وأشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً.
السلام وعليكم ورحمة الله وبركاته. عنوان هذه المحاضرة "أغلاط في التاريخ"
يقول شوقي:
اقرأ التاريخ إذ فيه العبر ضل قوم ليس يدرون الخبر |
التاريخ فن مشوق، وقد عرض الله سُبحَانَهُ وَتَعَالى في كتابه قصص السابقين، وتحدث لرسوله وللمؤمنين عن تاريخ الأقوام السالفة، فقال سُبحَانَهُ وَتَعَالى: نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ الْقَصَصِ [يوسف:3] وقال جل ذكره: لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لِأُولِي الْأَلْبَابِ [يوسف:111].
وقصَّ رسول الهدى صلى الله عليه وسلم التاريخ، وتكلم عن الأقوام الهالكة وعن المؤمنين وعن الكافرين، والتاريخ الإسلامي بديع له جوانب مضيئة.
وأعرض هذه الليلة مسائل لعل الله أن ينفع بها، منها:
ما هو المنهج السليم الذي يجب أن يكون عليه تاريخنا الإسلامي؟!
وبالمقابل: ما هو المنهج الخاطئ والمغلوط الذي انتهجه كثير من المؤرخين؟!
وأنا مدين لكثير من الفضلاء في هذه المحاضرة منهم: الدكتور محمد صامل السلمي في كتابه العجيب " منهج كتابة التاريخ الإسلامي، والدكتور إبراهيم شعّوط " أباطيل يجب أن تمحى من التاريخ "، وكتاب" الاستشراق والمستشرقون " للدكتور مصطفى السباعي، و" الخلافة والملك " لـأبي الأعلى المودودي رحمه الله، و" مقدمة ابن خلدون ".
وأتحفني كثير من الفضلاء بكثير من الملاحظات والمشاورات كفضيلة الشيخ عبد الله بن محمد بن حميد، والدكتور صالح بن عون الغامدي، وكثير من دكاترة جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية المتخصصون في هذا الباب، وفضيلة الأستاذ صالح أبو عراد الشهري.
شكر الله للجميع، ونسأل الله أن يتقبل منا ومنهم صالح الأعمال.
وبلغنا أن القتلى خمسون ألفاً، وأن الجرحى مائة ألف، وأن الغنائم مئات الألوف، وهل تكفي هذه البلاغات؟! والأسانيد التي فيها كَذَبَة كـأبي مخنف؟ وهو أكثر من اعتمد عليه ابن جرير الطبري، وكـالكلبي الكذاب وقد اعتمد عليه بعض مؤرخي الإسلام.
فلا يذكر الحياة العلمية ولا الأدبية ولا الاجتماعية ولا الفكرية ولا العسكرية ولا الاقتصادية، فقط تولى فلان، وقتل فلان، وسجن فلان، وذبح فلان، حتى تجد مثلاً: تاريخ الخلفاء للسيوطي كله سلسلة للخلفاء، وليس فيه ذكر العلماء، أو تجدهم إذا ترجموا للعلماء ترجموا لهم بأسطر، فلا يتعرضون لحياة الأمة إلا لحياة السلاطين والخلفاء، وقد لحظ هذا الملحظ فضيلة الأستاذ علي الطنطاوي -غفر الله لنا وله، ورحمه- فقد بلغنا أنه لحق بالله رب العالمين.
فبعضهم يؤرخ -وهذا يمر به حتى ابن كثير- يؤرخ وفاة رجل، ثم تجده يبعث بعد سنتين، وكأنه حضر الغزوة التي وقعت بعده بسنوات.
وبعضها أوهام، وبعضها أغلاط، وما عليك أن يهم الذكي مرة، وأن يكبو الجواد مرة؛ لكن أن يكون التاريخ أوهاماً، في أوهام فهذا هو الخطأ وإلا فالأوهام ما سلم منها إلا كتاب الله عز وجل قال تعالى: وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلافاً كَثِيراً [النساء:82].
وهناك مذكرة تجمع -إن شاء الله- عنوانها " أوهام الأعلام " منها: أوهام في البخاري على سبيل المثال:
يذكر في قصة الإفك أن الرسول عليه الصلاة والسلام وقف في المسجد فقال: {من يعذرني من رجل آذاني في أهلي. فقام
مثلاً: صاحب " مروج الذهب المسعودي، تجده كذلك يذكر قصصاً وأعاجيب وينحي باللائمة على كثير من علماء الإسلام ومن أهل السنة.
وهذا وقع فيه المفسرون والمحدثون والمؤرخون إلا من سلم الله، فالهوى والميل للمذاهب والطوائف أمر معلوم حتى تجد المؤلف إذا كان شافعياً كـابن السبكي في " طبقات الشافعية " تاج الدين عبد الوهاب بن السبكي يأتي بالرجل الشافعي فإذا كان أشعرياً مدحه وأثنى عليه ومجده ورفع منـزلته حتى يقول عن أبي المعالي الجويني وهو أشعري يقول:
المزني قطرة من مزنه والأشعري شعرة في صدره |
ومن هذا الضرب.
فإذا أتى إلى علماء السنة وعلماء السلف نقص حقهم حتى يقول عن ابن تيمية: أما ابن تيمية والبرزالي والمزي والذهبي وهؤلاء فقد أنزلهم ابن تيمية في دركة من النار.
فعلى هذا المنحى أصابهم الميل، وتجد الحنفي يأتي بتراجم الأحناف، رأيت حنفياً كتب تاريخاً للأحناف بدأ بـأبي حنيفة فقال: يقول عليه الصلاة والسلام: {سراج أمتي
ثم يقول في حديث آخر: وقال عليه الصلاة والسلام: {إني أفخر بقوم وبأمة فيهم
يقول بعض المؤرخين من أهل السنة: نقل أن أبا حنيفة رئي في المنام على كرسي أحمر من زبرجد في الجنة، وهذا قد يكون.
فغضب المالكية وأتى مالكي وقال: رأيت مالكاًً فوق أبي حنيفة في كرسي في الجنة.
فأتى الشافعي فقال: فرأيت الشافعي في أعلى عليين ينظر لـمالك ولـأبي حنيفة بربض من الجنة.
وهذا من العصبية المقيتة والهوى: وَلا تَتَّبِعِ الْهَوَى فَيُضِلَّكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ [ص:26].
حتى تجد الإنسان إذا أراد أن يتكلم عن أهل منطقته أخرجهم كلهم كأنهم صلاح الدين وخالد بن الوليد.
ورأيت تواريخ حتى في المناطق والأقاليم في أناس عاديين، إما نائب قبيلة، أو عريف في قرية، أو رجل عادي يتكلم عنه، وكأنه يتكلم عن الذهبي أو يتكلم عن ابن خلدون أو شيخ الإسلام ابن تيمية.
والله يقول: وَتِلْكَ الْأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ [آل عمران:140].
وقال عدي بن زيد:
أيها الشامت المعير بالدهـ رأأنت المبرأ الموفورُ |
أين كسرى كسرى الملوك أنو شروان أم أين قبله سابورُ |
وبنو الأصفر الكرام ملوك الأرض لم يبق منهم مذكورُ |
يقول: تعيرنا لأننا هزمنا وسحقنا، فقد كان يحمل دولة، وكان عنده سلطة فأبيد، فقال: هذا هو الدهر.
وقال رجل أصيب -وقد عزاه رجل شامت- فرد عليه، قال: في كل واد بنو سعد.
ومرض معاوية وكان حريصاً على الملك فدخل عليه ابن عباس في مرض الموت، فأراد أن يظهر التجلد وأن يظهر القوة وقام.
قال ابن عباس: اجلس!
وإذا المنية أنشبت أظفارها ألفيت كل تميمة لا تنفع |
فقال معاوية البيت الذي بعده:
وتجلدي للشامتين أريهم أني لريب الدهر لا أتضعضع |
وليس في الدهر شماتة، ولكن وَتِلْكَ الْأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ [آل عمران:140].
فيوم علينا ويوم لنا ويوم نُساءُ ويوم نُسر |
واعلم كما قال أحد الوعاظ للخليفة العباسي المهدي: اعلم أن رباً أخذ أباك وأجلسك في هذا المكان، سوف يأخذك ويجلس ابنك مكانك، قال: ولو لم يفن الله الملوك الذين من قبلك ما جلست أنت في هذا المكان.
وقالوا:
وسلاطينهم سل الطين عنهم والرءوس العظام صارت عظاما |
فالأيام لا تبقى على حال:
لكل شيء إذا ما تم نقصان فلا يغر بطيب العيش إنسان |
هي الأمور كما شاهدتها دول من سره زمن ساءته أزمان |
والمغرور من ثكلته أمه، واغتر بحاله، وركب رأسه، وظلم واعتدى وبغى، ونسي أن الذي أزال الآخرين سوف يزيله عما قريب.
في الأندلس كان أحد الحكام ضائعاً بمعنى الكلمة، تولى ونصحته أمه، ولا أذكر اسمه، فكانت تقول: اتق الله، كان في النهار يناقر بين الديكة كمن يشجع الآن الدوري والمنتخب فزال ملكه وسقط.
فتقول له:
ابك مثل النساء مجداً تولى لم تحافظ عليه مثل الرجال |
فهذا أمر معلوم. وقال أهل العلم: إنما تغيرت الدول بتغير أحوالها وبتغير معتقداتها.
لماذا سقطت دولة بني أمية؟!
علي يد الترف والضياع، كذلك بنو العباس، وكذلك السلاجقة، والأكراد، والأتراك، وهذه سنة الله عز وجل، فالترف يضيع الشعوب والأمم ويضيع الجيل، وهو ضربة قاصمة إذا أراد الله أن يهلك بها أمة أصابهم بالترف؛ فلا يحفظون وقتاً، ولا يقدرون نعمة، ولا يشكرون رباً، ولا يحصلون مبدأ، ولا يحملون وثيقة.
قيل لبعض أهل العلم: ما الذي يهلك سريعاً؟
قال: الظلم، وفي أثر: لو نجى جبل على جبل لدك الباغي منهما.
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية في المجلد الثاني من " فتاويه ": إن الله ينصر الدولة الكافرة العادلة على الدولة المسلمة الظالمة.
ولذلك تجد بعض الأنظمة الكافرة عادلة، فلا تبخس الشعوب حقوقهم، ولا جهد الإنسان، ولا تلغي كرامته، ولا تغلق الباب دونه بل تجعله حراً يتكلم ما شاء، حافظاً على امتيازاته، محافظاً على عرضه، محافظاً على كرامته في حين ترى أن بعض البلاد الإسلامية تلغي قداسة الفرد، وتلغي كرامته، وربما تعتدي على أملاكه، ولا تبقيه حياً أو تجعله لا يحمل اسم الإنسانية.
بل وجد أن في بعض البلاد الإسلامية دمرت مدن كاملة بالسلاح وأبيد فيها آلاف من الأطفال وآلاف من النساء، واحتجت الدول الكافرة على هذا الصنيع وقالت: أين الإسلام؟!
وهذا أمر معلوم؛ فاطراح العدل أول ما يصيب الأمم، ويدمر الشعوب، وهذا أمر غفل عنه بعض المؤرخين.
ولذلك قالوا: لو كان الخليفة حازماً ما سقطت دولته.
فيقول ابن الوردي:
فاترك الحيلة في تدبيرها إنما الحيلة في ترك الحيل |
حارت الأفكار في قدرة من قد هدانا سبلنا عز وجل |
وسوف تأتي قضية وهي لِكُلِّ أُمَّةٍ أَجَلٌ [يونس:49]. وَاللَّهُ يَحْكُمُ لا مُعَقِّبَ لِحُكْمِهِ [الرعد:4] وَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ [يوسف:21].
فلكل أمة وشعب أجل محدد، ولكل حضارة إذا وصل هذا اليوم فلا ينفعها بقاء أهل الأرض، ولا يرد عن أمر الله راد وينفذ الله قضاءه بأنه غالب على أمره ولا يغلبه أحد، وفيه لطافة وَاللَّهُ يَحْكُمُ لا مُعَقِّبَ لِحُكْمِهِ [الرعد:41] قالوا: المعقب الموقع، فإذا وقع سبحانه فلا يوقع بعده أحد.
وقال أبو العلاء:
تقضون والفلك المسير دائر وتقدرون فتضحك الأقدار |
ويقول أبو العتاهية:
إن كنت أخطأت فما أخطأ القدر تمشي المقادير على غرز الإبر |
والذي كتب المقادير هو الذي على العرش استوى، فاللوح المحفوظ مكتوب فيه آجال الأمم والشعوب والدول والأناسي، وعنده سُبحَانَهُ وَتَعَالَى جفت الأقلام ورفعت الصحف، وهو سُبحَانَهُ وَتَعَالَى من أفعاله أنه في كل يوم هو في شأن.
قال أهل العلم: في كل يوم له شأن: يخلع هذا ويولي هذا، ويملك هذا ويعزل هذا، يجبر كسيراً، ويغني فقيراً، ويفقر غنياً، ويرد غائباً، ويهدي هذا، ويضل هذا، ويتوب على هذا، سبحان الله!
يقول: أهذه ثارات بين الأوس والخزرج وبين قريش؟!
جهد محمد عليه الصلاة والسلام، وتربيته لأمته، وإخراجه من بلاده، والإيذاء والابتلاء والمصائب والكوارث التي مر بها عليه الصلاة والسلام والمنهج الرباني الذي نزل عليه، وقيامه بأهل بدر، ومناشدته لله، ونزول جبريل يقود ألف ملك:
وبيوم بدر إذ يصد وجوههم جبريل تحت لوائنا ومحمد |
كلها ثارات جاهلية؟! أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ وَأَضَلَّهُ اللَّهُ عَلَى عِلْمٍ وَخَتَمَ عَلَى سَمْعِهِ وَقَلْبِهِ وَجَعَلَ عَلَى بَصَرِهِ غِشَاوَةً فَمَنْ يَهْدِيهِ مِنْ بَعْدِ اللَّهِ [الجاثية:23].
من سنن الله أنه ينصر أولياءه في آخر المطاف، وأن الجولة لهم، وأن العاقبة للمتقين، وأنه لا يمكن أن يتخلى عنهم، وهل سمعت بنبي اضطهد وكانت عاقبته الخسران؟!
يظهر الباطل تارة ثم يقصم قصمة إلى الأبد، وهكذا حدث له عليه الصلاة والسلام.
قال بعض المؤرخين: لو انتصر عليه الصلاة والسلام دائماً لبطل الابتلاء.
ولو انتصر الكفر لبطل سر الرسالة، فجعل الله عزوجل الحرب سجالاً، ثم العاقبة له عليه الصلاة والسلام، قال سبحانه: إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهَادُ * يَوْمَ لا يَنْفَعُ الظَّالِمِينَ مَعْذِرَتُهُمْ وَلَهُمُ اللَّعْنَةُ وَلَهُمْ سُوءُ الدَّارِ [غافر:51-52].
فلا بد أن يكتب المؤرخون أن هذا من باب الابتلاء، فلا يتعرضون للكوارث أنها تأديب وزجر فقط؛ بل منها رفعة، قال سُبحَانَهُ وَتَعَالَى: أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُمْ مَثَلُ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِكُمْ مَسَّتْهُمُ الْبَأْسَاءُ وَالضَّرَّاءُ وَزُلْزِلُوا حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ مَتَى نَصْرُ اللَّهِ أَلا إِنَّ نَصْرَ اللَّهِ قَرِيبٌ [البقرة:214].
فالابتلاء لا بد منه لأتباع الرسل عليهم الصلاة والسلام وللأخيار وللصالحين، سنة منه سُبحَانَهُ وَتَعَالَى، هكذا أراد أن تكون، قال تعالى: وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوّاً مِنَ الْمُجْرِمِينَ وَكَفَى بِرَبِّكَ هَادِياً وَنَصِيراً [الفرقان:31].
ولكل شيء آفة من ضده حتى الحديد سطا عليه المبرد |
فجعل سُبحَانَهُ وَتَعَالَى للنار ضداً وهو الماء، وجعل ضد الظلمة النور، وضد الليل النهار، وضد الحلو الحامض، وضد الحار البارد، فلكل شيء ضد، ثم نقل سُبحَانَهُ وَتَعَالَى هذه السنة في الناس، فجعل للصالحين ضداً؛ قال سبحانه: وَلَوْلا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَفَسَدَتِ الْأَرْضُ [البقرة:251] والآية السالفة وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوّاً مِنَ الْمُجْرِمِينَ [الفرقان:31] وقال سُبحَانَهُ وَتَعَالَى: وَجَعَلْنَا بَعْضَكُمْ لِبَعْضٍ فِتْنَةً [الفرقان:20] فهذا يفتتن بهذا وهذا، وينغص على هذا، حتى يقول ابن الوردي:
ليس يخلو المرء من ضد ولو حاول العزلة في رأس الجبل |
لو اعتزلت في قرية لبعث الله لك من ينكد عليك ومن ينغص عليك، أحياناً تقف تنتظر أمراً، فيرسل عليك ثقيل الدم، فينغص عليك، والقرية الواحدة تجد فيها تباين الأفكار: وَلا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ [هود:118].
يختلف الناس حتى في الأمور الاعتيادية البسيطة التي قد لا تبنى عليها أحكام، الرجل في أسرته إذا استشارهم في أمر بسيط حتى في وجبة ماذا يكون الغداء اختلفوا بين يديه، فتجد الأغلبية تريد كبسة، ومنهم من يريد عصيدة، ومنهم من يصوت على المرق، ولا يزالون مختلفين لأن الله باين بين الأمزجة، والإجماع عزيز حتى في أمور الناس الاعتيادية، فكيف بالأمور الكبرى؟!
فقصدي من هذا: أن سنة التدافع جارية، فلا يظن الداعية أو حامل الحق، أو من عنده مبدأ الشريعة، سواء في الأدب أو في الدعوة أو في الفكر أو في أي منحىً من مناحي الحياة أنه سوف يسلم ممن ينغص عليه، بل سوف تجد من يعترض عليك، ومن يكذبك ويرى أنك مبطل، وأنك متطرف، وأن في عقلك شيئاً، وقد قيل لمحمد بن عبد الله عليه الصلاة والسلام: مجنون وساحر وشاعر وكاهن، وما تركوا منغصاً من منغصات الحياة إلا وعلقوها عليه، ولكنه كما قيل:
لعظمك في النفوس تبيت ترعى بحراس وحفاظ ثقات |
وشكوت من ظلم الوشاة ولم تجد ذا سؤدد إلا أصيب بحسد |
لا زلت يا سبط الكرام محسداًً والتافه المسكين غير محسد |
إن العرانين تلقاها محسدة ولا ترى للئام الناس حسادا |
منهم من أخذ نتفاً فقط، وهذا مثل ما يدرس في المناهج التعليمية، نتف لا تسمن ولا تغني، ولا تشبع ولا تبل العليل، ولا ترد الصبابة، ويخرج الطالب غير متصور لسيرته عليه الصلاة والسلام، إنما يتصور أموراً عامة سبق الإشارة إليها في بعض المحاضرات، خطوط عامة وعموميات، ولد كذا، وهاجر كذا، والكاتب مستأجر ليس عنده حرارة الشعور بالحب، ولا في قلبه جريان وغليان تجاه محمد عليه الصلاة والسلام.
وإني لأشكر كاتباً كتب يقول: جلست مع مستشرق فقال: أنت مسلم، وأريد أن تكتب كتاباً عن محمد صلى الله عليه وسلم وتتجرد من عاطفتك؛ لأنك متهم بحبه. قال: إذا أردت أن تجردني من عاطفتي نحوه فمعنى ذلك أنك تجردني من حياتي.
لأن حبه صلى الله عليه وسلم مركوز في الفطر، وواجب شرعي، فهو ليس ميلاً لزعيم أو قائد أو سياسي بإمكانك أن تكون له محايداً.
أما معه صلى الله عليه وسلم فالحياد عند سيرته حرام.
أطل سهر العيون فكل نوم لغيرك أيها المولى حرام |
وأسمعني حديث الوصل سبعاً رضيت لك السرى والناس ناموا |
حرام أن تكون محايداً في سيرته وتقول لي: لا تحمل له عاطفة، كيف تحثني أن أكتب وأنا بعيد كأني أجنبي؟!
نسينا في ودادك كل غالٍ فأنت اليوم أغلى ما لدينا |
نلام على محبتكم ويكفي لنا شرف أنا نلام وما علينا |
ولما نلقكم لكن شوقاً يذكرنا فكيف إذا التقينا |
تسلَّى الناس بالدنيا وإنا لعمر الله بعدك ما سلينا |
بعض الملاحدة الآن والزنادقة؛ مثل: جوزيف إستالين يقول: الأصل في العالم الإلحاد (لا إله والحياة مادة) وسوف أتعرض لكاتبٍ الآن ما زال حياً يقول لـجوزيف إستالين: طبت حياً وطبت ميتاً!
التوحيد هو الأصل قال تعالى: فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ [الروم:30].
وفي " صحيح مسلم " أن الله سُبحَانَهُ وَتَعَالَى يقول في الحديث القدسي: {إني خلقت عبادي حنفاء فاجتالتهم الشياطين} خلقهم موحدين:
ولدتك أمك يابن آدم باكياً والناس حولك يضحكون سرورا |
فاعمل لنفسك أن تكون إذا بكوا في يوم موتك ضاحكاً مسروراً |
كان الناس موحدين حتى جاءت الشياطين فاجتالتهم.
خلق الله الأكوان والأفلاك والبروج والكواكب موحدة، وخلق الله الإنسان موحداً، وإنما الشرك حادث وليس بأصيل في العالم، فعلى المؤرخ أن ينتبه لهذا.
فلا يغلبه أحد، ولا يمكن لأحد أن يفرض نفسه على الله، ففرعون وجد بقضاء وقدر من الله، وكره الله فعله، والذي نصبه هو الله، والذي عزله هو الله، والذي دس رأسه في البحر هو الله، فلا يمكن أن يفرض أحد على الله عزوجل؛ لأن الله غالب على أمره ولا يغلبه أحد.
وأهل السنة كفّروا من قال من المعتزلة: إن الله لا يعلم الشيء حتى يقع. فقالوا بكفره، بل الله يعلم الأشياء قبل أن تقع وهو الذي قدرها، ولهذا أحد علماء أهل السنة دخل على معتزلي من قضاتهم، فقال المعتزلي -يريد أن يتعرض لـأهل السنة - الحمد لله الذي لم يقدر في كونه الفحشاء -يقصد المعتزلي أن الله لا يقدر الفواحش ولا المعاصي -قال عالم أهل السنة: الحمد لله الذي لا يقع في كونه إلا ما يشاء.
فكل شيء بقضاء وقدر والليالي عبر أي عبر |
إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ [القمر:49] فلا يمكن أن يكون أمر مفروضاً على الله عزوجل، ولكن الله أراد أن يوجد الصالح والطالح، والعادل والظالم، وأن يوجد الناس هكذا حتى يحاسبهم، وجعل جنةً وناراً، وجعل عذاباً وثواباً.
هذه سنته سُبحَانَهُ وَتَعَالَى في خلقه، فهو غالب على أمره سُبحَانَهُ وَتَعَالَى لا يغلبه أحد.
حتى يقولون كما في كتب العلوم: الإنسان يأكل ليعيش أو يعيش ليأكل؟
ونحن نقول: إن الإنسان خلق ليعبد الله، خلقه الله ليعبده، خلقه الله ليتوجه إليه.
أما أن يأكل ليعيش ويعيش ليأكل، فهذه في عالم حديقة الحيوانات.
وأينما ذكر اسم الله في بلد عددت ذاك الحمى من صلب أوطاني |
بـالشام أهلي وبغداد الهوى وأنا بـالرقمتين وبـالفسطاط جيراني |
فأمة محمد عليه الصلاة والسلام أمة مرت بها فترة من فترات التاريخ كانت ثلاثة أرباع الكرة الأرضية، أما أن يأتي شخص فيتكلم عن دولة صغيرة من دول الجامعة العربية، ويجعلها هي الدولة الوحيدة، والإسلام لها، والتاريخ لها، والأبطال منها، والأدباء منها، ثم يلغي عظماء الإسلام، وأبطال الإسلام وكتاب الإسلام، فهذا غير مقبول، وحدة الأمة الإسلامية لا يفصلها حدود:
إن كِيدَ مُطَّرف الإخاء فإننا نغدو ونسري في إخاء تالد |
أو يختلف ماء الغمام فماؤنا عذب تحدر من غمام واحد |
أو يفترق نسب يؤلف بيننا دين أقمناه مقام الوالد |
أحمر أو أبيض أو أسود، إفريقي أو أسيوي، كلهم تحت مظلة إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ [الفاتحة:5].
وأعظم مظهر من مظاهر التجمع العالمي والوحدة الإسلامية الحج ولا سيما حين يقف الحجاج في عرفات يوم تجتمع الألوف، وتنادي رباً واحداً بأكثر من (400) لغة في ساعة واحدة؛ كلهم فقير إلى الغني، كلهم فانٍ بين يدي الباقي، وكلهم ضعيف تحت القوي، فتتحطم قداسات البشر وطواغيتهم على صخرة عرفات، ويبقى الواحد الأحد فَاعْلَمْ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ [محمد:19].
فتجد المؤرخ أحياناً يقول مثل المسعودي أو غيره: واستولى التتار على بغداد وقتلوا (700.000) ولولا أن ابن العلقمي لم يتواطأ معهم ما حدث هذا.
لا تقل هذا؛ فإن الله قدر ذلك، ونحن نلوم الناس على المعايب، ولا نلومهم على المصائب، وكل شيء بقضاء منه سبحانه، لا بد أن نؤمن بهذا، فهو الذي ولى هذا وعزل هذا.
وإذا قرأت ترجمة عمر بن عبد العزيز تجد من يقول: ما عاش عمر بن عبد العزيز إلا سنتين أو ثلاث سنوات ويعيش عبد الملك عشرين سنة ويعيش الحجاج بن يوسف خمس عشرة سنة!!
نقول: من الذي قدر؟ الواحد الأحد لحكمة أرادها.
فقضية أن يستحضر المؤرخ الإيمان بالقضاء والقدر في رأسه، وأن يعيش هذا المبدأ، وأن يستحضره دائماً أمر مطلوب.
والرسول صلى الله عليه وسلم كان يعرض عالم الغيب من فوق المنبر، وينادي أصحابه في المعارك، ويقول: وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ [آل عمران:133] ويقول: {لموضع سوط فيها خير من الدنيا وما عليها} ويقول صلى الله عليه وسلم لكتيبته ولجيله ولأصحابه في بدر: {يا أهل بدر! إن الله قد اطلع عليكم وقال: اعملوا ما شئتم. والذي نفسي بيده ما بينكم وبين الجنة؛ إلا أن يقتلكم هؤلاء؟ فتدخلون الجنة؛ فيقول أحد أصحابه: ما بيننا وبين الجنة إلا أن يقتلنا هؤلاء؟ قال: إي والذي نفسي بيده، فألقى التمرات من يده وأخذ سيفه وقاتل حتى قتل} هذا عرض عالم الغيب، أي: لا تمن الناس الآن بعالم الشهادة فقط تقول: إذا انتصرتم أعطيناكم الكأس، كل له ميدالية وسيارة فاخرة ودراجة.
هذه يجيدها كل أحد في الأرض، هذا مجرم العراق لما أباد شعبه أعطوه سهم الرافدين على قتل الدعاة وعلى قتل العلماء والأطفال والشيوخ.
الأوسمة لا يعرفها محمد صلى الله عليه وسلم، هذه الأوسمة يجيدها كل أحد، لكن الجنة لا يستطيع لها إلا من يحمل لا إله إلا الله محمد رسول الله.
من ثقافة محمد صلى الله عليه وسلم أنه لقن الأعراب (لا إله إلا الله) فدخلت في دمائهم، تجري قويةً حارةً، فيأتي صلى الله عليه وسلم ليعطي أحدهم مالاً فقال: يا رسول الله! غفر الله لك! ما على هذا بايعتك. قال: بايعتني على ماذا؟ قال: بايعتك على أن يأتيني سهم في سبيل الله يقع ها هنا ويخرج من ها هنا. فدمعت عيناه صلى الله عليه وسلم وقال: إن تصدق الله يصدقك. فصدق الله فأتاه سهم في أول المعركة وقع هنا وخرج من هنا. فقبله صلى الله عليه وسلم وقال: {صدقت الله فصدقك الله}.
فلذلك النصيحة كل النصيحة ألا نرد الناس لعالم الشهادة فقط ونعزلهم عن عالم الغيب.
الطالب الآن أصبح لا يحفظ القرآن إلا إذا مني بجائزة، وبعضهم لا يساهم في قراءة القرآن في رمضان إلا ليحصل على جائزة، وبعضهم لا يشارك في الدوري والمنتخب ويحتسب الأجر في ذلك إلا إذا حصل على جائزة! لا يريد أن يرفع رءوسنا في سنغافورة وفي كل مكان إلا بجائزة الدنيا! اطلب الأجر من الله سُبحَانَهُ وَتَعَالَى، احتسب وجاهد في سبيل الله علَّ الله أن يرفع رأس هذه الأمة التي وضعت رأسها منذ مات صلاح الدين.
بعض الناس تجده يلعب الكرة بدون نية، من يوم يلعب إلى يوم ينتهي: {إنما الأعمال بالنيات} وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ [العنكبوت:69] وكم يحصل عليه من الأجر والمثوبة، بعضهم -نسأل الله أن يهديه- يلعب أربع ساعات.
أتى الخميني بفضائح فقالوا: هذا دينكم، وقالوا: الإسلام دين الخميني. جاء صدام وأتى بفضائح قالوا: هذا دين الإسلام. ونحن نقول: الإسلام شيء وهؤلاء شيء آخر.
الأخطاء التي تقع في بلاد الإسلام ليس المسئول عنها الإسلام، الإسلام يتمثل في عمر، الإسلام يتمثل في أبي بكر، الإسلام يتمثل في عثمان، الإسلام يتمثل في علي، يتمثل في صلاح الدين، في نور الدين محمود، في مالك في أحمد في الشافعي:
أولئك آبائي فجئني بمثلهم إذا جمعتنا يا جرير المجامع |
أما أن تأتي لي بأناس لا يعرفون من الإسلام حتى نواقض الوضوء، فإذا أخطأ أحدهم قالوا: انظر إلى الإسلام، المسلمون لهم أخطاء لكن لا تلحق بالإسلام، المسلمون شيء، والإسلام شيء آخر.
وهذه القضية الأخيرة في هذا البحث، وسوف أدخل بكم في بعض القضايا.
منها افتراءات كثير من المؤرخين المغرضين حول الرسول عليه الصلاة والسلام، فقد ذكر بعض المستشرقين -عليه غضب الله- أن محمداً صلى الله عليه وسلم شهواني يحب النساء، ولذلك تزوج إحدى عشرة امرأة، وقد عارض عليه علماء المسلمين وردوا عليه وبينوا الحكمة من ذلك، أخزى الله ذلك الدعي المغرض المنتهك لحدود الله.
ومنهم من قال: دعوته صلى الله عليه وسلم قامت على الإرهاب والسفك والدماء، ولم تقم على الإقناع، وهذا كذب وبهتان، فإن الله سُبحَانَهُ وَتَعَالى يقول: وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلامَ اللَّهِ [التوبة:6] ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ [النحل:125].
أما المعارك التي حدثت فبسبب الطواغيت الذين رفضوا أن يسمعوا الدين أو يتركوه يتغلغل بين الناس، ورفضوا الحوار.
ولذلك لو وافق كسرى على أن يأتي الصحابة فيحدثوا الناس بالدين ما قوتل، وكذلك هرقل، وكذلك أبو جهل، لكن رفضوا أن يسمعوا فكان من الضرورة أن يحاربوا.
منها: أن عمر رضي الله عنه عزل خالداً في قضايا نسبوها لـخالد وهذا ليس بصحيح، وتهالكوا في ذلك تهالكاً عجيباً.
قالوا من ضمنها: إن خالداً تزوج امرأة وهي في عدتها وقد كذبوا، وقالوا: لأن خالداً يحب السيطرة، وقالوا: لأن عمر خاف على كرسيه من خالد، هل عند عمر وخالد كراسي، هل المسألة عندهم مسألة (امسك لي اقطع لك)؟!
هؤلاء جاءوا من الصحراء ليرفعوا (لا إله إلا الله) في الكرة الأرضية، هذا جيل اختارهم الله عزوجل، على سمع وبصر لمصاحبة رسوله عليه الصلاة والسلام، هذا جيل آخر غسل الله أدرانهم وطهر قلوبهم وزكاهم من فوق سبع سماوات.
عمر لا يعرف مداجاة ومؤاخذة، ولا يخاف على كرسيه من خالد، عمر كان يبكي على المنبر ويقول للمسلمين: [[خذوا بيعتكم لا أريدها]]؛ لأنه تعذب في الخلافة جاع وظمئ وأتته مشقة، وكان يبكي دائماً ويقول: [[يا ليت أم عمر لم تلد عمر]].
ذكر ابن الجوزي في " المناقب " أن عمر قال للناس: أشيروا علي من ترون أن نولي على العراق، -فأراد أحدهم أن يجامل الخليفة أمير المؤمنين، فقال: أرى أن تولي ابنك عبد الله على العراق. قال: كذبت يا عدو الله! قاتلك الله، والله ما أردت بذلك وجه الله. أي: عبد الله شاب في الثلاثين من عمره مع علمه أن عثمان موجود وعلي بن أبي طالب أحد العشرة موجود، وعبد الرحمن بن عوف وسعد بن أبي وقاص.
وبالفعل ما أراد بذلك وجه الله لأن في المسلمين من هو أكفأ وهذا أمر معلوم.
يقول علي رضي الله عنه: [[قاتل الله من قاتل وشارك في قتل
قيل لـعامر الشعبي: ما رأيك في أهل صفين التقوا فما فر بعضهم من بعض؟ قال: أهل الجنة التقوا فاستحيا بعضهم أن يفر من بعض. وقيل لـعمر بن عبد العزيز: ما رأيك في أهل الجمل وأهل صفين. قال: [[تلك دماء طهر الله منها سيوفنا، أفلا نطهر من أعراضهم ألسنتنا؟]]. {ومن حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه}. وَلا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولاً [الإسراء:36].
بعضهم افترى على أبي ذر رضي الله عنه وأرضاه- مثل المسعودي في كتابه "مروج الذهب ومعادن الجوهر " خلط في هذا الكتاب، ومزج الكذب بالصحيح، والحق بالباطل. ومن مغالطته التي حاد فيها عن الحق والصواب في كتابه ما يأتي:
يقول المؤرخون: لا يكاد يخلو مجلس عثمان رضي الله عنه من وجود كعب الأحبار، فكأن كعب الأحبار هذا هو الذي يسيطر على المجلس ويأتي بالإسرائيليات، لكثرة ما كان يستفتيه عثمان في قضاياه، وكأن عثمان ليس مجتهداً مطلقاً، ولا عنده كتاب ولا سنة حتى يحتاج إلى فتاوى بعض اليهود الذين أسلموا.
ثم ينقل جرأة كعب الأحبار وتسرعه في الفتيا مع وجود صحابة كـعثمان وعلي رضوان الله عليهم حتى يفتي في المسائل الكبار وهذا غلط، ثم قبول عثمان بفتاوى كعب، ثم ينقل أن عثمان كان يسب أبا ذر رضي الله عنه ويؤذيه، وهو الذي طرده من المدينة وأخرجه، فهذا كذب، بل أبو ذر هو الذي خرج من نفسه، والرسول عليه الصلاة والسلام قال لـأبي ذر: {إذا بلغ البناء سلعاً فاخرج منها} أي: من المدينة، فهو الذي خرج باختياره، وما أخرجه عثمان.
ونقلوا أيضاً: أن عثمان ضرب عمار بن ياسر حتى كسر ضلعاً من أضلاعه، وهذا كذب.
ومنها: أن معاوية قام بالإساءة إلى أبي ذر رضي الله عنه وحمله إلى المدينة على بعير، وعلى قتب يابس وآذاه، وأرسل معه خمسة من الصقالبة يطيرون به حتى تسلخت بواطن أفخاذه، وكاد أن يتلف أو يموت، وهذا كذب، وما كان لـمعاوية أن يفعله.
ومنها: ذكر لـأبي ذر بأشياء استحدثت بعد الرسول صلى الله عليه وسلم فيها لعنة لبني أمية إذا بلغوا الثلاثين، وهذا كذب.
ومنها: حوار حول طلبات أبي ذر واختياره بلداً يسير إليه، واقتنع عثمان بإخراجه من المدينة، وهذا لم يرد، وقالوا: غضب عثمان على علي لتشيع أبي ذر له، ولضم أبي ذر له، وهذا لم يرد.. عصم الله الجميع من هذه الأمور!
وهناك كتاب خلط الحق بالباطل اسمه " أعيان الشيعة " لمؤلفه محمد الحسيني العاملي طبع سنة (1359هـ) وفيه أغلاط تاريخية كاذبة مفتراة.
منها: اتهام عثمان رضي الله عنه بأنه كان ينهى أبا ذر عن قراءة القرآن.
ومنها تطلع عثمان لأموال المسلمين واستغلاله لثرواتهم وتملكه لأراضيهم، وكأنه يتحدث عن أحد الإقطاعيين لا عن أحد الخلفاء الراشدين.
ومنها: الادعاء أن حبيب بن أبي مسلمة أشار على معاوية بإقصاء أبي ذر من الشام.
ومنها: الإساءة إلى أصحاب الرسول عليه الصلاة والسلام.
ومنها: أن عثمان أصابه الخرف لما وصل الثمانين، وأصبح يخلط في كلامه، وهذا والله لم يحدث بل كان حافظاً للقرآن أَمَّنْ هُوَ قَانِتٌ آنَاءَ اللَّيْلِ سَاجِداً وَقَائِماً يَحْذَرُ الْآخِرَةَ وَيَرْجُو رَحْمَةَ رَبِّهِ [الزمر:9] قال ابن عباس: [[ذاك هو
ضحوا بأمشط عنوان السجود به يقطع الليل تسبيحاً وقرآنا |
أما مثل طه حسين والذي سماه الغرب عميد الأدب العربي، وهو لا يستحق هذه التسمية، ولم يأخذها بجدارة، وهو الذي ألغى الأدب العربي وشوهه، فنحيله إلى الله ولا نحكم عليه بجنة ولا بنار.
وقال: إن الأدباء اخترعوها والقصاصون ابتدعوها، ولم يكن لها أصل، وأنها من المهاترات والمزايدات التي ينبو العقل عن فهم بعضها أو عن الرضوخ لها، والمنطق المستقيم لا يرضاها، والأساليب العلمية والتفكير العلمي على حسب زعمه لا يمكن أن تؤمن بها.
واقرأ مقدمة كتاب على هامش السيرةتجد العجب، فبعد أن يشبه قصص السير والغزوات بأساطير. يقول: فأحاديث العرب الجاهليين وأخبارهم لم تكتب مرة واحدة ولم تحفظ في سورة بعينها، وإنما قصها الرواة في ألوان من القصص، وكتبها المؤلفون في صنوف من التأليف، وقل مثل ذلك في السيرة نفسها، فلقد ألهمت الكتاب والشعراء في أكثر العصور الإسلامية، وفي أكثر البلاد الإسلامية؛ فكتبوها من الإلهام، فصورهم صور مختلفة تتفاوت بين القوة والضعف والجمال الفني... إلى آخر ما قال.
وعلى هامش السيرة يشكك بقصص وردت في سيرة النبي صلى الله عليه وسلم كـبدر وأحد، ويشكك في نوايا الصحابة رضوان الله عليهم وأرضاهم.
ولا يكفي القرآن ولا السنة ولا التوراة ولا الإنجيل أن تذكر إبراهيم وإسماعيل، قد تكون خيالية مثل قصة جحا، هكذا يقول.
وحينما هاجم طه حسين علماء الأزهر لأنه طلب أن يدخل في الأزهر، فامتحنوه فرسب في الامتحان في القاعة الكبرى ضحى، فذهب وتعلم الأدب في الغرب وألف كتيباً اسمه " ساعة في الضحى بين العمائم واللحى " هاجم فيه علماء الأزهر هجوماً بذيئاً، وقد اجتمع علماء الأزهر لما أخرج كتابه في الشعر الجاهلي فبدءوا بتكفيره وقالوا له: لو اعتقد ما كتب فقد كفر، فبادر إلى تغيير عنوان الكتاب وسماه في الأدب الجاهلي، ولكنه لم يغير شيئاً من السموم والكفر من داخل الكتاب، وقد تصدى له عدد من العلماء والأدباء الفضلاء؛ مثل شيخ الأزهر محمد الخضر حسين، ومصطفى صادق الرافعي في تحت راية القرآن، ومحمد أحمد الغراوي في النقد التحليلي، وأنور الجندي، ومحمد مهدي استامبولي ولك أن تنطقها الإسلامبولي، وغير هؤلاء.
ومنهم: قدري قلعجي في كتابه " أبو ذر الغفاري أول ثائر في الإسلام " وكان هذا الكتاب ضمن سلسلة ألفها القلعجي تحت عنوان " أعلام الحرية " وفي هذا الكتاب يجعل دور ابن سبأ في التأليب على عثمان صحيحاً وسليماً ومشكوراً.
الرابع: علي ناصر الدين الذي سمى نفسه: " صاحب قضية العرب " فألف كتاباً عن أبي ذر الغفاري رضي الله عنه، وقد حذا حذو من سبقه في التهجم على عثمان الخليفة الراشد.
الخامس: صلاح عزام الذي أطلق على نفسه اسم: "صاحب الشباب المضنى " ألف كتاباً عن أبي ذر ملأه بالكذب والبهتان على الصحابة، وهو يحمل حقداً بلا شك.
وجوزيف إستالين؛ مجرم عدو لله الملحد الذي أباد الشعب الروسي، وسحق أبناءه بالحديد والنار، وهو صاحب مواهب خاصة أعني: خالد محمد خالد حصل على شهادة العالمية من جامع الأزهر في نهاية الأربعينيات بعد أن عاش سني دراسته في هيئة الأزهرية وكان عنده لحية في وجهه ولكن ذهبت:
لقد ذهب الحمار بأم عمرو فلا رجعت ولا رجع الحمار |
وكان عنده جبة ولبس بعدها البنطلون، ولبس البنطلون جائز، لكنه تشكل بعد الأربعينيات، وكان عنده قميص وعمامة على رأسه ولكنه خلع العمامة فيما بعد ثم استبدلها بغيرها من الهيئة الإفرنجية الحديثة، وسمح بنشر مقابلة صحفية التي أجرتها معه مجلة الكواكب زينت بصورته وهو يراقص امرأة.
نسأل الله أن يحفظنا وإياه وأن يهديه.
ظهر على الساحة الأدبية عام (1949م) كأحد الكتاب اليساريين في كتابه " من هنا نبدأ " وقد رد عليه الكتاب المسلمون، وغضبوا لله وخرجوا بأقلامهم في صبيحة غداة في يوم واحد مشهود عند الله عزوجل من الانتصارات عليه وبكتوه.
وقد أحدث الكتاب ضجة في الأوساط الدينية والأدبية لجرأة الكاتب على القيم السائدة في الأزهر، وعلى علمائه، فصودر الكتاب من الأسواق وسحب، واتهم صاحبه بالكفر، ثم ما لبث الأستاذ خالد محمد خالد أن استصدر حكماً من المحكمة المصرية بالإفراج عن الكتاب من الكفر بدعوى حرية الفكر.
ثم أكثر من الكتابة وأصدر الكثير منها له كتاب " مواطنون لا رعايا " يعرض فيها بقول الرسول صلى الله عليه وسلم: {كلكم راع وكل مسئول عن رعيته} فقال: نحن مواطنون لسنا رعية، لأن الرعية عنده مثل الغنم، يقول: نحن مواطنون فقط لسنا بغنم.
والرسول صلى الله عليه وسلم لا يريد هذا،والذي أتى باحترام الإنسان هو الرسول صلى الله عليه وسلم، والذي رفع قدره محمد صلى الله عليه وسلم.
وله " الديمقراطية أولاً " وله كتاب " الدين في خدمة الشعب " وله " الطوفان لكيلا تحرثوا في الأرض " ونشر مقالاً في جريدة قاهرية كبرى عام (1950م) أبّن فيه طاغية روسيا كما مر معنا بعنوان عريض قائلاً: طبت حياً وميتاً يا رفيق. وعلى إثر هزيمة (1967م) التي يسمونها نكسة (1967م).
فأطفأت شهب الميراج أنجمنا وشمسنا وتحدت نارها الخطب |
وقاتلت دوننا الأبواق صامدةً أما الرجال فماتوا ثم أو هربوا |
هم يفرشون لجيش البغي أعينهم ويدعون وثوباً قبل أن يثبوا |
الحاكمون وواشنطن حكومتهم اللامعون وما شعوا وما غربوا |
لهم شموخ المثنى ظاهراً ولهم هوى إلا بابك الخرمي ينتسب |
وكانت الهزيمة أمام دولة اليهود وأمام العجوز المسنة الهالكة جولدا مائير التي ضحكت على الذقون.
وكتب خالد محمد خالد بأنه اعتدل في فكره وعدل في أساليبه فالله أعلم.
وتبقى عليه الكلمات الأولى يجب أن يتخلى منها ويتبرأ منها إن كان صادقاً في توبته، ونسأل الله أن يكون صادقاً؛ فإنه كاتب ذكي مبدع إذا أراد أن يكتب، أخاذ في أسلوبه، وفي قلمه رشاقة، فإن كان كما قيل عنه فليتخل عن كتبه، فإن أهل السنة قالوا: لا بد لمن أساء إذا تاب أن يعود عن إساءته وعن كتاباته، وأن يتبرأ عن شعره وعن غنائه وعن حياته الأولى.
.
له تأليف أصول الدولة الإسلامية، وتاريخ العرب، وتاريخ سوريا وفلسطين، ومن افتراءاته قال في تاريخ العرب: ولقد تزوج النبي من نحو اثنتي عشرة زوجة بدافع الحب والشهوة -أخزى الله ذاك الكاتب- ثم سار على هذا المنوال وقال: ليس محمد إلا بشراً ومعجزته الوحيدة هي إعجاز القرآن.
وقال عن مبايعة أبي بكر: كانت مطابقة لمشروع دُبِّر بليل بين عمر وبينه وبين أبي عبيدة ليقتسموا الملك! سبحان الله! الذين لا يجد الواحد منهم خبز الشعير في الليل يقتسمون الملك.
من أغلاط فيليب حتي يقول: إن عمر جعل الدستور العسكري الاشتراكي سمواً للعروبة، كما ضمن للمؤمن الأعجمي درجة أسمى من غير المؤمن.
وقال عن الفتوحات الإسلامية: لم تكن الحماسة الدينية بين الحاجة الاقتصادية التي دفعت بمعاشر البدو الذي تكونت منهم أكثر جيوش الفتح إلى ما وراء تخوم البادية إلى الأراضي الخصبة في الشمال.
وقال عن خلافة علي: وكانت مشكلة علي الأولى هي التخلص من منافسيه، كأنه يتكلم عن أمته ومحيطه ولا يتكلم عن أناس أرادوا الله بأعمالهم.
وادعى أن السبب الذي دفع عائشة رضي الله عنها إلى الخروج ضد علي هو: حادثة الإفك لأن علياً نالها بالإفك، أعوذ بالله من الشيطان الرجيم وهو من الشياطين.
وقال عن مدى إيمان النبي صلى الله عليه وسلم: إن العقيدة في الله كانت تملأ قلبه أكثر فأكثر، وقد جعلته يرى أن الآلهة الأخرى لا وجود لها، فألغى الآلهة التي كان يؤمن بها في شبابه وجعلها إلهاً واحداً.
وقال: ومباهج الجنة هذه تتوجه إلى خيال الرجال دون غيرهم.
وقال: وادعى أنه الرسول عليه الصلاة والسلام، فكلف بتشريع الصيام، وأراد بصيامه أن يرضي اليهود الذين جاوروه في المدينة وهو الذي اخترع الصيام من نفسه.
ويقول في حروب الردة: لم تلبث أن اجتاحت بلاد العرب بأكملها ردود الردة، ولم يكن للدوافع الدينية في ذلك دور يذكر، وإنما أريد فقط التخلص من سلطة حكومة المدينة غير المريحة والدكتاتورية.
ويرجع السبب في قتال خالد بن الوليد بأنه اشتهى زوجة مالك بن نويرة فقتل زوجها ليتزوج زوجته.
ويقول: إن عثمان أصله ارستقراطي.
ومن مفترياته: إن الطقطقة العلمانية يعني: الطقطقة التي دخلت على عثمان هي التي جعلته ينحرف عن علي بن أبي طالب لأن علياً يريد أن يلغي اعتبارات عثمان، انظر الكلام.
ومن مفتريات غيرهم من المستشرقين قالوا: إن الرسول صلى الله عليه وسلم سافر مع عمه إلى سوريا مرة وتعرف في بصرى على راهب نسطوري وتلقى منه علم التوراة.
الرسول صلى الله عليه وسلم سافر للتجارة ورأى بحيرى الراهب، أما أنه تعلم فمعاذ الله، قال تعالى: وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحاً مِنْ أَمْرِنَا مَا كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلا الْأِيمَانُ وَلَكِنْ جَعَلْنَاهُ نُوراً نَهْدِي بِهِ مَنْ نَشَاءُ مِنْ عِبَادِنَا [الشورى:52].
وقال مستشرق آخر ألماني: هضم الإسلام حق المرأة حيث أعطاها نصف نصيب الرجل من الميراث، وجعل الرجل يتزوج بأكثر من واحدة إلى أربع، وجعل الطلاق بيد الرجل، ومنح الرجل سلطة ليست للمرأة، فحرمها كثيراً من الحقوق التي يتمتع بها الرجل.
وقال المستشرق نوير متسائلاً: لماذا تزوج النبي صلى الله عليه وسلم بهؤلاء النساء كلهن؟ إنها الشهوة الجنسية!
وقال هاونتو: إن الإسلام جمد المسلمين بعقيدة القضاء والقدر.
وقال بروكلمان: إن الحج مؤتمر الإسلام له فوائد، ولكن ما زالت فيه طقوس وثنية، ومن أهمها الكعبة وتقبيل الحجر الأسود، وهذه أمور وثنية.
وأنا أحذر من مقالاته ومن كتبه؛ فهو من أعدا أعداء الإسلام، وقصصه وتمثيلياته ومسرحياته كلها سخف ووقاحة، يريد أن يهون من شأن الرسول عليه الصلاة والسلام، ويعتبره في مجموع كلامه أنه أعرابي بسيط أتى يريد الملك في جزيرة العرب، هذه بعض القضايا.
.
ومنها كتاب: " موجز دائرة المعارف الإسلامية "، " دائرة معارف الدين والأخلاق " " المقالات المتعلقة بالمسلمين "، " دائرة معارف العلوم الاجتماعية "، " دراسة في التاريخ " من تأليف توينبي، " حياة محمد " من تأليف موير، " الإسلام " من تأليف جوم، " دين الشيعة " من تأليف مستشرق ألماني، " تاريخ شارل الكبير " من تأليف القس يوهاند، " الإسلام ظهر " بالفرنسية من تأليف هنري لامنس، " الإسلام تحدٍ للعقيدة " ظهر بالإنجليزية من تأليف المبشر زويمر، " دعوة المئذنة " ظهر بالإنجليزية من تأليف كنج كراج، " الإسلام اليوم " بالإنجليزية من تأليف آربري، " ترجمة القرآن " الترجمة الإنجليزية من وضع آربري وهو مختلط مختلف، " تاريخ مذاهب التفسير الإسلامي " ظهر بالألمانية، " تاريخ العرب " ظهر بالإنجليزية وطبع عدد مرات وبالعربية من تأليف فيليب حتي، " اليهود في الإسلام " ظهر بالإنجليزية من تأليف إبراهام كاش، " عقيدة الإسلام " ظهر بالإنجليزية من تأليف مستشرق ألماني الحلاج الصوفي الشهيد في الإسلام " تأليف لوي " الحرب والسلام في الإسلام " من تأليف مجيد قدوري، إلى غيرها من الكتب التي أحذر منها الناشئة والشباب إلا من وثق من نفسه رشداً وعلماً وثقافة.
أولاً: أن التاريخ الإسلامي ما زال بحاجة إلى إعادة صياغة.
الثاني: إن أقرب التواريخ عندنا الآن:
" تاريخ الإسلام " للذهبي؛ الحافظ، العدل، الإمام، الثقة، فإنه مؤرخ الإسلام، وهو أقرب تاريخ إلى الصواب.
الثاني: " البداية والنهاية " لـابن كثير.
ونحو هذه الكتب، وإن أعظم وثائق التاريخ لهو القرآن الكريم ثم كتب السنة.
إن علينا أن نتثبت من الروايات التي يكتبها مثل هؤلاء الكتبة من المغرضين، أو من تتلمذ على المستشرقين، أو ممن يحمل فكراً معادياً للإسلام كملاحدة العرب وماركسيي العرب، وقوميي العرب، وبعثيي العرب، وثوريي العرب، فإن هؤلاء يجب علينا أن نعلم أنهم لن ينصحوا لله ولا لرسوله في كتابة التاريخ.
ثم إني أطالب الجيل إذا رأوا مقولة مشوهة أو مستغربة فإن عليهم أن يراجعوا أهل العلم في ذلك، ويستشيروهم في صحتها وفي ثبوتها وألا ينشروها في الناس.
ونطالب أيضاً بإبادة هذه الكتب، ولا يسمح بنشرها وأن تزال من أفكار الأمة ومن ضمائر الجيل، حتى يبقى على صفاء عقدي وفكري ومنهجي، ويكون على استقامة تامة.
الأغلاط كثيرة وربما يكون هناك أوهام وموضوعات تعرض -إن شاء الله- بتفصيلٍ؛ فإن هذا أشبه بعموميات.
ونسأل الله لنا ولكم التوفيق والهداية.
القضية الأولى: اليوم المنصرم هو اليوم الثامن من المحرم فيما ظهر لكثير من العلماء وليس اليوم التاسع؛ فمن أراد أن يصوم فليصم غداً وبعد غد أو بعد غد وبعده. التاسع والعاشر، أو العاشر والحادي عشر، ولا يظن أن من صام اليوم أنه قد خسر بل قد باعد الله وجهه عن النار سبعين خريفاً، فهنيئاً لمن صام اليوم ولا يندم على ذلك ولا يأتينا بقصة الأعرابي التي كررناها كثيراً، ولا بأس من تكرارها.
أعرابي مرض له حمار، فنذر وعاهد الله إن شفى الله حماره أن يصوم سبعة أيام، فشفى الله حماره فصام سبعة أيام، فلما انتهت السبعة مات الحمار. فقال: يا ربِّ تفعل كذا، لو أمت الحمار قبل أن أصوم، والله لأحتسبنها من رمضان، فصام من رمضان 23 يوماً.
ذكر هذه القصة ابن الجوزي في كتاب " الحمقى والمغفلين " فلا يندم أحد ولا يحتسب هذا اليوم من رمضان، بل يحمد الله أن أعانه على صيام هذا اليوم، لأن بعض الناس عندما قلت: اليوم ثمانية. قالوا: الله المستعان! أي: لأنه صام اليوم.
القضية الثانية أيها الإخوة: عرض عليَّ بعض الأخيار أن عليه ديوناً وعليه وله متطلبات، وقد اطلعت على أحواله، وأصيب بحادث سيارة هذا اليوم، أذهب الحادث سيارته، ونجا هو وأهله، وليس عنده شيء.
مساعدة المسلم أمر مهم، وأنا لا أذكر اسمه فهو متعفف، لكن قضية أن نقف مع المسلمين وأن نقدم العون لهم أمر مطلوب وواجب شرعي، فمن عنده خير وأراد أن يساهم في الخير فليضعها عند الإخوة الذين بالباب.
الجواب: وهذا كتاب لا بأس به نبه على الخزعبلات التي في كتاب "الأغاني " لـأبي الفرج الأصبهاني.
الجواب: أوصيهم بتقوى الله، وأوصيهم كذلك أن يعرضوا التاريخ الإسلامي عرضاً إسلامياً مؤمناً، وأن يربطوا بين الكتاب والسنة وبين التاريخ؛ فإن في التاريخ عبر لمن أراد أن يعتبر، ولا يلقونه كمعلومات مجردة فحسب.
هذه أهم القضايا في هذا الدرس هذه الليلة.
وأسأل الله لي ولكم التوفيق والهداية والعون والسداد.
وصلى الله على محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً.
من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر