وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، أرسله بالحق بشيراً ونذيراً بين يدي الساعة، من يطع الله ورسوله فقد رشد، ومن يعص الله ورسوله فلا يضر إلا نفسه ولا يضر الله شيئاً.
وها نحن مع سورة (ق) المكية، فهيا بنا لنصغي مستمعين تلاوة هذه الآيات، والله نسأل أن ينفعنا بما ندرس ونسمع.
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم. كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ وَأَصْحَابُ الرَّسِّ وَثَمُودُ * وَعَادٌ وَفِرْعَوْنُ وَإِخْوَانُ لُوطٍ * وَأَصْحَابُ الأَيْكَةِ وَقَوْمُ تُبَّعٍ كُلٌّ كَذَّبَ الرُّسُلَ فَحَقَّ وَعِيدِ * أَفَعَيِينَا بِالْخَلْقِ الأَوَّلِ بَلْ هُمْ فِي لَبْسٍ مِنْ خَلْقٍ جَدِيدٍ [ق:12-15].
وها هو تعالى ينزل هذه الآيات ليخفف ألمه، ليخفف ما يصيبه من ألم وإعياء وتعب، فيقول له: كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ [ق:12] كذبت قبل قومك يا رسول الله من المشركين في مكة وغيرها قوم نوح، فكذبوا رسول الله نوحاً وكذبوا بالبعث الآخر، وكذبوا بالشرع الذي جاء به، وهذا هو الواقع، فاصبر أنت على تكذيب قومك ولا تتألم ولا تقطع دعوتك واثبت عليها كما ثبت من قبلك أنبياء الله ورسله.
نوح مكث ألف سنة إلا خمسين عاماً وهو يدعو إلى عبادة الله وحده، والقوم مصرون على عبادة هذه الخمسة: يغوث، ويعوق، وود، وسواع، ونسر، وهؤلاء الخمسة كانوا أولياء الله صالحين أيام العلم والطاعة والمعرفة، فلما ماتوا وقل العلم قال أهل البلاد: نضع على قبورهم تماثيل تذكرنا بهم إذا رأيناهم، فوضعوا تماثيل على قبورهم، ومات ذلك الجيل وجاء الجيل الثاني فقالوا: هذه آلهتنا، فعبدوهم، فبعث الله تعالى إليهم عبده ورسوله نوحاً، وناداهم: يا قوم! اعبدوا الله ما لكم من إله غيره، وجهر بالدعوة وأسر بها وجهر في الليل والنهار، وما آمن معه إلا نيف وثمانون نسمة، لم يستجب لدعوته أكثر من بضع وثمانين نسمة ما بين ذكر وأنثى، فَلَبِثَ فِيهِمْ أَلْفَ سَنَةٍ إِلَّا خَمْسِينَ عَامًا فَأَخَذَهُمُ الطُّوفَانُ وَهُمْ ظَالِمُونَ * فَأَنجَيْنَاهُ وَأَصْحَابَ السَّفِينَةِ وَجَعَلْنَاهَا آيَةً لِلْعَالَمِينَ [العنكبوت:14-15].
قال تعالى: فَقَالَ لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ نَاقَةَ اللَّهِ وَسُقْيَاهَا [الشمس:13]، اتركوها تشرب من الماء، وهذه الناقة وجودها عجب؛ إذ قالوا له: إن كنت صادقاً في أنك رسول لله ونحن مخطئون ومشركون فادع لنا ربك يخرج لنا ناقة من هذا الجبل، فقام صالح عليه السلام يصلي ويدعو حتى انفلق الجبل فلقتين وخرجت الناقة منه كأجمل ما تكون ولا نظير لها، فكانت آية عجباً.
ثم قال لهم: هذا الماء الذي تسقون منه يوم للناقة ويوم لكم، آية من آيات الله، الناقة تشرب ذلك الماء يوماً كاملاً، ويتحول كله إلى لبن، فيحلبون ما شاءوا أن يحلبوا، يوم للناقة تشرب الماء الذي في ذلك البئر أو الوادي، وفي اليوم الثاني يتحول إلى لبن، فيأتي النساء والرجال والخدم يحلبون اللبن ويعودون به إلى دورهم، ومع هذا قالوا: هيا نعقر هذه الناقة وننظر ماذا يحصل؟ فعقروا الناقة وقتلوها، والغريب أن قدار بن سالف عليه لعائن الله كان يمر بالواحد والاثنين والقرية والأسرة فيقول: نريد أن نعقر الناقة، فهل توافقون؟ فأخذ موافقتهم أجمعين، إلا من نجا الله مع صالح عليه السلام، فآتاهم عذاب الله الكامل بعد ثلاثة أيام، ففي اليوم الأول جثوا على الركب، وفي اليوم الثاني اسودت وجوههم، وفي اليوم الثالث نزلت بهم صاعقة فخرجت أرواحهم: فَأَخَذَتْهُمُ الصَّاعِقَةُ وَهُمْ يَنظُرُونَ * فَمَا اسْتَطَاعُوا مِنْ قِيَامٍ وَمَا كَانُوا مُنتَصِرِينَ [الذاريات:44-45]، ثلاثة أيام برجالهم ونسائهم وهم على ركبهم جاثمين، لا حركة، وفي اليوم الثالث أو الرابع كانت الصاعقة فماتوا عن آخرهم.
وثمود هؤلاء ديارهم وراءنا، منازل ثمود موجودة في مدائن صالح، والأصل فيهم أنهم نزحوا من اليمن من بلاد عاد لما نجى المؤمنون من العذاب، نزحوا فنزلوا بهذه الأرض وعمروها وأصبحوا بعد قرون أمة كبيرة، فأرسل الله تعالى إليهم صالحاً بعدما فسدوا في عقائدهم وأخلاقهم وآدابهم ليهديهم ويصلحهم، فما استجابوا وتعاونوا على الشر، فأهلكهم الله.
إذاً: فما كان إلا أن أرسل الله تعالى عليهم ريحاً عاصفة دامت سبع ليال وثمانية أيام، حتى إن عجوزاً لجأت إلى غار في جبل لتنجو، وإذا بالريح تدور في هذا الجبل وتخرجها وتصرعها، وهذا اليوم ما زال العرب يسمونه قرة العجوز إلى الآن، توارثه الآباء والأبناء، ما نجا منهم إلا هود ومن معه من المؤمنين، فنزلوا بمكة، وبعضهم ذهبوا إلى الشمال.
هذه عاد التي قال الله تعالى عنها: كَذَّبَتْ عَادٌ الْمُرْسَلِينَ * إِذْ قَالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ هُودٌ أَلا تَتَّقُونَ * إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ * فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ * وَمَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى رَبِّ الْعَالَمِينَ * أَتَبْنُونَ بِكُلِّ رِيعٍ آيَةً تَعْبَثُونَ * وَتَتَّخِذُونَ مَصَانِعَ لَعَلَّكُمْ تَخْلُدُونَ * وَإِذَا بَطَشْتُمْ بَطَشْتُمْ جَبَّارِينَ * فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ [الشعراء:123-131]، فما استجابوا، فأهلكهم الله عن آخرهم، بريح عاصف مزقتهم وأهلكتهم.
وعاش موسى زمناً يدعوه ويدعو قومه، وأخيراً خرج مع بني إسرائيل في طريقهم إلى أرض القدس، وكان أمامهم البحر الأحمر، فماذا فعلوا؟ أمر الله تعالى موسى أن يضرب البحر بعصاه باسم الله، فانفلق البحر فلقتين فأصبح طرقاً كل قبيلة تمشي في طريق، وعلم بذلك فرعون فنادى في رجاله وعسكره فخرج في مائة ألف، وتعجبوا كيف دخل بنو إسرائيل البحر وخرجوا، ولما نجا بنو إسرائيل وخرج آخر واحد منهم دخل فرعون بجيشه، ولما توسطوا البحر أطبقه الله عليهم، فأغرقهم أجمعين، والله! ما نجا فرعون ولا من معه، إلا أن فرعون بقي على سطح الماء لحكمة إلهية، ما صار تحت الأرض في البحر، بقي فوقه؛ ليعرف الناس أنه ميت ما هو بحي؛ إذ بنو إسرائيل من خوفهم وشدة فزعهم لو قيل لهم: إنه مات فلن يصدقوا، سيقولون: أين هو؟ لا بد أن يأتينا ويعذبنا، فمكث على سطح البحر مدة، وذكر تعالى هذا في سورة يونس: فَالْيَوْمَ نُنَجِّيكَ بِبَدَنِكَ لِتَكُونَ لِمَنْ خَلْفَكَ آيَةً وَإِنَّ كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ عَنْ آيَاتِنَا لَغَافِلُونَ [يونس:92] إي والله.
هذا فرعون موسى، أهلكه الله ودمره أو لا؟ أهلك جيشه أو لا؟ كل ذلك فعله الله، الله رب العالمين إله الأولين والآخرين، الذي بعث محمداً صلى الله عليه وسلم وأرسله إلى العالمين، والمشركون يسمعون هذا ولا يبكون ولا يتألمون لقساوة قلوبهم والعياذ بالله تعالى.
هؤلاء زين لهم الشيطان اللواط وحسنه لهم، فكانوا في ناديهم يشربون ويأكلون ويضحكون ويعلو بعضهم على أخيه ويطؤه والعياذ بالله، ويضحكون، واعتبروا هذا من متع الحياة الدنيا وزينتها، فبعث الله تعالى إليهم رسوله لوطاً عليه السلام، جاء مع عمه إبراهيم من أرض بابل من العراق، وبعثه الله إلى قرى قوم لوط، فما صدقوه ولا آمنوا به، وطالبوا بالعذاب، فأنزل الله تعالى عليهم عذابه، أولاً: خسفت بهم البلاد، ثانياً: الذين كانوا خارج البلاد أنزل الله عليهم حجارة من السماء فأهلكتهم عن آخرهم، كما قال تعالى: كَذَّبَتْ قَوْمُ لُوطٍ الْمُرْسَلِينَ * إِذْ قَالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ لُوطٌ أَلا تَتَّقُونَ * إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ * فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ * وَمَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى رَبِّ الْعَالَمِينَ * أَتَأْتُونَ الذُّكْرَانَ مِنَ الْعَالَمِينَ * وَتَذَرُونَ مَا خَلَقَ لَكُمْ رَبُّكُمْ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ عَادُونَ * قَالُوا لَئِنْ لَمْ تَنْتَهِ يَا لُوطُ لَتَكُونَنَّ مِنَ الْمُخْرَجِينَ * قَالَ إِنِّي لِعَمَلِكُمْ مِنَ الْقَالِينَ * رَبِّ نَجِّنِي وَأَهْلِي مِمَّا يَعْمَلُونَ * فَنَجَّيْنَاهُ وَأَهْلَهُ أَجْمَعِينَ * إِلَّا عَجُوزًا فِي الْغَابِرِينَ * ثُمَّ دَمَّرْنَا الآخَرِينَ [الشعراء:161-172].
هذه العجوز إحدى امرأتيه، إحدى امرأتيه كانت عجوزاً كافرة فاسقة ما آمنت ولا تابت، وكانت تساعد على اللواط وتعين عليه، أما الثانية فهي مؤمنة طاهرة نجاها الله مع ابنتيه، والباقون أهلكهم الله تعالى.
فقوله تعالى: وَإِخْوَانُ لُوطٍ [ق:13] هذه الأخوة ليست دينية ولا إنسانية بشرية، بل أخوة وطنية بلدية؛ لأنه كان معهم.
فهؤلاء لما لم يستجيبوا أهلكهم الله، ما نجا منهم أحد، وهم أصحاب هذه الغيظة من الأشجار الملتفة يعبدونها ويتبركون بها.
وسبحان الله! لما مات العلماء وانطفأ نور العلم في أكثر بلاد المسلمين عبدت الأشجار كما عبدت على عهد شعيب، الشجرة يعبدونها، يتبركون بها، يطوفون حولها حتى في المدينة والعياذ بالله تعالى، ولا عجب؛ لأن الإنسان هو الإنسان والشيطان هو الشيطان، الإنسان إذا لم تستنر روحه وتتعظ نفسه فإنه يضحك منه الشيطان ويعميه إلى أبعد شيء، والشيطان هذه مهمته، يريد أن يصرف الناس عن عبادة الله ليهلكوا في الدنيا والآخرة، ما يريد الشيطان أن يسعد إنسان أبداً؛ لأنه شقي بسبب الإنسان، فهو يرى أنه يواصل دعوته إلى الموت، فعبدت في بلاد المسلمين الأشجار والنخيل والقباب والقبور وقل ما شئت، لكن ذلك متى؟ لما انقطع العلم ومات العلماء، تجد بلداً ما فيه عالم ولا يعرفون عالماً أبداً منذ قرن كامل، فكيف يبقى النور فيه؟
و عبد القادر الجيلاني رحمة الله عليه عُبد كما عُبد الله، والله! لقد عبدوه كما عُبد الله، يحلفون به، يتبركون به، يأتون إلى قبره، يذبحون له، ينذرون له، ينادونه: يا راعي الحمراء! يا عبد القادر! في العالم الإسلامي، وسبب ذلك الجهل لموت العلماء وانقضاء العلم، كما وقع لقوم نوح، حيث كان أولئك الخمسة من صالحي عباد لله مؤمنين صالحين، فلما ماتوا وضعوا تماثيل على قبورهم للذكرى كما يقولون، فجاء جيل فعبدوهم، وبعث الله رسوله إليهم فحاربوه، قالوا: ما نترك آلهتنا أبداً.
قال تعالى: كُلٌّ [ق:14] ممن ذكر كَذَّبَ الرُّسُلَ [ق:14]، لا تحزن يا محمد ولا تكرب ولا تتألم، كل الذين ذكرناهم من نوح إلى قوم تبع أهلكناهم بكفرهم وفسقهم وفجورهم، فلا تعجب ولا تبك ولا تتألم، واصل دعوتك واصبر عليها.
أَفَعَيِينَا بِالْخَلْقِ الأَوَّلِ [ق:15]؟ لا -والله- ما عيي ربنا أبداً ولا تعب، فكيف إذاً تنكرون عليه أن يعيد البشر من جديد؟ إذا ما عيي في خلق الملائكة في خلق الإنس في خلق الجن في خلق العوالم العلوية والسفلية، ما عيي أبداً ولا تعب، وإذا أخبر أنه يحيي البشر ليحاسبهم ويجزيهم تقولون: لا! لا يمكن أن يكون هذا.
هذا هو تكذيبهم بالدار الآخرة، إنكارهم بالبعث، كفرهم بيوم القيامة والعياذ بالله تعالى، فهم مع هذا عرفوا قوة الله وقدرة الله، ولكن ما استساغوا أن يحيي الله الناس بعدما يصبحون عظاماً نخرة وتراباً.
قال تعالى: أَفَعَيِينَا بِالْخَلْقِ الأَوَّلِ [ق:15]؟ لا والله، بَلْ هُمْ فِي لَبْسٍ مِنْ خَلْقٍ جَدِيدٍ [ق:15]، موقنون أن الله على كل شيء قدير، ولكن اللبس الذي في قلوبهم هو: كيف يحيي العظام؟ ما استساغوا، لو عرفوا أن الله يقول للشيء: كن فيكون لآمنوا، ولكن الشياطين زينت لهم هذا الكفر فكذبوا بالبعث الآخر، والذي يكذب بالبعث الآخر من الإنس والجن لا يستقيم على دين أبداً، ولا يعبد الله، ولا يوثق فيه في شيء، الذي يكذب بيوم القيامة وما يجري فيه من جزاء وحساب على العمل في الدنيا هذا شخص شر الخليقة، شر من القردة والخنازير، قال تعالى: أُوْلَئِكَ هُمْ شَرُّ الْبَرِيَّةِ [البينة:6] أي: الخليقة.
فيا أبناء الإسلام! عقيدة البعث الآخر من أقوى وأعظم العقائد المؤثرة في الحياة، فاقدها هالك، فلهذا يجب أن نقويها، ومن تقويتها نذهب إلى البقيع وننظر إلى إخواننا أين هم؟ كانوا وكانوا، ثم ماتوا.
إذاً: هناك بعث آخر للحساب على عملنا في الدنيا هذه، وهذه الحقيقة التي نكررها: فعلة هذه الحياة وسر وجودها أن نعبد الله فيها، وعلة الحياة الثانية وسر وجودها الجزاء على العمل في هذه الدنيا، هما داران، أليس كذلك؟ حياتان، أليس كذلك؟ هذه للعمل، وقد يكون إيماناً وعملاً صالحاً، وقد يكون كفراً وشركاً وعملاً فاسداً، وتلك للجزاء، أهل الإيمان والعمل الصالح أصحاب الأرواح الزكية والنفوس الطيبة الطاهرة يدخلون الجنة دار النعيم، وأصحاب النفوس الخبيثة العفنة المنتنة بالشرك والكفر يدخلون دار البوار الجحيم.
قال تعالى: أَفَعَيِينَا بِالْخَلْقِ الأَوَّلِ بَلْ هُمْ فِي لَبْسٍ مِنْ خَلْقٍ جَدِيدٍ [ق:15] أي: ما عجزوا أن يدركوا أن الله قادر، ولكن قالوا: كيف يحيي هذه العظام وكيف وكيف؟ فكذبوا بالبعث الآخر والعياذ بالله تعالى.
[ هداية الآيات:
من هداية الآيات:
تعزية الرسول صلى الله عليه وسلم وتسليته بإعلامه بأن قومه ليسوا أول من كذب الرسل ].
من هداية الآيات التي تدارسناها: تعزية الرسول صلى الله عليه وسلم وتسليته ليصبر على دعوته ولا يتألم؛ إذ عرض عليه خبر رسل كذبهم قومهم فأهلكهم الله، ففيها التسلية للرسول صلى الله عليه وسلم.
[ ثانياً: تهديد المصرين على التكذيب من كفار قريش بالعذاب؛ إذ ليسوا بأفضل من غيرهم، وقد أهلكوا لما كذبوا ].
من هداية الآيات: تهديد المشركين وتخويفهم بعذاب الله؛ إذ عرض عليهم أمماً هلكت بسبب كذبهم وكفرهم وتكذيبهم لرسلهم، فينبغي أن يذكروا هذا حتى يؤمنوا ويسلموا، وبذلك دخلوا في الإسلام.
[ ثالثاً: تقرير البعث والجزاء وإثبات عقيدتهما بالأدلة العقلية كبدء الخلق ].
من هداية هذه الآيات: تقرير الحياة الثانية والجزاء الكامل فيها على العمل في هذه الدنيا، إن كان عملاً صالحاً فالجنة الجزاء، وإن كان عملاً فاسداً فالنار هي الجزاء.
[ رابعاً: ضعف إدراك المنكرين للبعث لظلمة نفوسهم بالشرك والمعاصي ].
المشركون ضعفوا في إدراك البعث وما أطاقوه، مع أنهم يؤمنون بأن الله على كل شيء قدير، لكن لظلمة نفوسهم وعدم بصيرتهم ما استطاعوا أن يقولوا: نعم يحيينا الله بعد موتنا ويحاسبنا، فهذا دل عليه قوله تعالى في آخر الآية: بَلْ هُمْ فِي لَبْسٍ مِنْ خَلْقٍ جَدِيدٍ [ق:15] بل هم في لبس وخلط من الخلق الجديد والحياة الثانية.
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر