أما بعد: فإن أصدق الحديث كتاب الله تعالى، وخير الهدي هدي سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة.
أيها الأبناء والإخوة المستمعون! ويا أيتها المؤمنات المستمعات! إننا على سالف عهدنا في مثل هذه الليلة ليلة الخميس من يوم الأربعاء ندرس كتاب منهاج المسلم، وقد انتهينا من كتاب العقيدة، وها نحن مع كتاب الآداب أو الأدب، ومع [ الفصل الثاني: وهو الأدب مع الله عز وجل].
والفصل الأول كان [ الأدب مع النية]، وعرفنا أن النية هي: عزم القلب وتصميم الإنسان على الفعل أو القول، وأن الأعمال منوطة بها صحة وفساداً، فإذا صحت النية صح العمل، وإذا فسدت النية فسد العمل، ودليل ذلك قول الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم: ( إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى )، فاثنان هاجرا إلى المدينة النبوية أحدهما: يريد نصرة الإسلام والوقوف إلى جنب رسول الله صلى الله عليه وسلم وتعلم العلم والعمل به، والثاني: جاء من أجل امرأة يخطبها، فدعته إلى المدينة ليتزوجها، فهل لهذا -صاحب الزوجة- من أجر؟ الجواب: لا. ( إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى )، والنية واجبة في كل عمل من الوضوء إلى الحج، من الرباط إلى الجهاد، ما من عمل إلا وتسبقه النية، وهي القصد والعزم في فعل الشيء من أجل طلب رضوان الله عز وجل.
ثم من فوائدها: أن العمل المباح بالنية يصبح عبادة يثاب عليها فاعلها، الأكل والشرب مباحان، فإذا نوى العبد بالأكل أن يتقوى على عبادة الله كان أكله عبادة يثاب عليها، وكذلك الشرب، وقد ينوي العبد ويعزم ويعجز فلا يستطيع أن يفعل فيثاب بالنية.
وقد تقدم أن أناساً تخلفوا عن الغزو مع الرسول صلى الله عليه وسلم وأخبر النبي صلى الله عليه وسلم أن لهم أجراً كأجر من خرج، وقال: ( حبسهم العذر ).
وأخيراً: نبهنا إلى أن النية مع العمل المحرم لا تنفع ولا تجدي، كأن تغتاب شخصاً وتريد أن ترضي آخر، وتقول: أنا أنوي بهذا أن يرضى فلان، فلا يحل هذا، ولا تثاب عليه؛ لأنك فعلت حراماً، فلا ينقلب الحرام عبادة، لكن المباح بالنية ينقلب عبادة، فالأعمال والأقوال المحرمة النية فيها لا تحلها وتجعلها من العبادات، بل هي محرمة وصاحبها آثم، كأن يحضر حفل رقص وأغاني ومزامير وطبول، ويقول: المراد نيتي أنني أشاهد كذا أو كذا، أو أرى كذا أو كذا، فلا يثاب على هذا أبداً، فلا ينقلب المحرم عبادة بالنية، ولكن ينقلب المباح عبادة بالنية، وأما الواجبات والمفروضات على العبد فلابد من النية حتى تصح، وإلا فلا تصح: ( إنما الأعمال بالنيات ) .
وعلمنا أن النية دائماً محلها القلب وليست باللفظ، ما عندنا إلا في الحج والعمرة، تقول: لبيك اللهم لبيك حجاً، أو لبيك اللهم لبيك عمرة، أو لبيك اللهم لبيك حجاً وعمرة.
أما الصلاة والصيام وغيرها من العبادات فليس هناك ما تتلفظ به فتقول: نويت كذا، وإنما عزمك الباطني من قلبك وأنت تريد أن تفعل الشيء، تلكم هي النية المطلوبة.
يا غافل! وجودك نعمة. من أوجدك؟ الله فهو المنعم.
يا صاحب العقل! عقلك نعمة. من وهبك عقلك؟ الله. فهي نعمته!
يا صاحب البصر! يا صاحب النطق! يا صاحب المشي! هذه النعم من وهبها لك؟ الله جل جلاله، وعظم سلطانه!
من أوجد لك الليل والنهار والظلام والضياء؟
من أوجد لك الطعام والشراب؟!
كل هذه نعم الله عز وجل ومننه علينا. فكيف نشكرها؟
قال: [ فيشكر الله تعالى عليها بلسانه بحمده والثناء عليه بما هو أهله، وبجوارحه بتسخيرها في طاعته ] هكذا يكون شكر العبد لله على مننه ونعمه، بحمد الله بلسانه: الحمد لله، الحمد لله، ربنا لك الحمد على ما أوليت وأنعمت، والثناء عليه بما هو أهله عز وجل وهو الغفور الرحيم الولي الحميد ذو العرش ذو الجلال والكمال والإكرام، وبجوارحه أيضاً بتسخيرها في طاعته، تسمع من أجله، تبصر من أجله، تأكل وتشرب من أجله، تمشي وتقعد من أجله، تنام وتستيقظ من أجله، تسخر ذلك كله طاعة له سبحانه [ فيكون هذا أدباً من العبد مع الله سبحانه وتعالى، إذ ليس من الأدب في شيء كفران النعم وجحود فضل المنعم والتنكر له ولإحسانه وإنعامه، والله سبحانه وتعالى يقول: وَمَا بِكُمْ مِنْ نِعْمَةٍ [النحل:53]] صغرت أو كبرت [ فَمِنَ اللَّهِ [النحل:53]. ويقول سبحانه وتعالى: وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ [إبراهيم:34] ] على فرض أردتم أن تعدوها نعمة بعد نعمة، والله لا تقدرون على إحصائها، فأنفاسنا التي نرددها، هذه نعم، وأكبر نعمة هي الحياة، كم تعد أنفاسك في اليوم؟ في العام؟ في عمرك؟ لا حد له ولا حصر وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لا تُحْصُوهَا [إبراهيم:34].
[ ويقول سبحانه وتعالى: فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُوا لِي وَلا تَكْفُرُونِ [البقرة:152] ] فَاذْكُرُونِي [البقرة:152] يقابلنا الله عز وجل بهذا العطاء، اذكره يذكرك، فاذكروني بألسنتكم وقلوبكم أذكركم في الملكوت الأعلى في الطور العلوي. وَاشْكُرُوا لِي [البقرة:152] أي: نعمي عليكم وَلا تَكْفُرُونِ [البقرة:152] فتجحدوا نعمي. وهذا أمر الله عز وجل، هل لنا نصيب منه؟ هل أطعنا وفعلنا؟ هل نحن نذكر الله ونشكره؟ اللهم يسرنا لذلك، وقونا عليه!
بم يذكر الله عز وجل؟ بأسمائه وصفاته، ويذكر بآلائه وإنعامه، والجزاء هو أن يذكرنا.
ويقول تعالى: مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا وَمَنْ جَاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَلا يُجْزَى إِلَّا مِثْلَهَا وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ [الأنعام:160].
وخلاصة القول: أن شكر المسلم ربه على نعمه وأن حياءه منه تعالى عند الميل إلى معصيته، وصدق الإنابة إليه، والتوكل عليه، ورجاء رحمته، والخوف من نقمته، وحسن الظن به في إنجاز وعده وإنفاذ وعيده فيمن شاء من عباده هو أدبه مع الله، وبقدر تمسكه به، ومحافظته عليه، تعلو درجته، ويرتفع مقامه، وتسمو مكانته، وتعظم كرامته، فيصبح من أهل ولاية الله ورعايته، ومحط رحمته، ومنزل نعمته. وهذا أقصى ما يطلبه المسلم ويتمناه طول الحياة ].
اللهم ارزقنا ولايتك، ولا تحرمنا رعايتك، واجعلنا لديك من المقربين، يا ألله، يا رب العالمين، يا أرحم الراحمين، وصل اللهم على نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين.
الجواب: سبق أن أجبت عن هذا السؤال، سألت نفسي وأجبت، بيع الدخان سواء كان شيشة أو سجائر، هذا البيع باطل وحرام، وصاحبه آثم، وكونه في المدينة النبوية أشد حرمة وأعظم ذنباً، وبينا غير ما مرة وقلنا: نسألكم بالله! هل المدخن يستفيد من التدخين في قوة بدنه.. في قوة ذكائه وعقله.. في كثرة ماله.. في شرفه؟ والله! لا هذا ولا ذاك.
إذاً: كيف يخرج عن طاعة الله، ويؤذي الملائكة، ويؤذي المؤمنين، ويلطخ بالرائحة الكريهة بيوت الله، ويقول: لا بأس.
ومن هنا الذين يستوردونه ويبيعونه كالذين يشربونه إلا أن استيراده عندما يقول القائل: إذا لم نستورد الدخان ونبيعه الزبناء لا يحضرون عندنا ولا يشترون منا بضاعة. فقلنا: توكل هذا على بيع الدخان، ولم يتوكل على الله، وهكذا الذين يستوردون المعاصي للقوت، وكذلك الذين يترابون ويتعاملون بالربا ما توكلوا على الله عز وجل،
إذ التوكل على الله: طاعته، والتسليم له، والرضاء بما يقدره ويفعله فيه من خير أو غيره، ولا يفعل الله بالمتوكلين إلا خيراً، فلهذا معاشر المستمعين! بلغوا هذه الدعوة، وبلغوا الذين يبيعون البرانيط، اذهبوا إلى بيوتهم، وتساءلوا معهم إلى دكاكينهم، هذه الظاهرة من أعجب الظواهر، هذه تقودنا إلى الردة والكفر والعياذ بالله خطوة بعد خطوة، أبناؤنا الأطفال، شبيبتنا البالغين الرشد البرانيط على رءوسهم يتبجحون ويضحكون، فرحون بزي الكفر ما بلغهم قول النبي صلى الله عليه وسلم ( من تشبه بقوم فهو منهم ).
ووالله الذي لا إله غيره! إن أيادي الماسونية، والعلمانية، والإلحاديين، هي التي تفعل هذا، وتدفه، وتدفع إلينا ونحن كالأبقار نمد أعناقنا.
هم يعرفون كيف يمسخوننا فنتخلى عن ربنا وعبادتنا ورجائنا لله، وهم يفعلون هذا ونحن لا نشعر، لما تضع البرنيطة على رأس ولدك ما الذي اكتسبته؟ لا شيء سوى أنك تغضب رسول الله، والله لو كان بين يديك لأغضبته. ما الفائدة؟ هذا اللباس خاص بالشرط؛ ليمتازوا به ويرهبوا، خاص بالعسكر والجيش، أما أنت المدني فكيف تتزيا بهذا الزي؟ حباً في رسول الله؟ حباً في الله؟ طاعة لله ورسوله؟ لأي شيء؟ فقط ليضحك اليهود والنصارى ويفرحون بأننا نمشي وراءهم خطوة خطوة إلى أن ننسلخ من ديننا وعقيدتنا.
وما زالت الفتنة هي هي، كم تكلمنا؟ كم بكينا؟ أخرج للشارع تجد البرنيطة على رأسه وهو يسوق السيارة، شاب، سواء في المسجد وإلا في السوق، من رغب عن سنة رسول الله ومنهجه هلك!
الشاهد عندنا في بيع هذه، التجار الفجار ما يشترونها من الخارج كما بلغنا، أصحاب البضائع والسلع في الخارج يعطونهم هذه مجاناً، واحد قال: أعطوني سبعة برانيط من أجل حاجة اشتريتها من الخارج؛ لأنهم يريدون أن يمسخونا فيفعلون هذا.
والدليل على هذا حتى ما يتكلم ذو عقل: الباروكة التي كانت على رءوس النساء تباع في بلاد صناعتها بمائة ريال، وتباع في المدينة بعشرة ريالات. كيف هذا؟ يعطونهم مجاناً، انشروها، امسخوا نساء المؤمنات، وبعها بأدنى ثمن.. بعشرة ريالات.
لكن نشكر الله تعالى ثم نشكر هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، طاردوهم، واقتلعوها من قلوبهم ودكاكينهم فانتهت، والآن ننادي يا هيئة الأمر بالمعروف! مدوا أيديكم، أنقذوا دينكم، وبلادكم، وحكومتكم، إن هذا عمل يريد التدمير والتخريب، عجلوا، فكل من لبس برنيطة أدبوه، وانزعوها من رأسه، واسجنوه ثلاث ليال حتى يتأدب.
الجواب: يقول السائل الكريم: يوجد من الناس من يستهزئ بأولياء الله عز وجل، والاستهزاء بأولياء الله كفر، لكنه يقول: هل هذا يعتبر إساءة أدب مع الله؟ وكيف لا؟ الله يكرمهم، ويحبهم، وأعد دار السلام لهم، وأنت تؤذيهم، وتسبهم، وتشتمهم، أنت حاربت الله عز وجل، وهو يقول: ( من عادى لي ولياً فقد آذنته بالحرب )، هذا كلام الله في حديث قدسي، كما في البخاري وغيره، فالذين يؤذون أولياء الله آذوا الله في أوليائه. أين الأدب مع الله؟
الأدب مع الله أن تحب أولياءه، وتكبرهم، وتعظمهم، وتجلهم بإجلال الله وتعظيمه، أما أن تؤذيهم بالسب، والشتم، أو الاستهزاء والسخرية، فهذا والعياذ بالله سبيل الكفر.
الجواب: هو ينظر إلى الحديث الصحيح: ( من رأى منكم منكراً فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعف الإيمان )، فالتغيير باليد، البرنيطة على رأس ولدك انزعها وارمها بالمزبلة، بيدك وإلا لا؟ البرنيطة على رأس شاب ليس ابنك ولا عمك قل له: يا عبد الله! هذا لا يحل ولا يجوز لمسلم، بلسانك وإلا لا؟ فإن لم تستطع إذاً فأنكر ذلك بقلبك، وهذا أضعف الإيمان.
وهكذا كل منكر تقدر على إزالته بيدك أزله، فأن عجزت فبلسانك أزله، فما استطعت لا باللسان ولا باليد فأنكر ذلك بقلبك حتى لا ينتقل إليك؛ لأنك إذا رضيت به وسكت أصبحت تحب ذلك المنكر وقد والله تفعله، فلابد وأن تحمي نفسك ببغضه ونكرانه، وإلا انتقل إليك، وهذا سر الإنكار بالقلب.
الجواب: يقول السائل الكريم: بعض الناس يقولون: حلق اللحية، وإطالة الثياب هذه ليست من المحرمات، وإنما من المكروهات أو من المباحات، من فعلها أثيب، ومن تركها لم يأثم ولم يعاقب، وهذا كلام باطل، فحلق اللحية محرم بالكتاب والسنة!
اسمع كلمة الرسول التي أعلنها: ( لعن الله المتشبهين من الرجال بالنساء، والمتشبهات من النساء بالرجال )، فالذي يحلق وجهه بكامله يصبح كالمرأة.
من فعل هذا؟ من علمنا هذا؟ إنهم اليهود والنصارى، مسختهم الماسونية واليهودية، فقلدناهم وجرينا وراءهم، ما كان آباؤنا وأجدادنا يحلقون وجوههم، عيب كبير، يصبح كالمرأة، يرضى الفحل أن يكون كالمرأة! يحلق شاربه، ووجهه، والرسول يقول: ( وفروا اللحى، وأحفوا الشوارب، خالفوا المشركين )، وفي حديث: ( خالفوا اليهود والنصارى ).
والكلمة الفصل: أن الذي يحلق وجهه بكامله ولم يبق شيئاً من وجهه ملعون على لسان رسول الله صلى الله عليه وسلم، والذي يبقي ما يجعله رجلاً نجا من هذه الفتنة، وإن فاته الأجر، لكنه خرج من المحنة، ولو ربع لحية، ولو خمسها، المهم تنظر إليه وتقول: هذا فحل ليس بأنثى.
ثانياً: الثوب الطويل، رأى النبي صلى الله عليه وسلم أبا بكر الصديق وثوبه طويل، ويحمله بيديه، فقال له: ( مثلك يا
فمن هنا من جر ثوبه للكبر والانتفاش والانتفاخ والعلو فهو فاعل حرام ومعلون ولا يدخل الجنة إذا لم يتب الله عليه، ويموت على توبة، ومن لم يقصد خيلاء ولا فخراً ولا ولا، بل عادة أو كذا لا إثم عليه، ولكن عليه أن يرفع ثوبه إلى ما فوق كعبه، فحد الثوب يكون نصف الساق، وإن كان إلى كعبيه فهو خير وعافية، وإن جره وهو لا يريد بذلك فخراً ولا خيلاء ولا كبرياء فعل مكروهاً، وإن شاء الله لا يأثم حتى ينوي بذلك الكبر والافتخار والعياذ بالله.
الجواب: هذه المسألة اختلف فيها فقهاء الأمة، منهم من قال: إذا أمنى بالنظر أو باللمس فعليه كفارة، ومنهم من قصر الكفارة على الجماع فقط.
والأحوط أننا نقول: عليه كفارة، حتى يبتعد من هذه الساحة، وهو صائم يقرب من زوجته ويقبلها معناه: ذهب إلى أن ينزل منيه، فالأحوط لنا أن نقول بما قال به أكثر أهل العلم: أن من أمنى وأنزل بشهوة ولذة في رمضان وهو صائم فعليه كفارة صيام شهرين متتابعين، أو إطعام ستين مسكيناً.
الجواب: إذا فسر القرآن وبينه حسب مراد الله، وما أنزله الله من أجله، فهذا هو المتأدب مع الله، وإن فسره بما يحل ما حرم الله، أو يحرم ما أحل الله، أو يفسد على الأمة آدابها وأخلاقها، هذا كافر والعياذ بالله، حرف كلام الله ليضل الأمة، لكن لا يوجد بين المسلمين من يتعمد تحريف كلام الله إلا الطوائف الهالكة التي خرجت عن الجماعة وأهل السنة، يحرفون كلام الله للإضلال.
الجواب: العدل بين النساء فريضة الله، اعدلوا بين نسائكم: فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً [النساء:3] فقط، أذن الله وأباح للرجل أن يتزوج اثنتين أو ثلاث أو أربع للحاجة والضرورة، مع هذا الشرط، فإن خاف أنه لا يعدل لا يزيد على واحدة.
ومعنى هذا: أن الحيف وعدم العدل حرام وظلم، وصاحبه آثم والعياذ بالله تعالى، فيجب أن ينصف امرأته من أختها وضرتها، وأن يعدل بينهما عدلاً حقيقياً حتى في النظرة حتى في الابتسامة فضلاً عن الفراش والنوم، حتى في الكسوة حتى في النعل، اشترى لهذه نعلاً فيشتري لهذه آخر، فلا بد من العدل، فإذا كنت لا تستطيع أن تعدل فواحدة، أما الحيف والظلم فلا يصح أبداً، يبعث يوم القيامة وهو مائل شقه.
الجواب: أفتى بعض أهل العلم في المملكة بجوازه؛ بحجة أن هذا نيكل حديد، وهذا كاغد وورق، فاختلف الجنسان قالوا: فعلى هذا يجوز، وبه عمل الناس، وهو خاص بقضية البريد والتلفون.
الجواب: على كل حال الرسول وضع هذه القاعدة، قال: ( فليؤمكم أقرؤكم لكتاب الله، ثم أعلمكم بالسنة، ثم أكبركم سناً )، بهذا الترتيب، فإذا كان فقيهاً لا يحفظ القرآن، ولا يحسن القراءة ما يؤمنا مع وجود من يحفظ القرآن، وحافظ القرآن الغالب فيه أنه يفقه ويعرف السنة، وهذا يعود إلى المسئولين، الحاكم وإلى وزير الأوقاف فهو الذي يعين، فعليه أن يختار من هو الأصلح فالأصلح، ونحن نصلي وراءهم سواء كانوا مترتبين وإلا مختلفين، نعم.
الجواب: أباح أهل الفقه للمرأة أن تذوق، هل شرابها أو طعامها ملح أو حلو، بلسانها تستطيع أن تعرف أن فيه حلاوة أو مرارة في لسانها، للرخصة هذه فقط، ثم بعد ذلك تبصق وتتفله وتمضمض فمها، هذه الرخصة موجودة عند أهل العلم، المرأة تريد أن تعرف طعامها صالح أو غير صالح وهي صائمة، فتضع طرف لسانها على شيء من ذلك الطعام، وتعرف بذاك الذوق هل هو مالح وإلا غير مالح، ثم تمضمض فاها وتترك ذلك، يجوز هذا، كما أنه لا شيء على الذي يطحن الدقيق والغبار يدخل في عينيه وفي فمه للضرورة، والدخان كذلك دخان المطعم..دخان المطبخ، وليس دخان السجائر.
الجواب: سائل يقول: هل أولياء الله هم الذين تبنى على قبورهم القباب، ويزارون، وتقدم لهم الذبائح، ويحلف بهم. والجواب: هؤلاء ليسوا بأولياء الله، أولياء الله هم المؤمنون المتقون، كل مؤمن تقي هو لله ولي، ولا يرضى المؤمن التقي أن يبنى على قبره، ولا يوضع شيء على قبره يميزه عن الآخرين من القبور، وإنما الحقيقة التي كررناها أن العدو وهم الثالوث الأسود المجوس واليهود والنصارى لما رأوا عزة الإسلام، وارتفاع مقام المسلمين، وعلوا إلى عنان السماء، كادوا لهم ومكروا بهم حتى أهبطونا إلى الأرض، وهم يفعلون بنا ما يشاءون.
ومن جملة مكرهم وفعلهم: أنهم حصروا الولاية في الموتى، لا ولي عندنا في القرية إلا ذو القبة البيضاء أو الخضراء. ما سر ذلك؟ حصروا الولاية في الموتى، معناه أنه يجوز للمسلمين أن يفجر بعضهم بنساء البعض، وأن يسب بعضهم بعضاً، وأن يغتابوا بعضهم بعضاً، وأن يأكل بعضهم مال بعض؛ لأنهم ما هم بأولياء، وإلا الولي ترتعد فرائص الإنسان عنده ويخافونه، فحصروا الولاية في الموتى ليبقى الأحياء كلهم فجار.
قبل هذه الدروس التي في هذا المسجد من أربعين سنة أدخل القاهرة المعزية أو دمشق أو بغداد، وأول من تلقى في الطريق تقول: أنا جئت لأزور ولي من أولياء الله في هذا البلد، دلني عليه، والله ما يدلك إلا على قبر، ولا يفهم أن القاهرة فيها ولي بين الناس، أقسم بالله.
وهذا من مكر الثالوث الذي يعمل الآن، ويلبس أولادنا البرانيط وشبابنا، حصروا الولاية في الموتى، الميت عندنا الولي، ما نستطيع أن نسبه، مستحيل، أو نقول كلمة سوء، أو نرفع صوتاً عنده، هذا ولي الله، وهو ميت، فنزعوا ولاية الله عن الأحياء، وأعطوها للموتى. ما سر ذلك؟ حتى يفجر المؤمنون ببعضهم البعض، ويظلم بعضهم البعض.
حدثتكم عشر مرات أني سمعت مائة مرة بأذني جماعة من الشيوخ الكبار يتحدثون ويقولون: فلان إذا زنى.. إذا فجر لا يمر بالشارع الفلاني؛ حتى لا يمر بسيدي فلان. فانظر كيف يفجر بامرأة المؤمن في بلاد المؤمنين، ولا يستطيع أن يمر بالشارع الذي فيه ولي الله اسمه فلان الميت، فحصروا الولاية في الموتى من أجل القضاء على الأحياء.
فينبغي أن نعود إلى الطريق. من هو ولي الله؟ كل مؤمن تقي، فلا يحل سبه ولا شتمه ولا أذاه بأي أذى أبداً، ولا يحل التكبر عليه بحال من الأحوال؛ لأنه ولي الله.
وصلى الله على نبينا محمد.
من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر