أما بعد: فإن أصدق الحديث كتاب الله تعالى، وخير الهدي هدي سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة.
أيها الأبناء والإخوة المستمعون! ويا أيتها المؤمنات المستمعات! إننا على سالف عهدنا في مثل هذه الليلة ليلة الخميس من يوم الأربعاء ندرس كتاب منهاج المسلم، ذلكم الكتاب الحاوي - أي: الجامع- للشريعة الإسلامية بكاملها، عقائد وآداباً وأخلاقاً وعبادات وأحكاماً، وها نحن مع هذه الأحكام، والليلة مع اللعان.
قال: [ المادة السادسة: في اللعان].
[ ثانياً: دفع حد القذف عن الزوج ] فلولا اللعان لما قال الزوج: امرأتي زنت إذا لم يكن عنده أربعة شهود؛ لأنه يخاف أن يقام عليه الحد، فيجلد ثمانين جلدة وينفى من البلد [ وحد الزنا عن الزوجة ] فالزوجة إذا لم تشهد أربع شهادات فسيقام عليها الحد. لكن من حكم اللعان دفع حد القذف عن الزوج، وحد الزنا عن الزوجة.
[ ثالثاً: التمكن من نفي الولد الذي قد يكون لغير صاحب الفراش ] فبواسطة اللعان ينتهي ولا يصبح له أبداً، فينفى عنه ولا يقال: ولده، بل ولد أمه.
هذا هو اللعان، وهو في كتاب الله عز وجل، وفي هدي رسوله صلى الله عليه وسلم، وهذا الحكم لا يوجد في غير كتاب الله وسنة الرسول، ولو اجتمعت البشرية على إيجاد مثله فوالله لن توجده.
والله تعالى أسأل أن يوفق المسلمين لتطبيق هذه الأحكام الشرعية بين المسلمين. اللهم آمين، اللهم آمين.
الجواب: المسألة فيها خلاف بين أهل العلم، والغالب إن شاء الله والصحيح أنه ما دام يعتقد اعتقاداً أن هذا الولد منه، وأن هذه المرأة ما زنى بها أحد، وهو على علم، وهي معترفة أنه ما زنى بها أحد، فالولد إذاً ولده هو، ويعقد عليها ويتزوجها، وإذا كانت نفساء أو حائض فلا يجامعها حتى تطهر من حيضها أو نفاسها، والولد ما دام قد اعترف به فينسب إليه ولا حرج، نعم، ويعقد عليها وهي حامل.
الجواب: لا يحل لك قتلها، بل طلقها واسترح ولا تتعب نفسك، فالقتل هذا يقيمه الشرع بالقضاة والحكام وليس أنت؛ لأنك قد تكون كاذباً، وليس عندك أربعة شهود، فقد تكون موسوساً، فلا تقتلها، وحسبك أن تفارقها أو تدعوها إلى التوبة والاستقامة وتعود إلى الصلاح وتبقى معك ولا حرج.
الجواب: هذه الكلمة قالها المتصوفون، والمتصوفة هؤلاء وجدوا لما هبطت أمة الإسلام من علياء السماء ومات العلماء، فلما تفرقت وتمزقت وجد مشايخ يدعون إلى البدع والخرافات، وتقبل أيديهم وأرجلهم، وتقدم لهم النساء، ويسودون بين الجهال، فوضعوا هذه القاعدة: من لم يكن له شيخ فالشيطان شيخه، فلا بد أن يكون شيخك عبد القادر .. التجاني .. لا بد.
لكن الصواب: من لم يكن له من يعلمه ولم يجلس بين يدي من يعلمه فالشيطان يعلمه، فلابد من أن نتعلم ونجلس بين أيدي العلماء ونسألهم؛ حتى نعرف محاب الله ومكارهه .. حتى نعرف ربنا معرفة يقينية تحملنا على حبه وطاعته، أما أن نعيش جهلة والعياذ بالله فسيكون الشيطان هو شيخنا، وسيقودنا إلى المهالك والمفاسد.
إذاً: هذه كلمة حق أريد بها باطل، فلابد من أن نتعلم العلم، فالرسول يقول: ( طلب العلم فريضة على كل مسلم ). فكيف تعرف ربك وأنت لا تقرأ ولا تسأل، فلابد من الجلوس بين أيدي العلماء، بل السفر إلى بلادهم، فقد سافروا من الأندلس إلى المدينة، ومن المدينة إلى الهند.
الجواب: إذا شرب أو أكل قائماً لحاجة استدعت ذلك فلا حرج، وأما أنه فقط يريد أن يأكل ويشرب قائماً فلا ينبغي، فقد خالف الهدي المحمدي، لكن إذا كان لضرورة .. لاستعجال أو لغير ذلك فلا حرج.
وأما البول قائماً فإذا كان يخشى أن يتطاير البول منه مثلاً أو كذا وخاف على نفسه من النجاسة فلا بأس أن يبول قائماً ولا حرج، فالبول يكون وهو جالس مستور العورة عن الملائكة وعن الجن والإنس، لكن إذا اضطر إلى أن يبول قائماً يجوز، فقد بال الرسول قائماً.
الجواب: هذا ليس شأنها الله يبارك فيك، بل تقول له: تب إلى الله.. استغفر الله.. أنت زوجي لا أرضى لك بهذا، لعل الله يتوب عليه، وإن رأته يزني تطالب بالطلاق ولا تبقى مع زان أو فاجر، ولا تقول هكذا أمام القضاء والناس، بل تقول: لا أريد هذا الزوج، فهو ليس صالحاً، وليس أهلاً للزواج، وتطلق منه.
وهكذا أيما امرأة زوجها فاجر.. ظالم.. فاسد لها أن تطلق نفسها وتطالب بالطلاق، كما أن الزوج إذا رأى المرأة فاسدة غير طاهرة والعياذ بالله يطلقها ويستريح،
وإذا شكاها إلى القاضي وقال: زوجتي اتهمتني بالزنا يقول لها: هاتي أربعة شهود، فإن لم تأت بأربعة شهود فتجلد.
الجواب: صومه صحيح، ولو صام وهو جنب يوماً كاملاً فالصيام صحيح، فالصيام يفسده الطعام والشراب والجماع.
الجواب: هذه الصورة هكذا بدعة، ما ثبتت عن رسول الله ولا عن أصحابه أبداً، والمصافحة تكون عند التلاقي في أي مكان، وأما بعد السلام من الصلاة فاشتغل بذكر الله ودعائه، فلا تسلم وتتكلم، فهذا من عمل الجهال، فقول: السلام عليكم ومد اليد من هنا وهنا وقوله: تقبل الله منا لو كان شرعه الرسول صلى الله عليه وسلم لكان سنة من سننه، بل ما شرعه .. ما أوصى به .. ما فعله .. ما فعله أصحابه بين يديه، فهذا بدعة.
الجواب: الباءة: القدرة على النكاح بالمال أو بالقدرة النفسية، فقوله: ( من استطاع منكم الباءة ) أي: القدرة على الزواج، ( فليتزوج ). فإن لم يستطع فليصم، فالصوم يهذبه ويلطف من شهوته.
الجواب: في حماية الله تعالى وولايته، فالله يحفظه ويقيه من كل مكروه.
الجواب: أن ينوي الذهاب إلى القبر الشريف ليسلم على رسول الله وصاحبيه، حتى إذا وصل إلى القبر الشريف قال: السلام عليك رسول الله! ورحمة الله وبركاته، السلام عليك أبا بكر الصديق ! السلام عليك عمر !
وأهل العلم يقولون: يبدأ بالسلام على الرسول، فيقول: السلام عليك أيها النبي! ورحمة الله وبركاته، ثم يمشي خطوة عن يمينه حتى يواجه أبا بكر ، ويقول: السلام عليك أبا بكر الصديق ! ورحمة الله وبركاته، ثم يمشي خطوة ثانية أو ذراعاً من الناحية اليمنى ويقول: السلام عليك عمر الفاروق! وهذه آداب فقط.
وأما السنة فهي أنك تقف وتقول: السلام عليك رسول الله! ورحمة الله وبركاته، السلام عليك أبا بكر الصديق ! السلام عليك عمر الفاروق! ورحمة الله وبركاته، هذه هي الزيارة للقبر الشريف، ونحن والحمد لله وهبنا الله خيراً عظيماً أننا نسلم على رسولنا كل يوم أكثر من عشرين مرة، السلام عليك أيها النبي! ورحمة الله وبركاته في كل ركعتين نصليهما، فالصلوات خمس، في كل صلاة سلامين، فيكون فيها عشر تسليمات، وكلما تنفلنا بنافلة نقول: السلام عليك أيها النبي! ورحمة الله وبركاته، وكأنه بين أيدينا، سواء كنا في الشرق أو في الغرب، في الشمال أو الجنوب، وهذا من فضل الله علينا ومنته ومن آيات النبوة المحمدية، فقد جعلنا الله نسلم عليه في كل مكان، وتبلغه تحياتنا وسلامنا كأنه بين أيدينا، والآن ما بقي من يشك في هذا لوجود هذه الآلات، فأنت في بيتك تتكلم مع أخر في الهند أو الصين، فلا عجب إذاً أبداً أن تقول: السلام عليك أيها النبي! فإنها والله تبلغه.
الجواب: إن كانت لك سترة وتصلي إليها وأراد أن يمر فادفعه بيدك هكذا، فإن استجاب فبها ونعمت، وإن لم يستجب فاتركه وصلاتك صحيحة.
الجواب: صلاة الصبح وصلاة العصر هما الصلاة الوسطى، والله يوصينا بالمحافظة على الصلاة الوسطى، فصلاة الصبح وصلاة العصر لا يتركهما مؤمن ولا يتهاون فيهما أبداً؛ لأن الصلاة ركن الإيمان، حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلاةِ الْوُسْطَى [البقرة:238]. ولهذا يجتهد المؤمن ما استطاع أن لا تفوته صلاة الصبح، والآن عندنا آلات للإيقاظ، وهي هذه التي تدق عند رأسك، فاتخذ آلة منها وقم متى شئت بإذن الله قبل الفجر أو بعده ولا تتهاون في صلاة الصبح ولا صلاة العصر؛ إذ لا يتهاون بهما إلا منافق.
الجواب: نقول: إذا ألهمها وقالها معتقداً صحتها قبل أن يموت ولم تظهر علامات الموت عليه يدخل الجنة، لكن يعذب في النار ما شاء الله أن يعذب، ولكن لابد وأن يدخل الجنة، ولو أن كافراً عاش خمسين سنة مشركاً ثم عند الموت ألهم واعترف وقال: لا إله إلا الله يدخل، وهذا عطية الله عز وجل، لكن الفساق والفجار قلما يموتون على لا إله إلا الله؛ لأنهم يحجبون عنها.
وإنما يستحب لنا أن نلقن موتانا كما علمنا رسولنا صلى الله عليه وسلم، ( لقنوا موتاكم لا إله إلا الله ). فالمريض قف إلى جنبه واجلس إلى جنبه وقل: لا إله إلا الله وكررها حتى يقولها، فإن مات عليها يدخل الجنة وإن زنى وإن سرق.
الجواب: صلاته صحيحة، ولا تبطل إلا إذا انكشف ما بين السرة والركبة، فمن صلى وهو مكشوف ما بين سرته وركبته فصلاته باطلة، وأما ما عدا ذلك فصلاته صحيحة. وهذا السائل يرى المعتمرين شهراً كاملاً رءوسهم مكشوفة، وقد أذن لهم الرسول صلى الله عليه وسلم بذلك.
الجواب: هذا الكلام ليس صحيحاً، وإنما يعتمر عن أمه ويفرغ من العمرة ويتحلل منها ويمكث في مكة يوماً يومين، ثم يخرج إلى التنعيم ويحرم بعمرة عن والده، وأما أن يقول في عمرة واحدة: لبيك اللهم لبيك عمرة عن أمي وأبي فلا يصح هذا، ولم يقله أحد أبداً لا في الحج ولا في العمرة. ولعل السائل يريد أن يقول: أعتمر عن أمي وأبي هذا بعد هذا، وأما في وقت واحد فلا يقول هذا أحد.
الجواب: إن كان من أهل اليقين.. من أهل الصبر والاحتمال طلباً لرضا الله وفوض أمره لله فهذا خير، وإن كان ليس من هذا النوع فيتداوى خير له وأفضل له ويعالج مرضه بالدواء، ( ما أنزل الله داء إلا أنزل له دواء ).
وهنا لطيفة حضرتني الآن: أحد الإخوان قال لي: يوجد في تونس طبيب مختص بالعظام، فلو ذهبت إليه لعلك أن تشفى، فقد ذهب فلان وشفاه الله.
فقلت له: يا بني! هنا أربع مسائل:
أولاً: أنا لست نجاراً ولا فلاحاً وإلا عاملاً، فلست بحاجة إلى رجلين.
ثانياً: هذا الألم الملازم لي صباح مساء فيه أجر عظيم، ولا أريد أن أفقده
ثالثاً: لا أدري هل هذا يشفيني أو لا يشفيني حتى أذهب إليه.
رابعاً: أنا عمري قد يتم غداً أو بعد غد، فلم يبق زمن طويل حتى أطلب رجلين من جديد، فأبقوني هكذا.
فلا بد أن تحضر في القلب هذه المسائل.
مداخلة: أمد الله في عمركم يا شيخ! ونفع بكم الإسلام والمسلمين.
الجواب: إذا حلف على شيء واحد عدة مرات كأن يقول: والله لا آكل والله لا آكل والله لا آكل فهذه الإيمان كلها يمين واحدة، وعليها كفارة واحدة.
وإذا قال: والله لا آكل والله لا أشرب فإذا حنث في أحدهما فعليه كفارة، وإذا حنث فيهما فعليه كفارتان لا بد، إلا إذا حلف على شيء واحد ولو عشرين مرة ففيه كفارة واحدة، لكن إذا اختلف كأن يقول: لا آكل .. لا أركب .. لا أسكن .. لا أسافر ونوَّع المحلوف عليه فكل يمين فيها كفارة.
الجواب: يجوز، قل له: لا إله إلا الله ولا حرج، ( لقنوا موتاكم لا إله إلا الله ). فلعله يقولها، وينفعه الله بها، ولا حرج، فنحن مأمورون أن نلقن اليهود والنصارى والمشركين، فقل لكل واحد: يا عبد الله! قل: لا إله إلا الله، وهو قوي صحيح أو مريض ندعوه إلى أن يقول: لا إله إلا الله.
الجواب: هذا من ضلالات العوام، وقد تورطت فيه الأمة، والمؤمن مع المؤمن في خير وعافية، فإذا ترك طعامه وأكلته ففيه خير، وإذا شرب وبقي من شربه فشربت من فضله فهو خير أيضاً، ولكن قصد التبرك وأن نفعل كذا وكذا فهذا باب فتحه المتصوفة فغلطوا فيه.
الجواب: نعم، عبد الله بن عمر رضي الله عنهما كان يتتبع آثار النبي صلى الله عليه وسلم؛ لحبه لرسول الله صلى الله عليه وسلم، فإن وقف الرسول يقف، وإن نزل في الطريق ينزل، ويقول ما قال، فله ذلك، وهذا من الائتساء برسول الله صلى الله عليه وسلم، وهذا واجب المؤمنين والمؤمنات أن يقتدوا برسول الله ويأتسوا به، فيأكلون كما يأكل .. يشربون كما يشرب .. ينزلون كما ينزل، وهكذا ما استطاعوا، هذا هو الهدي المحمدي.
الجواب: نعم ورثة الأنبياء، فأحبهم ولا تكرههم، وأطعهم إذا أمروك ولا تعصهم، ولا تعبدهم وتقبل أرجلهم وأيديهم، فـ( العلماء ورثة الأنبياء ). ومعنى هذا: أن نستمع لما يقولون، ونستجيب لما يأمرون وينهون؛ لأنهم قائمين مقام الأنبياء، لكن ليس معنى هذا: أنني أقبل أيديهم وأرجلهم وآكل طعامهم وشرابهم، ليس هذا هو المقصود، بل المقصود المتابعة .. الاقتداء .. المشي وراءهم؛ لتنجو وتسعد.
الجواب: اللهم يا أرحم الرحمين! يا أرحم الراحمين! يا أرحم الراحمين! اشف هذا المريض يا رب العالمين! واشف كل مريض فينا وبيننا وفي بيوتنا ومساكننا، اللهم اشفنا شفاءً عاجلاً يا رب العالمين! اللهم عجل لنا بالشفاء يا رب الأرض والسماء! اللهم ارزقنا رضاك وعفوك وعافيتك ومغفرتك ورحمتك يا رب العالمين!
اللهم اجمع كلمتنا على الحق يا حي يا قيوم! اللهم توفنا وأنت راض عنا، وأدخلنا برحمتك في عبادك الصالحين.
وصل اللهم على نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين.
من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر