إسلام ويب

تفسير سورة الشورى (5)للشيخ : أبوبكر الجزائري

  •  التفريغ النصي الكامل
  • يدعو الله عز وجل نبيه محمداً صلى الله عليه وسلم إلى الاستمرار على طريق الدعوة إلى التوحيد، والاستقامة على دين الله الحميد المجيد، ثم يبشره سبحانه وتعالى بأن دعوته ستنتشر، والدين الذي يدعو إليه رايته سترتفع، فلا يجد أحد من المبطلين مجالاً للجدال في دين الله وشرعه، ولا يملكون لذلك أدنى حجة، فإما أن يلتزموا المحجة، أو يتعرضون لغضب الله وسخطه.

    1.   

    تفسير قوله تعالى: (فلذلك فادع واستقم كما أمرت ولا تتبع أهواءهم ...)

    الحمد لله، نحمده تعالى ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له.

    وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، أرسله بالحق بشيراً ونذيراً بين يدي الساعة، من يطع الله ورسوله فقد رشد، ومن يعص الله ورسوله فلا يضر إلا نفسه ولا يضر الله شيئاً.

    وها نحن مع هاتين الآيتين من سورة الشورى، فهيا بنا لنصغي مستمعين تلاوتها مجودة مرتلة، ثم نتدارسها، والله تعالى نسأل أن ينفعنا بما ندرس ونسمع.

    أعوذ بالله من الشيطان الرجيم. فَلِذَلِكَ فَادْعُ وَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ وَلا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ وَقُلْ آمَنْتُ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ مِنْ كِتَابٍ وَأُمِرْتُ لِأَعْدِلَ بَيْنَكُمُ اللَّهُ رَبُّنَا وَرَبُّكُمْ لَنَا أَعْمَالُنَا وَلَكُمْ أَعْمَالُكُمْ لا حُجَّةَ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ اللَّهُ يَجْمَعُ بَيْنَنَا وَإِلَيْهِ الْمَصِيرُ * وَالَّذِينَ يُحَاجُّونَ فِي اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مَا اسْتُجِيبَ لَهُ حُجَّتُهُمْ دَاحِضَةٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ وَلَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ [الشورى:15-16].

    مناسبة الآية الكريمة لما قبلها

    معاشر المستمعين والمستمعات من المؤمنين والمؤمنات! قول ربنا جل ذكره: فَلِذَلِكَ فَادْعُ وَاسْتَقِمْ [الشورى:15]، سبق أن قال تعالى: شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحًا وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ [الشورى:13] الآيات.

    هنا قال له: فلذلك الذي قصصنا عليك وبينا لك فادع، أي: ادع إلى الإسلام الدين الحق لا يهودية ولا نصرانية ولا بوذية، ولا شرك.

    يقول تعالى: ذلك الذي بيناه لك من ديننا الحق الصراط المستقيم ألا هو الإسلام، فادع البشرية كلها إليه أبيضهم وأسودهم، عربهم وعجمهم، ادع يا رسولنا إلى أن يُعبد الله تعالى وحده بما شرع من العبادات، والسر في ذلك أن يسعدوا ويكملوا في دنياهم، ويسعدوا ويكملوا في أخراهم؛ إذ والله! لا سعادة ولا كمال إلا على عبادة الله الحق.

    أمر الله تعالى رسوله بالدعوة إلى الحق والاستقامة عليه

    فلذلك فادع واستقم، لا تنحرف ولا تمل، ولا تلتفت إلى أقاويلهم، اليهود والنصارى يعرضون عليه، والوليد من المشركين قال له: اترك هذا الدين وسنعطيك نصف أموالنا .. وهكذا عروض تعرض عليه، فأمره تعالى أن يستقيم ولا يلتفت إليهم: فَادْعُ وَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ [الشورى:15] على الحق، بين الحق وادع إليه واعمل به، ولا تبال بما يعرض عليك من أباطيل أو ترهات أو خرافات، وَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ [الشورى:15] من أمره؟ الله عز وجل، بم أمره؟ بأن يعبده وحده بما شرع له من أنواع العبادات على اختلافها وتنوعها.

    وَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ وَلا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ [الشورى:15]، فاليهود كانوا يعرضون في المدينة على الرسول صلى الله عليه وسلم، والمشركون في مكة يرغبونه في أن يترك دينه سنة ويعبد معهم آلهتهم سنة، ويعطونه المال ويعطونه الوظيفة، وهذا الموقف إلى الآن، أيما داع إلى الله ويتبعه الناس فلا بد أن يجد هذه المواقف قطعاً؛ لأن الشيطان هو الذي يمليها ويزينها ويحسنها، وهكذا على كل داع إلى الله أن يثبت مستقيماً على ما دعا إليه، ولا يتبع أهواء القوم.

    معنى قوله تعالى: (وقل آمنت بما أنزل الله من كتاب وأمرت لأعدل بينكم)

    ثانياً: قال له: وَقُلْ آمَنْتُ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ مِنْ كِتَابٍ [الشورى:15] أعلنها يا رسول الله بأنك مؤمن بكل كتاب أنزله الله: التوراة، الإنجيل، الزبور، القرآن.. كل ما أنزل الله من كتاب فأنا مؤمن به، وأنتم لم تؤمنون بالتوراة ولا تؤمنون بالإنجيل أيها اليهود، وأنتم أيها النصارى لم تؤمنوا بالإنجيل ولا تؤمنون بالتوراة؟ لم لا تؤمنون بالقرآن الكريم؟ تؤمنون بكتاب وتكفرون بكتاب؟ أهذا دين، أهذا منطق سليم؟ المؤمن بالله حقاً يؤمن بكل ما أنزل الله من كتاب، آمنا بالله وبكتبه، وصحف إبراهيم وموسى وشيث، وكل ما أنزل الله نؤمن به، وكيف لا وربنا هو الذي أنزله، فكيف ننكره؟

    ففيه ضربة على وجوه اليهود والنصارى والعياذ بالله.

    ثم أمره تعالى أن يقول: وَأُمِرْتُ لِأَعْدِلَ بَيْنَكُمُ [الشورى:15] سبحان الله! نزلت في مكة وسوف يصبح الرسول حاكماً في المدينة وفي خيبر، ويحكم بالعدل بين اليهود والكفار، فسبحان الله العظيم!

    وَأُمِرْتُ لِأَعْدِلَ بَيْنَكُمُ [الشورى:15] وشاء الله أن ينتصر دينه وأن ينتصر صلى الله عليه وسلم في خيبر ويحكم بين اليهود بالعدل الذي أمره الله به.

    وَأُمِرْتُ لِأَعْدِلَ بَيْنَكُمُ [الشورى:15] والعدل به يدفع الظلم عن المظلومين، به يرفع الظلم عن الضعفاء والمساكين، العدل إقامة الحق.

    معنى قوله تعالى: (الله ربنا وربكم لنا أعمالنا ولكم أعمالكم لا حجة بيننا وبينكم)

    وَأُمِرْتُ لِأَعْدِلَ بَيْنَكُمُ اللَّهُ رَبُّنَا وَرَبُّكُمْ [الشورى:15]، الله جل جلاله وعظم سلطانه، رب السماوات والأرض، أي: خالق السماوات والأرض، خالق الإنس والجن، خالق الحيوانات، خالق الذرة والمجرة، هذه الكائنات مخلوقة، ولا بد لها من خالق، من هو هذا الخالق؟ من ادعى أنه خلق بعوضة أو نملة؟ فالله خالق السماوات والأرض، الله خالق كل شيء، فهو رب كل شيء ومالك كل شيء، وهو رب العالمين، ومالك يوم الدين.

    ثم قال: اللَّهُ رَبُّنَا وَرَبُّكُمْ [الشورى:15] الله ربنا أي: خالقنا، ربنا وربكم، ومعبودنا ومعبودكم إن عبدتموه، فما دام أنه خالقكم فلم لا تعبدونه؟ لم لا تتقربون إليه؟ لم لا تتزلفون إليه بفعل ما يحب وترك ما يكره وهو ربنا وربكم؟

    ثانياً: لَنَا أَعْمَالُنَا وَلَكُمْ أَعْمَالُكُمْ [الشورى:15] حقيقة ثابتة إلى يوم الدين، أعمال الإنسان المسلم له، وبها يجزى بسعادة الدارين، وبها يجزى في الآخرة بالجنات دار النعيم، وأعمال المشركين والفاسقين والفاجرين في الدنيا لهم، وفي الآخرة يجزون بها.

    فالمؤمنون لا يعذبون بكفر أبي جهل ولا بفساد اليهود أبداً: لَنَا أَعْمَالُنَا وَلَكُمْ أَعْمَالُكُمْ [الشورى:15] أي: نجزى بأعمالنا الخيرية الإصلاحية التوحيدية، ولكم أعمال النفاق والشرك والكفر تجزون بها كذلك، هذه حقيقة أثبتها الله عز وجل: لَنَا أَعْمَالُنَا وَلَكُمْ أَعْمَالُكُمْ لا حُجَّةَ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ [الشورى:15]، ما هناك حاجة إلى الخصومة والجدال أبداً، الدين واضح، دين الله الإسلام، والشرك والكفر والفساد واضح، إذاً: ما هناك حاجة إلى الخصومة بيننا وبينكم: لا حُجَّةَ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ [الشورى:15].

    معنى قوله تعالى: (الله يجمع بيننا وإليه والمصير)

    وأخيراً: اللَّهُ يَجْمَعُ بَيْنَنَا [الشورى:15] في ساحة القيامة، في عرصات القيامة ويحكم بيننا، وَإِلَيْهِ الْمَصِيرُ [الشورى:15] في حكمنا.

    فالدنيا ستنتهي، فما بين محمد صلى الله عليه وسلم في تلك الأيام وهذه الأيام ألف وأربعمائة سنة، وعما قريب لا تبقى سنة ولا يوم.

    اللَّهُ يَجْمَعُ بَيْنَنَا [الشورى:15] في عرصات القيامة، وإليه مصيرنا يحكم بيننا بالعدل والحق، أهل الأرواح الطاهرة والنفوس الزكية الطيبة يسكنهم الفراديس العلا، وأهل الأرواح الخبيثة والنفوس المنتنة ينزلهم إلى أسفل سافلين، كما قال تعالى: وَالتِّينِ وَالزَّيْتُونِ * وَطُورِ سِينِينَ * وَهَذَا الْبَلَدِ الأَمِينِ * لَقَدْ خَلَقْنَا الإِنسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ * ثُمَّ رَدَدْنَاهُ أَسْفَلَ سَافِلِينَ [التين:1-5] اللهم إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فَلَهُمْ أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ [التين:6].

    لَنَا أَعْمَالُنَا وَلَكُمْ أَعْمَالُكُمْ لا حُجَّةَ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ اللَّهُ يَجْمَعُ بَيْنَنَا [الشورى:15] أين هذا؟ يوم القيامة في عرصات القيامة، وإليه مصير الجميع وهو يحكم بينهم.

    1.   

    تفسير قوله تعالى: (والذين يحاجون في الله من بعد ما استجيب له حجتهم داحضة عند ربهم ...)

    ثم قال تعالى: وَالَّذِينَ يُحَاجُّونَ فِي اللَّهِ [الشورى:16]، والذين يجادلون في الله حتى لا يُعبد وحده، ويريدون أن تُعبد معه الأصنام والأوثان أو عيسى أو العزير؛ وَالَّذِينَ يُحَاجُّونَ فِي اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مَا اسْتُجِيبَ لَهُ [الشورى:16] بعدما دخل العرب في الإسلام ودخل اليهود والنصارى في الإسلام، فالذين يحاجون في الإسلام مِنْ بَعْدِ مَا اسْتُجِيبَ لَهُ حُجَّتُهُمْ دَاحِضَةٌ [الشورى:16] باطلة زاهقة، لا قيمة لها.

    وَالَّذِينَ يُحَاجُّونَ فِي اللَّهِ [الشورى:16] لإبطال ألوهيته وعبادته مِنْ بَعْدِ مَا اسْتُجِيبَ لَهُ [الشورى:16] وآمن به الناس وعبدوه حُجَّتُهُمْ دَاحِضَةٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ وَلَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ [الشورى:16]، إشارة إلى أن دين الله سينتصر والرسول في مكة، فالذين يقفون في وجه الإسلام بعدما استجاب الناس ودخلوا حجتهم داحضة وباطلة لا قيمة لها.

    1.   

    جمل مأثورة من كلام داود عليه السلام

    الثلاث المحققة للإعجاب بالمتصف بها

    معشر المستمعين! ذكر القرطبي رحمه الله في تفسيره هذه العطية جعلني الله وإياكم من أهلها، فانظر هل أنت من أهلها أو لا؟

    يقول نبي الله داود عليه السلام: (ثلاث من كن فيه أعجبني جداً)، ثلاث خصال، ثلاث صفات من وجدن فيه أعجبني جداً، من قائل هذا؟ داود نبي الله ورسوله عليه السلام. ما هذه الثلاث؟

    (الأولى: القصد في الفاقة والفقر)، القصد: الاعتدال في النفقة، في حال الغنى وفي حال الفقر، هذه خصلة عجيبة، والقصد: الاعتدال في الإنفاق، في الأكل والشرب واللباس وغير ذلك.

    فماذا ترون في هذه الخصلة؟ هل هي عندكم؟

    والله! إني لمتصف بها، على علم بنفسي، من يوم وجدت ثم وأنا صاحب زوجة وأولاد ما استقرضت من مؤمن ريالاً واحداً ولا طلبته، والذي وهبني ربي يكفيني؛ لأنني أقتصد فيه، فالاقتصاد: الاعتدال في النفقة.

    فهذه خصلة محمودة، فاللهم ارزقنا إياها.

    (الثانية: والعدل في الرضا والغضب).

    تعدل سواء كنت غاضباً أو كنت راضياً، من أصحاب هذه الخصلة؟ تعدل في حال الغضب وفي حال الرضا على حد سواء، وهذه إن شاء الله نحن من أهلها.

    أما إخواننا فأحدهم إذا غضب يقول لزوجه: أنت طالق، اذهبي إلى أهلك، ومن غضبة واحدة يخرج من الإسلام!

    فاعدل إذا غضبت فلا تجر، لا تحف، العدل في الرضا والغضب، سواء كنت راضياً بالقضية أو غاضباً فيها، اعدل ولا تحف يميناً ولا شمالاً.

    (ثالثاً: الخشية في السر والعلانية)، الخشية لله سواء كنت بين الناس تخشاه أو كنت وحدك في غار تحت جبل تخشاه، لا أن تخشاه فقط إذا كنت مع الناس حتى لا يقال: فاسق أو فاجر، وإذا خلوت تعصي الله وتخرج عن طاعته! فخوف الله في كلا الحالين مع الناس وبعيداً عن الناس، في السر والعلانية.

    والله أسأل أن نكون جميعاً من أهل هذه الصفات الثلاث؛ لنكون أعجب الناس.

    الخصلة الأولى: القصد في الفقر والغنى على حد سواء.

    الثانية: العدل إذا قلت أو حكمت أو عملت في حال الغضب كحال الرضا على حد سواء.

    الثالثة: الخشية لله في حال السر والعلانية على حد سواء، فإن شاء الله نكون من أهل هذه الصفات الثلاث.

    الثلاث المهلكات

    وإليكم صفات أخرى طامة:

    يقول: (وثلاث من كن فيه أهلكنه)، نسأل الله ألا تكون فينا صفة من هذه الصفات، فما هذه الثلاث؟

    قال: (شح مطاع)، كلنا من أخلاقنا الشح، لكن ما نطيع الشح حتى يمنعنا من أداء واجب أو أداء حق، الشح من صفاتنا لكن لا نبالغ فيه حتى نمنع حقوق الناس، ونمنع حق الله عز وجل، لا نطيع الشح أبداً.

    الثانية: (وهوى متبع)، والذي يتبع هواه ولا يتبع قال الله وقال رسوله هالك.

    ثالثاً: (وإعجاب المرء بنفسه)، الذي يعجب بنفسه ويتكبر ويرى أنه أفضل من الناس وخير الناس، هذا هالك هالك.

    فهذه الثلاث المهلكات: شح مطاع، هوى متبع، إعجاب المرء بنفسه، بماله أو علمه أو شرفه أو منزلته، هذه إن شاء الله لن تكون فينا.

    الأربع المحصلة لصاحبها خير الدنيا والآخرة

    وأخيراً: (أربع من أعطيهن أعطي خير الدنيا والآخرة)، أربع خصال من أعطيهن أعطي خير الدنيا والآخرة، فإليكموها:

    أولاً: (لسان ذاكر)، وهل هناك لسان لا يذكر؟ قد يذكر ساعة وست ساعات لا يذكر الله تعالى فيها.

    فالأولى: لسان ذاكر لله ما يسكت عن ذكر الله إلا إذا نام.

    الثانية: (وقلب شاكر).

    قلبه دائماً مع الله يشكره على كل إنعامه وإفضاله وإحسانه، ما ينسى هبة الله وعطيته في سمعه، في بصره، في مشيه، في جلوسه، في أولاده، في ماله.. ما يترك ذكر الله وشكره بقلبه.

    الثالثة: (وبدن صابر) على الحمى، المرض، الجوع، التعب، ما فيه جزع، ما فيه غضب، ما فيه سخط، رضا كامل بما كان من الله تعالى.

    بدن صابر على التعب والعبادة، على الصيام والجهاد والرباط، على الجوع والعطش دائماً ما يجزع وما يسخط، دائماً مع الله، هذا البدن الصابر.

    وأخيراً: (امرأة مؤمنة)، هذه الخصلة الرابعة.

    هذه الخصال الأربع من أعطيها أعطي خير الدنيا والآخرة: لسان ذاكر ما يترك ذكر الله، وقلب شاكر ما ينسى إفضال الله وإنعام الله، دائماً يشكر الله، وبدن صابر، يبني ويزرع، يحصد، يركع، يسجد، يصوم، يرابط، يجاهد.. دائماً بدنه صابر لا يسخط ولا يجزع ولا يغضب.

    وأخيراً: امرأة مؤمنة، وهبك الله امرأة مؤمنة فهي نعمة من نعم الدنيا، هكذا يقول نبي الله داود عليه السلام، فثلاث يعجب بصاحبها ويتعجب منه، وهي: القصد في الغنى والفقر، والعدل في الرضا والغضب، والخشية في السر والعلانية.

    والثلاث المهلكات: شح مطاع، هوى متبع، إعجاب المرء بنفسه، نعوذ بالله من هذه الصفات الثلاث أن تكون فينا.

    وأربع من كانت فيه جمع الله له بين خيري الدنيا والآخرة: لسان ذاكر، قلب شاكر، بدن صابر، امرأة مؤمنة.

    والعازب يتزوج ويطلب امرأة مؤمنة حتى يظفر بهذه الرابعة.

    والله تعالى أسأل أن يجعلنا من أهل الصفات السبع وأن يبعدنا من الصفات الثلاث المهلكة والعياذ بالله.

    1.   

    قراءة في كتاب أيسر التفاسير

    هداية الآيات

    والآن مع هداية الآيات.

    قال المؤلف غفر الله له ولكم ورحمه وإياكم والمؤمنين:

    [ هداية الآيات:

    من هداية الآيات:

    أولاً: وجوب الدعوة إلى الإسلام بين أمم العالم؛ إذ لا نجاة للبشرية إلا بالإسلام ].

    من هداية هاتين الآيتين الكريمتين: وجوب الدعوة إلى الإسلام طول الدهر، فمن يقوم بهذا الواجب؟ المسلمون، يدعون الكافرين والمشركين والضالين إلى الإسلام ليكملوا ويسعدوا.

    وهل هذه الدعوة تسقط؟ والله! لا تسقط، هي واجبة على المسلمين؛ لأنها كانت واجبة على رسول الله صلى الله عليه وسلم، وخلفاء رسول الله هم المسلمون.

    [ ثانياً: حرمة اتباع أهواء أهل الأهواء والسير معهم وموافقتهم في باطلهم ].

    حرمة اتباع الأهواء والآراء الفاسدة، والعقول الهابطة من أرباب الدنيا والشهوات والأطماع والأوساخ، يجب ألا نتبع أصحاب الأهواء أبداً، بل نتبع أصحاب الحق أهل الكتاب والسنة.

    [ ثالثاً: وجوب الاستقامة على الإسلام عقائد وعبادات وأحكام قضائية وآداب وأخلاق ].

    من هداية هاتين الآيتين: وجوب القيام بالإسلام عقيدة، آداباً، أحكاماً شرعية.. وهكذا، يجب أن نقوم على الإسلام في حياتنا في عقيدتنا، عباداتنا، آدابنا، أخلاقنا، لا تخرج أبداً عن قال الله وقال رسوله صلى الله عليه وسلم.

    [ رابعاً: تعين ترك الحجاج والمخاصمة مع أهل الكتاب وكذا أهل الأهواء والبدع؛ لأنا على الحق وهم على الباطل، فكيف نحاجهم؛ إذ الواجب أن يسلموا وكفى ].

    من هداية هاتين الآيتين أيضاً: حرمة الحجاج مع اليهود، والنصارى، والفساق، والمشركين، والملاحدة، والشيوعيين، وأهل البدع والخرافات، فنحن على حق فكيف نحاجج هؤلاء أهل الباطل ونتنازل لهم؟ ما يجوز أن نحاج يهودياً أو نصرانياً، من أين له حتى أحاججه أنا؟ أنا على الحق والحق واضح وضوح النهار، فلماذا لا يؤمن ويسلم؟ إذا طلب مني البيان فسأبين له، أما أن يجادلنا فلا نجادله ولا قيمة له.

    وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3086718712

    عدد مرات الحفظ

    765797022