إسلام ويب

سلسلة منهاج المسلم - (163)للشيخ : أبوبكر الجزائري

  •  التفريغ النصي الكامل
  • الوصية مشروعة بالكتاب والسنة، وهي واجبة على من كانت عليه حقوق للناس ولم يؤدها حال حياته، فيجب عليه أن يوصي إلى من يؤديها عنه بعد مماته، وذلك كالديون ونحوها، وتكون مستحبة بالثلث فيما سوى ذلك صدقة لله تعالى إذا كانت لا تضر بالورثة، وإلا فتكون بأقل من ذلك.

    1.   

    الوصية

    الحمد لله؛ نحمده تعالى ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، أرسله بالحق بشيراً ونذيراً بين يدي الساعة، من يطع الله ورسوله فقد رشد، ومن يعص الله ورسوله فلا يضر إلا نفسه ولا يضر الله شيئاً.

    أما بعد:

    فإن أصدق الحديث كتاب الله تعالى، وخير الهدي هدي سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة.

    أيها الأبناء والإخوة المستمعون! ويا أيتها المؤمنات المستمعات! إننا على سالف عهدنا في مثل هذه الليلة؛ ليلة الخميس من يوم الأربعاء ندرس كتاب منهاج المسلم، ذلكم الكتاب الحاوي الجامع للشريعة الإسلامية بكاملها عقيدة وأدباً وخلقاً وعبادة وأحكاماً، وقد جمع المسلمين على كتاب الله وسنة رسوله ولم يفرق بينهم، فكلهم أهل السنة والجماعة، ليس بينهم من يقول: أنا كذا، والآخر يقول: أنا مذهبي كذا، لا والله فنحن المؤمنون بالله ورسوله، أتباع لرسولنا وسلفنا الصالح، وهذا الكتاب من استطاع أن يكون في بيته فليكن، فهو شامل جامع للشريعة بأسلوب سهل مسهل يفهم به دين الله كما أراد الله، وقد انتهى بنا الدرس إلى [المادة السابعة: في الوصية].

    تعريف الوصية

    [أولاً: تعريفها] ما هي الوصية؟ [الوصية هي العهد بالنظر في شيء أو التبرع بالمال بعد الوفاة] الوصية أن تعهد إلى إنسان بأن ينظر في أولادك أو في بستانك أو في مالك، أو أن تعهد إليه في أن يقوم بالتبرع بالمال بعد وفاتك.

    [وهي بهذا التعريف نوعان] اصطلاحيان [الأول: وصية إلى من يقوم بتسديد دين، أو إعطاء حق] يوصي المؤمن لأحد الناس بأن يسدد دينه وهو مريض، أو أن يعطي حقوق من له حق عليه [أو النظر في شأن أولاد صغار إلى بلوغهم] مريض لا يدري أيتوفاه الله أم لا، فيوصي فلاناً من الناس بأولاده ينظر في شأنهم حتى البلوغ.

    [والثاني: وصية بما يصرف إلى الجهة الموصى لها به] كأن تقول: وصيتي لك يا فلان أن تنفق ثلث المال على الجهات التي تستحقها.

    حكم الوصية

    [ثانياً: حكمها: الوصية مشروعة] من شرعها؟ الله جل جلاله وعظم سلطانه، ليست بدعة أبداً، ولا قانون كافر، بدليل: [بقول الله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا شَهَادَةُ بَيْنِكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ حِينَ الْوَصِيَّةِ اثْنَانِ ذَوَا عَدْلٍ مِنْكُمْ [المائدة:106]، وقوله تعالى: مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِهَا أَوْ دَيْنٍ [النساء:11]] وهذا معناه مشروعية الوصية في كتاب الله عز وجل.

    [وقول الرسول صلى الله عليه وسلم: ( ما حق امرئ مسلم له ما يوصي فيه يبيت ليلتين إلا ووصيته مكتوبة عنده )] وعلينا أن نفعل هذا.

    ومعنى: ( ما حق امرئ مسلم له ما يوصي فيه ) أي: له شيء يوصي فيه ( يبيت ليلتين إلا ووصيته مكتوبة عنده ) أي: عند رأسه، متى مات طُبقت الوصية، فإذا كانت عليه ديون -مثلاً- سددت، أو أوصى بصدقة وُزعت، وإذا لم يكن عندك وصية فلست ملزماً، لكن إذا كان لك شيء توصي به فيجب أن توصي.

    موضع وجوب الوصية واستحبابها

    [وتجب الوصية على من عليه دين] من كان عليه دين للمؤمنين أو الكافرين يجب أن يوصي [أو عنده وديعة] في بيته محفوظة عنده [أو عليه حقوق] لازمة [خشية أن يموت فتضيع أموال الناس وحقوقهم فيسأل عنها يوم القيامة] والعياذ بالله.

    [كما تستحب الوصية] بعدما عرفنا متى تجب، نعرف متى تستحب [لمن له مال كثير وورثته أغنياء، أن يوصي بشيء من ماله ثلثاً أو أقل] كالربع [لأقربائه من غير الوارثين، أو لجهة من جهات الخير] هذه الوصية مستحبة، فمن كان له مال كثير وورثته أغنياء -كبناته وأولاده وأعمامه وما إلى ذلك- استحب له أن يوصي بالثلث إذا مات -وأكثر من الثلث لا يجوز- يوزع على أقاربه الفقراء وعلى المساكين، والدليل: [لما روي أنه صلى الله عليه وسلم قال: ( يقول الله تعالى: يا ابن آدم! )] ونحن من أبناء آدم [( ثنتان لم يكن لك واحدة منهما )] مسألتان أو قضيتان أو حقان لم يكن لك واحدة منهما [( جعلت لك نصيباً في مالك حين أخذت بكظمك لأطهرك به وأزكيك )] هذه الوصية بالثلث، فقوله: ( جعلت لك نصيباً في مالك )، أي: أعطاه الثلث منه، وقوله: ( حين أخذت بكظمك ) أي: بحلقك لتموت [( وصلاة عبادي عليك بعد انقضاء أجلك )] هذه عطية من الله أن يصلى عليك بعد موتك، وهو فضل من الله.

    اثنتان من فضل الله تعالى لا ننساهما: الأولى: الوصية عند الموت بالثلث أو أقل من الثلث، وهذا يعود إليك بالخير والبركة.

    ثانياً: صلاة المؤمنين عليك، وهذا كله من فضل الله.

    [ولقوله صلى الله عليه وسلم لـسعد بن أبي وقاص حينما سأله عن الوصية: ( الثلث والثلث كثير، إنك إن تذر ورثتك أغنياء خير من أن تدعهم عالة يتكففون الناس )] أي: يمدون أكفهم للناس، وهذا دليل على أن الوصية لا تكون إلا بالثلث فأقل، وأما أكثر من الثلث فلا، والثلث كثير أيضاً.

    معقول هذا الكلام أم لا؟ هذا حديث الرسول صلى الله عليه وسلم.

    إذاً: الوصية مشروعة، والباب مفتوح، وتكون واجبة أحياناً، وتكون مستحبة أحياناً أخرى، هذه هي أحكامها، ولها شروط، فما شروطها؟

    1.   

    شروط الوصية

    [شروطها: شروط الوصية ما يلي]

    أولاً: يشترط في الموصى له بالنظر إلى شيء أن يكون مسلماً عاقلاً رشيداً

    [أولاً: يشترط في الموصى له بالنظر إلى شيء أن يكون مسلماً عاقلاً رشيداً] يشترط لمن يوصى له بأن يقوم بالوصية أن يكون مسلماً لا كافراً، عاقلاً لا مجنوناً، رشيداً لا سفيهاً، فإذا أردت أن توصي شخصاً بعد موتك يقوم بما تريد فيجب ألا يكون كافراً ولا فاجراً ولا مجنوناً، لابد من هذا الشرط [إذ غيره لا يؤمن أن يضيع ما أسند إليه النظر فيه من أداء حقوق أو رعاية صغار] فإذا أوصيته على أطفالك فإنه لا يبالي بهم ويهملهم، فلابد أن يكون الموصى له عاقلاً مسلماً رشيداً. هذا حكم.

    ثانياً: يشترط في المريض أن يكون عاقلاً مميزاً مالكاً لما يوصي فيه

    [ثانياً: يشترط في المريض] إذا أراد أن يوصي [أن يكون عاقلاً مميزاً مالكاً لما يوصي فيه] أي: أنه مريض لكنه في نفس الوقت عاقل ومميز ليس مغمى عليه، ومالكاً لما يوصي فيه، فلا يوصي بشيء لا يملكه، فلابد وأن يكون مالكاً لما يوصي به. هذا شرط لابد منه.

    ثالثاً: يشترط في الموصى به أن يكون مباحاً

    [ثالثاً: يشترط في الموصى به أن يكون مباحاً] أي: جائزاً [فلا تنفذ وصية في محرَّم] فإذا أوصاك أحد أن تضرب فلاناً فلا تطبق هذا، وإذا وصاك ألا تتكلم مع فلان أبداً فلا تطبق هذه الوصية [كأن يوصي المرء بنياحة عليه بعد موته] كمن أوصى أولاده وأقرباءه في مرضه أن ينوحوا عليه أو يبكون إذا مات. فهل تنفذ هذه الوصية؟ لا، حرام هذا، لابد وأن يكون الموصى به جائزاً [أو يوصي بمال إلى كنيسة] فلا يجوز أبداً أن يوصى بمال إلى كنيسة أو بيعة، أما إذا أوصي به إلى مسجد فنعم [أو إلى بدعة مكروهة] كبدعة من بدع العوام التي يتخبطون فيها، كحفلة على ولي، فلا يجوز هذا أبداً [أو إلى مجلس لهو أو معصية] لابد وأن يكون الموصى به صالحاً.

    رابعاً: يشترط فيمن أوصي له بشيء أن يقبله

    [رابعاً: يشترط فيمن أوصي له بشيء أن يقبله] فلا يرده [فإن رفضه بطلت الوصية، ولا حق له بعد ذلك فيه] فلابد أن يقبله قبل موت الموصي، بقوله: قبلت.

    1.   

    أحكام الوصية

    [رابعاً: أحكامها: أحكام الوصية هي]

    هذا دستور إسلامي، وقانون يطبق في الأمة، ما هو سحر ولا كلام باطل ولا شعوذة.

    أولاً: يجوز لمن أوصى بشيء بعد موته أن يرجع فيه أو يغيره

    [أولاً: يجوز لمن أوصى بشيء بعد موته] أوصيتُ بسيارة أو بدار أو ببستان بعد موتي أن يكون لفلان أو فلان [أن يرجع فيه أو يغيره كما يشاء] هذه لطيفة: فإذا أوصى رجل بشيء وقبل أن يموت بدا له أن يتركه أو يغيره فيجوز له أن يرجع فيه، فإذا أوقف منزلاً -مثلاً- على كذا، ثم بعد ذلك ندم أو لم ير في ذلك خيراً فلا بأس أن يرجع ولا حرج، لكن إذا مت فلا رجوع [وذلك لقول عمر رضي الله عنه: يغير الرجل من وصيته ما يشاء] هذه كلمة عمر وحكمه وطبقها في المسلمين، كم من إنسان يوصي وبعد ذلك يندم فله أن يرجع ولا حرج، فإذا مات انتهى الأمر.

    ثانياً: لا يجوز لمن له ورثة أن يوصي بأكثر من ثلث ماله

    [ثانياً: لا يجوز لمن له ورثة أن يوصي بأكثر من ثلث ماله] من كان له ورثة: أبناء وبنات وإخوان وأعمام، فلا يجوز له أن يوصي بأكثر من الثلث أبداً، بل الثلث فقط، لكن إذا لم يكن له ورثة فيجوز أن يوصي بماله كله [لقوله صلى الله عليه وسلم لـسعد ، وقد سأله قائلاً: ( أفأتصدق بثلثي مالي؟ قال صلى الله عليه وسلم: لا. قال: فالشطر يا رسول الله؟! -أي: النصف- قال: لا. قال: فالثلث؟ قال صلى الله عليه وسلم: الثلث، والثلث كثير، إنك أن تذر ورثتك أغنياء خير من أن تدعهم عالة يتكففون الناس )].

    ثالثاً: لا تجوز الوصية لوارث

    [ثالثاً: لا تجوز الوصية للوارث] ولدك أو أمك أو ابنتك أو من يرثك لا يجوز أن توصي له [وإن قلت حتى يجيزها سائر الورثة بعد وفاة الموصي] فإذا أوصى مريض بثلث ماله لابنه الصغير أو المجنون ووافق الورثة فنعم، أما إذا لم يوافقوا فلا حق له، فلا تجوز الوصية لوارث، فإذا كان أخوك وارثك فلا يجوز أن توصي له أبداً، وإن أوصيت رجع أمره إلى الورثة يوافقون أو لا؟ فإن وافقوا فلا بأس، وإن لم يوافقوا فلا يعطى [وذلك لقوله صلى الله عليه وسلم: ( إن الله قد أعطى كل ذي حق حقه، فلا وصية لوارث إلا أن يشاء الورثة )] فإذا وافق الورثة فهذا شأنهم.

    رابعاً: إذا لم يف الثلث الموصى به بكافة الوصايا

    [رابعاً: إذا لم يف الثلث الموصى به بكافة الوصايا] إذا لم يف الثلث الموصى به واستدت به حاجة كل الموصى لهم [قسم على الجهات الموصى لها بالسوية كالمحاصصة للغرماء] فإذا وصى بألف ريال وزعت عليهم باعتدال، كل واحد مائة أو مائتين أو خمسين على التساوي؛ لأن الموصى به لا يتسع لهم كلهم.

    خامساً: لا تنفذ الوصية إلا بعد سداد الديون

    [خامساً: لا تنفذ الوصية إلا بعد سداد الديون] فإذا وصى مريض بالثلث أو الربع فإنه لا يوزع حتى تسدد الديون أولاً، ثم يتصدق من الباقي [لقول علي رضي الله عنه: ( قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم -أي: حكم- بالدين قبل الوصية )] أولاً سداد الديون وفي الباقي تنفذ الوصية، وكذلك الورثة لا يجوز أن يقسموا شيئاً إلا بعد تسديد الديون، فإذا هلك هالك وترك مالاً وعليه دين، فإنه يسدد الدين أولاً ثم يقسم الباقي على الورثة [وذلك لأن الدين واجب والوصية تبرع] والواجب أولاً، فقضاء الدين واجب، والوصية صدقة وتبرع فقط [والواجب مقدم على التطوع] قطعاً.

    سادساً: تصح الوصية بالمجهول أو المعدوم

    [سادساً: تصح الوصية بالمجهول أو المعدوم] تصح الوصية بشيء مجهول أو غير موجود [إذ هي تبرع وإحسان، فإن حصلت فبها ونعمت، وإن لم تحصل فلا حرج، وذلك كأن يوصي المرء بما تنتج غنمه، أو بما تغله أشجاره] كشجر نخيل أو تفاح أو غيره، فمن أوصى بما تنتجه الغنم لعام وما أنتجت فلا شيء عليه، أو أوصى بأن الثمر في هذا العام للفقراء والمساكين فلم ينتج النخل فلا شيء عليه أبداً.

    سابعاً: يصح قبول الإيصاء في حياة الموصي وبعد موته

    [سابعاً: يصح قبول الإيصاء في حياة الموصي وبعد موته، كما أن للموصى أن يعزل نفسه طالما يخشى ضياع ما وصي فيه من مال أو حقوق أو يتامى] لأنه ليس بملزم، فإن خاف أن لا يقوم بالواجب وقال: أنا لا أقبل هذه الوصية فلا حرج.

    ثامناً: من أوصي في شيء معين لا يجوز له التصرف في غيره

    [ثامناً: من أوصي في شيء معين لا يجوز له التصرف في غيره لعدم وجود الإذن] من وصى في شيء معين فلا يجوز أن يتصرف في غيره، بل يتصرف في ذلك المعين فقط [إذ لا يصح شرعاً التصرف في حقوق الناس بغير إذنهم] فما دام لم يعين له شيء فلا يجوز له التصرف فيه إلا بإذن.

    تاسعاً: إذا ظهر على الميت دين بعد إخراج الوصية

    [تاسعاً: إذا ظهر على الميت دين بعد إخراج الوصية] كمن وصى بالثلث وأُخرج، ثم بعد أن نفذوا الوصية ظهر أن عليه ديناً، ماذا يُصنع؟ [فليس على الوصي ضمان ذلك الدين؛ لأنه لم يكن قد علمه وأغفله، ولا هو قد فرط فيما عهد إليه] فإذا ظهر على الميت دين بعد ما وصى وأخرجت الوصية ووزعت وانتهى أمرها، فليس الوصي مسئول بعد ذلك أبداً، ولكن إن ظهر الدين قبل أن توزع الوصية فإنه يسدد الدين أولاً.

    عاشراً: إذا أوصى المرء بشيء معين ثم تلف الموصى به

    [عاشراً: إذا أوصى المرء بشيء معين] معروف [ثم تلف الموصى به] ضاع -مثلاً- [بطلت الوصية ولا تلزمه في ماله الآخر] أن لا يلزم غرامته وإعادته، فإذا أوصى مؤمن بشيء ثم ضاع فلا يسدد من ماله الآخر.

    حادي عشر: إذا أوصى المرء لوارث وصية ثم لم يجزها بعض الورثة

    [الحادي عشر: إذا أوصى المرء لوارث وصية ثم لم يجزها بعض الورثة] من أوصى لوارث من الورثة -والوصية لوارث لا تجوز إلا بإجازة الورثة- ثم لم يجزها بعض الورثة [وأجازها البعض الآخر نفذت في نصيب من أجازها دون من لم يجزها] هنا إذا وصى المرء لوارث من الورثة فقبل بعض الورثة ولم يقبل بعضهم -والوصية للوارث لا تجوز إلا إذا وافق الورثة كما علمتم- فإنه يعطى الوارث من نصيب من وافق فقط [لقوله صلى الله عليه وسلم: (إلا أن يشاء الورثة)] فإذا وصى صاحب المال لوارث من الورثة وأجاز الورثة فلا بأس، وإذا ما أجازوا فلا يجوز، وإذا وافق البعض فإنه يعطى من نصيبهم فقط.

    ثاني عشر: من قال في وصيته: أوصيت لأولاد فلان بكذا

    [الثاني عشر: من قال في وصيته: أوصيت لأولاد فلان بكذا وكذا.. كان للموصى لهم بالسوية ذكوراً وإناثاً] ما دام قال أولاد أي: ذكور وإناث [لأن لفظ الولد يشمل الذكر والأنثى؛ لقوله تعالى: يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنثَيَيْنِ [النساء:11]، كما أن من قال: أوصيت لبني فلان بكذا.. كان للذكور دون الإناث] لأن البنين ذكور ليسوا بنات [ومن قال: أوصي لبنات فلان بكذا.. فهو للإناث فقط] لا يدخل فيه الذكور.

    ثالث عشر: من كتب وصية ولم يشهد عليها

    [الثالث عشر: من كتب وصية ولم يشهد عليها جازت] من كتب وصية ولم يشهد عليها كأن يكون جاهلاً أو غافلاً أو ناسٍ [ما لم يعلم أنه قد رجع فيها فتبطل حينئذٍ ولا تنفذ] قدمنا أنه يجوز لمن أوصى بشيء أن يرجع فيه، فإن عُلم أنه قد رجع فيه بطل حينئذ ولا ينفذ، أما إذا لم يرجع فإنه ينفذ ولو كان ما كتب ولا أشهد.

    وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

    هذا شرع الله، وهذا هو الدستور الإسلامي، ليست قوانين أوروبا، ولهذا كتاب منهاج المسلم -والله- لو تفطن المسئولون في العالم الإسلامي لطبقوه في كل بلادهم، ومن ثم اتحدت كلمة المسلمين فما بقي مذهب ولا عنصرية ولا طائفية، وقد سمعتم أدلته: قال الله وقال رسوله.

    1.   

    الأسئلة

    والآن مع بعض الأسئلة والإجابة عنها.

    حكم تكرار السلام على النبي صلى الله عليه وسلم للزائر والمقيم بالمدينة

    السؤال: هل السلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم في قبره مرة وحدة أم أنه يتكرر؟

    الجواب: عندنا فتيا الإمام مالك وليس عندنا غيرها، يقول: أهل البلاد لا يترددون على قبر النبي صلى الله عليه وسلم؛ لأن أصحابه والتابعين ما كانوا يفعلون ذلك إلا إذا سافر أحدهم ورجع فإنه يبدأ أولاً بالسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم.

    فإذا سافر المدني وعاد فإنه يبدأ بالسلام على الرسول صلى الله عليه وسلم وصاحبيه، أما الزائر الذي يقيم ليومين أو ثلاثة أو أسبوع فإنه يجوز له أن يتردد ولا حرج، فيجوز له أن يسلم مرة ثم يعود أخرى ولا حرج، بينما مقيم المدينة إذا سافر وعاد فإنه يبدأ بالسلام على الرسول صلى الله عليه وسلم، وإذا لم يسافر فلا عليه، وإن سلم في الأسبوع مرة أو مرتين فله ذلك.

    حكم توبة من أتى عرافاً فصدقه

    السؤال: يقول السائل: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( من أتى عرافاً فصدقه بما يقول فقد كفر بما أنزل على محمد )، فهل إذا تاب عن الذهاب إلى العرافين فإن التوبة تجب ما قبلها؟

    الجواب: صح عن النبي صلى الله عليه وسلم قوله: ( من أتى عرافاً فصدقه بما يقول فقد كفر بما أنزل على محمد صلى الله عليه وسلم )، ومعنى هذا: أنه لا يجوز أن نأتي عرافاً، ولا يحل أن يبقى بين المسلمين عراف ولا ساحر، بل يجب أن يعدما، فيقتل الساحر حيث بان سحره، فهذه بلاد إيمان وإسلام فكيف يوجد عراف أو دجال أو كذاب يكذب على الناس، ويستعين بالشياطين؟

    وهذا يقول: أنا كنت هكذا ولكن تبت، فهل التوبة تنفعني؟

    إيه تنفعك ولا حرج، بل حتى العراف لو تاب تقبل توبته، وأنت أتيته لجهلك أو غلطك ثم تبت فالله يتوب عليك ولا حرج.

    حكم إنفاذ وصية بدون إخبار الورثة

    السؤال: يقول السائل: امرأة أصيبت بسرطان في الكبد، وأوصت لفتاة قد ربتها بأخذ كل الذهب الذي عندها بعد وفاتها، وعدم إخبار الورثة، علماً بأن هذه المرأة لها أبناء وزوج، فهل تنفذ هذه الوصية؟

    الجواب: إن رضي الورثة جاز ذلك، ما رضي الورثة لا يجوز.

    حكم ترك صلاة الجمعة

    السؤال: يقول السائل: فضيلة الشيخ! ما حكم من لم يصل صلاة الجمعة بدون عذر؟

    الجواب: ورد أن من تركها ثلاث جمع أصبح منافقاً والعياذ بالله، فلا يحل لمؤمن أن يترك الجمعة أكثر من ثلاث مرات إلا للضرورة أو لعذر.

    حكم إنفاق الفوائد الربوية على الفقراء والمساكين

    السؤال: يقول السائل: لدي مبلغ من المال في البنك، وفي آخر السنة يعطوني الربح، ولكن هذا الربح أعطيه للفقراء والمساكين، فهل في ذلك شيء؟

    الجواب: والله لا يجوز، وحرام عليك، وهلكت، فلا تأخذ فلساً واحداً ولا تتصدق به أبداً، والأفضل أن تسلب مالك من هذا البنك، ولا تدعه في بنك ربوي ينتفعون به ولا يجوز.

    فإذا كانت جميع البنوك تتعامل بالربا فلا نضع أموالنا في بنوك ربوية إلا في حالة الضرورة، ما هي هذه الحالة؟ أن تخاف أن تقتل من أجل هذا المال، أو أن يسلب منك، فإذا خفت فلك أن تضعه في يد يهودي أو نصراني أو بنك ربوي، أما مع الأمن فلا يجوز.

    وهناك فتيا صدرت للمرابطين في بلاد الكفر بأن يبنوا المساجد من هذه الأموال، فأُفتوا: بأن هذه الأموال التي في البنوك لا يأخذوها ليأكلوها أو ليتصدقوا بها على الفقراء والمساكين ولكن يبنون بها المساجد؛ لأن هذا ممهد لدخول البلاد، فنأخذ أموالهم ونبني بها المسجد ضد ما يريدون، وهذه الفتيا سليمة وصحيحة للمرابطين الذين ما بقوا في بلاد الكفر إلا لنشر الإسلام وبهذه النية الصادقة.

    حكم حرمان المرء بعض أولاده ميراثهم

    السؤال: يقول السائل: فضيلة! ما دام لا يجوز الوصية بأكثر من الثلث، فما بال من أوصى بكل ما يملك لابنه دون بناته؟

    الجواب: على القاضي أن يؤدبه ولا يطبق ما وصى به، فمن أوصى أن ماله كله لولده دون البنات فهذا لا يجوز، لا يجوز، لا يجوز إلا إذا قالت البنات: سامحناك، أو أذنا لك، ومن رفضت فلابد أن تأخذ حقها.

    حكم المشي بالحذاء داخل الحرمين الشريفين

    السؤال: يقول السائل: فضيلة الشيخ! البعض من الناس يمشون بأحذيتهم داخل الحرم المكي والحرم النبوي الشريف، ويقولون: هذا من السنة، وخصوصاً طلبة العلم؟

    الجواب: هذه ظهرت منذ ثلاثين سنة، وطلبة العلم الصغار هم الذين يفعلون هذا، والرسول صلى الله عليه وسلم كان يدخل المسجد بنعله والأصحاب كذلك، لأنه لم يكن هناك فرش لا من حرير ولا من ذهب ولا من صوف، ولكنها أرض، فإذا كان المسجد أرضاً فلا مانع من الصلاة عليها بالنعال، إلا إذا كان فيه نجاسة فإنك لا تصلي فيه، لكن المساجد مفروشة بأنواع الفرش الغالية وتدخلها وأنت لابس لنعليك لا يجوز، آذيت، هذه حدثت عندنا منذ ثلاثين سنة.

    حكم هجر الحائض ومنعها من الطبخ وإرضاع طفلها

    السؤال: وهذه امرأة سائلة تقول: أنا كلما جاءتني العادة الشهرية، أي: الحيض، يهجرني زوجي، ويهينني ولا يتركني أطبخ الأكل، ويمنعني حتى من إرضاع طفلي الصغير بحجة أنني غير طاهرة، وأنا أعلم أن هذا الأمر كتبه الله على بنات آدم، فماذا أفعل؟

    الجواب: هذا حادثة ما كنا نفكر أنها تحدث بين المسلمين، وهذا هو العجب! فهذه المرأة تقول: إذا كنت حائضاً فإن زوجي يهجرني ولا يكلمني ولا يسمح لي أن أرضع ولدي؟

    هذا عمل جاهلي -ولا في الجاهلية- وعمل شيطاني إبليسي فقط، وفي الجاهلية ما كانوا يفعلون هذا.

    فيهجرها في الفراش بأن لا يطؤها أي: لا يجامعها، واجب هذا ما دامت حائضاً حتى تغتسل وتطهر، لكن ينام إلى جنبها وتنام إلى جنبه، وفي النهار لا يهجرها، بل تطبخ وتأكل وتطعم، ولا حول ولا قوة إلا بالله.

    حكم الكلام أثناء إلقاء الخطبة للضرورة

    السؤال: يقول السائل: أنا أحد موظفي الحرم، ويكون دوامي وقت إلقاء الخطبة في الجمعة، فهل إذا تكلم معي أحد المسئولين أثناء الخطبة هل أكلمه؟

    الجواب: إذا كان للضرورة، وقطعاً هذا المسئول ما سألك إلا من ضرورة ذات شأن فلا حرج، أما إذا كان بدون ضرورة فلا يجوز لا لك ولا له، لا يسألك ولا تجبه.

    حكم إعطاء الأخت من الزكاة لأجل بناء منزلها

    السؤال: يقول السائل: لي أخت لها قطعة أرض وليس عندها مال لبناء هذه القطعة، فهل يجوز لي أن أعطيها من زكاة مالي لكي تبني؟

    الجواب: لا يجوز، لا يجوز، لا يجوز، الزكاة لا تعطى لبناء البيوت، وإنما تعطى لفقير أو مسكين أو محتاج يكتسي أو يشرب أو يأكل، ثم إذا أعطاها فهو يرثها، وبذلك ما أخرج الزكاة، وإنما عادت إليه.

    حكم ترك المبيت بمنى

    السؤال: يقول: حججت هذه السنة ولكني لم أبت في منى لظروف عمل، فهل علي شيء؟

    الجواب: إذا وكلت من يرمي عنك الجمار فلا حرج، كما فعل بعض الرعاة على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، كانوا ينيبون من يرمي عنهم وهم يبتون خارج منى للضرورة.

    حكم صلاة من كان بوله جارياً بسبب ظرف صحي

    السؤال: يقول السائل: قمت بعملية جراحية في ظهري وأثناء فترة العملية كان ينزل مني بول بدون تحكم وكنت أصلي، وسؤالي هل أقضي هذه الصلاة؟

    الجواب: لا تقضها، لا تقضها.

    حكم إمامة من انتقض وضوءه وحكم صلاة من خلفه

    السؤال: يقول السائل: رجل يصلي بالناس إماماً، وأثناء ذلك تذكر أنه على غير وضوء فغلبه الحياء وأتم بهم الصلاة، فما الحكم؟

    الجواب: إن صليت بهم بدون وضوء، فلا يجوز، لا يجوز، لا يجوز.

    والطريقة هي: أن تمسك بأنفك كأنه رعاف أصابك، ثم تجر واحداً من ورائك ليصلي بهم في المحراب، وتمشي أنت لتتوضأ، أما أن تصلي بهم بدون وضوء فلا يجوز أبداً.

    أما بالنسبة لصلاة المأمومين، فما دام ما أعلمهم وخرج الوقت فلا شيء عليهم، أما لو أعلمهم قبل خروج الوقت فيقضونها.

    حكم الوصية بكامل المال مع وجود الوارث البعيد

    السؤال: يقول السائل: أنا رجل أمتلك عمارة، وليس لي ذرية، وإنما لي أبناء أخٍ، فهل يصح لي أن أجعل هذه العمارة وقفاً على الفقراء والمساكين؟ وكيف أتصرف؟ وما هو الأفضل؟

    الجواب: ما دام لك أولاد أخ فأوقف الثلث ويكفي، والباقي للورثة، فإن كان الورثة أغنياء وما سألوك فلا بأس، وإن كانوا بحاجة فلك الثلث فقط، توقف ثلثها.

    حكم صلاة من تقدم على الإمام بسبب الزحام

    السؤال: يقول السائل: لقد صلينا صلاة العيد في الساحات متقدمين على الإمام بسبب الزحام، فهل صلاتنا جائزة؟

    الجواب: أهل العلم يقولون: إذا ما وجد مكاناً في المسجد أبداً واضطر بأن يصلي أمام الإمام فالصلاة صحيحة، أما إذا كان هناك فراغ في المسجد ولم يصلي فيه وصلى أمام الإمام فلا يجوز.

    إن كان ما وجد مكاناً وامتلأ المسجد فبدلاً من أن يبقى واقفاً أو يمشي يصلي ولا حرج أمام الإمام.

    حكم صلاة ركعتين قبل أذان المغرب

    السؤال: يقول السائل: ما حكم صلاة ركعتين بعد أذان المغرب، هل هي سنة؟

    الجواب: نعم والله سنة، والرسول الكريم صلى الله عليه وسلم يقول: ( صلوا قبل المغرب، صلوا قبل المغرب، صلوا قبل المغرب، وفي الثالثة قال: لمن شاء )، فهي مستحبة، ومن استطاع عليه أن لا يفرط فيها، لكن قبل الأذان لا تجوز لا تحية المسجد ولا نافلة أبداً، وبعد الأذان يستحب صلاة الركعتين.

    حقق الله لنا ولكم ذلك، آمين.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3086718712

    عدد مرات الحفظ

    765796685