أما بعد: فإن أصدق الحديث كتاب الله تعالى، وخير الهدي هدي سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة.
ثم أما بعد: أيها الأبناء والإخوة المستمعون! ويا أيتها المؤمنات المستمعات! إننا ما زلنا مع نداءات الرحمن لأهل الإيمان. جعلنا منهم، وحشرنا في زمرتهم، ورضي عنا كما رضي عنهم. آمين.
نداء أمس كأن يأمرنا الله تعالى فيه بأن نصلي ونسلم على نبيه صلى الله عليه وسلم؛ إذ قال تعالى: إن الله وملائكته يصلون على النبي يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليمًا [الأحزاب:56]. اللهم صل على محمد وسلم تسليماً.
وعرفنا أن الصلاة عليه صلى الله عليه وسلم بحكم هذا الأمر الذي نادانا من أجله واجبة وجوباً حتمياً، وأن الذي يقول: لا أصلي عليه يكفر، ويخرج من ملة محمد صلى الله عليه وسلم.
ثم عرفنا أن الصلاة عليه صلى الله عليه وسلم لها صيغ بلغت نيفاً وثلاثين صيغة.
وعرفنا أن أكملها وأتمها هي الصيغة الإبراهيمية، والإبراهيمية نسبة إلى إبراهيم، وصيغتها هي التي بعد التشهد والسلام على الرسول التي نصلي بها، وصيغتها التي هي أكمل صيغة هي: ( اللهم صل على محمد، وعلى آل محمد، كما صليت على إبراهيم، وعلى آل إبراهيم، إنك حميد مجيد. اللهم بارك على محمد، وعلى آل محمد، كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم، إنك حميد مجيد ). هذه هي أكمل صيغة وأتمها. وأدناها وأخصرها: هي التي فرضها الله علينا في هذا النداء، وجعلها خفيفة وسهلة وقصيرة؛ نظراً لأحوال البشرية في قرونها وعصورها، وهي: اللهم صل على محمد وسلم تسليماً. وهذه لا يعجز عنها أحد، ومن قال هذا يريد طاعة ربه فقد أطاع الله؛ إذ قال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا [الأحزاب:56]. ومعنى صلوا عليه أي: قولوا: اللهم صل على محمد، ومعنى وسلموا تسليماً أي: قولوا: وسلم تسليماً، أي: أن ندعو الله عز وجل أن يصلي على نبينا ويسلم عليه تسليماً، فنقول: اللهم صل على محمد وسلم تسليماً. هذا هو ما وجب أن نعرفه وقد عرفناه.
أولاً: في الصلاة قبل أن نسلم منها بقولنا: السلام عليكم، فإذا تشهدنا في الفريضة والنافلة فقبل أن نسلم نصلي الصلاة الإبراهيمية على نبينا صلى الله عليه وسلم، ثم نسلم أو ندعو بما شاء الله لنا من ذلك.
ثانياً: عند ذكره صلى الله عليه وسلم، فإذا قيل: قال رسول الله فقل: صلى الله عليه وسلم، أو قيل: محمد رسول الله فقل: صلى الله عليه وسلم، ويدلكم على هذا عامة كتب السنة من المصنفات والمسانيد والصحاح، مثل الموطأ وصحيحي البخاري ومسلم ، فلا يذكر رسول الله إلا قالوا: صلى الله عليه وسلم، ولنا فيهم قدوة، فنحن نقتدي بهم، وهذه كتبهم مخطوطة بالقلم ومطبوعة، وهم لا يذكرونه صلى الله عليه وسلم إلا قالوا: صلى الله عليه وسلم.
والنبي صلى الله عليه وسلم قال: (آمين) عندما قال له جبريل: (رغم أنف امرئ )، أي: إنسان ذكراً كان أو أنثى (ذكرت عنده ولم يصل عليك. قل: آمين، قلت: آمين!). ومن دعا عليه الرسول صلى الله عليه وسلم بالذل والهون لم يرتفع عنه إلا بالتوبة.
ثالثاً: عندما نشرع في دعائنا لربنا سائلين حاجاتنا، ومن الآداب أن نبتدئ الدعاء بحمد الله والثناء عليه، ونصلي على نبيه صلى الله عليه وسلم، ثم نسأل الله ما أردنا سؤاله، فإذا فرغنا نختم الدعاء بالصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم. وهذا سهل واضح، والرسول صلى الله عليه وسلم في روضته سمع رجلاً يقول: يا رب! فقال لأصحابه: ( لقد عجل هذا )، أي: استعجل، ( إذا أراد أحدكم أن يسأل الله شيئاً فليحمد الله، وليثن عليه، وليصل على نبيه، ثم يسأل حاجته ). لا أن يقول من أول مرة: رب أعطني! وكأنك تأمره، بل تملق أولاً وتزلف إليه.
وفي سورة الفاتحة علمنا ربنا كيف ندعو، فأولاً: قال: قولوا: الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ [الفاتحة:2]. وهذا حمد لله، ثم قولوا: الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ [الفاتحة:3]. وهذا ثناء الله، ثم قولوا: مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ [الفاتحة:4]. وهذا تمجيد، ثم تملقوا إليه وقولوا: إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ [الفاتحة:5]، أي: لا نعبد إلا أنت، ولا نستعين إلا بك، ثم اسأل حاجتك: اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ [الفاتحة:6]. فعلمنا كيف نسأل حاجاتنا، بأن نبدأ نحمده ونثني عليه ونمجده، ثم نتملقه، ثم نقول: اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ [الفاتحة:6]. إذ حاجتنا هذه، ومن هداه إلى الإسلام ومشى فيه نجا، ومن لم يوفق لذلك خسر خسراناً أبدياً. وأرجو ألا تُنسى هذه، فقيمتها غالية. وهناك ملايين يقرءون الفاتحة ولا يعرفون لها معنى أبداً، ولا يخطر ببالهم هذا، وهذا من تعليم الله عز وجل.
رابعاً: بدء الخطبة، فالخطباء والمدرسون يبتدئون دائماً خطبهم وتدريسهم بحمد الله والثناء عليه، والصلاة والسلام على رسوله صلى الله عليه وسلم.
خامساً: عند الفراغ من الأذان، وهذه جائزة عظمى، ومحرومون أولئك الذين حرموها، وإن استغنوا بالمال والذرية، وإن وصلوا إلى عنان السماء، فمن يفقد هذه الجائزة فهو محروم، ولا يوجد بين المسلمين من يعرفها ويأخذ بها ولا (1%). وهذه الجائزة يقول فيها الحبيب صلى الله عليه وسلم: ( إذا أذن المؤذن ) في أي وقت، سواء الظهر أو العصر أو المغرب أو العشاء أو الفجر ( فقولوا مثلما يقول ) في أنفسكم وليس جهراً، إلا إذا قال: حي على الصلاة فقل أنت: لا حول ولا قوة إلا بالله، وإذا قال: حي على الفلاح فقل أنت: لا حول ولا قوة إلا بالله، ولو كان لنا بين الناس حول وقوة لما سمع أحد النداء وتركه، بل لكان أجاب، ولكنه لا يتحول إلا بإذن الله، ولا يقوى على أن يأتي إلا بإذن الله.
ثم إذا فرغ المؤذن وفرغنا فنصلي عليه صلى الله عليه وسلم الصلاة الإبراهيمية؛ إذ علمهم هذه الصلاة، لأنها الجائزة العظمى. فإذا فرغنا من الصلاة عليه فنقول سائلين ضارعين داعين ربنا لنبينا: اللهم - أي: يا الله!- رب هذه الدعوة التامة والصلاة القائمة! آت محمداً - أي: أعطه- الوسيلة والفضيلة، وابعثه مقاماً محموداً الذي وعدته. والوسيلة: درجة في الجنة لا تنبغي إلا لواحد فقط من البشرية كلها، وقد قال عليه الصلاة والسلام: ( وأرجو أن أكون أنا هو ). وطلب من أمته أن يسألوا الله له ذلك. فمن قال هذا حلت له الشفاعة المحمدية، ووجبت له شفاعة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فإن كان من أهل النار خرج بالشفاعة من النار، وإن كان في الموقف وتأخر فقد يقدم حسابه بشفاعته، وقد يدخل في الجنة في منزلة دون، فيرفعه الله منزلة أعلى بهذه الشفاعة، فلا غنى لأحد منا عن هذه الشفاعة. فافهموا هذا. وبلغوه للمسلمين والمسلمات، ولا تقولوا: ليس هناك حاجة إلى ذلك، ومن علم وعمل بما علم وعلمه غيره دعي في السماء عظيماً. والناس يعملون ما هو مستحيل من أجل السمعة والذكر والخلود، وأنتم تعرفون عظماء أوروبا، والعظيم عندنا من عظم أمره في السماء، لا بين الملاحدة والفجرة والكفار، وهو من علم وعمل بما علم وعلمه غيره دعي في السماء عظيماً، وإن شاء الله تحملون هذه الأمانة، وتقولونها في البيوت، ويسمعها الأبناء والجيران، ولو كنا مرتفعين والله لما تخلفنا الليلة، لكننا هبطنا، فليس هناك همم ولا رغبة ولا غير ذلك.
وأعطيكم صورة للعلو والهبوط، فهذه أم الفضل امرأة العباس عم سيد الناس وأم عبد الله بن عباس تقول: ( صليت المغرب وراء رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة، فقرأ بالمرسلات عرفاً، فحفظتها ). ولو أتيتم اليوم بعوام المسلمين والعرب أجمعين وقرأتم عليهم المرسلات عشر مرات وحفظها واحد منهم أعطيكم ما أملك. وهذه امرأة سمعت الرسول صلى الله عليه وسلم يصلي بها فحفظتها؛ لأنهم كانوا مرتفعين، ونحن الهابطون عندنا يسمع الرجل أكذوبة طويلة عريضة يعيدها بالحرف الواحد من أول مرة سمعها والله العظيم. ويسمع الشاب أو الشابة الأغنية من أغاني الممثلات والراقصات التي فيها الخلاعة والدعارة ويعيدانها بالنغم، وليس بالكلمات فقط، بل باللحن، وهذا هو الواقع. ولذلك هبطنا، فيسمع الرجل قضية ويفهمها ولا يعمل بها لو علمها، ومن عمل بها لا يعلمها غيره، ولا يرغب في تلك الجائزة، ولا هم له فيها، ولا تقولوا: الشيخ يعتب علينا، بل أنا واحد منكم، فإن رحمنا رحمنا جميعاً، وإن عذبنا عذبنا جميعاً، ولكن هذا واقع الأمة، فقد هبطت.
سادساً: الإكثار منها يوم الجمعة وليلة الجمعة، فقد دعانا رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أن نكثر من الصلاة عليه والسلام يوم الجمعة وليلتها. وحد الكثرة لا يتم إلا بما فوق الثلاثمائة.
وهذا [ النداء ] هو [ الخامس والستون ] من تسعين نداء، نادى الله فيها أولياءه وصالحي عباده؛ ليعلمهم ويهذبهم ويعدهم للكمال والسعادة.
وهذا النداء مضمونه وما يحمله هو [ في حرمة أذية رسول الله صلى الله عليه وسلم ] أولاً [ وحرمة التشبه باليهود ] عليهم لعائن الله [ في أذية ] نبيهم [ موسى عليه السلام
الآية (69) من سورة الأحزاب
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَكُونُوا كَالَّذِينَ آذَوْا مُوسَى فَبَرَّأَهُ اللَّهُ مِمَّا قَالُوا وَكَانَ عِنْدَ اللَّهِ وَجِيهًا [الأحزاب:69] ] وهذه الآية لو كنا مرتفعين ما سمعها الليلة أحد إلا حفظها، ويؤكد حفظها بأن يصلي بها النافلة الآن، فعند أذن العشاء يصلي ركعتين بهذه الآية، ويصلي بها الليلة وغداً وبعد غد، فتبقى في ذهنه حتى الموت، ولكننا لسنا مهتمين، وإنما نحن مجذوبون إلى الأرض. وهذه آية عظيمة، فصل بها النوافل، بل صل بها الفرائض، وهي فيها ما فيها من العلم والمعرفة والهدى، وحسبك أنك أمرت فيها بشيء، فقد أمرك سيدك ومولاك، وناداك لذلك، فامتثله.
وهناك من يأتي ينادي: يا سيدي عبد القادر ! يا سيدي مبروك ! يا فلان! فاذا قلت له: إنك تنادي أمواتاً لم يفهم، والميت لا يستجيب، وكذلك الكافر، ولهذا لم يأمر الله الكفار أولاً بغير الإيمان [ فإن آمنوا ] فكلفهم؛ لأنهم [ أصبحوا أهلاً للنهوض بما يكلفون به من فعل وترك، وأهلاً لأن يُنذروا فيحذروا، ويُبشروا فيسروا ويفرحوا، ويُعلموا فيعلموا، ويُفقهوا فيفقهوا؛ وذلك لكمال حياتهم؛ لأن نداءه تعالى المؤمنين بلفظ: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا [الأحزاب:69] معناه: يا من آمنتم بالله رباً، وبالإسلام ديناً، وبمحمد ] نبياً و[ رسولاً، لا تَكُونُوا كَالَّذِينَ آذَوْا مُوسَى [الأحزاب:69] ] أي: كاليهود، فهم الذين آذوا موسى عليه السلام.
قال: [ لذلك ناداهم الله تعالى بعنوان الإيمان؛ ليشمل كل مؤمن ومؤمنة؛ إذ أذية النبي صلى الله عليه وسلم محرمة، وأياً كان نوعها ].
قال: [ ومرة قالوا: إنه قتل أخاه هارون ] بعد أن مات هارون بالفعل في جبل الطور، فقالوا: قتله موسى [ لكونه ] أي: هارون [ ليناً هيناً معنا ] وهو لم يرد لنا ذلك فقتله. ولا تعجبوا من هذا، فهذا الآن يجري بسهولة في بيوت الناس، فالبشر هم البشر إلا من عصمه الله بالنور في قلبه، وفاض على سمعه وبصره ولسانه.
قال: [ أما براءته من تهمة الأدرة فإليك رواية مسلم فيها والبخاري بمعناها: ( أن بني إسرائيل كانوا يغتسلون عراة، ينظر بعضهم إلى بعض ) ] وسبحان الله! فالعرب والمسلمون اليوم يغتسلون عراة! ولست واهماً، فالأخبار تبلغنا عن الشواطئ والبحار من النيل إلى الأطلنطي أنهم يغتسلون عراة، ويضع أحدهم خرقة على فرجه فقط، ويبقون عراة، وهذا لا يجوز لنا. والإنسان إذا كان وحده واغتسل عارياً في بركة أو في حرض أو في غير ذلك فلا بأس، وليس مع عشرة أنفار أو عشرين، ويشاهدون عورة بعضهم بعضاً، فهذا مسخ [ ( وكان موسى يغتسل وحده؛ لشدة حيائه، فقالوا: ما منعه أن يغتسل معنا إلا أنه آدر، فذهب يوماً ) ] موسى [ ( يغتسل، فوضع ثوبه على حجر ) ] أي: صخرة، فهي تسمى حجراً، والعامة: يسمون الحجر الصغير فقط حجراً، وإلا فالصخرة تسمى حجراً، وكل ما تحجر وتصلب فهو حجر [ ( وأخذ يغتسل، وإذا بالحجر يهرب بالثوب ) ] فقد أراد الله ذلك، كما تهرب أنت وتهرب أمك، وكما يهرب البعير الكبير والصغير أيضاً، وإذا أراد الله لأي شيء أن ينطق وأن يجري حدث له ذلك، فليس للناس فضل على الآخرين، ولكن أراد الله فقط هذا [ ( فيجرى موسى وراءه ) ] ( وهو يقول ) ويصرخ عليه السلام: ( ثوبي حجر! ثوبي حجر! )، أي: ثوبي أخذته يا حجر! [ ( حتى وقف على جمع من بني إسرائيل فرأوا أنه ليس به أدرة كما قالوا ) ] ولو نزل في التوراة: أن موسى ليس بآدر لما صدقوا، ولو حلف هارون وفلان: والله ما بموسى من أدرة لما صدقوا، أو لصدق واحد وكذب عشرة، فكان لا بد من أن يشاهدوه، ويمكن أن يشاهدونه ويقولون: لا به أدرة، لكن يمكن أن عيوننا لم ترها. وهكذا البشر. فإذا لم تتحقق لك ولاية الله وتصبح وليه فإنك عرضة لكل المحن والفتن.
قال: [ وأما براءته من تهمة قتل أخيه هارون: فقد روى ابن أبي حاتم عن علي رضي الله عنه: (أنه صعد موسى وهارون)] وهو أخوه [ ( الجبل -حبل الطور- فمات هارون عليه السلام ) ] بقضاء الله وقدره، فقد حضرت ساعته [ ( فقال بنو إسرائيل لموسى عليه السلام: أنت قتلته ) ] وهو نبي الله! فلا يعقل أن يقتل. واليهود إلى الآن لا تفهم عقولهم، وهذا عجب، وفي بعض الأحيان والله ينزلون إلى مستوى المجانين كالدراويش، وفي بعض الأحيان هم أشد الخلق عناداً ومكراً، وما زال هذا الوصف فيهم إلى الآن، مع أنهم ترقوا وقرءوا وسادوا العالم. فهم هنا يقولون لموسى: (أنت قتلته ) [ ( كان ألين لنا منك، وأشد حياء، فآذوه بذلك، فأمر الله تعالى الملائكة فحملته ) ] أي: حملت جثة هارون [ ( فمروا به على مجالس بني إسرائيل، فتكلمت الملائكة بموته ) ] ولولا هذا لما صدقوا. فقد حملته الملائكة ومرت به في السماء عليهم وهم جالسون، وأخبروهم أن هذا هارون مات، ويمكن أن يكون هناك من لم يصدق منهم [ ( فما عرف موضع قبره إلا الرُخم ) ] جمع رخمة [ ( وأن الله تعالى جعله أصماً أبكماً ) ] فهو طائر أصم أبكم، ولم يعرف قبر هارون أحد غير هذا النوع من الطير [ وهكذا رواه ابن جرير أيضاً.
وقوله تعالى: وَكَانَ عِنْدَ اللَّهِ وَجِيهًا [الأحزاب:69] أي: كان موسى ذا وجاهة وجاه عند الله عز وجل، كان إذا سأله أعطاه، وإذا استعاذه أعاذه، وإذا استنصره نصره؛ وذلك لكماله الروحي والخلقي والأدبي، وما هيأه الله له من الطهر والصفاء والصدق والوفاء.
ولنذكر هنا أن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه قال للرسول صلى الله عليه وسلم: ( ادع الله أن يجعلني مجاب الدعوة، قال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: يا
وبقية الدرس نؤجله إلى غد إن شاء الله. وصلى الله على نبينا محمد وآله وسلم.
من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر