ففي حديث أم زرع تجد العجب العجاب من الوصف، إحدى عشرة امرأة، كل واحدة تصف أخلاق زوجها، والنبي يسمع عائشة وهي تذكر كلام هؤلاء النسوة، وفي آخر المطاف يعلق النبي صلى الله عليه وسلم بكلمة فيها منهج لكيفية معاملاته لنسائه وقد آتاه الله جوامع الكلم فقال: (كنت لك كأبي زرع لأم زرع) تصفح هذه المادة؛ لترى قصة أبي زرع وأم زرع.
أمَّا بَعْـد:
فسلام الله عليكم ورحمته وبركاته..
معنا في هذه الليلة ومع صحيح البخاري حديث عجيب غريب، وهو ندوة حوار بين إحدى عشرة امرأة، اجتمعن يوماً من الدهر وتعاقدن وتعاهدن ألا يكتمن من أخبار أزواجهن شيئاً، وتكلمت كل امرأة منهن بمعاملتها مع زوجها ومعاملة زوجها معها، وفي يوم من الأيام جلس رسول الهدى صلى الله عليه وسلم مع عائشة رضي الله عنها وأرضاها مداعباً ومؤانساً ومحدثاً، فقصت عليه خبر النسوة، عليه أفضل الصلاة والسلام.
فلنستمع إلى هذا الحديث الذي رواه البخاري في (باب حسن المعاشرة مع الأهل).
قال رحمه الله تعالى: حدثنا سليمان بن عبد الرحمن وعلي بن حجر قالا: أخبرنا عيسى بن يونس قال: حدثنا هشام بن عروة عن عبد الله بن عروة عن عروة عن عائشة رضي الله عنها قالت: (جلس إحدى عشرة امرأة، فتعاهدن وتعاقدن ألا يكتمن من أخبار أزواجهن شيئاً، قالت الأولى: زوجي لحم جمل غث على رأس جبل وعر، لا سهل فيرتقى، ولا سمين فينتقل. قالت الثانية: زوجي لا أبث خبره، إني أخاف ألا أذره، إن أذكره أذكر عجره وبجره. قالت الثالثة: زوجي العَشَنَّق، إن أَنْطِق أُطَلَّق، وإن أسكت أُعلَّق. قالت الرابعة: زوجي كلَيْلِ تهامة، لا حَرَّ ولا قَرَّ ولا مخافة ولا سآمة. قالت الخامسة: زوجي إن دخل فَهِدَ، وإن خرج أَسِدَ، ولا يسأل عما عهد. قالت السادسة: زوجي إن أكل لف، وإن شرب اشتف، وإن اضطجع التف، ولا يولج الكف ليعلم البث. وقالت السابعة: زوجي غياياء أو عياياء، طباقاء، كل داءٍ له داء، شجَّكِ أو فلَّكِ أو جمع كلاًّ لكِ. قالت الثامنة: زوجي المس مس أرنب، والريح ريح زرنب. قالت التاسعة: زوجي رفيع العماد، طويل النجاد، عظيم الرماد، قريب البيت من الناد. قالت العاشرة: زوجي مالك وما مالك؟! مالك خير من ذلك، له إبل كثيرات المبارك، قليلات المسارح، إذا سمعن صوت المزهر، أيقن أنهن هوالك. قالت الحادية عشرة: زوجي أبو زرع فما أبو زرع؟ أناس من حلي أذني، وملأ من شحم عضدي، وبجحني فبجحت إلي نفسي.. وجدني في أهل غنيمة بشق، فجعلني في أهل صهيل وأطيط، ودائس ومنق، فعنده أقول فلا أقبح، وأرقد فأتصبّح، وأشرب فأتقنّح. أم أبي زرع فما أم أبي زرع؟ عكومها رداح، وبيتها فساح. ابن أبي زرع فما ابن أبي زرع؟ مضجعه كمسل شطبة، ويشبعه ذراع الجفرة. بنت أبي زرع فما بنت أبي زرع؟ طوع أبيها، وطوع أمها، وملء كسائها، وغيظ جارتها. جارية أبي زرع، فما جارية أبي زرع؟ لا تبث حديثنا تبثيثاً، ولا تنقث ميرتنا تنقيثاً، ولا تملأ بيتنا تعشيشاً قالت: فخرج أبو زرع ذات يوم والأوطاب تمخض، فلقي امرأة معها ولدان لها كالفهدين، يلعبان من تحت خصرها برمانتين، فطلقني ونكحها، فنكحت بعده رجلاً سرياً، ركب شرياً، وأخذ خَطِياً، وأراح علي نعماً ثرياً، وأعطاني من كل رائحة زوجاً، وقال: كلي أم زرع وميري أهلك، فلو جمعت كل شيء أعطانيه، ما بلغ أصغر آنية أبي زرع. قالت عائشة: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: كنت لك كـأبي زرع لـأم زرع).
هذا الحديث من أعقد وأغرب الأحاديث في كتب السنة، وقد شرحه ما يقارب عشرة من العلماء، كل شرح في مجلد، وأعظم من شرحه القاضي عياض، قاضي المغرب وعالمها، وابن حجر شرحه فيما يقارب ثلاثين صفحة وهو حديث عجيب، فيه أكثر من خمس وعشرين فائدة، سوف تمر بنا بإذنه سُبحَانَهُ وَتَعَالى، والآن نأتي إلى الشرح.
ثم أتى البخاري يتكلم بهذه القصة العجيبة.. الرسول عليه الصلاة والسلام كان يحب عائشة أكثر من سائر نسائه، وكانت عائشة مع ذلك بنت أبيها، فـأبو بكر أحفظ الناس وأفصحهم وأصفحهم.. يحفظ السير والأنساب والأخبار والأشعار، وإذا تكلم أبو بكر في مجلسٍ من مجالس العرب سكتوا جميعاً، فأتت ابنته عائشة تشبهه، ومن يشابه أبه فما ظلم.
تلك العصا من هذه العُصية لا تلد الحية إلا حية |
فكان عليه الصلاة والسلام يأنس لحديث عائشة، ويسألها عن أخبار الناس؛ لأنها -كما قال الزهري: كانت تحفظ ثمانية عشر ألف بيت شعر، وكانت تحفظ أخبار العرب، وما وقع أيام العرب وقصص العرب، وفي غدوة من الغدوات جلس عليه الصلاة والسلام مستريحاً هادئ البال مطمئن النفس، فأخذ يداعب ويمازح زوجته المبرأة الطاهرة الصديقة بنت الصديق، فأخذت تقول: يا رسول الله! جلس نسوة تلف بهم الدهر.. وهؤلاء النساء قال أبو محمد بن حزم الظاهري: هن من خثعم، وهي من قبائل الجنوب الشهيرة في التاريخ، ومن هذه القبيلة الخثعمي الذي يقول:
ألا يا صبا نجد متى هجت من نجد لقد زادني مسراك وجداً على وجدي |
ومنها الشنفرى الأزدي صاحب لامية العرب، وكثير من الأخيار والشعراء.
فقال أبو محمد بن حزم، قال: هن من خثعم وقال بعضهم: هن من اليمن. ولا يهمنا أن يَكُنَّ من اليمن أو من غطفان أو من خثعم أو مدغشقر، إنما الفائدة أنهن جلسن فاسمع الكلام.
فتقول عائشة والرسول ينصت، معلم الخير ومربي الإنسانية ينصت إلى الكلام، وفي الأخير سوف يعلق عليه الصلاة والسلام بكلام.
قالت تخاطب الرسول صلى الله عليه وسلم: {جلس إحدى عشرة امرأة فتعاقدن وتعاهدن ألا يكتمن من أخبار أزواجهن شيئاً} إحدى عشرة امرأة خلا لهن الجو..
خلا لك الجو فبيضي واصفري ونقري ما شئت أن تنقري |
خرجن من البيوت واجتمعن، قال أهل العلم كما قال ابن حجر: إذا اجتمع النساء فأكثر حديثهن في الرجال، وإذا اجتمع الرجال فأكثر حديثهم في المعاش. أي: في الدخل والكسب والراتب والتقاعد والزيادات والعلاوات، وربما يخلطون كلاماً من كلام النساء، أي: يتحدثوا في النساء، لكن هذا في النادر، أما إذا اجتمعت اثنتان من النساء المتزوجات، فأكثر كلامهن في الرجال، ماذا فعل زوجها وماذا صنع؟ أخلاقه.. معاملته.. زياراته.. صلته.
والرسول عليه الصلاة والسلام يقول: {لا يجتمع في المؤمن خصلتان: سوء الخلق والبخل}.. ربما تجد بعض الناس من المؤمنين سيئ الخلق لكنه كريم اليد، وتجد بعض المؤمنين بخيلاً، لكنه حسن الخلق، أما أن يجتمع بخل وسوء خلق فلا يكون ذلك في المؤمن، فهي تقول: لحم جمل غث.
{قالت: (لا سهل فيرتقى)} أي: ليس الجبل سهلاً فنرتقي ونأخذ هذا الغث، وليس اللحم سميناً حتى ننقله.. وهذا من أبلغ الأوصاف، وهذا يسمى اللف والنشر عند أهل العلم، فهي قد لفت الكلام ثم نشرته، كما قال الحفاظ وقد سئل ابن تيمية عن الفلسفة وعلم المنطق فقال: (علم المنطق والفلسفة لحم جمل غث على رأس جبل، لا سهل فيرتقى ولا سمين فينتقل) وهذا من أحسن ما يستشهد به في مثل هذه المواضع، فإذا سئلت عن علم من العلوم لا ينفع ولا يفيد ولا يقدم شيئاً فوصفه هذا، وذلك مثل بعض العلوم العصرية التي لا تنفعك في الدنيا ولا في الآخرة، مثل علم الفلسفة، علم الكلام، وعلم المنطق.. لحم جمل غث على رأس جبل، لا الجبل سهل فيرتقى فيه ويؤخذ اللحم، وليس اللحم مع صعوبة الجبل يستحق الحمل. إذاً الأولى ذمت زوجها باللف والنشر، أوجزت ثم نشرت خبره؛ لأنها عاهدتـهم ألا تكتم، فهو من أسوأ الرجال خلقاً نعوذ بالله من ذلك، وسوف تأتي فائدة هذا الكلام في آخر الدرس.
علي بن أبي طالب رضي الله عنه وأرضاه لما قُتِل طلحة في معركة الجمل بكى كثيراً وقال: [[اللهم إني أشكو إليك عجري وبجري]] وهذا في خطبته المشهورة الصحيحة، ومعناه: يا رب أشكو إليك همومي وأحزاني وما جرى لي، وما عندي من المصائب والكوارث؛ لأنه فقد الرسول صلى الله عليه وسلم، ثم ماتت زوجته فاطمة، وفقد أبا بكر وعمر وعثمان، ثم قتل الصحابة ثم اختلفت الأمة بين يديه، ثم أتت عليه الخوارج وتكالبت عليه الدنيا من كل مكان، فقال: [[اللهم إني أشكو إليك عجري وبجري]] ويعلق ابن كثير على هذا الكلام فيقول: عجيب يختلفون على أبي الحسن علي بن أبي طالب وهو أخشى أهل الأرض، وأعلم أهل الأرض، وأزهد أهل الأرض في عهده، يقول: لا يعطونه الخلافة، ويختلفون عليه وهو في عهده أخشى أهل الأرض وأزهد أهل الأرض.. فالشاهد أنه ضاقت به أيامه ولياليه رضي الله عنه فقال: [[اللهم إني أشكو إليك عجري وبجري]] أي: دسائسي وغلائلي وهمومي وأحزاني ويقال: إنه سأل الله الشهادة فوفقه الله للشهادة.
فتقول المرأة: أنا لا أتكلم في هذا الرجل يكفي أني أعطيتكم موجزاً، والأحسن أني لا أتكلم؛ لأن الكلام لا يفي، وسوف آخذ عليكم الوقت لو تكلمت فيه.
وقيل: إنه سيئ الخلق، شرس الأخلاق، فإذا سلمت عليه أقام الدنيا وأقعدها، فهو يغضب مما لا يُغضب منه، قال أهل العلم والأدب: (من غضب بما ليس بمغضب فهو أحمق) فتقول: إنه أحمق، كريه المنظر، شرس الخلق (عشنق) وأنا أميل إلى هذا؛ لكي لا يتأثر من فيه طول.
ووضع الندى في موضع السيف بالعلا مضر كوضع السيف في موضع الندى |
(لا حر ولا قر) القر: شدة البرد، يقول علي رضي الله عنه وهو يخطب في أهل العراق: [[يا أشباه الرجال ولا رجال، أحلام الأطفال وعقول ربات الحجال.. إن قلت: انفروا في الحر، قلتم: حر، وإن قلت: انفروا في البرد، قلتم: قر، فإلى متى حر وقر؟!]] وهو يعلن النفير للجهاد، فالحر شدة الحر، والقر شدة البرد.
ولا تقولوا: هذا الكلام ماذا نستفيد منه، فقد استمعه سيد الخلق عليه الصلاة والسلام، وأشرف الخلق، وأكرم من مشى على الأرض.
تقول: زوجها (إذا دخل فهد) إذا دخل فهو يشبه الفهد، كأنه فهد، قيل: إما أنها تسبه أو تمدحه، فإن سبته قالت: كثير النوم مثل الفهد، أي: لا يستفاد منه، يقدم له العشاء وهو ينعس، فتقول: كثير النوم وكثير الاستغراق في النعاس، يقول الجاحظ: أكثر الحيوانات نوماً الفهد فإنه ينام أكثر مما يستيقظ، وإذا تعب قليلاً ألقى رأسه وأتاه النوم، حتى ربما تأتي عليه الفئران وتعتدي على رأسه وهو لا يشعر.
منها: أنه أسرع الحيوانات على الإطلاق ولا يدركه أحد إلا أن يشاء الله ومنها: أنه منتن الرائحة، ومنها: أنه يصارع بجدارة، حتى أنه ربما أدرك الأسد وقاتله، وهو صغير الجسم، فإن كانت تسبه فمعنى ذلك أنه كثير النوم، وإن كانت تمدحه فلأن الفهد يمتاز عن سائر الحيوانات بالحياء وبالخجل، والعجيب أنهم ذكروا أن الفهد إذا رأى المرأة صدف عنها، وقالوا: إذا رأى المرأة كاشفة عن وجهها غض بصره حياء.. وهذا يذكره الجاحظ وغيره من العلماء، ويقولون: إنه هو والنمر وهذه الفصائل تغض عن المرأة ولا تعدو عليها لكرمها، فكأنها تصف زوجها بأنه كريم الجانب، وهذا على المدح.
يذكر عن علي بن أبي طالب أنه قال لما قتل عثمان: [[أكلتُ يوم أكل الثور الأبيض، قالوا: وما أصل الثور الأبيض يا أمير المؤمنين؟ قال: كان هناك ثلاثة ثيران، أبيض وأحمر وأسود، فأتى الأسد، فاجتمع على الثيران يريد أكلها، فاجتمعت عليه فناطحته حتى شرد، فأتى الأسد بحكمة فنادى الثور الأسود وقال: تعال، ثم قال له: إن هذا الثور الأبيض عدو لكم أراه دائماً يزاحمكم على المرعى، ألا تريد قتله؟ قال: نعم. قال: تعال معي، فنـزل الثور الأبيض إلى الوادي، فهجم الثور الأسود والأسد على الأبيض فقتلوه، ثم أتى إلى الثور الأسود وقال: والأحمر كذلك نغص عليك حياتك، تعال نقتله قال: نقتله فاجتمعوا فقتلوه، فقال الأسد: بقيت أنت يا عدو الله، فأكله]] فيقول علي رضي الله عنه لذكائه وفطنته ودهائه: أكلت يوم أكل الثور الأبيض. يقول: إن الناس يظنون أنني أريد قتل عثمان رضي الله عنه وأرضاه، حتى كان يقول على المنبر: [[لعن الله من قتل عثمان، لعن الله من أشار بقتل عثمان لعن الله من رضي بقتل عثمان. ويقول رضي الله عنه وأرضاه: كيف أنا أشاور وأمالئ؟!]] لأن الخوارج والنواصب اتهموه بأنه مالأ، فقال كيف أمالئ وقتلي سوف يكون بسبب قتل عثمان، وسوف يقتلونني، فهذا مثل قصة الثور الأبيض.
وهذه فيها عبرة، والذي كتب كليلة ودمنة من الحكماء، وكتبها حتى يعرف الناس شر النميمة، ونقل الكلام، فإنه.. وَلا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلَّا بِأَهْلِهِ [فاطر:43].
فهو إن أكل لف أي: يلف الأكل لفاً، ويقولون: يجمعه جمعاً (وإن شرب اشتف) أي: يبتلعه حتى يجرجر نحره كأنه ثور وما يمصه مصاً، ونحن نؤمر في السنة أن نمص الماء مصاً، لا نبتلعه بلعاً حتى يجرجر؛ لأن هذا يؤذي الحلق.
(وإن اضطجع التف) تقول: من وحشته أنه إذا اضطجع أخذ فراشاً وحده، ولا يقترب من زوجته، فهو شرس الخلق لا يُقترب منه (ولا يولج الكف) الكف معروف، (ليعلم البث) تقول: أمرض كثيراً وتصيبني الحمى لكن ليس عنده لطف، ومن لطف الرجل مع أهله، مع أخته أو مع زوجته أن يقترب -كما كان يفعل صلى الله عليه وسلم- ويضع يده على كتفها أو على رأسها أو على كفها ويرى حرارتها، وهذا من اللطف والأنس، بل إن الرسول صلى الله عليه وسلم كان إذا وجد بعض أصحابه ربما شبك أصابعه بأصابعه أنساً له، وربما داعبهم فضرب في صدورهم، وربما أخذ أحدهم يمازح بكتفه وبعنقه عليه الصلاة والسلام.
فهذه المرأة تقول: هذا ليس عنده من اللطف شيء.. يأكل الأكل علينا، ويشرب الشراب علينا، ويبتعد بنومه، ولا يمرِّضنا ولا يسأل عنا.
عن p=1000258>عمرو بن معد يكرب الزبيدي
أنه كان من أكثر الناس أكلاً، وهو الذي يذكره أبو تمام في قوله:إقدام عمرو في سماحة حاتم في حلم أحنف في ذكاء إياس |
وإن كان اللفظ (عياياء) فهو بمعنى: عيي، والعييُّ هو البليد الغبي الذي لا يفقه شيئاً، فهو عييُّ غبي بليد ثقيل النفس لا يفهم، قلبه مكتم عليه.
(كل داء له داء) أي: أن كل وصف قبيح فألحقه به؛ فإنه يتصف به، فكل ما تعلم في الناس من مقت أومن معيبة، أو قبيحة؛ فهو في هذا الرجل.
والله عز وجل هو الذي خلق وقسم؛ وفي بعض الآثار "أن الله لما خلق آدم جمع طينته من كل بقاع الأرض" من الجبال والسهول والأودية، فأسهل الناس خلقاً من السهل، وأناس من الوعر، وأناس من التربة الطيبة، وأناس من السباخ، فأتت أخلاقهم هكذا، فنسأل الله حسن الخلق، ونسأل الله استقامة الدين، ونسأل الله التسديد في الأمور.
بأبي أنت وفوك الأشنب كأنما ذر عليه الزرنب |
امرأة تمدح زوجها وتقول: أفديك بأبي وأفدي فمك الأشنب، أي: المليح والرقيق الأسنان، (كأنما ذر عليه الزرنب) وهو نبت طيب الرائحة.
قالت: والريح ريح زرنب. أي: أنه من مسكه وطيبه مثل الزرنب، وهذا مطلوب في الرجل؛ أن يكون طيب الرائحة؛ لأن المرأة تطلب من الرجل كما يطلب هو منها، فلا يقترب منها إلا طيب الفم، طيب الرائحة، طيب الخلق.. ومن حقوق المرأة أن يكون الزوج طيب الرائحة.
ولست بحلَّال التلاع مخافة ولكن متى ما يسترفد القوم أرفد |
فهو يمدح نفسه يقول: أنا ما أنزوي في المزابل وفي القمائم وفي آخر الحارات، أنا بيتي كأنه علم في رأسه نار، قالت: رفيع العماد أي: بيته مشهور، ولذلك ذكروا عن إبراهيم عليه السلام أن بيته كان باليفاع، أي بالصحراء وكان له قصر له بابان، يقول: من يدخل من هنا يتغدى ويخرج من هنا، فلكرمه كان دائماً يقول لعبيده ورقيقه: من يأتي منكم اليوم بضيف فهو حر لوجه الله، يقول ابن الجوزي في صيد الخاطر -وسوف تجدونه في باب الصوفية - يقول: عجباً للصوفية يقولون: حرام جمع المال! وإبراهيم عليه السلام اختلطت مواشيه وإبله وبقره وغنمه بإبل لوط عليهما السلام حتى انتقل بعضهم من بعض من كثرة المواشي.
ألم تغتمض عيناك ليلة أرمدا وعادك ما عاد السليم مسهدا |
وما ذاك من عشق النساء وإنما تناسيت قبل اليوم خلة مهددا |
شباب وشيب وافتقار وثروة فلله هذا الدهر كيف ترددا |
وقد كان من أفحل وأكبر الشعراء على الإطلاق، وهو من أصحاب المعلقات.. يقول:
فآليت لا أرثي لها من كلالة ولا من وجى حتى تزور محمدا |
يخاطب الناقة ويقول: حلفت أن أجعل الناقة تكل وتدأب في الأرض حتى تزور محمداً صلى الله عليه وسلم.
متى ما تناخي عند باب ابن هاشم تراحي وتلقي من فواضله يدا |
نبي يرى مالا يرون وذكره أغار لعمري في البلاد وأنجدا |
إلى أن يقول: -وهما من أعظم الأبيات في الإسلام-:
إذا أنت لم ترحل بزاد من التقى ولاقيت بعد الموت من قد تزودا |
ندمت على ألا تكون كمثله وأنك لم ترصد لما كان أرصدا |
قال أبو سفيان: فما تطمع أن يعطيك؟ قال: مائة ناقة لا أنقص عنها ناقة واحدة، قال: خذ مائة ناقة وعد فأخذ مائة ناقة وعاد، وركب واحدة منها فسقط عنها فلوت عنقه وكسرته ودقته فمات كافراً.
فهذا المحلِّق دعا الأعشى وعزمه وضيفه، فلما عشاه وكساه وأعطاه شيئاً من المال، قام الأعشى، وعرف المحلق أنه سوف يمدحه، فقال: في قصيدة له يمدح هذا المحلق أبخل العرب:
لعمري لقد لاحت عيون كثيرة إلى ضوء نار باليفاع تحرق |
تبيت لمقرورين يصطليانها وبات على النار الندى والمحلق |
فيقولون ما مرت سبعة أيام إلا وتزوجت بناته من أشراف العرب.
تعود بسط الكف حتى لو انه أراد انقباضاً لم تطعه أنامله |
هو البحر من أي النواحي أتيته فلجته المعروف والجود ساحله |
ولو لم يكن في كفه غير روحه لجاد بها فليتق الله سائله |
تقول: من كرمه أن عنده نوقاً كثيرة وإبلاً، فما يأتي الضيف إلا ويحرك المزهر.. قيل: المزهر.. الآلة التي تنحر بها الإبل، وقيل: عود يجمع به الإبل، ولكن كأنه -والله أعلم- آلة نحر للإبل.
(قليلات المسارح) أي: لا يسرح إبله إلى المرعى، بل هي جاهزة، بجانب البيت حتى يأتي الضيوف فينحرهن لهم، وأما البخيل فإنه يسرحها إلى المرعى، والكريم يجهزها للضيوف، ومن عادة العرب.
فيقول: لا يمكن أن يمدح بالدجاج، ولكنها تصف الحالة هذه وتقول: هناك أصوات من كثرة الحيوان التي عنده. تقول: (فعنده أقول فلا أقبح) تقول: عند زوجي أتكلم بطلاقة, والزوج الذي هو سمح الجانب تتكلم المرأة عنده بما فتح الله عليها، أما المعقد الشرس، فإنها لا تتكلم إلا كلمات.. فتقول: أقول فلا أقبح, أي: أتكلم بما فتح الله عليّ فلا يردني ولا يكسحني ولا ينهرني.
تقول: (وأرقد فأتصبح) الصُبحة عند العرب في النوم، هي النوم بعد صلاة الفجر, والعرب عندهم للنوم هيلولة وفيلولة وغيلولة وقيلولة, فالهيلولة: بعد صلاة الفجر, وهي مستقبحة عند العرب, والفيلولة: عند الضحى, والقيلولة: بعد صلاة الظهر أو قبلها، وعند السلف أنها قبلها، والغيلولة: بعد صلاة العصر.
إن نومات الضحى تورث الفتى خبالاً ونومات العُصَيْر جنون |
ولم يصح في النهي عن النوم بعد العصر حديث, وكل ما ورد فيه فهو باطل أو موضوع, قاله ابن القيم وغيره من أهل العلم, فالأحاديث التي ركبت كحديث {من نام بعد صلاة العصر فجن فلا يلومن إلا نفسه} ليس بصحيح, بل لك إذا فترت أو جهدت أو تكلفت أكبر من طاقتك أن تنام بعد العصر ولا بأس، لتستعين بهذا على طاعة الله, وكذلك لم يصح في النهي عن النوم بعد الفجر حديث, لكن هناك أحاديث منها حديث أبي صخر الغامدي في المسند وغيره بأسانيد صحيحة: {بارك الله لأمتي في بكورها} أما كلام الغزالي في الإحياء وقوله: إن الأرض تبكي إذا نام طالب العلم بعد الفجر فمن أين؟ قُلْ هَلْ عِنْدَكُمْ مِنْ عِلْمٍ فَتُخْرِجُوهُ لَنَا [الأنعام:148] قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ [البقرة:111] لا سند ولا رأس ولا ذنب.
فتقول هذه المرأة: من سعادتي عند زوجي أنام حتى في الصباح، فليس عندنا أشغال ولا أعمال.. والصبوح عند العرب: هو الشرب في أول النهار، وقيل: شرب اللبن, والغبوق: شرب اللبن في آخر النهار.. وهذه امرأة كسلانة، والعرب يمدحون الكسولة لكن هذا لا يخبر به.. تقول: (وأشرب فأتقنح) أي: أشرب حتى أرتوي، ثم أزيد وأزيد من كثرة الشراب، لبناً وماء ونبيذاً، وذكر ابن حجر أنه خمر، وقد يكون هذا لأنهن جاهليات، لم يعرفن تحريم الخمر.. فهي تروى وتزيد على الري, من كثرة ما عنده من الخير.
{أم
زعموها سألت جاراتها وتعرت ذات يومٍ تبترد |
أكما ينعتني تبصرنني عمركن الله أم لا يقتصد |
تقول هذه المرأة لجاراتها: بالله عليكن هل أنا حسناء مثل ما يصفني هذا الشاعر، أم أنه يبالغ في الوصف.
فتضاحكن وقد قلن لها حسن في كل عين من تود |
حسداً حملنه في شأنها وقديماً كان في الناس الحسد |
ويقول الأول:
حسدوا الفتى إذ لم ينالوا سعيه فالناس أعداء له وخصوم |
كضرائر الحسناء قلن لوجهها حسداً وبغياً إنه لدميم |
وقيل:
وترى الشريف مجرماً في قومه ولم يكتسب جرماً وعرضه مشتوم |
وهذا من الحسد الذي وضعه الله في القلوب التي ما آمنت ولم يملأها الإيمان.
قالت: {(وغيظ جارتها)} قيل: غير وخير وغيظ، أي: أنهم يغارون منها لجمالها وحسنها.
(جارية أبي زرع، فما جارية أبي زرع؟ لا تبث حديثنا تبثيثاً) لا تنشر الخبر، بل هي ساكتة صامتة حافظة للسر.. (ولا تنقث ميرتنا تنقيثاً) أي لا تضيع مالنا، (ولا تملأ بيتنا تعشيشاً) أي: لا تجمع في البيت الزبالات، وقطع الأوراق والقراطيس، ولكنها نظيفة، وتضع كل شيء في مكانه، وهذا من أدبها وسلوكها وسمتها.
أبو زرع
ذات يوم والأوطاب تمخض) الأوطاب: الأسقية التي يوضع فيها اللبن، فهم أهل لبن، ومن كثرة لبنهم ودسمهم وما عندهم من زبد أنهم يمخضونها. قالت: {أم زرع
هذه ونكح تلك.لا يصلح الناس فوضى لا سراة لهم ولا سراة إذا جهالهم سادوا |
ولذلك قوله سُبحَانَهُ وَتَعَالَى: قَدْ جَعَلَ رَبُّكِ تَحْتَكِ سَرِيّاً [مريم:24] قيل: شريفاً من الأشراف، وسيداً من السادات، وقيل: صغيراً طفلاً.. { (ركب شرياً)} ركب فرساً سريع العدو، والشري هو الذي يبلغ الغاية في الشيء، {(وأخذ خطِّياً)} الخطي هو: الرماح تأتي من بلد الخط وهو بلد في البحرين.. يقول زهير بن أبي سلمى:
وهل ينبت الخطي إلا وشيجه وتغرس إلا في مغارسها النخل |
(وأراح علي نعماً ثرياً) أي ملأ بيتي من الإبل والبقر والغنم، (وأعطاني من كل رائحة زوجاً): أي: من كل شيء؛ من الإبل والبقر والغنم، (وقال: كلي أم زرع وميري أهلك) حتى أهلك في البيت أرسلي لهم من هذا المال.
مصائب قوم عند قوم فوائد |
قال جابر بن سمرة: {كان صلى الله عليه وسلم يجلس معنا بعد صلاة الفجر، فنتحدث عن أخبار الجاهلية، ونضحك وهو يبتسم عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم} فلا يأتي أحد ويقول: هذا حرام، تحدثنا عن الصحابة وإلا اسكت.. لا. المجال واسع، إذا لم يكن فيها أمر محرم، ولا غيبة ولا نميمة، ولا زور، فلا بأس بالحديث.
إذا كنت في كل الأمور معاتباً صديقك لم تلق الذي لا تعاتبه |
ومن ذا الذي ترضى سجاياه كلها كفى المرء نبلاً أن تعد معايبه |
فنحن برحمة الله عز وجل ولا يكمل أحد.
فالمقصود: أن على المرأة أن تتقي الله، وأن تغض وتسامح وتعفو عن نقص زوجها وتذكر الجميل فيه، فقد يكون بخيلاً، لكن تتذكر أنه يحافظ على الصلوات الخمس، فتذكره بالصلوات الخمس والمحافظة عليها.
ولذلك جاءت هند زوجة أبي سفيان إلى الرسول عليه الصلاة والسلام وقالت: {يا رسول الله!
كم منـزل في الأرض يعشقه الفتى وحنينه أبداً لأول منزل |
ويقول أحد الشعراء:
وعين الرضا عن كل عيب كليلة كما أن عيب السخط تبدي المساويا |
يقول: إنك إذا رضيت عن إنسان رأيت سيئاته حسنات، ورأيته كامل الأوصاف، حتى تجد بعض الناس يصف صديقه وأنت لم تره فيقول: ولي من الأولياء، لا إله إلا الله! تتذكر أولياء الله إذا رأيت وجهه.. ثم يحسبه وينسبه حتى كأنه يصف أبا بكر الصديق، فإذا رأيته، فما هو بذاك الوصف الذي وصفه، لكنه أحبه، وتجد بعض الناس إذا أبغض إنساناً فإنه يدخل عليه بالمداخل، يقول: فيه كذا وكذا، ويتتبع السقطات والعثرات، فإذا رأيته وإذا هو أعظم وأكبر مما قيل فيه، فحب الشيء يعمي ويصم.
ومسائل الحديث كثيرة، وقد شرحه القاضي عياض في كتاب كبير، ويقول الحافظ: استقصيت من شرحه وهم يقاربون العشرة من أهل العلم، وإنما شرحته؛ لما فيه من الحكم والفوائد؛ ولما فيه من اللطائف والأنس؛ ولأنه قد يعرض لبعض طلبة العلم، وفيه بعض الكلمات الغريبة التي تحتاج إلى مراعاة وإلى مراجعة.
يقول: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته... أنا شاعر كنت أحضر العرضات والطرب، وكنت آخذ على ذلك أجراً من ألفين إلى خمسة آلاف في الحفلة الواحدة، واستمررت على هذا سنين طوال، ولي أشرطة كاسيت مغناة بصوتي مصحوبة بآلة العود، والحمد لله تركت ذلك لوجه الله -أبدلك الله في الجنة خيراً منه- من مدة سنين وتبت إلى الله الواحد الأحد، فأرجو إجابتي على أسئلتي الآتية أثابكم الله:
أولاً: هل المبالغ التي أخذت من هذه الحفلات حلال أم حرام؟
ثانياً: إذا لم أستطع القضاء على الأشرطة فما هو الحل؟
ثالثاً: هل العرضات وقصائدها حرام؟
أولاً: نحييك باسمي ومن بالمسجد جميعاً، وندعو الله لك التوفيق والهداية، وأن يبدلك في الجنة خيراً مما تركته في الدنيا، فإن من ترك شيئاً لله أبدله الله خيراً منه في الآخرة، ولذلك في مسند الإمام أحمد: أن من ترك الغناء في الدنيا عوضه الله عز وجل بسماع غناء الحور العين في الجنة، ينشدن ويقلن: نحن الناعمات فلا نبأس، نحن الخالدات فلا نبيد، طوبى لمن كنا له وكان لنا، قال ابن القيم:
قال ابن عباس ويرسل ربنا ريحاً تهز ذوائب الأغصان |
هذا غناء أهل الجنة أن الله يرسل ريحاً رطبة هينة سهلة لينة على أغصان الجنة -نسأل الله تلك الأمكنة- فتهز الأغصان فتتلألأ، وتصطك الأغصان، فتحدث صوتاً عجيباً، آخذاً بالقلوب، فيعوضه الله عز وجل من ترك الغناء في الدنيا.
قال ابن عباس ويرسل ربنا ريحاً تهز ذوائب الأغصان |
فتثير أصواتاً تلذ لمسمع الإنسان كالنغمات بالأوزان |
ياخيبة الآذان لا تتعوضي بلذاذة الأوتار والعيدان |
فأنت -إن شاء الله- ممن يستمع الغناء الطيب، يوم تبت إلى الله وأنبت وراجعت حسابك مع الواحد الأحد.
أما: هل المبالغ التي أخذتها حلال أم حرام؟ فهذه المبالغ أولاً: يطلب منك أن تصرفها في مصارف الخير، وأن تتوب إلى الله عز وجل منها؛ لأنك أخذتها من أموال غير مشروعة، وهي أموال أقل قصاراها وأحكامها الكراهة والشبهة، فأنت تتقي الله ما استطعت، لا نقول لك احسب كل ريال دخل عليك وخرج، لكن تصدق بقدر المستطاع، عل الله أن يغفر لك مازل أو ما أكلت أو ما لبست، أما أن نقول لك: احسب كل حفل وكل ما حضرت وأخرج، فهذا شاق، ولا يكلف الله نفساً إلا وسعها، وعفا الله عما سلف، فنسأل الله أن يعفو عنك، لكن أنصحك بكثرة الصدقة، وإن كان عندك رصيد فاجعله في ميزان حسناتك عند الله، إما في مسجد، وإما للمجاهدين, وإما للفقراء، وإما أن تجعله في عين أو مشروع خير لينفع المسلمين، أو تتصدق به، وأما أن يلزمك الكل فلا، عفا الله عما سلف، واتقوا الله ما استطعتم، ولا يكلف الله نفساً إلا وسعها.
وأما إذا لم تستطع القضاء على الأشرطة فما هو الحل؟ الحل مادام أن عندك موهبة شعرية، فعليك أن تكثر من الاستغفار والذكر أكثر من كل الناس؛ لأن الله ذكر الشعراء في القرآن، فقال: إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَذَكَرُوا اللَّهَ كَثِيراً وَانْتَصَرُوا مِنْ بَعْدِ مَا ظُلِمُوا [الشعراء:227] فذكر الله الذكر هنا لأنهم أكثر الناس كلاماً، ونشيداً وقصائد، فأمرهم بكثرة الذكر، فأكثر من الاستغفار لكثرة قصائدك وأشعارك، حتى يكافئ هذا هذا.. إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ ذَلِكَ ذِكْرَى لِلذَّاكِرِينَ [هود:114] وما دام أن الموهبة عندك، فأنا أدلك على نظم القصائد الإسلامية التي تمدح فيها الإسلام، وتذكر الناس بالعودة إلى الله، والتوبة إلى الواحد الأحد , وتذكرهم بالقبر والحوض والميزان، وتنظم في العقائد والأخلاق، وتمدح أهل الدين والاستقامة، وتذم أهل الفسق والفجور، حتى تكون داعية من دعاة الإسلام، بشرط ألا يطغى عليك الشعر حتى يأخذ أوقاتك، وبشرط ألا يصاحب شعرك عود أو وتر أو ناي، أو دف أو طبل، بل تكن شاعراً تنظم هكذا في المجالس بلا آلة موسيقى، وتكون موجهاً، ويكون لك -إن شاء الله- لسان صدق عند الله، من الذين يحشرون تحت علم حسان بن ثابت شاعر الرسول صلى الله عليه وسلم.
وأما: هل العرضات وقصائدها حرام؟ فهذا يسأل فيه أهل الفتيا من أهل العلم، ويحال إلى هيئة كبار العلماء؛ لأنها مسائل عصرية اجتهادية، (وولِّ حارها من تولى قارها) فأنت تسألهم، وعليك أن تنقذ نفسك، وهذه الأمور فأنت لا تُسأل عنها، لكن عليك أن تنقذ نفسك، ويحال هذا السؤال إلى كبار العلماء ليفتوا عنه.
وصلى الله وسلم على محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً.
من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر