ولا نجاة لنا من فتن هذا الزمان الذي نعاني من ويلاته إلا بالإلتزام بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، بعثه الله بالهدى ودين الحق، فبلَّغ الرسالة، وأدَّى الأمانة، ونصح الأمة، وجاهد في الله حتى أتاه اليقين، فصلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً.
عباد الله! جمعتنا بكم المحبة في الله، وجمعنا بكم الأمر الذي أوجبه الله علينا، قال تعالى: كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ [آل عمران:110].
اسمعوا إلى كلام الله تبارك وتعالى وهو يتحدث لنا عن قرية نامت في جفن البحر، جاورته، ولكنها ما وقرَّت وما عظَّمت رب البر والبحر، وما استحت من الله، قال تعالى: وَاسْأَلْهُمْ عَنِ الْقَرْيَةِ الَّتِي كَانَتْ حَاضِرَةَ الْبَحْرِ إِذْ يَعْدُونَ فِي السَّبْتِ إِذْ تَأْتِيهِمْ حِيتَانُهُمْ يَوْمَ سَبْتِهِمْ شُرَّعاً وَيَوْمَ لا يَسْبِتُونَ لا تَأْتِيهِمْ كَذَلِكَ نَبْلُوهُمْ بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ * وَإِذْ قَالَتْ أُمَّةٌ مِنْهُمْ لِمَ تَعِظُونَ قَوْماً اللَّهُ مُهْلِكُهُمْ أَوْ مُعَذِّبُهُمْ عَذَاباً شَدِيداً قَالُوا مَعْذِرَةً إِلَى رَبِّكُمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ * فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ أَنْجَيْنَا الَّذِينَ يَنْهَوْنَ عَنِ السُّوءِ وَأَخَذْنَا الَّذِينَ ظَلَمُوا بِعَذَابٍ بَئِيسٍ بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ * فَلَمَّا عَتَوْا عَنْ مَا نُهُوا عَنْهُ قُلْنَا لَهُمْ كُونُوا قِرَدَةً خَاسِئِينَ [الأعراف:163-166].
هذه القرية! مسكينة بائسة، هالكة عاصية! قرية جحدت معروف الله، وتنكرت الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
قريةٌ عطَّلت أوامر الله كما تفعل بعض القرى، قرية كانت تجاور البحر وَاسْأَلْهُمْ عَنِ الْقَرْيَةِ الَّتِي كَانَتْ حَاضِرَةَ الْبَحْرِ [الأعراف:163] لكن أسلوب القرآن عجيب ورائعٌ وبديع، هذه القرية من قرى بني إسرائيل، اجتمعت عند البحر واجتمع أهلها على المعصية.
حرَّم الله عليهم صيد السمك يوم السبت لحكمةٍ أرادها الله، وعندنا اليوم ليس سمك، بل أغلى من السمك، أعراض تنتهك، وعيونٌ تنظر، وغناء، وخمر، وسُكرٌ، وتخلف عن الصلاة، ليست المسألة مسألة سمك، المسألة مسألة دينٌ يُسحق بالشاطئ، وأمرٌ بالمعروف ونهيٌ عن المنكر لا يقام، ولا إله إلا الله تجرح مشاعرها، القضية أعظم من صيد السمك، القضية صيد نساء وفتيات، وصيد أعراض وهدم بيوت، وجرح مشاعر.
حرَّم الله عليهم صيد السمك يوم السبت، ولكن الخبثاء الأخسة، الحقراء الأذلة؛ فجروا من البحر طرقاً ليوم الأحد حيلةً على الواحد الأحد، يضحكون على الله! ويستهزئون به، يخادعون الله وهو خادعهم! فكانت الأسماك تمر يوم السبت؛ فإذا دخلت إلى الخنادق والأخاديد أغلقوا الماء، ثم صادوها يوم الأحد، فلما فعلوا ذلك انقسم الناس ثلاثة أقسام: قسمٌ شاركهم، وقال:
وهل أنا إلا من غزية إن غوت غويت وإن ترشد غزية أرشد |
كما يفعل بعض الماجنين اللاهين يوم يرى أهل المعاصي كُثر، فيقول: ضع رأسك مع الرءوس، واجعل نفسك مع هؤلاء، والله غفور رحيم، والبلد كله من هذا الصنف، والناس فعلوا كذا فافعل فعلهم، وهؤلاء لا يحملون عقلاً ولا وقاراً ولا حياءً من الله فماتت قلوبهم.
وفي الحقيقة! أصبح الإيمان في قلوبهم متلاشٍ، سخروا من الله فسخر الله منهم.
وصنفٌ ثانٍ بارد، يعيش لنفسه، لا يرى (لا إله إلا الله) أن لها حقاً عليه، يعيش لخبزه وطفله وحذائه، جالسٌ في بيته ساكت، يقولون للدعاة: لم تعظون قوماً الله مهلكم أو معذبهم عذاباً شديداً؟
يقولون: الناس هالكون اتركوهم، أنت وشأنك، والناس وشأنهم (دع ما لله لله، ودع ما لقيصر لقيصر) ما عليك، الله لا يسألك إلا عن نفسك، وهؤلاء أهل السلبية الذين سوف يحاسبهم الله على ما عطلوا من أمرٍ بمعروف ونهيٍ عن منكر.
وقامت طائفة ثالثة بيضَّ الله وجوههم: أهل لا إله إلا الله، أهل الرسالة، أهل الحياة الخالدة، الذين نوَّر الله بصائرهم في الدنيا والآخرة، قالوا للعصاة: قفوا أيها الضُّلال! إن الهلاك سوف يعمنا فما هي النتيجة؟
يقول أحد الكتبة من المتأخرين: قرية عفا عليها الزمن لما دكدكها الله، وأسدل عليها الهوان والدمار إلى يوم يلقونه، أرسل الله عليهم عذاباً ونكالاً، فمسخهم قردةً وخنازير.
هؤلاء هم أهل المعصية! أهل الشاطئ! أهل الانحراف الذين ما عظَّموا الله، ولا شعروا بوقارٍ لله، والشعور بوقار الله من أسس الإسلام، بل هو من العقيدة الحقة، قال نوح عليه السلام: مَا لَكُمْ لا تَرْجُونَ لِلَّهِ وَقَاراً * وَقَدْ خَلَقَكُمْ أَطْوَاراً * أَلَمْ تَرَوْا كَيْفَ خَلَقَ اللَّهُ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ طِبَاقاً * وَجَعَلَ الْقَمَرَ فِيهِنَّ نُوراً وَجَعَلَ الشَّمْسَ سِرَاجاً * وَاللَّهُ أَنْبَتَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ نَبَاتاً [نوح:13-17] مالكم لا تحترمون الله.
اللهم ألحقنا معه في منازل الخالدين (حياءً من الله في قضاء الحاجة) ألا يستحي هذا العبد الذي خرج بعرضه: بابنته، وزوجته، وأخته، خرج بدينه وبشرفه، خرج بإيمانه بين لاهين لاغين، تركوا المساجد والقرآن، ماذا يقولون لله؟
صح عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: {استحيوا من الله حق الحياء والاستحياء من الله حق الحياء: أن تحفظ الرأس وما وعى، والبطن وما حوى، ومن تذكر البلا ترك زينة الحياة الدنيا}.
الخليفة العظيم عمر بن الخطاب الذي تربَّى على لا إله إلا الله، الرجل الذي عجز التاريخ أن يأتي بمثله مرةً ثانية، قال ابن كثير عنه: إنه سمع قوله سُبحَانَهُ وَتَعَالَى: وَقِفُوهُمْ إِنَّهُمْ مَسْؤُولُونَ * مَا لَكُمْ لا تَنَاصَرُونَ * بَلْ هُمُ الْيَوْمَ مُسْتَسْلِمُونَ [الصافات:24-26] فألقى عصاه واتكأ على الأرض، وحمله الصحابة على أكتافهم إلى البيت، وبقي مريضاً شهراً كاملاً.
هذا هو الإيمان، مراقبة الواحد الديان، يوم تخلو بالحيطان، وتتستر بالجدران، ستعلم أن الواحد الأحد يراك، وتقول لنفسك:
وإذا خلوت بريبة في ظلمة والنفس داعية إلى الطغيان |
فاستحي من نظر الإله وقل لها إن الذي خلق الظلام يراني |
بكى الربيع بن خثيم حتى كادت أضلاعه تختلف، وقال: [[والله -إن شاء الله- لا يسألني ربي أنني وقعت بفاحشة أبداً]].
وقال البخاري فيما يروى عنه في صحيحه: "منذ بلغت الاحتلام ما كذبت كذبةً ولا اغتبت مسلماً".
إن: تلك النماذج عاشت لله، وماتت لله، وذهبت لله، وأتينا إلى جيلٍ لا يعرفون الله، أكلوا نعم الله، واستنشقوا هواءه، وشربوا ماءه، وبارزوه بالمعاصي.
أنجى الله الذين ينهون عن السوء، وأمَّا أولئك فهلكوا، والصنف الثاني اختلف العلماء فيهم، وكأنهم إلى الهلاك أقرب.
يا مسلمون! إن في هذه المحاضرة مسائل:
أولاً: واجبنا نحو الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
ثانياً: أدب الدعوة وكيف ندعو الناس؟ وكيف نجلس مع الناس ونعلمهم الإسلام؟ وكيف نلقنهم لا إله إلا الله؟
ثالثاً: الفتن التي عمت وطمت حتى يتمنى المسلم اليوم أنه يدفن مكان صاحب القبر.
رابعاً: حياة اللهو واللعب والعبث التي يعيشها كثير من الناس، ما لهم يلعبون بالنار؟ ما لهم يعصون الواحد القهار؟ ما لهم تناسوا الله عز وجل وذكروا كل شيء؟!
خامساً: عقوبة المعاصي.
سادساً: هل من توبة أيها المسلمون؟
سابعاً: كلمة إلى النساء.
ويقول عليه الصلاة والسلام: (إنما أهلك الذين كانوا قبلكم، أن الرجل فيهم كان ينهى الرجل ثم لا يمنعه أن يكون أكيله وشريبه من آخر النهار، فلما فعلوا ذلك لعنهم الله) حولهم قردة وخنازير، أذلهم إذلالاً ما شهد التاريخ مثله، بل كتب عليهم اللعنة في كل كتاب، وعلى لسان داود وعيسى بن مريم عليهما السلام.
الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لا يفتقر إلى أمر إلا من الواحد الأحد، وإذا ما فعلت ذلك فتأكد أن التباب والخسار سوف يحل بالبلاد والعباد.
صعد أبو بكر رضي الله عنه وأرضاه على المنبر، فقال: (يا أيها الناس! إنكم تقرءون آيةً وتحملونها على غير محملها، وهي قوله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ لا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ [المائدة:105] وإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: إن الناس إذا رأوا المنكر ولم يغيروه، أوشكوا أن يعمهم الله بعذابٍ من عنده) وهذا حديث صحيح، فالناس إذا رأوا المنكر وسكتوا ولم يتكلموا وجعلوها للهيئات، وخلوا المسئولية، وعاشوا السلبية، أوشك الله أن يأخذ الصالح والطالح، والمصلح والمفسد، ثم يلعنهم كما يلعن الذين من قبلهم.
يأمر أمير المؤمنين بالمعروف وينهى عن المنكر وهو في سكرات الموت، هذا باب بوبه أهل السنة قالوا: عمر يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر وهو في سكرات الموت، طعن أمير المؤمنين عمر -الأبطال يموتون شهداء- نزف دمه كالماء، وماذا يقول عمر؟
كانت عيونه تهراق بالدموع، ويقول: [[يا ليت أمي لم تلدني، يا ليتني ما عرفت الحياة، يا ليتني ما توليت الخلافة]] طوبى لك يا أمير المؤمنين! بل والله ليت أيامك تتكرر.
أيا عمر الفاروق هل لك عودة فإن جيوش الروم تنهى وتأمر |
رفاقك في الأغوار شدوا سروجهم وجيشك في حطين صلوا وكبروا |
تغني بك الدنيا كأنك طارق على بركات الله يرسو ويُبْحِرُ |
أتى ودمه يثعب، فكانت عيونه تهراق بالدموع، ويقول: هل صليت؟
لأنه طعن في الركعة الأولى ولم يكمل الصلاة؛ كان شغله الشاغل هو الصلاة، يريد أن يلقى الله بالصلاة، لم يسأل عن زوجة ومنصب، ولا عن دار أو قصر أو عقال، ولا عن خلافة أو ملك، قال: هل صليت؟
قالوا: يعينك الله وتصلي، فأعانه الله فأتم الصلاة.
يقول عمر وهو في سكرات الموت: [[الصلاة الصلاة وما ملكت أيمانكم، الله الله في الصلاة! لا حظ في الإسلام لمن ترك الصلاة، من حفظ الصلاة حفظه الله، ومن ضيع الصلاة ضيعه الله]].
وهو في الرمق الأخير كان يسلم على الأطفال ويبكي وهم يبكون، ثم أتاه الشباب يسلمون عليه، فلما ولىَّ شابٌ وجد عمر إزار الشاب مرتخٍ تحت الكعبين، قال: تعال يابن أخي -رضي الله عنك حتى في ساعة الصفر تأمر! حتى في الساعة التي ينسى فيها الإنسان حبيبه، وزوجته وولده وأخاه تأمر- قال: [[تعال يابن أخي! ارفع إزارك، فإنه أتقى لربك، وأنقى لثوبك]] قال الابن الغلام: جزاك الله عن الإسلام خير الجزاء، إيه والله.
يقول علي بن أبي طالب لـعمر وهو مكفن يريد أن يصلي عليه: [[والله ما أريد أن ألقى الله بعمل رجلٍ إلا بعملٍ كعملك، لقد كفنت سعادة الإسلام في أكفان عمر]].
الشاهد أنه في ساعة حرجة أمر بالمعروف ونهى عن المنكر، وصح عنه عليه الصلاة والسلام أنه قال: (من رأى منكم منكراً فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعف الإيمان) أي إيمان يبقى مع إنسان وهو يجوب الأماكن والأسواق والمنتزهات والشواطئ وينظر إلى هذه المناظر ثم لا ينكر قلبه على أقل الأحوال؟ والله إن الإنسان يصيبه مرض، وإنه ليأسف أسفاً شديداً، وأن قلبه يكاد أن يتمزق حسرةً لهذه الأمة، أجدة قريبة من مهبط الوحي من الحرم؟ أجدة البلد الإسلامي؟
أجدة بلد الصحوة، وبلد الدروس والعلم؟
أشاطئها يشهد هذه الأمور؟! إنه يؤسف كل مسلم، وإني ما أتيت هنا متفرجاً ولا متنزهاً وإنما أتيت واعظاً، أقول لإخواني: طريق الهداية قد فتحت أبوابها، فعودوا إلى الواحد الأوحد؟
ولماذا نبقى والمعاصي قد طمت وعمت؟
أما نخشى أن يأتينا أثرها ونحن في منازلنا؟ لا إله إلا الله! إن واجبنا أن نأتي بأسلوبٍ أتى به محمد عليه الصلاة والسلام: فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظّاً غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ [آل عمران:159] وقال سبحانه: ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ [النحل:125] وقال عز وجل: وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلاً مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ [فصلت:33] إلى الواحد الأحد، الناس يدعون إلى كياناتهم وأساليبهم، وإلى راياتهم وقوانينهم، أفلا تدعو أنت إلى الله!
يقول الشيخ عبد الله عزام رحمه الله، وقد سمعت منه هذا الكلام مباشرة قال: كان في أفغانستان امرأةٌ مسيحية نصرانية أتت تبشر بـالمسيحية في رأس جبل، معها جهاز آريال وهي على الثلج تنام مع البعوض، وتستيقظ مع الجوع والظمأ وهي تنشر المسيحية في أرض أفغانستان، قلنا: أين شباب الإسلام؟ أين دعاة الحق؟ أين علماء الدعوة؟ أين خلفاء محمد عليه الصلاة والسلام؟ أين الذين يدعون إلى الله عز وجل؟ أين الداعون؟ لقد خلوا إلا القليل، ولقد سكتوا وأخرسوا لا أدري ماذا يقولون للواحد الأحد يوم العرض الأكبر؟!
يقترح بعض العلماء، يقول: لو أتى كل شاب مستقيم ونزل إلى السوق والشاطئ، وإلى كل مكان اللهو، فدعا شاباً أو رجلاً إلى المحاضرة أو الدرس أو الهداية لكان العدد قد زاد ضعفه، وهكذا حتى يهتدي الناس، وهذا اقتراح جميل، وإنما المقصود: كيف نقدم هذا للإسلام؟
أولاً: كل من أعرض عن الله فهو على فطرة الله التي فطر الناس عليها، والواجب علينا أن ندعو الناس مشفقين، لا مؤنبين، ولا جارحين، ولا مضاربين، ولا مهاترين، ولا شاتمين، ولا سابين. محمدٌ هو بأبي وأمي عليه الصلاة والسلام، جرحت أقدامه، وسالت دماؤه، قد جرحها المشركون، أخذ يقول: {اللهم اغفر لقومي فإنهم لا يعلمون} أتاه ملك الجبال عند دخوله مكة قال: {أتريد أن أطبق عليهم الأخشبين؟ قال: لا. إني أرجو من الله أن يخرج من أصلابهم من يعبد الله ولا يشرك به شيئاً} وحقاً صبر عليه الصلاة والسلام.
عجباً من قلبك الفذ الكبير |
والفيافي حالماتٌ بالمنى تتلقاك بتصفيق مثير |
أخرج الله من صلب الوليد بن المغيرة خالد بن الوليد، الذي قاد مائة معركة، وأبلى في الإسلام بلاءً حسناً، وقدم دموعه ودمه ووقته في خدمة لا إله إلا الله.
وأخرج الله من صلب أبي جهل عكرمة بن أبي جهل الذي أتى في اليرموك رضي الله عنه وأرضاه، فلما التقى الجمعان الإسلام والكفر، والضلال والحق، خرج فاغتسل فلبس أكفانه، وقال لأصحابه: [[أستودعكم الله الذي لا تضيع ودائعه! هل لكم وصية إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم؟]] قال الجيش: بلِّغه عنا السلام، فأخذ السيف وخاض المعركة، وقتل وهو في الرمق الأخير، يعطيه خالد بن الوليد الماء ليشرب، فيقول: اعطه أخي المسلم، جريح آخر فيعطونه الجريح الثاني فيرفض إلا أن يشرب أخوه، فيأتون إلى الأخ الثالث فيرفض، فيعودون بالماء إلى عكرمة فإذا هو قد فارق الحياة.
عفاءٌ على دنيا رحلت لغيرها فليس بها للصالحين معرج |
كدأب علي في المواطن كلها أبي حسن والغسل من حيث يخرج |
قال: فحوله خالد إلى الآخر فوجده قد مات، ثم الثالث فوجده قد مات، فبكى خالد حتى سمع صوت البكاء، ثم رمى الكوب من يده وقال: [[اسقهم من جنتك؛ فإنهم قد خرجوا في سبيلك، اللهم اجمعنا بهم في الجنة]] قومٌ بذلوا مهجهم.
والشاهد أن محمداً عليه الصلاة والسلام تحمَّل وصبر حتى قدم إسلاماً بديعاً للناس، يقول الله له: وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ [القلم:4] عظيمٌ خلقه، وعظيمٌ صبره، قاتله أقاربه وجرحوا مشاعره، وضربوا بناته، وآذوه وسبوه وشتموه، وأخرجوه من دياره، وفي الأخير لما انتصر وفتح مكة طوق الحرم بالجيش، فقال لكفار مكة: {ما ترون أني فاعلٌ بكم؟ فتباكوا، وقالوا: أخٌ كريم وابن أخٌ كريم، قال: اذهبوا فأنتم الطلقاء} غفر الله لكم بل رفع الله منزلتك، وأتاك الله الوسيلة، حتى يقوم أبو سفيان أمامه يبكي، ويقول: [[لا إله إلا الله ما أرحمك! ولا إله إلا الله ما أبرك! ولا إله إلا الله ما أوصلك!]] وأتاه أبو سفيان بن الحارث ابن عمه بعد أن فر بأطفاله؛ لأنه آذى الرسول صلى الله عليه وسلم، فقال علي بن أبي طالب: إلى أين تسير يا أبا سفيان؟ قال: أخرج إلى الصحراء، فأموت أنا وأطفالي جوعاً وعرياً وعطشاً، قال: ولماذا؟ قال: إن أدركني محمد قطعني بالسيف إرباً إرباً، قال: عد إليه وسلم عليه بالنبوة وقل له كما قال إخوة يوسف ليوسف: تَاللَّهِ لَقَدْ آثَرَكَ اللَّهُ عَلَيْنَا وَإِنْ كُنَّا لَخَاطِئِينَ [يوسف:91] فعاد إليه، ووقف على رأسه وسلَّم عليه، وقال: يا رسول الله! تَاللَّهِ لَقَدْ آثَرَكَ اللَّهُ عَلَيْنَا وَإِنْ كُنَّا لَخَاطِئِينَ [يوسف:91] فرفع عليه الصلاة والسلام طرفه وقد اعتلت الدموع على محياه الجميل وقطرت لحيته بالدموع:
إذا اشتبكت دموعٌ في خدودٍ تبين من بكى ممن تباكا |
فقال عليه الصلاة والسلام: {لا تثريب عليكم اليوم يغفر الله لكم وهو أرحم الراحمين}.
ينقصنا الحكمة، والرحمة والشفقة والأسلوب، إننا ركزنا اهتماماتنا في المساجد، وتركنا هذه الأماكن، أهل المساجد جاهزون، أتوا يصلون، مستقيمون، عابدون، صادقون، راكعون، ساجدون، لكن إخواننا وأقاربنا، وأبناؤنا، وأعراضنا، وأخواتنا، وقريباتنا في أماكن اللهو من يهديهم إلى صراط الله المستقيم؟ يقول صلى الله عليه وسلم: {لأن يهدي الله بك رجلاً واحداً خيرٌ لك من حمر النعم} وقال صلى الله عليه وسلم: {نضَّر الله امرأً سمع مني مقالة فوعاها، فأداها كما سمعها، فرب مبلغٍ أوعى من سامع} وصح عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: {بلغوا عني ولو آية} وقد ذم الله من كتم العلم، وجحد معروف الله له في الدعوة، فقال سبحانه: إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنْزَلْنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَى مِنْ بَعْدِ مَا بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ فِي الْكِتَابِ أُولَئِكَ يَلْعَنُهُمُ اللَّهُ وَيَلْعَنُهُمُ اللَّاعِنُونَ * إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا وَأَصْلَحُوا وَبَيَّنُوا فَأُولَئِكَ أَتُوبُ عَلَيْهِمْ وَأَنَا التَّوَّابُ الرَّحِيمُ [البقرة:159-160].
أولاً: أنه يوجد من يشهر العصاة؛ يشهرهم بأسمائهم، أو يكبتهم بالعتاب أمامهم، أو يتحدث لهم أمام الناس في معصيتهم، وهذا خطأ، يقول الشافعي:
تعمدني بنصحك في انفرادي وجنبني النصيحة في الجماعة |
فإن النصح بين الناس نوعٌ من التوبيخ لا أرضى استماعه |
فإن خالفتني وعصيت أمري فلا تجزع إذا لم تعط طاعة |
ثانياً: أننا لا نسبق في إيصال الحق لأصحابه.
ثالثاً: أن القوالب الذي يؤدى فيها المعروف تكون فضة غليظة، فلا يقبلها الناس، قال تعالى: وَلَوْ كُنْتَ فَظّاً غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ [آل عمران:159] يقول جرير بن عبد الله البجلي: [[والله ما زال عليه الصلاة والسلام كل ما رآني يتبسم في وجهي]] ويقول عمرو بن العاص: [[ما زال صلى الله عليه وسلم ينظر إليَّّ -في أول الإسلام يتألفه- حتى ظننت أنني أفضل من
أنا أذكر قصة لرجل سمعتها منه مباشرة: داعية موفق، نور الله بصيرته، وآتاه الحكمة وَمَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْراً كَثِيراً [البقرة:269] يقول: في بلدنا رجلٌ مجرم وكان هذا المجرم يروج المخدرات، وسبق أن رجال الأمن طاردوه وطاردهم وضايقوه وضايقهم، كان يحمل السلاح وكان لا يعرف الصلاة، قطع والديه، وقطع أرحامه، ونسي الله وتردى في المعاصي حتى أعجز الناس، قال: فأتتني فكرة أن يهديه الله على يدي، فكنت أقوم في آخر الليل مع السحر، وأتضرع أن يجعل هدايته على يدي، قال: وصمت قبل أن أصله إلى بيته علَّ الله أن يجعله من العمل الصالح الذي يتقرب به إلى الله، قال: ثم أخذت هدية -وما أحسن الهدية، هديةٌ تأخذ القلوب وتجلب الأرواح- قال: وذهبت بها إلى بيت الرجل، فلما رأيته سلَّمت عليه، قلت: أحببتك في الله ورأيت عليك آثار الخير. من أين آثار الخير؟ وجهه كقفاه، أسود من الليل، لكن انظر إلى الأساليب وانظر إلى السحر الحلال!!
في السحر: سحر حلال، وسحر حرام.
السحر الحلال: تبسمك في وجوه الرجال.
والسحر الحلال: أن تدعو الناس بأسلوبٍ عذب يصل إلى القلوب.
والسحر الحلال: أن تعانق العصاة لتقودهم إلى الجنة؛ ليكونوا في ميزان حسناتك، الكلمة الفظة سهلة، وتعقيد الجبين سهل، والهراوة سهلة، ولكنها تفوت ولا تبني، وتشرد ولا تجمع، وتقسي ولا تلين، من يحرم الرفق يحرم الخير كله.
وقال عليه الصلاة والسلام: {ما كان الرفق في شيءٍ إلا زانه، وما نزع من شيءٍ إلا شانه} ويقول عليه الصلاة والسلام: {إن الله رفيق يحب الرفق في الأمر كله} فَقُولا لَهُ قَوْلاً لَيِّناً لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى [طه:44].
قال: فنظر فيَّ قال: أتعرفني؟ قلت: لا. رأيتك في مناسبات فخذ هذه الهدية، قال: فأخذها، قال: وما كلمته بكلمة وعدت إلى بيتي، وقلت: الحمد لله نجحت في أول خطوة، قال: وعدت إلى بيتي وبعد أيام ذهبت إليه، وقلت: أسألك بالله فيما بيني وبينك من صلة، وقد سبق أن التقينا أن تأتيني إلى بيتي زيارة، فإني أحببتك، قال: آتيك. فحددت له موعداً لا أكون فيه إلا أنا وهو. قال: فدخل بيتي، ووجهه مظلم، يقول ابن القيم: مشئوم تشأم منه السماء والأرض، والمبارك يكون مباركاً أينما كان وأينما حل وارتحل.
ألا إن وادي الجزع أضحى ترابه من المسك كافوراً وأعواده رندا |
وماذاك إلا أن هنداً عشية تمشت وجرت في جوانبه بردا |
قال: فدخل البيت وتغدى، قال: والله ما كلَّمته في الدعوة بكلمة، قال: وخرج، قلت: وهذا نجاحٌ ثانٍ، قال: ومرت ثالثة، قلت: معي مشوار إلى قرية قريبة أريد أن تركب معي، قال: فركب معي، قال: فلما ركب معي ابتهلت إلى الله ودمعت عيناي أن يرزقني الصدق، وأن يجري الحق على لساني، قال: فلما ركب قال: انطلقت بالكلام وأتت فتوحات من الله الواحد الأحد، ولا أدري من أين انهال هذا الكلام! قال: وأخذت دموعه تتسابق -أحيا الله الفطرة، أخرجها الله من مكامنها واشتعلت في قلبه، فتحركت لا إله إلا الله في روحه- قلت: أريد أن أنجيك من النار، أريد أن أقودك إلى الجنة في كلامٍ طويل، قال: مد يدك، قال: فمددت يدي، قال: أشهد الله، وملائكته، وحملة عرشه، ثم أشهدك أني تبت إلى الله، وأسألك بالله الذي لا إله إلا هو قبل الفجر أن تمر بي لتأخذني إلى المسجد، قال: فما رددت عليه إلا وهو يبكي من هذا الفتح العظيم؟ وعدت إلى القرية وبعد أيام كان يصلي معي في المسجد، ودخل على والده ووالدته وقد كانوا كباراً في السن، هجرهم سنوات، كانوا شيوخاً، بكوا من مرارة قسوته، دخل عليهم وآثار الخير والنور يشع من وجه، قالوا: أنت فلان؟ قال: نعم أنا فلان، ثم قبَّل يد أبيه ورأسه ويد أمه ورأسها، فانطلقوا يبكون فرحاً في البيت.
طفح السرور عليَّ حتى إنني من عظم ما قد سرني أبكاني |
فيا مسلمون! بمثل هذا وهو أسلوب محمد صلى الله عليه وسلم الفطري العجيب، الذي وصل به إلى قلوب الناس، والذي أخذ أعداء الناس حتى أصبحوا في صفه عليه الصلاة والسلام.
من علامات الفتن التي أخبر بها عليه الصلاة والسلام ما ثبت في الصحيح أنه قال: (صنفان من أمتي لم أرهما اليوم، أناس معهم سياطٌ كأذناب البقر يضربون الناس، ونساءٌ كاسيات عاريات مائلات مميلاتٌ رءوسهن كأسنمة البخت لا يريحون رائحة الجنة).
أما نساء مائلات مميلات فقد وجدن، وقد شرحها النووي بشرحٍ يختلف عن شرح هذا العصر، ولو عاش النووي هذا العصر لغير من شرحه، مائلات يملن القلوب والأرواح والأفئدة، وقيل: يملن بأجسادهن وقد حدث هذا، فتاة الإسلام تخرج من بيت أبيها متجملةً متعطرةً متطيبةً، نابذة لا إله إلا الله وراء ظهرها، وعرضها، وحجابها، وسترها لتقول للمجرمين: انظروا، تعود بلعنة -والعياذ بالله- وقد صح عنه عليه الصلاة والسلام أنه قال: (إذا تعطرت المرأة وتزينت وخرجت من بيت زوجها -أي: بدون إذنه- لا زالت الملائكة تلعنها حتى تعود إلى بيتها) وفي لفظ في السنن: (فهي زانية) من فعلت ذلك فهي زانية؛ لأن العيون نظرت إليها، فحذارِ حذارِ من هذه الفتن، ويقول عليه الصلاة والسلام: (ما تركت على أمتي أشد فتنة من النساء) إبليس لم يستطع لكثير من المهتدين إلا عن طريق النساء. أقول للنساء علَّ سامعةً أن تسمع، وعلَّ مبصرةً أن تبصر، وعلَّ مؤمنةً أن ترى وتتدبر وتتفكر:
يا أختي! يا أمي! يا أيتها المسلمة! اتقي الله في إيمانكِ وعرضكِ، اتقي الله في هذا المجتمع، اتقي الله في العباد والبلاد، أنت المسئولة الأولى عما يجترف أو يكترث الشاب في هذه الناحية من تعريض نفسك للفتن، وتعريض غيرك للمخاطر.
يا أمة الله! بيتكِ بيتكِ، يا أمة الله! أين الإيمان؟ أين تربية محمد عليه الصلاة والسلام، أين قول الله عز وجل: وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى [الأحزاب:33].
وقفت عائشة بعد موته عليه الصلاة والسلام سنوات في بيتها كانت تتحجب، وكانت تردد وَقِفُوهُمْ إِنَّهُمْ مَسْؤُولُونَ [الصافات:24] وصح أنها قرأت ضحى إلى الظهر قوله سبحانه: فَمَنَّ اللَّهُ عَلَيْنَا وَوَقَانَا عَذَابَ السَّمُومِ * إِنَّا كُنَّا مِنْ قَبْلُ نَدْعُوهُ إِنَّهُ هُوَ الْبَرُّ الرَّحِيمُ [الطور:27-28] وتبكي أين هذه التربية الخارقة؟ أين تربية وآثار الإسلام؟
أولها: أن تكون مربية في البيت، قال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلائِكَةٌ غِلاظٌ شِدَادٌ لا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ [التحريم:6].
تقدمت الخنساء النخعية في القادسية -كما قال بعض أهل التاريخ- بأربعة أبناء، فألبستهم الأكفان وطيبتهم، وقالت: أستودعكم الله الذي لا تضيع ودائعه، لا تعودوا إلا قتلى ليشرفني الله بشهادتكم، فقتلوا في سبيل الله، فلما أخبرت تبسمت وقالت: الحمد لله الذي شرفني بقتلهم في سبيله. أي امرأة هذه المرأة النبيلة، أي تربية هذه التربية الحرة.
دخل علي رضي الله عنه على الرسول صلى الله عليه وسلم ليخطب فاطمة -سيدة نساء العالمين، الطاهرة الصديقة، الوفية- قال: فاستحييت من الرسول صلى الله عليه وسلم، قال صلى الله عليه وسلم: كأنك تريد فاطمة؟ قال: نعم يا رسول الله! قال: عندك شيء من المال؟ قال: والله ما عندي شيء -علي بن أبي طالب لا يملك شيئاً، يملك إيماناً وتوحيداً، يملك لا إله إلا الله- قال: أين درعك الحطمية؟ قال: فأتيت بها مكسرة لا تساوي درهمين فزوجه عليه الصلاة والسلام}.
يقول محمد إقبال في فاطمة:
هي بنت من؟ هي زوج من؟ هي أم من؟ من ذا يساوي في الأنام علاها |
أما أبوها فهو أشرف مرسلٍ جبريل بالتوحيد قد رباها |
وعلي زوج لا تسل عنه سوى سيفٌ غدا بيمينه تياها |
زار عليه الصلاة والسلام علي وفاطمة في الليل، فاستنارا بنوره في الظلام، وصل وهما نائمان قالت: {يا رسول الله! طحنت الرحى حتى كلَّت يدي، وكنست حتى تدنست ثيابي، فهل من خادم؟ -تريد خادمة- فانتظر عليه الصلاة والسلام ثم أتاها بعد ليالي، فقال: ألا أخبركما بما هو خير لكما من خادم؟ -بإمكانه أن يعطيها عليه الصلاة والسلام ذهباً وفضة وخادمة، لكنه يريد الجنة، تأتي يوم القيامة ناقة من نور خطامها نور، يشق له الناس الطريق وهي بنت محمد محجبة عليه الصلاة والسلام- قال: ألا أخبركما بما هو خير لكما من خادم؟ قالا: بلى يا رسول الله! قال: إذا أويتما إلى مضجعكما، فسبحا الله ثلاثاً وثلاثين، واحمدا الله ثلاثاً وثلاثين، وكبرا الله أربعاً وثلاثين فهما خيرٌ لكما من خادم}.
أتته صلى الله عليه وسلم سكرات الموت؛ فاقتربت منه فاطمة رضي الله عنها وأرضاها، فأخذ يقول لها عليه الصلاة والسلام: {أنتِ أول الناس بي لحاقاً -وعلمت أنه سوف يموت في ذلك المرض- فأخذت تبكي، فقال: ادن يا بنية! فدنت رضي الله عنها وأرضاها منه صلى الله عليه وسلم، فلما دنت من المصطفى صلى الله عليه وسلم قال: أما ترضين أن تكوني سيدة نساء العالمين فتبسمت} إنما النموذج الخالد نساءه صلى الله عليه وسلم وبناته والمؤمنات الصادقات الصالحات.
يقول أهل العلم: كان من الصالحين رجلٌ صديق، فأتى بعض الفجرة، فقالوا: والله لنغوينه، فأتوا إلى مومسة -والعياذ بالله- داعرة فاجرة، فأعطوها مالاً، وقالوا: تعرضي لذاك العابد في ظلام الليل، فتعرضت له، فلما رآها وهي متكشفة رأى الجمال، قال لها العابد: وقد نكس بصره:
يا ذات الجمال اتق ناراً تلظى لا تلفح وجهك النار |
فأخذت تبكي وتابت إلى الله؟
يا ذات الجمال! يا ذات الخدر! يا ذات العرض! يا بنت الإسلام! يا فتاة الدين! احذري نار جهنم أن تلفحكِ بحرارتها، فإن الله عز وجل قد أرصد للعصاة ناراً، ووعدهم نكالاً. أكلهم زقوم، وشرابهم الصديد، فاحذري أن يكون مصيركِ بعد هذا اللهو والفتون واللعب والتمرد على منهج الله أن يكون ناراً تلظى، ويكون ضياعاً وخسراناً نعوذ بالله من الخذلان.
تزود للذي لابد منه فإن الموت ميقات العباد |
أترضى أن تكون رفيق قوم لهم زادٌ وأنت بغير زاد |
المسألة الثالثة: كيف نربي المسلمة التي تخاف الله عز وجل وترجو لقاء الله تبارك وتعالى بالصلاة، وبالحجاب، وبذكر الله، وبالكتاب الإسلامي، وبالشريط الإسلامي، وبالاتصال بالله الواحد الأحد.
لا إله إلا الله كم سفكوا من النظرات! ولا إله إلا الله كم اعتدوا عليه من الحرمات! ولا إله إلا الله كم أغضبوا رب الأرض والسماوات!
قال سبحانه: وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيراً مِنَ الْجِنِّ وَالْأِنْسِ لَهُمْ قُلُوبٌ لا يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لا يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آذَانٌ لا يَسْمَعُونَ بِهَا أُولَئِكَ كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُولَئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ [الأعراف:179] عاشوا على العود، وهجروا المصحف، وعاشوا على الدندنة وهجروا التلاوة، وعاشوا على المقهى الأثيم الأحمر وتركوا المسجد، هجروا القرآن من أجل المجلة الخليعة، ولكن مع ذلك على الفطرة، ومع ذلك مستعدون أن يعودوا إلى الله، ومع ذلك لا زالت حرارة (لا إله إلا الله) تتوقد في قلوبهم.
كان في مكة محاضرة بعنوان: (رسالة إلى المغنيين والمغنيات) وقرأنا سبعة إعلانات عن سبعة فنايين في بلادنا، أعلنت عنهم الجزيرة وعكاظ، عادوا إلى الواحد الأحد، كلهم أعلن توبته، كلهم رأى الفن ضياعاً، والحياة مع غير الله همجية، والحياة في الظلمات لعنة، والبعد عن المسجد غضب، وهجر القرآن خطيئة، فعادوا وهم كثير، بل أكثر من سبعة، ولا زال كل يوم يشهد عودة الفنانين لأنهم ذاقوا مرارة الحرمان، يقول محمد البيتي: لا أريد أن ينشأ طفلي مغنياً ولا مطبلاً ولا يحمل العود.
قلنا له: جزاك الله خيراً يا محمد، وأحسنت كل الإحسان.
المغني الشهير أتته نفحة من نفحات الواحد الأحد، أراد الله أن ينجي وجهه من النار، وأن يحفظ عليه إيمانه، فأحيا قلبه بلا إله إلا الله، كسر العود والنآي، طرد الفرقة الموسيقية، وعاد إلى المسجد يبكي، وبـالخياط ومسفر الكثامي وأبو الكرم، وتسمعون أبا الكرم يقرأ سورة (ق) في آخر الشريط بصوتٍ عجيب أبكى جميع الناس في المسجد.
نعم! إنها صحوة تعود إلى الواحد الأحد؛ لأن الناس جربوا الضياع فما وجدوا العيش إلا في كنف الله.
أي شيءٍ وجد من فقد الله؟ وأي شيءٍ فقد من وجد الله؟
ولو أنَّا إذا متنا تركنا لكان الموت غاية كل حيٍ |
ولكنا إذا متنا بعثنا ويسأل ربنا عن كل شيءٍ |
يقول تعالى: نُورٌ عَلَى نُورٍ يَهْدِي اللَّهُ لِنُورِهِ مَنْ يَشَاءُ وَيَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثَالَ لِلنَّاسِ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ [النور:35] اهتدوا وعادوا وسجدوا للواحد الأحد، وبكوا وتغسلوا بالدموع، وتوضئوا بماء الحسرة، والله سُبحَانَهُ وَتَعَالَى يقول: وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللَّهُ وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ [آل عمران:135] ويقول سبحانه: وَذَرِ الَّذِينَ اتَّخَذُوا دِينَهُمْ لَعِباً وَلَهْواً وَغَرَّتْهُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا [الأنعام:70] ذرهم في طغيانهم، كثير من الناس يعيش ستين سنة، يا منعم الجسم! أكثر من يتنزه اليوم على الشواطئ يريد أن ينعم جسمه في الصيف في أبها أو في الطائف، وفي الربيع هنا على الشواطئ في فلة ومكيف وفي نعيم ورغد، وفي فسحة ونظر، أما جسمه فنعمه وغذاه، لكنه أهلك قلبه هلاكاً ما بعده هلاك.
يا متعب الجسم كم تسعى لراحته أتعبت جسمك بما فيه خسرانٌ |
أقبل على الروح واستكمل فضائلها فأنت بالروح لا بالجسم إنسانٌ |
يا عامراً لخراب الدار مجتهداً بالله هل لخراب الدار عمران |
وداع دعا إذ نحن بـالخيف من منى فهيج أشواق الفؤاد وما يدري |
دعا باسم ليلى غيرها فكأنما أطار بليلى طائحاً كان في صدري |
وعاد إلى البصرة قالوا: كيف وجدت النزهة؟ هل هي جيدة؟ قال: والله ما أعجبني في النزهة كلها إلا عجوزاً رأيتها تصلي ركعتي الضحى، لله درك يا من ينظر إلى هذه القصور الدور وهذا العمار كأنها الأحذية أو التراب أو الرماد!
ماذا تساوي عند أن نتفكر في جنة عرضها السماوات والأرض؟
كم نعيش؟ ستين سنة، أو سبعين سنة فنترفه ونعصي هذه المعصية، ونلهو ونلعب ثُمَّ رُدُّوا إِلَى اللَّهِ مَوْلاهُمُ الْحَقِّ أَلا لَهُ الْحُكْمُ وَهُوَ أَسْرَعُ الْحَاسِبِينَ [الأنعام:62] إِنْ كُلُّ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ إِلَّا آتِي الرَّحْمَنِ عَبْداً * لَقَدْ أَحْصَاهُمْ وَعَدَّهُمْ عَدّاً [مريم:93-94].
دخل صلى الله عليه وسلم فارتقى المنبر، فقال للصحابة: {أنقاتل كفار قريش في أحد أو المدينة؟ قالوا: نقاتلهم داخل المدينة، فقام شاب اسمه نعيم بن مالك بن ثعلبة وكان في آخر الصفوف، قال: يا رسول الله! لا تحرمني دخول الجنة، والله الذي لا إله إلا هو، لأدخلن الجنة فقال عليه الصلاة والسلام: بم تدخل الجنة؟ قال بخصلتين: بأني أحب الله ورسوله، ولا أفر يوم الزحف، فدمعت عيناه صلى الله عليه وسلم، وقال: إن تصدق الله يصدقك} فخرجوا إلى أحد فكان أول مقتول.
أتى عبد الله بن عمرو الأنصاري قبل المعركة بليلة، فرأى في المنام أنه أول من يقتل؛ فأيقظ بناته في الليل يستودعهن آخر ليلة، والليلة الثانية مع الله في ضيافة الواحد الأحد يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ * ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَرْضِيَّةً * فَادْخُلِي فِي عِبَادِي * وَادْخُلِي جَنَّتِي [الفجر:27-30] فلما أتى أيقظ بناته، وقال: [[أستودعكن الله الذي لا تضيع ودائعه، رأيت أني أول من يقتل غداً، ويا
وأتى الصباح الباكر البهيج -صباح أهل الجنة- والتقى مع الكفار فقتل، فضرب في جسمه ضرباً مبرحاً، حتى جاء في بعض الروايات أنه ما عرف إلا ببعض بقعٍ في جسمه أو ببعض بنانه، وقيل: هذا أنس بن النضر، لكن لما قتل عبد الله بن حرام رضي الله عنه أتت أخته تبكي، فيقول عليه الصلاة والسلام: {ابكي أو لا تبكي! فوالله الذي نفسي بيده، ما زالت الملائكة تظله بأجنحتها حتى رفعته، والذي نفسي بيده -يا
يقول الملك لـابن تيمية: أتريد ملكنا؟ قال: والله ما أريد ملكك ولا ملك آبائك، ولا ملك أجدادك، ولكن أريد جنة عرضها السماوات والأرض.
فيا مسلمون! لا يغرنكم بالله الغرور، نعيمٌ، وبساتين، ونزهات، وماءٌ، وظلٌ وارف، وكلها تتلاشى ولا يبقى إلا ما عند الواحد الأحد.عفاء على هذه الدار وسحقاً لها.
دنياك تزهو ولا تدري بما فيها إياك إياك لا تأمن عواديها |
تحلو الحياة لأجيالٍ فتنعشهم ويدرك الموت أجيالاً فيفنيها |
فاعمل لدارٍ غداً رضوان خازنها الجار أحمد والرحمن بانيها |
قصورها ذهبٌ والمسك طينتها والزعفران حشيشٌ نابتٌ فيها |
اللهم اجعلنا من ورثة جنتك جنة النعيم.
عدد الحصى والرمل في تعدادهم فإذا حسبت وجدتهم أصفارا |
من كل مفتون على قيثارة كل رأيت بفنه بيطارا |
ومن آثار الذنوب: البغضاء التي تحدث بين القلوب، ولذلك تشتت الأسر، وقطعت الأرحام، وعق الوالدان، فنشكو حالنا للواحد الأحد.
ومن عقوبات المعاصي: قلة البركة في الأموال والأولاد، جيلٌ في البيوت من الأبناء والأولاد البركة فيهم قليل، وأموالٌ كالجبال وبنوك، ولكن لا بركة.
ومن عقوبات المعاصي: فساد طعم الحياة، وهذا يُسمى انطفاء النور.
قال الإمام مالك للشافعي: إني أرى عليك آثار النور والنباهة، فإياك أن تفسد نورك ونباهتك بالمعصية.
وقال أحدهم: نظرت إلى منظرٍ لا يحل لي، فنسيت القرآن بعد أربعين سنة، فنعوذ بالله من الخذلان والمعاصي والحرمان.
قال سبحانه: قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ [الزمر:53] (أتى رجلٌ إلى الرسول صلى الله عليه وسلم، فقال: يا رسول الله! أذنبت، قال: تب إلى الله، قال: ثم أذنب، قال: تب إلى الله، قال: ثم أذنب، قال: تب إلى الله، قال: ثم أذنب، قال: تب إلى الله، قال: إلى متى؟ قال: حتى يكون الشيطان هو المدحور) رواه ابن حبان وغيره.
فكلما أذنبت فعد إلى الواحد الأحد، واغسل خطيئتك بماء التوبة، واستغفر وراجع حسابك مع الله، واعلم أن التوبة واجبة.
بادر بالتوبة النصوح قبل احتضار وانتزاع الروح |
لا تحتقر شيئاً من المآثم وإنما الأعمال بالخواتم |
ومن لقاء الله قد أحبا كان له الله أشد حباً |
حضروا أبا بكر رضي الله عنه وهو مريض في سكرات الموت، أصاب جسمه النحيل، جسم الصيام والعبادة، وجسم الجهاد وقيام الليل، فزاره الصحابة، قالوا: [[يا خليفة رسول الله! ماذا تشتكي، قال: أشتكي ذنوبي -ذنوبك يا
كيف أشكو إلى طبيب ما بي والذي قد أصابني من طبيبي |
يقول بعض أهل التفسير: كان إبراهيم عليه السلام، يقول في السحر: أواه من ذنوبي، أواه من خطاياي، أواه من سيئاتي، فسماه الله (أواه منيب) إبراهيم الصديق العظيم الحنيفي المسلم الذي لم يكن من المشركين يقول: أواه من ذنوبي ومن خطاياي.
وقال الإمام أحمد في كتاب الزهد: كان بلال يقول مع السحر: [[يا ألله! هذا إقبال نهارك، وإدبار ليلك، وهذا سحرٌ فاغفر لي عللي]].
وقال أبو عبيدة عامر بن الجراح: [[يا ليتني كنت رماداً تذروني الرياح]].
وقال عمر: [[يا ليتني كنت شجرةً تعضد]].
وقال ابن مسعود: [[والله لو علمتم بذنوبي لحثيتم على رأسي التراب]] رضي الله عنهم وأرضاهم، كانوا أطهاراً، كانوا عباداً، ليلهم سهرٌ مع الواحد الأحد، قيام ودموعٌ وخشوع وخضوعٌ وركوع، ونهارهم جهاد ودعوة وبذل وعطاء، وليلنا اليوم قد تحول إلى موسيقى، وغناء، ولهوٍ، وعودٍ، وعهرٍ، وفحشٍ، ومعصية إلا من رحم ربك، وتحول النهار إلى غيبة وشهادة زورٍ، ونظرٍ محرم فنشكو حالنا إلى الله عز وجل.
يا رب عفوك لا تأخذ بزلتنا وارحم أيا رب ذنباً قد جنيناه |
كم نطلب الله في ضرٍ يحل بنا فإن تولت بلايانا نسيناه |
ما أقرب البحر في الشاطئ، أما في السفينة فعباد أتقياء، وأما على الشاطئ فعصاة، فإذا ركبوا في البحر دعوا الله مخلصين له الدين، إذا هبت الريح، وتزلزلت السفينة، عادوا إلى الواحد الأحد، فإذا نزلوا إلى الشاطئ نسوا الله.
المحدث الطبري ركب سفينة، فلما اقترب من الشاطئ قفز من السفينة على الشاطئ، فأراد تلاميذه الشباب أن يقفزوا فما استطاعوا، فقالوا: كيف استطعت وأنت في الثمانين ونحن شباب ما استطعنا قال رضي الله عنه: هذه أعضاء حفظناها في الصغر فحفظها الله علينا في الكبر.
ندعوه في البحر أن ينجي سفينتنا فإن رجعنا إلى الشاطي عصيناه |
ونركب الجو في أمنٍ وفي دعة فما سقطنا لأن الحافظ الله |
العجيب أن الله عُصي في البر والبحر وعلى الشاطئ وعلى الطائرات، فسبحان من يعفو! وسبحان من نسأله أن يتوب علينا! وأن يرد ضال المسلمين، وأن يهدينا إليه هداية عامة مطلقة! اللهم إنا قد أسلمنا وآمنا وصدقنا، اللهم فافتح لنا باب القبول، اللهم أغثنا بفضلك ومنك وكرمك، اللهم رد ضال المسلمين، اللهم اهدنا سواء صراطك المستقيم، وثبتنا على الحق إلى يوم نلقاك.
وصلى الله على محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً.
الجواب: أولاً: ليعلم المسلم أن الله حرم الإسراف، وذكر سبحانه: إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُوا إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِرَبِّهِ كَفُوراً [الإسراء:27] والمال إما أن يدخلك الجنة، أو يدخلك النار، أيظن صاحب اللهو، أو صاحب العود، أو الذي يصرف ماله في السيجارة والكأس والحرام أنه سوف ينجو من عذابٍ على هذا النار؟ لا والله. قال تعالى: أَلْهَاكُمُ التَّكَاثُرُ * حَتَّى زُرْتُمُ الْمَقَابِرَ * كَلَّا سَوْفَ تَعْلَمُونَ * ثُمَّ كَلَّا سَوْفَ تَعْلَمُونَ * كَلَّا لَوْ تَعْلَمُونَ عِلْمَ الْيَقِينِ * لَتَرَوُنَّ الْجَحِيمَ * ثُمَّ لَتَرَوُنَّهَا عَيْنَ الْيَقِينِ * ثُمَّ لَتُسْأَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ [التكاثر:1-8].
الجواب: أقول: ذهبت الغيرة من البعض، ولا زال الكثير فيهم غيرة، العرب في الجاهلية كان أحدهم يغار، ذكروا عن سيد الخزرج أنه لما تزوج امرأته أركبها على فرس، فلما وصل الفرس إلى بيته نحر الفرس، قالوا: لماذا؟ قال: لئلا يركب الفرس رجل آخر؛ لأن زوجتي ركبت عليه، ليته رأى، ليته أبصر، ليته عاين الخبر.
أعرابي التفت رجلٌ إلى زوجته فنظر إليها، قال: تنظر إلى زوجتي، ثم قال لزوجته: الحقي بأهلك، نظر فقط، قالت: وماذا فعلت؟ قال لها:
إذا وقع الذباب على طعام رفعت يدي ونفسي تشتهيه |
وتجتنب الأسود ورود ماءٍ إذا كن الكلاب ولغن فيه |
لكن لو رأى الأعرابي هذا البدوي الجلف هذا الواقع، امرأة تخرج تداوم مداومة في السوق تمر، تحتسب على الخياطين، والهندوس، والسيخ، والبوذيين، ثم تمر على الباعة والموضات، ثم الحلاقين، ثم تعود بالخطايا مع الظهر كالجبال، وبالخطايا مع الغروب كالجبال، ثم تريد أن تنشئ بيتاً إسلامياً وأن تنشد السعادة، حرامٌ عليها السعادة حتى تتوب وتنهج منهج هذا الدين، وتعود إلى الله.
أين الغيرة، أين الآباء؟ أين الأبناء؟ أين الإخوان؟ يقول سعد بن عبادة سيد الخزرج: {يا رسول الله! إذا رأيت مع امرأتي رجلاً ماذا أفعل؟ قال عليه الصلاة والسلام: اذهب والتمس أربعة شهود وتعال بهم، قال: سبحان الله! أذهب وأجمع أربعة شهود وأتركها معه، والله لأقتلنه وإياها بالسيف غير مصفح -أي: إما بوجه السيف أو بقفاه- فتبسم صلى الله عليه وسلم، وقال: أتعجبون من غيرة
الجواب: أولاً: اعلم أن كل بداية لها نقص، وأن البدايات صعبة، قالوا لـعبد الملك بن مروان: نرى الشيب في رأسك ولحيتك؟ قال: من صعود المنابر يوم الجمعة أعرض عقلي على الناس.
عثمان رضي الله عنه وقف على المنبر في أول خطبة، فارتد عليه الخجل، وكانت تستحي منه الملائكة، فنزل فلما أصبح في الأرض، قال كلمة ما سمع التاريخ من خليفة بمثلها قال: [[إنكم بحاجة إلى إمامٍ عادل خير من خطيب فصيح]].
أنا أقص قصة -محرجة- لداعية لا زال حياً اليوم، وهو في الستين من عمره، يقصها على الناس بـأبها، هذا الداعية الآن كلامه كالشهد المصفى يبكي الناس، وليس الآن بمعروف لدى الناس، ذهب إلى الرياض وكان يعمل في الدفاع المدني، قال: فأتاني جماعة من أهل الخير، فدلوني على طريق الله المستقيم فاستقمت، لكن ليس عندي علم، أحفظ الفاتحة وسورة، قالوا: نريد أن تتكلم اليوم في منفوحة -حي في الرياض - فتلقي موعظة، قل: توكلت على الله، قال: فلبست ثيابي، وتهيأت، وتوضأت، وتطيبت، ومشيت في الطريق، وعرقي يتصبب تصبباً، قال: جمعت كلاماً في صدري، كلما مشيت خطوة سقطت كلمة قال: وجئت ودخلت المسجد، هذا كلامٌ ومعي بعض الإخوة ونحن جلوس معه، وهو لا يكذب، قال: فدخلت المسجد فصلى بنا الإمام صلاة المغرب، والله ما أدري ماذا قرأ بعد الفاتحة، انشغلت بالكلام واضربت وأتت أرجلي تتنافر، وبعد الصلاة أتيت لأتكلم عند المكرفون، قال: فنسيت حتى الحمد لله، قالوا: وفي الأخير قلت: يا جماعة من رأى منكم فلان بن فلان -يعني: نفسه- ضاع منا ونريد من وجده أن يسلمه إلى مركز آل فلان.
والسنة أنه إذا سمعت إنساناً ينشد ضالة أن تقول: لا ردها الله عليك، فقام الناس في المسجد، وقالوا: لا ردها الله عليك، لا ردها الله عليك، فأخذ طريقه من بابٍ ثانٍ وترك حذاءه وعاد خجولاً في البيت وأقسم ألا يتكلم، ثم وفقه الله أن سافر إلى باكستان، وسافر بين العجم هناك يقول: كنت أتكلم فآتي بها منكوسة معكوسة، فيقولون: هذا خطيب العصر، قال: فلما تدربت، والمثل يقول: تعلم الحلاقة في رءوس الأيتام!! تدربت فعدت إلى الجزيرة فأصبحت من أخطب الناس، فالأمر يحتاج إلى تدريب.
والأمر الثاني: أنه لا يحتاج الناس أن يكونوا كلهم خطباء، هذا صحفي ينصر الإسلام بقلمه، وهذا إداري ينصر الإسلام بإدارته، وهذا طبيب، وهذا مهندس، لا يحتاج أن يكون كل الناس متحدثين، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لا يحتاج أن تكون كـسحبان بن وائل، لكن يحتاج أن تكون صادقاً مع الله، توصل كلمتك بلينٍ ورفق حتى ينفع الله بك.
الجواب: نعم! من أعظم النصائح، وأنا أعرف بعض الناس ما اهتدوا إلا بواسطة الشريط، وأنت عليك أن تدخل الشريط للعصاة والمعرضين فيكونوا في ميزان حسناتك فكأنك دعوتهم.
الجواب: نشكو حالنا إلى الله، جعل الله لنا إماماً وأستاذاً ومعلماً، فقال كثير من الناس: لا نرضى به، قالوه بلسان حالهم، لا يرضون بمحمد صلى الله عليه وسلم وقد جعله الله إماماً، قال تعالى: لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيراً [الأحزاب:21] خالفوه ظاهراً وباطناً، وبعضهم يخالفه في بعض الجزئيات ويوافقه في البعض الآخر، ويقول: الدين سعة، وهذا قشور، وهذا -والعياذ بالله- من الخذلان، ولن يجد الإنسان طعم الفوز إلا باتباعه، ولا تفتح الجنة بعد رسالته إلا من طريقه عليه الصلاة والسلام.
يا مدَّعٍ حب طه لا تخالفه فالخلف يحرم في دنيا المحبينا |
أراك تأخذ شيئاً من شريعته وتترك الباب تدويناً وتهوينا |
خذها جميعاً تجد فوزاً تفوز به أو فاطرحها وخذ رجس الشياطينا |
اتباع محمد صلى الله عليه وسلم أفضل من اتباع مايكل جاكسون، يقولون: لو أسلم أسلم كثيرٌ من الشباب، اهتدوا، ولو ربى لحيته ربوا لحاهم، هذا عجيب! محمدٌ عليه الصلاة والسلام القدوة الذي أنزل الله الاقتداء به أمراً من السماء، وهذا الرجل سواء أسلم أو لم يسلم، وإلا فالصحيح أن في بعض الروايات أن من أخبار الصحف التي تشابه الصحف الإسرائيليات أنه أسلم، ونقول: هناك ثلاثة أسئلة، أسلم أنقذ نفسه، آمن الحمد لله، اهتدى عرف الطريق، قالوا: كان يعيش في ظلام، قلنا: وَمَنْ لَمْ يَجْعَلِ اللَّهُ لَهُ نُوراً فَمَا لَهُ مِنْ نُورٍ [النور:40] قالوا: ورأى النور، قلنا: يُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ [البقرة:257] قالوا: اعتزل الفن، قلنا: وأين أبناؤنا أهل الفن، وأهل الكمنجة؟ وأهل قسماً بمبسمك الشهي؟ أو أروح لمين ومين سيرحم أسائي؟ إبليس، أو هل رأى الحب سكارى مثلنا؟ ما رأى أفشل منك في الحياة، أو يا ونة الونيت يوم صليت، وانت غراباً طارداً لحمامة.
سبحان الله! الناس يطاردون القلوب ليهدونهم وأنت مع حمامتك ودجاجتك صباحاً ومساءً، جمع طوابع، ومراسلة، ومطاردة حمام، هذا مايكل إن أسلم فقلنا: زاد واحد في المسلمين، وما عليه فقد أسلم الشهداء والعلماء والزعماء وركبوا في سفينة محمد عليه الصلاة والسلام، وإن لم يسلم فليس بعجيب، ولكن ماذا يقول الشباب في قصَّاتهم وفي تشبههم بـمايكل وأمثاله وأشرابه وأضرابه، ألا فليتقوا ربهم، ألا فليستحوا من الله عز وجل.
الكاتبة: باحثة البادية
الجواب: أقول: هذه الكاتبة جاهلة من البادية، رعديدة أتت من البادية.
أولاً: الذي كتب هذا الشعر رجل أو امرأة جاهلٌ بدين الله الواحد الأحد، مفتري على الله، قال تعالى: وَلا تَقُولُوا لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ هَذَا حَلالٌ وَهَذَا حَرَامٌ لِتَفْتَرُوا عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ لا يُفْلِحُونَ [النحل:116].
قائل هذا الشعر لا يعرف من دين الله إلا كما يعرف الحمار من ملة أهله أو من ميزانية أهله، هذا أحد رجلين إما جاهل متخرس في الشريعة، أو زنديقٌ مجرم، وحسيبنا الله عليه.
أما قوله: (سيري كسير السحب لا تأني ولا تتعجلي) فلا أدري ماذا يقصد بذلك، ولا مشاحاة في سير المرأة إذا تأدبت واستترت وتعطلت وتجلببت بالحجاب، وخافت من الواحد الوهاب، وتذكرت يوم الحساب، وأما قوله: (لا تكنسي أرض الشوارع) فإنه ينبي عن بذاءة فيه، وعن غلٍ للإسلام، ومخالف للسنة، فقد صح عنه صلى الله عليه وسلم: {أنه أمر
حوراً حرائر ما هممن بريبةٍ كظباء مكة صيدهن حرام |
يحسبن من لين الكلام روانياً ويسدهن من الخنا الإسلام |
هناك يقول:
يخفين أطراف البنان من التقى ويقتلن بالألحاظ مقتدرات |
فقوله: (لا تكنسي أرض الشوارع) دعوة إلى السفور، وإلى لبس القصير، وإلى تحويل المجتمع إلى مجتمع بهيمي حيواني شهواني، تلبس فيه المرأة القصير، فانظر كيف انعكست الآية شبابٌ يكنسون الشوارع بثيابهم، والرسول صلى الله عليه وسلم يأمرهم بالتقصير وما قاله للشباب هذا المتقول على الله لم يقله للشباب بل قاله للفتيات، والرسول صلى الله عليه وسلم يأمر بإطالة المرأة لثوبها حتى يستر جسمها وينزل الأرض، ويقول هذا: قصري! يا معكوس الإرادة والعقل إنه ما وعى قلبك الوحي، وما استنار قلبك بالقرآن والسنة، ولو عرفت الطريق ما انقلبت في ذهنك المفاهيم.
ولكن كيف يسعى في جنون من عقل؟ ولكن نقول لك:
قد تنكر العين ضوء الشمس من رمدٍ وينكر الفم طعم الماء من سقم |
السقم فيك، والرمد في عينيك، والشريعة محجة بيضاء ليلها كنهارها.
(لا تكنسي أرض الشوارع) أنت وأمثالك لما أطلتم الثياب قصر النساء الثياب، ولما أطال أمثالك الثياب وكنسوا بها الشوارع ضيعنا فلسطين، وأفغانستان، وضيعنا مجدنا. جولد مائير في مذكراتها تخبر بفشل العرب، طائراتها كانت تغطي شعاع الشمس، وكان شباب العرب مع كوكب الشرق يوم تغني ذاك السحر الحلال، المحرم عند القلوب المحرمة، تحجب شعاع الشمس، والشباب يكنسون الشوارع بثيابهم:
فأطفأت شهب الميراج أنجمنا وشمسنا وتحدت نارنا الخطب |
وقاتلت دوننا الأبواق صامتة أما الرجال فماتوا ثم أو هربوا |
ولكن لما قصر السلف ثيابهم واعتبروا بالسنة، فتحوا الدنيا، أصبحنا في حدائق الأندلس، وأمسينا ونحن على اللوار وطشقند والسند، وذهب عقبة بن نافع يقول للمحيط الأطلنطي: [[والله لو أعلم أن وراءك أرضاً، لخضت هذا الماء بفرسي لأرفع راية لا إله إلا الله]] كنا أمجاداً لما اتبعنا السنة، فلما عكسنا الآية، وقلنا للمرأة: قصري وللشاب أطل ثوبك!! انعكست مفاهيمنا، وذهبنا شذر مذر.
اللهم أعد شبابنا وفتياتنا إليك، اللهم لا تسمع سامعاً هذا الكلام، اللهم لا تجعل مثل هذا وأمثاله يتولون على عقول الناس فيفسدون إراداتهم.
وأما قوله في الإزار المسبل، فالإزار المسبل للرجل وليس للمرأة، ولعلك ما قرأت حرفاً من الشريعة، ولو كان الأمر بيدك وأمثالك لخطب الدجال على المنابر، لكن هنا في البلاد ولاة أمر قاوموا على (لا إله إلا الله محمد رسول الله) وهنا دعاة وعلماء وشباب صحوا وأقبلوا إلى الله.
أحد الناس له مقطوعة نبطية في شباب الصحوة، وأنا لا أؤيد الشعر النبطي ولا أحبذه، وهو يفسد القرآن، لكن من قاتل بسكين النبطي أو العربي خدمة للإسلام، قلنا حياه الله:
انظر الفجر زاه بالوفاء قد تجلى مثل وجه المصلي في عبق فرض الصلاة |
مثل طلعة شباب بالتقى قد تحلى كن منطوقهم بالحسن سكر نبات |
من فتح غيرنا الدنيا وزكى وصلى يوم هتلر ونابليون في الفاحشات |
نصرنا يا عرب من ربنا قد تجلى قرب الجيش والبارود والطايرات |
أما أنت يا أخي! يا هذا الكاتب! فيكفي لك الموسيقى والعود والكمنجة واترك شباب الإسلام، وولاة أمر الإسلام، وعلماء الإسلام يلهجون بذكر الجنة، ولا أزيد فيكيفه هذا، وسوف أعارضها بقصيدة إسلامية لعلي أكتسب الأجر في دمغه فَإِذَا وَجَبَتْ جُنُوبُهَا فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْقَانِعَ [الحج:36].
الجواب: المجاهدون الأفغان أهل السنة، أهل العمائم، أهل اللحى، أهل لا إله إلا الله، الذين تركوا جرباتشوف وبرجنيف لا يساويان دجاجتين، نعم. أخزوهم أمام العالم.
يونس خالص دخل البيت الأبيض -الأسود سود الله وجهه- فقال: لـبرجنيف: أسلم تسلم يؤتيك الله أجرك مرتين، وإن توليت فإن عليك إثم كل أمريكي على وجه الأرض.
هيئة الإذاعة البريطانية في أول يوم احتلت فيها كابل يقول المذيع في أضواء حول العالم: وقد خرج الأفغان من مساجدهم يحملون البنادق وهم يقولون في الشوارع:
نحن الذين بايعوا محمداً على الجهاد ما بقينا أبدا |
فروا على نغم البازوك في غسق فقهقهت بالكلاشنكوف نيرانُ |
يسعى فيعثر في سروال خيبته في أذنهم الرصاص الحق حرصان |
ردوه كالقرد لو بيعت سلامته بشعبه لشراها وهو جذلان |
الصناديق تنتظركم وأسألكم بالله أن تتبرعوا، علَّ الله أن يدخلكم الجنة بهذا النصر الأكيد، لقد حقق المجاهدون في عشر سنوات ما لم تحققه الدول العظمى، لقد بينوا للناس أن المستقبل للإسلام، وأن الإيمان سوف ينتصر على ولايات الشيوعية، وجمهوريات روسيا التي هي كل يومٍ تساقط.
لما رأت أختها بالأمس قد خربت كان الخراب لها أعدى من الجرب |
إلا بذاك الجهاد الرصاص ولا إله إلا الله، البارود ولا إله إلا الله، الموت ولا إله إلا الله، الكفن ولا إله إلا الله، أما المعاملات والمعاريض والملفات لـهيئة الأمم المتحدة قالوا: كفرنا بها وآمنا بالله، وذبحوهم على الطريقة الإسلامية.
الجواب: أنا أقول لكِ: التصرف لوالدهم وهو الذي يملك عصمتهم، لأني فهمتُ أنكِ جدة لهؤلاء الأطفال، ووالدهم هو المسئول عنهم، فإذا منعهم عنك من أخذهم لبيتك، فاتقي الله وزوريهم ولا تشددي في أخذهم، لأنكِ لا تملكين عصمتهم، أو رعايتهم، أو ولايتهم، بل والدهم هو الذي يملك ذلك، لكن أرى أن تتلطفي وتصليهم، وأن تبريهم وأجركِ على الله، وخذي بالأثر: {إن الله أمرني أن أصل من قطعني، وأن أعفو عن من ظلمني، وأن أعطي من حرمني}.
وما دام أنكِ عاجزة، فلا يلزمها إلا وليها، وهو أقرب الناس إليها أن يقوم بها، أما هؤلاء فإن لم يقوموا بها ولم تستطع الذهاب إليهم فهي معذورة، أما القطيعة فأي شيءٍ تستطيع أن تدفعه للمسلم أو تقدمه لهؤلاء الأطفال فعليها أن تفعل.
على كل حال يبقى في السؤال جزئيات لابد أن تسأل هي بنفسها أو توضح مقصودها من الزيارة ومن هذه القرابة وما هي أساس المشكلة وملابساتها.
وأسأل الله عز وجل أن يرينا وإياكم الحق حقاً ويرزقنا اتباعه، ويرينا الباطل باطلاً ويرزقنا اجتنابه.
وصلى الله على محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً.
من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر