وإن من أكبر معجزات الأنبياء هي معجزة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم بإنزال القرآن الكريم المعجز في فصاحته وبلاغته وإخباره بالغيب، وأكرمه الله بمعجزات أخرى تناسب كل رجل أو قوم، حتى يزداد إيمانهم ويقينهم ويكون حجة على من لم يؤمن.
هذا هو الدرس الخامس من قصة الرسالة بعنوان: معجزات الرسول صلى الله عليه وسلم.
كان صلى الله عليه وسلم في طريقه إلى تبوك، ومعه جيش حافل، عداده ثلاثون ألف مقاتل في سبيل الله، ومعه عشرة آلاف فرس، وآلاف الجمال، فلما أصبحوا في الصحراء بعيدين عن الماء، أشرفوا على الهلاك، لا آبار حولهم، ولا أنهار، ولا أمطار، بحثوا في قربهم، فإذا هي قد انتهت بمائها، التمسوا الماء يمنة ويسرة، فإذا هو لا ماء، أخذوا يتلمسون الماء، جفت لسان كل واحد منهم، نشفت كبده في جوفه، وأجرهم عند الله، قال تعالى: ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ لا يُصِيبُهُمْ ظَمَأٌ وَلا نَصَبٌ وَلا مَخْمَصَةٌ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلا يَطَأُونَ مَوْطِئاً يُغِيظُ الْكُفَّارَ وَلا يَنَالُونَ مِنْ عَدُوٍّ نَيْلاً إِلَّا كُتِبَ لَهُمْ [التوبة:120].
فأشار بعضهم على بعض بأن ينحروا الجمال ويخرجوا ما في بطونها وبأكراشها من ماء فيعصرونه ويشربونه، إلى هذا الحال، وإلى هذا المستوى بلغ الجهد والظمأ.
حتى إن الفرزدق الشاعر المشهور حين ظمئ مرة من المرات يقول:
على ظمأ لو أن في القوم حاتماً على جوده ضنت به نفس حاتم |
يقول: بلغنا من الظمأ درجة لو أن حاتماً الطائي على كرمه معنا، ومعه ماء فلن يسقينا، فهؤلاء الصحابة بلغوا من الجهد والإعياء والظمأ أعظم من ذلك، أشار بعضهم بنحر الجمال، فقام عمر إلى الرسول عليه الصلاة والسلام وعرض عليه المشكلة، وقال: {يا رسول الله إن الله قد عودك عوائد فادع الله لنا} يقول: أنت صاحب العوائد أنت المبارك؛ فقط ترفع يديك ويأتي الغيث، وينـزل المطر، ينزل النصر، ويقع الفتح بإذن الله، يكفي منك أن ترفع يديك، فالله قد عودك عوائد، والسماء ليس فيها سحاب، وليس هناك هواء بارد، ولا مظلة تنـزل الغيث؛ لا برق ولا رعد، في شدة الحر، والرسول عليه الصلاة والسلام له عوائد، كما قال عمر.
من عوائده باختصار ومن المعروف لديكم: ما في الصحيحين لما وقف صلى الله عليه وسلم يوم الجمعة في شدة الصيف ولا سحاب في المدينة، ولا غيث، ولا هواء بارد، ولا شيء، فدخل أعرابي وقال: {يا رسول الله جاع العيال، وضاع المال، وتقطعت السبل -وسط الخطبة والرسول صلى الله عليه وسلم يخطب الناس في غير موضوع الاستسقاء- فادع الله أن يغيثنا، فقطع صلى الله عليه وسلم الكلام ورفع كفيه -الشريفتين الطاهرتين النظيفتين البارتين- وقال: اللهم! أغثنا} فما هي إلا لحظة، وإذا الذي يقول للشيء: كن فيكون، يرسل بإذنه سبحانه سحابة كالترس من وراء جبل سلع، فتعترض في سماء المدينة ورسول الله صلى الله عليه وسلم لم ينـزل من المنبر، وخطبه دقائق فتمتلئ سماء المدينة سحاباً، وينـزل الغيث فجأة، فيصب سقف المسجد على وجه الرسول صلى الله عليه وسلم وهو أمام الناس، فيقول: {أشهد أني رسول الله}.
يقول ابن عمر: [[كنا إذا نظرنا إلى وجه الرسول صلى الله عليه وسلم على المنبر تذكرنا قصيدة عمه
]] وأبيض يستسقى الغمام بوجهه ثمال اليتامى عصمة للأرامل
فقط تنظر للوجه تذكر الرحمة، ويستسقى به الغمام بإذن الواحد الأحد، ومعه النور والبركة والخير.
غلام رماه الله بالحسن يافعاً عليه لمجد الصالحين به أثر |
كأن الثريا علقت في جبينه وفي كفه الجوزا وفي وجهه القمر |
ولما رأى المجد استعيرت ثيابه تردى رداء واسع الجيب واتَّزر |
هذا المعصوم صلى الله عليه وسلم يأتي إليه عمر، فلا يتقدم من الثلاثين ألفاً ولا من الصحابة ولا من الجيش أحدٌ إلا عمر فيقول: {الله عودك عوائد فادع الله لنا، فأتى صلى الله عليه وسلم في مجلسه، قال: اللهم أغثنا} وفجأة وتأتي سحابة تغطي المعسكر، على حده لا زيادة ولا نقصان، فتهل غيثها، وترسل عيونها، وتسكب ماءها، فتمتلئ الأحواض والخنادق والقرب والأواني؛ هذا يغتسل، وهذا يتوضأ، وهذا يشرب، وهذا يسقي جمله، وإذا خرجت خطوة واحدة خارج المعسكر لا تجد قطرة واحدة، تجاوزت حد المعسكر، لا زيادة ولا نقصان، ماذا يدلنا هذا؟
يدلنا على أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صادق، يدلنا على أن رسول الهدى صلى الله عليه وسلم صاحب معجزة، وصاحب دليل، وصاحب برهان، واشهدوا أنه رسول الله.
اسمحوا لي أن أستعرض معكم بعض معجزاته عليه الصلاة والسلام، وهي تقارب الألف معجزة، أختار بعضها هذه الليلة من بين ألف معجزة تدل على أنه صادق من الله مرسل عليه الصلاة والسلام.
وراودته الجبال الشم من ذهب عن نفسه فأراها أيما شمم |
وأكدت زهده فيها ضرورته إن الضرورة لا تعدو على العصم |
فماذا فعل؟ قال: {عندكم قربة، قالا: نعم. قال: املأها ماءً، فملأ القربة ماءً، قال: اذهبا فإن الله سوف يرزقكما طعاماً، قالا: فسافرنا فلما احتجنا أتينا نشرب من القربة التي ملأناها ماءً، فإذا هي لبن وزبد، فأكلنا من الزبد، وشربنا من اللبن طيلة السفر حتى رجعنا وشبعنا}. أشهد أنه صادق، هذا من آياته البينات عليه الصلاة والسلام، والله أيده بالمعجزات ليؤمن من يؤمن، ويزداد إيماناً من يزداد، وليقيم الحجة على أعداء الله والكفرة الملحدين.
وقد قتل عكاشة شهيداً في اليمامة يوم قاتل مسيلمة الكذاب، أتى في بدر يريد أن يقاتل وانكسر سيفه من كثرة ما قاتل يقول النابغة يمدح النعمان:
ولا عيب فيهم غير أن سيوفهم بهن فلول من قراع الكتائب |
يقول: أموركم كلها عظيمة لكن سيوفكم مثلمة من كثرة ما ضربتم الأعداء، وهذا مدح بما يشبه الذم، يقول:
تخيرن من أزمان يوم حليمة إلى اليوم قد جربن كل التجارب |
رقاق النعال طيب حجزاتهم يحيون بالريحان يوم السباسب |
ولا عيب فيهم غير أن سيوفهم بهن فلول من قراع الكتائب |
فأتى بلا سيف قال: {يا رسول الله! ما عندي سيف -ووطيس المعركة مُتَّقِدٌ، والرءوس تنـزل على أكتافها، والسيوف تشرع، والرماح، ليس هناك مخزن عنده فيه أسلحة ولا عند رسول الله سيف زائد- فأخذ جزلاً من خشب صلى الله عليه وسلم وقال: خذ هذا، قال: فهززته فإذا هو سيف صلت في يدي} أشهد أنه صادق، وبقي معه السيف، واسم السيف: القوي، وحضر اليمامة وقتل وهو معه شهيداً.
الشيخين
<وخطب الناس عليه الصلاة والسلام عند جذع نخلة -جذع مقطوع من شجرة- فقال صلى الله عليه وسلم لامرأة من الأنصار: {مري غلامك النجار أن يصنع لي منبراً} فصنع منبراً ثلاث درجات للنبي صلى الله عليه وسلم، فترك جذع النخل الأول، فجعل يئن كالطفل، سمعه الصحابة جميعاً وهم أكثر من ألف، فنزل عليه الصلاة والسلام فوضع يده وأسْكَتَه، فسكت بإذن الله، يقول الحسن البصري معلقاً: ويل لكم واحسرتاه جذع يحن لرسول الله صلى الله عليه وسلم وهو جامد ألا تحنون للرسول عليه الصلاة والسلام؟!
من نحن قبلك إلا نقطة غرقت في اليم أو دمعة خرساء في القدم |
أكاد أقتلع الآهات من حرقي إذا ذكرتك أو أرتاع من ندمي |
كأنه وهو فرد من جلالته في موكب حين تلقاه وفي حشم |
عليه الصلاة والسلام.
إذا لم يكن هو المبارك فمن يكون المبارك؟ وإذا لم يكن الطيب من هو الطيب؟ الطيب الذي ينتشر فينا أو في الناس أو في العالم أو العلماء أو الصالحين أو الشهداء ذرة من طيبه عليه الصلاة والسلام، يقول شوقي:
المصلحون أصابع جمعت يداً هي أنت بل أنت اليد البيضاء |
{أتاه
هذا الذي جاء والأبحار مالحة فمز فيها فصار الماء كالعسل |
عندما كنا ضائعين من قبلك، كنا في بحور من الضلالات لكنك بصقت في البحر فأصبح عذباً.
هذا الذي جاء والأبحار مالحة فمز فيها فصار الماء كالعسل |
هذا الذي رد عيناً بعد ما فقئت وريقه قد شفى عين الإمام علي |
وقال شرحبيل الجحفي: والحديث عند البخاري في التاريخ والطبراني والبيهقي قال: {أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وفي كفي سلعة كأنها قربة معلقة -فهو يريد أن يمسك السيف ما يستطيع، يريد أن يعيد يده فلا يستطيع، يريد أن ينام فلا يستطيع- فأتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: ما هذا؟ قلت: سلعة في يدي يا رسول الله! أصبت بها من زمن، قال: ادن مني، قال: فدنوت، قال: فوضع يدي في الأرض، ثم أخذ يده الشريفة على السلعة، ثم أخذ يفركها ويطحنها ويسمي حتى زالت، فعادت يدي أحسن من الأخرى، وانطلق الرجل يخبر قومه، فأسلم منهم كثير}.
وروى أبو داود والترمذي وحسنه عن أبيض بن حمال -سمي أبيض لأن الله رزقه جمالاً بسبب مسح الرسول صلى الله عليه وسلم بوجهه- يقول: {أتيت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ووجهي مُجَدَّر} وجهه كله مصاب بالجدرى، ولذلك، من عنده أمراض حسية ومعنوية وقلبية نفسيه جسمية فليستشف بالقرآن، وليصدق في أخذه وأخذ ماء زمزم، مع طاعة الباري سبحانه وتعالى بكثرة الاستغفار، قال: {أتيت وإذا وجهي مجدر وقد أكل الجدري أنفي، فقال صلى الله عليه وسلم: ما هذا؟ فقلت: جدري يا رسول الله! قال: ادن مني، فدنوت فدعا وسمى، ثم مسح وجهي، فوالله ما رفع يده عن وجهي إلا ما أصبح فيه شيء، وصار وجهي أبيض جميلاً} فسمي أبيض.
وروى النسائي والحاكم وابن حبان والبيهقي عن محمد بن حاطب عن أمه أم جميل يقول: {كنت طفلاً وأمي تطبخ على القدر -على النار- غابت أمه، فوقع القدر عليه، فأحرق ذراعه، فأتت الأم وإذا طفلها في حالة وقد فسدت ذراعه، وما تذكرت بعد الله إلا رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو حي -فأخذت الطفل بين يديها ودخلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم قالت: يا رسول الله! هذا طفلي وقع عليه القدر واحترق قالت: فنفث في ذراعه وأخذ يدعو فوالله ما قمت من عنده وفي ذراع ابني أثر من حريق} فهو المبارك أينما كان صلى الله عليه وسلم.
فقد أتى رجل مجرم عنيد مارد اسمه: خالد بن سفيان الهذلي، جمع هذيل في نواحي مكة يريد أن يقتل الرسول صلى الله عليه وسلم، وقد اجتمع معه ألف فارس ومارد يريدون الذهاب إلى النبي صلى الله عليه وسلم لمحاربته في المدينة وقتله، فأتت الأخبار الرسول عليه الصلاة والسلام، قالوا: يا رسول الله جمع خالد بن سفيان الهذلي ألف مقاتل في مكة يريدون قتلك، قال: أنا أقتله إن شاء الله، يقول صلى الله عليه وسلم: من يقتله وله الجنة؟ قال عبد الله بن أنيس: أتضمن لي الجنة، وهذا من الفرسان الكبار حتى ذكر الألباني في إرواء الغليل في بعض الروايات أنه لما أراد قتل خالد يقول: رأيت خالداً وأنا قريب منه، وقد أتت صلاة العصر، وخشيت أن تخرج عليّ صلاة العصر فكنت أصلي وأومئ وأنا مقبل منه حتى ضربت رأسه وأخذته، هذا في رواية.
الرواية الثانية أذكرها لكم قال: أتضمن لي الجنة يا رسول الله؟! قال: أنا لك بها زعيم -أو كما قال صلى الله عليه وسلم- قال: ائذن لي -يعني أئذن لي في الكلام إذا ذهبت لأنه يحتاج إلى حديث- قال: اذهب، فذهب فسأل عن خالد بن سفيان الهذلي -كأن عبد الله بن أنيس لا يريد أن يهوي على مكة من جهة المدينة - قال: من هذا؟ قالوا: خالد بن سفيان، أما أتاك خبره؟ قال: ما أتاني خبره، قالوا: يجمع الجموع لقتل محمد في المدينة قال: أنا معكم فذهب وسلم على خالد، وقال: أنا من جنودك، قال: حيهلاً بك يا أخا العرب، قال: أريد أن أسامرك الليلة -سمرة ما سمع بأسوأ منها في التاريخ- قال: عبد الله بن أنيس: تحفظ من الشعر؟ قال: أحفظ من الأشعار، قال: أنت معي هذه الليلة في الخيمة -هذه ضيافة خاصة- قال: أنا معك، فنام الجيش كله وأخذ عبد الله بن أنيس يسامره، هذا يأتي بقصيدة وذاك يأتي بقصيدة، وذاك ببيت وهذا ببيت، وفي الأخير قال عبد الله بن أنيس: أما ترى يا خالد أنا سهرنا لو نمنا قال: بلى فنام، ونام عبد الله بن أنيس لكن:
نامت الأعين إلا مقلة تسهر الدمع وترعى مضجعك |
قال: فسمعت غطيطه، فقمت على السيف فحززت رأسه على المخدة، ووضعتها في المخلاة -هذه بضاعة ينقلها إلى المدينة مع التحية، هذا قائد الجيش- قال: فذهبت في الليل قال: فكنت أمشي في الليل وأنام في النهار -عشرة أيام- فجاع جوعاً لا يعلمه إلا الله، وظمئ ظمأً حتى اسود وجهه: وأقبل على رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو في جمع مبارك في المسجد، فلما رأى صلى الله عليه وسلم قال: أفلح وجهك، قال: ووجهك يا رسول الله! -والهدية موجودة، في المخلاة فأتى بالبينة- فقدم الرأس له قال صلى الله عليه وسلم: { خذ هذه العصا تتكئ بها في الجنة والمتكئون بالعصي في الجنة قليل} فأخذ العصا من الرسول صلى الله عليه وسلم، فكان يمشي بها، ويذهب بها وينام وهي معه، ويقوم وهي معه، ويصلي وهي بجواره، فلما أتته الوفاة أمر أن يغسل ويكفن، وتدخل في أكفانه، فدخلت معه القبر، وسوف يأتي في الجنة يتوكأ بها ليلقى إبراهيم وموسى وعيسى ومحمداً صلى الله عليه وسلم، هذا شيء من أخبار عبد الله بن أنيس.
قبلها ضربه يهودي بسيف في رأسه قال: فوصلت العظم، فأتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم، فنفث فيها ورقى، فعادت بلا بأس بحمد الله تعالى وعافيته.
بنو حنيفة جدوا طال نومكم إن الخليفة عواد بعواد |
يا من يرى خالداً كالليث معتجراً تحت العجاجة مثل الأغطف الغادي |
وروى أحمد: {أن
يقول أبو هريرة: {أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فكنت أسمع حديثاً كثيراً وأنسى، قال: قلت: يا رسول الله! إني أسمع حديثاً كثيراً منك وأنسى، قال: ابسط رداءك، فبسطت ردائي، وكان عليه البردة، فال: فأخذ صلى الله عليه وسلم يديه قال: فأخذ بكفيه ويسمي ويضعها في الرداء عليه الصلاة والسلام ثلاثاً، قال: اضمم عليك رداءك، قال: فضممت ردائي فوالله ما نسيت بعده حرفاً} فأحفظ الناس أبو هريرة، يعيد الحديث الطويل فلا يخرم حرفاً واحداً من بركة دعاء الرسول صلى الله عليه وسلم له.
وقال عثمان بن أبي العاص: {كنت أنسى القرآن فأتيت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ادن مني، قال: فدنوت منه قال: فضرب بصدري وقال: اللهم يا رحمن! أعذ
فسبحان الذي جعل فيه البركة، وسبحان الذي أعطاه المعجزات البينات والذي أظهر دينه حتى ساوى مسير الشمس.
{قلت: يا رسول الله! كيف ترسلني وأنا شاب؟ -يقول
وذكر البخاري ومسلم عن جابر قال: {أغمي عليّ -أغمي عليه وفقد وعيه- فزاره صلى الله عليه وسلم قال: عليّ بماء، فتوضأ صلى الله عليه وسلم وصب بقية الماء على
وفي بعض الألفاظ: أن سعد بن أبي وقاص قال: زارني رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال: { اللهم اشف
ويقول أعرابي: {حججت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، فرأيته يخطب، فأدخلت يدي بين نعله وقدمه} انظر كيف يجدون قيمة وثمن وعظمة محمد صلى الله عليه وسلم ومنـزلته، كان شوق الواحد منهم أن يرى فقط الرسول عليه الصلاة والسلام، أو يمس جلده جلده أو جسمه جسمه، أو ينعم ولو بآثار البصاق، كان إذا بصق يميناً أو يساراً أو أمامه أو خلفه، تناول الواحد منهم تفاله وبصاقه، بأبي هو وأمي صلى الله عليه وسلم! فيمسحون وجوههم، فيجدون من السرور والنعيم والخير العميم ما الله به عليم، حلق رأسه، فكادوا يقتتلون على شعر رأسه، منهم من حصل على شعرة ونصف شعرة، حتى إن أئمة الإسلام وأئمة التابعين بكوا وقالوا: والهف نفساه على شعرة من شعراته عليه الصلاة والسلام.
هذا الأعرابي أتى وكان همه فقط أن يمس القدم الشريفة، قال: {فكان يخطب الناس بـمنى، فأدخلت كفي بين النعل وبين القدم، فوجدت بردها، فوضعتها على وجهي والله إني لأجد بردها إلى الآن} بعد عشرات السنوات.
مبارك أينما كان، كلامه لفظه ذكره صلاته ملابسه كل شيء فيه مبارك، يلبس القميص وأمنية الإنسان أن يلبس قميصه.
المتوكل الخليفة العباسي أتى بعد المعتصم، لبس برد النبي صلى الله عليه وسلم بعد مئات السنوات قال للشعراء: من يصف لي البرد هذا، فإن أجاد ملأت فمه دراً، قالوا: فأنظرنا ليلة، ليس لهم إلا بيتان فقط لا يزيد الواحد على بيتين، فذهبوا جميعاً وأتوا، منهم من يمشي على بطنه، ومنهم من يمشي على رجلين، ومنهم من يمشي على أربع ومنهم من يطير، فجاء أحدهم فقال:
ولو أن برد المصطفى إذ لبسته يظن لظن البرد أنك صاحبه |
وقال وقد أوتيته ولبسته نعم هذه أعطافه ومناكبه |
قال: املئوا فمه دراً.
مر رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يلبس قميصاً، وإذا لبس صلى الله عليه وسلم القميص عرف الصحابة من الفقر وكثرة الحاجة أنه صلى الله عليه وسلم لبس قميصاً، قال رجل: والله لأسألن رسول الله صلى الله عليه وسلم القميص، قالوا: لا تسأله -لأنه لا يعرف أن يقول: لا، لن يمنعك وهو يلبسه محتاج إليه يصلي به الجمعة ويستقبل الوفود- قال: والله لأسألنه القميص فعرض له واقفاً صلى الله عليه وسلم، قال: {يا رسول الله! ألبسني قميصك الذي عليك، قال: أنظرني قليلاً، فدخل بيته ولبس الرداء والإزار ثم أعطاه قميصه، قال الصحابة: بئس ما صنعت، لبسه صلى الله عليه وسلم محتاجاً إليه وتسأله وهو لا يرد المسألة}.
ما قال "لا" قط إلا في تشهده لولا التشهد كانت لاؤه نعم |
يغضي حياءً ويغضى من مهابته فما يكلم إلا حين يبتسم |
قال: إني أرجو -يعتذر له- أن يكون كفني هذا القميص، فكان كفنه الذي كفن فيه، وهنيئاً له أن لا مس القميص جلد المصطفى عليه الصلاة والسلام.
وقد روى أحمد والدارمي والطبراني: {أن امرأة أتت بابن لها مجنون أيضاً -يستند إلى الحديث الأول وهو شاهد- فدعا له صلى الله عليه وسلم فأصبح عاقلاً رزيناً}.
وهذا مثل حديث أبي محذورة الذي رواه أحمد والبغوي: {أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سمع أذان
أما ورب الكعبة المعمورة وما تلا محمد من سورة |
والنغمات من أبي محذورة لأفعلن فعلة مشكورة |
فهذا أصبح مشهوراً عند الناس، وبالمناسبة ذكر الذهبي أن أحد أبناء أبنائه كان مؤذناً، وكان فيه غفلة من غفلة الصالحين، فبعض الناس طيب وصالح، وفيه خير، لكن تأتيه غفلة، فكان يؤذن وبجانبه مغنٍ يغني بعود في بيت بجانب الحرم، فلما أراد أن يقول: حي على الفلاح، سمع ذلك يقول: إلى اليوم لم نكبر ولم تكبر البهم؛ لأن مجنون ليلى له قصائد يقول في بعضها:
صغيران نرعى البهم يا ليت أننا إلى اليوم لم نكبر ولم تكبر البهم |
هذا في عالم الشقاء، عالم الضياع، عالم الغرام والوله والعبث، يقول: يا ليتني أنا وليلى هذه كنا صغيرين نرعى البهم ولا تكبر هي ولا أكبر أنا لأنهم حجبوها بعد ما كبرت، كنا نرعى البهم حتى نموت، وهذه أمنيته في الحياة، الناس تقطع أعناقهم في بدر وفي أحد، والملائكة تتنـزل من السماء، والجنة مفتوحة وأنت تريد أن تكون أنت وهي ترعون البهم حتى تموتون.
يقول الشافعي: رأيت رجلاً في المدينة يعلم النساء الرقص، ويعلم الأطفال الضرب على الطبل، فإذا جاءت الصلاة صلى جالساً!! تعبان من الخدمات!
وأنا رأيت أناساً كباراً في الثمانين يعرضون ثلاث ساعات في العرضة، وإذا جاءت صلاة التراويح قال: ذبحتونا قتلتونا ما نقدر!
فهذا المؤذن سمع هذا يغني، فاختلط عليه الصوت يريد أن يقول: حي على الفلاح وإذا المغني يقول: لم نكبر ولم تكبر البهم فقال: حي على البهم، في مكة بالصوت المجلجل الطويل، وهذا ثابت ذكره الذهبي سيد المحدثين والمؤرخين.
أتينا إلى أبي محذورة سبب بركة الرسول صلى الله عليه وسلم: أنه خرج يوم بدر يرعى الغنم مع كفار قريش، فأراد الله له الهداية، واقترب من المعركة، فسمع بلال بن رباح يرسل نغمات الحق تملأ الفضاء؛ صوت الخلود يملأ الوجود، صوت التوحيد يعلن على العبيد، الله أكبر الله أكبر، فأخذ أبو محذورة يستهزئ، وهو شاب غلام في الوادي، يكرر مثلما يكرر بلال، قال صلى الله عليه وسلم: عليّ بهم يقول: أحضرهم لنا، فأتوا بالشباب قال: من منكم أذن؟ يعني: يقلد بلالاً فسكتوا قال: أذن أنت قل: الله أكبر فأذن فقال: أنت، لأنه عرف الصوت بالصوت، فمسح رأسه ودعا له فأسلم، وأرسله مؤذناً في مكة، فلم يحلق أبو محذورة رأسه بعد أن مسحه النبي صلى الله عليه وسلم، ما دام أن كفه الشريف وصل إلى هذا الشعر ممنوع يحلق، قال: وهذا ثابت بسند صحيح في السيرة فبقي رأسه لم يحلق حتى إذا جلس وصل إلى الأرض، وإذا قام وصل تحت المحزم، تحت منتصف جسمه، ويعلق بعض الأدباء، وللأدباء إشراقات ولطائف أذكرها كما جاءت فلا تعلقوا يقول:
ألا إن وادي الجزع أضحى ترابه من المسك كافوراً وأعواده رندا |
وما ذاك إلا أن هنداً عشية تمشت وجرّت في جوانبه بردا |
هذا في وادٍ وهذا في وادٍ آخر.
ومن ذلك ما رواه الترمذي وحسنه -أيضاً- والبيهقي عن أبي زيد الأنصاري قال: {مسح الرسول صلى الله عليه وسلم على رأسي وقال: اللهم جمله وحسنه} فأتت عليه مائة وبضع سنوات، وكان أجمل من الشباب، ليس في وجهه تجاعيد ولا تغير وجهه، ولا سقط له سن، وكان وجهه يلمع لمعاناً كحد السيف، من بركته عليه الصلاة والسلام.
روى البيهقي عن وهب بن حجر من ملوك اليمن قال: (وفدت على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فسلمت عليه فصافحني، فبقيت ثلاثة أيام وأنا أغسل يدي والله ما ذهب المسك من يدي).
نام عند أم حرام بنت ملحان عليه الصلاة والسلام، فلما نام في القيلولة أخذ عرقه يتحدر كالجمان كالدر -كان صاحب عرق فعرقه صلى الله عليه وسلم غزير إذا نام- فأخذ يصب في الأرض -فانظر لحبهم له رأت أنه خسارة أن يصب هذا العرق- فقربت قارورة، وهي عجوز كبيرة، وهو صلى الله عليه وسلم أب للمؤمنين، فأخذت بكفها ومسحت الجبين الطاهر الأزهر الأنور الذي يلمع أجمل من البدر ليلة أربعة عشر، فعبأت القارورة فوجدت ريح المسك في بيتها، تقول: والله ما يمرض مريض في بيتنا فنأخذ قطرة من العرق ونجعله في القدر إلا يتشافى المريض بإذن الله.
لقد جعل الله أحب العباد إليه وأحسنهم وصفوتهم وخيرتهم محمداً صلى الله عليه وسلم، نظر في قلوب العالم كلهم فاختار قلبه للرسالة: اللَّهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسَالَتَهُ [الأنعام:124] سبحانه وتعالى.
وأما هذا الحديث فأنا أعرض لكم تحسينه على البوصيري المحدث الشهير وأبو يعلى والبزار، والحمد لله ولا فخر، وأنا ما تخصصت في الحديث، وأنا أورد عليكم أحاديث، فيها ما يقبل التحسين وله شواهد، ومن أحاديث السيرة فلا يلمنا لائم، فأحاديث السيرة نتوسع فيها مالا نتوسع في الحلال والحرام.
روى أبو يعلى والبزار بسند حسنه البوصيري: (أن
يقول الذهبي شيخ المحدثين والمؤرخين: كان يصوم سبعة أيام متواصلة ليلاً ونهاراً، ويفطر في اليوم الثامن على سمن البقر، وكان يصلي في الليل النافلة، ليلة واقفاً من بعد صلاة العشاء يقف في الحرم -هذا ثابت عنه- إلى أن يقرب الفجر، ثم يركع، ثم يسجد ليلة كاملة، وليلة راكعاً طوال الليل من العشاء إلى الفجر، وليلة ساجداً، وقاتل أهل الشام قتالاً ما سمع بمثله في التاريخ، كان أمامه خمسمائة مقاتل يهزمهم قالوا: والله ما مثله إلا كالأسد أمامه المعزى، يقبل عليهم بالسيف، فيشردون من الأبواب، ثم يقبل على هؤلاء فيشردون من الأبواب، ثم في الأخير لما كثر عليه الرمي من كل جهة والمنجنيق، قام وكبر وصلى عند المقام، فأتته قذيفة، فوقعت في رأسه، فسقط شهيداً عند الكعبة، فرفع عند المقام، فأتى ابن عمر ليؤدي له التحية وهو ميت، قال: السلام عليك يا أبا خبيب! أشهد أنك من المصلين الصائمين، أشهد أنك كنت وصولاً للرحم، ووالله إن أمة أنت شرها إنها أمة خيرة، وهو من خير الناس، ثم مرت أسماء أمه وهي عمياء، قالت: أما آن لهذا الفارس أن يترجل، فدفن وهو أحق الناس بقولهم:
علو في الحياة وفي الممات لحق أنت إحدى المعجزات |
وذكر الحاكم وصححه أن ثابت بن قيس بن شماس خطيب الرسول صلى الله عليه وسلم، اختلف مع زوجته والخلاف قديم، فأقسمت بالله لا أرضع طفلك، حيث أتى له رضيع صغير، فأقسمت ألا ترضعه، فذهب به إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال: يا رسول الله! الطفل سيموت؛ لأن أمه من العداوة أقسمت ألا ترضعه، فأخذه صلى الله عليه وسلم فبزق في فمه، وقال: أما إن الله سوف يسهل له من يرضعه، وإذا بأعرابية تصل إلى المدينة قالت: أين محمد بن ثابت بن قيس بن شماس قالوا: هو عند الرسول صلى الله عليه وسلم، قالت: رأيت في المنام قائلاً يقول: اذهبي فأرضعي محمد بن ثابت بن قيس بن شماس قال: وإن ثديها يقطر لبناً، فأرضعته وصار من أحسن الناس، وهذا من بركته عليه الصلاة والسلام.
وأتاه الطفيل بن عمرو الدوسي الزهراني، فأسلم عنده، وطلب منه آية أن يعود إلى قومه دوس، فعاد فأعطاه الله نوراً في وجهه، قال: اللهم! انقله من وجهي حتى لا يقولوا مُثْلَةً، فوضعه في سوطه، فكان إذا رفع السوط أضاءت له جبال زهران، وإذا خفض السوط أضاءت له أودية زهران، ومثله حديث أبي بكر وعمر وعباد بن بشر وأسيد بن الحضير.
ولست أبالي حين أقتل مسلماً على أي جنب كان في الله مصرعي |
وذلك في ذات الإله وإن يشأ يبارك على أوصال شلو ممزع |
بارك الله فيه وفي أشلائه، ثم قال: اللهم أخبر رسولك ما نلقى الغداة، يقول: بلغ رسولك منا السلام، وأخبره ماذا لقينا، فقال صلى الله عليه وسلم، وهو في المدينة، وذاك في مكة في نفس اللحظة والوقت والزمن: عليك السلام يا خبيب! عليك السلام يا خبيب! عليك السلام يا خبيب!
قال: خذ بأسماعهم وأبصارهم، فأتى حاطب بن أبي بلتعة، وأتى بامرأة قيل امرأة استأجرها، فكتب لأهل مكة، وحاطب هذا من أهل بدر ومن أهل بيعة الرضوان من الصحابة، لكن يعثر العبد ويخطئ العبد؛ فهو ليس نبياً معصوماً، فكتب خطاباً سرياً خطيراً يكشف خطة الرسول عليه الصلاة والسلام، يريد هو رضي الله عنه أن يتخذ يداً عند كفار قريش يرضون عنه، فيتركون أبناءه وبناته وماله، ولا يؤذونه بشيء، فكتب: إن محمداً عليه الصلاة والسلام يريد قتالكم، فقد تجهز بجيش فاستعدوا، ثم أخذ الخطاب، فلفه ووضعه في جديلة وفي ظفائر وفي شعر المرأة، ولفها عليه، ثم غرزه وأخفاه، وقال: اذهبي انطلقي، فذهبت من المدينة حتى أصبحت في روضة خاخ، لكن أين يذهب الخبر، والذي على العرش استوى لا تخفى عليه خافية؟! فأنزل الله جبريل على محمد صلى الله عليه وسلم قال: أدرك ظعينة حاطب بن أبي بلتعة؛ فإنها في روضة خاخ، ومعها كتاب لكفار قريش يخبرهم بك، قال: يا علي ويا زبير! انطلقا إلى روضة خاخ، فانطلقا بفرسين يتسابقان فطوقا روضة خاخ، وإذا بالظعينة بين الشجر، قالوا: أخرجي الكتاب، قالت: ما عندي كتاب، وحلفت لهم أيماناً لا تقبل ولا تهضم ولا تصدق، فقال علي بن أبي طالب: والذي نفسي بيده ما كذب رسول الله صلى الله عليه وسلم، والذي نفسي بيده لتخرجن الكتاب أو لأجردنك من الثياب، إما هذا وإما هذا، قالت: انتظروني قليلاً، فأخرجت الكتاب، فأخذا الكتاب واشتدا كالصقرين حتى عادا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بالكتاب، قال: عليّ بـحاطب، وأتوا بـحاطب من بيته، وعلم أن المسألة كشفت، فأجلسه صلى الله عليه وسلم للمحاكمة، وعمر بسيفه جاهز متخصص في قطع الرءوس على الطريقة الإسلامية.
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يا حاطب! ما حملك على ما صنعت؟ قال: يا رسول الله! ليس لي أهل ولا عشيرة ولا قوم في مكة، ولي أبناء عندهم وبنات -أي: أن له شبهة لكنها لا تقبل- فأردت أن يكون لي يد، فسكت صلى الله عليه وسلم فقال عمر: يا رسول اللهّ! ائذن لي أن أضرب عنق هذا المنافق؛ فقد خان الله ورسوله، وسل السيف، قال: {يا
وقد ذكر ابن سعد وابن عساكر أن شيبة بن عثمان أحد بني عبد الدار، وهم أهل مفاتيح الكعبة، قال: خرجت يوم حنين ما كان لي من قصد إلا أن أقتل النبي صلى الله عليه وسلم -خرج مع جيش المسلمين أصلاً، ظاهره الإسلام- فلما التقى صلى الله عليه وسلم والتقى مع الكفار، وإذا بالكتائب أقبلت، قال: ففر الناس، فنـزل صلى الله عليه وسلم من على بغلته، وغشيه الناس، وأخذ حفنة من تراب، فنثرها وقال: شاهت الوجوه، ووالله ما بقيت عين من عيون الكفار إلا دخلها شيء، فرفعت سيفي أريد أن أقتله قال: فلمع بارق بيني وبينه حتى كاد أن يأخذ بصري، فعدت فوضعت يدي على بصري فتأخرت، فقال: ادن مني ادن مني فدنوت منه، فوضع يده على صدري وقال: اللهم أعذه من الشيطان، فوالله ما رفعها إلا صار أحب إليّ من سمعي وبصري وأهلي والناس أجمعين، فأسلمت وحسن إسلامي.
فمعجزاته صلى الله عليه وسلم كثيرة، ولو أخذنا في ذكرها، لطال بنا المقام، وأحببت أن نقتصر على مثل هذه، وإلا فقد انشق له القمر عليه الصلاة والسلام، وقد أخبر بقتل كسرى، فقتل في نفس الليلة التي أخبر فيها صلى الله عليه وسلم.
أولاً: تعظيم وتوقير وتقدير الرسول صلى الله عليه وسلم.
ثانياً: زيادة الإيمان بمعرفة هذه البينات والآيات والبراهين والأدلة.
ثالثاً: زيادة الاتباع له صلى الله عليه وسلم.
رابعاً: الرقة والخشوع عند ذكر سيرته وسنته وطلب هذه العلوم التي كادت تنطمس مع الثقافة العصرية الوافدة، وأصبح قليل من الناس من يقرأ حديثاً، وقليل منهم من يستمع معجزاته، وقليل منهم من يطلع على سيرته صلى الله عليه وسلم، وقليل منهم من يطالع تاريخه المشرق الذي لا يوجد تاريخ أحسن ولا أجمل ولا أصدق منه.
فأردنا أن تكون هذه السيرة معيناً علَّ الله عز وجل أن ينير بها القلوب وأن يهدي بها النفوس، وأن يثبتنا على سنته وسيرته حتى نلقاه.
وهنيئاً لكم أنتم موفقون بحول الباري، أسأل الله بهذا المجلس المبارك أن يجعله موصولاً برضوانه سبحانه، وأن ينـزل علينا السكينة والرحمة والرضوان، وأن يذكرنا في من عنده، وأن يعتق رقابنا من النار، أتوسل إليه سبحانه وتعالى بأسمائه الحسنى وصفاته العلى، وأطمع في فضله -فإنه جواد كريم محسن- أن يتغمدنا وإياكم برحمته.
سبحان ربك رب العزة عما يصفون، وسلام على المرسلين، والحمد لله رب العالمين.
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر