فأدلة التوحيد منها ما هو عقلي، ومنها ما هو سمعي، والمقصود بالسمعي الأدلة التي تعتمد على الخبر السمعي.
وتقسيم الأدلة إلى عقلي وسمعي أوجه وأضبط وأحسن من أن الأدلة تنقسم إلى عقلي وشرعي، بعض الناس عندما يقسم الأدلة يجعلها على قسمين: عقلي وشرعي، ويجعل العقلي في مقابل الشرعي، فكأن الآيات القرآنية الشرعية والأحاديث النبوية لا تتضمن من دلالاتها على القضايا العقلية، وهذا غير صحيح، فإن الله عز وجل كثيراً ما يختم الآيات بقوله: (أفلا يعقلون)، (أفلا تعقلون)، (أفلا يتفكرون)، (أفلا تذكرون)، ونحو ذلك من الأدلة التي تدل على استخدام العقل؛ ولهذا يثني الله عز وجل على أولي الألباب وهم أصحاب العقول والحجا السليمة.
إذاً: تقسيم الأدلة إلى عقلي وشرعي غير صحيح، فإن العقلي لا يصح أن يقابل الشرعي؛ لأن الاستدلال العقلي يصير كأنه خارج الإطار الشرعي، فإن الشرع جاء بالأدلة العقلية المقنعة الصحيحة، وكثير من الناس عنده حساسية من الاستدلالات العقلية، ويظن أن كل استدلال عقلي باطل، وهذا غير صحيح، فإن العقل معنى ممدوح؛ ولهذا جعل مناط التكليف، والإنسان العاقل يمدح وغير العاقل يذم؛ ولهذا فإن الأدلة الشرعية جاءت بالطرق العقلية البرهانية المقنعة، بل إنما جاءت به الأدلة من الطرق العقلية هي أنفع وأضبط وأدق من الأدلة العقلية التي قد يخترعها الإنسان من نفسه؛ لأن خالق العقل هو الله سبحانه وتعالى، والذي جاء بهذا الاستدلال العقلي في القرآن هو الله سبحانه وتعالى، وكذلك في الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم هو من النبي صلى الله عليه وسلم المعصوم، الذي لا ينطق عن الهوى، إن هو إلا وحي يوحى.
فسبب الحساسية التي توجد عند البعض من الاستدلالات العقلية هو وجود نماذج سيئة استدلت بالعقل وانحرفت، وهم أهل الكلام من المعتزلة والأشاعرة والماتريدية، الذين استدلوا على المطالب العقدية بالأدلة العقلية، فتوصلوا إلى نتائج فاسدة مخالفة للنصوص الشرعية، مثل: تأويل الصفات أو الانحراف في مفهوم التوحيد، أو الانحراف في أدلة ودلائل النبوة، وحصر ذلك في المعجزات فقط، ونحو ذلك من الانحرافات الكثيرة التي وضعوا عليها عباءة العقل، وهذا لا شك أنه لا يمنع من كون الأدلة العقلية واردة، فنحن نقول: هؤلاء ليسوا أصحاب أدلة عقلية صحيحة، هؤلاء لم يكن السلف يسمونهم عقلانيين؛ لأن كلمة عقلانيين مدح، وهم ليسوا من أهل المدح، ولهذا كانوا يسمونهم أهل البدع والأهواء، والفرق بين الهوى والعقل واضح، فإن الهوى راجع إلى نفس الإنسان الذي يتخير من الأدلة ما شاء، وبالصور التي يشاء، وبالطرق التي يشاء في الاستدلال.
النوع الأول: هو الاستدلال بربوبية الله عز وجل على ألوهيته تعالى، ومعنى ذلك: أن الله عز وجل يذكر الأدلة على أنه هو الإله وحده لا شريك له، وأنه هو الرب، وهو الخالق، وهو المدبر، وهو المحيي والمميت، وهو الذي بيده تصريف كل شيء، فمن كان تصريف كل شيء بيده فإنه لا شك أنه هو الأولى بالعبادة، يقول الله عز وجل: يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ [البقرة:21]، هذه الآية للاستدلال بالربوبية على الألوهية، أما الألوهية فهي في قوله: اعْبُدُوا رَبَّكُمُ [البقرة:21]، ثم بين الدليل المقنع فقال: الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ [البقرة:21]، ثم ساق جملاً أخرى من توحيد الربوبية: الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الأَرْضَ فِرَاشًا وَالسَّمَاءَ بِنَاءً [البقرة:22]، إلى آخر الآيات.
فهذا النوع من الاستدلال كثير في القرآن، ويقول الله عز وجل: مَا اتَّخَذَ اللَّهُ مِنْ وَلَدٍ وَمَا كَانَ مَعَهُ مِنْ إِلَهٍ إِذًا لَذَهَبَ كُلُّ إِلَهٍ بِمَا خَلَقَ وَلَعَلا بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يَصِفُونَ [المؤمنون:91] فقوله: مَا اتَّخَذَ اللَّهُ مِنْ وَلَدٍ وَمَا كَانَ مَعَهُ مِنْ إِلَهٍ يعني: ليس مع الله إله، وقد سبق أن أشرنا إلى أن الإله هو المعبود، والمقصود هنا الاستدلال على كون الله عز وجل هو المعبود وحده وبطلان عبادة ما عداه.
وقوله: مَا اتَّخَذَ اللَّهُ مِنْ وَلَدٍ وَمَا كَانَ مَعَهُ مِنْ إِلَهٍ إِذًا لَذَهَبَ كُلُّ إِلَهٍ بِمَا خَلَقَ لأنه لو كان معه إله افتراضاً وجدلاً لكان لهذا الإله خلق وفعل، ولو كان له خلق وفعل ولكل إله إرادة مستقلة إِذًا لَذَهَبَ كُلُّ إِلَهٍ بِمَا خَلَقَ أو ولَعَلا بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ يعني: انتصر بعضهم على بعض، وهذا دليل صريح في هذه المسألة؛ ولهذا كل آية تأتي في تقرير توحيد الألوهية، ثم يأتي بعدها إسناد ذلك إلى الربوبية، فهي دليل على هذا المطلب، يقول الله عز وجل: لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إِلَّا اللَّهُ لَفَسَدَتَا [الأنبياء:22].
هذه الآية يقررها أهل الكلام على أنها جاءت لإثبات دليل التمانع، وهى في الحقيقة جاءت لإثبات توحيد الله عز وجل في ألوهيته، فقوله: لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ آلهة جمع إله، والإله سبق أن بينا أن المقصود به المعبود، وهذا أمر متفق عليه في اللغة، قال: لَفَسَدَتَا والفساد إنما يكون بعد الوجود.
وأما دليل التمانع عند أهل الكلام فإنه يقتضي عدم الوجود، ومعنى الآية لو افترضنا جدلاً أن هناك إلهاً صحيحاً مع الله عز وجل فإن العالم لابد أن يفسد؛ لأن كل إله سيأمر بأمر والإله الآخر سيأمر بأمر آخر، وحينئذ تتنازع هذه الأوامر في حياة الناس، وتفسد شئونهم حينئذ.
وما يشاهده الإنسان من استقامة أمر العالم وانتظامه، دليل صريح على أن إله العالم ومدبر شئونه إله واحد وهو الله سبحانه وتعالى.
ومن أدلة توحيد الألوهية: أن كل ما دل على كمال المعبود فهو دليل على عبادته، وهو دليل على وجود عبادته سبحانه وتعالى.
كذلك من أدلة توحيد الألوهية: أن كل ما دل على بطلان الشرك فهو دليل على إفراد الله تعالى بالعبادة، ولو رجعتم إلى القرآن لوجدتم كثيراً من الآيات تدل على أن آلهة الكفار آلهة ناقصة غير كاملة، وبناء على هذا اللبس لا تستحق العبادة، وأن المستحق للعبادة هو الله سبحانه وتعالى.
النوع الأول: قدح في أصل توحيد الألوهية ويكون ذلك بالشرك في عبادة الله تعالى.
النوع الثاني: قدح في كمال توحيد الألوهية.
النوع الأول من الشرك الأكبر، والنوع الثاني من الشرك الأصغر.
فالجواب: أن الشرك الأكبر صرف عبادة محضة لغير الله تعالى، كأن يدعو المرء غير الله، أو يستغيث بغير الله، أو يذبح لغير الله، أو يصلي لغير الله، أو يسجد لغير الله، أو يحب محبة تامة غير الله تعالى، أو يخاف خوف السر من غير الله تعالى، أو يتوكل توكلاً تاماً على غير الله عز وجل، أو يفعل أي نوع من أنواع العبادات الشرعية لغير الله، فإذا فعلها لغير الله فقد وقع في الشرك الأكبر المخرج عن دائرة الإسلام.
أما الشرك الأصغر فليس فيه صرف عبادة لغير الله تعالى، وإنما هو وسيلة من وسائل الشرك، ليس عبادة محضة، بل وسيلة من الوسائل المفضية إلى الشرك الأكبر.
فإذا جئنا للحلف بغير الله، فالحلف بغير الله وسيلة يوصل إلى تعظيم المحلوف به، حتى يصبح مثل الله عز وجل.
فالحلف بغير الله شرك أصغر، وتعظيم غير الله عز وجل مثل الله شرك أكبر.
وهكذا الحال فيما يتعلق بالتوسل، فإن التوسل كلمة مجملة عامة.
النوع الأول من التوسل: هو أن يكون هناك صرف للعبادة لغير الله تعالى، مثل: دعاء غير الله، والاستغاثة بغير الله، وعامة القبوريين في هذا الزمان يسمون هذا توسلاً، يعني: إذا تكلم القبوري في هذا الزمان وقال: نحن نتوسل بالنبي صلى الله عليه وسلم، فإنه يقصد أنهم يدعونه من دون الله، ويستغيثون به في قضاء حوائجهم من دون الله تعالى، وهذا شرك أكبر مخرج عن دائرة الإسلام.
وهناك نوع آخر من التوسل، وهو التوسل المبتدع وهو أن يسأل الله -لا يسأل غير الله- لكن بوسيلة مبتدعة، مثل: أن يسأل الله عز وجل بجاه فلان من الناس، أو بمكانة فلان من الناس، أو بذات فلان من الناس، من الأولياء والصالحين أو الملائكة أو غيرهم، فهذا توسل مبتدع، فلو قال: اللهم إني أسألك بجاه نبيك محمد صلى الله عليه وسلم فهذا بدعة، ولو قال: اللهم إني أسألك بذات نبيك محمد فهذا بدعة، ولو قال: اللهم إني أسألك بجاه فلان من الأولياء أو الأنبياء أو الملائكة، بجاه جبريل عندك مثلاً، فهذا يعتبر بدعة، وهو من الشرك الأصغر، وبدعة من حيث إنه أمر لم يكن عليه الشرع، فيكون من الشرك الأصغر، ولا نعتبره من الشرك الِأكبر؛ لأن الدعاء هنا لله ليس لغير الله، فهو قال: اللهم، فهو يدعو الله، لكن اتخذ وسيلة مبتدعة ليست وسيلة مشروعة، لكن لو قال: يا محمد اغفر ذنبي، أو يا رسول الله أدخلني الجنة، أو قال: يا رسول الله احفظني يوم الحشر، أو قال: يا رسول الله أجرني من النار، أو ارزقني، فهذا شرك أكبر؛ لأنه دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم، والدعاء عبادة يجب أن تكون لله سبحانه وتعالى فقط، يقول الله عز وجل: وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا [الجن:18] وبهذا يتضح الفرق بين الشرك الأكبر والأصغر من حيث الضبط العلمي له.
وهناك فروق أخرى، وهي: أن الشرك الأكبر مخرج من الملة، وأن الشرك الأصغر غير مخرج من الملة، فالمشرك شركاً أكبر خارج دائرة المسلمين، بينما من وقع في الشرك الأصغر مثل: الرياء أو الحلف بغير الله أو الرقى بالضوابط التي ستأتي الإشارة إليها أو التمائم أو نحو ذلك، فهذا ليس مشركاً شركاً أكبر، بل هو من المسلمين، يعني: لو أن إنساناً راءى في صلاته ولم يراء بأصل إسلامهِ، فالرياء نوعان:
الأول: أن يرائي في أصل إسلامه من البداية، فهذا من المنافقين وليس من المسلمين.
الثاني: شخص أسلم عن قناعة تامة بصحة هذا الدين، وبصحة كلام رب العالمين، وبصحة كلام سيد المرسلين، والتزم بهذا الدين، لكن في أمر من الأمور أراد محمدة أو مدحاًًً أو دنيا، فعمل العبادة لهذا الغرض، فهذا مراء وشركه شرك أصغر؛ إن طرأ الرياء على أصل العبادة فهو مبطل لها، وإن طرأ عليها بعد أن أخلص في بداية أمره وجاهده فإنه لا يضره، وإن استقاد له فإنه يبطل ما خالطه من الأعمال.
ومن الفروق أيضاً: أن صاحب الشرك الأكبر تترتب عليه أحكام المشركين في الدنيا، من حيث عدم عصمة دمه وماله، ومن حيث وجوب التفريق بينه وبين زوجته، ومن حيث إنه لا يرث ولا يورث، ومن حيث إنه لا يدفن في مقابر المسلمين.
أما الذي وقع في الشرك الأصغر فإنه يعامل معاملة المسلمين.
هذا ما يتعلق بالفروق بين الشرك الأكبر والشرك الأصغر.
ومن أنواع الدعاء: الاستغاثة، فالاستغاثة هي سؤال المكروب كشف كربته، فمن سأل الإنسان ما يقدر عليه، مثل: إنسان غريق رأى رجلاً فصاح وطلب النجدة وهو يقدر على ذلك، فهذا لا شيء فيه؛ ولهذا يقول الله عز وجل في قصة موسى مع الإسرائيلي الذي وجده يتقاتل مع الفرعوني فَاسْتَغَاثَهُ الَّذِي مِنْ شِيعَتِهِ عَلَى الَّذِي مِنْ عَدُوِّهِ فَوَكَزَهُ مُوسَى فَقَضَى عَلَيْهِ [القصص:15]، وهذه الاستغاثة استغاثة مشروعة؛ لأنه استغاث بموسى فيما يقدر عليه موسى عليه السلام.
النوع الثاني: هو أن يستغيث به فيما لا يقدر عليه إلا الله، مثل: مغفرة الذنوب، وكشف الكروب ورفعة الدرجات في الجنة، وقبول الأعمال الصالحة عند الله سبحانه وتعالى، فهذه أمور لا يقدر عليها إلا لله سبحانه وتعالى، فمن صرفها لغير الله عز وجل فقد وقع في الشرك الأكبر المخرج عن دائرة الإسلام.
كذلك الذبح، الذبح عبادة لكن لها ضابط، فإن الذبح أنواع، منها: الذبح للحم، لو أن إنساناً ذبح ذبيحة ووضعها في الثلاجة مثلاًً، هل يقال: إنه ذبح لغير الله؟ لا يقال: إنه ذبح لغير الله، لو أنه جاءك ضيف فذبحت له ذبيحة، فهل يقال: إنك ذبحت لهذا الضيف فأنت مشرك؟ لا يقال هذا القول؛ ولهذا لما جاءت الملائكة في صور الآدميين إلى إبراهيم عليه السلام، فَرَاغَ إِلَى أَهْلِهِ فَجَاءَ بِعِجْلٍ سَمِينٍ [الذاريات:26] أو بِعِجْلٍ حَنِيذٍ [هود:69]، كما في سورة أخرى.
فالذبح يكون لغير الله عز وجل إذا أراد به التقرب لغير الله.
كذلك الحلق للرأس نوعان: حلق للتنظيف والارتياح من وعثاء الشعر مثلاًً، وحلق للتعبد، مثل: الحلق عند الحج، فلو أن إنساناً جاء وطاف حول قبر، وحلق رأسه عنده على سبيل التعبد، فإن حلق الرأس هنا يكون عبادة لغير لله، وقد وقع في الشرك؛ لأن حلق الرأس فيه تذلل، وفيه إخضاع للرأس، فعندما يكون لإرادة التقرب فإن يقع الإنسان في الشرك إذا فعلها لغير الله سبحانه وتعالى.
وهكذا الحال في سائر الأعمال مثلاً: السجود إذا فعله تحية فهو آثم، فلو أن إنساناً سجد لإنسان، وقال: أنا قصدت التحية ولم أقصد التعبد له، فنقول له: إن هذا الفعل الذي فعلته صورته صورة عبادة، وقد حصل في الظاهر الشرك، ولكن إرادة التحية هنا تمنع من تكفير هذا المعين، وعليه أن يتوب إلى الله سبحانه وتعالى، والسجود الذي يكون شركاًًً مخرجاًً عن الملة هو سجود التقرب والتعبد.
تعويذ قبل وقوع البلاء لدفعه، وتعويذ بعد وقوعه لرفعه.
الرقى نوعان: رقى شرعية، ورقى شركية.
فالرقى الشرعية: هي التي تكون بكلام الله أو بكلام الرسول صلى الله عليه وسلم أو بالكلام العربي الفصيح، ولهذا قال العلماء: إن من ضوابط الرقية الشرعية: أن تكون باللغة العربية؛ لأنه قد يتكلم بلغة أخرى فيستغيث بغير الله، والمرقي لا يدري.
والرقى تجوز بغير القرآن وبغير السنة، يعني: لو أن إنساناً دعا دعاء مباحاًً على مريض، أو دعا لنفسه على سبيل الاسترقاء، فإن هذا أمر مباح لا شيء فيه، كما يدل عليه حديث أبي مالك الأشجعي قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: (أعرضوا علي رقاكم، لا بأس بالرقى ما لم تكن شركاً).
يعني: كانت هناك رقى في الجاهلية، ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم: (اعرض علي رقاك) فهذه الرقى التي كانت موجودة في الجاهلية، فما كان منها موافقاً للتوحيد قبله، وما كان منها مخالفاً له بدعاء غير الله عز وجل فإنه يرده؛ ولهذا لما جاء أبو بكر الصديق رضي الله عنه ووجد عند عائشة رضي الله عنه يهودية ترقيها، فقال لها: (ارقيها بكتاب الله) يعني: بما في التوراة، فإن التوراة تتضمن الأخبار والأحكام وأيضاً الرقى.
ولهذا قال الحافظ في الفتح: إن أهل الكتاب لم يغيروا الرقى، ولو غيروا الرقى لفسد مفعولها فلم يكن لها ثمرة، وإنما غيروا الأحكام وبعض الأخبار.
ولهذا يجب أن تكون الرقى بالكلام العربي الفصيح، وتكون بالأدعية الصحيحة التي لا تتضمن دعاء غير الله سبحانه وتعالى.
النوع الثاني: الرقى الشركية: وهي التي يكون فيها استغاثة بغير الله، أو دعاء لغير الله سبحانه وتعالى، فإذا كان هناك دعاء لغير الله في الرقى فهو شرك، كدعاء السحرة غير الله سبحانه وتعالى، من استغاثات بالجن والشياطين ونحو ذلك، كل هذه التعويذات شركية، فيجب الحذر منها.
إذا مات لم تفلح مزنية بعده فنوطي عليه يا مزين! التمائما
يعني: علقي عليه هذه التمائم، والتمائم عندهم هي كل تعليق، سواء كانت تعليق بالصدر أو كان التعليق لخيط فقط، أو أوتار توضع على رقاب الإبل، أو خيوط توضع في الأيدي أو في الأرجل، وفي العصر الحاضر صارت التمائم لها أشكال متعددة، مثل: وضع عرائس في السيارات، أو وضع الحبة السوداء في درج غرفة النوم، أو وضع بعض الفتحات الصغيرة على صدور الأطفال، يظنون أنهم يتقون بذلك من العين، وكل هذا من الشرك والعياذ بالله؛
لهذا يقول النبي صلى الله عليه وسلم: (إن الرقى والتمائم والتولة شرك) والتولة نوع من أنواع السحر، وهذا من الشرك.
ثانياً: أنه لم يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم ولا عن الصحابة أنهم علقوا القرآن وجعلوه وسيلة من وسائل العلاج، وما يروى عن عبد الله بن عمرو بن العاص لا يصح إسناده عنه.
ثالثاً: أنه عرضة للإهانة، فإنه إذا وضع في صدر صغير أو في صدر مجنون فإنه قد يعرض للإهانة والامتهان، وهذا لا يجوز بالنسبة لكتاب الله سبحانه وتعالى.
رابعاً: أن القرآن أنزله الله عز وجل تشريعاً للناس، وإصلاحاً لأوضاعهم ومجتمعاتهم، ولم يؤتى به ليعلق، يقول الله عز وجل: كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُوْلُوا الأَلْبَابِ [ص:29]، ويقول الله عز وجل: أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا [محمد:24]، ويقول: أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلافًا كَثِيرًا [النساء:82].
إذاً: لا يجوز تعليق القرآن على أصح قولي أهل العلم، وهذا هو مذهب ابن مسعود رضي الله عنه.
فقوله: بَارَكْنَا حَوْلَهُ قال العلماء: المقصود بها بلاد الشام.
ومن الأماكن المباركة: مكة والمدينة، فهذه أماكن مباركة.
ومن الأزمان المباركة: القرن الأول الهجري، فإن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (خير القرون قرني).
وأيضاً من الأوقات المباركة: يوم الجمعة، ويوم النحر؛ لأن الله عز وجل سماه يوم الحج الأكبر، ورمضان، ونحو ذلك من الأوقات المباركة.
ومن الأعيان المباركة أيضاً ماء زمزم، فالنبي صلى الله عليه وسلم يقول: (ماء زمزم لما شرب له).
وأيضاً الحبة السوداء والعسل وغير ذلك من الأمور التي نص الشرع على أنها مباركة، فالتبرك بها مباح، ومن نوع التبرك المشروع، ولكن لا بد له من ضابطين:
الضابط الأول: هو ألا يعتقد الإنسان في شيء ما أنه مبارك إلا بدليل شرعي، فإذا اعتقد مثلاً أن هذا الجدار مبارك بدون أي دليل، يكون هذا الاعتقاد اعتقاداً بدعياً مخالفاً لسنة النبي صلى الله عليه وسلم.
الضابط الثاني: هو أن يستعمل المبارك بالطريقة المشروعة، فإذا كان ماء زمزم مباركاً فيستخدمه بالطريقة المشروعة وهي شربه، وبلاد الشام أرض مباركة، فيستخدمها بالطريقة المشروعة وهي السكنى فيها، ومكة بلد مبارك والحرم مكان مبارك فيتعبد لله عز وجل بالصلاة فيه أو الطواف حول الكعبة، لكن لو أن إنساناً أكل من تراب مكة وقال: إن مكة بلد مبارك، أو تمسح بأحجارها، أو جاء إلى أعمدة الحرم وبدأ يتمسح فيها، نقول: هذا بدعة، صحيح أن مكة وأن الحرم مكان مبارك، لكن هذه الطريقة التي أتيت بها في طريقة التبرك طريقة مبتدعة، لم يأت بها الرسول صلى الله عليه وسلم ولا أصحابه ولا التابعون من بعده، فهي طريقة بدعية مخالفة للسنة.
ومن هنا قال العلماء: إن التبرك ينقسم إلى ثلاثة أقسام: تبرك بدعي، وتبرك مشروع وقد سبق أن أشرنا إليه، وتبرك شركي، وهو: أن يعتقد في أمر من الأمور أنه مبارك ثم يصرف له نوعاً من أنواع العبادة، يقول الله عز وجل: أَفَرَأَيْتُمُ اللَّاتَ وَالْعُزَّى * وَمَنَاةَ الثَّالِثَةَ الأُخْرَى [النجم:19-20]، فهذه الأصنام اعتقدوا فيها أنها مباركة، ثم صرفوا لها أنواع العبادات، من أجل أن تقربهم عند الله عز وجل، فوقعوا في الشرك الأكبر.
بهذه الضوابط نكون قد انتهينا من قواعد توحيد الألوهية، وفي اللقاء القادم إن شاء الله سنبدأ الحديث في قواعد الأسماء والصفات بإذن الله تعالى، ثم ننتقل إلى بقية أصول العقيدة على نحو ما سبق أن أشرنا إليه.
ويقول أيضاً: الحكمة من خلق الإنسان هي جمع المال وليس العبادة في الدنيا، فما حكم قوله هذا في الشريعة الإسلامية؟ علماً بأن هذه الدروس تأتي في الاختبارات، فهل نجيب عليها أم لا؟
الجواب: أنا أخشى أن يكون الأخ فهم من كلام الدكتور فهماً غير صحيح، أما إذا كان كلام الدكتور فعلاً بهذا الأسلوب الذي يقول فيه: إن وجود الله وجود ظني فهذا قدح في عقيدة هذا الإنسان، فإن وجود الله عز وجل لا شك فيه، حتى عند الكفار، وقد سبق أن أشرنا إلى هذا المعنى، وقلنا: إن الله عز وجل يقول: وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ [لقمان:25] فالمسلمون من باب أولى، كيف يقول: إن وجود الله عز وجل وجود ظني، هذا كلام كفري، وقوله: إن وجود القرآن وجود يقيني، يعني: هذا الدكتور يفهم من كلامه أنه يعتقد أن اليقين هو في المحسوس، وأما الغيبيات فلا يقين فيها، ولهذا يقول: القرآن يقين؛ لأنه محسوس، والله عز وجل وجوده ظني؛ لأنه غير محسوس، هذا قول فاسد؛ فإنه ليس كل أمر غير محسوس يكون ظنياً، وفي الرد على الماديين الشيوعيين كان يقال: إن العقل مثلاً أمر غير محسوس باليد، ومع هذا هو أمر مقطوع به، وكذلك الروح، وكذلك الأرواح الطيبة والخبيثة، هذا أمر مقطوع به، ويبدو أن هذا الشخص لديه خلفيات مادية، وهذا أمر في غاية الخطورة.
وقوله: إن الحكمة من خلق الإنسان هي جمع المال وليس العبادة في الدنيا هذا معارض لصريح القرآن، قال تعالى: وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ [الذاريات:56] وهذا كلام كفري والعياذ بالله؛ ولهذا إذا كان هذا الدكتور يتكلم بهذا الكلام حقيقة، يجب على الطلاب أن يسجلوا أقواله صوتياً وهذا أضبط، ويسجلوا شهادتهم على هذا الدكتور، وأن يتقدموا إلى القضاء بشكوى رسمية ضد هذا الدكتور؛ لأن هذا الدكتور ينشر كلاماً كفرياً خطيراً على عقائد المسلمين، لكن إذا سمع الإنسان بشيء ينبغي أن يكون متثبتاً؛ لأن ظلم الآخرين لا يجوز، وإذا لم يفهم الإنسان كلام أحد من الناس بالطريقة الصحيحة فلا يجوز أن يتهمهم، لكن إذا كان فعلاً يتكلم بهذا الكلام الخطير وبطريقة واضحة ومفهومة، فيجب على مجموعة الطلاب الموجودين أن يسجلوا هذا الكلام على شكل شكوى، وأ، يتقدموا بها للمحكمة، ويكتبوا شهادتهم فيها عند القاضي، وأن يقولوا: نحن نشهد بالله العظيم على أن هذا الرجل قال كذا وقال كذا، أياً كان سواء كان دكتوراً في الجامعة أو في أي مكان، يجب أن يشتكى إلى القاضي، والقاضي يستدعيه وإن اعترف عنده بهذا الكلام يعلمه أن هذا كفر، فإن أصر فإنه يقتل؛ لأنه مرتد بعد البيان والتوضيح، أما إذا اعتذر وتراجع وأعلن إسلامه، فإنه يعزر حسب رأي القاضي، وحسب المصلحة، وحسب الأحوال المحيطة بهذه القضية.
فلا يترك لأهل النفاق وأهل الفجور والكفر الكلام، خصوصاً ونحن في بلاد التوحيد ولله الحمد، والمحاكم الشرعية منصوبة، والقضاة موجودون، فلا يجوز السكوت على هذه النماذج أبداً، وأي إنسان يجد كلاماً كفرياً خطيراً والعياذ بالله في الصحافة، أو في أي مكان من الأماكن، ينكره بشرط أن يكون متثبتاً في هذا، وأن تكون لديه أدلة يقينية، لا تكون لديه ظنون أو أوهام؛ لأن الظنون والأوهام لا قيمة لها، ولا يجوز للإنسان أن يظلم الخلق، لكن إذا كانت هناك أدلة يقينية فيجب أن يتقدم بشكوى للمحكمة، والقاضي بدوره يستدعي هذا الرجل ويحاسبه؛ لأن هذا الكلام خطير على عقائد المسلمين.
الجواب: ليس هناك فرق بين المباح والجائز، الجائز والمباح كلها بمعنى واحد، مثل المستحب والمندوب، ومثل الواجب والفرض، وإن كان بعض العلماء من الأحناف بالذات يفرقون بين الواجب والفرض، باعتبار الدليل الذي يدل على هذا الأمر الواجب، فيقولون: إذا دل دليل متواتر على أمر من الأمور فيكون فرضاً، وإذا كان آحاداً فإنه يكون واجباً.
الجواب: إذا كان يعتقد أن كتابة آية الكرسي في الخاتم ستدفع عنه العين، أو إذا كان معيوناً سترفع عنه هذا المرض أو أي مرض من الأمراض، فهذا داخل في حكم تعليق آيات القرآن الذي أشرت إليه سابقاً، وقلت: إن عامة الصحابة كانوا يمنعون من ذلك، وما يروى عن عبد الله بن عمرو بن العاص في ذلك فهو غير صحيح عنه.
والتمائم ليس فيها شيء مشروع وشيء غير مشروع، بل جميع التمائم شركية إما شرك أكبر وإما شرك أصغر، فإذا صرف عبادة لغير الله مثل: دعاء غير الله عز وجل فيكون شركاً أكبر، أو رقى ودعا غير الله عز وجل فإنه يكون شركاً أكبر، أو اعتقد أن هذا الحبل أو هذا الخيط يدفع بذاته وبنفسه البلاء، فهذا لا شك أنه شرك أكبر.
الجواب: الجهاد في سبيل الله لاشك أنه منزلة عالية من منازل الدين، وله فضل عظيم، وهو من أعظم وسائل الدعوة إلى الله سبحانه وتعالى والإصلاح، وهو ينقسم إلى قسمين:
جهاد دفع، وجهاد طلب.
فجهاد الدفع: هو أن يغزو الكفار بلاد المسلمين، فيدفع المسلمون عن أنفسهم هذا العدو الصائل، وهذا من أفضل الجهاد، وهذا لا يشترط فيه شرط، بل يجب على كل مسلم أن يدفع العدو الصائل عنه وعن أولاده وأهله وعن بلاده بكل ما يستطيع.
النوع الثاني: هو جهاد الطلب: وهو أن تكون الدولة الإسلامية دولة مستقرة ثابتة، وتريد أن توسع رقعتها، بحيث إنه يدخل أعداد كبيرة جداً في الإسلام، وتزيل الأنظمة التي تمنع الناس من قبول الحق، وتجعل قبول الحق ممكناً بالنسبة للشعوب، فهذا جهاد يسمى جهاد الطلب، يعني: طلب العدو في عقر داره، ولا يصح أن يقال: بأن الجهاد هو نوع واحد وهو جهاد الدفع، وجهاد الطلب غير موجود في الشريعة، هذا خطأ، فإن جهاد الطلب موجود في الشريعة، وكيف توسعت الدولة الإسلامية لولا وجود هذا الجهاد؟ بعض الناس يجعل الجهاد فقط جهاد الدفع، ولهذا تسمى وزارات الدفاع في كل العالم إلا في إسرائيل فتسمى وزارة الحرب!
فالشاهد هو أن منع جهاد الطلب قول مبتدع مخالف لشرع الله سبحانه وتعالى.
أما بالنسبة للشروط الذاتية التي تتعلق بالشخص حتى يجاهد في سبيل الله فإن الجهاد بمعناه الواسع يتمثل في قول النبي صلى الله عليه وسلم: (يا أيها الناس جاهدوا في سبيل الله بأموالكم وأنفسكم وألسنتكم)، فالجهاد بالمال يكون ببذله وتجهيز الغزاة، والجهاد بالنفس يكون بالقتال، والأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر، والجهاد باللسان يكون بالدعوة والإصلاح والتأثير في المجتمع.
والجهاد في سبيل الله لا يكون عملاً فردياً، وإنما هو عمل جماعي، يعني: يجتمع فيه أهل الإسلام ويضعون خطة، ويكون لهم قيادة، ويبدءون القتال، إلا في حالة الجهاد الذي يكون فيه دفع، مثل: إخواننا في فلسطين، فإنه يجب عليهم أن يدافعوا قدر استطاعتهم، ولو أن إنساناً قاتلهم لوحده فإن عمله جائز وفاضل ومطلوب، ويجتهدون في النكاية بالعدو قدر استطاعتهم.
الجواب: لا يجوز للراقي أن يمس جسد المرأة إذا كانت لا تحل له، وأحب أن أشير إلى قضية مهمة وهي: أن كثيراً من المشتغلين بالرقى اليوم مع الأسف الشديد ليسوا من أهل العلم، وبعضهم -لا أقول كلهم- أخذها وسيلة للتكسب المادي، وجعلها باباً من أبواب الشهرة، وباباً من أبواب المكانة والمنزلة، وبعضهم والعياذ بالله وقع في انحرافات أخلاقية بسبب الاختلاء بالمرأة، وبعض الرقاة يختلي بالمرأة ويجلس معها وقد يضع يده على صدرها نسأل الله العافية، وقد تصل إلى الفواحش والعياذ بالله!
ولهذا ينبغي على الإنسان إذا كان لديه امرأة مريضة ألا يجعل الطبيب يختلي بها، بعض الناس فيه ضعف، فأنا حدثني شخص أنه وجد طبيباً في قرية من القرى، إذا دخلت المرأة يمنع زوجها أن يدخل معها، ويقول: لا، أنا معي ممرضة خاصة، هل هناك ضرر لو دخل مع امرأته أو بنته أو أخته؟ وهل سيفسد العملية؟ لكن بعض الناس تجاوز حدوده، لكن الحمد لله سمعت أن هذا الطبيب أخذ عقابه من أحد الأولياء عندما منعه من الدخول مع زوجته، فأدبه تأديباً يليق به.
فالشاهد: أن الولي يجب أن يكون مع زوجته أو مع بنته أو مع أخته، وألا يأذن لأحدٍ أن يكشف عليها إلا في الحدود المشروعة، والأصل أن تكشف عليها امرأة، فإذا لم يوجد في هذا التخصص إلا رجل فإنه يكشف عليها في حدود المشروع فقط، أما ما تجاوز ذلك فلا يجوز، لا يجوز أن يكشف عليها فيما يتجاوز هذا الأمر، ومع الأسف أن كثيراً من النساء اليوم عندما تأتي إلى مكان التوليد لا تطلب امرأة، وإنما تطلب رجلاً يولدها، وتقول: الرجل يفهم أكثر، سبحان الله! وتكشف عورتها عند هذا الرجل، مع أن المرأة هي الأولى وهي الأصل في عملية الولادة، وكانت تسمى قديماً التي تولد المرأة القابلة، وأصلاً الولادة لم تكن يوماً من الأيام عائقاً مرضياً أصلاً في تاريخ المسلمين، وحتى عند الغربيين الآن لا يعتبرونه مرضاً أصلاً؛ لأنه أمر طبيعي أن المرأة تلد، صحيح أنه أحياناً يكون هناك مرض، مثل أن يكون الطفل معترضاً ويحتاج إلى تكون هناك عملية مثلاً، ربما تكون هذه الحالة، لكن المفترض أن تكون النساء هن اللاتي يقمن بهذا العمل لا الرجال.
الجواب: من سب الخلفاء الراشدين مثل أبي بكر الصديق وعمر وعثمان وعلي وبقية الصحابة مثلما تفعل الشيعة الروافض قبحهم الله، فهو مرتد وكافر بالله رب العالمين، هذا إذا سبهم بشكل مجمل، أما إذا سب صحابياً واحداً لظنه أنه يستحق السب لورود خبر عنده، فهذا آثم ضال منحرف، لكن لا يصل إلى درجة الكفر، يكفر إذا سب عموم الصحابة كما تفعل الشيعة اليوم، الشيعة اليوم يتدينون بسب الصحابة، وهذا دين قبيح؛ لأنه دين مبني على السب، وسب من؟ سب خيار الناس، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: (خير القرون قرني، ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم)، فأفضل أتباع الأنبياء منذ أن بعث الله عز وجل نوح عليه السلام إلى محمد صلى الله عليه وسلم خير أتباع الأنبياء على الإطلاق هم الصحابة رضوان الله عليهم، فإذا سبوا هذه المجموعة الكبيرة وكفروا كل الصحابة إلا مجموعة يسيرة، فكيف يأخذون الدين؟ وعلى أي أساس يأخذون الدين؟ ولهذا تجد أن كتبهم مليئة بأقوال الأئمة، خالية من أقوال النبي صلى الله عليه وسلم إلا في النادر؛ لأن الحديث الذي يأتي عن طريق أبي بكر باطل؛ لأن أبا بكر عندهم كافر، قبحهم الله، ودين الشيعة هو دين الحمقى والمغفلين بلا شك، حتى النصارى مع كفرهم وفساد منهجهم وسوء عقيدتهم، وما فيه من الضلال والانحراف والبعد عن العلم، إلا أنهم أفضل للحواريين من هؤلاء الشيعة للصحابة.
وانظروا إلى احتفالاتهم ماذا يصنعون؟ يضربون صدورهم ووجوههم وظهورهم، ويأخذون السكاكين ويضربون بها على رءوسهم حتى تسيل الدماء، متى كانت العبادة بهذا الأسلوب يوماً من الأيام؟! ولهذا يا إخواني هؤلاء عابثون، قال أبو الربيع الزهراني : لو كانت الرافضة من البهائم لكانوا حميراً، ولو كانوا من الطيور لكانوا رخماً. يعني: هم أسوأ صنف من الأصناف على الإطلاق.
وهذا الشعبي رحمه الله جاء إليه الرافضة وطلبوا منه أن يضع أحاديث في مساوئ الصحابة وفيما يريدون من عقائدهم، فرفض وأبى ذلك، وأنكر عليهم.
والرافضة يتدينون بالكذب، ويقولون: نحن نكذب لـعلي لا عليه، وكأن علي بن أبي طالب يحتاج للكذب والعياذ بالله، وعلي بن أبي طالب رضي الله عنه يقول: أفضل هذه الأمة أبو بكر وعمر ، وهو علي بن أبي طالب الذي يتحزبون ويتعصبون له.
وأصل دينهم عندما تبحث تاريخياً تجد أن أساسه هو عبد الله بن سبأ اليهودي الذي تظاهر بالإسلام، وأراد أن يفعل في الإسلام ما فعله بولس شاول اليهودي في النصرانية، الذي جاء بفكرة التثليث، ولم تكن فكرة التثليث أصلاً موجودة في دين النصارى الذي جاء به عيسى عليه السلام، وبولس شاول كان يهودياً وتظاهر بالنصرانية وجاء بفكرة التثليث، وتبنتها بعد ذلك الدولة الرومانية، وأصبح ديناً رسمياً بعد المجمع المسكوني الذي انعقد عام (325م)، هكذا أراد عبد الله بن سبأ وهو يهودي أن يفعل كما فعل بولس ؛ لأن تاريخ بولس عندهم موجود، فأعلن ابن سبأ الإسلام، وذهب إلى أماكن متعددة في العراق والشام واليمن وغيرها ينشر دعوته، والعقائد التي جاء بها عبد الله بن سبأ هي التي تبناها بعد ذلك الشيعة، مثل: التقية، ومثل: النص على علي بن أبي طالب وأنه الخليفة بعده، وأنه من جاء من الخلفاء فخلافته باطلة، والولاية، ونحو ذلك من العقائد الفاسدة التي عليها الشيعة قبحهم الله.
الجواب: ينطبق على جميع أنواع التوحيد؛ لأن إيمان الناس في تدبير الله للكون ليس إيماناً واحداً، فبعضهم إيمانه يقينياً ورؤيته تفصيلية، وبعضهم إيمانه عاماً ورؤيته مجملة؛ وهكذا الأسماء والصفات، يعني: الواجب في الأسماء والصفات أن تعلم أن لله أسماء وله صفات يجب الإيمان بها وهي الواردة في القرآن، لكن إدراكها على التفصيل هذا هو الذي يزيد به الإنسان إيماناً، ولهذا جاء في الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم: (إن لله تسعاً وتسعين اسماًً من أحصاها دخل الجنة).
الجواب: ماذا يقصد بقوله: يا قلب أغثني، إذا كان يقصد: يا قلب ألهمني فائدة، كنت ناسيها مثلاً، فهذه استغاثة بشيء يقدر عليه، لكن إذا قال: يا قلب أدخلني الجنة، كيف يدخله القلب الجنة؟ هذا بيد الله عز وجل.
الجواب: إذا كان تعلم منازل القمر على سبيل المعرفة العلمية فقط، فهذا لا بأس به، وإذا كان تعلمه لمنازل القمر على سبيل اعتقاد أنها مؤثرة، فهذا من الشرك والعياذ بالله.
الجواب: لا أرى هذا مناسباً، إلا إذا كان الهدف منه التذكير والحفظ ونحو ذلك من المعاني المستحبة، فلا بأس.
أما إذا كان الهدف من ذلك أنها تحمي البيت من الجن والشياطين وغير ذلك، فهذا داخل في عموم التعليق الذي سبق أن أشرنا إليه.
الجواب: أنا لا أقول: ابحثوا في التوراة والإنجيل حتى تخرجوا لنا رقى، في الكتاب والسنة ولله الحمد ما يكفي، لكن الهدف من هذا الكلام هو أن الرقى ليست خاصة بالكتاب والسنة، وأن أي كلام صحيح يمكن أن يكون رقية صحيحة، أهم شيء أن يكون بعيداً عن الشرك، وضربت مثالاً بما هو موجود في التوراة، لكن لا يعني هذا أن الإنسان يبحث عن التوراة والإنجيل ويحاول أن يخرج رقى منهما.
الجواب: بالنسبة للرقية بغير العربية فبعض من أهل العلم جعل الرقى بالعربية ضابطاً من ضوابط الرقى الشرعية؛ لأن الشخص قد يتكلم بلغة غير معروفة، فيكون فيها استغاثة بغير الله عز وجل.
والحقيقة أن الضابط الدقيق في هذه المسألة هو أن يكون الكلام مفهوماً، سواء بلغة عربية أو أجنبية، أهم شيء أن يكون الكلام مفهوماً.
أما إذا كان غير مفهوم، فإنه لا يجوز أن يرقى به.
الجواب: هؤلاء المشايخ وغيرهم من المشايخ ليسوا بمعصومين، يقعون في الخطأ، وكل إنسان يقع في الخطأ، لكن يجب على المسلم أن يزن الخطأ بميزان الكتاب والسنة، وألا يتجاوز، وهؤلاء المشايخ هم رموز أهل السنة في هذه البلاد، فإذا كان هؤلاء يسبون بهذه الطريقة، فمعنى هذا أن هذا الشخص سيحصر أهل السنة في مجموعة محددة هو يعرفها، وبقية الناس لا يعرفونها، ثم لماذا يسب هؤلاء؟ إذا كانت توجد عندهم أخطاء فينكر هذا الخطأ، أقول لهذا: هل عبدوا غير الله؟ هل استغاثوا بغير الله؟ هل حرفوا الصفات؟ هل عندهم من مقالات الفرق الضالة شيء؟ أبداً ليس هناك أي شيء، وإنما هي اجتهادات، وبعض الناس يقول: بعضهم كان له موقف أثناء أزمة الخليج، أقول: هذا أمر اجتهادي، واجتهاده في تلك الفترة قد يتراجع عنه في وقت آخر، ثم إنه في تلك الفترة التي اجتهد هذا الاجتهاد كان هناك علماء كبار مثل: الشيخ عبد العزيز بن باز والشيخ ابن عثيمين وغيرهما ولم يقولا هذا الكلام فيهم؛ ولهذا يا إخواني بغض النظر عن الأسماء هذه، ينبغي للإنسان أن يكون عفيف اللسان دائماً، وأن يبتعد عن الطعن في أهل العلم، وأن يبتعد عن الطعن في الدعاة إلى الله عز وجل، ونحن في مرحلة أحوج ما نكون فيها إلى الألفة والاجتماع، خصوصاً أن أصول السنة موجودة عندنا ولله الحمد، وأما يتعلق بالتوحيد وأنواع التوحيد الثلاثة، والإيمان، والقدر، واليوم الآخر، ونحو ذلك، فإذا اجتهد عالم من العلماء في أي مسألة من المسائل وأخطأ فيها فإنه يناصح ويعلم وينكر عليه هذا الخطأ، لكن ليس بطريقة السب والشتم وقول: أعوذ بالله منهم، سبحان الله!
وهؤلاء الأشخاص الذين يتكلمون بهذه الطريقة، لو اختلفوا فيما بينهم لتوصلوا إلى أن يسب بعضهم ويشتم بعضهم بعضاً، وهذا هو الذي وقع مع الأسف، أن هناك أشخاصاً خالفوا أشخاصاً آخرين في مسألة من المسائل فبدأ يطعن بعضهم ببعض ويسب بعضهم بعضاً، هذا خطأ يا إخواني، ينبغي للإنسان أن يكون عفيف اللسان، وأن يعلم أن شرائع الإيمان وشعب الإيمان واسعة وكبيرة وكثيرة، وأن الإنسان إذا جاء بأصول السنة العامة فإنه تحفظ له مكانته ومنزلته في الأمة، وإذا قال قولاً شاذاً فإنه يرد عليه هذا القول، فهذا الشيخ ناصر الدين الألباني رحمه الله، من علماء أهل السنة بدون أي منازعة، ومن فضلاء أهل السنة، وقع في أخطاء معينة، لو أننا جمعنا هذه الأخطاء مثلاً، وبدأنا نشنع على هذا الشيخ ونتكلم عليه، وعملنا بهذا الأسلوب مع كل شيخ، من سيبقى؟ صدقوني لا يبقى أحد؛ لأنه ليس هناك إنسان إلا ويقع في الخطأ.
لو تعاملنا بهذا الأسلوب مع العلماء القدامى أمثال: الإمام أحمد بن حنبل ويحيى بن معين وعلي بن المديني والشافعي ومالك وأبي حنيفة وغيرهم، والله لن يبقى أحد، هل تتصورون أن هؤلاء العلماء ملائكة يمشون مطمئنين على الأرض؟ أبداً، ليسوا ملائكة، هم بشر يقعون في الخطأ.
ولهذا ألف ابن تيمية رحمه الله تعالى: (رفع الملام عن الأئمة الأعلام) ولو تقرءون طريقة ابن تيمية رحمه الله في التعامل مع أخطاء المخطئين تتعجبون، ولا يعني هذا أن الإنسان يقر الآخرين على أخطائهم؛ لأن العبرة بالدليل الشرعي، لكن ليس بهذا الأسلوب، فالشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله، والشيخ ابن عثيمين رحمه الله على فضلهما ومكانتهما وقعا في أخطاء، ليس هناك أحد لا يقع في أخطاء، لكن هذه تسمى الأخطاء الاجتهادية، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: (إذا اجتهد المجتهد فأصاب فله أجران، وإذا اجتهد فأخطأ فله أجر).
حتى الأستاذ سيد قطب رحمه الله أخطأ في مسائل في العقيدة، لكن ليست مسائل كلية، هي مسائل فرعية، مثلاً: باب الأسماء والصفات عند سيد قطب في الجملة يقول: نحن نثبت ما يثبته الله عز وجل لنفسه، لكن في التفصيل قد يقع في تأويل بعض الأسماء والصفات، فهذه لا تقبل، ولا يصح لأحد أن يقبلها وترد، لكن مجمل كتابات سيد قطب في الجملة كتابات مفيدة، وفيها خير كثير، وما فيها من زلل ومن خطأ نرده ولا نقبله، وقد اعتذر عن كثير من هذه الأخطاء في كلامه حول تفسير سورة الجن، عندما قال: في بداية دراستي للعلم وقعت في قراءة لبعض كتب المخطئين وكذا، وتبنى ما في تلك الكتب ثم إنه يعتذر إلى الله عز وجل منها ونحو ذلك، وله كتاب رائع جداً اسمه (خصائص التصور الإسلامي) له فصل بعنوان: تيه وركام يقول: إنه يجب علينا أن نأخذ المنهج القرآني من مصدره ومنبعه الأساسي، ورد على أهل الكلام من الأشاعرة والمعتزلة، وسماهم أصحاب الفلسفة الإسلامية، وبين خطورة هذا المذهب، وبين أن عقائد الفرق الضالة هي عبارة عن ركام من حول المنهج القرآني، وأنه لابد أن نزيل هذا الركام، يعني: نزيل آراء الفرق الضالة ونرميها ونأخذ بالمنهج القرآني.
وهذا الكلام في غاية النفاسة، وفي غاية المنهجية الصحيحة، ولا يعني هذا أن سيد قطب لم يقع في أخطاء، بل وقع في أخطاء، لكن لا نأخذ هذه الأخطاء.
إذاً: لو جمعنا أخطاء الناس صرنا -أكرمكم الله- مثل القمامة التي تجمع فضلات الناس، لا يجوز للمسلم أن يقبل الأخطاء، لكن هل الإنسان يجعل هذا العالم كله أخطاء لوجود خطأ أو خطئين أو ثلاثة، وينسى ما فيه من الفضل وما فيه من الخير وما فيه من المنزلة والمكانة؟ هذا غير صحيح أبداًً، وهذا تعامل غير مناسب مع أهل العلم، والحقيقة أن الذي يتعامل مع أهل العلم بهذه الطريقة لن يتعلم، سيدندن حول العلم، ولهذا نعرف الأشخاص الذي يتكلمون على هؤلاء، ليس عندهم من المسائل العلمية إلا مسائل معدودة يتكلمون حولها، ويرددونها بشكل مستمر، ولا أظن أن أحداً منهم سيبارك له في عمره وهو يطعن في أهل العلم، نعم أهل البدعة المحضة الواضحين المتوغلين في البدعة، هؤلاء يجب الرد عليهم؛ ولهذا رددنا على الأشاعرة ورددنا على الصوفيين، ورددنا على أهل الكلام عموماً، ونرد على كل مخطئ، لكن إذا كان الرجل في مجمله على السنة حتى لو وقع فينبغي أن نكف عن الطعن فيه، مع تبيين أخطائه وعدم متابعته فيه.
وهذا الحافظ ابن حجر العسقلاني إمام من أئمة أهل الحديث والسنة بدون أي إشكال، وافق الأشعرية حتى في مسألة إنكار علو الله على خلقه، مع فضل الحافظ ابن حجر ومكانته في علم الحديث، ومع رده على الأشعرية في كتاب الإيمان وفي كتاب التوحيد أيضاً، ومع حرصه على السنة النبوية، إلا أنه وقع في أخطاء حتى في مسألة مشهورة وهي مسألة العلو، ومع هذا لم نلغ هذا الإمام، وما زال هؤلاء وغيرهم عيالاً على كتب الحافظ ابن حجر في الحديث وفي شرحه لكتاب صحيح البخاري ، ولهذا تجد هؤلاء يتناقضون، يتعاملون مع نوعية من العلماء بطريقة،ويتعاملون مع نوعية أخرى من العلماء بطريقة أخرى، حتى العلماء الذين يحبهم هؤلاء لو جئت لواحد منهم وبدأت تبحث عن مقالاته الحقيقية لوجدت أن عنده أخطاء وآراء وكلمات شذ فيها، فهل نسقطه أيضاً؟ لو فعلنا لم يبق أحد حينئذ!
أقول قولي هذا، وأستغفر الله عز وجل لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب فاستغفروه، وصل اللهم وبارك على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر