والمقصود من زيارة القبور تذكر الآخرة من أجل الاستعداد لها بالأعمال الصالحة وليس ما يفعله بعض الجهلة الذين يذهبون إلى القبور للتبرك بها والذبح لها، والدعاء عندها.
والصلاة والسلام على رسول الله القائل: (القبر روضة من رياض الجنة، أو حفرة من حفر النار) وأشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمداً رسول الله، شهادة أدخرها وإياكم إلى يوم العرض على الله، ندخرها إلى يوم الفتنة في القبور، يوم: يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ وَيُضِلُّ اللَّهُ الظَّالِمِينَ وَيَفْعَلُ اللَّهُ مَا يَشَاءُ [إبراهيم:27] اللهم صلِّ على نبيك وحبيبك محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً.
أمَّا بَعْـد:
غنياً عما ترك، فقيراً إلى ما قدم.. انتهى أمله وأجله وعمله، وتبعه أهله وماله وعمله، فعاد أهله وماله وبقي معه عمله.
وسد التراب، وفارق الأحبة والجيران، وهجره الأصحاب والإخوان.. ما كأنه فرح مع من فرح، ولا كأنه ضحك مع من ضحك، ولا كأنه ارتاح مع من ارتاح.. فلما وسد تلك الحفرة أتى يبحث عن عمله، قال تعالى: وَلَقَدْ جِئْتُمُونَا فُرَادَى كَمَا خَلَقْنَاكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَتَرَكْتُمْ مَا خَوَّلْنَاكُمْ وَرَاءَ ظُهُورِكُمْ وَمَا نَرَى مَعَكُمْ شُفَعَاءَكُمُ الَّذِينَ زَعَمْتُمْ أَنَّهُمْ فِيكُمْ شُرَكَاءُ لَقَدْ تَقَطَّعَ بَيْنَكُمْ وَضَلَّ عَنْكُمْ مَا كُنْتُمْ تَزْعُمُونَ [الأنعام:94].
يقول عوف بن مالك رضي الله عنه: {صلى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم على جنازة رجل من الأنصار، فلما صففنا خلفه تخطيت الصفوف حتى وقفت بجانبه وهو يصلي على الجنازة، فسمعته صلى الله عليه وسلم يبكي وهو يقول: اللهم اغفرله، اللهم اعف عنه، اللهم ارحمه، اللهم أكرم نزله، ووسع مدخله، واغسله بالماء والثلج والبرد، ونقه من الذنوب والخطايا كما ينقى الثوب الأبيض من الدنس قال
بل كان عليه الصلاة والسلام يذهب في الليل البهيم والظلام الدامس فيقف على مقبرة بقيع الغرقد في المدينة، فيبكي بكاءً طويلاً، ويدعو دعاءً طويلاً؛ لأنهم أحوج ما يكونون إلى الدعاء، وأحوج ما يكونون إلى الترحم؛ ولأنهم كما قال تعالى: وَحِيلَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ مَا يَشْتَهُونَ [سبأ:54].
كان ابن عمر رضي الله عنه وأرضاه إذا قرأ قوله تعالى: وَحِيلَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ مَا يَشْتَهُونَ كَمَا فُعِلَ بِأَشْيَاعِهِمْ مِنْ قَبْلُ إِنَّهُمْ كَانُوا فِي شَكٍّ مُرِيبٍ [سبأ:54] يبكي رضي الله عنه وأرضاه حتى يكاد يغمى عليه، ثم يقول: [[اللهم لا تحل بيني وبين ما أشتهي. قيل له: ماذا تشتهي؟ قال: أشتهي أن أقول لا إله إلا الله، فيحال بيني وبين لا إله إلا الله]] وأهل القبور حيل بينهم -والله- وبين لا إله إلا الله، فلا يستطيعون أن يقولوها.
فهل سمعتم بميت يصلي في قبره؟
وهل سمعتم بميت يصوم في قبره؟
وهل سمعتم بميت يذكر الله في قبره؟
وَحِيلَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ مَا يَشْتَهُونَ كَمَا فُعِلَ بِأَشْيَاعِهِمْ مِنْ قَبْلُ [سبأ:54] كما فعل بأشياعهم من المجرمين، وأضرابهم من المنافقين، وأشباههم من الفاسقين: إِنَّهُمْ كَانُوا فِي شَكٍّ مُرِيبٍ [سبأ:54].
فسمعت كأن قائلاً يقول: تزود يا مطرف! من لا إله إلا الله، فوالله لقد حيل بيننا وبينها.
فدعاؤنا للأموات نور ورحمة تنـزل عليهم.
يقول عليه الصلاة والسلام: {إن الله يرحم أهل القبور بدعائي لهم، وينور عليهم قبورهم بصلاتي عليهم} أي: بدعائي لهم.
فيا عباد الله! رحم الله امرءاً قدم من الصالحات لتلك الحفرة.
ورحم الله امرءاً أعد الحسنات لذاك القبر.
ورحم الله امرءاً حاسب نفسه قبل أن يوضع في مكان ضيق لا أنيس فيه إلا العمل الصالح، ولا حفيظ فيه إلا الله، ولا مجازي ولا محاسب إلا الحي القيوم.
يقول عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه لجلسائه: [[أرقت البارحة -أي سهرت فلم أنم حتى الفجر- قالوا: ما أسهرك يا أمير المؤمنين؟ قال: لما أويت إلى فراشي ووضعت لحافي علي تذكرت القبر، وتذكرت الميت بعد ثلاث ليال، حينما يتركه أهله وأحبابه وجيرانه وإخوانه، فيتغير ريحه، وتتمزق أكفانه، ويسري الدود على خدوده، فليتك ترى يا فلان تلك الرائحة المنتنة بعد الطيب في الدنيا، وتلك الأكفان الممزقة بعد الثياب الجميلة في الدنيا]].
نروح ونغدو لحاجاتنا وحاجة من عاش لا تنقضي |
تموت مع المرء حاجاته وتبقى له حاجة ما بقي |
أتيت القبور فناديتها أين المعظم والمحتقر |
هل رأيت قبر غني من فقير؟ هل رأيت -أي: هل ميزت- بين قبر أمير من حقير؟
تفانوا جميعاً فما مخبر وماتوا جميعاً ومات الخبر |
فيا سائلي عن أناس مضوا أما لك فيما مضى معتبر |
والله لو نعلم كما يعلم رسول الله صلى الله عليه وسلم لضحكنا قليلاً ولبكينا كثيراً، لكننا أكثرنا من الضحك وأقللنا من البكاء، قست قلوبنا بالمعاصي والشهوات، وقست قلوبنا بالترهات، وقست قلوبنا بالبعد عن فاطر الأرض والسماوات، لما انغمرنا في الشهوات، والله سُبحَانَهُ وَتَعَالَى ينادينا فيقول: أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ وَمَا نَزَلَ مِنَ الْحَقِّ وَلا يَكُونُوا كَالَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلُ فَطَالَ عَلَيْهِمُ الْأَمَدُ فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ فَاسِقُونَ [الحديد:16].
والقبر روضة من الجنان أو حفرة من حفر النيران |
إن يك خيراً فالذي من بعده أفضل عند ربنا لعبده |
وإن يكن شراً فما بعد أشدّْ ويلٌ لعبدٍ عن سبيل الله صدّْ |
ويل لعبد لم يتهيأ لتلك الحفرة.. ويل لعبد لم يتهيأ لذاك القبر.. ويل لعبد لم يتهيأ بالعمل الصالح.. ويل لمن صد عن سبيل الله.. ويل لمن قاطع بيوت الله.. ويل لمن هجر كتاب الله.
مر عمرو بن العاص رضي الله عنه وأرضاه فرأى المقبرة فبكى، ثم توضأ وصلى ركعتين، فقال له أصحابه: لِمَ صليت الآن ركعتين؟ قال: تذكرت قول الله تعالى: وَحِيلَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ مَا يَشْتَهُونَ كَمَا فُعِلَ بِأَشْيَاعِهِمْ مِنْ قَبْلُ إِنَّهُمْ كَانُوا فِي شَكٍّ مُرِيبٍ [سبأ:54].
عمرو بن العاص رضي الله عنه وأرضاه، الذي قال لابنه لما حضرته الوفاة: يا بني! ألبسني أكفاني وشد علي أكفاني؛ فإني مخاطب في قبري، وإني أخاف إذا قمت للفتان في قبري أن تسقط من على أكتافي أكفاني. فلما أتته سكرات الموت بكى وحول وجهه إلى الحائط.
وهو من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومن الذين فتح الله على أيديهم الفتوح، فقد فتح الله على يديه مصر، ودوَّنَ دواوينها وجند أجنادها.
فلما أتاه اليقين، وأتته سكرات الموت بكى بكاءً طويلاً، فقال له ابنه يحسن ظنه بالله ويحسن رجاءه في الحي القيوم: يا أبتاه! أنت من أصحاب رسول الله فلا تخف، أما فتحت مصر؟ أما جاهدت في سبيل الله؟ أما تقربت إلى الله؟ فالتفت إليه أبوه وقال: يا بني! لقد عشت حياتي على أدوار ثلاثة: كنت في الجاهلية قبل الإسلام، وكان أبغض الناس إلي رسول الله صلى الله عليه وسلم والله لو تمكنت منه لقتلته، فلو مت على تلك الحال لكنت من جثي جهنم، ثم أسلمت وأتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم في المدينة، فلما رآني رحب بي وهش وبش في وجهي وقال: {حيهلاً بك يا
ثم تخلفت بعده فلعبت بي الدنيا ظهراً لبطن، فوالله! ما أدري هل يؤمر بي إلى الجنة أم إلى النار، لكن عندي كلمة أحاج لنفسي بها عند الله، هي لا إله إلا الله محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم قبض يمناه على هذه الكلمة العظيمة.
قال ابنه عبد الله: فلما أتينا لنغسله فتحنا كفه فانقبضت على لا إله إلا الله، وجئنا ندخله في كفنه ففتحنا يده فانقبضت على لا إله إلا الله، فدخل في القبر بلا إله إلا الله: يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ وَيُضِلُّ اللَّهُ الظَّالِمِينَ وَيَفْعَلُ اللَّهُ مَا يَشَاءُ [إبراهيم:27].
أبني أبينا نحن أهل منازل أبداً غراب البين فيها ينعق |
نبكي على الدنيا وما من معشر جمعتهم الدنيا فلم يتفرقوا |
أين الأكاسرة الجبابرة الألى كنـزوا الكنوز فلا بقين ولا بقوا |
من كل من ضاق الفضاء بجيشه حتى ثوى فَحَواه لحد ضيق |
خرص إذا نودوا كأن لم يعلموا أن الكلام لهم حلال مطلق |
يقول ابن عوف رضي الله عنه: [[خرجت مع
فالله المستعان على ذاك المقام، وعليه التكلان أن يثبتنا وإياكم يوم يثبت أهل طاعته فلا يخذلون، ويوم يثبت أهل البر من عباده فلا ينسون، ويوم أن يلهمهم رشدهم عند سؤال الفتان في القبور؛ فينطقون بلا إله إلا الله قوية من قلوبهم، نسأله التثبيت لنا ولكم ولكل مسلم، فمنه التثبيت ومنه العون ومنه السداد.
أقول ما تسمعون، وأستغفر الله العظيم لي ولكم ولجميع المسلمين؛ فاستغفروه وتوبوا إليه إنه هو التواب الرحيم.
أمَّا بَعْـد:
أيها الناس! فواجبنا نحو أمواتنا من المسلمين الزيارة والترحم والدعاء لهم، لأن الله سُبحَانَهُ وَتَعَالى ينور عليهم قبورهم بدعائنا لهم فما أحوجهم إلى دعائنا! ولكن نحن لا نحتاج إلى أحد منهم، فإنهم كما قال تعالى: لا يَمْلِكُونَ لِأَنْفُسِهِمْ ضَرّاً وَلا نَفْعاً وَلا يَمْلِكُونَ مَوْتاً وَلا حَيَاةً وَلا نُشُوراً [الفرقان:3].
والزيارة الشرعية أن يزور المسلم -الرجل لا المرأة- القبور ليتذكر الوقوف بين يدي الله، والعرض عليه، ويزهد فيما سوى الله، ويقلل متاعه من هذه الدنيا التي تشغله عن الله، ولذلك ثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: (زوروا القبور فإنها تذكر بالآخرة).
وإذا سألتهم: لِمَ تفعلون هذه الأفاعيل الشركية الوثنية والأمور الجاهلية؟
قالوا: نحن لا نعبدهم، وإنما نتبرك بهم ونتوسل بهم إلى الله. وهذا منطق أهل الجهل والشرك والوثنية، فإنهم كانوا يقولون كما قص الله عنهم: مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى [الزمر:3].
ولذلك يقول صلى الله عليه وسلم: {اللهم لا تجعل قبري وثناً يعبد} ومعنى (وثناً يعبد) أي: يتوسل إليه، ويتبرك به، ويعتقد أنه ينفع ويضر بعد موته.
هذا وهو رسول الله صلى الله عليه وسلم، فكيف بغيره الذي ما بلغ مرتبته من الناس؟
كيف يتوسل به إلى الله ويتبرك به وبالدعاء عنده؟!
إن هذا هو الشرك بعينه، قال تعالى: وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ * بَلِ اللَّهَ فَاعْبُدْ وَكُنْ مِنَ الشَّاكِرِينَ [الزمر:65-66] فالذين يتوسلون بالقبور في أي بلد وفي أي مكان وفي أي زمان، ويتبركون بالدعاء عندهم، ويعتقدون نفع الأموات أو ضرهم: إِنَّ هَؤُلاءِ مُتَبَّرٌ مَا هُمْ فِيهِ وَبَاطِلٌ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ [الأعراف:139].
يقول صلى الله عليه وسلم وهو في سكرات الموت، وهو يصارع الموت في آخر لحظة من لحظات الدنيا: {لا إله إلا الله إن للموت لسكرات} ثم يقول: {لعن الله اليهود والنصارى اتخذوا فبور أنبيائهم مساجد} يحذر منهم صلى الله عليه وسلم ومن فعلهم.
ووقع ما فعله أولئك من اليهود والنصارى في أمة محمد صلى الله عليه وسلم؛ ففي كثير من البلاد الإسلامية يشركون بالله بتقربهم إلى القبور، وبعكوفهم عليها، وبتوسلهم بأصحابها؛ فوقعوا في الغلو الذي وقع فيه من كان قبلهم، يقول الله تبارك وتعالى: وَقَالَتِ الْيَهُودُ عُزَيْرٌ ابْنُ اللَّهِ وَقَالَتِ النَّصَارَى الْمَسِيحُ ابْنُ اللَّهِ ذَلِكَ قَوْلُهُمْ بِأَفْوَاهِهِمْ يُضَاهِئُونَ قَوْلَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَبْلُ قَاتَلَهُمُ اللَّهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ [التوبة:30] فقاتل الله كل من اتخذ من دونه إلهاً يعبد، أو توسل إلى الله بغير ما شرع في جلب منفعة أو دفع مضرة.
يقول ابن تيمية رحمه الله: الرسل عليهم الصلاة والسلام وسائط هدى وتبليغ للرسالات من الله إلينا، ولا نتوسط بهم في العبادات بيننا وبين الله. فمن توسل بأحد أو تشفع به وهو ميت في قبره، أو تبرك بالدعاء عند قبره فقد خسر عمله.
ومن أدب الزيارة: عدم الجلوس على القبر، فإنه صلى الله عليه وسلم منع من الجلوس عليها، كما صح في صحيح مسلم من حديث بثينة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: {لا تصلوا إلى القبور ولا تجلسوا عليها} ويقول صلى الله عليه وسلم كما في صحيح مسلم: {لأن أجلس على جمرة فتحرق ثيابي حتى تنفذ إلى جسمي خير لي من أن أجلس على قبر}.
ومن آداب الزيارة: ألا يصلى على القبور إذا زارها الزائر، وصحيح أنه يصلى على الميت إلى شهر كما في صحيح البخاري، لكن هذا في صلاة الجنازة، أما أن تصلى الفريضة على القبر؛ فهذه من الأمور المبتدعة، والصلاة منهي عنها هناك.
ومن ا لأمور التي تجب علينا لأصحاب القبور: إكرام قبورهم من المرور عليها، فلا يمر على القبر ولا يمتهن، ولا يبنى عليه، فقد جاء في صحيح مسلم: عن علي رضي الله عنه وأرضاه أنه قال: {أرسلني رسول الله صلى الله عليه وسلم على ألا أدع قبراً مشرفاً إلا سويته} سويته: أي سويته بالأرض، فلا يبنى عليها، ولا يعكف عندها، ولا يتبرك بها، ولا يجلس عليها، ولا يمر عليها، وإنما هي تذكرنا بلقاء الله، وبالقدوم عليه، فما أوعظ القبور وما أوعظ أحاديثها! وما أرقها للأفئدة التي قست من المعاصي كأفئدتنا!
عباد الله: صلوا وسلموا على من أمركم الله بالصلاة والسلام عليه فقال: إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً [الأحزاب:56]
وقد قال صلى الله عليه وسلم: {من صلى علي صلاة واحدة صلى الله عليه بها عشراً}.
اللهم صلِّ على نبيك وحبيبك محمد، واعرض عليه صلاتنا وسلامنا في هذه الساعة المباركة، وارض اللهم عن أصحابه الأطهار من المهاجرين والأنصار ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، وعنا معهم بمنك وكرمك يا أكرم الأكرمين.
اللهم أعز الإسلام والمسلمين. اللهم اجمع كلمة المسلمين على ما تحبه وترضاه. اللهم وحد بين صفوفهم، واجمع كلمتهم على الحق وارفع رايتهم يارب العالمين.
اللهم أخرجهم من الظلمات إلى النور واهدهم سبل السلام، وأرهم الحق حقاً وارزقهم اتباعه، وأرهم الباطل باطلاً وارزقهم اجتنابه، إنك على كل شيء قدير.
اللهم اغفر لجميع أموات المسلمين الذين شهدوا لك بالوحدانية، ولنبيك بالرسالة، وماتوا على ذلك، اللهم اغفر لهم وارحمهم، وعافهم واعف عنهم، وأكرم نزلهم، ووسع مدخلهم، واغسلهم بالماء والثلج والبرد، وأبدلهم دوراً خيراً من دورهم، وأهلاً خيراً من أهاليهم، وأزواجاً خيراً من أزواجهم، ولقهم الجنة وقهم عذاب النار.
اللهم ارحمنا إذا صرنا إلى ما صاروا إليه.
اللهم وفق أئمتنا وولاة أمورنا لما تحبه وما ترضاه يا رب العالمين، اللهم اهدهم رشدهم، وألهمهم توفيقهم، إنك على كل شيء قدير، ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار.
اللهم انصر عبادك المجاهدين الموحدين الذين يجاهدون لإعلاء كلمتك في أفغانستان وفلسطين وفي كل صقع من بلاد المسلمين.
ربنا ظلمنا أنفسنا وإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين.
سبحان ربك رب العزة عما يصفون، وسلام على المرسلين، والحمد لله رب العالمين.
من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر