أما بعد: فإن أصدق الحديث كتاب الله تعالى، وخير الهدي هدي سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة.
ثم أما بعد: أيها الأبناء والإخوة المستمعون! ويا أيتها المؤمنات المستمعات! إننا ما زلنا مع نداءات الرحمن لأهل الإيمان. جعلنا الله وإياكم منهم، وحشرنا في زمرتهم، ورضي عنا كما رضي عنهم. اللهم آمين.
والرحمن صاحب النداءات هو الله رب العالمين، والأولين والآخرين، فهو أنزل القرآن الكريم، وبعث النبي الخاتم سيد الأنبياء والمرسلين، محمداً صلى الله عليه وسلم. وهذا الرحمن هو الذي لولاه ما كنا ولا اجتمعنا ولا سمعنا، ولا أبصرنا ولا فهمنا، فهو الله الذي خلق كل شيء، وبيده كل شيء، وهذه النداءات موجهة إلى المؤمنين خاصة، وهم المنادون بها، وهي تسعون نداء، وقد خص المؤمنين مع كثرة عباده من الإنس والجن لأنهم بإيمانهم أحياء يسمعون ويعون، ويقدرون على أن يمتثلوا الفعل والترك، وأما غيرهم من الكافرين فهم أموات، وصاحب العلم لا ينادي ميتاً، وإنما أهل الجهل ينادون: يا سيدي فلان! يا عبد القادر! يا رجال البلاد! وهم لم يجيبوهم يوماً، ووالله لو وقفوا ألف سنة ينادونهم ما أجابوهم.
وقد ناداهم بعنوان الإيمان؛ لأن الإيمان طاقة نورانية دافعة، بها يسمع عبد الله ويعي ويفهم، وبها ينهض بالتكاليف، ويفعل ويترك، وأما الكفار فهم أموات، فإن ناداهم فهو يناديهم ليأمرهم بالإيمان؛ حتى يحيوا ويصبحوا أحياء، ولا يناديهم ليقول: جاهدوا فينا، أو أطعموا مساكيننا، أو قوموا بين يدينا؛ لأنهم أموات لا يستجيبون.
وهذه النداءات تسعة وثمانون نداء، كلها بدأت بـ( يا أيها الذين آمنوا)، إلا نداء واحداً بـ(يا أيها النبي)؛ لأنه لتشريفه بدئ باسمه، والمؤمنون هم المقصودون، فقال تعالى: يا أيها النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ وَأَحْصُوا الْعِدَّةَ وَاتَّقُوا اللَّهَ رَبَّكُمْ [الطلاق:1]، الآيات.
وا حر قلباه ممن قلبه شبم
لقد أسمعت لو ناديت حياً ولكن لا حياة لمن تنادي
والفتن تلتهم العالم الإسلامي التهاماً، وهم معرضون.
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ [المائدة:6]. هذا الوضوء. وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُوا وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ أَوْ لامَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ مِنْهُ مَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ وَلَكِنْ يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ وَلِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ [المائدة:6]، أي: ليعدكم لأعظم مهمة، وهي شكر الله عز وجل.
وعرفنا أن السنة النبوية بينت لنا المضمضة والاستنشاق والاستنثار ومسح الأذنين؛ لأن الرسول مسئول عن البيان، فالآية مجملة والرسول يبين، وعرفنا السر في ذلك، وهو: لو أن القرآن كله مفصلاً لما حمل وحفظ، ولما قوي عليه، فأسند الله بيانه إلى رسوله بقوله: وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ [النحل:44].
وكان أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ينتظرون صلاة العشاء أحياناً لمهام يقوم بها الرسول صلى الله عليه وسلم ويتأخر عنهم حتى تخفق رءوسهم من النعاس، ويقومون فيصلون.
ثم أكل لحم الجزور، أي: البعير، وقد اختلف العلماء في وجوب الوضوء منه، فمن قائل بنسخ الحديث، وأنه لا يتوضأ لذلك، ومن قائل بعدم النسخ، وأنه باق على أصله، فيتوضأ، ومن هنا الأحوط لديننا: أن نتوضأ، إذ لا كلفة في الوضوء، فلا مال يسقط، ولا وقت يضيع، وما دام قال إمام أهل السنة أحمد بالوضوء فنتوضأ، ولحم الجزور لا نأكله يومياً أو كل ساعة، فمن أكله تعشى أو تغدى فيتوضأ، وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يتوضأ لكل صلاة.
وأما لحم الغنم والعصافير والطيور فلا خلاف فيها في عدم الوضوء، وإنما الخلاف فقط في البعير، وعلة البعير كما قال العلماء: إن فيه مادة دهنية أو زهومة قوية لا توجد في لحم الغنم والماعز، وهذه المادة قد تفتر الحساسية الجسمية، وخلايا الجسم تفتر بذلك الدهن، فلا يؤدي العبد العبادة بنشاط، وهذا معقول أيضاً، والحكيم هو رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو ما أمر بالوضوء إلا لعلم وحكمة.
وكذلك الحيض والنفاس، فهما من موجبات الغسل، وهما ليس من الجنابة، فالجنابة فقط أن يدخل الفحل رأس ذكره في امرأته، وسواء أمنى أو لم يمن فقد وجب الغسل. وفي الحيض والنفاس يقول تعالى من سورة البقرة: وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ [البقرة:222]، أي: يا رسولنا! قُلْ هُوَ أَذًى [البقرة:222]، أي: فيه ضرر. فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ [البقرة:222]، أي: في جماعهن، فاعتزلوهن في الجماع، وَلا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ [البقرة:222]. ومعنى يطهرن: ينقطع الدم بالمرة، وتأتي القصة البيضاء بعده إيذاناً بأنه لا يأتي بعد ذلك دم، أو جفاف كامل بحيث تدخل قطنة وتخرجها جافة. فَإِذَا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللَّهُ [البقرة:222]. وقبلها قال: حَتَّى يَطْهُرْنَ [البقرة:222]، أي: يطهرن بانقطاع الدم، ومعنى يتطهرن: يستعملن الماء الطهور للغسل، فإذا اغتسلت للبعل فله أن يأتيها، ولها أن تصلي.
والشاهد عندنا: أن انقطاع دم الحيض والنفاس موجب للغسل كالنكاح، والمؤمنون والمؤمنات في البوادي عاشوا قروناً ما يعرفون هذا، ولم يقف لهم عالم يعلمهم، فلم يدروا.
وكذلك إذا أفرز المني بشهوة وهو نائم أو يقظان فقد وجب الغسل؛ لأن الجسم تعطل.
وهو [ الآية (8) من سورة المائدة ] والنص بعد [ أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ لِلَّهِ شُهَدَاءَ بِالْقِسْطِ وَلا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلَّا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ [المائدة:8] ] وتلاوة هذه الآية ليس فيه ألم ولا صداع ولا جوع ولا خوف، فلو تليت ربع ساعة لحفظها والله الذكي والبليد مثلي. ولو يحفظ المؤمن أو المؤمنة .. الطفل والطفلة آية كهذه فهي والله لخير من ملء كفه ذهباً، فلنحفظها ونستريح في بيوت ربنا هكذا، ونترك الدنيا وراءنا ساعة أو ساعات؛ إذ ليس لها قيمة، وكلها أوساخ، ومآلها الفناء والدمار.
وتذكرون عبد الله بن رواحة لما بعثه الرسول صلى الله عليه وسلم في خيبر ليحرز ويخرص الغلة، نصفها للرسول ونصفها لليهود، فحاولوا أن يرشوه حتى يخفف عنهم فقال لهم: جئتكم من عند أحب الخلق إلي، وأنتم أبغض الخلق إلي، ولن يحملني حب رسول الله ولا بغضي لكم على أن أجور أو أحيف، فقالوا: صدقت يا عبد الله ! على العدل قام أمر السماء والأرض. واليوم لا يوجد عدل في ديارنا، ووا حر قلباه! ولا تلومونا أبداً، فنحن ما علمنا وما جلسنا في حجور الصالحين، ولا تربينا، وبهذا لن نكون كملاً أطهاراً أصفياء، ونحن بعيدون عن ساحة الطهر والصفاء منذ نعومة أظفارنا، وإنما نحن في الملاهي وأماكن الغناء والملاعب، ولا تقولوا: هذا مستحيل، وأنت يا شيخ! تبالغ، وأقول: اسمعوا الله يقول: هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِنْهُمْ يَتْلُوا عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ [الجمعة:2]. ويوم أن انقطع من يتلو علينا الكتاب والحكمة ويزكينا يومها هبطنا. وأصبح القرآن تقرءونه على الموتى، لا أقل ولا أكثر، ولم يقل أحد لأخيه: من فضلك أسمعني نداء أمس؛ فأنا ما سمعته، هذا لا يحدث أبداً، أو يقول: أنا لا أحسن القراءة، فمن فضلك اقرأ علي نداء من نداءات ربي؛ فأنا أريد أن يعظم حب مولاي في نفسي، وأريد أن أتعلم منه ما ينفعني عنده، فاقرأ علي. لا أحد يقول هذا.
قال: [ فاذكر هذا وأصغ تسمع ما في هذا النداء من الأمر بالقيام لله تعالى بكل ما أوجب على عباده القيام به من العبادات والآداب والأخلاق والأحكام ] فالوضوء إن لم تعدل فيه بطل وضوءك، وصلاتك إن لم تعدل فيها بطلت، وكذلك صيامك، فالعدل قام عليه أمر السماء والأرض، حتى في خياطة ثوبك إن لم تعدل في خياطته تمزق ولم تنتفع به، وكذلك طعامك الذي تطبخه إن لم تقمه على العدل فسد وبطل، ولم تنتفع به. ولا تظن أن العدل في الحكم فقط؛ إذ هذه كلها أحكام أنت تصدرها.
قال: [ وبما أن الكل عباد الله فلا يأذن الله تعالى بظلم عبد من عباده بإضاعة حقه، وهذا هو سر وجوب الشهادة بالقسط، أي: العدل في قوله عز وجل: كُونُوا قَوَّامِينَ لِلَّهِ شُهَدَاءَ بِالْقِسْطِ [المائدة:8].
اذكر هذا أيها القارئ والمستمع! وتأمل قوله تعالى في هذا النداء: وَلا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلَّا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى [المائدة:8]، أي: ولا يحملنكم بغض الكافرين وعداوتهم أو بغض كل من تبغضونه وعداوة كل من تعادونه لأمر اقتضى بغضه أو عداوته من المؤمنين والكافرين، أو الموحدين والمشركين، لا يحملنكم ذلك البغض على أن تجوروا في الحكم إذا حكمتم، أو في الشهادة إذا شهدتم ] ولا يوجد من يشهد اليوم مع يهودي أو نصراني بالعدل، بل يشهد عليه حتى يأكل ماله، ولست واهماً في هذا، بل الشاهد يبغض فقط، فيقول: هذا عدو .. هذا خرافي .. هذا صوفي .. هذا وهابي .. هذا من الجماعة الفلانية، فيشهد عليهم بالباطل والله العظيم، إلا من رحم الله، ولا لوم؛ لأننا ما ربينا في حجور الصالحين، ولم نجلس بين يدي الربانيين، ولا تخرجنا عليهم.
قال: [ ولأهمية العدل في الأحكام والشهادات لها إذ القاضي يصدر حكمه باعتراف الجاني ] إذا اعترف [ أو شهادة اثنين من المؤمنين ] كما قال الحبيب واضع هذه القاعدة، وقد انتفعت بها أوربا، وقد أخذتها من عندنا، ونحن أهملناها، ومهما كان القاضي فعنده هذا الحكم، وهو ( البينة على المدعي واليمين على من أنكر ). ويجلس على الكرسي. والذي وضع هذا القاعدة هو أبو القاسم، ولا تستطيع محكمة الدنيا تدعي العدل أن تخرج عن هذه القاعدة، فهذا مستحيل. فالبينة على المدعي، فإن ادعيت أن البغلة لك فهات البينة، فإن لم يكن عندك فعلى الثاني أن يحلف بالله، وانتهينا. إذاً: ومن البينة الشهود، فالشهود أنابهم الله عنه؛ لأنه في عالم العلو، فأناب عبدين، فإن جارا وقالا الباطل فيا ويلهما! لأنهما وقعا باسم الله بالكذب والخيانة، ولهذا شهادة الزور صاحبها في أسفل الكون؛ لأن الله أنابه عنه؛ لأن هؤلاء عبيده وهو فوقهم، وأنت النائب، وتشهد باسم الله تعالى، وينتقل المال أو السيارة أو الدار لفلان بظلمك وشهادتك. وليس هناك جريمة أعظم من هذه. وقد حدث رسول الله صلى الله عليه وسلم يوماً، وبدأهم بالسؤال عن أكبر الكبائر يعلمهم، فقال: ( ألا أنبئكم بأكبر الكبائر؟ قالوا: بلى يا رسول الله! قال: الشرك بالله، وعقوق الوالدين، وكان متكئاً فجلس وقال: ألا وقول الزور، ألا وشهادة الزور، وما زال يكررها ) منفعلاً ( حتى قالوا: ليته سكت! ). وخافوا. وقد قلت لكم: بلغنا أن حول المحاكم جماعات يطوفون، فإذا كنت تريد شهادة شهدوا لك، ولا لوم؛ لأنهم ما عرفوا الله ولا رسوله، ولا حب الله ولا رسوله، ولا ما هي العبادة ولا الطاعة، وإنما هم مسلمون بالاسم، وهذا لا ينفع، فإذا كتبنا على كل ثوب مسلم لم يكن صاحبه مسلماً إذا لم يسلم لله شيئاً، لا لسانه ولا وجهه، والسبب في هذا الضياع إعراضنا عن الكتاب والسنة، وهروبنا من بيوت الله.
قال: [ لما علمنا من أن أولياء الله هم المؤمنون المتقون، وأعداوه هم الكافرون الفاجرون. وبناء على هذا فكل ما يقرب من تقوى الله عز وجل أو يحققها فالقيام به واجب أكيد، لا يصح التفريط فيه بحال من الأحوال. ويؤكد صحة هذا ويقرره أن ختم الله تعالى هذا النداء العظيم بالأمر بتقواه؛ إذ قال: وَاتَّقُوا اللَّهَ [المائدة:8] ] وهذا أمر بتقواه [ أي: خافوه خوفاً يحملكم على القيام التام بما أوجب عليكم القيام به من سائر التكاليف التي أنزل الكتاب بها، وبعث الرسول ] صلى الله عليه وسلم [ من أجلها، وبخاصة القيام بالعدل في الأحكام والشهادات ].
[ أولاً: ذكر قدرة الله تعالى التي لا يعجزها شيء ] فاذكر في قلبك أن الله قادر على أن يأخذ منك ويعطيك، وأنه على كل شيء قدير؛ فتخافه، وأنت إذا شاهدتم عفريتاً في يده عصا تخاف أن تسبه أو تشتمه؛ لأنه سيضربك، والهزيل الضعيف الأعرج اللاصق بالأرض ما تبالي به، وهذا واقع. فإذا أنت ذكرت قدرة الله وعلمه وإحاطته بكل شيء وأنك لا تملك معه شيئاً خفت منه، وإذا نسيت هذا وما التفت إليه تسبه. وهم يسبونه. وهذا المثال واضح.
[ ثانياً: ذكر ضعف الإنسان وحاجته إلى ربه، حتى في أنفاسه التي يرددها ] فالذي يذكر هذا بقلبه ما يجرؤ على معصية العظيم.
[ ثالثاً: ذكر ما توعد الله تعالى به الفاسقين عن أمره، الكافرين بطاعته ] من أنواع البلاء والشقاء والعذاب في الدنيا والأخرى، فلا ينسى هذا المؤمن؛ لأنه يحمله على تقوى الله.
[ رابعاً: ذكر ما أحل الله بأعدائه من خراب ودمار وهلاك وخسران ] فاذكر فقط ما أحل الله بالمسلمين من الهوان والدون لما عصوه وفسقوا عن أمره.
[ خامساً: ذكر ما فاز به أولياء الله تعالى من كمال وعز وسيادة في الدنيا، وما هو مأمول لهم في الآخرة من نعيم مقيم في دار السلام ] لأولئك الصالحين الأولين.
[ بهذا الذكر بالقلب واللسان يوجد الخوف من الله تعالى في القلب، وإذا وجد الخوف كانت التقوى التي هي طاعة الله وطاعة رسوله صلى الله عليه وسلم باعتقاد وقول وفعل ما أمر الله به، وأمر به رسوله صلى الله عليه وسلم، وبترك ما نهى الله عنه و] نهى عنه [ رسوله صلى الله عليه وسلم من اعتقاد باطل وقول سيء وعمل فاسد، وهو كل ما حرمه الله ورسوله من الاعتقادات الباطلة، والأقوال الفاسدة الضارة، والأعمال كذلك.
وحسب العبد ألا يغفل عن قوله تعالى في ختام هذا النداء، وهو: إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ [المائدة:8] ] أي: والله بما تعملونه من كل عمل مطلع وخبير، فارهبوه وخافوه [ فإنه يوجد ملكة مراقبة الله تعالى ] في قلب العبد [ ومن أصبح يراقب الله تعالى في كل ما يأتي وما يذر فقد حقق التقوى والولاية الإلهية، وأصبح من أولياء الله الذين لا خوف عليهم ولا هم يحزنون في الدنيا والآخرة.
اللهم اجعلنا منهم ] وارض عنا كما رضيت عنهم [ وتولنا كما توليتهم. آمين.
وسلام على المرسلين، والحمد لله رب العالمين ] وصلى الله على نبينا محمد، وآله وصحبه.
من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر