أما بعد: فإن أصدق الحديث كتاب الله تعالى، وخير الهدي هدي سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة.
أيها الأبناء والإخوة المستمعون! ويا أيتها المؤمنات المستمعات! إننا على سالف عهدنا في مثل هذه الليلة ليلة الخميس من يوم الأربعاء ندرس كتاب منهاج المسلم، ذلكم الكتاب الحاوي لشريعة الإسلام بكاملها: عقيدة، وآداباً، وأخلاقاً، وعبادات، ومعاملات، وقد انتهى بنا الدرس إلى: [فضل يوم الجمعة].
قال: [يوم الجمعة يوم فاضل وعظيم] إيه والله يوم الجمعة يوم فاضل وعظيم [ومن خير أيام الدنيا] من خير أيام الدنيا: يوم الجمعة [قال فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( خير يوم طلعت فيه الشمس يوم الجمعة، فيه خلق آدم عليه السلام ) في يوم الجمعة خلق الله تعالى آدم عليه السلام [( وفيه أدخل الجنة )] أي: أدخله الله إلى الجنة [( وفيه أخرج منها )] في يوم الجمعة أيضاً أخرج منها [( ولا تقوم الساعة إلا في يوم الجمعة )] لا تقوم الساعة إلا في يوم جمعة [فينبغي أن يعظم بتعظيم الله له، فيكثر فيه من الصالحات، ويبتعد فيه عن جميع السيئات] لما نعرف فضيلة هذا اليوم يلزمنا أن نكثر فيه من الصالحات، وأن نبتعد فيه عن السيئات؛ لفضل هذا اليوم وعظمته.
فالذي يستطيع أن يمشي صباحاً الساعة -مثلاً- السابعة فكأنما قرب بدنة، والساعة الثامنة كأنما قرب بقرة، والساعة التاسعة كأنما قرب كبشاً، الساعة العاشرة كأنما قرب دجاجة، والساعة الحادية عشرة كأنما قرب بيضة، فمن كان عنده فراغ ووقت فهذا هو محل الغنائم الباردة، يغتسل بعدما يفطر -وهو يوم عطلة- ثم يمشي إلى المسجد، وكلما قدم نفسه ساعة نال الأجر أعظم.
يقول الحبيب صلى الله عليه وسلم: ( من اغتسل يوم الجمعة غسل الجنابة، ثم راح في الساعة الأولى ) أي: من النهار ( فكأنما قرب بدنة ) أي: تقرب بها إلى الله وتوسل ( ومن راح في الساعة الثانية فكأنما قرب بقرة ) أي: تصدق ببقرة ( ومن راح في الساعة الثالثة فكأنما قرب كبشاً أقرن، ومن راح في الساعة الرابعة فكأنما قرب دجاجة، ومن راح في الساعة الخامسة فكأنما قرب بيضة ) إن شاء الله نعمل ما استطعنا، إن لم يكن الأولى، فالثانية أو الثالثة أو الرابعة، أما نقرب دجاجة أو بيضة فلا ينبغي.
( لا يغتسل رجل يوم الجمعة ويتطهر بما استطاع من طهر، ويدهن من دهنه أو يمس من طيب بيته -أي: زوجته- ثم يروح إلى المسجد ولا يفرق بين اثنين ) لا يفرق بين اثنين في الصفوف ويتعداهما؛ حتى لا يؤذي أحداً، وهذا معناه أن يدخل مبكراً ( ثم يصلي ما كتب له ) يصلي أربع ركعات أو ست أو ثمان أو عشر أو عشرين، ( ثم ينصت للإمام إذا تكلم ) إذا خرج الإمام ليخطب بالناس ( إلا غفر له من الجمعة إلى الجمعة ما لم يغش الكبائر ) أي: ما لم يفعل كبائر الذنوب. وهذه جائزة عظيمة، أهلها الموفقون لها.
[وقوله: ( من مس الحصى فقد لغا، ومن لغا فلا جمعة له )] أي: لا يثاب عليها، يؤديها فقط كالظهر، ويحرم ذلك الخير.
يحرم البيع والشراء عند النداء لها، وذلك لقوله تعالى: إِذَا نُودِيَ لِلصَّلاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا [الجمعة:9] -إلى أين؟- إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا [الجمعة:9] أي: اتركوا الْبَيْعَ [الجمعة:9].
يا معاشر المستمعين والمستمعات! اعلموا أنه يحرم البيع والشراء عند الأذان لصلاة الجمعة، والدليل قوله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ [الجمعة:9] أي: اتركوه. والبيع كالشراء على حد سواء.
[( فمن فعل ذلك؛ كنت له شهيداً وشفيعاً يوم القيامة )] هذه هي الجائزة: أن يكون الرسول صلى الله عليه وسلم شهيداً له وشفيعاً يوم القيامة، هذا الذي يكثر من الصلاة ليلة الجمعة ويومها على النبي صلى الله عليه وسلم.
وأفضل صيغ الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم أن نقول: (السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته، اللهم صل على محمد وعلى آل محمد، كما صليت على إبراهيم وآل إبراهيم إنك حميد مجيد، وبارك على محمد وآل محمد كما باركت على إبراهيم وآل إبراهيم إنك حميد مجيد)، وأصغر صيغة: اللهم صل على محمد وآله وسلم تسليماً. تجزئه وتكفيه هذه الصيغة.
نتصيد هذه الساعة بأن نأتي يوم الجمعة مبكرين، ويوم جمعة آخر نصلي الجمعة ونبقى في المسجد حتى نصلي العصر علنا نحظى بتلك الساعة، وجمعة من الجمع نصلي العصر ونبقى هناك حتى المغرب علنا نظفر بهذه الساعة، والله لا يحرم عبداً يريدها وقد طلبها. والله تعالى أسأل أن ينفعنا دائماً بما ندرس ونسمع.
الجواب: من أراد الكمال والسنة الكاملة: يصلي الصبح في منى إذا بات فيها ليلة التاسع، ثم إذا صلى الصبح وأفطر -إن كان له إفطار- مشى إلى عرفة، فإذا وصلها في الضحى، يجلس خارج عرفة في مسجد نمرة وإذا صلى مع الإمام الظهر والعصر جمعاً دخل عرفة برجليه، ويبقى بعرفة يذكر الله ويدعو ويبكي إلى أن يؤذن المغرب وتغرب الشمس وتسقط، ثم يفيض من عرفة إلى مزدلفة فهذا هو الأفضل والأكمل.
وسألني أحد السائلين قال: المنظمة عندنا تبعث بنا في أول النهار إلى عرفة، قلنا: يجوز، لكن الأفضل هو أننا نبيت بمنى، فإذا صلينا الصبح وأفطرنا واسترحنا قليلاً مشينا إلى عرفة، فإذا وصلناها قبل الظهر ننزل على حافتها في مكان يقال له: مسجد نمرة، فنصلي مع الإمام الظهر والعصر جمع تقديم، ثم بعد ذلك ندخل على خمس خطوات أو ست إلى عرفات ونبقى نذكر وندعو ونبكي حتى تغرب الشمس؛ لأنه لا يوجد أذان للعصر، إلى أن تغيب الشمس؛ لأنه لا صلاة للمغرب والعشاء في عرفة، فإذا غابت الشمس ودخل الليل مشينا إلى مزدلفة لنصلي المغرب والعشاء بها جمع تأخير ونبيت بها، هذا هو الحكم.
الجواب: هذا ترك واجباً؛ لأن الواجب أن يبقى حتى تغيب الشمس ولذا عليه أن يذبح شاة في مكة ويستغفر الله عز وجل ويندم على فعله، فإن الله يقبل توبة العبد إذا تاب.
أما من دخل عرفة قبل الظهر وخرج منها فوالله ما حج، والذي يضطر فلا يأتي إلا بالليل حج ولا شيء عليه، ولكن للضرورة كأن تضيع دابته في الطريق مثلاً أو ما عرفها، فما وصل إلا في الليل فلا شيء عليه، فالقيام بعرفة من زوال الشمس -أي: من صلاة الظهر- إلى قبل طلوع الفجر، واليوم والليل كله عرفة.
الجواب: أفضل الدعاء يوم عرفة: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، بيده الخير وهو على كل شيء قدير. هذا ذكر. وهو أفضل الدعاء. أنت تدعو: يا رب.. يا رب.. يا رب، وأنا أقول: لا إله إلا الله وحده لا شريك له. فأنا أعطى أكثر منك، فقد رؤي عبد الله بن عمر يذكر هذا الذكر، فقالوا له: الناس يدعون وأنت .. فقال: هذا أفضل الذكر. أي: أفضل الدعاء. ومع هذا فإننا نذكر الله وندعوه ونرجوه طول اليوم ما دمنا بعرفة، فادع الله واسأله خير الدنيا والآخرة، لك وللمؤمنين والمؤمنات، لكن أفضل الذكر: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، بيده الخير وهو على كل شيء قدير، هذا أفضل أنواع الذكر في عرفة.
الجواب: إذا كان غير حاج فصيام يوم عرفة يكفر الله به ذنوب سنتين: الماضية والآتية، فمن صام يوم عرفة ابتغاء وجه الله في بلده أو في أي مكان وجد كفر الله عنه بذلك اليوم ذنوب عامين؛ فقد صح بذلك الحديث النبوي الشريف، أما الحاج فلا ينبغي أن يصوم. وقد شك الصحابة فقالوا: هل الرسول صائم اليوم أو لا؟ فبعثوا له بالماء وهو عند جبل الرحمة فشرب فعرفوا أنه مفطر وليس بصائم.
فصيام يوم عرفة في أي مكان يكفر الله به ذنوب عامين: الماضي والآتي، وهذا خير عظيم، أما الحاج الواقف بعرفة فالسنة أن لا يصوم؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم ما صام ولا أمر أصحابه ولا نساءه بالصيام.
الجواب -والله الهادي إلى الصواب-: اعلموا -يرحمكم الله- أنه لا يشد الرحل ولا نسافر ولا نركب دابة ولا سيارة في العالم إلا إلى ثلاثة مساجد: المسجد الحرام بمكة، والمسجد النبوي بالمدينة، والمسجد الأقصى بالقدس، فلا يصح أبداً أن تركب سيارتك أو دابتك؛ لتزور قبر ولي من أولياء الله، وإنما عليك إن كان القبر في بلدك أن تسلم عليه كما تسلم على أهل المقبرة، أما أن نركب سيارة أو طيارة كما يفعل بعضهم، فيأتي من المغرب إلى بغداد لزيارة عبد القادر الجيلاني فهذا والله حرام ولا يحل ولا يجوز.
أما الذبح للولي والنذر له، كأن يقول: يا سيدي فلان! إذا تزوج ابني سأفعل كذا وكذا.. فهذا شرك أكبر، شرك في عبادة الله؛ لأنك جعلت هذا المخلوق رباً وإلهاً، وخاطبته وتكلمت معه وهو ميت منذ قرون، فأنت تقول له: يا سيدي فلان! إذا حصل كذا وكذا فعلت لك كذا، فجعلته بذلك مثل الله، إذ الذي ينادى ويسأل ويطلب منه هو الله، الذي بقبضته العالم كله ونحن بين يديه، أما ميت تناديه وتقول له: يا سيدي فلان إذا فعل الله بي كذا سأفعل كذا! والله إن هذا لهو شرك بعبادة الله، ومن مات على هذه الحال -على علم- لن يدخل الجنة، أمّا إذا كان جاهلاً فالله أعلم بحاله.
فلا يحل لنا أن نقول: بحق سيدي فلان، أو برأس سيدي فلان؛ إذ الرسول صلى الله عليه وسلم قد أعلنها على المنبر لتبقى إلى يوم القيامة فقال: ( ألا إن الله ورسوله ينهيانكم أن تحلفوا بآبائكم ومن كان حالفاً فليحلف بالله أو ليصمت )، فلا تحلف بالنعمة ولا بالنبي ولا بـفاطمة ، بلغوا هذا إخوانكم، الذين يأتون القبور ويعكفون حولها، ويبكون ويتمسحون، انصحوا لهم وعلموهم أن هذا شرك وباطل ولا يحل لمؤمن أن يفعله أبداً، ونستغفر لمن ماتوا على هذا الجهل، نسأل الله لهم المغفرة لأنهم ما عرفوا، وما وجدوا من يعلمهم، ولا من ينصح لهم، فهلكوا والعياذ بالله.
ثانياً: عيد الأضحى، وفيه يخرج المؤمن من بيته مكبراً: الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله، الله أكبر ولله الحمد، كل الناس يذهبون هكذا إلى المصلى مع طلوع الشمس، فيأتي الإمام يصلي بهم ركعتين ويخطب بينهم، ويبين لهم ما ينبغي ثم يذهبون إلى بيوتهم فيذبحون ذبائحهم، وهذه الذبائح سنة مؤكدة على القادر عليها، فيوزع اللحم على ثلاثة أقسام: للأسرة ثلث، وللأقارب ثلث، وللفقراء ثلث. هذا هو العيد الثاني.
وما عدا هذين العيدين -فوالله- لا عيد، اللهم إلا سابع الولادة، فإذا ولد لك ولد يوم الخميس أو الجمعة أو السبت أو الأحد أو الإثنين أو الثلاثاء أو الأربعاء المهم في اليوم السابع إذا كان ذكراً تذبح شاتين، شكراً لله على نعمة الولد، وإن كان المولود أنثى تذبح شاة وتوزعها: ثلث لك، وثلث للأقارب والفقراء والمساكين، شكراً لله رب العالمين.
فما عدا هذا فليس عندنا أعياد، وليلة النصف من شعبان فيها بعض الأقاويل عند الأولين، والصحيح أن ليلة النصف من شعبان كغيرها، فنحن نصوم دائماً الأيام البيض: الثالث عشر والرابع عشر والخامس عشر، فالذي يصوم الأيام البيض في كل شهر يصوم يوم النصف من شعبان، أما احتفال خاص أو دعاء خاص أو صلاة خاصة فلا وجود لها، وهذه سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهذا كتاب الله، فلا نلتفت إلى المبتدعات.
الجواب: لا ينبغي هذا الكلام ولا يصح، ولا من حق السائل أن يسأل!! لكن لا بأس ببيان هذه المسألة، فأقول:
أما قولنا: هو فوق سماواته، وفوق عرشه وبائن من خلقه، فوالله لهو الحق المبين، هو الحق الذي جاء به القرآن والنبي صلى الله عليه وسلم، فقد كان هناك أمة بين يدي الرسول صلى الله عليه وسلم عملت عملاً فأراد وليها أن يعتقها فسألها الرسول: أين الله؟ فقالت: فوق وأشارت، فقال: ( أعتقها فإنها مؤمنة )، فالذي يقول إن الله في قلوب الناس أو مع الناس كفر والعياذ بالله، وكذب، فكيف يكون معنا وهو يقبض السماوات السبع بيده، كما قال تعالى: وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّموَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ [الزمر:67]، فهذا لا يحمل على معنى أنه في القلب أو البلد أو المكان، هذا كفر والعياذ بالله.
وقد كان الإمام مالك مرة في المسجد، فجاءه مبتدع يسأل: أين الله؟ فأجابه: بأن الله استوى على عرشه.
فقال: كيف استوى؟ قال: الاستواء معلوم؛ لأنه أخبرنا أنه استوى على العرش: الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى [طه:5]، والكيف مجهول، والسؤال عنه بدعة، ثم قال: أخرجوه.
فالاستواء معلوم، لكن هل ذات الله كذوات الخلق حتى تتصور هذا في ذهنك، هل تعرف ذات الله؟ من يعرف ذات الله؟ من رآها؟ لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ [الشورى:11]؟ فلا تتصور أن ذات الله كذات المخلوقات، لا السماوات ولا الجبال ولا الحيوانات ولا بقية المخلوقات، إذ هو خالقها فكيف يكون مثلها، وهو القائل: لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ [الشورى:11].
نحن وهبنا الله أعيناً نبصر بها، لكن موسى عليه السلام لما تجلى له الرب تعالى في طور سيناء، أراد أن ينظر إلى الله، فما استطاع قَالَ رَبِّ أَرِنِي أَنظُرْ إِلَيْكَ قَالَ لَنْ تَرَانِي [الأعراف:143]، أي: لا تستطيع، فبصرك لا يقدر على هذا، فلهذا لا نرى الله إلا في الجنة عندما نخلق خلقاً آخر غير قابل للفناء كهذا الخلق، ونقوى حينئذ على رؤية الله ويزيل الحجاب عن وجهه ونراه وننظر إليه.
أما في الدنيا فلا، موسى عندما قال: رَبِّ أَرِنِي أَنظُرْ إِلَيْكَ قَالَ لَنْ تَرَانِي وَلَكِنِ انظُرْ إِلَى الْجَبَلِ [الأعراف:143]، يعني: أمامك وأنا أتجلى له، فإن ثبت الجبل يمكنك أن تراني، فلما تجلى الرحمن للجبل تفتت وذاب ذوباناً، وخر موسى مغشياً عليه.
فرؤيا الله عز وجل لأهل الجنة حق، يرون ربهم وينظرون إليه، لكن رؤياه في الدنيا مستحيلة، واعلم أن الله لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ [الشورى:11]، فلا يخطر ببالك أن الله كرجل أو إنسان أو كذا .. مستحيل! خالق المخلوقات كيف يكون مثلها؟! واحفظ قوله: لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ [الشورى:11].
الجواب: سائل يقول: إن بعض المصلين يسبلون أيديهم في الصلاة، ويقولون: مالك هو الذي قنن هذا أو شرعه، وحاشاه رحمه الله وأدخله جنته، مالك والله في موطئه الذي كتبه بيده، وجمع أحاديثه من التابعين وأولاد التابعين، يقول: ( إن مما أدرك الناس من كلام النبوة الأولى، إذا لم تستح فاصنع ما شئت )، ووضع اليمين على اليسار فوق الصدر من سنة الأنبياء: نوح، وإبراهيم، وموسى، وعيسى، ومحمد صلى الله عليه وسلم، أما السدل فهذا مع الأسف عمل جماعة تريد أن تنفصل عن أمة الإسلام وتتحزب للمكر والخديعة؛ فيخالفون أهل السنة ويسبلون أيديهم -مكر سياسي- حتى يبقى حزبهم مستقلاً.
والله الذي لا إله غيره لا سنة إلا أن تجعل يديك على صدرك هكذا وأنت قائم في الصلاة، فإذا رفعنا من الركوع قائلين: سمع الله لمن حمده ربنا لك الحمد، وكنا نطيل الوقوف كأئمتنا نضع يدينا على صدرنا، وإذا كنا لا نطيل الوقوف وإنما نقول: ربنا لك الحمد ثم الله أكبر مباشرة، فلا يوجد وضع لليدين على الصدر.
فعندما أقول: ربنا لك الحمد حمداً كثيراً طيباً مباركاً فيه ملء السماوات وملء الأرض وملء ما بينهما وملء ما شئت من شيء بعد، أهل الثناء والمجد، أحق ما قال العبد .. يحسن أن أضع يدي على صدري؛ لأني واقف بين يدي الله، لكن إذا اكتفينا بالواجب فقط: سمع الله لمن حمده، ربنا لك الحمد حمداً كثيراً، ثم الله أكبر، فكيف أضع يدي على صدري؟ وأي فائدة في ذلك؟
هذه لطيفة كتبناها في اللطائف، فإذا كنا نطيل الوقوف بأن نقول: ربنا لك الحمد، حمداً كثيراً طيباً مباركاً فيه، ملء السماوات وملء الأرض وملء ما بينهما وملء ما شئت من شيء بعد، وهو دعاء طويل محفوظ عن الرسول عليه الصلاة والسلام، يحسن بنا أن نضع أيدينا على صدورنا، وإن كنا فقط نقول: ربنا لك الحمد، ثم الله أكبر، فليس هناك حاجة إلى أن نضع أيدينا على صدورنا.
والله تعالى أسأل أن ينفعني وإياكم بما ندرس ونسمع.
من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر