الحمد لله الذي كان بعباده خبيراً بصيراً، وتبارك الذي جعل في السماء بروجاً وجعل فيها سراجاً وقمراً منيراً، وهو الذي جعل الليل والنهار خلفة لمن أراد أن يذكر أو أراد شكوراً، أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، بعثه الله هادياً ومبشراً ونذيراً، وداعياً إلى الله بإذنه وسراجاً منيراً، بلغ الرسالة، وأدى الأمانة، ونصح الأمة، وجاهد في الله حتى أتاه اليقين، وصلى الله على حامل لواء العز في بني لؤي، وصاحب الطود المنيف في بني عبد مناف بن قصي، وصاحب الغرة والتحجيل، المذكور في التوراة والإنجيل، وعلى آله وسلم تسليماً كثيراً.
فسلام الله عليكم ورحمته وبركاته، وما دام أن الحسن ثلاثة، فأتقدم وأنثر على رءوسكم باقة من الشعر ثلاثة أبيات، ولكنها لا تعبر إلا عن الحب والوداد والصفاء وتعبر عن الإيمان وعن الحب والطموح.
إن كان من شكر فلله الواحد الأحد، ثم لأهل الفضل؛ لأنّا أمة نقول للمحسن: أحسنت، وللمسيء: أسأت، فقد أحسن هذا النادي يوم جعل من رسالته الدعوة إلى الله تبارك وتعالى، وأعلن تفوقه في عالم الإيمان ليقول للناس: إن الرياضة بلا إيمان ملعبة، وإن القلب بلا إيمان كتلة لحم ميتة، وإن العين بلا إيمان مقلة عمياء، وإن اليد بلا إيمان إشارة شلاء، وإن الكتاب بلا إيمان كلام مصفف، وإن القصيدة بلا إيمان كلام ملفف، فلا حياة إلا بالإيمان، ما جئنا لنلعب وما جئنا لنهدي إلى العالم الرياضة، فهم الذين أهدوا لنا الرياضة ولكن جئنا لنعيد الرياضة باسم الإيمان، وندخلها إلى العالم بالإيمان، ونعلم العالم أننا أمة الإيمان والحب والطموح.
وعنوان هذا اللقاء المفتوح: السراج المنير وهو محمد عليه الصلاة والسلام، والله وتالله، وايم الله ما طرق العالم أفضل منه، ولا أنبل ولا أعدل ولا أجل منه أبداً، يعلم ذلك من يعلمه، ويجهله من يجهله هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولاً مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ [الجمعة:2].
يا أمة كانت ضائعة قبل الإسلام، هو الحديث الليلة عن رسولكم الذي أتى بالإسلام.
يا أمة كانت تلعب بالعرض والدم والنار! هذا هو رسولكم صلى الله عليه وسلم يذكر هذه الليلة.
تربية لأبي بكر وعمر
من جعل
أبا بكر الصديق يصبح أول خليفة يبايع على الكتاب والسنة فتبكي القلوب قبل العيون؟ من جعل
عمر بن الخطاب يقف ببردته الممزقة يوم الجمعة، وبطنه يقرقر من الجوع، فيقول لبطنه: [[
قرقر أو لا تقرقر، والله لا تشبع حتى يشبع أطفال المسلمين!]]؟
من جعل كسرى وقيصر الذين حكما أكبر دولتين في الأرض إذا ذكر عمر بن الخطاب في دواوينهم أغمي عليهم؟
اليوم وفي هذه الليلة، أريد أن أتحدث عنه صلى الله عليه وسلم، لكن أصابني الدهش، وأصابني الذهول من أين أبدأ؛ وفي أي مكان أنتهي؛ وفي أي باب ألج إلى عظمته صلى الله عليه وسلم؟!
إنني لا أتحدث عن عظيم فحسب، بل معلم للعظماء ولا عن عالم فحسب، بل أستاذ للعلماء، ولا عن أديب فكفى، بل مخرج للأدباء.
أي عظيم للدنيا أو مصلح، إنما هو ورقة من شجرته عليه الصلاة والسلام:
عقبة بن نافع رباه النبي صلى الله عليه وسلم
الرسول عليه الصلاة والسلام أدهشتني وأدهشتكم عظمته ولا تدهش إلا من يؤمن بالله رباً، وبالإسلام ديناً، جباهنا كانت في الأرض مدسوسة قبل مبعثه، فلما بعث رفع جباهنا، وانطلقنا بعد خمسٍ وعشرين سنة على الجبال وعلى المحيطات نرفع لا إله إلا الله، وقف عقبة بن نافع بفرسه على المحيط الأطلنطي يقول للماء: يا ماء! أوراءك أرض؟ والله، لو أعلم أن وراءك أرض لخضت البحر إليها لأنشر اسم الله العظيم هناك....
ربعي بن عامر
قصة محمد بن واسع
والعنصر الأول: كيف عرض صلى الله عليه وسلم دعوته للناس.
أولاً: عرض دعوته بأساليب ثلاثة، بالأصالة والعمق، واليسر والسهولة بلا تعقيد.
إننا إذا تكلمنا مع الناس في الدعوة والعلم اليوم، نطنطن بالكلام ونرجف بالحديث، نأتي بكلام فوق المستوى، نقول للناس: العقيدة تنطلق من أطر وتنبثق في بوتقة، وتنصهر في بوتقة، ولا يعرفون الأطر ولا يعرفون الانبثاق، ولا يعرفون البوتقة.
قصة ضمام بن ثعلبة
قصة الأعرابي الذي أخذ ببرد النبي صلى الله عليه وسلم
الرسول عليه الصلاة والسلام في مجلس آخر يتكلم مع الصحابة، وفجأة دخل أعرابي، يأتي إلى أكرم من خلق الله، وإلى أعظم من عبد الله وأكرم من أوجد الله فيسحبه ببردته -والحديث في
الصحيحين - وبردته صلى الله عليه وسلم كانت نجرانية حاشيتها غليظة، فأثر ذلك برقبته، سحبه سحباً، فالتفت إليه صلى الله عليه وسلم غير مغضب، كان وجهه بساماً، إن وجهه طليق، يقول
جرير بن عبد الله في
صحيح البخاري: {
ما رآني صلى الله عليه وسلم إلا وتبسم في وجهي} هكذا يكون المسلم، وهكذا تكون الدعوة؛ قيل لأحد العلماء: ما هو السحر الحلال؟ قال تبسمك في وجوه الرجال. وأحد الشعراء يذم قوماً بانقباض الوجه وبالغضب وبالتزمت، ويمدح قوماً ببسطة الوجه فيقول:
نعود إلى الحديث: أنه دخل أعرابي على رسول الله صلى الله عليه وسلم فسحبه ببردته؛ فالتفت صلى الله عليه وسلم، يضحك كما في رواية أنس سبحان الله! لا تغادره البسمة حتى في هذا الموقف، أي نعم؛ فقال أعطني -والكلام أسوأ من الفعل- قال: أعطني من مال الله الذي عندك لا من مال أبيك ولا من مال أمك، ما هو الداعي لجرح الشعور؟ لماذا يفترض هذه الأسئلة؟ فهمَّ الصحابة أن يقتلوه، وعمر متهيء وجاهز كل لحظة أن يقتله، كان عمر رضي الله عنه وأرضاه، إذا رأى رجلاً يخالف، قال: يا رسول الله! دعني أضرب عنقه، ولو فتح له صلى الله عليه وسلم الباب لقتل نصف الناس، لكنه صلى الله عليه وسلم يهدئ ويقول: دعه يا عمر! ويأخذه صلى الله عليه وسلم إلى بيته، فيعطيه ثياباً وحباً وزبيباً؛ لأنه ما أراد حباً وإيماناً وطموحاً، فلما أعطاه قال: أحسنت إليك؟ قال: نعم. جزاك الله من أهل وعشيرة خيراً، قال: اخرج إلى أصحابي وأخبرهم بما فعلت بك ليذهب ما يجدونه في صدورهم عليك، فخرج وقال أمام الصحابة: أحسنت إليك يا أعرابي؟ قال: نعم جزاك الله من أهل وعشيرة خيراً، ثم عاد إلى قبيلته وقال: أيها الناس! أسلموا، فإن محمداً صلى الله عليه وسلم يعطي عطاء من لا يخاف الفاقة -أو الفقر- فأسلموا عن بكرة أبيهم، فيقول صلى الله عليه وسلم محللاً القصة، ومعلقاً على الحدث أتدرون ما مثلي ومثلكم ومثل هذا الأعرابي؟ قالوا: لا ندري، قال: كرجل كانت له دابة فرت منه، فأخذ يلاحقها فلما رأى الناس هذا الرجل يلاحق الدابة، ذهبوا يبحثون عن الدابة فما زادت إلا فراراً، فقال لهم: يا أيها الناس! اتركوني ودابتي، فإني أعلم بها فأخذ شيئاً من خضار الأرض ولوح للدابة به فأتت وربطها واستسلمت له، فلو تركتكم وهذا الأعرابي لكفر ودخل النار، قال الله تعالى: فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظّاً غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ [آل عمران:159].
الأصالة والعمق في دعوته صلى الله عليه وسلم
يا أيها المسلمون! يا شباب الصحوة! يا روافد الخير! يا طلعات اليُمن! يا من حمل أجدادهم لا إله إلا الله، محمد رسول الله للبشرية! يا من قال فيهم شاعر الإسلام
محمد إقبال وهو يحييهم:
يا أيها الشباب الصاعد! ويا أيها الشيوخ المقبلون على الله! يا أيتها الفتاة التي عرفت إيمانها وحبها وطموحها! أقرب الطرق إلى الله طريق العبادة، مدح الله الأنبياء فختم مدحهم فقال: وَكَانُوا لَنَا عَابِدِينَ [الأنبياء:73] وأصلح زوجة زكريا له فبماذا أصلحها؟ لأنه طويل أو عريض أو بدين أو سمين، لا والله، قال: وَأَصْلَحْنَا لَهُ زَوْجَهُ [الأنبياء:90] السبب: إنهم كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَباً وَرَهَباً وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِينَ [الأنبياء:90] حفظ الكنز على الولدين في سورة الكهف فقال: وَكَانَ أَبُوهُمَا صَالِحاً [الكهف:82] فحفظ الله الكنز، لأن أباهما كان صالحاً.
النبي صلى الله عليه وسلم يوصف ويمدح بالعبادة لله
ميزة العبادة عند النبي صلى الله عليه وسلم
تميزت عبادته صلى الله عليه وسلم بثلاث خصائص:
أولها: اليسر وهي في الدعوة كذلك.
ثانيها: الجودة، قال تعالى: لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً [الملك:2] وجد من الناس من يصلي في اليوم خمسمائة ركعة، غلاة الصوفية صلوا خمسمائة ركعة، لكن بعضهم كان ينام واقفاً، يصلي ويصلي حتى ينعس واقفاً، وهذه ليست عبادة، يقول ابن الجوزي في تلبيس إبليس: مروا على رجل يصلي الفريضة من الصوفية وهو ينعس قالوا: مالك؟ قال: ما نمت البارحة، أصلي النافلة، قال له أحد العلماء: أتسهر في نافلة حتى تنعس في فريضة؟ وذكر الخطابي في كتاب العزلة: أن أحد غلاتهم وجهلتهم حجب عينه بورقة، قالوا: مالك؟ قال: إسراف أن أنظر بعينين إلى الدنيا.
هذا هو فقه العجائز، فقه عجائز نيسابور، هذا هو الورع البارد، يقول: إسراف أن أنظر بعينين إلى الدنيا، والله يقول وهو يمتن على العبد: أَلَمْ نَجْعَلْ لَهُ عَيْنَيْنِ. وَلِسَاناً وَشَفَتَيْنِ. وَهَدَيْنَاهُ النَّجْدَيْنِ [البلد:10] فكيف يجعل الله له عينين وهو يريد عيناً واحدة، إنه الجهل، فميزة عبادته صلى الله عليه وسلم، الجودة مع اليسر.
والمسألة الثالثة: مراعاة الأحوال:
فكانت ميزته في الجهاد جهاداً، وفي الصلاة خشوعاً، وفي الذكر اطمئناناً وسكينة، وفي التعليم تفهيماً.
بكاء النبي صلى الله عليه وسلم من خشية الله
جانب الصبر في حياة المصطفى صلى الله عليه وسلم
أما جانب الصبر في حياته -وهذا هو الجانب الذي يريده الداعية والشاب- فالصبر لا أحسن منه.
قيل لـابن تيمية شيخ الإسلام: بم تنال الإمامة في الدين؟ قال: بالصبر واليقين، قال تعالى: وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا وَكَانُوا بِآياتِنَا يُوقِنُونَ [السجدة:24] قال الإمام أحمد: بحثت عن الصبر في القرآن، فوجدته في أكثر من تسعين موضعاً.
الصبر ما أحسنه! لو كان رجلاً لكان حكيماً، ولو كان شجرة لكانت يانعة القطاف، ولو كان زهرة لكانت طيبة الشذى، الصبر زادك إلى لقاء الله، وهو ثلاثة أقسام:
صبر على الطاعة، وصبر عن المعصية، وصبر على المصائب.
وأصبر الناس محمد عليه الصلاة والسلام، تضرب بناته في أول الرسالة والدعوة فيصبر، ويقول الله له: فَاصْبِرْ صَبْراً جَمِيلاً [المعارج:5] فيصبر ويتبسم، لأن الله يقول له: فَاصْبِرْ صَبْراً جَمِيلاً [المعارج:5] يحوط عليه الكافر المستعمر من يهودي ومشرك ومنافق في الأحزاب، فيتبسم لأن الله يقول له: فَاصْبِرْ صَبْراً جَمِيلاً [المعارج:5].
والصبر سوف يطول بنا ولكني أخرج من هذا الحديث إلى مسائل:
أولها: يا أيتها الأمة الخالدة! التي عاشت بالجهاد! وعاشت بالتضحية.
اتباع النبي صلى الله عليه وسلم هو طريق النجاح والفلاح
يا أيتها الأمة! يا أيها الرجال الأبرار! يا أيتها النسوة التي يردن الله والدار الآخرة! أدعوكم في هذه الجلسة، وهو سر الحديث، وبيت القصيد في هذا الحديث إلى اتباع محمد عليه الصلاة والسلام.
أرض لم تشرق عليها شمس رسالته أرض ملعونة، قلب لا يصله النور قلب مغضوب عليه، فيا أيها الناس كافة ذكراناً وإناثاً! قدوتكم محمد عليه الصلاة والسلام، والله لا تدخلوا الجنة حتى تتبعوه، وحتى تدخلوا من بابه وحتى تأتوا من سنته.
يا من عطل سننه، أخذ شيئاً وترك شيئاً، لقد أخطأت خطأ بيناً.
إن الكمال في اتباعه، وإن الجلال في الاقتداء به، السمو والجمال والعظمة في جعله قدوة.
يأتون إلى رجل قزم -ملحد فاجر- كـهتلر ونابليون فيذكرون تاريخه، ويذكرون سموه وعبقريته، وحبه وإيمانه وطموحه، وهو لا حب ولا طموح ولا إيمان، خسيس من الأخسة، مجرم من المجرمين، سفك الدماء، ولعب بالأعراض، وينسون محمداً عليه الصلاة والسلام، الذي أنقذ الله به البشر، وهدى به الإنسانية.
يا رب! أشهدك وأشهد من حضر هذه الليلة، أننا لا نعلم مصلحاً أعظم من رسولك صلى الله عليه وسلم، وأننا نخبر الناس جميعاً أن من أراد الجنة فليسلك طريقه عليه الصلاة والسلام.
الرسول عليه الصلاة والسلام، يوم يقف في البيت ليعلم أهل البيت أنه رسول للبيت، ويقف على المنبر خطيباً ويعلم الخطباء أنه رسول للخطباء، وللمجاهدين أنه للمجاهدين، وللقادة والساسة أنه قائد ومعلم لهم.
ويا أيتها المرأة! قدوتك رسول الله صلى الله عليه وسلم، يوم ربى عائشة ويوم ربى أسماء، وزينب.
يأتي إلى عائشة فيربيها بالقرآن صلى الله عليه وسلم، ويأتي إلى ابنته فاطمة فأول ما يرضعها التوحيد.
يا من ربى ابنته وطفلته على الموسيقى والأغنية الماجنة، لقد هدمت بيتك ومستقبل أطفالك، ولعبت على البشرية وضحيت بمستقبل الأمة، إن فاطمة بنت الرسول عليه الصلاة والسلام، سقاها صلى الله عليه وسلم التوحيد مع اللبن، يقول محمد إقبال في فاطمة:
أي جيل ذاك الجيل؟! إن من يربي بيته على التوحيد، ومن ينقذ بيته من الضلالة ويرده إلى الإيمان، هو من أعظم المصلحين في العالم: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلائِكَةٌ غِلاظٌ شِدَادٌ لا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ [التحريم:6].
يا من يصلي الصلوات الخمس.. ووضع يده على صدره وترك بيته تعشعش فيه الشياطين وتفرخ، والأبالسة! أي رسالة أديتها للإسلام؟ يا من سمح بالأغنية الماجنة تعصف في البيت بدل القرآن الكريم وسورة طه ومريم! أي صلاة تصليها؟
يا من سمح للمجلة الخليعة المتهتكة أن تسكن بيته، وأتى ليصلي وأبدل مكان المصحف المجلة! أي صلاة تصليها؟
يا من ترك أبناءه مع كل من هب ودب وتركوا الإيمان والحب والطموح والرسالة، أي صلاة تصليها؟
التربية على الاقتداء بالنبي صلى الله عليه وسلم وحبه
يا أيها المسلمون! يا أمة لا إله إلا الله! نحن لا نعترف بالدروشة، الإسلام عميق يجعلك مسلماً في البيت وفي السوق وفي البقالة وفي المكتب وفي الوظيفة، هذه حياة المسلم، وهذه أصالته.
ويا أيتها الأم التي أرضعت طفلها اللبن: أرضعيه لا إله إلا الله محمد رسول الله، أرضعيه الإيمان والحب والطموح، لينشأ مسلماً {كل مولود يولد على الفطرة، فأبواه يهودانه أو ينصرانه أو يمجسانة} أنتِ المسئولة، والله لو علَّمت طفلك الإيمان، ما زاغ وما ألحد ولا أصبح حداثياً زنديقاً.
والله لو علمته الإيمان، ما تفسخ وفسق وعهر وتفلت عليك وعلى أبيه وعلى البيت.
والله لو لقنته الإيمان لخرج باراً رشيداً عاقلاً مسلماً جبهته في السماء، والله لو لقنته الإيمان لخرج داعية تبكي تحت أرجله أعواد المنابر، ينفع الإسلام والمسلمين، وينفع المستقبل الذي هو لهذا الدين.
وأنت أيها الأب! أنت بعكازتك لا تجدي ولا تربي، إن الضرب لا يدخل به التوحيد للقلوب، وإن الحبس لا يعلم به الناس الإسلام، وإن السوط والحديد ليس من منهج الأنبياء والرسل، إن معنى الإسلام أن تدخل الإسلام والحب والطموح فتغرسه في صلاتك وصدقك وأمانتك ووضوحك.
قل لي بالله أيها الأب! كيف تصلي وتقبع كالعجوز في بيتك، والمسلمون أعلنوا تفوق الإسلام يوم صفوا الصفوف في المسجد، تعال إذا سمعت الله أكبر الله أكبر فأثبت إيمانك بالدخول إلى المسجد، وإن لم تفعل فقد أثبت فشلك وانهزاميتك، وفي صحيح مسلم عن ابن مسعود: [[أن رسول الله صلى الله عليه وسلم علمنا سنن الهدى، وإن الصلاة من سنن الهدى، والله لقد رأيتنا وما يتخلف عنها إلا منافق معلوم النفاق، ولقد رأيتنا يؤتى بالرجل من المرض يهادى بين الرجلين حتى يقام في الصف]] مريض، لكنه ما استطاع أن يصلي في البيت.
فيا شباب الإسلام! يا أهل العضلات! يا أهل الأوقات! يا أهل المطعومات والمشروبات، والفلل والمركوبات! هذا هو الإسلام في المسجد، إسلام صفوف، إسلام إعلان وعمل: وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ [التوبة:105].
عامر بن ثابت بن عبد الله بن الزبير، كان يرفع كفيه مع كل صباح، قالوا: مالك؟ قال: أسأل الله الميتة الحسنة؟ قالوا: ما هي الميتة الحسنة؟ قال: أن يتوفاني ربي وأنا ساجد، فحضرته سكرات الموت في صلاة المغرب وهو في البيت، فسمع أذان المغرب، قال: احملوني إلى المسجد، قالوا: أنت في سكرات الموت والله عذرك.
قال: سبحان الله! أسمع حيَّ على الصلاة حيَّ على الفلاح ولا أجيب داعي الله! لا والله.
فحملوه على الأكتاف، هذا هو الحب والإيمان والطموح، وأنزلوه فصلى مع الناس، فلما أصبح في آخر سجدة قبض الله روحه فسبحان الله.
يقول سعيد بن المسيب: [[الحمد لله: والله ما فاتتني تكبيرة الإحرام في جماعة منذ أربعين سنة]] هنيئاً لك وحياك الله، هذا هو الإيمان والحب والطموح.
يقول الأعمش سليمان بن مهران راو في الصحيحين سماه الذهبي: شيخ الإسلام، يقول لأبنائه وهم يبكون عليه: ابكوا أو لا تبكوا، والله ما فاتتني تكبيرة الإحرام مع الجماعة ستين سنة.
رحمك الله، والله لقد أحسنت إلى نفسك وما أحسنت إلا إلى نفسك.
نعم. من تردى تردى على نفسه، ومن أحسن أحسن إلى نفسه، فهنيئاً لأولئك الملأ.
سعد بن أبي وقاص يقول عنه الذهبي لما حضرته الوفاة، من الذي لا يعرف سعداً، الذي لا يعرف سعداً كأنه لا يعرف شيئاً.
أحد العشرة المبشرين بالجنة، الذي دكدك إمبراطورية كسرى، دخل المدائن فلما رأى إيوان العمالة والضلالة والدجل، قال: الله أكبر فانصدع الإيوان، وأخذت تدمع عيناه ويقول: كَمْ تَرَكُوا مِنْ جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ * وَزُرُوعٍ وَمَقَامٍ كَرِيمٍ [الدخان:25-26] سعد بن أبي وقاص الذي يقول: يا رسول الله! ادع الله أن أكون مستجاب الدعوة، قال: {يا سعد أطب مطعمك تكن مستجاب الدعوة} ثم قال عليه الصلاة والسلام له: {اللهم أجب دعوته وسدد رميته} فحضر غزوة أحد -والحديث في الصحيحين - كان يأتي بأسهمه في أحد إلى الكفار فيطلق السهم فلا يقع إلا في عين كافر، لأنه مسدد الرمية، فانتشى عليه الصلاة والسلام، وفرح وأخذ يتبسم ويعطيه الأسهم، ويقول: {ارم سعد فداك أبي وأمي}.
هؤلاء أبطال الإسلام، سعد لا بأس أن أقف معه قليلاً:
حضرته الوفاة وهو في الغابة أو في الصحراء، فبكت ابنته عائشة، فقال: {ابكي أو لا تبكي، والله إني من أهل الجنة}.
قال الذهبي: صدقت هنيئاً لك.
ونحن نقول: نشهد بالله أنك من أهل الجنة؛ لأنها بشهادة المصطفى صلى الله عليه وسلم.
إن تاريخاً ليس فيه محمد ولا أصحابه، تاريخ وثنية وتاريخ تخلف، وتاريخ ملعون.
يقول الذهبي في ترجمة ابن الراوندي الفيلسوف المحسوب على الإسلام، قال: بسم الله الرحمن الرحيم، ابن الراوندي الكلب المعثر ابن الراوندي الملحد، لأن ابن خلكان ترجم لـابن الراوندي فذكر أدبه وشعره ونسي عمالته، وضلالته وإلحاده، فيقول ابن كثير: ابن خلكان، ترجم لـابن الراوندي وترك إلحاده كأن الكلب ما أكل له عجيناً، ما كأنه اعتدى على حرمات الإسلام، ولذلك نأتي الآن نصفق للأدباء وهم ضلال زنادقة، ونمدح كثيراً من المغنيين وهم الذين أفسدوا الأمة، وما قدموا لها شيئاً، هم الذين سفكوا دم الأمة، وأذهبوا مروءتها، وهم الذين أخذوا لباسها وجلالها وعظمتها، إي والله، هذا هو المعهود، ولذلك يأتي ابن سيناء في بعض الأقسام العلمية، فيقولون: قسم ابن سيناء، ابن سيناء فرخ من فروخ الصابئة، وذنب من أذناب المجوس، يقول ابن تيمية عن كلمة عنه: إن كان صح عنه ما يقول، فعليه لعنه الله والملائكة والناس أجمعين.
هذا ابن الراوندي ألف كتاب الدامغ على القرآن، قال الذهبي: كان ذكياً، نعم. من أذكياء العالم، لكنه قال: لعن الله الذكاء بلا إيمان، وحي الله البلادة بالتقوى، بليد مؤمن أحسن من ذكي عبقري كافر، لأن الكافر في مسلاخ الحمار والكلب، أرأيت الحمار والكلب هو لا يقدم خيراً لنفسه، ولا لأمته.
فيا أيتها الأمة! كيف نجعل من الرسول صلى الله عليه وسلم قدوة؟
أن نلقن أبناءنا حب الرسول صلى الله عليه وسلم ونعلمهم بعظمة الرسول صلى الله عليه وسلم.
حدثني بعض الإخوة أن في البوادي في بلادنا من يأتون إلى كتاب عنترة بن شداد، بدو فيدرسون أبناءهم على السرج سيرة عنترة بن شداد ماذا فعل عنترة بن شداد؟ أسك أصم لا يعرف شيئاً، كان يذبح ويجلد بلا شريعة وثني، فيعلمونه فينشأ هذا الطفل وأعظم شخصية عنده في الحياة عنترة بن شداد، والجارية تودد والزير سالم، والجساسة، وفلانة وفلانة خزعبلات... لماذا؟
لأنهم ما وجدوا من الدعاة الذين يعرضون لهم الدعوة في البوادي، نحن اشتغلنا بالماجستير والدكتوراه، نقابل بين نسخة بولاق، ونسخة دار الشروق، وضاعت الأمة، بين بياض بالأصل، بل سواد في الأصل -أنا لا أقول: إن هذه الرسالة لا تنفع، بل هي مطلوبة وجديرة، ولكن من لتعليم الأمة؟ ومن لتعليم الجهاد؟ من لهؤلاء البدو الرحل لإخراجهم من الضلالات والجهالات وتعليمهم الوضوء؟
إذا أتينا نحاضر البدو قلنا: تنطلق دعوة الإسلام وديكتاتورية الدعوة في الإسلام من أطر، لا يفهمون الأطر، ولا ديكتاتورية ولا بوتقة، يفهمون (قال الله، وقال رسوله صلى الله عليه وسلم) الحديث طويل وطويل، ولكن للأسئلة مكان ولها دور، وخير المتكلمين من سكت والناس يقولون: ليته يتكلم، وشر المتكلمين من يتكلم والناس يقولون: ليته يسكت، فأعوذ بالله أن أكون من الثاني.
فشكر الله لكم:
سبحان ربك رب العزة عما يصفون، وسلام على المرسلين، والحمد لله رب العالمين، وصلى الله على محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً.
حكم الجهاد في أفغانستان
السؤال: هل الجهاد في
أفغانستان فرض كفاية أم فرض عين؟ وما هو قول الشيخ فيمن تبع فتوى الدكتور
عبد الله عزام؟ وهل هو برضا الوالدين أو بغير رضاهما؟
الجواب: سلام على الجهاد والمجاهدين، وسلام الله على المجاهدين الأفغان، الذين افترشوا الأرض والتحفوا السماء، الذين أعلنوا: إن القوة للإسلام والعظمة لهذا الدين، الذين ذلوا الكافر أمام شعوب الأرض:
أما الجهاد في أفغانستان يطلب من كل مسلم، وأنا لا أدخل في فرض العين، ولا في فرض الكفاية، لكثرة التذبذب والصراع بين أهل العلم وأهل الفكر في ذلك، ولا نزيدها شيئاً.
إنما أنا أدعو إلى الجهاد، أما قول الشيخ عبد الله عزام، أنه لا يستأذن من والديه، فالشيخ نجله ونحبه لأنه قال وفعل وصدق، وكثير من الناس يقول ولا يفعل، أما هو بنفسه وماله وأهله ذهب إلى هناك، وأما بدون إذن الوالدين فليس بصحيح، بل النصوص تدعو إلى إذن الوالدين، إنسان يذهب ويترك أباه وأمه يبكيان في البيت، إنسان يرمل أسرته وليس لهم عائل بعد الله إلا هذا، ليس بجهاد { ففيهما فجاهد} والحق لا بد أن يقبل بالدليل، قال تعالى: قُلْ هَلْ عِنْدَكُمْ مِنْ عِلْمٍ فَتُخْرِجُوهُ لَنَا إِنْ تَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَإِنْ أَنْتُمْ إِلَّا تَخْرُصُونَ [الأنعام:148].
فلا بد من الدليل ولا دليل، والشيخ نحترم رأيه، لكن هذا نقوله بإذنه سبحانه والعون من الله -أنه لا بد من إذن الوالدين، فإذا لم يأذن الوالدان فلا جهاد.
لا حضارة للعرب قبل الإسلام
السؤال: قلت في بداية حديثك: إنه ليس للعرب حضارة قبل الرسول صلى الله عليه وسلم، وكذلك هناك كتاب يقولون غير ذلك، فما موقفنا من هؤلاء الكتاب من الناحية العامية والتاريخية؟
الجواب: قبل أن أجيب على السؤال الثاني، أناديكم أيها الإخوة! أن تقفوا من الجهاد الأفغاني موقف المناصر من لم يستطع أن يجاهد بنفسه فبماله، ومن لم يستطع بماله، فبالدعاء في ساعة الجمعة، وفي أدبار الليل، وفي السحر، وفي أدبار الصلاة.
وانتصار المجاهدين انتصار المسلمين، ورفع لا إله إلا الله، وبذل المال والتضحية به في سبيله سُبحَانَهُ وَتَعَالَى.
أما ما ذكر الأخ أنني قلت: إنه ليس للعرب حضارة، فأنا أعني الحضارة التي كانت مفهومة ذلك الوقت عند الناس، حضارة اليونان، حضارة فارس، أما الشذر والمذر الذي ذكره الأخ، أنهم كانوا يقولون شعراً أو أدباً، فهذا ليس بحضارة، امرؤ القيس يقول في نجد قصيدة، ويأتي الغطفاني ويقول قصيدة أخرى، وزهير في أرض الحجاز يقول قصيدة ثالثة، هذه ليست بحضارة، أُمة لم تعرف الرقي ولا الأدب ولا السلوك، ولا التطور، ولا الثقافة، ولا المنهجية ولا النظام ليست بأمة متحضرة، يقول رستم وهو ينظر إلى جيش المسلمين قبل القادسية، ينظر إليهم صفوفاً وهم ثلاثون ألفاً، يصلون وراء سعد، يعض أصابعه رستم ويقول: علم محمد الكلاب الأدب.
قضايا في الرياضة
السؤال: بماذا تنصح لاعبي الكرة جميعاً ومن يلعبون الرياضة، وقد وردت أسئلة في هذا المنوال كثيرة، ويتعلق بعضها بما هو السروال الذي يتمشى مع الشريعة الإسلامية في لبسه في أثناء تأدية الرياضة، وهل تنصح بمزاولة الرياضة للشباب المسلم؟
الجواب: هذا السؤال ذو شقين، أما أهل الرياضة، فأنا أناديهم من هذا المكان الطاهر ومنهم من هم معي خاصة المشرفين على نادي الفتح، ومن أمثالهم من الأندية أن يتقوا الله في رسالتهم، وألا يجعلوا الغايات وسائل والوسائل غايات، أنا قلت في أول الحديث: إن الرياضة ليست غاية للمسلمين، هي وسيلة، وأسألهم بالله أن يدخلوا الإيمان مع الرياضة ومع الأدب لنبقى مؤمنين، لا عب مؤمن لا بأس به بالشروط، أما من ناحية ما يلاحظ على الأندية، فكأن الملاحظات تدور على ثلاثة أوجه:
الولاء والبراء: ففي كثير من الأندية يكون الولاء والبراء للنادي، حتى يوالي ويعادي عليه أكثر من ولائه لله القهار ومن عدائه لأعداء الله، أصبحت حياته للنادي، يموت له ويعيش له، يقول: أنا مع النادي حتى الموت، وهذا ليس بوارد، أنت مسلم أنت مؤمن، أنت تحمل رسالة، فأما أن توالي وتعادي على النوادي، فالولاء والبراء عقيدة من عقيدة أهل السنة والجماعة لا تصرف لغير الله، وصح عنه صلى الله عليه وسلم، أنه قال: {من أحب لله، وأبغض لله، وأعطى لله، ومنع لله، فقد استكمل الإيمان}.
المسألة الثانية: لوحظ في بعض الأندية ترك الصلاة والعياذ بالله، أو تأخير الصلاة عن وقتها، وهذا منكر وإثم عظيم.
والمسألة الثالثة: اللباس، اللباس الساتر في الإسلام لعورة الرجل والتي أتت به الأحاديث من السرة إلى الركبة، أما بعض العلماء يوم قال العورة المغلظة، فنحن لسنا في المغلظة الآن فَبَدَتْ لَهُمَا سَوْآتُهُمَا [طه:121] في وقت كان يلومهم الله على هذا لأن الخطيئة أنزلت عنهم لباسهم، ولكن بـسنن الدارقطني: عورة الرجل من السرة إلى الركبة، وفي حديث جرهد الذي هو حسن، قوله صلى الله عليه وسلم: {غط فخذك، فإن الفخذ عورة} ويستدل بعضهم بحديث أنس في صحيح البخاري: {أن الرسول صلى الله عليه وسلم أجرى فرسه في زقاق خيبر فانكشف فخذه} قيل في الجواب: هذا فعل، وقوله صلى الله عليه وسلم يقدم على فعله.
الجواب الثاني: أنه انكشفت لأنه صلى الله عليه وسلم كان يجري ما كان متعمداً ومتهيئاً ومترسلاً في فعله.
الجواب الثالث: أن الرسول صلى الله عليه وسلم له في بعض الأمور أشياء وليست لأمته؛ فهذه التي تلاحظ، وأنا أنصح بإدخال الإيمان في النوادي.
وأما مسألة هل ندخل النوادي أم لا؟ فلا بأس أن ندخلها دعاة ونحمل رسالة علَّ الله أن يهدي بنا ويسمع وينفع بنا، فإن الرسول صلى الله عليه وسلم في السير {أتى إليه ركانة، فقال: يا محمد! لا أسلم حتى تصارعني، وكان من أقوى العرب، فقام عليه الصلاة والسلام ليصارعه، فصرعه من أول مرة، ثم صارعه صلى الله عليه وسلم، فصرعه مرة ثانية، ثم ثالثة، فقال ركانة: أشهد أن لا إله إلا الله، وأنك رسول الله} كل وسيلة مباحة يخدم بها الدين، وترفع بها راية لا إله إلا الله، وينفع بها الناس لا بأس بها، أما أن نبقى في المساجد وننتظر من الناس أن يأتوننا، فالناس لا يأتوننا، بل نحن نأتي الناس لأننا دعاة، الذين أتوا المسجد أتوا ليصلوا نقوم عليهم بعد الصلاة نقول: صلوا يا جماعة الخير، صلوا بارك الله فيكم، ما أتوا إلا ليصلوا، لكن الذين يصلون في بيوتهم ينبغي أن تذهب إليهم هذا هو المطلوب، وهذا هو الوارد.
حكم مشاهدة التلفاز
السؤال: أيضاً وردت أسئلة كثيرة عن حكم مشاهدة التلفاز، وبالأخص المسلسلات والأغاني وما شابهها خصوصاً في النساء التي يقضين الوقت الكثير في البيوت، فما حكم ذلك فضيلة الشيخ؟
الجواب: التلفزيون سلاح ذو حدين، لا يحكم به لجرمه، فهو من حديد وبلاستيك ومن أغطية ومن قماش، وأجهزة، وإنما يحكم بالمادة التي تعرض فيه، فكلما عرض فيه محرم فهو محرم لهذا التحريم الذي ورد فيه؛ من أغنية ماجنة، ومسلسل خليع، وتمثيلية فاجرة تهدم الأمة، أما مادة طيبة؛ قرآن، حديث، حلقة، فلا بأس به، على أن من الناس قناعاتهم الخاصة، للناس من يتورع من إدخاله في بيته، وهذا أمر محمود لأنه قد لا تضبط برامجه، وقد يساء استعماله، وقد يأتي حتى من برامج الخير التي فيه، بأن تفتتن المرأة بمن تنظر إليه، فأنا رأيي فيه أنه بالمادة التي تعرض فيه، والله أعلم.
المسجد لا يحل للحائض.. ودور المرأة في الإسلام
حد تقصير الثوب.. وحكم إطلاق اللحية
السؤال: ما هو الحد الذي يجب على المسلم أن يعمله فيما يتعلق بتقصير الثوب وإطلاق اللحية، وأيضاً: هناك جانب من الأسئلة يسأل عمن يستهزئ بمن يربي لحيته ويقصر ثوبه، وهي من أوامر الله سبحانه وأوامر رسوله؟
الجواب: أما الحد في الثوب، فإزار المؤمن إلى نصف ساقه، ولك من نصف الساقين إلى ما فوق الكعبين، أما ما فوق نصف الساقين فليس بثوب بل فنيلة وقد قلت ذلك كثيراً، أن يجعل ثوبه إلى ركبتيه، فليس بثوب يسمى فنيلة، والفنيلة شيء والثوب شيء آخر، وقد يكون ليس بساتر للعورة إذا سجد، فإلى نصف الساق فوق الكعبين لأنه صح فيها حديثان:
الحديث الأول: قوله صلى الله عليه وسلم: {لا ينظر الله إلى من جر ثوبه خيلاء} قالوا: من جر ثوبه خيلاء فعاقبته أنه لا ينظر الله إليه، وقوله صلى الله عليه وسلم: {ما زاد عن الكعبين ففي النار} فهو خيلاء وغير خيلاء، لأن بعض الناس يسبل اليوم، فإذا قلت له: لماذا تسبل؟ قال: أنا لا أسبل خيلاء، أسبل بلا خيلاء، لقول الرسول صلى الله عليه وسلم، لما قال لـأبي بكر: {إنك لست ممن يفعل ذلك} -يعني خيلاء- فهم يعتبرون بهذا وقد أخطئوا النجعة وما أصابوا، فإنه من استرخى إزاره تحت الكعبين فهو في النار هذا أمر.
وأما اللحية فيبقيها على هيئتها ولا بأس بمشطها، وتنسيقها، وترسيلها وتطييبها حتى يظهر بمظهر طيب، وأما من يستهزئ بهذه الشعائر، فهذا عليه أن يتوب فقد نافق نفاقاً اعتقادياً، ووصل إلى درجة الكفر، قال تعالى: قُلْ أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ. لا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ [التوبة:66].
وقد بلي الإسلام بمثل هؤلاء الأشكال؛ ما وجدوا حرباً في المجتمع إلا حرب شباب الخير والهداية والنور، جعلوهم عرضة لهم في كل مجلس، (متطرفون) -كلمة وزعتها الصهيونية العالمية - وتبثها كثير من الإذاعات، متطرف لأنه متمسك، لأنه عرف طريق الجنة، متطرف لأنه عرف الإيمان والحب والطموح، أما المطبل والمزمر والماجن والسكير والعربيد ليس بمتطرف بل هو معتدل: أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْماً لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ [المائدة:50].
الخشوع لا يشترط فيه إخراج الدموع
الزوج هو الذي يختار زوجته
السؤال: هل اختيار الزوجة يأتي حسب اختيار الزوج أم الوالدين، وحتى لو كان في ذلك غضبهما أو زعلهما، فما الحكم؟
الجواب: الزواج ليس على اختيار الوالدين لكن على اختيار الزوج، والزوجة يختارها الزوج لا الوالدان، لأنها ليست بسيارة ولا أرض، هي زوجة تكون عشيرته، وقريبته، وسكنه في الحياة، فكيف يتدخل الوالدان، لهم إن شاء الاستشارة، أما أن يقولا: اترك هذه أو هذه فلا، وهذا الزواج قد يصبح زواجاً فاشلاً، يزوج إنسان بامرأة لا يرغبها ولا يحبها، وفي الأخير ينهار معها في حياته ويقصم حياتها، ولذلك جعل رسول الله النظر وقال: {لينظر إلى ما يدعوه إلى النكاح منها والزواج بها} عليه أفضل الصلاة والسلام.
حكم المدخنين والجلوس مع المتهاون بالصلاة
السؤال: ما حكم المدخنين، وما حكم أصدقاء المدخنين، فهل يجوز لهم دخول منازلهم أو المبيت معهم أو النوم معهم؟ وأيضاً: حكم المتهاون في أداء صلاة الفجر في المسجد مع الجماعة، خصوصاً بالنسبة للطلاب الذين يسكنون في السكن الجامعي، حيث أن هناك بعض الطلبة يذهبون إلى الصلاة مأجورين، وبعضهم ينام، فما حكم السكن معهم؟الجواب: الدخان فيما ظهر وهو القول الصحيح أنه محرم بعموم النصوص في الكتاب والسنة، منها قوله سُبحَانَهُ وَتَعَالَى:
وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ [الأعراف:157].
وبإجماع العقلاء أن الدخان من الخبائث، إذا علم هذا فالمدخن مرتكب للإثم، ملوم وليس مشكور، آثم فاسق، لكنه لا يبلغ إلى درجة الكفر، أما زيارته بقصد إصلاحه فلا بأس، ولك أن تجفوه من باب جفاء أهل المعاصي، ولكن لك أن تجيب دعوته إذا دعاك إلى طعام، إذا كان يصلي أو يصوم، وتنبهه على هذا الخطأ، لأننا إذا هجرنا كل من فيه معصية تركنا المجتمع كل المجتمع، ولك أن تنام عنده، ولا تنسى دعوته إلى الصراط المستقيم.
أما أهل السكن ومن تخلفوا عن صلاة الفجر فقد ارتكبوا إثماً، في صحيح مسلم، عن جندب بن عبد الله البجلي، قال: قال رسول الله صلى عليه وسلم: { من صلى الفجر في جماعة فهو في ذمة الله، فالله الله لا يطلبنكم الله من ذمته بشيء، فإنه من طلبه من ذمته بشيء أدركه، ومن أدركه كبه على وجهه في النار}.
والتخلف عن صلاة الفجر من علامات النفاق، وهي من فعل المنافقين، والإخوة الذين في السكن إن كان لهم مصلى في السكن يجتمعون فيه هذا من الأصلح، وبقاؤهم في المصلى ليجتمع إليهم الشباب، فلهم ذلك، إن كان المتخلف يريد أن يصلي في المصلى فله ذلك، وأما إن كان هذا المتخلف لا يصلي في المصلى ولا في المسجد، فاذهب أنت إلى المسجد، ومن تخلف عن صلاة الجماعة فهو فاسق أيضاً، وقد دل أكثر من ثلاثة عشر حديثاً صحيحاً على وجوب صلاة الجماعة، وأنه لا يترك الوجوب بأي حال إلا بعذر شرعي.
التساهل في الحجاب
السؤال: وردت أسئلة كثيرة عن حكم من يتساهل في عدم أمر زوجته بالتحجب عن غير محارمها، وخصوصاً أقاربه وأهله، وفيمن يتساهل عن ذلك الكثير وحتى لو كانت الزوجة من المحجبات؟
الجواب: هذه مسألة وجدت حتى أصبحت ظاهرة بين بعض الملتزمين، أن يترك الحبل لزوجته على الغارب، فتجالس أقاربه وهم أجانب، تجالس أخاه، وتجالس ابن عمه فتقع في الإثم، وهذه المرأة أمانة في عنقك، وأكبر ما تنجيها من العار والدمار والنار أن تحجبها وتسترها وتصونها، فعليك أن تتقي الله في حجاب المرأة، وقد دلت النصوص على وجوب الحجاب وأنه هو الأسلم في الوجه، لا كما يقول بعض الناس: إن الوجه لا يحجب، فإن معنى ذلك: أن محاسن المرأة ومفاتن المرأة تعرض على الناس، وهذا ليس مقصوداً في الإسلام، فإن جمال المرأة وروعتها في وجهها، فعلى الإخوة أن يتقوا الله في ذلك.
ظاهرة أخرى، أن الحمو أخو الزوج يتساهل في دخوله على زوجة أخيه يستأذن منها، يدخل في بيتها، والرسول صلى الله عليه وسلم، سئل كما في صحيح البخاري عن الحمو، قال: {الحمو الموت} ولأنه لا يشكك فيه، ولكن يأتي الخطر من جانبه.
كيف تكون المحبة والتضحية لرسول الله صلى الله عليه وسلم
الديمقراطية لم يأت بها النبي صلى الله عليه وسلم
السؤال: نسمع في سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم أنه عاش مع أصحابه
الديمقراطية الحقة، فما المقصود بـ
الديمقراطية الحقة؟
الجواب: هذه من كيس السائل، الديمقراطية من كيسه صنفها وألفها وأخرجها للناس، الرسول صلى الله عليه وسلم لم يكن ديمقراطياً، ولم يكن ديكتاتورياً، إنما كان حنيفاً مسلماً ولم يكن من المشركين، الرسول صلى الله عليه وسلم كما يقول أحمد شوقي:
كذب.
الرسول صلى الله عليه وسلم لم يكن اشتركياً، كان حنيفاً مسلماً ولم يكن من المشركين، أما الديمقراطية فمعناها الشورى، ولذلك يقول أحمد شوقي:
وهذا صحيح، فنسميها شورى ولا نسميها ديمقراطية، لأن في الناس حكماً فيدرالياً، وهو الذي يجعل منصباً واحداً في مجالس معه كمجلس الشيوخ والنواب، وديمقراطياً برلمانياً، وديكتاتورياً أن يستقل هو بالمسئولية، فالرسول صلى الله عليه وسلم كان هو الإمام، وكان هو الذي يشير ويقول سُبحَانَهُ وَتَعَالَى: وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ [آل عمران:159] قال تعالى: وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ [الشورى:38] وأما الديمقراطية فخذها في جيبك وإذا خرجت فارمها خارج المسجد.
حديث (من سب صحابتي فقد سبني)
بر الوالدين
الفكر وأقسامه
السؤال: ذكر فضيلتكم في محاضرة العلم الأصيل والعلم الدخيل أنكم كنتم تكثرون في بداياتكم القراءة في الفكر، فما هو المقصود بقولكم: الفكر، نرجو توضيح ذلك؟ مع ذكر بعض الكتب المؤلفة في الفكر وما المقصود بها؟ وجزاكم الله خيراً؟
الجواب: الفكر طغى عند المسلمين لما اضطروا إلى الرد على المفكرين الغربيين وأمثالهم من أعداء الإسلام من المستغربين والمستشرقين، والفكر ليس بعلم، هو قضايا واقعية وحوداث جدت بالأمة تراد أن يرد عليها، شبه وضعت في الساحة، بعض الردود من القرآن والسنة، وبعضها ردود عقلية، الفكر أشبه شيء بعلم المنطق، والفكر قسمان:
قسم محمود، وهو ما دافع أهله عن الإسلام والمسلمين فجزاهم الله خيراً، كما فعل الأستاذ سيد قطب، وأبو الأعلى المودودي، وأبو الحسن الندوي، وغيرهم من العلماء فجزاهم الله خيراً.
وفكر لا رسالة له، كتابة جزئية، كما تجد بعض الصحفيين يكتب في مسائل ويشغل بها الناس ويقيم الدنيا ويقعدها، فهذا لا خير فيه، الفكر بقسميه، أما الثاني فحرام، حرام أن تكون رسالة المسلم في الحياة الفكر الثاني الذي ليس له رسالة، والفكر الأول يؤخذ بقدره ويكون الأصل العلم (قال الله، قال رسوله) والتحقيق، والدليل، والجلسات الهادئة، لأن الفكر لا يمكن أن يستمر معك، والإسلام يعترف بالعلماء ولا يعترف بالمفكرين.
كيفية اكتساب العلم
قصائد من تأليف الشيخ عائض
السؤال: نطلب من الشيخ أن يمتعنا بقصائده مثل التي قالها في سماحة الشيخ
ابن باز أو التي قالها في فضيلة الشيخ
ابن عثيمين، أو التي قالها في
أمريكا أو عن المجاهد الكبير
عبد رب الرسول سياف، فنترك الشيخ ليلقي ما عنده؟
الجواب: قصيدة أمريكا قصيدتان، هزلية وجدية:
أما الجدية: أمريكا التي رأيت:
هذه الأمة الإسلامية أجدادكم يعني:
أما الهزلية فاسمها: نشرة الأخبار:
أما قصيدة سياف فاسمها المدوية:
سياف في ناظريك النصر يبتسم وفي محياك نور الحق مرتسم |
سياف خذ من فؤادي كل قافية تجري إليك على شوق وتستلم |
آخر قصيدة أنشدها الشيخ
السؤال: هناك طلب من الشيخ بأن يلقي آخر قصيدة أنشدها؟
الجواب: لا أدري ما هي آخر قصيدة إلا مقطوعات:
مقطوعة في جبيل وهي مقتبسة من مقتطفات قديمة:
وفي جبيل لقاءات وأمنية مع الشباب الذي قد طاب مسعاه |
وأختتم بقولي:
وصلى الله وسلم على محمد وعلى آله وسلم تسليماً كثيراً.