إسلام ويب

شرح ألفية ابن مالك [43]للشيخ : محمد بن صالح العثيمين

  •  التفريغ النصي الكامل
  • من الأسماء ما يلازم الإضافة ولا ينفك عنها، فمن ذلك حيث وإذ وكلا وكلتا وقبل وبعد وحسب وغيرها، ولهذه الأسماء أحكام يفصلها العلماء.

    1.   

    أحكام الأسماء التي تلازم الإضافة

    ما تضاف إليه حيث وإذ

    قال المؤلف رحمه الله تعالى:

    [وألزموا إضافة إلى الجمل حيث وإذ وإن ينون يحتمل

    إفراد إذ وما كإذ معنى كإذ أضف جوازاً نحو حين جا نبذ]

    تقدم قوله: (وبعض الأسماء يضاف أبداً).

    ومنها (حيث) فإنها تلزم الإضافة دائماً، حيث ألزموها إضافة إلى الجمل، وقوله: (إلى الجمل) يشمل الجمل الاسمية والجمل الفعلية.

    في الجمل الفعلية تقول: جلست حيث جلس زيدٌ، وتقول: جلست حيث يجلس زيد.

    وفي الجمل الاسمية تقول: جلست حيث زيد جالس.

    إذاً: هي تضاف إلى الجمل الاسمية والفعلية سواء كانت الجملة الفعلية ماضية أو مضارعة.

    وإعراب (حيث) ظرف مكان مبني على الضم في محل نصب، وقد تكون مبنية على الضم في محل جر بمن، كما في قوله تعالى: وَمِنْ حَيْثُ خَرَجْتَ فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ [البقرة:149]، فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللَّهُ [البقرة:222].

    وفيها خمس لغات: حيثُ وحيثَ وحيثِ، بتثليث الثاء، ويقال: حوثُ، بقلب الياء واواً، ويقال: حاثُ، ولعل هذه لغة بدوية.

    وهي ملازمة للإضافة إلى الجمل، ولا تضاف إلى المفرد إلا سماعاً، ومنه قول الشاعر:

    أما ترى حيث سهيلٍ طالعاً نجماً يضيء كالشهاب لامعاً

    بجر (سهيل)، وروي برفعه. ويجوز: نجمٌ، بدل (نجماً) على أنه هو نجمٌ.

    اليوم الكتاب يكتبون: حيث أن فلاناً فعل كذا، أو: حيث إن فلاناً، فنقول: يجوز الوجهان، لكن ليس على أنها مضافة إلى مفرد، بل هي مضافة إلى جملة بالوجهين.

    تقول: جلست حيث إن زيداً جالسٌ، وجلست حيث أن زيداً جالسٌ، وهي على الوجهين مضافة إلى جملة، لكن على وجه الكسر تكون مضافة إلى جملة مؤكدة بإنّ، وعلى رواية الفتح تكون (أن زيداً جالس) مؤولة بمصدر، أي: حيث جلوس زيد كائن، فتكون مؤولة بمصدر هو المبتدأ وخبره محذوف.

    لكن الأكمل والأحسن أن تقول: حيث إن زيداً جالس.

    والحاصل: أن (حيث) من الأسماء الملازمة للإضافة، وتضاف إلى الجمل الاسمية أو الفعلية، وقد تضاف إلى المفرد سماعاً.

    وكذلك: (إذ) وهي ظرف زمان، وقيل: تقع مفعولاً به ومفعولاً مطلقاً، ولكن المعروف أنها ظرف زمان، لكن المعربون الذين يعربون القرآن يعربونها على أنها مفعول مطلق مثل: وَاذْكُرُوا إِذْ كُنتُمْ قَلِيلًا [الأعراف:86]، فيقولون في إِذْ كُنتُمْ : مفعول لـ (اذكروا).

    ويقولون في قوله تعالى: وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلائِكَةِ [البقرة:30]، إن المعنى: اذكر إذ قال، على أنه مفعول به.

    إذاً: هي ملازمة للإضافة وهي ظرف، وقد تأتي للتعليل كما في قوله تعالى: وَلَنْ يَنفَعَكُمُ الْيَوْمَ إِذْ ظَلَمْتُمْ أَنَّكُمْ فِي الْعَذَابِ مُشْتَرِكُونَ [الزخرف:39]، وإذا كانت تعليلاً فقد قيل إنها حرف يراد به التعليل وليست اسماً.

    وتأتي (إذ) للماضي؛ لأن إذ وإذا وإذاً تقاسمن الزمان، واحدة قالت: لي المستقبل، وواحدة قالت: لي الحاضر، وواحدة قالت: لي الماضي.

    فالتي قالت: لي الزمان المستقبل قالت: لازم أمد نفسي من أجل أن أصل إليه وهي: إذا.

    والتي قالت: لي الماضي قالت: أنا الآن منقطعة عن وقتي فأنا أقرفص، وهي: إذ.

    والتي للحاضر قالت: أنا الآن أترنم في مكاني، وهي: إذاً.

    لكن مع ذلك قد تأتي (إذ) للمستقبل، ومثلوا لذلك بقوله تعالى: فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ * إِذِ الأَغْلالُ فِي أَعْنَاقِهِمْ [غافر:70-71]، وذلك إنما يكون يوم القيامة في المستقبل؛ ولهذا قال: (فسوف) وسوف تجعل المضارع مستقبلاً.

    ولكن بعض النحويين قالوا: هذا لا يصح، وإن (إذ) على بابها، ولكن نزل المستقبل منزلة الماضي لتحقق وقوعه، كما في قوله تعالى: أَتَى أَمْرُ اللَّهِ فَلا تَسْتَعْجِلُوهُ َ [النحل:1]، مع أنه ما أتى، ولذا قال: فَلا تَسْتَعْجِلُوهُ َ، ولكن لتحقق وقوعه قال: (أتى).

    إذاً: إذ معناها الماضي، وقد تأتي للمستقبل على قول بعض النحويين، وعلى قول آخرين: هي دائماً للماضي، ولكن ننزل المستقبل منزلة الماضي لتحققه، وقد تأتي للتعليل.

    قوله: (وإن ينون يحتمل إفراد إذ وما كإذ معنى كإذ).

    إن ينون: يعني: (إذ) إذا جاءت منونة احتمل أن تفرد عن الإضافة، ويكون التنوين عوضاً عن الجملة، وهذا كثير في القرآن وفي غير القرآن، قال الله تعالى: وَأَنْتُمْ حِينَئِذٍ تَنظُرُونَ [الواقعة:84]، يعني: وأنتم حينئذ بلغت الروح الحلقوم تنظرون.

    وكذلك تأتي في يومئذ: يَوْمَئِذٍ تُعْرَضُونَ يعني: يومئذ تقوم الساعة، إن كان قبلها: تقوم الساعة.

    المهم أنه إذا نونت احتمل إفراد إذ، أي: قطعها عن الإضافة.

    إعراب يومئذٍ: يوم: ظرف منصوب على الظرفية، ويوم: مضاف، وإذ: مضاف إليه مبني على السكون وجاءت الكسرة لالتقاء الساكنين.

    ثم قال: (وما كإذ معنى كـإذ أضف جوازاً نحو حين جا نبذ)

    قوله: (وما كإذ معنى) ما: اسم موصول، والكاف هنا يجوز أن تكون اسماً بمعنى مثل، يعني: والذي هو مثل إذ في المعنى، أي: في كونه دالاً على زمان مبهم غير مقيد؛ لأن ما يدل على الزمان منه ما هو مقيد كيوم وشهر وأسبوع، ومنه ما هو مطلق مثل: حين ووقت وزمن ودهر.. وما أشبه ذلك.

    فخرج بقولنا (مبهم) ما كان مقيداً كاليوم والشهر، فإنك تقول: جئتك شهر ربيع الأول، ولا تضفه إلى الجمل، لكن ما كان كإذ في دلالته على الزمان المبهم فإنه كإذ إلا أنه يخالفه بقوله: (أضف جوازاً) أي: إذ تضاف وجوباً، أما هذا فيضاف جوازاً.

    إذاً: فيكون كإذ في أنه مبني؛ لأن إذ مبنية، وكذلك في الإضافة إلى الجمل، لكنه لا يضاف وجوباً كما تضاف إذ. (نحو: حين جا نبذ) يعني: من يوم جاء طرد.

    إعراب (حين جاء نبذ): حين: ظرف زمان مبني على الفتح في محل نصب على الظرفية.

    جاء: فعل ماض، والفاعل مستتر جوزاً تقديره هو، وحين: مضاف إلى الجملة (جاء).

    نبذ: فعل ماض مبني لما لم يسم فاعله، ونائب الفاعل ضمير مستتر تقديره هو.

    و(حين) ظرف وتحتاج إلى متعلق، ومتعلقها هو (نبذ)، والتقدير: نبذ حين جاء.

    ولو قلت: نبذ حيناً، ولم تضفه، فذلك يجوز؛ لأن إضافته جائزة وليست بواجبة؛ ولهذا قال: (أضف جوزاً نحو حين جا نبذ).

    حكم إعراب ما يجري مجرى إذ من الظروف عند الإضافة

    أما بالنسبة للبناء والإعراب، فإنه قال:

    [وابن أو اعرب ما كإذ قد أجريا

    واختر بنا متلو فعل بنيا

    وقبل فعل معرب أو مبتدا أعرب ومن بنى فلن يفندا]

    قوله: (أو اعرب) بفتح الواو لأنه سهل همزة (أعرب) فنقلت حركتها إلى الواو قبلها.

    في الحديث: (من حج فلم يرفث ولم يفسق رجع من ذنوبه كيومَ ولدته أمه)، الكاف حرف جر، والجر يقتضي أن يكون آخر الاسم مكسوراً، والحديث: (كيومَ ولدته أمه) بفتح (يومَ)، وذلك لأنه مضاف إلى مبني فصار الأرجح فيه البناء، فنقول:

    الكاف: حرف جر.

    يوم: ظرف مبني على الفتح في محل جر بالكاف.

    ولدته: فعل وفاعل مستتر ومفعول، ويوم: مضاف، وولدته: مضاف إليه.

    ويجوز: (رجع من ذنوبه كيومِ ولدته أمه)؛ لكنه مرجوح؛ ولهذا قال: (واختر بنا متلو فعل بنيا)

    ولو قلت: هذا يومَ ينجح الطلبة، ببناء (يوم) على الفتح فإنه يجوز، كما يجوز رفعه لأنه مضاف إلى معرب وهو الفعل المضارع، ولذا قال المؤلف:

    (وقبل فعل معرب أو مبتـدا

    أعرب ومن بنى فلن يفندا).

    لكن البناء مرجوح لقوله: (ومن بنى فلن يفندا) أي: والأصل الإعراب.

    تقول: هذا يومٌ الدعاء فيه مستجاب، على الوجه الراجح، وهو هنا غير مضاف، ويجوز ذلك كما تقدم في قوله: (أضف جوازاً).

    ويجوز أن نقول: هذا يومُ الدعاء فيه مستجاب.

    ويجوز أيضاً: هذا يومٌ يُجاب فيه الدعاء.

    ويجوز: هذا يومُ يُجاب الدعاء.

    خلاصة الأبيات الثلاثة:

    (إذ) مبنية دائماً ملازمة للإضافة لفظاً أو معنى، وإذا حذفنا الإضافة منه لفظاً وجب التنوين.

    والذي كإذ في المعنى يخالفها في أنه يضاف إلى الجمل جوازاً لا وجوباً.

    ويجوز فيه الإعراب والبناء، لكن إن أضيف إلى مبني ترجح البناء، وإن أضيف إلى معرب ترجح الإعراب.

    ما تضاف إليه إذا

    قال المؤلف رحمه الله تعالى:

    [وألزموا إذا إضافة إلى

    جمل الافعال كهن إذا اعتلى]

    وألزموا: أي النحويون وليس العرب، ولو كان المقصود العرب لقال: والتزموا.

    (وألزموا إذا إضافة إلى جمل الأفعال) يعني: أن النحويين قالوا: يجب أن تضاف (إذا) إلى الجمل الفعلية.

    وقوله: (إلى جمل الأفعال) يشمل الماضي والمضارع، ويخرج به الجملة الاسمية، فلا تضاف (إذا) إلى الجملة الاسمية، تقول: إذا جاء رمضان فاجتهد في الأعمال.

    وتقول مثلاً: إذا يقوم زيد يقوم عمروٌ، أو إذا يزورك زيد أزورك.

    ولا تضاف إلى الجملة الاسمية -وهي المبدوءة بالاسم- سواء كان خبرها مفرداً أو جملة فعلية، فلا تقول مثلاً: أجيئك إذا زيد قائم، ولا: أجيئك إذا زيد قام. وهذا عند البصريين.

    ثم مثل المؤلف فقال: (كهن إذا اعتلى) أي: صر هيناً متواضعاً إذا ارتفع صاحبك وتعاظم، وهذا مثال لكنه في الحقيقة حكمة، فإذا رأيت صاحبك متشدداً فكن أنت مخففاً، والشاهد قوله: (إذا اعتلى)، فإن (إذا) مضافة إلى (اعتلى) وجملة (اعتلى) فعل ماض.

    وقول البصريين: لا تضاف إلى الجملة الاسمية يرد عليه ما جاء في القرآن من أمثلة كثيرة تنقض ذلك، كقوله تعالى: إِذَا السَّمَاءُ انشَقَّتْ [الانشقاق:1]، إِذَا السَّمَاءُ انفَطَرَتْ * وَإِذَا الْكَوَاكِبُ انتَثَرَتْ [الانفطار:1-2] .. وَإِذَا الْجِبَالُ سُيِّرَتْ [التكوير:3].. وهكذا.

    وقال البصريون: هذه الآيات وأمثالها مخرجة على أن فيها حذفاً، وأصل الكلام: إذا انفطرت السماء، إذا انتثرت الكواكب، إذا كورت الشمس.

    ولكن يقال لهم: أين الدليل على هذا؟ ولذلك فالصحيح رأي الكوفيين، وهو أنه يجوز أن تضاف (إذا) إلى الجملة الاسمية.

    وهناك وجه آخر في قوله: إِذَا السَّمَاءُ انفَطَرَتْ يمكن أن يجيب به غير البصريين؛ بحيث يجعلون هذه الجملة فعلية قُدِّم الفاعل فيها على الفعل؛ فإن هناك رأياً يقول: إنه يجوز تقديم الفاعل على الفعل، فتقول: الزيدان قاما، والأصل: قام الزيدان.

    ففي الآية إذاً ثلاثة تخريجات:

    الأول: على مذهب البصريين: أن السماء فاعل لفعل محذوف مقدر، تقديره: إذا انفطرت السماء.

    الثاني: أن السماء فاعل مقدم للفعل الموجود.

    الوجه الثالث: أن السماء مبتدأ وجملة الفعل بعده خبر، وهذا هو الصحيح؛ لأننا إذا جعلنا (السماء) مبتدأ وجملة (انفطرت) خبراً، فكأننا أعدنا السماء مرتين، مرة بالاسم الظاهر ومرة بالضمير، فيكون هذا أقوى.

    إذاً: يجوز أن تضاف (إذا) إلى الجمل الاسمية، ولا فرق بين أن يكون خبر الجملة الاسمية فعلاً أو اسماً، والله أعلم.

    ما تضاف إليه كلا وكلتا

    قال المؤلف رحمه الله:

    [لمفهم اثنين معرف بلا

    تفرق أضيف كلتا وكلا]

    قوله: (لمفهم): جار ومجرور متعلق بأضيف.

    وقوله: (أضيف كلتا وكلا) أضيف: فعل ماض مبني للمجهول.

    وكلتا: نائب الفاعل.

    وكلا: معطوف عليه.

    أي: أضيف هاتان الكلمتان لما يدل على الاثنين بلا تفرق، وهذا شرط، وشرط آخر: أن يكون معرفة.

    فكلا وكلتا من الأسماء الملازمة للإضافة، ولا تضاف إلا لما يدل على اثنين، وهو معرفة، بلا تفرق؛ قال الله تعالى: كِلْتَا الْجَنَّتَيْنِ آتَتْ أُكُلَهَا [الكهف:33]، وتقول: جاء الرجلان كلاهما، وجاءت المرأتان كلتاهما.

    ففي الآية الكريمة: كِلْتَا الْجَنَّتَيْنِ أضيف (كلتا) إلى الجنتين، وهو لفظ معرف بأل، ويفهم اثنين وهما الجنتان، وذلك بلا تفرق.

    إذاً: لو قلت: كلا رجلين قاما فلا يجوز؛ لأن (رجلين) نكرة وليس معرفة.

    ولو قلت: كلا زيد وعمرو قاما. فلا يجوز لأنه مفرق.

    ولو قلت: كلا زيدٍ جميل. فلا يجوز؛ لأنه غير مفهم لاثنين.

    فلابد أن يفهم اثنين وأن يكون معرفة، وبلا تفرق.

    القاعدة من هذا البيت: مما تجب إضافته كلا وكلتا، ولا يضافان إلا لمثنىً معرف غير مفرق.

    ويضافان للظاهر وللضمير، فمثاله للظاهر قوله تعالى: كِلْتَا الْجَنَّتَيْنِ آتَتْ أُكُلَهَا [الكهف:33].

    وللضمير: جاء الرجلان كلاهما.

    واعلم أن خبر (كلا وكلتا) يجوز فيه التثنية ويجوز فيه الإفراد، قال الشاعر:

    كلاهما حين جد الجري بينهما

    قد أقلعا وكلا أنفيهما رابي

    (كلاهما حين جد الجري بينهما قد أقلعا) هنا الخبر مثنى.

    فتجوز التثنية مراعاة للمعنى، ويجوز الإفراد مراعاة للفظ.

    حكم إضافة أيّ

    قال المؤلف رحمه الله تعالى:

    [ولا تضف لمفرد معرف

    أياً وإن كررتها فأضف

    أو تنوي الاجزا واخصصن بالمعرفة

    موصولة أياً وبالعكس الصفة

    وإن تكن شرطاً أو استفهاما

    فمطلقاً كمل بها الكلاما]

    هذه أيٌّ، وما أدراك ما أيٌّ؟

    يقول المؤلف: (ولا تُضف لمفرد معرف أياً):

    (أيٌ): معروف أنها تضاف، وقد لا تضاف.

    قال الله تعالى: أَيًّا مَّا تَدْعُوا فَلَهُ الأَسْمَاءُ الْحُسْنَى [الإسراء:110]، هذه غير مضافة.

    وتقول: أي رجل لقيته فأكرمه. هذه مضافة.

    لكن إلى أي شيء تضاف إذا أضيفت؟

    يقول: (لا تضف لمفرد معرف أياً) أي: لا تضاف (أيّ) لمفرد معرف، وعلم من قوله: (لمفرد) أنها تضاف للجمع المعرف وتضاف للتثنية المعرفة، فتقول: أي الرجلين قاما، وتقول: أي الرجال قاموا.

    ويجوز: أي رجل قام، لأنه مفرد لكن غير معرف.

    ولا يجوز: أي زيد قام؛ لأنه مفرد معرف، إلا في أحوال ثلاثة كما قال:

    (وإن كررتها فأضف، أو تنوي الاجزا)

    .

    ومثال التكرار قوله:

    فلا تسألون الناس أيي وأيكم

    غداة التقينا كان خيراً وأكرما

    الشاهد: (أيي وأيكم) هنا أي مضافة لمفرد معرف، لكنها كررت.

    ومثله: أي زيد وأي عمرو خيرٌ، وإن كان هذا التركيب فيه ما فيه، لكن يصح: أي زيد وأي عمرو خيرٌ، أيي وأيكم خير؛ ولكن قد يقول قائل: (أيي) مضاف لمفرد معرف، لكن (أيكم) مجموع، فالمثال الذي يتطابق: أي زيد وأي عمرو خيرٌ، حيث أضيفت إلى مفرد معرف في موضعين!

    قال: (أو تنوي الأجزاء) يعني: تنوي بأي التي أضفتها إلى مفرد معرف أجزاء هذا المفرد المعرف، فتقول: أي الثوب أحسن؟

    فهنا أردت الأجزاء، أيُّ: أيُّ جزء في الثوب أحسن؟ وتقول مثلاً: أي البدن أحسن؟ فهنا نوينا الأجزاء.

    وتقول: أي السماء أجمل؟ فنقول: نجومها مثلاً، فيجوز؛ لأنك نويت الأجزاء.

    قوله: (واخصصن بالمعرفة موصولة أياً).

    (أيٌّ) تأتي موصولة كما تقدم لنا في باب الموصول في قول ابن مالك : (أيٌّ كما)، قال الله تعالى: لِنَعْلَمَ أَيُّ الْحِزْبَيْنِ أَحْصَى لِمَا لَبِثُوا أَمَدًا [الكهف:12].

    فهنا يقول: إن الموصولة مخصوصة بالمعرفة، أي: لا تضاف إلا إلى معرفة؛ وذلك لأنها لم ترد في اللغة العربية إلا مضافة إلى معرفة، فلا يمكن أن نضيفها إلى نكرة، فلا تقول: يعجبني أي رجل أَقْوَم، بل تقول: يعجبني أيهم أقوم، أي: الذي هو أقوم، كما مر في باب الاسم الموصول.

    قوله: (وبالعكس الصفة) (أيٌّ) تأتي صفة، وإذا أتت صفة فإنها لا تضاف إلى معرفة، تقول: جاء زيد أيَّ بطل، وهي هنا حال، والحال وصف في المعنى، وتقول: مررت برجل أي رجل، فأيّ صفة لرجل، فأضيفت هنا إلى نكرة.

    إذاً: أيٌّ إذا كانت موصولة اختصت بالمعارف، وإذا كانت صفة اختصت بالنكرات، سواء كانت حالاً أو نعتاً.

    قوله:

    [وإن تكن شرطاً أو استفهاماً

    فمطلقاً كمل بها الكلام].

    يعني: إذا كانت شرطية أو استفهامية فأضفها إلى المعرفة والنكرة والمفرد والجماعة، وإن شئت فلا تضفها.

    وقوله: (مطلقا) يعني: بغير قيد.

    وأتى بقوله: (كمل بها الكلاما) لأن الكلام متشتت في (أيّ) يحتاج إلى وعي.

    فالذي فهمنا من كلام المؤلف أن أياً تأتي لأربع معانٍ:

    موصولة، وصفة، وشرطية، واستفهامية.

    وأن الموصولة في الإضافة مختصة بالمعارف، والصفة مختصة بالنكرات.

    والشرطية والاستفهامية مطلقة، تكون للنكرات وللمعارف:

    فتقول مثلاً: أي السبيلين تسلك أسلك، أي سبيل تسلك أسلك، في المثال الأول أضيفت لمعرفة وفي الثاني لنكرة.

    وتقول: أياً تسلك أسلك، هذه غير مضافة أصلاً.

    وتقول: أي رجل عندك؟ هذه استفهامية أضيفت لنكرة.

    وتقول: أي الرجلين عندك؟ هذه أيضاً استفهامية أضيفت إلى معرفة.

    وتقول: أيٌ عندك من القوم؟ هذه لم تضف.

    فالحاصل أن أيّاً إذا كانت شرطاً أو استفهاماً أضيفت إلى النكرات والمعارف والمفرد والمثنى والجمع، وتقطع عن الإضافة.

    وإذا كانت موصولة اختصت بالإضافة إلى المعارف، وإذا كانت صفة اختصت بالإضافة إلى النكرات.

    والآن كملنا بها الكلام، والله أعلم.

    إعراب: (وعلمناه من لدنا علماً).

    علمناه: علم: فعل ماض مبني على السكون لاتصاله بضمير الرفع المتحرك.

    نا: ضمير متصل في محل رفع فاعل.

    والهاء: ضمير متصل في محصل نصب مفعول به أول لِعَلَّم.

    من: حرف جر.

    لدنا: لدن: اسم مبني على السكون في محل جر بمن، وهو مضاف، ونا: ضمير في محل جر مضاف إليه.

    علماً: مفعول به ثان لعلَّم.

    حكم إضافة مع

    قال المؤلف رحمه الله:

    [ومَعَ مَعْ فيها قليل ونقل

    فتح وكسر لسكون يتصل]

    مَع: ظرف وهي تقتضي المصاحبة في الزمان أو في المكان، ويقال فيها: مَعْ بالسكون، وهو قليل؛ ولهذا قال: (مَعْ فيها قليل) وهذا على تقدير أن (مَعَ) معطوفة على لدن.

    (مَعْ فيها قليل) مَعْ: مبتدأ، والجملة استئنافية، وليست الجملة خبراً لـ(مَعَ)؛ لأن مَعَ معطوفة على لدن، ولا تحتاج إلى خبر.

    والمعنى: أن مَعَ يقال فيها مَعْ لكنه قليل، تقول: الرجل معْ صاحبه، والكثير: معَ صاحبه، وهي ظرف منصوب على الظرفية فحركتها حركة إعراب، وهي مضافة لما بعدها، وأما على لغة معْ فهي لا زالت على الظرفية، لكنها مبنية على السكون في محل نصب.

    قال: (ونقل فتح وكسر) أي: نقل عن العرب فيها فتح وكسر (لسكون يتصل) يعني: إذا اتصل بها ساكن ففيها عن العرب وجهان: الفتح على الأصل، كما قال تعالى: وَلا تَجْعَلْ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ [الإسراء:39]، فهي مفتوحة هنا على اللغتين جميعاً، أعني باللغتين: معَ ومعْ.

    أما على لغة فتحها فالأمر واضح، لأنها باقية على الأصل، وأما على لغة بنائها على السكون فإنها حركت بالفتح لالتقاء الساكنين.

    أما الكسر فيجوز أن تقول: جئت معِ الرجلِ، بكسر العين، وهذا لا يتأتى إلا على لغة السكون؛ لأنه على لغة إعرابها بالفتح لا حاجة إلى الكسر، إذ إنه لم يلتق ساكنان حتى نحتاج إلى الكسر، لكن على لغة السكون نقول: كسرت لالتقاء الساكنين.

    الخلاصة الآن: (مع) ملازمة للإضافة، وفيها لغتان:

    إحداهما: الإعراب، وتكون معربة منصوبة بالفتح.

    والثانية: البناء، وتكون مبنية على السكون.

    وعلى هذه اللغة إذا اتصل بها ساكن جاز في عينها أن تفتح وأن تكسر، فتقول: جئت معَ الرجل، وجئت معِ الرجلِ. والله أعلم.

    أحكام غير وقبل ونحوها في الإضافة والإعراب

    قال المؤلف رحمه الله تعالى:

    [واضمم بناءً غيراً ان عدمت ما له أضيف ناوياً ما عُدما].

    قوله: (واضمم بناء) يعني: واضمم ضمَّ بناءٍ، فبناءً هنا مفعول مطلق؛ لأنها على تقدير إضافة المصدر: اضمم ضمَّ بناءٍ؛ لأن الضم قد يكون ضم إعراب وقد يكون ضم بناء، فإذا قلت: جاء الرجلُ، فالضم هنا ضم إعراب، وإذا قلت: اجلس حيثُ جلس زيد، فإن الضم هنا ضم بناء.

    وكلمة (غير) تبنى على الضم، لكن متى؟

    قال:

    (إن عدمت ما له أضيف ناوياً ما عدما).

    يعني: إن حذفت المضاف إليه ونويت معناه فإنك تبنيها على الضم، فتقول مثلاً: أخذت منك درهمين لا غيرُ، فلا هنا نافية للجنس، وغيرُ: اسمها مبني على الضم في محل نصب، وبنيناها لأننا حذفنا المضاف إليه ونوينا معناه، وأصل الكلام: أخذت منك درهمين لا غيرهما أخذت، ولو جئنا بالمضاف إليه لكانت منصوبة بالفتحة.

    وفهمنا من قول المؤلف:

    (إن عدمت ما له أضيف ناوياً ما عدما).

    أن المضاف إليه لا يخلو من إحدى أربع حالات:

    إما أن يذكر المضاف إليه، وإما أن يحذف وينوى معناه، وإما أن يحذف وينوى لفظه، وإما أن يحذف ولا ينوى لفظه ولا معناه.

    فإذا حذفته ونويت معناه فإن (غير) يبنى على الضم، وأما العلة في البناء على الضم فقد تقدم لنا أن الصحيح أن العلة في المبنيات هو السماع، لكن النحويين يأبون إلا أن يعللوا، فيقولون: إن العلة أنه لما حذف المضاف إليه ونوي معناه أشبه الحرف في الافتقار، فهو هنا مفتقر إلى المضاف إليه.

    حكم قبل وبعد وحسب وأول في الإضافة

    قال المؤلف:

    [قبل كغير بعد حسب أول ودون والجهات أيضاً وعلُ

    وأعربوا نصباً إذا ما نكرا قبلاً وما من بعده قد ذكرا]

    قوله: (كغيرُ) بالضم على الحكاية، ويجوز: (قبلُ كغيرٍ) على اللفظ.

    ومعنى ذلك: أن كلمة (قبل) إذا حذف المضاف إليه ونوي معناه تبنى على الضم؛ قال الله تعالى: لِلَّهِ الأَمْرُ مِنْ قَبْلُ وَمِنْ بَعْدُ [الروم:4]، فمن: حرف جر، وقبل: اسم مبني على الضم في محل جر؛ وإنما بنيناه على الضم لأننا حذفنا المضاف إليه ونوينا معناه.

    وإذا أردنا أن نقدر المضاف إليه فهو: لِلَّهِ الأَمْرُ مِنْ قَبْلِ غلبهم ومن بعد غلبهم، لأن أول الآية: غُلِبَتِ الرُّومُ * فِي أَدْنَى الأَرْضِ وَهُمْ مِنْ بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ * فِي بِضْعِ سِنِينَ لِلَّهِ الأَمْرُ مِنْ قَبْلُ وَمِنْ بَعْدُ [الروم:3-4] أي: من قبلِ غلبهم ومن بعدِ غلبهم، لكن حذف المضاف إليه ونوي معناه، بنيا على الضم.

    فكلمة غير وكلمة قبل وما ذكر بعدها في البيت السابق لها أربع حالات، هذه واحدة منها.

    والحالة الثانية: أن يحذف المضاف إليه وينوي لفظه، فإنها تعرب بدون تنوين، فتقول مثلاً: جئتك من قبلِ، يعني: من قبل الموعد مثلاً.

    الحالة الثالثة: أن يذكر اللفظ، فتعرب أيضاً بدون تنوين، فتقول: جئتكَ من قبلِ الموعد، وأعربنا بدون تنوين لأنه مضاف، والمضاف لا ينون كما قيل:

    كأني تنوين وأنت إضافة فأين تراني لا تحل مكاني

    الحال الرابعة: أن يحذف المضاف إليه ولا ينوى لفظه ولا معناه، فحينئذٍ تعرب منونة، كما قال الشاعر:

    فساغ لي الشراب وكنت قبلاً أكاد أغص بالماء الزلال

    فقبلاً: خبر كان منصوب، وأتى منوناً لأنه لم ينو الإضافة لا لفظاً ولا معنى فكان منصوباً.

    تبين بهذا أن (قبل وغير) لهما أربع حالات:

    الحالة الأولى: أن يوجد المضاف إليه فيعربان بدون تنوين.

    الحال الثانية: أن يحذف وينوى لفظه، فيعربان بدون تنوين أيضاً.

    الحالة الثالثة: أن يحذف المضاف إليه وينوى معناه، وفي هذه الحالة يبنيان على الضم.

    الحال الرابعة: أن يحذف المضاف ولا ينوى لفظه ولا معناه، فيعربان منونين.

    وقبلُ وبعدُ كغير، وقوله: (حسبُ) يعني: حسبُ كغير، فتقول مثلاً: عندي لك درهم فحسب، فتبنى على الضم، و(الفاء) يقولون: إنها هنا زائدة لتزيين اللفظ.

    وتقول: مررت برجل حسبك من رجل، فهي هنا معربه، لأنه ذكر المضاف إليه.

    وتقول: مررت بزيد حسبك من رجل، فهي هنا معربة لوجود المضاف إليه. لكن الفرق بين قولك: مررت برجل حسبك من رجل؛ أن حسبك صفة.

    وفي: مررت بزيد حسبك من رجل، حال؛ لأن (حسب) لا تتعرف بالإضافة، فإن وقعت بعد نكرة فهي صفة، وإن وقعت بعد معرفة فهي حال.

    مثالها بعد النكرة: مررت برجل حسبك من رجل.

    ومثالها بعد المعرفة: مررت بزيد حسبك من رجل.

    قال: (أول) أول تطلق بمعنى: الأول في الزمن، وتطلق بمعنى: الأول في السبق ليس في الزمن. فمثلاً قوله صلى الله عليه وسلم في دعاء الاستفتاح: (وأنا أول المسلمين)، معناه: أسبقهم رتبة وفضلاً، يعني: أنا أول من يستسلم رتبة وتنفيذاً لأمر الله، وليس زمناً؛ لأن الرسول عليه الصلاة والسلام هو خاتم الرسل.

    و(أول) حكمها حكم قبل وبعد، لها أربع حالات:

    إما أن يحذف المضاف إليه وينوى لفظه، أو يحذف وينوى معناه، أو يذكر، أو لا يذكر ولا ينوى لا لفظه ولا معناه، يعني: لا يذكر لفظاً ولا تقديراً.

    فإن حذف المضاف إليه ونوي معناه فهي مبنية على الضم، وإن لم ينو معناه ولا لفظه فهي معربة.

    تقول: دخلوا أولاً فأولاً.

    فهنا لا نوي معنى المضاف إليه، ولا نوي لفظه؛ ولهذا أعربت بالفتح، وموقعها من الإعراب حال.

    وإذا قلت: ادخلوا الأول فالأول، تكون حالاً، وتكون معربة ولا يمكن أن تضاف؛ لأن فيها أل، فهي مجردة من الإضافة.

    حكم دون والجهات الست في الإضافة

    قوله: (ودون) تقول مثلاً: عندي لك دراهم دون العشرة، فتعرب هنا؛ لأنها مضافة والمضاف إليه مذكور.

    وتقول مثلاً: بعت هذا الشيء بدون، أي: بدون زيادة، فلابد عند الحذف من العلم بالمحذوف؛ لأنه قد تقدم أن القاعدة: أنه لا يحذف إلا الشيء الذي يعلم، كما في قوله: (وحذف ما يعلم جائز).

    فلا يمكنني أن أحذف المضاف إليه ولم يوجد ما يدل عليه، لكن إذا وجد ما يدل عليه، وحذف ونوي لفظه فهي معربة بدون تنوين، وإن نوي معناه فهي مبنية على الضم، وإن حذف بغير تقدير لا لفظاً ولا تقديراً، فإنها تكون معربة.

    قوله: (والجهات أيضاً) أي: الجهات الست: فوق وتحت، وأمام وخلف، ويمين وشمال.

    هذه الجهات حكمها حكم قبل وبعد، إن حذف المضاف إليه ونوي معناه فهي مبنية على الضم، تقول: أتيت إليه من فوقُ، فهنا حذف المضاف إليه ونوي معناه.

    وقال تعالى: يَخَافُونَ رَبَّهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ [النحل:50]، مِنْ فَوْقِهِمْ، لم يبن على الضم؛ لأن المضاف إليه مذكور.

    وقوله تعالى: تَجْرِي مِنْ تَحْتِهِمُ الأَنْهَارُ [الأعراف:43]، فتحت معربة؛ لأن المضاف إليه مذكور.

    وتقول: جرى الماء من تحتُ، فتحت هنا مبنية؛ لأنه حذف المضاف إليه ونوي معناه.

    وتقول مثلاً: أتيتك من اليمين، فاليمين معربة؛ لأن الإضافة هنا لا يمكن أن تقدر؛ لوجود (أل).

    لكن إذا قلت: أتيته من يمينُ، فهذه مبنية على الضم في محل جر؛ لأنه حذف المضاف إليه ونوي معناه.

    و(شمال) نفس الشيء، تقول: أتيت إلى زيدٍ من شمالِ بيته، فشمال معربة؛ لأنه ذكر المضاف إليه.

    وتقول: أتيته من شمالُ، مبنية على الضم؛ لأنه حذف المضاف إليه ونوي معناه.

    وتقول: أتيته من شمالِ بدون تنوين، على أنك حذفت المضاف إليه، ونويته لفظاً، فلا تكون (شمال) مجرورة بالتنوين.

    وتقول مثلاً: أتيت إليه من شمالٍ، فهنا حذف المضاف إليه لفظاً ومعنى.

    والمعروف عند العرب أن هذه الجهات بالنسبة للإنسان.

    أما الشمال والجنوب بالنسبة للأفق فهو واحد، فالشمال ما كان عن يمين مستقبل الشمس عند غروبها، والجنوب ما كان عن يمين مستقبل الشمس عند طلوعها، والشرق والغرب معروف.

    وقوله: (وعلُ) معنى علُ: فوق، كقول امرئ القيس :

    مكر مفر مقبل مدبر معاً كجلمود صخر حطه السيل من علِ

    فـ (علِ) معربة؛ لأنه حذف المضاف إليه ونوي لفظه.

    وقال بعضهم: يجوز أن يكون حذف المضاف ولم ينو لفظه ولا معناه لكنه لم ينون من أجل الروي. وهو محتمل.

    1.   

    حذف المضاف وقيام المضاف إليه مقامه

    حكم حذف المضاف

    قال المؤلف رحمه الله تعالى:

    [وما يلي المضاف يأتي خلفـا عنه في الاعراب إذا ما حذفا]

    هو المضاف إليه.

    فالمعنى: أن المضاف إليه يأتي خلفاً عن المضاف في الإعراب إذا ما حذف.

    وقوله: (إذا ما حذف) ما زائدة، يعني: إذا حذف.

    ومعنى البيت: أنه ربما يحذف المضاف ويقوم المضاف إليه مقامه.

    ومثل في الشرح بقوله تعالى: وَجَاءَ رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفًّا صَفًّا [الفجر:22]، فقال: إن الأصل: وجاء أمر ربك والملك صفاً صفاً، فحذف المضاف وأقيم المضاف إليه مقامه.

    وهذا لا شك أنه خطأ، فإن هذا مذهب أهل التحريف الذين يحرفون الكلم عن مواضعه في أسماء الله وصفاته، فما الذي أدراهم أن المعنى: وجاء أمر ربك؟

    وليس عندهم دليل؛ ولهذا المحرفون لآيات الصفات يقولون على الله بلا علم من وجهين:

    الوجه الأول: أنهم قالوا: ما أراد الله كذا.

    والوجه الثاني: أنهم قالوا: أراد كذا.

    فهم قالوا: ما أراد الله أنه يجيء هو بنفسه؛ لأن المجيء عندهم مستحيل وأراد وجاء أمر ربك، فهنا قالوا على الله بلا علم، فنفوا ما قال الله، وأثبتوا ما لم يقله الله، نسأل الله السلامة.

    والواجب علينا في آيات الصفات إجراؤها على ظاهرها، ولكن بشرط أن يكون هذا الظاهر لائقاً بالله عز وجل، لا يقتضي تمثيلاً ولا تشبيهاً ولا تكييفاً؛ لأن الله يتحدث عن نفسه، وهو أعلم بنفسه، ولا يمكن أن يتحدث عن نفسه بصفة وهو يريد خلافها؛ لأن هذا خلاف البيان، والله تعالى يقول في القرآن: هَذَا بَيَانٌ لِلنَّاسِ [آل عمران:138].

    بل نقول: هذه تعمية وتضليل أن يخاطب الإنسان بشيء والمراد غيره، وهذا لازم لهؤلاء المحرفة، وعليه فنقول:

    إن الواجب فيما أخبر الله به عن نفسه من الأسماء والصفات إجراؤها على ظاهرها وحقيقتها، ولكن يجب علينا أن نخرج من أذهاننا مسألة التشبيه، أو التمثيل، أو التكييف؛ لأن الله أعظم من أن يمثل؛ ولأنه قال سبحانه وتعالى: لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ [الشورى:11].

    وهو أعظم من أن يكيف؛ لأنه إذا كُيف فمعناه إحاطة الذهن به، والله يقول: وَلا يُحِيطُونَ بِهِ عِلْمًا [طه:110].

    إذاً: لا يصح التمثيل بالآية على حذف المضاف وإقامة المضاف إليه مقامه.

    بل نقول: جاء ربك على ظاهرها، فهو بنفسه سبحانه وتعالى جاء، والله تعالى أعلم كيف يجيء، ونقول فيها كما قال مالك بن أنس رحمه الله: المجيء معلوم، والكيف مجهول، والإيمان به واجب، والسؤال عنه بدعة.

    ونقول كما قال بعضهم: إذا قال لك الجهمي: إن الله ينزل إلى السماء الدنيا فكيف ينزل، فقل: إن الله أخبرنا أنه ينزل ولم يخبرنا كيف ينزل.

    كذلك المجيء، نقول: أخبرنا أن الله يجيء ولم يخبرنا كيف يجيء، فعلينا أن نؤمن ونسلم.

    ولو قال لنا قائل: فوضوا الأمر، وقولوا: الله أعلم بما أراد.

    فنقول: لا يجوز أن نفوض؛ لأن التفويض معناه أن يبقى القرآن في كل ما يتعلق بالله لا يفهم ولا يعقل، فيكون هذا القرآن الكريم في أعظم ما جاء من أجله غير مفهوم ولا معلوم، وهذا شيء مستحيل على حكمة الله عز وجل.

    ويقول الله تعالى: كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ [ص:29]، ولم يقل: إلا آيات الصفات.

    وقال تعالى: أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ [النساء:82]، ولم يقل: إلا آيات الصفات، ولم يستثن شيئاً، وما يتدبر فلابد أن يوصل إلى معناه، وهذا هو الذي مشى عليه السلف.

    ومن قال: إن مذهب السلف هو التفويض فقد كذب عليهم.

    والعجيب أني قرأت في كتاب أحكام القرآن للقرطبي المفسر المشهور كلاماً استغربته منه، حيث يقول بهذا القول، وأننا لا نقول في آيات الصفات شيئاً.

    وقد قال شيخ الإسلام في كتاب العقل والنقل: إنه من شر أقوال أهل البدع والإلحاد، وقد تسلط به أهل التحريف، وقالوا: نحن أعلم بالقرآن منكم.

    بل قال: تسلط به أهل الفلسفة والتكييف، وقالوا: نحن أعلم بالقرآن منكم؛ لأننا نقول: معنى القرآن كذا، وأنتم تقولون: لا نعرف معناه.

    وهذه حقيقة ما قاله الشيخ رحمه الله في كتابه العقل والنقل الذي قال عنه ابن القيم : وله كتاب العقل والنقل الذي ما في الوجود له نظير ثان.

    وهو كلام معقول؛ لأنه لا شك أن العالم هو الذي يقول: أنا أعرف معنى الآيات، والجاهل هو الذي يقول: لا أعرف، وهذا لا يمكن أن يكون من السلف، فالسلف أعلم الناس بمعاني القرآن كله، ما يتعلق بالصفات وغيره، حتى قال مجاهد : عرضت القرآن على ابن عباس من فاتحته إلى خاتمته، أوقفه عند كل آية، وأسأله عن معناها؛ ولهذا كان مجاهد رحمه الله أعلم التابعين بالتفسير.

    وأنا لا أعتقد أن قلوب الذين يحرفون مطمئنة، وأن فيها السكينة أبداً؛ لأننا نقول له: ما الذي أدراك أن الله أراد هذا دون هذا؟!

    ولا يمكن أن يطمئن الإنسان على هذا المعنى وهو يعلم أنه سيقف بين يدي الله ويقول الله له: هل تشهد أني أردت بكلامي هذا؟

    فمن يستطيع أن يؤدي هذه الشهادة؟

    لكن السالم الذي يمكن أن يجيب بالصواب هو الذي يقول: نعم، أردت يا رب بكلامك هذا المعنى الذي سار عليه السلف؛ لأن القرآن نزل بلغة العرب، بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ [الشعراء:195].

    ومن أمثلة التحريف ما ذكر في قول الله تعالى: إِنَّا جَعَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ [الزخرف:3]، وقوله في الآية الأخرى: إِنَّا أَنزَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ [يوسف:2].

    فاحتج الجهمية بالآية الأولى على أن القرآن مخلوق؛ لأن الله قال: وَجَعَلَ الظُّلُمَاتِ وَالنُّورَ [الأنعام:1]، وقال: وَجَعَلَ اللَّيْلَ سَكَنًا [الأنعام:96].

    لكن جاءت الآية الأخرى تكذبه، وبالجمع بينهما يصبح معنى جَعَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا أي: صيرناه بلغة العرب، أي: تكلمنا به بلغة العرب.

    إذاً: تبين الآن أن الإنسان الذي يمر القرآن على ظاهره اللائق بالله عز وجل في آيات الصفات أنه آخذ به وقلبه مطمئن، وعليه السكينة.

    بخلاف من حرف أو توقف، وقال: لا أقول شيئاً، إنما أمرها بدون أن أعتقد لها معنى.

    وهذا خطأ، فلو جاءك كتاب من صديق لك، فهل تستفيد منه وأنت لا تدري ما معناه؟!

    فالجواب: لا تستفيد منه شيئاً أبداً، فكيف بالقرآن -ولله المثل الأعلى- وهو بين واضح.

    وقد يقال: أيهما أسوأ التحريف أم التفويض؟

    فالجواب: كلاهما له سوء من وجه، فالتحريف خير من التفويض من حيث إنه جعل للقرآن معنى، سواء صار فيه الحق أو الباطل، لكنه أشد من حيث الجرأة على الله عز وجل وأنه أراد بهذا اللفظ هذا المعنى.

    والتفويض أشد من جهة أنه جعل القرآن لا معنى له، فهو بمنزلة الحروف الهجائية، وهذا سفه أن ينزل القرآن لأمة تربى على التوحيد وعلى ما يجب الله ثم تكون دلالته على هذه المعاني مفقودة، فهذا أشد من هذه الناحية، ومن جهة أن الإنسان لم يجرؤ على أن يقول على الله ما لا يعلم يكون أهون.

    فكل منهما له سوء، وكلاهما ضلال.

    فإن قيل: ما الحد الفاصل بين السلف والخلف؟

    نقول: أولاً: اعلم أن السلف قد يراد به المذهب، وهذا يشمل من أخذ بهذا المذهب إلى يوم القيامة، وليس له حد زمني، فكل من قال بما دل عليه الكتاب والسنة فهو من السلف، وعلى هذا فلا حد له.

    وأما الحد الزمني: فإن المراد بالسلف هم القرون الثلاثة المفضلة، الصحابة والتابعون وتابعوهم، فهؤلاء هم السلف، ومن بعدهم فهم خلف.

    ويمكن أن يمثل لقاعدة: إذا حذف المضاف فإنه يقوم المضاف إليه مقامه، بقوله تعالى: وَأُشْرِبُوا فِي قُلُوبِهِمُ الْعِجْلَ [البقرة:93]، فالذين عبدوا العجل أشرب ذلك في قلوبهم، أي: جعلت القلوب مثل الأسفنجة التي تشرب هذا الماء.

    قالوا: المراد بذلك حب عبادة العجل، فيكون المحذوف شيئين؛ أما على تقدير حب العجل فالمحذوف شيء واحد.

    ولكن حقيقة الأمر أن المحذوف شيئان؛ لأن الذي أشرب في قلوبهم حب عبادة العجل.

    وعلى كل حال سواء كان المقدر واحداً أو اثنين أو أكثر حسب ما يقتضيه المقام؛ فإنه يحذف المضاف ويبقى المضاف إليه معرباً فإعرابه: إن كان مرفوعاً فهو مرفوع، أو منصوباً فهو منصوب، أو مجروراً فهو مجرور، لكن المجرور لا يظهر فيه الأثر، لأن المضاف إليه يكون مجروراً.

    حذف المضاف مع بقاء المضاف إليه مجروراً

    قال:

    [وربما جروا الذي أبقوا كمـا قد كان قبل حذف ما تقدما ]

    فالضمير في (جروا) يعود على العرب.

    أفادنا المؤلف رحمه الله أنه يجوز أن يبقى المضاف إليه مجروراً، لكن بشرط أن يكون معطوفاً على مثل الذي جر الأول، مثال ذلك قول الشاعر:

    أكل امرئ تحسبين امرأً ونار توقد بالليل ناراً

    (كل) مفعول أول لتحسبين.

    و(امرأً) مفعولها الثاني، و(نارٍ) معطوفة على (امرأً)، يعني: وتحسبين كل نارٍ، فهنا ما حذف مماثل لما عليه قد عطف، فالمحذوف كل، وهي مماثلة لكل التي عطفت عليها؛ فلذلك جاز أن يبقى المضاف إليه مجروراً، كما لو لم يكن المضاف محذوفاً.

    والقاعدة من البيتين: أنه يحذف المضاف فيقوم المضاف إليه مقامه، وقد يبقى المضاف إليه مجروراً، بشرط أن يكون المحذوف مماثلاً للمعطوف عليه.

    حذف المضاف إليه مع بقاء المضاف غير منون

    قال المؤلف رحمه الله تعالى:

    [ويحذف الثاني فيبقـى الأول كحاله إذا به يتصل]

    فالثاني هو المضاف إليه، وقوله: (إذا به يتصل) قد سبق معنا أن (إذا) تضاف إلى الأفعال، وهنا أضيفت إلى الجار والمجرور، فنقول: الجار والمجرور متعلق بيتصل، وعلى هذا فهي في الحقيقة مضافة إلى الفعل، فيبقى الأول كأن لم يحذف.

    ومعنى: (يبقى كأن لم يحذف) يعني: أنه يعرب بلا تمييز، وإذا كان اسماً لا ينصرف فإنه يصرف؛ لأنه يكون كحاله إذا به يتصل، لكن بشرط أن يوجد في المعطوف مثل المحذوف من الأول، مثاله تقول: قطع الله يد ورجل من قطع الطريق.

    فهنا مضافان: يد ورجل.

    أما (رجل) وهي الثانية فمضافة حقيقة إلى (من). وأما (يد) فليست مضافة لفظاً، لكنها مضافة تقديراً، والتقدير: قطع الله يد من قطع الطريق، ورجل من قطع الطريق.

    والنحويون في هذه المسألة اختلفوا على ثلاثة أقول:

    القول الأول: ما مشى عليه المؤلف أن الحذف من الأول لدلالة الثاني عليه، والأصل: قطع الله يد من قطعها ورجل من قطعها.

    القول الثاني: أن الحذف من الثاني، والذي بعده تبع الأول، فأقحم الثاني بين المضاف والمضاف إليه، والأصل: قطع الله يد من قطعها ورجل، يعني: ورجل من قطعها.

    وهذا قول ضعيف بلا شك؛ لأن الأصل أن يكون المضاف موالياً للمضاف إليه، ثم هذا الإقحام إقحام بالواو فيقتضي أنه لم يقحم وأنه مستقل معطوف.

    القول الثالث: أن الاسمين مضافان إلى المضاف إليه الأخير، فتقول: يد مضاف، ورجل: مضاف، ومن قطعها: مضاف إليه.

    وعلى القاعدة يكون الراجح هو القول الأخير، فتقول: (قطع) فعل ماضٍ، و(الله) فاعل، و(يد) مفعول به، و(الواو) حرف عطف، و(رجل) معطوف على يد، وهما مضافان إلى الاسم الموصول (من).

    1.   

    المضاف إلى ياء المتكلم

    البحث هنا في أمرين:

    الأمر الأول: في هذه الياء.

    والأمر الثاني: في المضاف إلى الياء.

    مثال ذلك: جاء غلامي، فالمضاف كسرناه، والياء سكناها.

    ويجوز الفتح، فتقول: جاء غلاميَ.

    ويجوز حذف الياء كما في قوله تعالى: قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَى [طه:125]، فالياء في (رب) حذفت.

    ويجوز إبدالها ألفاً، فتقول: جاء غلاما، يعني: غلامي.

    ويجوز حذف الألف فيبقى ما قبلها مفتوحاً، فتقول: جاء غلامَ.

    فصار في الياء خمسة أوجه.

    والسبب في ذلك أن العرب تكثر من الإضافة إلى ياء المتكلم، فصاروا ينطقون بها على وجوه شتى، كالأشياء التي تكثر عندهم؛ تجد لها عدة أسماء كالأسد، والسنور، والقط، والبسَ هو بفتح الباء، قال في القاموس: والعامة تكسر الباء.

    أما بالنسبة للمضاف إلى الياء، فيقول المؤلف:

    [آخر ما أضيف لليا اكسـر

    إذا لم يك معتلاً كرامٍ وقذى

    أو يك كابنين وزيدين فـذي

    جميعها اليا بعد فتحها احتذى]

    لآخر: مفعول به مقدم لقوله: اكسر، يعني: اكسر آخر ما أضيف للياء.

    والمراد بالياء هنا ياء المتكلم، بدليل قوله في العنوان: المضاف إلى ياء المتكلم.

    قوله: (إذا لم يك معتلاً)، (أو يك كابنين وزيدين) أي: يكسر آخر ما يضاف إلى الياء إلا في ثلاث حالات:

    الحالة الأولى: أن يكون معتلاً، كرامٍ وقذى، فرامٍ معتل بالياء، وقذى معتل بالألف، فهذه لا تكسر.

    أما ما كان بالياء فإن آخره يكون مسكناً، تقول: جاء قاضيْ، وهذا راميْ، فهو مسكن ليس مكسوراً؛ لأن الياء لا تظهر عليه الكسرة، لكنها لما كانت ياء وياء المتكلم، فأدغمت الياء في الياء، فقيل: راميَّ وهاديَّ، وما أشبه ذلك. و(قذى) لما كان آخره ألف، فإنها تبقى الألف فلا تقلب ياء، وتثبت الياء، فتقول: هذه عصاي، قال الله تعالى: قَالَ هِيَ عَصَايَ أَتَوَكَّأُ عَلَيْهَا [طه:18]، ولا يمكن أن يكسر آخره، ولا داعي للقلب؛ إذ إن الياء يصح أن تقع بعد الألف، على أنه في لغة بعض العرب تقلب ياءً، كقول الشاعر:

    سبقوا هوي وأعنقوا لهواهـم

    فتخرموا ولكل جنب مصرع

    وهذه لغة هذيل كما سيأتي في كلام المؤلف.

    قوله: (أو يك كابنين وزيدين) ابنين: يعرب إعراب المثنى، وزيدين: جمع مذكر سالم، ففي هذه الحال لا يكسر ما قبل الياء، إنما يسكن، تقول: بعت غلامَيّ، ومررت بغلامَيّ، فما قبل الياء ساكن، لكن في حال الرفع مثل: جاء غلاماي تبقى الألف، وإن كان معتلاً بالألف.

    يقول: (وزيدين)، زيدين جمع مذكر سالم، وإذا كان جمع مذكر سالم فإنه لا يكسر ما قبل الياء، إنما يسكن، فتقول مثلاً: مررت بزيدي، فتسكن الياء وتدغم في ياء المتكلم.

    إذاً: ما قبل الياء فإنه يجب كسره إلا في ثلاثة مواضع: إذا كان معتلاً أو مثنى أو جمع مذكر سالم.

    قوله: (جميعها اليا بعد فتحها احتذي) المسائل الثلاث هذه تبقى الياء فيها مفتوحة، تقول: هذا هاديَّ، ولهذا قال: (جميعها الياء بعد فتحها) أي بعد الألف أو الياء. قوله: (تدغم اليا فيه والواو).

    أما الياء فواضحة؛ لأنه اجتمع حرفان من جنس واحد وأحدهما ساكن فيدغمان.

    والواو كذلك تدغم في الياء، فإن كان ما قبلها مضموماً كسر ليناسب الياء، فمثلاً: مسلمِيّ أصلها مسلمُوي، فأدغمت الواو في الياء وكسرت الميم.

    وقول الشاعر: سبقوا هويّ، أصلها: هواي، لكن لغة هذيل قلب الألف المقصورة ياء ثم أدغمت في ياء المتكلم فأصبحت: هويَّ.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3086718746

    عدد مرات الحفظ

    767979074