الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً إلى يوم الدين.
أما بعد:
فهذا هو الدرس الأخير من دروس أصول العقيدة، سيكون الحديث إن شاء الله في هذا الدرس في موضوعين مهمين، الموضوع الأول: في أركان الإيمان وأصول الأحكام.
والموضوع الثاني: في السنة والبدعة.
وأركان الإيمان: هي الإيمان بالله وملائكته وكتبه ورسله وباليوم الآخر وبالقدر خيره وشره، وهذه الأركان تعتبر أصول العقيدة وأساسيات الدين.
الأمر الأول: الإيمان بوجود الله تعالى، وهذا أمر فطري، فإن كل مولود يولد وهو عارف بربه، وهو مفطور على معرفة الله تعالى.
يقول الله عز وجل: فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ [الروم:30]، ويقول عليه الصلاة والسلام: (كل مولود يولد على الفطرة فأبواه يهودانه أو ينصرانه أو يمجسانه كما تنتج البهيمة بهيمة جمعاء هل تحسون فيها من جدعاء حتى تكونوا أنتم تجدعونها) ثم قرأ أبو هريرة رضي الله عنه الآية السابقة التي في سورة الروم.
الأمر الثاني: الإيمان بربوبية الله تعالى، وقد سبق أن بينا معنى الإيمان بالربوبية وهو إفراد الله تعالى بالخلق والملك والتقدير والتدبير، يقول الله عز وجل: أَلا لَهُ الْخَلْقُ وَالأَمْرُ [الأعراف:54].
الأمر الثالث: الإيمان بألوهية الله تعالى، وألوهية الله تعالى هي إفراد الله سبحانه وتعالى بالعبادة والإلهية، وهذا هو معنى شهادة أن لا إله إلا الله، وقد سبق أن تحدثنا عن توحيد الألوهية.
الأمر الرابع: توحيد الأسماء والصفات أو معرفة الله بأسمائه وصفاته، وقد سبق أن بينا القواعد الشرعية في باب الأسماء والصفات، وكيف أن أهل السنة والجماعة جاءوا بالإثبات والنفي، فجاءوا بإثبات صفات الله تعالى وأسمائه على الوجه الذي يليق به سبحانه وتعالى، وبنفي مشابهته ومماثلته للمخلوقات، كما قال الله سبحانه وتعالى: لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ [الشورى:11].
فقوله: لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ [الشورى:11] فيه رد على المشبهة، وهو نفي للتشبيه والتمثيل، وقوله: وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ [الشورى:11] فيه رد على المعطلة النفاة، وهو دليل على الإثبات أيضاً.
هذا ما يتعلق بالإيمان بالله، وقد سبق أن تحدثنا عن الإيمان بالله في باب عظيم من أصول العقيدة وهو باب التوحيد.
والإيمان بالملائكة يتضمن الإيمان بما جاء في القرآن والسنة من عددهم وأوصافهم، ويتضمن أيضاً الإيمان بمن ذكر اسمه منهم.
وملائكة الله عز وجل وجنوده لا يعلمهم إلا هو، كما أخبر الله عز وجل وَمَا يَعْلَمُ جُنُودَ رَبِّكَ إِلَّا هُوَ [المدثر:31]، والملائكة كثيرون جداً، جاء في الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (أطت السماء وحق لها أن تئط، لا يوجد فيها موضع ثلاثة أصابع إلا وفيها ملك راكع أو ملك ساجد).
والأطيط هو صوت الرحل الذي يكون عليه حمل ثقيل.
وجاء أيضاً عن النبي صلى الله عليه وسلم في حديث الإسراء أن البيت المعمور يدخله كل يوم عدد كبير من الملائكة ثم لا يرجعون إليه إلى يوم القيامة.
وذكر الله عز وجل من أوصافهم أن لهم أجنحة، وأنهم لهم خلق عظيم، فقد جاء في الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (أذن لي أن أحدثكم عن ملك من حملة العرش ما بين شحمة أذنه إلى عاتقه خفقان الطير سبعين سنة).
ومنهم إسرافيل نافخ الصور، وجبرائيل وهو الموكل بالوحي، وميكائيل وهو الموكل بالقطر، ولا يصح في اسم ملك الموت حديث، وإنما ورد في بعض الآثار أن اسمه عزرائيل، لكن لم يرد في آية من كتاب الله أو حديث عن النبي صلى الله عليه وسلم في تسميته شيء.
والإيمان بالملائكة يتضمن أيضاً الإيمان بالأعمال التي يقومون بها، وذلك أن الله عز وجل خلق هؤلاء الملائكة ليقوموا بتنفيذ أمره سبحانه وتعالى، فللموت ملك، وللوحي ملك موكل، وأيضاً حتى قطرات المطر لا تنزل قطرة واحدة إلا وهي في يد ملك حتى يضعها على الأرض، وأيضاً هناك ملائكة موكلون بالإنسان ويكتبون أعماله الحسنة والسيئة.
والإيمان بالملائكة ركن أساسي في الإيمان لا يصح إيمان الإنسان إلا به، فلو أن إنساناً أنكر الإيمان بالملائكة فإنه يكفر، ولو قال: ليس لله ملائكة، وكذلك من أول الملائكة تأويلاً يخرجهم من حقيقتهم، مثل من أول الملائكة بأنها أنوار روحانية ليس لها أجنحة وليس لها أوصاف فهذا كفر مخرج من الملة؛ لأنه تكذيب لنصوص القرآن التي وردت في أوصافهم.
ويتضمن الإيمان بالكتب أيضاً الإيمان بأن التوراة والإنجيل قد أنزلهما الله سبحانه وتعالى على موسى وعيسى، ولكن أتباع موسى وعيسى من اليهود والنصارى حرفوا التوراة والإنجيل، وأدخلوا فيهما من العقائد والأخبار ما ليس منهما، وأن التوراة والإنجيل الموجودتان الآن بأيدي اليهود والنصارى ليستا حقيقة التوراة والإنجيل التي أنزلهما الله سبحانه وتعالى على موسى وعيسى، وإنما فيهما تغيير وتبديل وتحريف، والتحريف فيهما موجود بشكل واضح، فإن بعض أسفار التوراة تتحدث عن موسى بصيغة الغائب، وتتحدث عنه أنه مات في المكان الفلاني، وأنه كان رجلاً فاضلاً! فهذا لا يصح، فلو كانت التوراة نزلت على موسى فكيف تتحدث عن وفاة موسى مع أنها نزلت عليه؟!
وأيضاً من الإيمان بالكتب أن نؤمن بأن الله عز وجل كتب التوراة بيده وأعطاها لموسى، كما ورد في حديث محاجة آدم لموسى فقد جاء في حديث محاجة آدم لموسى والحديث في الصحيحين أن آدم قال: (أنت موسى كلمك الله وكتب لك التوراة بيده).
ومن الإيمان بالكتب أيضاً أن يؤمن الإنسان بأن القرآن هو أعظم كتب الله عز وجل، وأنه جاء بكل خير وفلاح للناس، وأنه لا يمكن حصول التحريف والتبديل في هذا الكتاب؛ لأن الله عز وجل تكفل بحفظه فقال: إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ [الحجر:9]، ومن اعتقد أن القرآن حرف كما حرفت التوراة والإنجيل فإنه يكفر، ومن اعتقد أن القرآن زيد فيه أو نقص منه كما تعتقد الشيعة فإنه يكفر؛ لأن الله عز وجل يقول: إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ [الحجر:9]
وبهذا نعلم بطلان عقيدة الشيعة في قولهم بأن هناك سوراً من القرآن حذفت مثل سورة الولاية أو أن آيات من القرآن حذفت مثل قولهم في سورة الضحى: (وأن علياً صهرك)، فكل هذا من الكذب والتكذيب لخبر الله عز وجل بأنه تكفل بحفظ هذا القرآن.
ومن نسب لله كتاباً جاء به من عند نفسه إلى الله عز وجل فهو كافر أيضاً، كما نسبت الدروز والنصيرية والشيعة لله عز وجل كتباً ليست من كلامه سبحانه وتعالى، فنسبوا إلى الله عز وجل مصحف فاطمة ، ونسبوا إلى الله سبحانه وتعالى مصحفاً خاصاً بالدروز كتبه كمال جنبلاط أبو وليد جنبلاط كما يذكر بعض المؤرخين، ويحاول أن يحاكي القرآن، وقد اطلعت على نسخة من هذا المصحف الذي يزعمون أنه من كلام الله عز وجل، ويتلاعبون فيه ويحاولون أن يحاكوا كتاب الله عز وجل، ويختم هذه الآيات بقوله: إن الله عزيز حكيم، والله غفور رحيم ونحو ذلك من الآيات ويعبثون في هذا الكتاب وينسبونه إلى الله سبحانه وتعالى، تعالى الله عما يقولون علواً كبيرا.
وأيضاً يتضمن الإيمان بالرسل الإيمان بأسماء الرسل الذين سماهم الله عز وجل: آدم وإدريس ويوسف وعيسى وإبراهيم واليسع ذو النون وإلياس ومحمد صلى الله عليه وسلم وغيرهم من المرسلين الذين ذكروا في القرآن الكريم.
وأيضاً مما يجب الإيمان به فيما يتعلق بالرسل الإيمان بأن منهم من كلمهم الله عز وجل مباشرة كما حصل مع موسى، ومنهم من كان يرسل إليهم رسولاً ويأتيهم الوحي من السماء، ومنهم من أوحى الله عز وجل إليهم بالإلهام، والنبي صلى الله عليه وسلم أوحى الله إليه بهذه الطرق جميعاً.
ومن الإيمان بالرسل أيضاً الإيمان بمعجزات الرسل، فإن الرسل جاءوا بالبينات والهدى، وكل رسول أرسل إلى قومه فإنه يكون له بينة ومعه دليل واضح، ولهذا جاء في الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (إن الله لم يبعث رسولاً إلا أتاه من الآيات ما على مثله آمن قومه) أو كما قال النبي صلى الله عليه وسلم، وليس هو نص الحديث، والذي بعث به النبي صلى الله عليه وسلم من الآيات هو القرآن الكريم، ولهذا فتعتبر أعظم معجزة للنبي صلى الله عليه وسلم هي معجزة القرآن الكريم، ولهذا فإن إعجاز القرآن من حيث فصاحته، ومن حيث بلاغته، ومن حيث ما يتضمنه من الحكم، وما يتضمنه من الشرائع العظيمة، وما يتضمنه من القصص والدقة المتناهية، وما يتضمنه من الشفاء، وما يتضمنه أيضاً من الانضباط والاتساق، كل ذلك دليل واضح على أن هذا القرآن من كلام الله سبحانه وتعالى، ولو كان من كلام البشر لما كان بهذه الصورة وبهذه الكيفية.
ولهذا فعلى طالب العلم أن يعلم أن دلائل النبوة من أعظم الوسائل التي يثبت بها الدين، فإن الإنسان إذا عرف دلائل نبوة النبي صلى الله عليه وسلم وأنه رسول الله صلى الله عليه وسلم فإن ما يترتب على ذلك يعتبر من أعظم الحجة، يترتب عليه صدق الرسول، ويترتب على صدق الرسول صحة الدين، ويترتب عليه صحة كل التفصيلات الواردة في الدين في القرآن وسنة النبي صلى الله عليه وسلم، فلهذا ينبغي أن يدرك الإنسان دلائل النبوة، وقد ذكر شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله أن نبوة الرسول صلى الله عليه وسلم وأن رسالته تدل عليها أدلة كثيرة ربما تصل إلى أكثر من ألف دليل، وأبلغ ذلك وأعظم ذلك القرآن.
والأنبياء والمرسلون الذين كانت آيات نبوتهم خفية، كآية هود عليه السلام قال له قومه: مَا جِئْتَنَا بِبَيِّنَةٍ وَمَا نَحْنُ بِتَارِكِي آلِهَتِنَا عَنْ قَوْلِكَ [هود:53].
يقول شارح العقيدة الطحاوية: إن الآية التي جاء بها هود هي أنه جاء إلى أمة طاغية باغية قوية، وكان مستضعفاً، ومع ذلك وقف أمامهم غير عابئ خواف، وجاءهم بأدلة مقنعة من حيث توحيد الله عز وجل، واتباع المرسلين، ولهذا تعتبر آية ودليل هود عليه السلام من أخفى الأدلة كما نبه على ذلك شارح العقيدة الطحاوية.
والمرتبة الثانية: هو أن الله عز وجل كتب ما علمه من أحوال العباد في اللوح المحفوظ.
والمرتبة الثالثة من مراتب القدر: هو مشيئة الله عز وجل النافذة والشاملة لكل أحوال الإنسان، ومشيئة الله سبحانه وتعالى وإرادته تنقسم إلى قسمين: إرادة كونية عامة موافقة لمعنى الخلق، وإرادة شرعية خاصة موافقة لمعنى المحبة والأمر.
والمرتبة الرابعة: هي الإيمان بخلق الله سبحانه وتعالى لأفعال العباد، فإن أفعال العباد مخلوقة لله سبحانه وتعالى، والعباد وقدرة العباد هي أسباب في انتقال الفعل من العدم إلى الوجود وليست مستقلة استقلالاً تاماً، بل أفعال العباد جميعاً مخلوقة لله سبحانه وتعالى، يقول الله عز وجل: وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ وَمَا تَعْمَلُونَ [الصافات:96]، ما يعمله العباد من مخلوقات الله عز وجل كسائر مخلوقاته سبحانه وتعالى.
النوع الأول: أن يكون إنكار جحود وتكذيب، وحينئذ فيكون ..... بالله تعالى.
والأمر الثاني: أن يكون إنكاره إنكار تأويل، وهذا كعامة المعتزلة المتأخرين، والقدرة المتأخرين، فهؤلاء لا يكفرون، وإن كانت المقالة في حد ذاتها كفراً؛ لأنها تتضمن التكذيب لخبر الله سبحانه وتعالى.
وكان أوائل القدرية ينكرون العلم، ولكن انقرضت هذه الفرقة التي تنكر العلم ولم يبق إلا القدرية المعتزلة والشيعة والخوارج الآن، فإنهم لا ينكرون العلم، لكنهم ينكرون خلق الله لأفعال العباد، وينكرون كتابة الله سبحانه وتعالى لأحوال العباد.
فيجب على الإنسان إذاً أن يعلم أن الله عز وجل عالم بأعمال العباد قبل أن يفعلوها، وأنه كتب سبحانه وتعالى هذه الأعمال في اللوح المحفوظ، وأنه سبحانه وتعالى ما يحصل في هذا الكون شيء إلا بمشيئته وإرادته العامة، وأن هذه الأشياء التي يعملها العباد هي من مخلوقات الله عز وجل، وأن العبد وقدرة العبد هو سبب من الأسباب الذي ينقل الشيء من العدم إلى الوجود، فإن انتقال الشيء من العدم إلى الوجود؛ انتقال الفعل قبل أن يكون فعلاً إلى مرحلة بعد الفعل أو مرحلة الفعل في حد ذاتها؛ هذا الانتقال يكون بقدرة العبد المخلوق لله سبحانه وتعالى، ويكون هذا على سبيل السببية وأن العبد سبب لهذا الانتقال، والسبب كما هو معلوم من عقيدة أهل السنة والجماعة لا يفعل بذاته، وإنما يفعل بقدرة الله عز وجل ومشيئته، فإذا شاء تم السبب وإذا لم يتم، فالإحراق مثلاً سبب، لكن الإحراق هذا تخلف عندما ألقي إبراهيم في النار؛ لأن الله عز وجل لم يرد لهذه النار أن تحرق إبراهيم، بل قال: كُونِي بَرْدًا وَسَلامًا عَلَى إِبْرَاهِيمَ [الأنبياء:69].
والسكين سبب للقطع، لكنها لم تقطع عندما أراد إبراهيم أن يذبح ابنه إسماعيل؛ لأن الله عز وجل لم يرد ذلك، وهكذا كل سبب فإنه يوجد إذا تحقق المسبب في الواقع إذا أراد الله عز وجل وينتفي إذا لم يرد الله سبحانه وتعالى ذلك.
فالسبب لابد لوجوده من وجود شروط وانتفاء موانع، ومع ذلك فإن عنده قدرة خاصة خلقها الله سبحانه وتعالى، وهذا مما يشعر به الإنسان، والإنسان قد يشعر أن عنده قدرة للفعل بدون أي تردد وأنه قادر على أن يفعل أي فعل دون تردد، سواء من أفعال الخير أو من أفعال الشر، وهذا يدل على أن عنده قدرة في نفسه وأن عنده إمكانية، لكن يجب أن يؤمن أن هذه القدرة خلقها الله، وأنه لا يمكن له أن يفعل الشيء إلا بعد إرادة الله سبحانه وتعالى، وأنه إذا فعله فإن الله قد كتب هذا الفعل وقد علمه قبل ذلك، لكنه لم يجبر العبد عليه، وهذا ما يشعر به الإنسان من نفسه، بل قد جاء في الحديث الصحيح الذي رواه البخاري أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (كل شيء بقدر الله حتى العجز والكيس) يعني: كون الإنسان عاجزاً عن العمل هذا بقدر الله، وكون الإنسان كيساً فطناً قادراً على الفعل والعمل هذا أيضاً بقدر الله سبحانه وتعالى.
والنوع الثاني من الكتابة: الكتابة العمرية التي تكون في عمر الإنسان، فإن الله عز وجل إذا أراد أن يخلق الإنسان وطور خلقه في بطن أمه فإنه إذا جاء الشهر الرابع أرسل إليه ملكاً يكتب رزقه وأجله وشقي أو سعيد كما ورد في حديث ابن مسعود رضي الله عنه الطويل في كيفية خلق الإنسان.
وهناك كتابة حولية وهي التي تكون في ليلة القدر كما ورد في سورة الدخان قوله تعالى: فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ [الدخان:4] فكل أعمال السنة يكتب في ليلة القدر كما ذكر المفسرون ذلك في تفسير هذه الآية من سورة الدخان.
وهناك كتابة يومية كما قال بعض العلماء، وهذه الكتابة هي المراد بقوله تعالى: كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ [الرحمن:29] سبحانه وتعالى.
فهذه القضايا الستة هي أصول العقيدة، وأما ما يرد من خلافات دقيقة في بعضها فإنه بحسبه، فمثلاً في باب الإيمان بالله مثلاً قد يأتي خلاف عند أهل السنة في صفة من الصفات مثل صفة الساق، وقد ذكر ابن القيم رحمه الله أنه لم يختلف أهل السنة والجماعة في أي صفة من صفات الله عز وجل إلا في صفة الساق؛ لأن الآية الواردة فيها ليس فيها إضافة إلى الله عز وجل يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ سَاقٍ وَيُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ فَلا يَسْتَطِيعُونَ [القلم:42]، فكلمة ساق هنا منكرة، وليست مضافة إلى الله سبحانه وتعالى، لكن صفة الساق ثابتة عند أهل السنة والجماعة بدليل حديث أبي سعيد الخدري في صحيح البخاري في ذكر أحوال الناس في المحشر، وفي الحديث أن الله عز وجل يكشف عن ساقه، فهنا إضافة الساق إلى الله سبحانه وتعالى، وهذا يدل على أن المراد بالآية: يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ سَاقٍ [القلم:42] أنها ساق الله سبحانه وتعالى.
وهناك مسائل الإيمان بالرسل مثل الإيمان بعدد الرسل فإنه لم يرد عدد محدد للرسل، لكن ورد حديث في مسند الإمام أحمد عن أبي ذر ، والحديث فيه خلاف في صحته، ولهذا فمسألة عدد الرسل لا تعتبر من أصول العقيدة، والإيمان بالرسل وبأسماء الرسل الذين ورد ذكرهم في القرآن يعتبر من أصول العقيدة.
أيضاً هناك خلاف في بعض أسماء الرسل مثل: دانيال مثلاً، وهل دانيال رسول أو ليس برسول؟ وقد ورد في بعض الأحاديث أنه رسول، لكن هذا الحديث في صحته خلاف.
ولهذا يجب أن نعلم أن هذه الأركان تحتها مسائل كبيرة جداً، ومن هذه المسائل ما هي أصلية أساسية وهي التي جاء عليها النص في القرآن والسنة الصحيحة، ومنها ما هي مسائل دقيقة وغامضة وفيها خلاف، وهذه ليست من أصول العقيدة بل هي من المسائل الاجتهادية التي يحصل فيها الخلاف، وقد سبق أن مثلنا ببعض هذه المسائل.
فمثلاً مسألة المحو والإثبات في القدر من المسائل التي فيها خلاف وهي من مواطن الاجتهاد.
فهذه القضايا الستة هي أصول العقيدة، وأما ما يرد من خلافات دقيقة في بعضها فإنه بحسبه، فمثلاً في باب الإيمان بالله مثلاً قد يأتي خلاف عند أهل السنة في صفة من الصفات مثل صفة الساق، وقد ذكر ابن القيم رحمه الله أنه لم يختلف أهل السنة والجماعة في أي صفة من صفات الله عز وجل إلا في صفة الساق؛ لأن الآية الواردة فيها ليس فيها إضافة إلى الله عز وجل يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ سَاقٍ وَيُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ فَلا يَسْتَطِيعُونَ [القلم:42]، فكلمة ساق هنا منكرة، وليست مضافة إلى الله سبحانه وتعالى، لكن صفة الساق ثابتة عند أهل السنة والجماعة بدليل حديث أبي سعيد الخدري في صحيح البخاري في ذكر أحوال الناس في المحشر، وفي الحديث أن الله عز وجل يكشف عن ساقه، فهنا إضافة الساق إلى الله سبحانه وتعالى، وهذا يدل على أن المراد بالآية: يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ سَاقٍ [القلم:42] أنها ساق الله سبحانه وتعالى.
وهناك مسائل الإيمان بالرسل مثل الإيمان بعدد الرسل فإنه لم يرد عدد محدد للرسل، لكن ورد حديث في مسند الإمام أحمد عن أبي ذر ، والحديث فيه خلاف في صحته، ولهذا فمسألة عدد الرسل لا تعتبر من أصول العقيدة، والإيمان بالرسل وبأسماء الرسل الذين ورد ذكرهم في القرآن يعتبر من أصول العقيدة.
أيضاً هناك خلاف في بعض أسماء الرسل مثل: دانيال مثلاً، وهل دانيال رسول أو ليس برسول؟ وقد ورد في بعض الأحاديث أنه رسول، لكن هذا الحديث في صحته خلاف.
ولهذا يجب أن نعلم أن هذه الأركان تحتها مسائل كبيرة جداً، ومن هذه المسائل ما هي أصلية أساسية وهي التي جاء عليها النص في القرآن والسنة الصحيحة، ومنها ما هي مسائل دقيقة وغامضة وفيها خلاف، وهذه ليست من أصول العقيدة بل هي من المسائل الاجتهادية التي يحصل فيها الخلاف، وقد سبق أن مثلنا ببعض هذه المسائل.
فمثلاً مسألة المحو والإثبات في القدر من المسائل التي فيها خلاف وهي من مواطن الاجتهاد.
فجعل لفظ السنة هنا عاماً لطريقة النبي صلى الله عليه وسلم، وجعل المقابل لها البدعة، ولهذا جاء في الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (من رغب عن سنتي فليس مني) وهذا هو الاصطلاح الشرعي الوارد في النصوص.
ولكن الفقهاء لهم اصطلاح خاص بالسنة فقالوا: إن السنة ما يثاب فاعلها ولا يعاقب تاركها، فيسمون بعض الأعمال والأقوال التي لا يؤثم تاركها ويكون لفاعلها الأجر عند الله عز وجل بأنها سنة، مثل السنن الرواتب، والوتر عند غير الأحناف، أو بعض الأذكار مثل سيد الاستغفار فكل هذه تعتبر من السنن.
ولكن المصطلح الشرعي للسنة أوسع من ذلك فيدخل فيها الواجبات، ولهذا جعل النبي صلى الله عليه وسلم المقابل لها البدعة، بينما السنة في اصطلاح الفقهاء يقابلها الواجب، لكن إذا وردت السنة في الحديث مثلاً أو خبر في قول الصحابة أو التابعين فإن المراد بهذه السنة السنة الشرعية بمعناها الشرعي العام.
ومن البدع في أمور الدنيا التي ليست من الدين الوزارات كوزارة التربية والتعليم وغيرها.
ومعنى تضاهي الشرعية، أي: تشابه الأعمال الشرعية التي يقصد بها التعبد لله تعالى، فمن اخترع عملاً من الأعمال ونسبه إلى الدين وجعله مشابهاً للأحكام الشرعية ويتعبد لله به فهذا العمل يسمى بدعة.
والبدعة الإضافية هي التي يكون لها أصل في الدين لكن يبتدع في كيفيتها.
والأمثلة على ذلك: بدعة التصوف والرهبانية والذهاب إلى الكهوف والمغارات والرهبانية بهذا الأسلوب ونسبة ذلك إلى الدين، وأن هذا زهد وتقشف وتعبد لله تعالى، فهذا بدعة، فإن النبي صلى الله عليه وسلم لم يذهب إلى المغارات والكهوف، ولم يترك الطيب الحلال ولم يترك الزواج ولم يترك الأمور المباحة بهذه الطريقة التي عليها أهل التصوف، فهذه بدعة حقيقية؛ لأنه لا يوجد لها شبيه في الدين أصلاً.
والبدعة الإضافية أن يكون أصل الأمر موجوداً في الدين لكن الابتداع جاء في كيفيته وشكله، فمثلاً ذكر الله تعالى هذا موجود من حيث الأصل في الدين، فلو أن أشخاصاً ابتدعوا في كيفياتها، فذكروا الله بشكل جماعي فيجتمعون في مكان واحد، واحد معه ميكرفون ويذكر الله ثم يردد البقية معه، فهذه طريقة مبتدعة، وهم ينسبون هذه الطريقة إلى الدين وليست من الدين؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يكن يذكر الله جهراً والصحابة يرددون معه أبداً، حتى في التلبية، وفي الذكر والتكبير الذي يكون يوم العيد، والذكر الذي يكون بعد الصلاة، ولم يكن النبي صلى الله عليه وسلم بعد أن ينصرف من الصلاة يقرأ للناس الفاتحة، فهذه من البدع المشتهرة وكذلك عندما يموت ميت ويقرءون على قبره الفاتحة، ويقرءون عند رأسه سورة يس، فهذه كلها من البدع الإضافية، لماذا من البدع الإضافية، وهي بدع مخترعة إضافية؟ لأن أصلها أمر محبب في الشرع، مثل قراءة القرآن وذكر الله، لكن الابتداع جاء في الكيفية وفي الهيئة، أما الابتداع من الأصل بالمخالفة من الجذور فهذه تسمى البدعة الحقيقية.
وبدعة الإرجاء الذين حصروا الإيمان في مفهوم التصديق، أو بدع التشيع في تعظيم الأئمة إلى درجة أنهم يعتقدون أن كلام هؤلاء الأئمة مثل كلام رب العالمين، وأنه يجب الانقياد لهم كما يجب الانقياد لرسول الله صلى الله عليه وسلم.
وهناك بدع عملية مثل البدع التي تكون حول القبور، مثل: الطواف حول القبور، والصلاة عندها، والذبح لها، والنذر لغير الله عز وجل.
ومن البدع أيضاً البدع التي تكون في مجال الأذكار، مثل ذكر الله عز وجل بالاسم المفرد: الله الله الله أو لطيف لطيف لطيف وهكذا، أو ذكر الله عز وجل بالاسم المضمر مثل: هو هو هو.. وهكذا.
وأيضاً من البدع التي حصلت بدع مغلظة، مثل: البدع التي يأتي بها أصحابها وتوصلهم إلى درجة الكفر والعياذ بالله، مثل بدع الباطنية الذين يقولون: إن للقرآن ظاهراً وباطناً، وأن ظاهر القرآن هو ما يفهمه العوام وباطن القرآن هو ما يفهمه الخواص، ثم يأتون بأمور مما يسمونه الباطن مخالف مخالفة أساسية لقواعد اللغة، مثل قوله تعالى: بَيْنَهُمَا بَرْزَخٌ لا يَبْغِيَانِ [الرحمن:20] قالوا: علي وفاطمة ، فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ [الرحمن:13] قالوا: الحسن والحسين . وهكذا يفسرون النصوص الشرعية تفسيراً مخالفاً لقواعد اللغة.
إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تَذْبَحُوا بَقَرَةً [البقرة:67] قالوا: إن المراد بالبقرة عائشة -قبحهم الله- وهكذا يغيرون معاني النصوص، ويأتون بمعاني بعيدة كل البعد عن ظاهر اللفظ، فليس هناك أي ارتباط ولو بخيط ضعيف، ويقولون: إن للقرآن ظاهراً وباطناً.
وهكذا فقد انتشرت البدع الكثيرة في حياة المسلمين، سواء في المساجد مثل زخرفة المساجد، أو في أحوال الموتى، أو في النكاح، أو في الذكر والصلاة، أو في الوضوء، أو في أي باب من أبواب التعبد، أو في الاعتقادات.
وهناك من البدع ما يوصل إلى الكفر، مثل البدع التي يكون فيها عبادة لغير الله عز وجل كالسجود للقبور، والبدع تختلف أحكامها، حكمها ليس واحداً، فهي تختلف أحكامها من بدعة إلى بدعة.
وقد بين الله سبحانه وتعالى في القرآن أن هذه الأمة يظهر فيها التفرق والابتداع والاختلاف، وهذا من حكمته سبحانه وتعالى ومن ابتلائه، فإن الله عز وجل يبتلي الناس بالسراء والضراء، يقول الله عز وجل: وَلا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ * إِلَّا مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ وَلِذَلِكَ خَلَقَهُمْ [هود:118-119] قال العلماء: (ولذلك خلقهم) يعني: خلقهم للاختلاف.
وقال النبي صلى الله عليه وسلم في حديث الافتراق الطويل المشهور: (وستفترق هذه الأمة على ثلاث وسبعين فرقة كلها في النار إلا واحدة، فلما سئل عنها النبي صلى الله عليه وسلم قال: من كان على مثل ما أنا عليه اليوم وأصحابي).
وهذه الفرق الواردة في الحديث ليست من الفرق الكافرة؛ لأنه قال في بداية الحديث: (ستفترق هذه الأمة) فنسبها إلى هذه الأمة فهي فرق مبتدعة فليسوا كفاراً، وأيضاً جعل الافتراق في هذه الأمة في مقابل افتراق اليهود وافتراق النصارى، وهذا يدل على أن هذا الافتراق ليس افتراقاً كفرياً، مع أن الفرق تنقسم إلى فرق مبتدعة وفرق كافرة خارجة عن الإسلام.
ومثال الفرق الكافرة الباطنية والفلاسفة.
الجواب: هذه المسألة من المسائل الخلافية بين العلماء؛ لأن منهم من قال: إنه ليس من الملائكة واستدل بالآية التي في سورة الكهف: إِلَّا إِبْلِيسَ كَانَ مِنَ الْجِنِّ فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ [الكهف:50] فهذه الآية فيها صراحة أن إبليس ليس من الملائكة.
وبعضهم قال: إنه من الملائكة واستدلوا بالاستثناء فَسَجَدَ الْمَلائِكَةُ كُلُّهُمْ أَجْمَعُونَ * إِلَّا إِبْلِيسَ [الحجر:30-31] فقالوا: إن هذا الاستثناء يدل على أنه منهم.
وقال من ذكر أن إبليس ليس من الملائكة -وهذا هو الصحيح-: إن هذا الاستثناء استثناء منقطع وليس بمتصل.
ومما استدل به من زعم أنه من الملائكة، أنه جيء به مع الملائكة، ولماذا ذمه الله سبحانه وتعالى على عدم السجود مع أنه ليس من الملائكة؟! والله عز وجل قد أمر الملائكة بالسجود، لكن الصواب هو أن إبليس كان من الجن وليس من الملائكة، وقد أمر الله عز وجل الملائكة ومن كان معهم أن يسجدوا فأبى إبليس وتكبر.
الجواب: ليس المقصود بأهل الفترة من لم يبعث فيهم رسول بالمرة، فما من أمة إلا جاءها رسول، والفترة التي حصلت من عهد إبراهيم إلى محمد عليهما الصلاة والسلام، وكان المشركون يظنون أنهم على الحنيفية وكانوا ينتسبون إلى إبراهيم، ولهذا فقد كانوا يحجون إلى البيت، وكانوا يطوفون بالحرم، وكانوا يذهبون إلى منى وعرفات ويرمون الجمار، فهم كانوا على طريقة إبراهيم العامة، إلا أنهم بدلوها وحرفوها وأدخلوا الشرك فيها، وأول من جاء بالشرك وعبادة الأصنام إلى العرب هو عمرو بن لحي الخزاعي الذي جاء بهبل عندما وجد بعض الشاميين يعبدون الأصنام فاشترى منهم صنماً فجاء به إلى مكة وعبدوه، وذكر النبي صلى الله عليه وسلم أنه رآه يجر قصبه في نار جهنم والعياذ بالله.
الجواب: يمكن أن يكون الإنسان مخيراً في أمور مسيراً في أمور، فيكون مسيراً فيما لا يترتب عليه ثواب ولا عقاب، فمثلاً: لون الإنسان ليس مخيراً فيه، وأبوه وأمه ليس مخيراً فيهما، وطوله ليس مخيراً فيه، ولغته والبلد الذي يعيش فيه، وولادته في هذا المكان ونسبه ليس مخيراً فيه، وهناك أشياء ليس مخيراً فيها الإنسان، لكن هذه الأشياء لم يترتب عليها الثواب والعقاب، فلم يرتب الله عز وجل الثواب والعقاب على كون الإنسان أباه فلان أو أمه فلانة، ولهذا فإن عائشة رضي الله عنها أنكرت حديث ولد الزنا أو ابن الزنا شر الثلاثة فقالت: هذا ليس من كلام النبي صلى الله عليه وسلم؛ لأن الله يقول: وَلا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى [الأنعام:164] لكن الإنسان مخير فيما يتعلق بإرادته من الأعمال، وهذا هو الذي يترتب عليه الثواب والعقاب يوم القيامة.
الجواب: بالنسبة لجماعة التبليغ في الأصل أنها أول ما نشأت جماعة صوفية في الهند، وكانت تابعة لعلماء الماتريدية الديوبندية، ولأن عمل الجماعة عمل دعوي وعمل يهتم بالإسلام العام فقد دخل فيها أعداد كبيرة ممن ليس من أهل التصوف فأصبح كثير من جماعة التبليغ في البلاد العربية وفي مناطق متعددة كثيرة ليسوا من الصوفية ومع ذلك هم من جماعة التبليغ، لكن الجماعة في أصلها ونشأتها كانت على التصوف.
أما تقويم الجماعة فقد تحدث أهل العلم أن فيها خيراً كثيراً، وفيهم صبر وجلد على العمل، وفيهم صدق، لكن منهجهم ليس منهجاً كاملاً؛ لأنه يهمل العلم، وأتباعهم ليسوا من أهل العلم، وهذا يترتب عليه إهمال قضايا الاعتقاد وإهمال كثير من المسائل الشرعية الأساسية وترك الإنكار في كثير من أبواب الدين وعدم الاهتمام بها، فهذا النقص سببه الأساسي هو عدم الاهتمام بالعلم.
وكما قلت: فيهم خير وفيهم صبر وفيهم بذل جهد كبير في مجال الدعوة، لكن ليس عندهم اهتمام بالعلم، ونشأة الجماعة في أساسها كانت نشأة صوفية، ولهذا فإن كتاب تبليغي نصاب الذي ألفه مشايخ الجماعة القدامى هو كتاب من كتب الصوفية، والذي يطلع على هذا الكتاب يعرف أن هذا الكتاب من كتب الصوفية دون أي نقاش.
الجواب: الحقيقة أن كثيراً من الناس توسع في موضوع البدع إلى درجة أنه يعتبر أي شيء بدعة، وهذا غير صحيح، فمن يذكر بالخير، أو بأذكار الصباح والمساء، فهذا ما فيه شيء، فالذي يذكرك بالله عز وجل، أو بالعمل الصالح، فهذا ليس من البدع.
فالبدعة هي شيء جديد، والتذكير ليس شيئاً جديداً ينسبه أصحابه إلى الدين، وهو إما واجب أو مستحب، فهذا ليس له ارتباط بالبدع.
الجواب: ليس هناك خلاف أصلاً بين أهل السنة والجماعة في أن الإيمان يزيد وينقص، بل هم متفقون على أن الإيمان يزيد وينقص، وهذا أمر مجمع عليه، لكن روي عن بعض الأئمة أنه ما كان يثبت النقصان؛ لأنه لم يرد هذا اللفظ في النصوص بينما معناه وارد في النصوص؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (أضعف الإيمان)، وهذا يدل على أن الإيمان يضعف، فمسألة زيادة الإيمان ونقصانه هي من الأمور المتفق عليها وليست من الأمور المختلف فيها.
الجواب: توجد البدع في الدعوة بأن يدعو صاحبها إلى بدعة مثلاً، والدعوة إلى البدعة بدعة في حد ذاتها هذا أولاً.
وثانياً: أن يخترع طريقة محرمة في الدعوة مثل من يدعو -كما يقولون- بالموسيقى الهادئة فهذه بدعة ولا شك فيها، ويدخل أيضاً في البدعة أن يركب الإنسان منهجاً دعوياً ثم ينسبه إلى الدين وهو ليس من الدين، مثل من ينهى عن الرد على الفرق الضالة نهياً مطلقاً، ويقول: المنهج الدعوي الصحيح هو أن الإنسان لا يرد على الفرق أبداً، والذي يرد على الفرق يفرق الأمة، ويجب أن نقف ضده في موقف قوي، ويجب أن نتعاون مع الشيعة والصوفية ونتفق معهم؛ لأنهم كلهم من المسلمين، فمن قال هذا القول فلاشك أن منهجه الدعوي بدعي.
الجواب: ورد في الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم أن الملائكة مخلوقون من نور، وأن الإنسان مخلوق من طين ومن نطفة، وأن الجن مخلوقون من نار.
نكتفي بهذا القدر وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد.
من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر