الذين تكلم للناس فكان أفصح الناس وهو ما قرأ ولا كتب!!
كفاك باليتم في الأمي معجزة في الجاهلية والتأديب في اليتم |
وعلى آله مصابيح الدجى، وغيوث الندى، وليوث الوغى، ومن سار على منهجهم إلى يوم الدين، ثم اعلموا -بارك الله فيكم- أن عنوان هذا الدرس من أخبار النساء.
وللنساء أخبار وعجائب، وسوف نأخذ هذه الأخبار من ثقة، من عائشة رضي الله عنها، من أم المؤمنين، من الصديقة بنت الصديق، من الطاهرة بنت الطاهر، من المبرأة من فوق سبع سموات، نأخذ هذه الأخبار -أخبار النساء- من بيت محمد عليه الصلاة والسلام، من البيت الذي أسس على التقوى، والذي شعت منه أنوار القداسة، وأنوار الرسالة والهداية، والذي صدع منه النور حتى غطى العالم، والذي وصفه حاله أنه بيتٌ من طين:
كفاك عن كل قصرٍ شهاقٍ عمدٍ بيت من الطين أو كهف من العلم |
تبني الفضائل أبراجاً مشيدة نصب الخيام التي من أروع الخيم |
بيت من الطين، إذا نام فيه عليه الصلاة والسلام مس رأسه طرف البيت ورجلاه الطرف الآخر، أما بساطه فمن سعف النخل يؤثر في جنب المصطفى عليه الصلاة والسلام، وسقفه من سعف النخل، ومصابيحه إنها إضاءات من أعوادٍ كانت توقد في بيت الرسول صلى الله عليه وسلم، لكن يكفي أن محمداً صلى الله عليه وسلم في البيت.
إذا نحن أدلجنا وأنت إمامنا كفى بالمطايا طيب ذكراك حاديا |
وإني لأستغشي وما بي غشاوة لعل خيالاً منك يلقى خياليا |
وأخرج من بين البيوت لعلني أحدث عنك النفس بالسر خاليا |
نورٌ بعثه الله جلس في هذا البيت؛ فاسمع إلى الخبر، كانت عائشة تجلس معه رضي الله عنها وأرضاها، ووجد عليه الصلاة والسلام فراغاً في برنامجه اليومي، وجد ساعة زمنية وكان يلاطف نساءه ويمازحهن، ويسأل عن أخبارهن، فهذا الدرس اليوم هي تلك الساعة أنقلها لكم، وقد نقلها الإمام البخاري ومسلم والطبراني، أنا سوف أعرضها لكم كما عرضتها أم المؤمنين على رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقته عبادة، ووقته رسالة وجهاد، وتضحية وبذل وعطاء، لكن وجد ساعة يرتاح فيها، فجلس مع عائشة يسألها عن الأخبار، وهو حديث أم زرع، وسبب هذا الحديث عند بعض العلماء أن الرسول عليه الصلاة والسلام سألها: هل ترضى بمعاملته صلى الله عليه وسلم؟
وكانت عائشة رضي الله عنها وأرضاها فصيحة، كانت تعرف أخبار الجاهلية، قال بعض الرواة: كانت تحفظ ثمانية عشر ألف بيت شعر، هي راوية للأشعار، وهي كأبيها أبي بكر الصديق من أفصح العرب، وكان يعرف أنساب العرب، وإذا أتى إلى أبي بكر رجل قال: من أين أنت؟ قال: من غطفان قال: من أي بيوت غطفان؟ قال: من فزارة قال: من أي فزارة؟ حتى يوصله إلى بيته فهو نسابة وبنته نسابة، ومن يشابه أبه فما ظلم.
نبني كما كانت أوائلنا تبني ونفعل مثلما فعلوا |
وكان صلى الله عليه وسلم يحب عائشة حباً جماً ويقول كما في الصحيح: (فضل
وحديثها السحر الحلال لو انه لم يجن قتل المسلم المتحرز |
إن طال لم يملل وإن هي أوجزت ود المحدث أنها لم توجز |
سلسٌ يسلي القلب في غمراته بمطرزٍ عذبٍ وغير مطرز |
وهذا الحديث من كلام عائشة، تقول: جلس إحدى عشرة امرأة فتعاهدن وتعاقدن ألا يكتمن من أخبار أزواجهن شيئاً.
فليس معهن رجال، وهذا مجلس للنساء خاصة، وعددهن إحدى عشرة امرأة، وسوف تتكلم كل امرأة بوصف زوجها، تصفه لأخواتها وزميلاتها وقريناتها، واسمع إلى الداهية الدهياء، بعضهن ستمدح، وبعضهن ستذم، وبعضهن ستتوسط، يقول ابن حجر: وغالب أحاديث النساء إذا خلون تكون عن الرجال، وغالب أحاديث الرجال عن المعيشة والمال، وهذا أمرٌ معلوم إلا في النادر، كان لكل واحدة منهن زوج، وتبدأ الأولى، والذي يستمع لهذه الأخبار محمد عليه الصلاة والسلام، والتي تتكلم عائشة، وكانت تحفظ القصص بالنقل، ولذلك تأتي بها بالحروف، وهي من أحفظ الناس، ومن علماء الصحابة وكان يعود إليها الصحابة في كثير من القضايا الفقهية والحديثية، فهي فقيهة مجتهدة اجتهاداً مطلقاً رضي الله عنها وأرضاها.
قالت: {على رأس جبلٍ وعر} على أنه لحم جمل وهزيل فهو على رأس جبل، والجبل ليته سهل، لكنه وعر وصعب {لا سهلٍ فيرتقى، ولا سمينٍ فينتقل} عبرت أنه شديد بالمال يعني: عنده سبعة أقفال، ومفتاحه في غترته، ولا يفتح حتى يقرأ آية الكرسي، وإذا فتح قلل العطاء، ويسأل عن أعواد الكبريت، وعما دخل وعما خرج، والسمن عنده بالملعقة، والدقيق بالدانق، فهو كأبي الدوانيق أبي جعفر المنصور، يقولون: أبو جعفر المنصور كان يحاسب مواليه على الثياب التي يلبسونها، وعلى الدراهم التي يأخذونها، وكانت في خزينته آلاف الملايين من الدنانير، تبني مدناً، ولذلك أبناؤه وبني أبنائه بنوا مدناً، على كل حال قالوا: عرف بالشراسة، وقالوا: قليل الخير، لا يتبسم إلا نادراً، بعض الناس لا يتبسم في ستة أشهر إلا مرة، ويتبسم في السنة مرة أو مرتين أو يخطئ أحياناً فيتبسم، وهذا خلاف نهج محمد عليه الصلاة والسلام {سئلت
قالت: {لا سهلٍ فيرتقى، ولا سمينٌ فينتقل} هذا لم يكن له جانب حسن فيعذر به، أبو سفيان يقولون: كان حسن الخلق لكنه شحيح على أهله، ولذلك شكته هند بنت عتبة، بنت الملأ الأشراف من قريش {أتت إلى الرسول عليه الصلاة والسلام فقالت: يا رسول الله! إن
خذ ما تراه ودع شيئاً سمعت به في طلعة البدر ما يغنيك عن زحلِ |
انتهت الأولى بكلمة واحدة.
دع المكارم لا ترحل لبغيتها واقعد فإنك أنت الطاعم الكاسي |
محتمل عند العرب يقولون: اترك المكارم لا ترحل لبغيتها قد أتت المكارم إليك، وأنت الطاعم تطعم غيرك وتكسوه، فذهب الزبرقان عرف أن الرجل هجاه هجاء ما بعده هجاء، فذهب إلى عمر قال: يا أمير المؤمنين! انقذني من الحطيئة فقد تكلم علي؟ قال: ماذا قال لك؟ قال: يقول لي:
دع المكارم لا ترحل لبغيتها واقعد فإنك أنت الطاعم الكاسي |
عمر فصيح، عربي قح، يعرف الكتاب والسنة والشعر، لكنه قال: ما هجاك، يريد عمر أن يصلح قال: يا أمير المؤمنين! لقد هجاني. قال: لا. ما هجاك يقول: أنت الطاعم وأنت الكاسي وكلنا مطعوم مكسو من الله الواحد الأحد؛ لكن قبل هذا التخريج قال: لا. نتحاكم إلى غيرك، قال: إلى من؟ قال: إلى من يعرف الشعر قال: تعالوا بـحسان فأتوا بـحسان فتلوا عليه البيت:
دع المكارم لا ترحل لبغيتها واقعد فإنك أنت الطاعم الكاسي |
قال عمر: ما رأيك في البيت؟ قال: ما هجاه ولا سبه؛ لكن سلح عليه فقال عمر رضي الله عنه وأرضاه: اليوم ننصفه منك، فأنزله في قعر بئرٍ وقصته طويلة وقد أبكى بقصيدة له عمر، كان يصيح الحطيئة مثل الثعلب من أقصى البئر، بئر ليس فيه إلا قليل من الماء، أنزله عمر بحبل فكان يصيح مثل الثعلب من أقصى البئر ويبكي، وأبناؤه في نجد، يقول لـعمر وعمر يسمع كلامه:
ماذا تقول لأفراخٍ بذي مرخٍ زغب الحواصل لا ماء ولا شجرُ |
يقول: ماذا تقول لله يوم تركت أطفالي في نجد وأنا في البئر في المدينة
ألقيت كاسبهم في قعر مظلمةٍ فاصفح عليك سلام الله يا عمر |
أنت الأمين الذي من بعد صاحبه ألقت إليك مقاليد النهى البشرُ |
لم يؤثروك بها إذ قدموك لها لكن لأنفسهم كانت بها الأثر |
فدمعت عينا عمر قال: أشتري منك عرض المسلمين ألا تسبهم، خذ ألف دينار، حتى لا يتعرض لأعراضهم، وأعطاه ألف دينار فلما توفى عمر عاد الحطيئة يهجو المسلمين ويقول: لو علم عمر لقطع لساني، الشاهد أن هذا هو التعريض.
وليس عندنا أبيض ولا أسود، ولا أخضر ولا أحمر، وفي الحديث الصحيح عند مسلم: {إن الله لا ينظر إلى صوركم ولا إلى أموالكم، ولكن ينظر إلى قلوبكم وأعمالكم} لكن هي غضبت حتى من صورته تقول: طويل رأسه يصطدم في السقف دائماً، والطول على كل حال من أحسن ما يكون؛ لكن إذا كان معتدلاً، لأن الله عز وجل وصف طالوت قال سُبحَانَهُ وَتَعَالَى لما قالت اليهود أَنَّى يَكُونُ لَهُ الْمُلْكُ عَلَيْنَا وَنَحْنُ أَحَقُّ بِالْمُلْكِ مِنْهُ وَلَمْ يُؤْتَ سَعَةً مِنَ الْمَالِ قَالَ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَاهُ عَلَيْكُمْ وَزَادَهُ بَسْطَةً فِي الْعِلْمِ وَالْجِسْمِ [البقرة:247].
قال المفسرون: كان طويلاً، والطول طيب إذا صاحب تقوى، والقصر طيب إذا صاحب تقوى الله، ولا بارك الله في طولٍ أو في قصرٍ بلا تقوى، فلا يقاس الناس يوم القيامة بالسنتيمتر، ولكنهم يقاسون بالأعمال الصالحة وبالحسنات: فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ * وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرّاً يَرَهُ ) [الزلزلة:7-8].
لكن هكذا تقول هذه المرأة، قالوا العشنق: هو الأحمق الأهوج الخبل المعتوه، الذي قليلٌ عقله وتصرفه، والأحمق لا يعرف مصيره مع الله ولا يعرف طريقه ولا يهتدي لخير، ولذلك تجده يخسر الدنيا والآخرة والعياذ بالله، ولا يعرف مصلحته، من أعظم مصالحه أن يهتدي ولكن لا يهتدي.
{إن أنطق أطلق} تقول: إذا تكلمت أو رددت عليه فالطلاق جاهز على طرف لسانه، لا يأتي بشيء إلا طلق، والبعض الآن أصبح يطلق بالألف، وتعدى بعضهم فطلق بالمليون، بعضهم يسأل يقول: أنا طلقت زوجتي بالمليون [[أتى رجل إلى
كل الثلاث نزلوا بسكاكين على الأزواج وهذه من طبيعة الزوجات في الغالب، فإن الرسول عليه الصلاة والسلام وصفهن بأنهن {يكفرن العشير، ويكثرن اللعن، لو أحسنت لإحداهن الدهر قالت: ما رأيت منك خيراً قط} لكن فيهن عفيفات، وقورات، كريمات، دينات، محترمات، لكن هذا في الغالب، ونحن والله ما جئنا لنجرح النساء ولا نندد بهن ولكن أتينا نقرأ كلام عائشة من صحيح البخاري ونشرحه للناس.
وقد كان العرب يتسابون بكثرة الأكل، ويذكر أن من أكثر الناس أكلاً سليمان بن عبد الملك الخليفة الأموي يقولون: حتى ترهل بطنه فما كان يخطب إلا جالساً على المنبر، ويقولون: كان إذا طبخ دجاجاً لا ينتظرها حتى تحول من القدر، كان يأخذ كمه ويدخل يده وينتزع الدجاجة برجلها، كأنه يلعب (كراتيه) ولكن كان منهم من يتقي الله، وكان منهم من يستخدم أكله وطعامه في معصية الله، عمرو بن معدي كرب الزبيدي فارس العرب يقولون: أكل عنزاً وفرق ذرة ذكره ابن قتيبة وابن عبد البر، وهو من سادات مذحج لكن كان إذا ضرب الفارس يقسمه بالسيف نصفين، وكان لا يهرب من المعارك، لا يعرف إلا (أماماً سر) أما (إلى الخلف در) فلا يعرفها في المعركة؛ فيسمونه أقدم العرب وأشجعهم، حتى يقول أبو تمام:
إقدام عمرو في سماحة حاتم |
فهذا هو الإقدام وليس شاهدنا، ولكن المقصود أن كثرة الأكل تذم، وإذا كان يعين صاحبه على النوم والكسل والخمول وعلى المعصية فهو أشد ذماً، فإن بعضهم يأخذ نعم الله ولا يشكره، ولكن الأكل إذا كان في طاعة الواحد الأحد فهنيئاً مريئاً، وصح عنه عليه الصلاة والسلام أنه قال: {الطاعم الشاكر مثل الصائم الصابر} فكل مما أحل الله، وكل الطيبات من اللحم، والعسل، ولكن كن رجلاً صالحاً تعبد الله بهذا الطعام، قال تعالى: يَا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحاً إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ [المؤمنون:51]. يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ [البقرة:172].
كل من الطيبات وأكثر، ولكن لا تداوم على التبجح والشبع الكثير فإنه يكثر من النوم، ويكثر كذلك من الكسل، والخمول وهو يعرض صاحبه للأمراض، ولا تمت يبساً وجوعاً مثل المسيحيين والرهبان فهذا ليس من الإسلام، وخير الأمور أوسطها، ولا تقتصر كذلك على ما لا يكفي وعندك الكثير لكن قل: رب أوزعني شكر هذه النعمة.
قالت: {زوجي إن أكل لف} هي تشكو كأن مالهم قليل وهي مسكينة جائعة منذ عرفته لا تشبع معه، يأكل ما بين يديها وما خلفها، {وإن شرب اشتف} أي: لا يجرع الماء، لا يشرب مثل الناس بل يدغفه دغفاً، وهذا مذموم، ومن السنة أن لا يشرب الإنسان دغفة لأنه يورث مرضاً في المرئ، وبعض الناس يشرب مثل شرب الثور، تسمع له جرجرة.
قالت: وإن اضطجع التف تقول: ينام وحده ويلف الكساء حتى لا يكشف إلا في الصباح، يلف البطانية عليه ثلاث مرات، ثم ينام، وهذا مذموم عند النساء كما تعرفون، قالت: إذا اضطجع التف، أي أنه: يلتف بالبطانية أو بالكوت أو بالجلباب، ثم إذا أراد أن يقوم رد في لفافته حتى يستيقظ.
ولا يولج الكف ليعلم البث تقول: أمرض عنده ولا يضع يده عليَّ من الحر، لا يعرف التمريض وليس فيه رحمة.
بعض الناس فيه عطف وحنان إذا مرض الطفل وضع يده على جبهته، وهذا هديه عليه الصلاة والسلام، كان إذا أتى إلى أصحابه يضع كفه الشريفة على صدر الصحابي فيسأل عن حاله، قال سعد بن أبي وقاص المجاهد العظيم خال محمد عليه الصلاة والسلام، مدكدك دولة الظلم والعدوان، قائد المسلمين في القادسية، يقول: {زارني صلى الله عليه وسلم وأنا مريض، فوضع يده على صدري، ويقول: بعد ثلاثين سنة: فوالله لكأن يده الآن على صدري أبرد من الثلج} وكان صلى الله عليه وسلم يأتي إلى الأعراب وهم أعراب ما بينهم معرفة أصيلة كالصحابة، ويضع يده عليهم، ويقول: {لا بأس، طهور إن شاء الله} دخل على أعرابي شيخ كبير والحمى ترزفه رزفاً وتهزه هزاً، يقول المتنبي في الحمى:
وزائرتي كأن بها حياء فليس تزور إلا في الظلام |
بذلت لها المطارف والحشايا فعافتها وباتت في عظامي |
فدخل عليه الصلاة والسلام على الأعرابي وهو يتصبب عرقاً تحت البطانية فوضع الرسول صلى الله عليه وسلم يده عليه قال: {لا بأس طهورٌ إن شاء الله} وهذا الأعرابي لا يعرف ذلك قال: {لا ليست بطهور بل حمى تفور، على شيخ كبير تزيره القبور} -يقول: بعد قليل تعلم الطهور هذا يؤديه إلى المقبرة هذه الحمى- فقال النبي صلى الله عليه وسلم: {نعم إذاً} فمات منها، وفي الحديث الصحيح: {إن الله إذا أحب قوماً ابتلاهم؛ فمن رضي فله الرضى، ومن سخط فله السخط} فتقول: هذا لا يعرف المرض ولا يسأل عن المريض، وليس بصاحب رحمة ولا عطف ولا حنان، وهذا خلاف للهدي المعروف في الإسلام قالت: ولا يولج الكف ليعلم البث أي: ليعلم الحزن حتى أنه لا يشارك الهموم، ولذلك يقول الشاعر العربي:
ولا بد من شكوى إلى ذي قرابة يواسيك أو يسليك أو يتوجع |
فالشكوى مطلوبة، ولذلك فعلى المسلم أن يقوم مع المصاب في مصابه، ومع المريض في مرضه، ومع صاحب الفاقة في فاقته، وفي الحديث الصحيح عنه عليه الصلاة والسلام: {إن الله يقول يوم القيامة: يا بن آدم مرضت ولم تعدني، قال: كيف أعودك وأنت رب العالمين؟ قال: أما علمت أن عبدي فلان بن فلان مرض فلم تعده، أما إنك لو عدته لوجدت ذلك عندي} قال الشاعر:
مرض الحبيب فزرته فمرضت من خوفي عليه |
اسمع البيت ما أحسنه:
مرض الحبيب فزرته فمرضت من خوفي عليه |
وأتى الحبيب يزورني فشفيت من نظري إليه |
هذا جيد وهذان بيتان جيدان إن شاء الله.
وإذا خطبت فللمنابر هزة تعرو النديَّ وللقلوب بكاء |
وإذا أخذت العهد أو أعطيته فجميع عهدك ذمة ووفاءُ |
وإذا رحمت فأنت أمٌ أو أبٌ هذان في الدنيا هما الرحماء |
أفصح الناس لكن يتبسم من هذا الكلام؛ وهذا الكلام عويص علينا نحن، فقد فسدت لغتنا بكثرة الداخل علينا، حتى أصبحنا نتعلم اللغة العربية تعلماً قالت: زوجي عياياء، أي: لا يعرف يتكلم مثل الناس، بليته عقدة في لسانه، لا يخرج الحروف من مخارجها، أصم، أبكم أخرس، يأتي في الشهرين بكلمة، إذا سألت عن اسمه يخبر باسمه فقط، وهذا يميت البيت؛ لأنه لا بد من قراءة أو حديث.
قالت: طباقاء، الطباقاء قالوا: الأحمق التي انطبقت أموره عليه، أصبح ذروة في الحمق، ومن أشهر الخبلان في العالم، طباقاء يعني: مطبقٍ عليه بحمقه، وسوء تصرفه، وعدم معرفة مصالحه، ونحن أهل الإسلام نقول: أحمق الناس من لم يهتد إلى النور الذي أتى به محمد عليه الصلاة والسلام، قالت: صفوه بالمعايب والمساوئ كلها، فهو يقبلها ويتحملها، وتصلح أن تكون فيه، ركبوا عليه ما شئتم، كل داء في الدنيا يصلح أن يكون له داء.
{شجكِ أو فلكِ أو جمع كلاً لكِ} تقول: عنده عصا وكل يوم يشجها، وجسمها أصبح حقل تجارب للضرب، فمرة يضرب بالمشعاب، ومرة بالهراوة، ومرة بالسكين فتقول: مرة شجة في الرأس، ومرة فلة في الظهر، ومرة يجمع بين الحسنيين أثابه الله، فيشج في الرأس ويضرب في الكتف فيقولون: الفل في الجسم، والشج في الرأس، وهذا من الضرب، والضرب في الإسلام في حدود الضرب غير المبرح، وهي إذا نشزت المرأة وعصت زوجها، فعليه أن يهجرها في الفراش، فإن أبت فعليه أن يضربها ضرباً غير مبرح، ولا يضرب الوجه فإنه حرام ولا يقبح، والتقبيح: هو اللعن وهو حرام، ولا يضرب الأماكن الخطرة في جسمها كالبطن، وكذلك هي لا تضرب وجهه، ولا بطنه ولا تطلقه، هذه من الأمور التي ينبغي أن أنبه عليها، لكن الضرب غير المبرح الخفيف الخفيف، الذي هو قدر سوط أو سوطين من غير تبريح يقولون: كان شريح عنده زوجة اسمها زينب يقولون: كانت تعصيه قالوا: لو ضربتها فقال:
رأيت رجالاً يضربون نساءهم فشلت يميني حين أضرب زينبا |
ولكن مقصودنا هنا أنها تقول: إنه رجل سريع الضرب، سريع العصا.
أتت فاطمة بنت قيس تستشير محمداً صلى الله عليه وسلم بعد أن طلقها زوجها فتقدم لها ثلاثة: أسامة بن زيد وومعاوية بن أبي سفيان وأبو جهم، فكلهم تقدموا في آن واحد يريدون أن يتزوجوا منها، فذهبت إلى محمد عليه الصلاة والسلام وهو يعرف الناس، قالت: يا رسول الله! تقدم أسامة وتقدم أبو جهم وتقدم معاوية فبمن تنصحني منهم؟ قال عليه الصلاة والسلام: {أما
قال النبي صلى الله عليه وسلم: {أما
فقصارهنَّ مع الهموم طويلة وطوالهن مع السرور قصارُ |
ويقول امرؤ القيس وهو ينظر لليل وكان يسكن في نجد قال:
ألا أيها الليل الطويل ألا انجلي بصبحٍ وما الإصباح منك بأمثل |
يقول: متى تصبح لأنه مهموم، ويقول النابغة:
وصدرٍ أراح الليل عازب همه تضاعف فيه الحزن من كل جانب |
تطاول حتى قلت ليس بمنقضٍ وليس الذي يرعى النجوم بآيب |
إلى آخر ما قالوا في ذلك، ويقول مجنون ليلى وهو يصف طول الليل:
ليلي وليلى نفى نومي اختلافهما في الطُول والطَول يبدو لي إذا اكتملا |
يجود بالطول ليلي كلما بخلت بالطَول ليلى وإن جادت به بخلا |
وهذه زوجها فيه خيرٌ كثير وهادئ البال يقولون: ما وصفته وصفاً كثيراً في المدح، ولا ذمته، ويمكن المعيشة تصلح معه، ولذلك لا يطالب من الناس أن يكونوا في سعادة 100% فإن هذا لا يوجد إلا للأنبياء والرسل، لكن يرضون ويتحملون، وعلى الله أن يسدد ويقارب.
أفاطم لو شهدت ببطن خبت وقد لاقى الهزبر أخاك بشرا |
إذاً لرأيت ليثاً رام ليثاً هزبراً أغلباً يبغي هزبرا |
يصف نفسه بأنه الأسد، وقال آخر:
ترى الرجل الطرير فتزدريه وفي أثوابه أسدٌ هصورُ |
أو كما قال.. لا يهمنا فقد وصفته بالشجاعة، وشجاعة أهل الإسلام في الحق، والشجاع إنما هو من يتقي الله:
ليس من يقطع طرقاً بطلاً إنما من يتقي الله البطل |
فالبطل في الإسلام، هو الذي يتقي الله، وقال عليه الصلاة والسلام كما في الصحيح: {ليس الشديد بالصرعة، إنما الشديد الذي يملك نفسه وقت الغضب}.
قولها: ولا يسأل عما عهد أي: من حسنات هذا الرجل أنه يعطيني المال ولا يسأل، يعطي المال واللحم والعسل والسمن، ولا يسأل ولا يدقق ولا يحسب، تتصدق، تضيف، تنفق، تأكل، فلا يسأل عما عهد، وبعضهم يقول: تذمه، تقول: ما يسأل عنا ولا يسأل عن أخبارنا، ولا عما نقص علينا وكلا الوجهين محتمل.
دخل الأقرع بن حابس على محمد عليه الصلاة والسلام -والحديث صحيح- فإذا رسول الله صلى الله عليه وسلم يقبل الأطفال ويأخذهم ويقربهم؛ قال الأقرع: يا رسول الله؛ تقبلون الأطفال عندكم؟ قال الرسول صلى الله عليه وسلم: نعم. قال: عندي عشرة أبناء والله ما قبلت واحداً منهم، قال: وهل أملك أن نزع الله الرحمة من قلبك، أي: لستُ مسئولاً على أن الله نزع الرحمة من قلبك.
تقول: إنه قريب المس، أي: أنه يداعب أطفاله وأنه قريب وسهل.
والريح ريح زرنب، الزرنب: شجر طيب الرائحة تقول: دائماً يتطيب والنساء يعجبهن الطيب، وعلى المسلم أن يكون مطيباً دائماً.
رقاق النعال طيب حجزاتهم يحيون بالريحان يوم السباسب |
وكان عرق محمد عليه الصلاة والسلام كأحسن المسك وإذا صافحه المصافح بقي وقتاً طويلاً كما قالوا يجد رائحة الطيب في كفه، والطيب من أحسن ما يكون، ولذلك أوصي به إخواني عند المصافحة والملاقاة، ودخول البيت، والذهاب إلى الصلاة، وهو يزكي النفس، ويفتح الذهن، ويجعل للإنسان تأصيلاً في عقله، ويركز اهتمامه، وهو قوت الروح.
ألا إن وادي الجزع أضحى ترابه من المسك كافوراً وأعواده رندا |
وما ذاك إلا أن هنداً عشياً تمشت وجرت في جوانبه بردا |
والريح ريح زرنب، وأنا أغلبه والناس يغلب، تقول: أنا أغلبه، ومن الناس من تغلبه النساء، وهن شرُ غالبٍ لمن غُلِب، من الرجال من تغلبه النساء في الضرب وفي الأمر والنهي وفي كل شيء.
والناس يغلب، تقول: ويغلب الناس، ولكني أغلبه في البيت، تمدحه بذلك وتثني عليه، وهذه من الخصال الممدوحة، كان محمد عليه الصلاة والسلام، سهلاً تقول عائشة: {كان رجلاً سهلاً} تقول له: أأعتمر يا رسول الله؟ -بعد أن قضت الحج- قال: {يا
وكان يجلس مع النساء فيتحدث معهن وترتفع أصواتهن، فلما اقترب عمر وسمعن جلبته وصوته ابتدردن الحجاب فقال: يا عدوات أنفسكن! كان أولى أن تهبن رسول الله، فقامت امرأة وقالت: أنت فظٌ غليظ وليس كذلك رسول الله، قال الله: فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظّاً غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ [آل عمران:159].
تقول: {زوجي رفيع العماد} أي: أن بيته متسع في وسط الحي يضيف الناس؛ لأن البخلاء عند العرب يسكنون في شوارع ضيقة لا يهتدي لها الإنسان، فيضيع قبل أن يصل البيت، ولذلك إذا وصف لك البخيل بيته قال: على يمين المسجد، ثم لف على اليسار ثم خذ يمينك، ثم يسارك حتى تضيع قال الشاعر العربي:
ولست بحلال التلاع مخافة ولكن متى يسترفد القوم أرفد |
يقول: أنا لا أسكن المنخفضات البعيدة، إنما أسكن على جانب الطريق، ويقولون: كان حاتم الطائي يسكن وسط قبائل العرب، وكان يشعل النار في الليل، ويقول: من يريد الطعام فليأت، فكان يشعل ناره حتى تعلن أن هناك كرماً فيأتون يهتدون إلى النار، تقول الخنساء في أخيها:
وإن صخراً لتأتم الهداة به كأنه علمٌ في رأسه نار |
وإن صخراً لوالينا ومنقذنا وإن صخراً إذا نشتوا لنحار |
هباط أودية حمال ألوية شهاد أندية للجيش جرار |
وقالوا: كان إبراهيم الخليل عليه السلام أستاذ التوحيد، وشيخ العقيدة؛ كان عنده قصر في أرض كنعان وله بابان، يقول للخادم من خدامه: إذا أتيت بضيف فأنت عتيقٌ لوجه الله، فانظر كيف سيكون شعور الخادم، سيأتي بضيف ولو من التراب، فيذهب هذا الخادم فيأتي بضيف، أحدهم ذهب فأتى برجلٍ كافر مشرك فأدخله في قصر إبراهيم عليه السلام، فقدم له إبراهيم صحفه، ولذلك يقول الله سُبحَانَهُ وَتَعَالَى عنه في القرآن: فَرَاغَ إِلَى أَهْلِهِ فَجَاءَ بِعِجْلٍ سَمِينٍ [الذاريات:26].
والعجل هو التبيع، قالوا: سمين وقيل في سورة هود (حنيذ) سمين، وحنذه على الجمر حتى يكون أشهى، قالوا فقرب الطعام لهذا المشرك وقال له: قل: بسم الله، قال المشرك: لا أعرف بسم الله، قال: قل: بسم الله قال: لا. قال: قل: بسم الله، قال: لا. قال: والله لا تطعمه، فأوحى الله له: يا إبراهيم عجباً لك، خلقت هذا وله ستون سنة أطعمه وأسقيه، وراد أن يتعشى عندك ليلة فحرمته.
قالت: {رفيع العماد} يعني: أنه يتصدى للضيوف دائماً ويرحب بهم، وأكرم من عرفت الخليقة محمد عليه الصلاة والسلام:
ما قال لا قط إلا في تشهده لولا التشهد كانت لاؤه نعم |
وكان يخرج بالطعام على الناس ويدخل أصحابه على طعامه، وسأله رجل فأعطاه بردته، ويعطي مائة ناقة، وكان المال عنده مثل التراب، وقال ابن عباس في الصحيح: {كان عليه الصلاة والسلام أجود الناس، وكان أجود ما يكون في رمضان حين يلقاه جبريل فكان رسول الله أجود بالخير من الريح المرسلة}.
واختلفوا في أكرم العرب، على كل حال جلس ثلاثة في البيت العتيق واختلفوا في أكرم العرب، فقال بعضهم: أكرم العرب عرابة الأوسي كان يطعم صباح مساء.
وقال الثاني: عبد الله بن جعفر.
وقال الثالث: بل أكرم العرب قيس بن سعد بن عبادة فقالوا: كلٌ منا يذهب ويلبس ألبسة رديئة ويظهر في مظهر مسكين ويسأل صاحبه ثم عودوا إلى الحرم، وننظر ماذا يعطيكم، فذهب صاحب عبد الله بن جعفر الطيار إليه، فوجده قد خرج إلى الشام على فرس يريد سفراً قال: أنا رجل منقطع وأريد مالاً قال: خذ هذا السيف وخذ هذا الفرس، ولو كنت في المدينة أعطيتك، وأنا أريد السفر لكن سوف أنزل تحت هذه الشجرة حتى يأتيني ركب والله يرزقك، قال: لا أقطعك ولا أقطع سفرك قال: والله لتأخذنه، قال: فأخذت السيف والفرس بما عليه، وجلس هو تحت شجرة ينتظر المسافرين، وذهب الثاني عند قيس بن سعد بن عبادة فطرق عليه الباب فخرجت الجارية قال: أريد مالاً أنا فقير فذهبت قالت: مولاي نائم ولكن خذ ألف دينار ولو كان يقظان لأعطاك -ألف دينار تعادل مائة ألف اليوم- وذهب الثالث إلى عرابة الأوسي فوجده قد عمي وخرج إلى المسجد على عبدين يتكئ على أحدهما باليمنى وعلى الآخر باليُسرى ويريد صلاة العصر فقال: أعطني من مال الله، قال عرابة الأوسي: ذهبت النفقات بأموالي ما بقي إلا هذان العبدان خذهما لك قال: فأخذتهما وأخذ هو يعتمد ويلتمس الجدار إلى أن وصل المسجد قالوا: أكرمهم عرابة الأوسي فقال فيه الشاعر:
إذا ما راية رفعت لمجدٍ تلقاها عرابة باليمينِ |
قالت: {زوجي رفيع العماد، طويل النجاد} يعني طويل السيف، ليضرب به في المعركة أي أنه شجاع {عظيم الرماد} وهي عند العرب تحتمل الذم وتحتمل المدح، يحتمل أنه عظيم يقري الضيف كثير الرماد لأن قدره دائماً على النار، {قريب البيت من الناد} أي أن بيته وسط القرية ووسط المدينة يتصدى للضيوف، ليس لبيته بواب، وليس عليه حجاب وأبواب وحدائق حتى لا تصل إليه إلا بشق الأنفس.
(كثيرات المبارك) دائماً حول الخيام {إذا سمعن صوت المزاهر أيقن أنهن هوالك} قيل المزاهر: الأعواد، وقيل: السكاكين، وقيل: هو ما يستخدم في التطريب للضيف، كان الجاهليون إذا قدم الضيف ضربوا الدف والضيف قريب، فتعرف الناقة أنه قد حكم عليها بالإعدام لما تسمع من صوت الدف.
الْحَاقَّةُ * مَا الْحَاقَّةُ [الحاقة:1-2].
{أنس من حلي أذني} أي: أحسن عندي من حلي الأذن بالأنس واللطف والسكينة، والقرب والهدوء والليونة، وعند البخاري في رواية: {وأملأ من شحم عضديَّ} تقول: إنه عندي أحسن من الشحم الذي في عضدي لما بيني وبينه من قرب ومودة ورحمة.
وبجحني فبجحت إليَّ نفسي، تقول: أعطاني من الدنيا حتى افتخرت على زميلاتي وأخواتي، وتعاظمت إلي نفسي، وهذا ليس محموداً على الإطلاق، وسوف يأتي تفصيله، تقول: وجدني في أهل غُنيمة بشقٍ أي: أن أهلها أصحاب غنم في بادية فقيرة، فجعلني في أهل صهيلٍ وأطيطٍ، ودائسٍ ومُنَقٍّ، أي: فتحولت إليه فأصبح عندي خيل لأن عنده خيلاً وعنده أطيطاً أي: إبل تئط أطيطاً، يقول عليه الصلاة والسلام في الصحيح: {أطت السماء وحق لها أن تئط، ما فيها موطن أربع أصابع إلا وملكٌ راكعٌ أو ساجد} وفي حديثٍ يروى عنه في العرش عليه الصلاة والسلام: {وإنه ليئط به أطيط الرحل براكبه} والأطيط صوت القتب، وصوت المحمل على الجمل، الخشب الذي تسمع له صريف.
تقول: عنده إبل وخيل وعطاء.
وينبغي للمرأة ألا تتزوج الرجل لماله، بل تتزوجه لدينه، فالمال وحده لا ينفعها، ولو كان عنده مال قارون، وكثير من الفتيات تزوجن رجالاً ذوي أموال، ولكن أهل الأموال هؤلاء كانوا فجرة، وأهل ربا وخيانة مع الله، وأهل غدر مع الواحد الأحد، فأصبحت حياتهم غدراً وزوراً وبعداً عن الله.
وهناك نساء تزوجن فقراء، ولكن هؤلاء الفقراء عرفوا الله.. أهل صيام وصلاة، وعبادة وتقوى لله، فسعدن سعادة ما بعدها سعادة، فلا تعد المال شيئاً فهو لا يساوي التراب إلا بتقوى الله.
قالت: {ودائس ومنقٍ} تعني: أن له دجاجاً، لكن استبعدوا ذلك فذكره الحافظ في الفتح، وقيل: إنه كثير البر حتى ينقى عنده بالمناخل.
{فعنده أقول فلا أقبح} تقول: أتكلم وألقي ما في ذهني فلا يقبحني ولا يقاطعني، ويستمع إلي، وهي خصلة جيدة في الرجال، ويجب أن يعيها المسلم فيسمع لصوت المرأة، والإسلام هو الذي عرف قدر المرأة وسمع صوتها بعد أن قتلت الجاهلية صوتها المرأة ووأدتها، ولم تعترف بها، فجاء الإسلام فكرمها.
{وأرقد فأتصبح} تتشرف تقول: الصباح أرقد في الصباح حتى الضحى، أي أنها تسهر وتلهو ثم تنام متأخرة فلا تضطر للقيام بل تظل نائمة حتى وقت الضحى، ولو عرفت التسبيح حتى طلوع الشمس وقراءة القرآن كان أحسن، لكن تصف أنها مرتاحة، وأنها تنام على ما تريد، وتقوم متى أرادت.
وأشرب فأتقمح أي: أشرب فأزيد من الشرب، فهي تشرب من اللبن، وتشرب من العسل، وتشرب من السمن لا يقول: كفى، إنما تشرب جهدها.
ثم تصف أم أبي زرع وابنه وزوجه الأخرى وبنته تقول: {أم
{ابن
إني امرؤ عافٍ إنائي شركة وأنت امرؤ عافٍ إناؤك واحد |
أقسم جسمي في جسومٍ كثيرة وأحسو قراح الماء والماء بارد |
{بنت
حسداً حملنه من أجلها وقديماً كان في الناس الحسد |
حسدوا الفتى إذ لم ينالوا سعيه فالناس أعداء له وخصوم |
كضرائر الحسناء قلن لوجهها حسداً وغيظاً إنه لدميمُ |
قالت: {جارية
{ولا تنقث ميرتنا تنقيثا} أي: كذلك لا تصرف مالنا ولا تضيعه { ولا تملأ بيتنا تعثيثا} أي: أنها مرتبة للبيت، والعرب تمدح الترتيب والإسلام جاء به.
-وبالمناسبة- أنصح النساء لأن هذا الخبر لهن-: أن يتقين الله في ترتيب البيوت، وفي التزام النظام، لأن من صفات اليهود أنهم أوسخ الناس أفنية، فالمرأة العاقلة تجعل للملابس مكاناً، وللمكتبة مكاناً، وللمطبخ مكاناً، ولكل شيء مكاناً، أما أن تكون الملاعق بين الكتب، والسكاكين بين البطانيات، والصحون في المجلس، وحالة لا يعلمها إلا الله فهذا ينبئ بأنه أصاب البيت رجة أو زلزال، وهذا ليس بوارد في الإسلام.
قالت: { خرج
{فنكحت بعده رجلاً سرياً -أي رجلاً غنياً- ركب شرياً- عنده فرس جيد- وأخذ خطياً -وبيده رمح- وأراح علينا نعماً سرياً -كثير الأنعام- وأعطاني من كل رائحة زوجاً -أي من كل الإبل والبقر، والغنم- فقال: كلي
أولها: ملاطفة الأهل، واستماع حديث النساء، وأن غالب النساء إذا اجتمعن تحدثن في حالتهن مع الأزواج، وفيه: أدبه صلى الله عليه وسلم وحسن عشرته.
وفيه: ما كان بينه وبين عائشة من أنسِ حديثٍ وطيب كلام.
وفيه: أن أخبار الجاهلية تقص في المجالس ولا بأس بها.
وفيه: أنه لا بأس بالأسمار والحديث عن الناس ما لم يكن غيبة.
وفيه: أنه لا بأس بأن يتحدث بأخبار القرون الأوائل والأجداد والآباء، وما كانوا فيه من فقر وحروب وعوز، وما كان فيهم من صفات وأوصاف، كما في هذا الحديث.
وفيه: التمثل ببعض الناس في الصفات لقوله عليه الصلاة والسلام: (كنت لك كـ
وفيه: تزكية الرجل لنفسه ما لم يخف عليه عجباً إذا كان صادقاً، فقد زكى صلى الله عليه وسلم نفسه وقال: (كنت لك كـ
وفيه: أنه لا يلزم أن يكون المشبه كالمشبه به في جميع الصفات، فإن في بعض الأوصاف ذكر صلى الله عليه وسلم أنه قال: (كنت لك كـ
وفيه: أن التشبه بالجاهليين في صفات الخير ليس بمذموم كأن يقول: ككرم حاتم، وكشجاعة عنترة، وكشعر زهير.
وفيه: أن المسلم قد يكون له أوقات مع أهله يأنس فيها بحديثٍ من المزاح بدون غيبة، وأن هذا ليس من ضياع الوقت.
وفيه: أن للقلوب وقتاً من الراحة [[وأريحوا القلوب ساعة فإن القلوب إذا كلت عميت]].. ( ولكن ساعة وساعة).
وفي هذا الحديث أحكام أخرى، وأنا جئت به لثلاثة أمور.
أولها: أنه تلي في مجلسه عليه الصلاة والسلام فحقيقٌ لنا أن نسمعه كما سمعه.
الأمر الثاني: أن فيه وصفاً للأزواج والزوجات في هذا الحديث؛ فمن كان فيه سوء فليتجنبه رجلاً كان أو امرأة، ومن كان فيه خير فليثبت عليه وليزدد منه.
الأمر الثالث: أن فيه لفتات تربوية في المجتمع بما أشرت إليها في أثناء الدرس.
.
الجواب: لا يصح هذا الحديث، ولا يثبت، وليس من كلامه عليه الصلاة والسلام.
الجواب: حديث صحيح رواه الحاكم عن عبد الله بن جعفر، وبعضهم يقول: إنه حسن، فهو إما حسن أو صحيح.
الجواب: رواه الدارمي عن عبد الله بن أبي جعفر مرسلاً، والمرسل ضعيف، ولذلك فالحديث ضعيف.
الجواب: سبق أن أشرت إلى أنه قد يحسن، ولكن أعود فأقول: بعد التأمل في سنده وجد أنه ضعيف؛ فهو ضعيف عن ابن مسعود.
الجواب: هذا الحديث لا يصح وهو ضعيف عند الترمذي.
الجواب: حديثٌ ضعيف رواه ابن عساكر، ضعيف في سنده، ولكنه صحيحٌ في معناه؛ فإن الذي أدب الرسول هو الله؛ لكنه ضعيفٌ في سنده.
الجواب: هذا الحديث حسن رواه ابن عساكر عن أنس ومعناه يعني الذين يتخللون بعد الطعام بالمخلال حديثٌ حسن.
الجواب: حديثٌ صحيح رواه أحمد عن جرهد وفيه ألفاظ: {يا
الجواب: رواه أحمد بسندٍ ضعيف، قال ابن أبي حاتم: له سندان ضعيفان وليس بثابت.
الجواب: حديثٌ صحيح.
الجواب: حديثٌ ضعيف عند أبي داود.
الجواب: حديثٌ صحيح رواه مسلم.
الجواب: هذا من الشيطان ولا يسلم بيتٌ من خلاف، وأسأل الله عز وجل أن يصلح ما بينكما؛ فلعلك أن تصبر، ولعلها أن تتأدب معك.
الجواب: سبحان الله! صح عنه عليه الصلاة والسلام أنه قال: {إذا صلت المرأة خمسها، وصامت شهرها، وأطاعت زوجها دخلت جنة ربها} [[أتى رجلٌ إلى
الجواب: هذا يوجد كثيراً وقالت امرأة الزبير بن بكار: والله لكتبك علي أضر من ثلاث ضرائر، أو من أربع ضرائر. وقال الجاحظ: هذا أضر شيء على النساء، لكن لا بد لها أن تصبر.
الجواب: أقول: إذا أدخلت الإيمان وسنة الرسول صلى الله عليه وسلم في البيت فسوف ينتهي كثير من ذلك، والمسلم لا يقصر في النفقة، ولا يزيد على قدر الحاجة: وَالَّذِينَ إِذَا أَنْفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَاماً [الفرقان:67].
الجواب: ننصحك أن تقلل من الزيارة إلى أهلها، لا يكون شعارها دائماً وأبداً: أهلي أهلي؛ لأن أهلها بيتك أنت، وأنت المسئول عنها، ولا تستأذن أباها ولا أمها، بل تستأذن منك أنت، وإذا تعارض إذنك وطلب أبيها قدم إذنك أنت، وعليها أن تتعقل في ذهابها وزيارتها، وكما قال صلى الله عليه وسلم -وأهل العلم يصححون هذا الحديث- قال: {زر غباً تزدد حباً} أما أريد أهلي كل يوم في الصباح وفي المساء فليس هذا بلائق، فما دام أن فيها من العلم والوقار والخير والهدى فزادها الله توفيقاً، ولكن أنصحها أن تقلل من الزيارة إلى أهلها.
الجواب: لعلك أنت منهم. نعم بعضهم يبيع البيت والأثاث والسيارة من أجل حلي زوجته، وتغير دائماً فأنا أقول: إن حلي المرأة تقوى الله، وإنها مهما تلبست بلباس الدنيا فلباس التقوى ذلك خير:
حورٌ حرائر ما هممن بريبة كضباء مكة صيدهن حرام |
يحسبن من لين الكلام روانياً ويصدهن عن الخنا الإسلام |
فلتكن المرأة مثل فاطمة بنت عبد الملك بن مروان، زوجة عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه وعنها وأرضاها في الجنة، سلمت حليها لبيت المال، لما تولى الخلافة قال: إن كنت تريدين الله والدار الآخرة، فسلمي الذهب إلى بيت المال، وإن كنت تريدين الدنيا، فاذهبي إلى أهلك، قالت: الحياة حياتك والموت موتك والهدم هدمك، والدم دمك؛ فهي ممن قال الله فيهن: وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُمْ بِإِيمَانٍ أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَمَا أَلَتْنَاهُمْ مِنْ عَمَلِهِمْ مِنْ شَيْءٍ كُلُّ امْرِئٍ بِمَا كَسَبَ رَهِينٌ [الطور:21].
الجواب: ذكرت هذا في محاضرة: (صفات المرأة المسلمة) وهنا أقول: عليها أن تحمل الدعوة، وإذا لم تستطع أن تتكلم فلتهد الكتيب والشريط الإسلامي، عل الله أن ينفع بها، وفي النساء صحوة وعودة إلى الله، ففي مدينة من المدن حضر في محاضرة أكثر من ألفي امرأة من النساء لسماع المحاضرة، وفيهن عودة، وكثيرٌ منهن كتبن كتباً في الساحة، مثل كتاب إليك إليك، وكتاب احذري الهاتف يا فتاة الإسلام، وكتاب الحجاب للمرأة المسلمة، أو رسائل في الحجاب وغيرها من الكتب الكثيرة، فعسى الله أن يهديهن سواء السبيل.
الجواب: بل إذا تقدم لهن أحد أوصيهن أن يقبلن، أما هي أن تعلن في عكاظ والجزيرة فليس هذا بصحيح، وقد قال صلى الله عليه وسلم في الترمذي بسندٍ صحيح: {إذا أتاكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه، إن لم تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد كبير} وأنا أوصي -بالمناسبة- الشباب أن يتقدموا، أنا أعرف مئات الشباب ما تزوجوا يريدون أن يتخرجوا، وبعد التخرج يتوظفون وبعد التوظف يعملون، وبعد العمل يحاسبون ثم يموتون، فعليهم أن يتزوجوا، وعلى النساء ألا يرددن صالحاً إذا تقدم عل الله أن ينفع.
الجواب: أيها الأخ شكراً لك والكتاب هذا للشيخ يوسف القرضاوي أثابه الله، وقد زل في هذه المسألة وأخطأ، والعالم قد يخطئ وليس معصوماً، فنقول: أسأل الله أن يسامحه ويعفو عنه، وقد تصدى له الشيخ الفوزان فرد عليه رداً عجيباً، وأتى بالكتاب والسنة وأقوال أهل العلم وكلام السلف، ونقولات من المجلدات، وقد نقلت كثيراً من ذلك -والله الموفق- في شريط (رسالة إلى المغنين والمغنيات) وسوف تسمع النقول بالصفحات من ابن تيمية وابن القيم وابن باز، والألباني، وأمثالهم من علماء الإسلام، والأحاديث والآيات، وما قالوا عن الغناء، وأضراره وفحشه، فأنا أطلب منك أن تستمع للشريط حتى تسمع الحق، وعسى الله أن يهديك وكل مسلم سواء السبيل.
من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر