وأشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلَّم تسليماً كثيراً.
أما بعــد:
فهذه قصائد من (ديوان لحن الخلود) الذي سوف يصدر قريباً بإذن الله.
القصيدة الأولى: (القصيدة الذرية) أو (أبو ذر في القرن الخامس عشر) رضي الله عنه وأرضاه، وسببها: غربة المسلم في هذا العصر التي تشابه غربة أبي ذر رضي الله عنه حينما خُلِّف بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأبي بكر وعمر رضي الله عنهم أجمعين، رآه صلى الله عليه وسلم في تبوك وهو مقبلٌ وحده فقال: (رحمك الله يا
دمعة الزهد فوق خدك خرسا ووجيب الفؤاد يحدث جرسا |
أنت من أنت يا محب وماذا في حناياك هل تحملت مسا! |
مـا لهذي الدموع مالك صبٌ حالكم مأتمٌ وقد كان عرسا |
شامة الزهد في مُحيَّاك صارت قصةً تطمس الحكايات طمسا |
قال أزمعت هجرة بيقيني قد مللت المقام وازددت بؤسا |
وأتيت الصحراء تروي حديثاً يتوالى يفيظ روحاً وأسا |
تشتكي بعده وتهدي إليه زفرات الحنين جناً وإنسا |
هجرت نومها وأسهرها الحب فيا جندب ترى أين أمسى |
جاءها يقطع الرمال وحيداً يركب الليل يصحب الذئب خمسا |
كلما حل قفرة سار منها يتوارى يجس ممشاه جسا |
قال: يا أرض يا رمـال خذيني كفنيني إني عشقتك رمسا |
أنا يا بيد ضقت ذرعاً بجسمي فاحضنيني يا بيد فالأرض تعسى |
دولتي جعبتي وكنزي يقيني فإذا ما وصلت فالكل ينسى |
خوفتني القصور لما اشرأبت ماثلاتٍ تَزْوَرُّ عنفاً ونحسا |
طاردتني الدنا فطـرت برجلي واتخذت البلاد رحلاً وحلسا |
عشت فرداً والناس مليون حولي وأراها الذئاب غبسا وطلسا |
خولوني مالاً فقلت دعوني أنا مالي ألا أرى المال نحسا |
لاطفوني هددتهم هددوني بالمنايا لا طفت حتى أُحَسَّا |
أركبوني نزلت أركب عزمي أنزلوني ركبت في الحق نفسا |
أطرد الموت مقدماً فيولي والمنايا أجتاحها وهي نعسى |
قد بكت غربتي الرمال وقالت يا أبا ذر لا تخف وتأسا |
قلت لا خوف لم أزل في شباب من يقيني ما مت حتى أُدَسا |
أنا عاهدت صاحبي وخليلي وتلقَّنت من أماليه درسا |
لوحوا بالكنوز راموا محالاً وأروني تلك الدنانير مُلْسا |
كلها لا أريد فكوا عناني أطلقوني أسير في الأرض شمسا |
اتركوني أذوب في كل قلب أغرس الحب في حناياه غرسا |
أجتلي كل روضة بدموعي وأبث الأزهار في الروض همسا |
خفت الصوت في التراب وماتت عزمات كالفجر تنبس نبسا |
واختفت سيرة طوتها الليالي وتوارت ذؤابة الزهد حبسا |
استرح يا فؤادُ يا نفس قري واكتبي قصتي بسبعين طرسا |
أين ميراثه لينعم فيه عاشقو المال أين مالك أرسى |
بردة أبلت الليالي سداها وتركت العصا وخلفت ترسا |
وهذه القصيدة بعنوان: (على أرض الكويت) أُلْقِيَت في مهرجان شباب جامعات دول الخليج، في مدينة الكويت:
حي الكويت ففيها الملتقى الرحبُ والرأي والعزم والأبطال والنجُبُ |
وانثر ثناءَك مسكاً زاكياً عبقاً كأنما هو صوت الخلد ينسكبُ |
اسقِ المعنَّى بنار الحب عَلله ماء الخليج فقلب الصَّب ملتهبُ |
كويت ما عرف الأحباب غربتنا وقد أساء بنا الواشون إذ كذبوا |
ننوي الزيارة لكن في مرابعنا ما يذهل الهاجرين الدار لو رغبوا |
لا تحسن العذر منا ألفُ قافيةٍ لأن من يطلب الأعذار لا يهبُ |
هذي الجزيرة قد غادرتُها وجلاً من الفراق وقد أضناني النصبُ |
أما تراني براني الهم في صغري لم يبق يا صاح إلا العظم والعصبُ |
تركتُ نجداً شذا الريحانِ يَأسِرها في أرضها يتغنى الشعر والخُطبُ |
وللحجاز عتابٌ في عذوبته يَسْبِي القلوب فيا أهلاً به عتبُ |
سل الجمال بأرض الله أين غدا تجيب أبها ويروي السهل والحدَبُ |
من فقد ذيَّاك صار الهم يصحبني فالطرف منتبه والنجم منتصبُ |
وخفَّفَ الوجدَ إخوانٌ لنا هتفت لهم شئون فؤادي والتقى النسبُ |
فجدَّدت ذكرياتِ الحب رؤيتُهم فقد نسيت غداة الجمعِ مَن ذهبوا |
خذوا سلامي إلى أرض العراق ففي أحشائها الدهر والتاريخ والحِقَبُ |
وعرِّجوا بـدبي فانثروا قُبَلِي على تراب الرُّبَى هذي هي القُرَبُ |
كم في المنامة من خِلٍ ومعرفةٍ وكم على دوحة الأخيار مَن صحبوا |
سيحفظ الحبَّ قلبي في عُمان ولو قالوا بعُدْت فإن الوصل مقتربُ |
أتيت أحمل أحزاني لأنثرها في محفلٍ زانه الإفضال والأدبُ |
وأُمَّتي في بحور الخوف غارقةٌ لم تدرِ أين هو المسلوب والسَّلبُ |
أضحى يمزقها من ليس يرحمها وفي دماها هواة القتل قد خُضِبُوا |
تحاول اللات والعزى خديعتها وتعتلي أرضها الأصنام والنُّصُبُ |
كم ذاقت المرَّ من مستعمرٍ لبقٍ قد أنجبته، فخَابَ النسل والنَّسبُ |
هم الأشاوس إلا أن قوتهم في سحق إخوانهم إن يصدق الغضبُ |
هم الأباةُ ولكن في حظائرهم إذا تكسرت النبعاءُ والغربُ |
في دارهم كأسود الغاب جاثمة وفي نزال اليهود الفدم قد هربوا |
ظنوا القنابل أبواقاً مزخرفةً والقاذفات هي الأترج والعنب |
إذا تبدَّت لنا الميراجُ تقصفنا سعت لتسقطها الصيحات والخُطَبُ |
شجباً ونُكراً وتنديداً بغارتها الله كم نددوا يوماً وكم شجبوا |
كيف انهزمنا وما هذي بعادتنا سيُخْبِر السيفُ عنا والقنا السُّلُبُ |
سلوا فخامة كسرى عن كتائبنا وجيشه الضخم لما مُدَّت القُضُبُ |
سرى يجرُّ ذيول الخزي منكسراً وكُسِّرت عنده التيجان والحُجُبُ |
واستشهِدوا قيصرَ الرومي ودولتَه جنودُه في ليالي نصرنا حَطَبُ |
نعم نُصِرنا لأن الله مقصدنا وليس يخدعنا عن ربنا سَبَبُ |
واليوم مَزَّقت الدنيا مذاهبَنا وشَـتَّـتَـتْـنا الكراسي السودُ والرُّتَبُ |
فسامنا الخسف أخزى العالمين ومِن تدميره بكت الحيفاءُ والنقبُ |
وفي نيويورك ألقينا مطالبَنا وفي ربى موسكو نبكي وننتحبُ |
عفواً كفى القلب ما يدميه من أسفٍ لقد تساوى لدينا الطين والذهبُ |
وهذه القصيدة بعنوان: (المُدَوِّيَة) أو (الإسعاف في إتحاف سياف) أرسلتها لزعيم المجاهدين الأفغان الأستاذ الشيخ/ عبد رب الرسول سياف، جزاه الله عن الإسلام والمسلمين خير الجزاء:
سياف في ناظرَيك النصر يبتسم وفي محياك نور الحق مرتسمُ |
وفيك ثورةُ إسلامٍِ مقدسةٌ بها جراحُ بني الإسلام تلتئم |
حطمْتَ بالدم أصناماً محجلةً وصافَحَتْ كفّكُ العلياءَ وهي دمُ |
ثأرت لله والدين الحنيف فلم يقم لثأرك طاغوتٌ ولا صنمُ |
على جبينك من سَعدٍ توقُّدُه وخالدٌ في رؤى عينيك يقتحمُ |
قامت عزائمك الكبرى لمعركة بها بنو العرب ودوا أنهم عجمُ |
حلق إذا شئت فالأرواح طائرة فعن يمينك من عاهدت كلُّهمُ |
وصُغْ من المهج البيضاء ملحمة يظل يقرؤها التاريخ والأممُ |
موتاً على صهوات البيد يعشقه أهل البسالة في عليائهم شممُ |
لا موت مَن يكسر اللذاتُ فطنتَه حياتُه في الورى سيان والعدمُ |
سياف خذ من فؤادي كل قافية تجري إليك على شوق وتستلمُ |
قد صغتها أنت إسلاماً وتضحيةً وفي سواك القوافي أشهرٌ حرُمُ |
منك المعاني ومني نسجها وأنا نظْم وأنت على ألفاظها حكمُ |
أنفاسها منك إلا أنها مُثُلٌ وروحها فيك إلا أنها كَلِمُ |
بها حياءٌ إذا سارت لحضرتكم ماذا تقول ويكفي أنك العلَمُ |
حُبٌّ ولكنَّ شعري لا يحيط به من ذا يبلغه عن خاطري لَكُمُ؟ |
لمن تركت القصور الشم في دَعَةٍِ لمن تركت نعيماً كله ألَمُ |
لمن تركت المقاصير التي رُفِعَت لكل أرْعَنَ للذاتِ يلتهمُ |
سواك يرشُفُ كأساً من سُلافته وأنت ترشُف كأساً ماؤه الكرمُ |
كادت معاليك أن ترويك معجزة لكن تواضعك الأسمى لها كَتَمُ |
كأنما أنت كررت الأُلَى ذهبوا هذا صلاحٌ ومحمودٌ ومعتصمُ |
السائرون وعين الله ترقبهم السابحون وماء البحر مضطرمُ |
الواهبون نفوساً أفعمت ورعاً الشاربون رحيق الموت إن هجموا |
الساجدون ونار الحرب موقدة الذاكرون وزحف الهول محتدمُ |
أكفانهم نسجوها من دمائهمُ على مطارفها النصر الذي رسموا |
ماتوا ولكنهم أحياء في غرف من الجنان وذابوا لا فقد سَلِموا |
سارت إلى الحرب أرواحٌ مكرَّمةٌ لو لم تسر لسرت نار الفنا لهمُ |
لعل في الموت سراً كيف يعشقه جيل فكم شربوا منه وكم طعموا |
الميت الشهم يوصى الحي في لهف والحي يغبط موتاهم ويغتنمُ |
صاغوا الترانيم من صوت المدافع إذ سواهمُ يحتويه النايُ والنغمُ |
فكل أصيدَ منهم هبَّ منطلقاً كالنجم كم من شياطينٍ به رُجموا |
لو خاطب الموتُ فرداً واحداً وهمُ مليون سهم لأموا الموت واستهموا |
قنابل الموت صيغت من جماجمهم فالموت أصبح من غاراتهم يَجِمُ |
والطائرات على صيحاتهم سقطت صرعى ورُبَّانها فوق الربى فحمُ |
يكبرون فتهتز الربى فرَقا ويهتفون فيسعى النصر نحوهمُ |
من كل أطلس عزرائيل يشبهه في فيلق النصر لا يبكون ميْتَهُمُ |
تلك المكارم لا دنياً مزخرفةً قد مازج الماء منها الذل والندمُ |
يا رب أنت ولي المسلمين ومَن سواك من هذه الأصنام ينتقمُ |
أنزل على جندك الأسمى ملائكةً وراء جبريلَ روحَ القدْسِ ينتظمُ |
ثبت قلوباً بك اللهم قد علقت ساروا إليك وماتوا فيك واعتصموا |
بيِّض الوجوه على الرمضاء قد سجدت إليك وحدك أنت المالك الحكمُ |
وهذه القصيدة أو المقطوعة بعنوان: (إلى الأحبة).
خيالك ما بدا لي أم خيالي فما أدري يميني مِن شمالي |
لقد سَكِرَت معاني الحب حتى أقام صلاته قبل الزوالِ |
أتيتُ أحبتي فنسيتُ نفسي وكنت جوابهم قبل السؤالِ |
نحرت على مُنى الإخوان شخصي كذاك النحر لا نحر الجمال |
وطفت على قلوب الصحب سبعاً رملت على الحشا قبل الرمال |
ولما جئت زمزم سابقتني دموع من سجال عن سجال |
رويت من الدموع وقلت شكراً لساقي الماء مائي من دِلالي |
دعوني أكتسي ثوباً لقلبي فقلبي مزقته يد الليالي |
وفكوا مهجتي أبكي بدمع طهور يغسل الحقب الخوالي |
فأحشائي جراحات كبار بها غاصت نصال في نصال |
غفوت لعل طيف الحب يسري ونمت فأيقظتني سوء حالي |
وكف الهجر يمسح دمع عيني فتشكوه الجفون إلى الوصالِ |
لقد طالت ليالينا فهلا يصرمها نداء من بلال |
حنين قلوبنا للفجر أضحى نشيداً في حناجره الطوال |
وهذه القصيدة بعنوان (ثناءٌ وتبجيل لمعلم الجيل صلى الله عليه وسلم).
الأماني على لسانك أحلى فأعد يا حبيب عصراً تولى |
لم أقضَّ لبانة العمر فيه ونهاني المشيب لما أطلا |
أعصر الليل في كئوس من الحزن وأدعو الصباح حتى أملا |
وأناجي الدجى بهمسة حب فارغ الصبر من لساني لعلا |
ذكريات مع الرسول وحب تستثير الشجون منه الأجلا |
كلما مر ذكره في فؤادي قال قلب المحب أهلاً وسهلا |
كيف أحكمت يا عظيم بناءً هو من كل مشرق العمر أعلى |
وتفانيت في بناء كيان أنت أوليته عطاءً وبذلا |
كلما صغت جملة من نضار أنبت دوحة من المجد جلا |
وإذا ما ابتسمت أبدعت جيلاً مرهف الحس يمتطى كل مثلى |
المعاني تضوع منك وتبني فيك آمالها وترجوك خلا |
والليالي تنورت بشموس أنت أرسلتها عفافاً ونبلا |
والصحاري إذا مشيت رياض ملئت بالجمال حسناً ودلا |
والتراب الذي وطئت وربي فاق تبر الحياة بل ذاك أغلا |
شخصت فيك مقلة فاستلذت رؤية الحب في معاليك تجلى |
قد أسرت القلوب بالحب حتى أصبحت في يديك بالحب جذلى |
فإذا ما ذكرت فاضت عيون جعلت ذكرك المعظم كحلا |
يعذر الصب في البكاء ونفس لم تصاحبك في حياتك ثكلى |
غير أن اللقاء أضحى وشيكاً في سنين تمر بالحب عجلى |
أي نعمى في هذه الدار إلا ذكرك العذب إن تولى وحلا |
وإذا فاتك الحبيب فعجز أن تدع من حديثه كل أحلى |
قد وجدنا في خلة الناس هجراً وجعلنا حديثك الشهد خلا |
ولزمنا البيوت نقطف زهراً من رياض أخبارها فيك تتلى |
نتهادى كالطير نجلو هموماً في حقول ما شئت ماءً وظلا |
بأسانيد كالنجوم تجلت وفؤاد المحب فيها تجلى |
ولذا همت بالحديث فروحي إن منعت الحديث تقتل قتلا |
هو عندي ألذ من كل شيء فاجتهد ما تشا ملاماً وعذلا |
ما سوى الذكر والحديث فإني أجد الوقت كاسداً ومملا |
هل أبيع الأيام في قول مثلي وأعير الأنام فهماً وعقلا |
هو مهما ارتقى فيكفيه نقصاً لم يكن بالنبي حاشا وكلا |
أمه الأرض أرضعته بثدي من لبان تدره وهي حبلى |
لا كثدي من السماء تجلى فيه وحي يشفيك نهلاً وعلا |
مرحباً مرحباً بجيل كريم مشرئب للمجد أعلى وأعلى |
مشرق كالسناء يهتف بالأشـ واق لا يشتكي سهاداً وكلا |
إن أبها بكم تفوح عبيراً وهي تهدي لكم ثناءً أجلا |
ولد الحسن والنبوغ سوياً والبها صار للنباهة خلا |
ليس هذا من الغريب فإنا من بلاد منها الضياء أطلا |
هذه أُرْجُوزة فيها وصايا وفوائد بإذن الله.
لك مني الحمد يا رب العباد خالصاً يجري مع دمع في المداد |
ثم حيوا بالصلاة المجتبى هاشمي البيت مرفوع العماد |
والرضا عن صاحب القلب الكبير قل أبو بكر وما فيها نكير |
صاحب الغار المنادى للصلاة جمع الله به الجمع الغفير |
وأبو حفص بلا شك عمر صادق اللهجة محفوظ الأثر |
نشر العدل وقوى ملة أخرجت أهل المعالي من مضر |
واغش ذا النورين بالنور الأجل أهو عثمان فقل إي وأجل |
صاحب الليل المسجى بالسجود سار للجنة بالخطو العجل |
وارض ربي عن حسام مرتضى الإمام السيد الشهم الرضى |
صاحب الراية في حرب اليهود التقي المرتضى حتى مضى |
رب أكرم حسناً ثم الحسين لهما كل الوفا من سيدين |
واذكروا أمهما تلك البتول خير من حاز الحجا بنت الرسول |
والنجوم الزهر أعني العشرة ثم من بايع تحت الشجرة |
لست أنسى حمزة ليث الردى وكذا جعفر موفور الندى |
بعد هذا هاك مني موعظة لفؤاد الصب مثل الموقظة |
هي في سبك الحلى مثل الذهب ليس مني بل لجيل قد ذهب |
أنزل الله بهم رضوانه وحباهم ربنا غفرانه |
أجمعوا أن التقى خير عمل وتواصوا كلهم قصر الأمل |
وهي توفيق من المولى العظيم سيما إن ساعد الجد القويم |
فابذل الجهد ولا تهو الكرى فاز من في سيره ليلاً سرى |
لا تنم إلا كنوم الطائر كثرة النوم لباس القاصر |
واحفظ القرآن دستور الحياة زاد زهاد وجند ودعاه |
ثم نمق في حديث المصطفى فهو نور وجلاء وشفا |
واكتسب من كل فن ما يطيب عند أسلافك مكنوز عجيب |
تخذ الفقه رياضاً وارفة فبه من كل خير عارفة |
بعد أن تكسوه من وشي الدليل ما يروي كل صب وعليل |
واعرف الأنساب واقرا الأدبا فبها تسمو الكماة العربا |
وانظم الشعر كشعر الأشنب أو كحشد في جفون الربرب |
وألن قلبك بالذكر الكثير بلسم يجلب للقلب الكسير |
وانصبن نفسك فينا داعية تشتفي منك القلوب الواعية |
وهي أُرْجُوزة قصيرة نظَمْتُها في الطائرة في سفري إلى الرياض لأمسية شعرية.
يقول عائض هو القرني أحمد ربي وهو لي وليُّ |
مصلياً على رسول الله مذكراً بالله كل لاهي |
قد جئت من أبها صباحاًباكرا مشاركاً لحفلكم وشاكرا |
وحَمَلَتْنَا في السما طياره تطفح تارة وتهوي تارة |
قائدها أظنه أمريكي تراه في هيئته كالديكِ |
ولا يجوز الابتدا بالنكره ومن أجاز ذاك فهو بقرة |
إلى آخر ما قلت، ومنها:
ومن يزور لندناً في عمرة له ثواب حجة وعمرة |
هذه القصيدة ثناء وتبجيل للشيخ الفاضل والوالد الكبير سماحة الشيخ/ عبد العزيز بن عبد الله بن باز، ومن واجبنا كمسلمين أن نحتفي بعلمائنا، وأن نقدرهم، وأن نعرف حقهم؛ لأنه واجبٌ شرعيٌّ علينا.
من هذه المبادئ والمفاهيم قلت هذه القصيدة:
قاسمتك الحب من ينبوعه الصافي فقمت أنشد أشواقي وألطافي |
لا أبتغي الأجر إلا من كريم عطا فهو الغفور لزلاتي وإسرافي |
عفواً لك الله قد أحببت طلعتكم لأنها ذكرتني سير أسلافي |
والمدح يا والدي في غيركم كذب لأنكم لفؤادي بلسم شافي |
يا دمع حسبك بخلاً لا تجود لمن أجرى الدموع كمثل الوابل السافي |
يا شيخ يكفيك أن الناس قد شغلوا بالمغريات وأنت الثابت الوافي |
أغراهم المال والدنيا تجاذبهم ما بين منتعل منهم ومن حافي |
مجالس اللغو ذكراهم وروضتهم أكل اللحوم كأكل الأغطف العافي |
وأنت جالست أهل العلم فانتظمَتْ لك المعالي ولم تولع بإرجاف |
بين الصحيحين تغدو في خمائلها كما غدا الطل في إشراقه الضافي |
تشفي بفُتياك جهلاً مطبقاً وترى من دقة الفهم دراً غير أصداف |
أقبلت في ثوب زهد تاركاً حللاً منسوجة لطفيلي وملحاف |
تعيش عيشة أهل الزهد من سلف لا ترتضي عيش أوغاد وأجلاف |
فأنت فينا غريب الدار مرتحل من بعد ما جئت للدنيا بتطواف |
سر يا أبي واترك الدنيا لعاشقها في ذمة الله فهو الحافظ الكافي |
أراك كالضوء تجري في محاجزنا فلا تراك عيون الأغلف الجافي |
كالشدو تملك أشواقي وتأسرها في نغمة الوحي من (طه) ومن (قاف) |
ما أنصفتك القوافي وهي عاجزة وعذرها أنها في عصر إنصاف |
يكفي مُحَيَّاك أن القلب يعمره من حبكم والدي أضعاف أضعاف |
يفديك من جعل الدنيا رسالته من كل أشكاله تفدي بآلافِ |
هذه رباعية في الثناء عليه صلى الله عليه وسلم.
نسينا في ودادك كل شيء فأنت اليوم أغلى ما لدينا |
نلام على محبتكم ويكفي لنا شرفاً نلام وما علينا |
ولما نلقكم لكن شوقاً يذكرنا فكيف إذا التقينا |
تسلى الناس بالدنيا وإنا لعمر الله بعدك ما سلينا |
وهذه قصيدة بعنوان (تعالَ معي).
تعال معي ورتل في أذان الفجر أنغاما |
وأرسل في جفون الليل من رؤياك أحلاما |
لعل الليل تؤلمه جراح منك إن قاما |
فيحنو كالفؤاد الصب فالآهات أيتاما |
ويحسو منك روح الحب جاماً إثره جاما |
على الصحراء نبني خيمة الأشواق أياما |
ونصنع من دموع الوجد فوق الريح أقلاما |
فقد طالت ليالينا وأضحى يومنا عاما |
نريد سماءنا سلماً نريد الأرض إسلاما |
فكم من أدمع ضاعت وكم من ماجد هاما |
ومن عجب ترى الأصنام صاغت فيك أصناما |
لأنك قد بنيت على رفاة الوهم أوهاما |
سُقيت على بساط الإثم كأس الهجر آثاما |
فكان جزاؤك المعهود يا بن الأرض إعداما |
وهذه مقطوعة بعنوان (مع بلال) مؤذن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
ماست على شفتيك نغمة بلبل فانساب ماء الحب في الخد الجلي |
وتطايرت ومضات عينك أنجماً تُهْدى لكل مكبر ومهللِ |
تسقي حُمَيا الموتِ ألف أمية (أَحَدٌ) هتفت بها لكل معطلِ |
نازلتهم وقذائف التوحيد من كفيك تهوي للجبان الأنذلِ |
فسحقت طاغوت الضلالة معلناً نصراً على رغم المهين الأعزلِ |
أبلال فاسلَمْ يا سواد محاجرٍ أشبهت إنسان العيون الأجملِ |
أصوتكم زارني أم نغمة الوتر أم سحر شدو رواه الشدو في السحرَ |
أم ومضة من سناكم أرسلت ألقاً أكاد أشفق من خوف على نظري |
ملأت من نغمات الحب أنفسنا لأنت عندي ملء السمع والبصرِ |
قامت بتكبيرك العالي عزائمنا من بعد أن عجزت وهناً من الكبرِ |
وهلل الفجر من تهليلكم جذلاً وقام يرسم آمالاً على الشجرِ |
بلال يا قصة الشجو الذي هتفت له القلوب وقد كانت من الحجرِ |
أعد بلال نشيد الحب منتظماً ورتل الحق يروي أعذب السورِ |
لما صرخت بآذان الهدى خشعت لك الوهاد وذاب الطل في الزهرِ |
توضأ الفلق الباهي على حدسٍ من صوتكم واستفاقت رفقة السمرِ |
والطير نشوان من شجوى هتافكم والروض يهتز في باهٍ من العمر |
كم رددت صوتكم بالحب أندية مأنوسة من أبي بكر ومنعمر |
سكبت في أذن الدنيا محاضرة من الوداد فذاب الحب في البشرِ |
قذيفة الحق من إيمانكم أحد ترمي به كل نذل غير مستترِ |
وهذه قصيدة قلتها في صبيا في لقاء مع بعض الإخوة.
طف بالفؤاد على ربـا يبرين إن كان دينك في الصبابة ديني |
ومعنفي باللوم قلت له اتئد الدمع دمعي والعيون عيوني |
لله هذا الجمع كيف تنورت صبيا فكم من ماجد ميمون |
نيروز أوقاتي بكم متألق وغياب قلبي عنكم تشريني |
كم في دياركم وكم في سوحكم من حاذق لا يكتفي بالدون |
طارت به همم الرجال لمنزل في العلم في عز مع سحنون |
زانته أردية الوقار فخلته يمتاح فيض الخير من ذي النون |
أحفادسعد والمثنى في العلا وذوو الفضائل من صلاح الدين |
ضحكت لك الدنيا وأروق عودُها وافتنَّ بلبلها وفاح ورودها |
وتلألأت طلعات فتية أحمد تجتاح أصنام الضلال بنودها |
ماتت على صيحات أبطال الهدى حزب الخنا شوعيها ويهودها |
يرعى علاها الله جل جلاله ومن الشريعة ركنها وعمودها |
سهروا مع القرآن في غسق الدجى في ليلة ينسي النهار سجودها |
لا من على الشهوات يطرح رأسه معبود أندية الهوى معبودها |
نغم الخليل يهز أندية الملا فيموت من وقع الصدى نمرودها |
هذه المقطوعة في فضيلة الشيخ عبد الله بن عبد العزيز بن مصلح لما سافر إلى الباكستان.
يا راحلاً عن بلاد لم تعد سكناً لما رحلت كأن الناس قد رحلوا |
دمع الصبابة في أجفان صحبكم وللقلوب على فرقاكم وجلُ |
ما لي وللعجم العجماء آثرها شهم من العرب العرباء منتقلُ |
لعل في الأمر شيئاً ما أحاط به شعري وليس غريب الفعل ما فعلوا |
لا يزرع النخل إلا في مغارسه ولا يشاكله في فضله البصلُ |
مهلاً أبا شاكر لو كان ينفعنا مهل ولكنها أيامنا دول |
عسى الذي كتب الفرقى وقدرها يقدر الشمل والأشواق تتصلُ |
وطُلِب مِنْ فضيلته (شرح كتاب فتح الباري) لطلبة أصول الدين، المستوى الثاني، فكتبت لهم هذه الرسالة إليه:
رؤياك عندي زينة الأعمار ووصول مثلك أشرف الأوطارِ |
لكن إبلاغ المشوق صبابة أولى وأجمل من وصول الدارِ |
يكفي محياك البشوش فضيلة أسر القلوب بفيضك المدرارِ |
كلماتك الغر العذاب وسحرها طردت لذيذ النوم في الأسحارِ |
لا غرو أن تسبي القلوب فإنها طوع المحب ومغرس الأبرارِ |
ما قلت هذا القول حتى حزته عن ثلمة الأمثال والأشعارِ |
عصماء ترفل بالثناء نظمتها فيضاً إلى الإخوان والسمارِ |
أوما سمعت بأن قوماً عندنا طلبوا الهمام الشهم فتح الباري |
جاءوك عواداً وزواراً ولـو ندبوك للجلى لكنت الشاري |
والعذر يجمل من سواك وإنه منكم غريب فاقد الأعذارِ |
هذه المقطوعة بعنوان: (صوت الريح).
على كتلة من رمال الهمـوم رقدتُ لأسمع صوت الرياحْ |
لأنسى بها كل ما زارني من الحزن حتى يزور الصباحْ |
ففاجأني الليل في غمضة ثقيل الخطى جاثماً في الوشاحْ |
فقلت: أما كان يكفي أسى مآسي حتى نكأت الجراحْ |
فقال يقولون إن اللبيب إذا سَلِّ همته ما استراحْ |
أهوى سنا النجم لا للنجم أهواه لكن أهواه إعجاباً بعلياهُ |
كل له همة عاشت تناسبه فلا يخالفها والمانح اللهُ |
ترى الشجاع ونار الهول موقدة يهوى الردى وهو موت فاغر فاهُ |
والعالم الَحْبرُ أهدى الليل مهجتَه وجاهل نحلت بالنوم عيناهُ |
ما أنْحَلَ الجسم إلا ثقل راكبه ولا دَمَى القلب إلا ما تمناهُ |
سَلَّ قلبي بأحاديث السَّمَرْ وانثر الأخبار في ضوء القمرْ |
واترك الليل طويلاً بالمنى إن ليل الصب مطموس البصرْ |
فإذا أغرى بك النجم فقل أيها النجم رويداً فاستترْ |
اسق بالذكر فؤاداً طالما فقدت أحشاؤه طعم المطرْ |
رب سبحانك فارحم مبلساً واجم الفكر معنى بالسهرْ |
يتهادى بذنوب جمة تحت برديه ولكن ما كفرْ |
يستبيح العذر منهوش القوى سار في الركب عليلاً فعثرْ |
فأعد يا رب في أجفانه دمعة الخشية أو نور الفكرْ |
وارحم اللهم جسماً ناحلاً ذابل المهجة في السير فترْ |
شوقه يسري ولكن جسمه في خيام الحي شلواً ينتظرْ |
تبسم واعمر الأرواح عطرا فإن مِن الوَداد العذب سحرا |
وذب في مهجة الأحباب شهداً لتملأ جعبة الأيام أجرا |
فسلطان المحبة لَوْذَعِيٌّ وما أنبئتُ أرفعَ منه قدرا |
إذا لم تدرِ أنك لست تدري فأصل الدهر بالأوغاد أدرى |
بتبسمي أطفأت ألف ضغينة وزرعت في قلب العليل ودادا |
متجهم القسمات كم لا طفته لأسل من أضلاعه الأحقادا |
ما كان مثلي بالطبيب وإنما طب التجارب تحكم الأوغادا |
لا تشتر جهلاً عداوة ماجدٍ لتنال يا خدن العلا أمجادا |
لكم منا السلام وإن بعدنا فقد كنتم على الدنيا سلاما |
ونصركم القريب رسول مجـد دماء الشعب في خمسين عاما |
سترتفع الدماء من الضحايا ويلقي المعتدي موتاً زؤاما |
تزينت الجنان لكم وهشت للقياكم وهيأت المقاما |
وحيا الله بالشهداء منكم إلى المأوى وألبسهم وساما |
وأخلف أهلهم صبراً جميلاً ليمسح فيضه دمع اليتامى |
فقل للملحدين لقد خسرتم ستسقون الردى جاماً فجاما |
هذه القصيدة بعنوان (إلى اللقاء) قلتها بمناسبة وفاة أخي وشقيقي محمد بن عبد الله القرني، تغمده الله برحمته وغفرانه.
يا من تذوقت طول الدهر صحبته فكان يسكن في سمعي وفي بصري |
صاحبته صحبة العينين فامتزجت أرواحنا منذ شب العود وهو طري |
سيان عشنا وعاشت في ضمائرنا سيما الوداد فأبقت أطيب الأثرِ |
لا راعك الله في دنيا نهايتها فرقى تحل وسكنى أضيق الحفرِ |
وأحسن الله أجراً كنت ترغبه فقد أتاك على صغر من العمر |
ورافقتك من الرحمن رحمته في جنة الخلد بين الماء والشجر |
لك الجناح فرفرف في مرابعها إذا أتيت جناحاً طائراً فطرِ |
رفرف مع جعفر الطيار في فنن على كثيب من الرضوان في السحر |
أشجى وزادك تذكار الرحيل فقد قدمت بعضك كي تأتي الحمى فسرِ |
عهد لقلبك عندي لا أخيس به يا طيب ذكرك في الدنيا لمدكرِ |
لا تبكِ من ويل الفرا ق ولا تفجع يا أباهْ |
فلقد سمعتُ مُرَنِّماً فأجبت مسروراً نداهْ |
فاصبر فيا لك من أبٍ قد أحسن الباري عزاهْ |
أنا في منازل جنة خضراء تاهت بالهُداةْ |
لا تبكِ علَّك أن ترى قبساً ينوركم سناهْ |
وشفـاعة تبقى لكم ذخراً سيحفظها الإله |
أنا جئت طيفاً عابراً لا أبتغي عيش الحياة |
دعني بطُهري راحلاً لا لا تدنسه الطغاة |
لا تبكِ إنك لاحقي والركب قد سارت خطاهْ |
من فـارق الدنيا ولم يسكن بها تربت يداه |
وهذه القصيدة كانت رداً على قصيدة شاعر زبيد الأستاذ/ محمد بن حسين الزبيدي التي أرسلها إلي، فقلت له بعنوان: (إلى شاعر زبيد):
نهدي السلام الذي في القاع مسكنه عساه من نفحات الشِّيح يهدينا |
نزلت في غوطة والورق أسألها علام يا حاملات الحُسْنِ تبكينا |
فارقتمونا فلم ننسى مودتكم فذكركم عن جميع الناس ينسينا |
أما ذكرتم لنا عهداً ومعرفةً وافقتم الدهر عن وتر يعادينا |
ردوا السلام إذا زرتم منازلنا عليك تسليمنا يا من تحيينا |
وباكرتك من الأرياف هائجة تجتث من جانب الوادي رياحينا |
ما كنت أحسب أن الحب يصرعني حتى تعلمت فن الهجر تلقينا |
محمد بن حسين غاب وافدكم وبُعْدُكم يا أخا الإسلام يضنينا |
آخيتمونا على حب الإله وما كان الحطام شريكاً في تآخينا |
فكيف يسلو رفيق الليل عن قبس قد كان دوماً بتقوى الله يوصينا |
يا كنـزنا كم بحثنا عنك في نصب لقيته ذهباً ما مازَجَ الطينا |
العلم والفهم والتوجيه شيمته ما فاته الحزم في دنيا ولا دينا |
قل لي بربك هل ماء الحياة صفا في بُردْكم فلماذا لا تروِّينا؟ |
شكراً زبيد فقد أهديتِ ما عجزت عن مثله في المدى روما وبرلينا |
قد خصنا الله ربي من كرامته فذا سليلُ المعالي داعياً فينا |
يطاوع الدمع شوقي في تسرعه أظن أن لهيب البعد يفنينا |
أرى الجمال قبيحاً عند فقدكم وألمس الشوك في زَهر البساتينا |
والنوم إن لم يكن في قربكم أرق والشهد يا صاح في فرقاك غسلينا |
عتابكم أرج من طيب دوحتكم ولومكم بلسم بالنصح يشفينا |
وعذركم عندنا برهان حجتكم يرد عنكم بصدق العذر قاضينا |
عهدي بـحسَّان في وقت تقدمنا إذا بسحر القوافي نافثاً فينا |
يا راحلين إلى أرض الحجاز خذوا بالله يا أيها الأحباب أشجاني |
هاكم دموع محب طالما لعبت به الهموم على بُعْد وهجرانِ |
يحن قلبي إلى وادي العقيق ولو دنا العقيق لما حُمِّلتُ أحزاني |
أو في الحمى دون سلع فانثروا قبلي وذكروه فديتم أرض نعمانِ |
عند المصلى وفي وادي الأراك لنا شوقٌ قديم يذيب المدْنَف العاني |
واستشهدوا البان علَّ البان يخبركم بما لقيت به من ساكن البان |
قف في الحياة تر الجمال تبسَّما والطل من ثغر الخمائل قد هَمَى |
وشدت مطوقة العروس ورجَّعتْ وترعرع الفنن الجميل وقد نما |
وسرى النسيم يهز عطف عبيره والماء في عطف الجداول تمتما |
وتفتح الأزهار واعتنق الندى هَدَرَ الغديرُ وكان قبل ملثما |
والشمس أرسلت الأشعة في الفضا بدداً وقبلت الجليد فهمهما |
وبكى الغمام من الفراق فشامت في الأرض يضحك ترحة وتلوما |
والمؤمن اطلع الوجود مسَلَّماً أهلاً بمن حاز الجمال وسلما |
فجثت لطلعته الجبال وأذعنتْ إذ كان منها في الحقيقة أعظما |
وقد اشرأبت كل كائنة له فكأنه ملك يسير معلَّما |
ورأى الحياة بنظرة قدسية وبها إلى عز المهيمن قد سما |
كشف الحجاب عن الغيوم فأشرقت سبل الهداية قبله فتقدما |
عرف الحقيقة فاستنار بنورها وتراه في عمق التفكر ملهما |
في كل ماثلة تمر بعينه عبر تُعرَّفه الإله الأعظما |
حبل الرجاء غدا به متمسكاً أنعم بحبل قط لن يتصرَّما |
أترى الجمال بغير منظار حسناً ولو ملكت يداك الأنجما |
أتظن أن الأنس يسكن برهة قلباً ولم يك في الحقيقة مُسْلِما |
لا والذي جمع الخلائق في مِنَى وبدا فأعطى من أحل وأحرما |
ما في ربوع الكون أجمل مَنْظَر من مؤمن للسعد جدَّ ويَمَّما |
إن مت يا حامي الحياة فإنما هي نقلة تلقى حياة أوسما |
في ظل رب كنت قد وحدته تلقاه في الأخرى أبر وأكرما |
بل كيف ترحل والحياة تقودها ماللعوالم حول قبرك جثما |
فاسعد فقد ظفرت يداك بصفقةٍ واهنأ فإنك بعد لن تتندما |
آية الله في الفضاء الكبير شاهداتٌ بصنع رب خبير |
في انبلاج الإصباح في هدأة الليل وفي بسمة الصباح المنيرَِ |
في ابتسام الورود عن كل ثغرٍ في انتفاض الربى بعطر العبيرِ |
إن محيا النبات من سيب غيثٍ لجدير ببعثنا في النشورِ |
فاسمع الكائنات قد سبحته شاخصات إلى العلي القديرِ |
عز من لا يموت عن كل ند وتعالى عن صاحب وظهيرِ |
إنما الخلق ذرة في يديه صغر الكون في امتلاك الكبيرِ |
إله الكون يسعدني رضاكا ومالي خالق أبداً سواكا |
تراك إذا رأيت الكون عيني وأنت الله أعظم أن نراكا |
***
إذا ما الفجر في الآفاق حاكا وإذ بالطل منسكب تباكي |
فشوقي فيك ملتهب وبيني وقلبي دائماً يهوى علاكا |
***
وإذ بالماء في الأوهاد يسري يتمتم عن معانٍ لست أدري |
عساه يقول للرحمن شكراً فأنت الله قد أجريت نهري |
***
وتنشق الزهور بكل لون تقول لنا أيا قومي دعوني |
أسبح للذي بالماء أسرى إلي وكنت في هول المنونِ |
***
إلهي في جميع الكون شاهدْ بأنك موجد للخلق واحدْ |
ومن جحد الحقيقة كَذَّبوه كذبت لقد خسرت أيا معاندْ |
الحمد لله الولي رب العباد المعتلي |
ثم الصلاة الجمة على شفيع الأمة |
محمد المختار مقدم الأبرار |
وصحبه وآله والكل في نواله |
ورجل الخلافة ابن أبي قحافة |
ثم عن الفاروق الناصح الشفوقِ |
وحب ذو النورين فذاك قر العين |
ثم الإمام المرتضى سيف الإله المنتضى |
ثم جميع العشرة وبعد أهل الشجرة |
وهذه وصية إلى الملا محصية |
جمعتها للفائدة في حسنها كالمائدة |
سميتها الخفيفة للأنفس اللطيفة |
أوصيك يابن الدين يا صادق اليقين |
أن تتقي الله الصمد منزهاً عن كل ضد |
وقم وحي الخطبا وأوصهم مختطبا |
فهم على المنابر كالأنجم الزواهر |
وواجب الخطيب والمصلح الأريب |
أن يعتني بالموعظة حتى تكون موقظة |
يحقق الإخلاصا ليحرز الخلاصا |
ويعتني بالعلم فهو أجل الغنم |
ولا يكن بليدا في وعظه رعديدا |
بل يجتهد ولا يمل ويحفظ الله الأجل |
لا يسمع الغناءَ لا يحمل الرياءَ |
ولا يضيع وقته فالموت يأتي سكتة |
فالدين ليس مضحكة بل مسجد ومعركة |
ولا لأجل الراتبِ يا معشر الأطايبِ |
فيحرم التلاعب بالمال والمناصب |
أما شروط الخطبة أنصت إليها رطبة |
تحضيرها من الكتب والبحث يتلوه النصب |
ومبدأ التطويل من شيم الثقيل |
وعدم اللحن فما أقبحه وأظلما |
ويعتني بالإلقا مخافة أن يلقى |
ولا يرى في المحكمة عند القضا لمظلمة |
فعاشق المشاكل في كل أمر فاشل |
بل يستتر في داره مستأنساً بجاره |
عليك بالنوافل فأجر تلك حاصل |
فصاحب القرآنا وسبحن مولانا |
واسجد له بعض الدجى وجهك أضحى أبلجا |
ولا تكن في شلة فالفسق ما أذله |
وصاحب الأخيارا فغيرهم حيارى |
لا تشتغل بالغيبة فيها الردى والخيبة |
وصل ربي أبدا على الرسول أحمدا |
ثم سلام ربي على جميع الصحب |
يتهاوون كالفراش هياماً كلهم همه حصول المناصبْ |
علمتهم أفكارهم كيف يرقو ن وفي الجو منهم ألف غاصِبْ |
لم تخولهم المواهب تقديراً فما القوم من رجال المواهبْ |
حينما شابهوا الزمان دعاهم والزمان التعيس يهوى الحبايبْ |
أنت من أنت يا شبيه الزرافة يا عظيماً في كِبْرِهِ والسخافة |
خفف الوطء ما رأيناك شيئاً كلما زدت كبرةً زدت آفه |
هل توهمت أن جدتك الكبرى تولت على الأنام الخلافه |
أم لأن العلوم صيغت جميعاً في دماغ ما فيه إلا الخرافه |
دنياك تزهو ولا تدري بما فيها إياك إياك لا تأمن عواديها |
تحلو الحياة لأجيال فتنعشهم ويدرك الموتُ أجيالاً فيُفنيها |
عارية المال قد ردت لصاحبها وأكنف البيت قد عادت لبانيها |
والأينق العشر قد هضت أجنتها وثلة الورق قد ضجت بواكيها |
يا رب نفسي كبت مما ألم بها فزكها يا كريم أنت هاديها |
هامت إليك فلما أجهدت تعباً رنت إليك فحنت قبل حاديها |
إذا تشكت كلال السير أسعفها شوق اللقاء فتعدو في تدانيها |
حتى إذا ما كبت خوفاً لخالقها ترقرق الدمع حزناً من مآقيها |
لا العذر يجدي ولا التأجيل ينفعها وكيف تبدي اعتذاراً عند باريها؟! |
فإن عفوت فظني فيك يا أملي وإن سطوت فقد حلت بجانيها |
إن لم تجرني برشد منك في سفري فسوف أبقى ضليلاً في الفلا تيها |
من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر