسلم كان يخصص ثياباً لهذه المناسبة.
وما كان الرسول صلى الله عليه وسلم يصلي ركعتين قبل صلاة العيد، لكن إذا ذهبنا إلى المساجد العادية فنصلي ركعتين، وهاتان الركعتان ليستا للعيد إذ ليس للعيد سنة قبلية ولا بعدية.
الجواب: مصارف الزكاة رتبت في الآية القرآنية وأصحابها: الفقراء، والمساكين، والعاملين عليها، والمؤلفة قلوبهم، والغارمين، وفي سبيل الله وابن السبيل.
والفقير والمسكين هناك اختلاف بين العلماء في أيهما أشد حاجة، والعاملون عليها: هم الذين يجمعون الزكاة من الناس.
والمؤلفة قلوبهم: هم من نتألف قلوبهم للإسلام لعلهم أن يؤمنوا، أو يحسن إسلامهم.
والغارم: هو الذي غرم مالاً للإصلاح بين الناس.
والذين في سبيل الله: هم الناس الذين يجاهدون ويقاتلون ويحاربون، وابن السبيل: هو المار المنقطع على السبيل، الذي ضاع ماله أو انتهى، فنعينه من الزكاة.
وكل من يدور فمن هؤلاء جاز إعطاؤه، ومن خرج عنهم لا يجوز إعطاؤه، مع ملاحظة أن في سبيل الله يقصد به الحرب ومقدماته، من إعداد الجيوش، وشراء السلاح، والإنفاق على رواتب الجند، فكل هذا يدخل في سبيل الله، وبعض العلماء وهذا صحيح عن بعض الصحابة يلحق في سبيل الله الحج، وطلب العلم، أما ما عدا ذلك مثل بناء المساجد، ورص الطرقات وبناء المستشفيات، فهذا عمل خير، ولكن لا يدخل في الآية، وإلا لم يصر هناك فائدة من تحديد الثمانية الأصناف، فالمقصود بسبيل الله في الآية الحرب والقتال، وألحق به الحج بنصوص ثابتة عن الصحابة رضوان الله عليهم، أما أن ندخل كل أعمال الخير في سبيل الله، فما جعلنا لتحديد الثمانية الأصناف فائدة.
الجواب: لا بأس بذلك، إذا كان فقراء البلد الآخر محتاجون حاجة أكثر وأشد من فقراء بلدنا، فالمسلمون وحدة واحدة، لكن إذا كان الفقر شديداً والحاجة ماسة في بلد الزكاة فلا ينبغي أن تنقل إلى بلد آخر، بل توزع في نفس المكان، كما أمر الرسول صلى الله عليه وسلم معاذ بن جبل بقول في الزكاة: (تؤخذ من أغنيائهم فترد في فقرائهم، أو إلى فقرائهم).
الجواب: وردت أحاديث تدل على أن النبي صلى الله عليه وسلم كان عندما تجتمع العيد والجمعة في يوم واحد يكتفي بصلاة العيد عن صلاة الجمعة، كان يقول: (وإنا مجمعون) أي: عيدان اجتمعا في يوم فتكفي صلاة واحدة.
ومع ذلك فإن الرسول صلى الله عليه وسلم كان يصلي العيد والجمعة، ليس أنه إذا صلى العيد لم يصل الجمعة، لكن من باب جواز الترك؛ لأنه وقت الجمعة على الصحيح، فالصحيح في وقت الجمعة: أنه يبدأ من وقت العيد وليس من الزوال، فنقول: نحن صلينا ركعتين في وقت الجمعة، وخطبة في وقت الجمعة، فتغني صلاة العيد عن صلاة الجمعة، ولكن ينبغي للإمام أن يجمع، فقد كان الرسول صلى الله عليه وسلم يفعل ذلك، ويقول: (وإنا مجمعون)
أما سقوط صلاة الظهر فهذا خلاف بين العلماء، فبعضهم يسقطها ويكتفي بصلاة العيد، والبعض لا يسقطها.
الجواب: زكاة الفطر تخرج في آخر رمضان، وبعض الناس يظن أنه يجوز إخراج زكاة أو صدقة الفطر في جميع الشهر، والصحيح أن وقت إخراج الفطر إنما هو يوم العيد قبل الصلاة.
أما إخراج الفطرة مالاً أو طعاماً فهو خلاف بين العلماء، لكن المتأمل يجد في إخراج الفطرة طعاماً حكم كثيرة، فمن جملتها: أن بعض البلاد لو أعطيت الفقير بها مالاً لخزنه ولم ينفقه على أولاده، ويبقى الحال هو الحال.
ومنها: أن المال يخرج من يدك إلى يد الفقير، ولا يشعر به أحد.
ومنها: من أن تظهر هذه الشعيرة وتبرز، فتتجسم هذه الأموال في كمية ضخمة من الطعام تنقل وتحمل ويطاف بها للفقراء، فتراها الزوجة والأولاد، فيعرفون أن لهم إخواناً، فيشعرون بشعورهم، ويحسون بإحساسهم، والبلاد التي عندها فقر عند ما يأتيهم الزبيب، والتمر، والأقط، والطحين، ويرونه بأعينهم، فيفرحون به فرحاً كبيراً، وقد يكونون لا يشاهدونه هذا ولا يشاهدوه إلا في هذه الأيام، فالرجل البخيل لا يستطيع بعد أن يري أهله الطعام ويقر بين أيديهم ثم يخرجه من البيت، وهذه حكمة من الحكم.
ومنها: أن للإسلام هدفاً في تنشيط العلاقات التجارية، فعند ما يشتري كل رجل قادر على الإطعام تزيد بذلك التجارة، فمثلاً في الكويت يشترى حوالي مليون صاع خلال يوم أو يومين أو ثلاثة، وهذا يحدث نشاطاً للتجار في البلد، وفي مصر يشترى ثلاثين مليون صاع، وهذه الأمور تقوي العلاقات التجارية، فهناك حكم عظمية قد لا نعلمها فلا أن نستدرك على الإسلام وعلى الرسول صلى الله عليه وسلم، فنقول: الأنفع للفقير والمسكين أن نخرجها مالاً، فالمال كان موجوداً في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم ومع ذلك أمر بإخراجها طعاماً.
والزكاة يخرجها الإنسان المسلم عن نفسه وعن من تلزمه نفقته، كزوجته وأولاده وخادمه الصغير والكبير، ولو ولد قبل رمضان ثم بقي بعد رمضان يوماً واحداً، فيخرج عنه زكاة، ويخرجها عمن يصوم لا يصوم ممن تلزمه نفقتهم.
وهناك أمر آخر بالنسبة للذين يخرجون زكاة الفطر وهو أنه لا يشترط في المخرج أن يكون غنياً، بل الغني والفقير عليهما الإخراج، بشرط أن يفضُل على ما يكفيه اليوم والليلة صاع، فأي إنسان عنده فائض عن كفايته وكفاية أولاده وأسرته في يوم وليلة فينبغي أن يخرج زكاة الفطر.
والفقير الذي عنده كفاية يوم وليلة، أو كفاية أسبوع أو أسبوعين أو شهر أو شهرين، وليس عنده ما يكفيه السنة، فيجوز أن نعطيه زكاة الفطر، ويجب عليه أيضاً أن يخرج صدقة الفطر إذا كان عنده الفائض عن قوت يوم وليلة.
الجواب: جاء الرسول صلى الله عليه وسلم إلى المدينة فوجد الأنصار لهم يومان يلعبون فيهما فقالوا: هذا كنا نلعب فيه في الجاهلية، فقال الرسول صلى الله عليه وسلم: (أبدلنا الله خيراً منهما: عيد الفطر، وعيد الأضحى) وكان المسلمون في العيد يرون الحبشة يلعبون بالحراب والطبل، وسبق عن الرسول صلى الله عليه وسلم أنه جائز، فالأمور المباحة ذلك الوقت هي ليست كوقتنا الحالي من الرقص الفاضح، والخلاعة، والفسق، والفجور المعروف بين الناس، فهذا لا يبيحه الإسلام، وإنما الأمور المباحة هي بعض الألعاب التي ليس فيها قمار، أو قلة حياء، أو غير ذلك مما نهى عنه الشرع.
أما الملاهي التي لا تخلوا من القمار، أو الفاحشة، أو يرى فيها النساء يلعبن، وهن مظهرات لمفاتنهن فلا يجوز دخولها. أما إذا كانت الألعاب مهذبة وتتفقا مع الإسلام، فلا بأس أن يشاهده بعض الناس خاصة الأطفال، لكن الأشياء التي تخالف الإسلام لا يجوز أن نبيحها في العيد، لا بهذا التوسع المذموم الذي يفعله بعض الناس، وإنما التوسع يكون في الأمور المباحة.
الجواب: الستة الأيام من شوال هي التي تثبت فيها أحاديث صحيحة عن رسول صلى الله عليه وسلم ورغب بها، وهي من صوم التطوع، فهناك صوم واجب وهو رمضان، وهناك صوم تطوع كالست من شوال، ويوم عاشورا، أي: اليوم العاشر من محرم، واليوم التاسع من شهر ذي الحجة وهو يوم عرفة، ومن جملة ذلك مما ورد عن الرسول صلى الله عليه وسلم في صيامه ستة أيام من شوال، حيث قال الرسول صلى الله عليه وسلم: (من صام رمضان وأتبعه ستة من شوال فكأنما صام الدهر)؛ لأن صيام رمضان ثلاثين يوماً أو تسعة وعشرين يوماً، والحسنة بعشر أمثالها فتصبح مائتين وتسعين يوماً أو ثلاثمائة يوم.
وعند صوم ستة أيام من شوال والحسنة بعشر أمثالها تصبح ستين يوماً، فتضاف إلى ما قبلها فتصبح ثلاثمائة وخمسين، أو ثلاثمائة وستين يوماً، والسنة الهجرية هي وسط بين هذه وبين تلك، فالرسول صلى الله عليه وسلم أخبر أن الذي يصوم ستة من شوال فكأنما صام السنة كلها؛ لأن الحسنة بعشر أمثالها.
وهذه الأيام الست يجوز صومها متفرقة، ومتتابعة، ويجوز أن يصومها المسلم من ثاني أيام العيد، ويجوز بعد ذلك إلى نهاية شهر شوال، لكن لا يجوز أن يصومها في أول أيام العيد، إذ صيامه حرام ويكون الصيام فيه باطلاً.
وأيام العيد ليس من السنة قيامها؛ لأن هذه الأيام ليست لها مزية على غيرها من الأيام حتى تفضل عليها وتخص بها، فصيام هذه الأيام الست مرغب فيه ومن لم يفعله فليس عليه شيء، وليس في ذلك حكم.
من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر