أشهد أن لا إله إلا الله ربٌ أحد فرد صمد، لم يلد ولم يولد، ولم يكن له كفواً أحد، شهادة من عمر بالتوحيد قلبه، وأرضى بالإيمان ربه، وأشهد أن محمداً رسول الله باني دولة الإسلام، ومحطم الأصنام، وهادي الأنام عليه الصلاة والسلام، ورضي الله عن الخليفة السباق أبي بكر الذي سبق إلى الإسلام، وأعطى الإسلام كل شيء يملكه، ورضي الله عن عمر الذي خلع الصلبان عن بيت المقدس يوم فتحه، وعن عثمان ذي النورين جامع القرآن، وعن سيف الله المنتضى العبد المرتضى علي بن أبي طالب، وعن كل صاحب وصديق، وكل مجاهد وولي، وكل داعية وعالم، وكل خير وإمام إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها وسلم تسليماً، أمَّا بَعْد:
فإن الأمة كلما عصت ربها، وجحدت معروف باريها، وتنكرت لجميله تبارك وتعالى؛ سلط عليها أعداءها، فاستباحوا ديارها، وحطموا كيانها، وهدموا مساجدها، ومزقوا كتابها، وأذلوا شيوخها وأطفالها، وفي الأثر أن الله تبارك وتعالى يقول: (إذا عصاني من يعرفني سلطت عليه من لا يعرفني) وهذا هو الذي وقع مع الشرذمة الفاجرة، إسرائيل وما أدراك ما إسرائيل؟ الصهيونية العالمية اليهود أبناء القردة والخنازير، يوم خلت لهم الساحة فطرطروا بأصواتهم، ورفعوا راياتهم، ويوم أن دخلنا معهم المعارك فما دخلت معنا لا إله إلا الله، دخلنا بأعلام مهيضة وبأجنحة مخفوضة، وعدنا والهزيمة شعارنا، والانتكاس دثارنا، لأننا ما قاتلنا اليهود بلا إله إلا الله، قاتلناهم بـعلمانية وقومية وبعثية فهزمونا، والله تعالى ينظر إلى هذه الأمة لأنه صاغها من فطرة عنوانها، وموكبها السجود وسطر لها صحائف من خلود، لا تنتصر إلا أن تكون أمة له، ولا يرتفع رأسها إلا أن تكون له متجهة، فيوم اتجهنا لغيره هزمنا.
وأطفأت شهب الميراج أنجمنا وشمسنا وتحدت نارها الخطب |
شجباً ونكراً وتنديداً بغارتها الله كم نددوا يوماً وكم شجبوا |
تسعون ألفاً لـعمورية اتقدوا وللمنجم قالوا إننا الشهب |
واليوم تسعون مليوناَ وما بلغوا نضجاً وقد عصر الزيتون والعنب |
في فتية من بني الأفغان ما تركت كراتهم للعدا صوتاً ولا صيتا |
قوم إذا قابلوا كانوا ملائكة حسناً وإن قاتلوا كانوا عفاريتا |
كان التتري المغولي الواحد يقول للنفر العظيم من المسلمين: اجلسوا هنا وانتظروا لآخذ سلاحاً وأقتلكم به، فيجلسون وينتظرون، فيأتي بشفرة فيذبحهم ذبح الشياه واحداً تلو الآخر؛ لأن من ذلت نفسه بالمعصية أذله الله بمن لا يعرف أن هذه معصية.
يا أمة في عمرها لم تحي إلا بالجهاد |
كفرت بمجلس أمن من نصب المنايا للعباد |
القاتلي الإنسان خابوا ما لهم إلا الرماد |
جثث البرايا منهم في كل رابية وواد |
فدعا قطز في القاهرة بالجهاد الإسلامي المسلح، وأعلن أن المعركة معركة لا إله إلا الله، فاستجاب له المسلمون، وطمت الكتائب، وماجت الجيوش الإسلامية إلى مصر، فاستعرضها فكانت مهللة مكبرة، خرج الشرك من دمائها ومن عروقها وحل مكانه الإيمان، فالتقى في عين جالوت مع المغول والتتار، وكادت في أول معركة أن تكون خطة عظيمة على الإسلام والمسلمين من الهلاك، فعادوا إلى الله ولم يعودوا إلى شرق ولا إلى غرب، ولا إلى مجلس أمن ولا إلى مجلس خوف! وإنما عادوا إلى الواحد القهار، ورددوا في المعركة: (يا حي يا قيوم! لا إله إلا أنت برحمتك نستغيث).
تقطعت الحبال بهم إلا حبل الله، وأغلقت الأبواب أمامهم إلا باب الله، وهزمت الميمنة والميسرة، وبقي قطز في المقدمة، فلما رأى أن الهزيمة سوف تحصل؛ ألقى الخوذة من على رأسه وداسها برجله وقال: وا إسلاماه، أيهلك ويموت الإسلام؟! وأخذ يردد (وا إسلاماه) ففاضت عيون الجيوش الإسلامية بالدموع، وألقوا الدروع من على أجسامهم، وقاتلوا قتال من يريد الله والدار الآخرة، فهزم الله التتار شر هزيمة وقتلهم وفرقهم شذر مذر.
ودخلت طائفة منهم دمشق فرأت في نفسها القوة فخرج لها شيخ الإسلام ابن تيمية العالم الإمام العبقري النحرير، المجدد القوي، خرج وهو في رمضان، فتناول كأساً من الماء وهو صائم أمام الناس، وأمرهم بالفطر، ثم قال لهم: " والله لتنتصرن! والله لتنتصرن. فقال له الناس: قل إن شاء الله: قال: إن شاء الله تحقيقاً لا تعليقاً ". تحقيقاً يقع: وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ [الحج:40] وخرجوا إلى شقحب وظهر الحق وبطل كيد الجائرين، ونصر الله الأمة.
الحمد لله زالت دولة الصلب وعز بالكرد دين المصطفى العربي |
وارتفعت راية لا إله إلا الله، ودخل القدس وقد أحاطها ثلاثة أيام، وفي اليوم الرابع دخل بجيش يهللون ويكبرون، لا يغشون ولا يخونون ولا يكذبون ولا يزنون، لأن من أراد النصر فعليه أن يرعى وأن يتقي الرب الذي يأتي بالنصر، قال عمر لـسعدرضي الله عنه وأرضاه: [[يا
فالزم يديك بحبل الله معتصماً فإنه الركن إن خانتك أركانُ |
والذي نرجوه من الواحد الأحد أن يحقق على أيدي هذه الانتفاضة المسلمة النصر المتين للأمة الإسلامية، وأن يرد أولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين للأمة، وأن يكبح جماح تلك الطغمة الفاجرة؛ اليهود أعداء الله، الذين عاثوا في الأرض فساداً، حينها ترتفع لا إله إلا الله، وتعود كرامة الأمة، ويصلح بالها ويصفو حالها، وترتفع أعلامها، وتعود قائدة للركب خير أمة أخرجت للناس، تأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر.
ربنا فانصرنا على القوم الكافرين، ربنا ثبت أقدام كل من جاهد في إعلاء كلمتك، وفي تثبيت سنة نبيك صلى الله عليه وسلم، اللهم مكن لعبادك المؤمنين في الأرض، وآتهم رشدهم، وانصرهم على أعدائهم، إنك على ذلك قدير وبالإجابة جدير.
وصلى على محمد وسلم تسليماً كثيراً.
أمتي هل لك بين الأمم منبر للسيف أو للقلم |
أتلقاك وطرفي حاسر أسفاً من أمسك المنصرم |
ألإسرائيل تعلو رايـة في حمى المهد وظل الحرم |
أوما كنت إذا الموت اعتـدى موجة من لهب أو من دم |
رب وا معتصماه انطلقت ملء أفواه الصبايا اليتم |
لامست أسماعهم لكنها لم تلامس نخوة المعتصم |
أتت امرأة مسلمة إلى أرض الروم تبيع وتشتري في تجارة، ووقفت في سوق عمورية -بلد من بلاد الروم- وهي تبيع فأتاها رجل علج كافر، لا يؤمن بالله ولا باليوم الآخر، فسبها وشتمها، فصاحت ورفعت صوتها تقول: (وا معتصماه!) تنادي الخليفة العباسي المعتصم وهو في قصره في بغداد، فتضاحك الروم حولها في السوق، وقالوا: انتظري المعتصم يأتيك على فرس أبلق لينصرك، فذهب رجل من المسلمين الحاضرين في السوق، ودخل على المعتصم في بغداد في قصر حكمه، وقاله له: رأيت امرأة أهينت كرامتها وسبت وشتمت، فقالت: وا معتصماه! فاستهزءوا بها وبك، فوقف المعتصم قائماً وقال: والله الذي لا إله إلا هو، لا يغشاني غسل من جنابة حتى أطأهم بجيش جرار، ثم نادى بالجهاد، وأعلن لا إله إلا الله، وزحف بجيش قوامه تسعون ألفاً:
تسعون ألفاً كآساد الشرى نضجت أجسامهم قبل نضج التين والعنب |
فالنصر في شهب الأرماح لا معة بين الخميسين لا في السبعة الشهب |
فدخل بهم من مدينة إلى مدينة، كلما دخل مدينة أحرقها وفرَّ أهلها، حتى وصل إلى عمورية، فطوقها واستنزل أهلها أسارى، ودعى بذاك الرجل الذي سب تلك المرأة، وقال للمرأة: "هو مملوك لكِ إن شئت أعتقتيه وإن شئت بعتيه أو أبقيتيه عندك. قالت: بل أعتقه. فقال له المعتصم: أنا المعتصم، وهذه المرأة، وهذا فرسي الأبلق، أما رأيتني جئت؟"
رب وا معتصماه انطلقت ملء أفواه الصبايا اليتمِ |
لامست أسماعهم لكنها لم تلامس نخوة المعتصم |
واليوم كثير من اليتم والصبايا والأطفال في فلسطين، ينادون: وا إسلاماه!! وا إسلاماه!! فهل من مسلم ينقذ؟! وهل من ذي غيرة يغار مما يرى؟! وهل من متحمس ومخلص يصدق مع الله؟! وهل من متيقظ يرى ماذا يفعل بكتاب الله وبيوته وبعباده؟! إننا نبشر بإذن الله بجهاد إسلامي صحيح في فلسطين.
عباد الله! صلوا وسلموا على من أمركم الله بالصلاة والسلام عليه فقال: إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً [الأحزاب:56].
وقد قال صلى الله عليه وسلم: {من صلى علي صلاة واحدة صلى الله عليه بها عشراً} اللهم صلّ وسلم على حبيبك ونبيك محمد، وارض اللهم عن أصحابه الأطهار من المهاجرين والأنصار، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، وعنا معهم بمنك وكرمك يا أكرم الأكرمين.
اللهم اجمع كلمة المسلمين ووحد صفوفهم وخذ بأيديهم لما تحبه وترضاه، اللهم وفقنا لكل خير، اللهم أخرجنا من الظلمات إلى النور، اللهم انصر كل من جاهد لإعلاء كلمتك، اللهم انصر عبادك المجاهدين في أفغانستان وفي فلسطين وفي كل بقعة من أرضك يا رب العالمين، اللهم ثبت أقدامهم، اللهم انصرهم على أعدائهم، اللهم وحد كلمتهم واجمع شملهم وسدد سهامهم في نحور أعدائهم.
اللهم وفق أئمتنا وولاة أمورنا لما تحبه وترضاه، واهدهم سبل السلام.
اللهم بعلمك الغيب وبقدرتك على الخلق أحينا ما كانت الحياة خيراً لنا. وتوفنا إذا كانت الوفاة خيراً لنا، اللهم إنا نسألك خشيتك في الغيب والشهادة، ونسألك كلمة الحق في الغضب والرضا، ونسألك القصد في الفقر والغنى، ونسألك لذة النظر إلى وجهك، والشوق إلى لقائك، في غير ضراء مضرة ولا فتنة مضلة، برحمتك يا أرحم الراحمين.
ربنا ظلمنا أنفسنا وإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين.
ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار.
سبحان ربك رب العزة عما يصفون، وسلام على المرسلين، والحمد لله رب العالمين.
من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر