أما بعد: فإن أصدق الحديث كتاب الله تعالى، وخير الهدي هدي سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة.
أيها الأبناء والإخوة المستمعون! ويا أيتها المؤمنات المستمعات! هيا بنا إلى العلم من طريق السؤال والجواب.
السؤال: نود منكم يا شيخ! أن تدلونا كيف نستقبل رمضان؟
الجواب: نستقبله بقلوبنا وأبداننا وأرواحنا، نستقبله بالتوبة النصوح، فمن كان بالأمس يشرب الدخان فاليوم يتركه ولا يعود إليه أبداً، ومن كان يجلس على طاولة اللعب كالكيرم أو غيرها للتنفيس على النفس والترويح عنها، فمن الآن لن يقف على تلك الطاولة ولن ينظر إليها، ومن كان يكثر من الضحك والأحاديث الفارغة، فمن الليلة لن يضحك إلا ابتسامة؛ لأنه مقبل على الله تعالى، ومن كان يقول كلمة باطل، كأن يذكر مؤمناً بسوء كغيبة أو نميمة، فمن الآن انتهى كل ذلك، ومن كان يجلس أمام شاشة التلفاز أو الفيديو ويشاهد العواهر تغني وترقص، والباطل واليهود والنصارى يتكلمون في داخل بيته، فمن الآن والله ما يظهر ذلك في بيت المؤمن أبداً.
وهنا يا معشر المستمعين! حبيبكم صلى الله عليه وسلم إن كنتم صادقين، يدخل في الحجرة التي هو فيها مع صاحبيه، وكانت هذه الحجرة خاصة بأم المؤمنين عائشة، إذ لكل زوجة من أمهات المؤمنين حجرة خاصة بها، فدخل فإذا بها قد وضعت خرقة على نافذة في الجدار تضع وراءها حاجاتها، كالكحل والصابون وما إلى ذلك، إذ لم يكن عندها دولاب حديد أو خشب، وفي تلك الخرقة صورة مرسومة بالنسج لا أنها صورة حقيقة، وما إن رآها النبي صلى الله عليه وسلم حتى غضب وقال: ( يا
فإن كنت المؤمن الحق هل تستطيع أن توجد في بيتك تلفاز تشاهد فيه عواهر النساء وتسمع فيه الطبول والمزامير؟! والله إن كنت صادق الإيمان ما كان إلا في حال جهلك وعدم علمك، أما بعد العلم أيغضب رسول الله وترضى أنت؟! ثم ما الذي أغضب الرسول؟ خرقة في جدار، نسيج ما له قيمة، أما أنت فعاهرة ترقص وبناتك وأمهاتك يجلسن أمامها، وأولادك شبيبة تتفرج وهم يرتكبون الفظائع في هذه الصحون الهوائية كما يخبروننا.
بهذه الأذن تتصل بي مؤمنة فتقول: يا شيخ! ماذا أصنع؟ أخي يفعل الفاحشة بأخته! وهم أطفال صغار، فهل كان هذا يخطر ببال الإنسان قبل وجود هذه الصحون وهذه الدشوش؟! ما كان يخطر بالبال أبداً، وآخر يقول: يا شيخ! ماذا أصنع؟! ابني يفعل الفاحشة بأخيه، فمن أين جاء هذا أسألكم بالله؟! أو ما فهمتم ما أقول؟ أتعرفون الصحن الهوائي أو لا؟ الذي ينشر ويبث كل أنواع الخبث، وهو على سطوحكم وفي دياركم، ووالله ما يرضى به مؤمن يؤمن بالله ولقائه أبداً، وكل هذا لتعرفوا أننا هابطون لاصقون بالأرض.
إذاً: نستقبل رمضان لا بالصيام فقط بحيث نمتنع عن الطعام والشراب وفي الليل نقبل فنزدرد ونأكل ونشرب، وإنما هو رحلة بالروح إلى الملكوت الأعلى، وانقطاع عن هذه الدنيا للدخول في الدار الآخرة، صمت وذكر لله وعبادة وطاعة، وبهذا نستقبل رمضان يا عباد الله!
لكن قد يوجد بعض السياسيين والفطناء والأدباء والأغنياء يقولون: لماذا هذا التشدد؟ لماذا نمنع هذه الآلات التي نروح بها على أنفسنا؟ فأنا أقول لهم: يا صاحب التلفاز والفيديو! ويا صاحب الدش على سطحك! هل تكتسب بذلك درهماً واحداً في اليوم؟ والله لا درهم أبداً، هل تكتسب بذلك زيادة في علومك ومعرفتك؟ والله لا، وإنما هبوط، إذاً والله تستفيد منه أن نغضب الله ورسوله، فيا ويلك ويا ويحك! يا من تغضب الله والرسول!
الجواب: تحرم الحائض معكم، فتغتسل وتلبس ثيابها وتتستر، ولا تنتقب ولا تعمل في يديها أو كفيها قفازاً، وإذا وصلتم مكة اتركوها في الفندق أو في مكان النزول الذي تنزلون فيه، وتوضئوا واذهبوا واعتمروا، وطوفوا واسعوا وقصروا أو احلقوا، وابقوا تعبدون الله يومين أو ثلاثة أو أربعة، ويوم أن تطهر تغتسل وائتوا بها إلى الكعبة لتطوف وتسعى وتقص من شعرها، وبهذا تكون قد تمت عمرتها، وإياكم أن تذهبوا بها وهي غير محرمة لأنها حائض، إذ يجب أن تحرم معكم من الميقات، وليس شرطاً أن تغتسلوا في الميقات، إذ يمكن أن تغتسل وتتجرد وتلبس الإزار والرداء وأنت في الفندق، وإذا وصلت إلى الميقات فقل: لبيك اللهم عمرة، وإن أقلعت الطائرة من مطار المدينة فقل: لبيك اللهم عمرة، وواصل التلبية حتى تصل إلى مكة إن شاء الله.
مرة أخرى: إذا كان هناك من يقول: إن الحائض لا تستطيع أن تبقى ولا يومين لأننا في رحلة منتظمة، فحينئذ نقول: لا تحرم ولا تعتمر؛ لأنها ما استطاعت، وأجرها على الله تعالى، لكن قلما يكون هذا؛ لأن الطائرات الآن متوفرة، ففي هذا الأسبوع لم تقلع أي طائرة فيمكن أن تقلع في الأسبوع الثاني، وبالتالي فيتخلف معها رجل قريب من أقربائها، ويبقى معها حتى تطهر وتغتسل وتطوف وتسعى، ولا تحرم من العمرة بعدما خرجت لها.
الجواب: للمؤمن أن يحج أو يعتمر على أي ميت من أقربائه أو أصدقائه تطوعاً وله أجره، وللمحجوج عنه أو المعتمر عنه أجره، وبهذا قد أذن الرسول صلى الله عليه وسلم، فيحرم عن الميت: لبيك اللهم عمرة، ويواصل التلبية عند الطواف والسعي وعند صلاة الركعتين، ومن غريب ما سمعناه من بعض الصالحين أنه قال: أريد أن أعتمر على رسول الله صلى الله عليه وسلم! إذ هو في كل عام يعتمر مرتين أو ثلاث، فقال: أريد أن نتحبب إلى رسول الله فأعتمر عنه! فقلت له: زادك الله حباً، إن الرسول لا يعتمر عليه ولا يحج عليه، بل ولا يصام له ولا يتصدق له، ومن حج عليه أو اعتمر أو تصدق عليه فمعناه أنه أنزله من مكانه إلى عامة الناس، وأصبح من المذنبين، وهذا بعيد، والله يقول: لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ [الفتح:2].
ثم إن كل أعمالنا الصالحة التي نعملها له نصفها، فصيامك وجهادك ورباطك وصدقاتك للرسول مثلها، فقال تعالى: ( من سن سنة في الإسلام حسنة فله أجرها وأجر من عمل بها إلى يوم الدين )، فلولاها ما صلينا ولا صمنا، ولولاه ما اجتمعنا في هذا المكان، فلهذا إياك أن تقول: أصوم عن رسول الله يوماً، أو أتصدق عنه بشاه، أو أعتمر عنه عمرة، إذ إن هذا فيه طعن في كماله وكرامته، فاتق الله يا عبد الله! نعم ما لك على الرسول ولا للرسول لك إلا الصلاة والسلام عليه، ففي هذا اليوم صل عليه عشرة آلاف مرة، قال تعالى: إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا [الأحزاب:56]، فأخصر صلاة: اللهم صل على محمد وآله وسلم تسليماً، فلك أن تكررها مائة مرة أو مائتين أو ألف مرة، وهذا هو الذي تتحبب به إلى الله ورسوله.
الجواب: يا معشر المستمعين! بالله الذي لا إله غيره! لا يحل لمؤمن ولا مؤمنة أن يدخن، ومن أصر على ذلك واستباح ما حرم الله تعالى فإنه يقرب من الكفر، واسمعوا يرحمكم الله! أتعرفون السواك؟ لماذا نستاك؟ لنطيب أفواهنا من أجل إجراء اسم الله عليها، إذاً فكيف تلوث فمك بأخبث ريح وأسوئه وتقول: الله، باسم الله، والسلام عليكم؟ إن الملائكة الكرام عن يمين المؤمن وشماله، والرسول الحبيب يقول: ( من أراد منكم أن يبصق فلا يبصق عن يمينه، فإن على يمينه ملك، وليبصق بين يديه أو تحت رجليه )، وأنت تقول: أف في وجه الملك! فماذا يكتب هذا الملك؟! وكيف يشكوك إلى الله؟ تنفخ في وجهه الرائحة الكريهة! إنها زلة زلتها هذه الأمة بسبب أعدائها اليهود والنصارى والمجوس، إذ ما عرف المسلمون التدخين بأنواعه إلا بعد أن جاءهم من الغرب، وذلك لما استغلهم واستعمرهم وسادهم وحكمهم، ولذلك فالنصيحة لكل مؤمن: إذا كان في جيبك علبة سيجارة أو في بيتك، فمن الليلة احرقها ومزقها، ومن كان يبيع الدخان في دكانه فمن الآن يصر على ألا يدخل في دكانه الدخان أبداً.
ثانياً: إذا كان المؤذن يؤذن للفجر فلا يحل لك أن تشرب أو تأكل إلا ما أذن فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو أنه إذا كان الماء في يدك وأنت تشرب وقال المؤذن: الله أكبر، فواصل شربك حتى ترتوي؛ لما فيه من المشقة والصعوبة إذا انقطعت، أما إذا كان المؤذن يؤذن قبل الوقت بدقيقة أو بربع ساعة أو بعشر دقائق كما في بعض البلاد، فهذا كل واشرب حتى تتأكد من طلوع الفجر، لكن إذا كانت البلاد ضابطة للأذان، وأنه بعد طلوع الفجر، وأنت تعلم بهذا، فإنه إذا أذن المؤذن فانزع الطعام من فمك وأبعده من أمامك، ولا تشرب، لكن إذا كنت تشرب فلا تقطع الشراب، إذ إن هذا هو إذن رسول الله لك، فصل عليه وسلم تسليماً كثيراً.
الجواب: أعطيكم هذه المسألة العلمية، لكن هل تبلغوها وتعملون بها؟ إي نعم يا شيخ! اعلموا أنه لا يحل أبداً للمؤمنين أن يبنوا مسجداً على قبر، ولا أن يدفنوا مؤمناً في مسجد أبداً، ومن قال: هاهو مسجد رسول الله والقبر فيه؟! فأقول: بالله الذي لا إله غيره! ما بني مسجد رسول الله على قبر أبداً، وإنما بناه رسول الله بيديه الشريفتين، وكان فيه قبور للمشركين نبشوها ونخيل أبعدوها، فهل هناك من يشك في هذا إلا مجنون؟ وثانياً: أن الرسول والله ما دفن في مسجده، لا هو ولا صاحبها، وإنما دفنوا في بيت عائشة وحجرتها، فأين هذه الشبهة؟! ولهذا لا يحل أبداً أن نبني مسجداً على قبر، ولا أن نأتي بميت وندفنه في مسجد، وهذا هو الحكم الأول.
لكن لما هبطنا وجهلنا وأصبحت القبور في المساجد ماذا نصنع؟ والجواب: إذا وجدنا مسجداً لا قبر فيه فلنهجر الذي فيه قبر ونصلي في الذي لا قبر فيه، ولو نمشي إليه عشرة أو مائة متر، أو كيلو، وإن لم يكن إلا ذلك المسجد فنصلي فيه، ولكن لا نجعل القبر أمامنا ولا نسجد فوقه، فالمسجد واسع فنصلي في أي ناحية منه، ولا نصلي إلى القبر بأن يكون أمامنا أو نصلي فوقه إذا كان مقبوراً تحت الأرض.
مرة أخرى: لا يحل للمؤمنين أن يدفنوا ميتهم في بيت ربهم، وإلا قد ظلموه، ولا يحل أيضاً أن يبنوا مسجداً على قبر، فإن وجد قبر في مسجد أو قبور في مسجد فماذا نصنع؟ الجواب ما علمتم: إن وجدنا مسجداً آخر قريب منا صلينا فيه وهجرنا ذاك الذي فيه قبر، وإن لم نجد إلا هذا صلينا فيه، لكن بشرط ألا نصلي فوق القبر ولا أمامه.
الجواب: إذا دخلت مكة محرماً بعمرة واعتمرت، ثم أردت أن تعتمر على ميت فاخرج إلى التنعيم ميقات عائشة أم المؤمنين واحرم من هناك، إذ إن هذا هو حدود الحرم، وذلك أن عائشة لما حاضت وما اعتمرت في الحج بكت وقالت: يا رسول الله! الناس يعودون بحج وعمرة وأنا أعود بحج فقط؟ فقال الرسول صلى الله عليه وسلم لأخيها عبد الرحمن: ( اخرج مع أختك إلى الحل -حدود الحرم- فترحم من هناك وتدخل )، فخرجت بالفعل وأحرمت وطافت وسعت، ومن ثم أصبح ذاك المكان هو ميقات الإحرام لأهل مكة ولغيرهم، فإذا أراد المكي أن يعتمر فليحرم من هناك، إذاً: إذا أردت أن تعتمر على ميت فلا بأس أن تخرج إلى التنعيم وتحرم من هناك.
مسألة أخرى: الذين دخلوا مكة في شعبان فماذا يصنعون؟ ينبغي أن يخرجوا إلى التنعيم ويحرمون من هناك بعمرة في رمضان؛ لأن عمرة في رمضان كحجة مع رسول الله صلى الله عليه وسلم.
الجواب: أما المعجون فلا أحب لمؤمن أن يستعمله، إذ قد تتسرب أجزاؤه إلى الحلق، لكن استعمل معجونك قبل صلاة الصبح بعد تسحرك، أو استعمل هذا المعجون بعد المغرب، لكن وأنت صائم لا تستعمله خشية أن جزئيات منه تتسرب إلى حلقك، أما السواك بعود الأراك فهو مستحب ومندوب ومرغب عند كل صلاة تصليها، وعند كل وضوء، اللهم إلا ما روي عن إمام أهل السنة والجماعة الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله أنه كان يكره الاستياك بعد الزوال، أي: بعد العصر، وذلك للإبقاء على ذلك الخلوف في الفم؛ لأنه قد ورد وصح عن النبي صلى الله عليه وسلم قوله: ( لخلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك )، والخلوف هو تغير الفم من شدة الجوع وانقطاع الطعام والشراب بالطبيعة وبالفطرة، وذاك التغير فيه رائحة غير حميدة، فالإبقاء عليه بعد الزوال يقول الإمام أحمد: إن هذا أحب إلي؛ لأن الله يحب ذلك، وليس بواجب ولكن مستحب.
الجواب: باجتهاد نقول والله الموفق: من الأفضل والخير للمؤمنة ألا تستعمل هذه الحبوب لتحصل على أجرين: الأجر الأول: أنها أطاعت ربها بأن أفطرت لما حاضت، فتثاب على هذه الطاعة، وثانياً: أنه إذا انسلخ رمضان ودخل شوال أو بعده وقامت تقضي، فإن هذا القضاء تؤجر عليه، وبذلك يكون أجرها مضاعف، أما إذا استعملت الحبوب ولم تحض فلها أجر واحد إذاً فلماذا تفرط المرأة المسلمة في هذا؟ مع العلم أنه ما كان هذا على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، إذ إن كل ما في الأمر هو أنه ورد أن النساء كن إذا حججن على عهد الأصحاب يستعملن نوعاً من العشب ليوقفن الحيض، وذلك من أجل أن تحج؛ لأنها إذا حاضت وهي حاجة فأين ستبقى في مكة؟ إذ لم هناك فنادق، فكيف ترجع إلى ديارها وتمكث سنة كاملة حتى تحج في العام القابل؟ فكن يستعملن هذا النبات أو العشب ليحفظ أو ليقي من الحيض فقط، أما في رمضان فلا خبر في هذا أبداً.
الجواب: إن شئت صمت وإن شئت لم تصم، وإن صمت أجرت وحصل لها أيضاً الثواب، أما إلزاماً فلا، إذ أنت لست بملزم.
الجواب: الفقه في هذه القضية: إذا كان السفر يعوقك ويحول بينك وبين مرادك فأفطر، واقض بعد عودتك، وإن كان سفرك لا يعوقه الصيام، ولست في حاجة إلى الإفطار فصومك أفضل من إفطارك.
مرة أخرى: لك أن تصوم ولك أن تفطر، لكن نريد الأفضل فنقول: إذا كنت تتعب في السفر، وأنت تعمل في واجباتك وعملك، والصيام يضعفك ويعجزك فأفطر وهو أفضل لك، واقض ذلك اليوم الذي أفطرته، وإن كان صومك لا يؤثر على سفرك، وذلك كأن تكون في الطائرة أو في السيارة، وليس عندك أي تعب، فالصيام في حقك أفضل من الإفطار.
الجواب: الرعاف هو الدم الخارج من الأنف، والدم يخرج من الأنف ويخرج من الدبر ويخرج من أي مكان، ولا يضر الصيام أبداً، إذ لا علاقة له بالإفطار والصيام.
الجواب: أولاً: بالنسبة لقراءة القرآن للحاجة، وذلك كأن تريد أن تتوسل إلى الله ليقضي حاجتها، فتقرأ له سورة أو سور وتقول: يا رب! أنا قرأت كلامك فتقربت به إليك فاقض حاجتي، فإن هذه وسيلة مشروعة من أحسن الوسائل؛ لأن الله يحب أن يتلى كتابه، فأنت تتملقه وتتزلف إليه، فتقرأ البقرة وآل عمران وتقول: يا رب! أعطني كذا وكذا، فيعطيك الله إن شاء.
وأما بالنسبة لقراءة الحائض للقرآن فأقول: أفضل لها ألا تقرأ شيئاً من القرآن، وإنما تذكر الله وتدعوه وتكبر وتهلل ولا تصل ولا تقرأ القرآن، اللهم إلا إذا كان لها سور تحفظها وخافت نسيانها، فقد رخص لها بعض أهل الفقه في أن تقرأها محافظة على تلك السور حتى لا تنساها كلية، وما عندنا عن الرسول صلى الله عليه وسلم وأصحابه في هذا شيء، وإنما هذه نظريات كثير من أهل الفقه، فإذا كانت تخاف نسيان ما تحفظه فلها أن تتعهده حتى لا يُنسى، وما عدا ذلك فلا تقرأ القرآن وهي حائض أو نفساء.
الجواب: لا يصح جماعتان أو ثلاث في المسجد، وإنما جماعة واحدة، فإذا دخلت المسجد ووجدتهم في التشهد الأخير فكبر: الله أكبر، واجلس وتشهد، وإذا سلم فقم وأكمل صلاتك، وكذلك إذا أدركت ركعة؛ لأنه غير مأذون أن نجعل أكثر من جماعة في المسجد الواحد؛ لأنه عنوان الحزبية والتفرق والعياذ بالله تعالى، اللهم إلا في حال الضرورة، كأن جاء مؤمن وجاء الثاني فما وجد، فقال: صل بي.
الجواب: معشر الأبناء! أمتنا أمة واحدة لا تفترق ولا تختلف أبداً، ومتى افترقت واختلفت هبطت، ومتى اختلفت وتفرقت هبطت، وكان ذلك وهو الواقع، فقد كانت أمة الإسلام السائدة الرائدة القائدة للعالم طيلة ثلاثمائة سنة، فكاد لها عدوها ومكر بها ففرق كلمتها، وأفسد عقيدتها، وشتت شملها فهبطت فسادها وحكمها، ألم يستعمرنا الغرب والشرق؟ فما سبب ذلك؟ إنها الفرقة والخلاف، والله يقول: وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلا تَفَرَّقُوا [آل عمران:103].
وبالتفصيل: إن الطرق الصوفية مظهر من مظاهر الفرقة التي حصلت للمسلمين، فلماذا يكون لشيخ طريقة خاصة تسمى القادرية أو الرحمانية أو التيجانية؟ ولماذا يكون لنا مذاهب هذا مالكي وهذا حنفي وهذا شافعي وهذا حنبلي وهذا إباضي وهذا زيدي وهذا إمامي؟ إن كل هذه مظهر من مظاهر الخلاف والفرقة، وكذلك الجمعيات والأحزاب تمزق وتفرق كلمة المؤمنين وتشتت شملهم.
والطريق الصحيح: أن يقول المسلم: إني مسلم، بين لي قول الله وقول رسوله، أطيعوا الله وأطيعوا رسوله، إذ طاعتهما هي المنجية والمسعدة، سواء كنا بيضاً أو صفراً أو سوداً، في مدينة أو في قرية فأمرنا واحد، مسلم يعبد الله بما جاء به رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقد حفظ الله هذا الدين بكتابه وبهدي رسوله صلى الله عليه وسلم، فلا تقل: أنا كذا، وهو يقول: أنا كذا وكذا، إذ إن هذه الفرقة محرمة ولا تحل أبداً، ولكن العدو الماكر الثالوث الأسود المكون من المجوس واليهود والنصارى تعانقوا ومدوا أيديهم لبعضهم البعض من أجل إطفاء نور الله، وذلك حتى تظهر اليهودية والمجوسية وتسود الصليبية المسيحية، ومازالوا إلى الآن وهم يعملون بتضامن ضد هذا الدين الحنيف، فكل فرقة محرمة، ولا يحل إلا أن تقول: أنا مسلم، قل لي: قال الله وقال رسوله أنا معك، أما أن تلزمني بقال الشيخ الفلاني وقال فلان فهذا لا ينبغي أبداً.
عسى أن يكون المستمعون قد فهموا هذا؟ إن شئت حلفت لكم بالله! لا تصح الفرقة في أمة الإسلام، لماذا؟ لأنها الأمة القائدة الرائدة للعالم إذا اختلفت تفرقت وضعفت وعجزت وما استطاعت أن تؤدي رسالتها، وللأسف فقد وقع هذا، والآن ما نسمح لأهل قرية من القرى أن يكون فيهم مذاهب متعددة أو طرق مختلفة أو أحزاباً وجمعيات متقابلة، إذ نحن جماعة واحدة في قريتنا ندين لله ونعبده بما شرع لنا في كتابه وبينه رسوله صلى الله عليه وسلم، قل لي: قال الله وقال رسوله أنا معك، ولا تقول لي: قال شيخي أو قال إمامي، إذ إن هذا من مظاهر الفرقة التي لا حق لها ولا وجود لها في الواقع بين المسلمين، إلا أن العدو الماكر أوقعهم في هذه المحنة ليسودهم ويذلهم، وقد وقع ذلك ولا حول ولا قوة إلا بالله.
من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر