إسلام ويب

تفسير سورة الصافات (8)للشيخ : أبوبكر الجزائري

  •  التفريغ النصي الكامل
  • إبراهيم عليه السلام هو خليل الرحمن، أسلم قلبه للواحد الديّان، جاء قومه يدعوهم إلى عبادة الله الفرد الصمد، فلم يجد فيهم قلباً يعقل ولا أذناً تسمع، فكاد أصنامهم، حتى إذا استفرد بها أخذ في تكسيرها وتقطيعها، فلما رجعوا من عيدهم إذا بآلهتهم قد اعتدي عليها، فطلبوا غريمها وأرادوا الانتقام ممن نال منها، فأوقدوا له ناراً كبرى، فأنجاه الله منها وجعل المجرمين يموتون حسرة وكمداً، وكانت كلمتهم هي السفلى.
    الحمد لله، نحمده تعالى ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، أرسله بالحق بشيراً ونذيراً بين يدي الساعة، من يطع الله ورسوله فقد رشد، ومن يعص الله ورسوله فلا يضر إلا نفسه، ولا يضر الله شيئاً.

    أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: وَإِنَّ مِنْ شِيعَتِهِ لَإِبْرَاهِيمَ * إِذْ جَاءَ رَبَّهُ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ * إِذْ قَالَ لِأَبِيهِ وَقَوْمِهِ مَاذَا تَعْبُدُونَ * أَئِفْكًا آلِهَةً دُونَ اللَّهِ تُرِيدُونَ * فَمَا ظَنُّكُمْ بِرَبِّ الْعَالَمِينَ * فَنَظَرَ نَظْرَةً فِي النُّجُومِ * فَقَالَ إِنِّي سَقِيمٌ * فَتَوَلَّوْا عَنْهُ مُدْبِرِينَ * فَرَاغَ إِلَى آلِهَتِهِمْ فَقَالَ أَلا تَأْكُلُونَ * مَا لَكُمْ لا تَنطِقُونَ * فَرَاغَ عَلَيْهِمْ ضَرْبًا بِالْيَمِينِ * فَأَقْبَلُوا إِلَيْهِ يَزِفُّونَ * قَالَ أَتَعْبُدُونَ مَا تَنْحِتُونَ * وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ وَمَا تَعْمَلُونَ * قَالُوا ابْنُوا لَهُ بُنْيَانًا فَأَلْقُوهُ فِي الْجَحِيمِ * فَأَرَادُوا بِهِ كَيْدًا فَجَعَلْنَاهُمُ الأَسْفَلِينَ [الصافات:83-98].

    معاشر المستمعين والمستمعات من المؤمنين والمؤمنات! قول ربنا جل ذكره: وَإِنَّ مِنْ شِيعَتِهِ لَإِبْرَاهِيمَ [الصافات:83]، لما ذكر تعالى قصة نوح عليه السلام، وبين فيها كيف نصر أولياءه وهزم أعداءه، وقال: سَلامٌ عَلَى نُوحٍ فِي الْعَالَمِينَ [الصافات:79]، ذكر قصة إبراهيم عليه السلام، فقال عز من قائل: وَإِنَّ مِنْ شِيعَتِهِ [الصافات:83]، أي: من شيعة نوح وأنصاره على ما بعث به وأرسل به، ويصح أن تقول: وإن من شيعته محمداً صلى الله عليه وسلم، ووالله إنه لمن شيعته.

    والمقصود من السياق نوح عليه السلام، أي: وإن من شيعة نوح إبراهيم، كمحمد صلى الله عليه وسلم. والشيعة: الأنصار المحبون الموالون.

    وقوله: وَإِنَّ مِنْ شِيعَتِهِ [الصافات:83]، أي: من شيعة نوح لَإِبْرَاهِيمَ [الصافات:83] والله. وقد علمتم أن إبراهيم معناه: الأب الرحيم، فهو مكون من إب وراهيم بالعبرية، ومعناه: الأب الرحيم. وحقاً والله إنه لأب رحيم.

    ومن هنا ابتلاه ربه بذبح ولده مع شدة رحمته، فقد كلف امتحاناً بذبح طفله، ولو كان قلبه قاسياً كقلوبنا لما قيل له: يذبحه؛ لأنه سيذبحه، ولن يكون فيه شيء جديد، ولكن لرحمته ورقة قلبه وعطفه كلف امتحاناً بذبح ولده، فاستجاب لربه، وخرج بطفله إسماعيل إلى منى؛ ليذبحه هناك.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3086915443

    عدد مرات الحفظ

    769490703